أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 650

جلسة 8 من مايو سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ أحمد الحديدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد الشناوي، مصطفى عزب، منير الصاوي، عبد المنعم علما نواب رئيس المحكمة.

(119)
الطعنان رقما 940، 942 لسنة 67 القضائية "قيم"

(1، 2) اختصاص "اختصاص ولائي".
(1) اختصاص محكمة القيم بنظر المنازعات المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971. م 6 من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981.
(2) قرار المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة المختصة. قضاء ضمني بعدم اختصاصها بنظرها. التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها.
(3) حكم "تسبيب الحكم".
إقامة الحكم على دعامتين مستقلتين. كفاية إحداهما لحمل الحكم. تعيبيه في الأخرى. غير منتج.
(4) حراسة. قانون. تأميم.
القانون رقم 69 لسنة 1974. إنهائه إجراءات الحراسة على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين. مؤداه. استرداد هذه الأشخاص حقها في التقاضي منذ صدوره.
(5) محكمة الموضوع "مسائل الواقع وتقدير الدليل".
محكمة الموضوع. سلطتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الدلائل والمستندات وترجيح ما تطمئن إليه.
(6) محكمة الموضوع "مسائل الإثبات". تقادم "التقادم المكسب". حيازة "الحيازة كسبب للتملك". إثبات.
وضع اليد المكسب للملكية. واقعة مادية. جواز إثباتها بكافة الطرق. للمحكمة أن تعتمد في ثبوت الحيازة بعنصريها على القرائن التي تستنبطها من وقائع الدعوى ما دام استخلاصها سائغاً.
(7، 8) حيازة. تقادم "التقادم المكسب". ملكية "أسباب كسب الملكية: التقادم الخمسي".
(7) حُسن النية. افتراضها دائماً لدى الحائز ما لم يقم الدليل على العكس. سوء النية المانع من اكتساب الملكية بالتقادم الخمسي. مناطه.
(8) استخلاص حُسن نية الحائز وانتفاء سوء نيته. من سلطة قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً.
1 - النص في المادة السادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة قد عهد إلى محكمة القيم بنظر المنازعات المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قرار المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة المختصة لا يعتبر قراراً إدارياً وإنما هو في حقيقته قضاء ضمني بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ويخرج به النزاع من ولايتها وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 110 من قانون المرافعات.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على دعامتين مستقلتين، وكانت إحداهما كافية لحمل الحكم فإنه تعييبه في الدعامة الأخرى يكون غير منتج.
4 - المقرر أنه بصدور القانون رقم 69 لسنة 1974 الذي نص في مادته الثانية من مواد الإصدار على تطبيق أحكام القانون رقم 49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 فيما لا يتعارض مع أحكام القانون رقم 69 لسنة 1974، وكان هذا القانون الأخير قد أنهى إجراءات الحراسة على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين، بما مؤداه أن تسترد هذه الأشخاص حقها في التقاضي منذ صدور ذلك القانون.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وترجيح ما تطمئن إليه.
6 - المقرر أن وضع اليد المكسب للملكية واقعة مادية يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات وأن للمحكمة أن تعتمد في ثبوت الحيازة بعنصريها على القرائن التي تستنبطها من وقائع الدعوى ما دام استنباطها سائغاً.
7 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى الفقرة الثانية من المادتين 965، 966 من القانون المدني أن حُسن النية يفترض دائماً ما لم يقم الدليل على غير ذلك وأن مناط سُوء النية المانع من اكتساب الملكية بالتقادم الخمسي هو ثبوت علم المتصرف إليه وقت تلقي الحق بأن المتصرف غير مالك لما يتصرف إليه.
8 - المقرر أن الفصل في توافر حُسن نية الحائز وانتفاء سوء نيته من مسائل الواقع التي يستقل قاضي الموضوع بتقديرها ولا يخضع حكمه لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 2766 لسنة 1980 مدني كلي الإسكندرية ضده المطعون ضدهم بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم للأرض المبينة بالأوراق وعدم سريان عقود البيع أرقام 632 لسنة 1973، 3527 لسنة 1978، 1835 لسنة 1977 شهر عقاري الإسكندرية، وشطب وإلغاء شهر تسجيل تلك العقود وتسليمهم أرض النزاع على سند أنهم يمتلكون الأرض - من مورثهما......، ....... المالكين لهما بموجب العقد المشهر برقم.... لسنة 1955 الإسكندرية وأن الحراسة فرضت عليهم بالتبعية لمورثهم سنة 1961 بالأمر رقم.... لسنة 1961 ثم أفرجت الحراسة عن أموالهم بالقرار رقم..... لسنة 1975 ولم يدرج به أرض النزاع، وتبين أن الشركة المطعون ضدها الأولى استولت عليها استناداً إلى القرار الوزاري رقم 32 لسنة 1966 تأسيساً على أنها أصول شركة محلات.... التي أُممت بالقرار رقم..... لسنة 1961 رغم أنها مملوكة ملكية خاصة لمورثهم، وقد قامت الشركة ببيعها إلى المطعون ضدها الثانية بصفتها بموجب العقد المشهر برقم.... لسنة 1973 والتي قامت بدورها ببيعها إلى المطعون ضده الثالث بصفته بموجب العقد المشهر رقم..... لسنة 1977 والذي قام ببيعها للمطعون ضدها الرابعة بموجب العقد المشهر رقم...... لسنة 1978. وإذ كانت هذه البيوع معدومة فأقاموا الدعوى بالطلبات سالفة البيان، أقام المطعون ضده الثالث دعوى فرعية اختصم فيها الحراسة العامة مع باقي الخصوم طلب فيها تثبيت ملكيته للقدر المباع له بالعقد المشهر ورفض الدعوى الأصلية، بتاريخ 24/ 2/ 1983 قررت محكمة الإسكندرية الابتدائية إحالة الدعوى إلى محكمة القيم المختصة بنظرها وقيدت الدعوى برقم 85 لسنة 3 قيم، وبتاريخ 31/ 2/ 1984 رفضت المحكمة الدفع بعدم الاختصاص. طعن الطاعنون في هذا الحكم أمام المحكمة العليا للقيم بالطعن رقم 11 لسنة 4 ق عليا، وبتاريخ 8/ 12/ 1984 قضت المحكمة بتأييد الحكم المطعون فيه. كما أقام الطاعنون الدعوى رقم 4961 لسنة 1983 مدني كلي الإسكندرية، ضد المطعون ضدهم الرابعة، والسادسة والسابعة والثامنة بذات الطلبات الواردة بالدعوى رقم 2766 لسنة 1980 مدني كلي الإسكندرية، قررت المحكمة إحالة هذه الدعوى إلى محكمة القيم وقيدت برقم 4 ق كما أقام الطاعنون الدعوى التي قيدت فيما بعد برقم 77 لسنة 5 ق من ذات الخصوم في الدعوى الأولى - قررت محكمة القيم ضم هذه الدعاوى ليصدر فيها حكماً واحداً - بتاريخ 17/ 6/ 1989 أصدرت المحكمة قضاءها في الدعوى الفرعية بتثبيت ملكية المدعي فيها إلى القدر المباع من أرض النزاع بعقد البيع المشهر برقم 1835 لسنة 1977 الإسكندرية ورفض الدعوى الأصلية. طعن الطاعنون في هذا الحكم لدى محكمة القيم العليا والتي قضت بتاريخ 12/ 1/ 1999 بتأييد الحكم المطعون فيه، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 940 لسنة 67 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، كما طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 942 لسنة 61 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة ضمت الطعن الثاني إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
أولاً: عن الطعن رقم 940 لسنة 67 ق: - حيث إن الطعن أُقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق إذ قضى الحكم باختصاص محكمة القيم بنظر الدعوى على سند من أنها تُعد من المنازعات المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 في حين أن دعواهم لا صلة لها بالحراسة التي فرضت عليهم ولم يوجهوا أي طلبات لها، وأن الحكم اعتبر الدعوى من المنازعات المتعلقة بالحراسات اعتقاداً بأنهم أقاموا الدعوى لعدم إدراج أرض النزاع في قرار الإفراج عن أموالهم في حين أن ما جاء بالعريضة في هذا الشأن كان من قبيل التدليل على اكتشافهم اغتصاب أرض النزع .
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أن النص في المادة السادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة قد عهد إلى محكمة القيم بنظر المنازعات المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين أقاموا دعواهم ابتداءً أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب تثبيت ملكيتهم لأرض النزاع والتي كانت قد شملتها الحراسة والتي فرضت عليها بالتبعية لمورثهم الأصلي ولعدم إدراجها ضمن أموالهم التي أفرجت عنها الحراسة بالقرار رقم..... بتاريخ 8/ 7/ 1985 ومن ثم فإن دعواهم بهذه المثابة تُعد من المنازعات المتعلقة بالحراسات تختص بها محكمة القيم دون غيرها، وإذ خلص الحُكم المطعون فيه إلى هذا النظر ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إن قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص على سند أن قرار الإحالة الصادر من محكمة الإسكندرية بمثابة قضاء ضمني بعدم الاختصاص ملزم لها في حين أن هذا القرار ليس حكماً لخلوه من البيانات الأساسية للأحكام مما يعيبه بما سلف.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن قرار المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة المختصة لا يعتبر قراراً إدارياً وإنما هو حقيقته قضاء ضمني بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ويخرج به النزاع من ولايتها وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 110 من قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكانت محكمة الإسكندرية الابتدائية قد أصدرت في 24/ 2/ 1983 قراراً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القيم باعتبارها المختصة بنظرها ومن ثم فإن ذلك يعتبر قضاء ضمني تلتزم به المحكمة المحال إليها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ومن ثم يكون النعي بما سلف على غير أساس.
ثانياً: عن الطعن رقم 942 لسنة 67 ق: -
حيث إن الطعن أُقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحُكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ تمسكوا أمام محكمة الموضوع بعدم جواز تملك أرض النزاع بالتقادم المكسب للملكية لأيلولة ملكيتها للدولة بموجب المادة 2 من القانون 150 لسنة 1964 وحتى صدور الحكم بعدم دستوريتها في 16/ 5/ 1981.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على دعامتين مستقلتين، وكانت إحداهما كافية لحمل الحكم فإنه تعييبه في الدعامة الأخرى يكون غير منتج، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الشأن دعامتين أحدهما مؤسسة على أحكام المادة الثانية من القانون رقم 69 لسنة 1974 التي نصت على تطبيق القانون رقم 49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الخاضعين للحراسة والدعامة الثانية هي أن العين محل النزاع لم تكن من أموال الدولة وقت سريان أحكام التقادم الخمسي إذ انتقلت ملكيتها إلى الجمعية التعاونية لبناء المساكن بالعقد المشهر وإذ كانت الدعامة الثانية ليست محل نعي من الطاعنين وكافية لحمل قضاءه في هذا الخصوص، ومن ثم فإن النعي وقد ورد على الدعامة الأولى يكون أياً كان وجه الرأي فيه غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ اعتد في احتساب مدة التقادم المكسب للملكية بصدور القانون رقم 69 لسنة 1974 بتصفية الحراسة، في حين أن العبرة بتاريخ علمهم باغتصاب الأرض ذلك الأمر الذي لا يتحقق إلا بعد صدور قرار الإفراج عنها والذي صدر في 8/ 7/ 1975 ومن ثم فإن مدة التقادم لم تكتمل ويكون الحكم معيباً بما سلف.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بصدور القانون رقم 69 لسنة 1974 الذي نص في مادته الثانية من مواد الإصدار على تطبيق أحكام القانون رقم 49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال وممتلكات الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 فيما لا يتعارض مع أحكام القانون رقم 69 لسنة 1974، وكان هذا القانون الأخير قد أنهى إجراءات الحراسة على الأشخاص الطبيعية والاعتبارية، بما مؤداه أن تسترد هذه الأشخاص حقها في التقاضي منذ صدور ذلك القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحُكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن الجهل باغتصاب الحق قد يكون من الأسباب القاطعة للتقادم إذا لم يكون ناشئاً عن إهمال لصاحب الشأن.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك لأنه دفاع جديد يخالطه واقع لم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحُكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب إذ أقام قضاءه بثبوت الحيازة للمطعون ضدهم دون بيان تاريخ بدايتها أو مظاهرها، في حين أنه يتعين لضم مدة حيازة السلف إلى الخلف أن تكون كل منها واضحة بحدودها الزمنية ومستقلة بمظاهرها إذ لا يلزم بداية الحيازة من تاريخ العقد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المؤيد بالحُكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باكتمال مدة التقادم الخمسي على ما أورده بمدوناته من أنه كان التقادم موقوفاً بالنسبة للمدعي بسبب فرض الحراسة عليهم ولم يستأنف سيره إلا في 25/ 7/ 1974 تاريخ العمل بالقانون 69 لسنة 1974 فإنه يعتد بوضع اليد من هذا التاريخ وقد أقام المدعون دعواهم في 28/ 4/ 1980 فإنه يكون للمدعين ضم المدة التالية لتاريخ استئناف سير التقادم من وضع يد سلفهم إلى وضع يدهم وهي تزيد عن خمس سنوات. فضلاً على أن الحُكم المطعون فيه بين مظاهر ثبوت الحيازة وذلك استناداً إلى سلطته الموضوعية في استخلاص الحيازة بعنصريها واستظهار حُسن النية ومن ثم يكون النعي بما تقدم على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحُكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ أن خبير الدعوى بين أن أرض النزاع أرض فضاء لا يوجد أي سيطرة مادية عليها من المطعون ضدهم وخلص رغم ذلك إلى توافر وضع اليد استناداً إلى العقود المسجلة، في حين أنه لا يستدل على وضع اليد بالتصرف القانوني وإذ عول الحُكم المطعون عليه على هذا التقرير فإنه يكون معيباً بدوره ولا يغير من ذلك ما دلل به الحُكم على مظاهر وضع اليد.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك أن المقرر في قضاء هذه الحكمة - أن لمحكمة الموضع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وترجيح ما تطمئن إليه، وأن وضع اليد المكسب للملكية واقعة مادية يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات وأن للمحكمة أن تعتمد في ثبوت الحيازة بعنصريها على القرائن التي تستنبطها من وقائع الدعوى ما دام استنباطها سائغاً، لما كان ذلك، وكان الحُكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بثبوت وضع يد المطعون ضدهما الثانية والثالث على ما أورده بمدوناته من أن الثابت بالأوراق وتقرير الخبير أن ثمة مظاهر لا يرقى إليها الشك تؤكد وضع يد الجمعية التعاونية وصندوق مكافأة العاملين منها الخطابات المتبادلة بين الجمعية ومحافظة الإسكندرية وبناء السور والإعلانات المنشورة من الجمعية عن بيع الأرض المتنازع عليها وكذلك إعلان الصندوق عن بيع الأرض.... وكان ذلك من الحكم استخلاصاً سائغاً وكافياً لحمل قضائه وله أصله الثابت من الأوراق ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف لا يعدو أن يكون محض جدل موضوعي لا يقبل التحدي به لدى محكمة النقض ومن ثم فهو غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحُكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ تمسكوا أمام محكمة الموضوع بسوء نية المطعون ضدهما الثانية والثالث واستدلوا على ذلك بعقد شراءهما لأرض النزع المشهر برقم.... لسنة 1973 المبين به أن الأرض باسم مورثهم بموجب العقد المشهر برقم...... لسنة 1955 وأن المطعون ضدهما أثبتا على خلاف الحقيقة أن الملكية آلت إلى شركة...... وهو ما يقطع بسوء نيتهما مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى الفقرة الثانية من المادتين 965، 966 من القانون المدني أن حُسن النية يفترض دائماً ما لم يقم الدليل على غير ذلك، وأن مناط سوء النية المانع من اكتساب الملكية بالتقادم الخمسي هو ثبوت علم المتصرف إليه وقت تلقي الحق بأن المتصرف غير مالك لما يتصرف فيه، والفصل في توافر حُسن نية الحائز وانتفاء سوء نيته من مسائل الواقع التي يستقل قاضي الموضوع بتقديرها ولا يخضع حكمه لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة قد أورد في مدوناته من أن حُسن النية مفترض حتى يثبت العكس وقد استظهر الحكم من ظروف وملابسات البيع التي تجعل الشخص العادي يقبل على التعاقد مطمئناً إلى سلامة التصرف لكون الجهة البائعة من شركات القطاع العام والإعلان عن بيعها في الصحف من هذه الشركات ثم من الجمعية والصندوق وكلاهما شخصيات اعتباريه تنتمي إلى شركات عامة..... وإذ لم يثبت الطاعنون..... أن ثمة مظاهر تدل على سوء النية.... وكان ذلك من الحكم استخلاص سائغ له أصله الثابت من الأوراق ويكفي لحمل قضاءه الحكم ومن ثم فإن النعي يكون جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الواقع في الدعوى وأدلتها ويكون من ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.