أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 30 - صـ 5

جلسة 3 من إبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، زكي الصاوي صالح، أحمد جلال الدين هلالي ويحيى العموري.

(187)
الطعن رقم 605 لسنة 45 القضائية

(1) مؤسسات.
حلول مؤسسة المضارب حلولاً قانونياً محل المؤسسة السابقة عليها. وجوب اختصام المؤسسة الجديدة في هذا الشأن.
(2) مؤسسات. تعويض. نقض. "قصور".
الشخصية الاعتبارية لشركات القطاع العام. استقلالها عن المؤسسات التي تتبعها. القضاء بمسئولية المؤسسة عن التعويض المقضي به ضد الشركة دون بيان ماهية العلاقة بينهما. قصور.
1- إن قرار رئيس الجمهورية رقم 887 لسنة 1967 الصادر بإعادة تنظيم المؤسسات العامة التموينية نص في المادة الثانية منه على أنه يعدل اسم "المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز" إلى "المؤسسة المصرية العامة للمطاحن والصوامع والمخابز". وتحل محل هذه المؤسسة في شئون المضارب مؤسسة عامة جديدة تسمى "المؤسسة المصرية العامة للمضارب. (الطاعنة) ويصدر بتنظيمها قرار من رئيس الجمهورية. ونص في المادة السادسة منه على أن "يعاد توزيع الشركات التابعة للمؤسسات العامة التي يشرف عليها وزير التموين والتجارة الداخلية طبقاً للكشوف المرافقة". وقد تضمن الكشف المرفق رقم (2) بالشركات التابعة للمؤسسة المصرية العامة للمضارب شركة المضارب المتحدة (الشرقية - المنوفية - القليوبية) ولما كان مؤدى ذلك أن المشرع أحل المؤسسة الطاعنة حلولاً قانونياً محل "المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز" في شئون المضارب فيما لها وما عليها، مما يترتب عليه أيلولة جميع الحقوق والالتزامات الخاصة بالمؤسسة السابقة في خصوص المضارب إلى المؤسسة الجديدة فتصبح هذه الأخيرة هي التي تخاصم وتختصم في شأن حقوق والتزامات المؤسسة السابقة.
2- إن المادة 3 من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 32 لسنة 1966 تنص على أن تختص المؤسسة العامة بسلطة الإشراف والرقابة والتنسيق وتقييم الأداء بالنسبة إلى الوحدات الاقتصادية التابعة لها دون تدخل في شئونها التنفيذية، وحددت المادتان 15، 16 من هذا القانون العلاقة بين المؤسسة العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها بصدور تنفيذ خطة التنمية، وأوردت المذكرة الإيضاحية للقانون أن المقصود من الإشراف والرقابة والتنسيق أن المؤسسة لا شأن لها بالنسبة لوحداتها في الشئون التنفيذية بل نيط بهذه الشئون للشركة التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة عن المؤسسة طبقاً لنص المادة 36 من القانون، وإذ اعتبرت محكمة الاستئناف المؤسسة الطاعنة مسئولة عن التعويض المقضى به دون أن تبين ماهية العلاقة بينهما وما إذا كان للمؤسسة المذكورة سلطة فعلية على المضرب في رقابته وتوجيهه وهو شرط قيام التبعية في حكم المادة 174 من القانون المدني، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول...... أقام الدعوى رقم 784 لسنة 1969 مدني الزقازيق الابتدائية ضد وزير التموين ورئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للمضارب ورئيس مجلس إدارة شركة مضارب الشرقية وطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ ألفي جنيه، وقال بياناً للدعوى إن وزارة التموين والمؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز استوليا على "فراكة أرز" مملوكة له وكائنة بناحية منية الكوم مركز فاقوس وتسلمتاها بموجب محضر جرد مؤرخ 8/ 10/ 1964 ثبت فيه صلاحيتها للعمل، وإذ أفرج عن الفراكة المستولى عليها فيما بعد وهي متوقفة عن العمل بسبب ما لحقها من تلف نتيجة سوء الإدارة والإهمال في الصيانة، فقد رفع دعوى إثبات الحالة رقم 282 لسنة 1966 مستعجل فاقوس ثم أتبعها بهذه الدعوى للحكم له بالمبلغ المطلوب تعويضاً له عما أصابه من ضرر بتاريخ 22/ 12/ 1971 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم وبعد تقديم تقرير الخبرة، عادت وحكمت في 26/ 7/ 1974 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 348 سنة 17 ق مدني المنصورة مأمورية الزقازيق. وفي 27/ 3/ 1975 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليهم بصفاتهم متضامنين بأن يؤدوا للمستأنف مبلغ 1275 جنيهاً. طعنت المؤسسة المصرية العامة للمضارب في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة استناداً إلى أن الاستيلاء على فراكة المطعون عليه الأول وقع في الفترة من 8/ 10/ 1964 إلى 25/ 6/ 1966 أي قبل إنشاء المؤسسة في 29/ 8/ 1967 بقرار رئيس الجمهورية رقم 1546 لسنة 1967 وأنه لما كانت المؤسسة المصرية العامة للمطاحن والمخابز والمضارب هي التي تولت شئون المضارب في فترة الاستيلاء فإنها تكون هي المسئولة عما نشأ عن هذا الاستيلاء أو بسببه من التزامات دون أن يؤثر في ذلك تغيير اسمها إلى المؤسسة المصرية العامة للمطاحن والصوامع والمخابز بموجب القرار الجمهوري رقم 887 لسنة 1967. هذا فضلاً عن أنه لا أساس لاعتبار المؤسسة الطاعنة خلفاً لإدارة المضارب بتلك المؤسسة القديمة إذ لا خلافة إلا بين ذمتين ماليتين وإدارة المضارب تلك لم تكن لها ذمة مالية يمكن استخلافها فيها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك إن قرار رئيس الجمهورية رقم 887 لسنة 1967 الصادر بإعادة تنظيم المؤسسات العامة التموينية نص في المادة الثانية منه على أن يعدل اسم "المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز إلى "المؤسسة المصرية العامة للمطاحن والصوامع والمخابز". وتحل محل هذه المؤسسة في شئون المضارب مؤسسة عامة جديدة تسمى "المؤسسة المصرية العامة للمضارب (الطاعنة) ويصدر بتنظيمها قرار من رئيس الجمهورية ونص في المادة السادسة منه على أن يعاد توزيع الشركات التابعة للمؤسسات العامة التي يشرف عليها وزير التموين والتجارة الداخلية طبقاً للكشوف المرافقة وقد تضمن الكشف المرفق رقم (2) بالشركات التابعة للمؤسسة المصرية العامة للمضارب المتحدة (الشرقية، والمنوفية، القليوبية) ولما كان مؤدى ذلك أن المشرع أحل المؤسسة الطاعنة حلولاً قانونياً محل المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز في شئون المضارب فيما لها وما عليها، مما يترتب عليه أيلولة جميع الحقوق والالتزامات الخاصة بالمؤسسة السابقة في خصوص المضارب إلى المؤسسة الجديدة فتصبح هذه الأخيرة هي الجهة التي تخاصم وتختصم في شأن حقوق والتزامات المؤسسة السابقة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر الصحيح وقضى - على هذا الأساس برفض الدفع المبدى من المؤسسة الطاعنة بعدم قبول الدعوى، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المذكور اعتبرها مسئوله عن التعويض بالتضامن مع باقي المحكوم عليهم على أساس أحكام مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه طبقاً للمادتين 169، 174 من القانون المدني وهو ما يقتضي بالضرورة قيام علاقة تبعية بينهما وبين التابع قوامها سلطة فعلية للمتبوع في إصدار الأوامر إلى هذا التابع في طريقة عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر والمحاسبة عند الخروج عليها، في حين أن أحكام القانون رقم 32 لسنة 1966 تقضي بأن لكل وحدة من الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسة شخصيتها الاعتبارية ويقوم بإدارتها مجلس إدارة يمثلها رئيسه أمام القضاء وفي صلاتها بالغير، وأن المادة 3 من هذا القانون تقصر سلطة المؤسسة على الإشراف والرقابة والتنسيق وتقييم الأداء بالنسبة إلى ما يتبعها من وحدات اقتصادية دون ما تدخل في الشئون التنفيذية للوحدات المذكورة، وهو ما تؤكده المواد 15، 16، 17 من القانون المشار إليه والقرار رقم 3309 لسنة 1966 بنظام العاملين بالقطاع العام والذي كان سارياً خلال فترة الاستيلاء على الفراكة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن للمؤسسة سلطة الإشراف على العاملين بالفراكة - على فرض تبعيتها للمؤسسة وأنها بذلك تعتبر متبوعة لها في حكم المادة 174 من القانون المدني دون أن يبين سنده في ذلك، فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن النعي سديد، ذلك أن المادة 3 من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 32 لسنة 1966 تنص على أن تختص المؤسسة العامة بسلطة الإشراف والرقابة والتنسيق وتقييم الأداء بالنسبة إلى الوحدات الاقتصادية التابعة لها دون تدخل في شئونها التنفيذية، وحددت المادتان 15، 16 من هذا القانون العلاقة بين المؤسسة العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها بصدد تنفيذ خطة التنمية وأوردت المذكرة الإيضاحية للقانون أن المقصود من الإشراف والرقابة والتنسيق أن المؤسسة لا شأن لها بالنسبة لوحداتها في الشئون التنفيذية بل نيط بهذه الشئون للشركة التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة عن المؤسسة طبقاً لنص المادة 36 من القانون، وإذ اعتبرت محكمة الاستئناف المؤسسة الطاعنة مسئولة عن التعويض المقضى به دون أن تبين ماهية العلاقة بينهما وما إذا كان للمؤسسة المذكورة سلطة فعلية على المضرب في رقابته وتوجيهه وهو شرط قيام التبعية في حكم المادة 174 من القانون المدني فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.