أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 699

جلسة 18 من مايو سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن العشماوي، محمود سعيد محمد نائبي رئيس المحكمة، ومحيي الدين السيد وحامد زكي.

(128)
الطعن رقم 1204 لسنة 68 القضائية

(1 - 4) تأمين "التأمين الإجباري من حوادث السيارات". تقادم "التقادم المسقط. بدء التقادم: وقف التقادم، قطع التقادم". تعويض. مسئولية. إثبات "عبء الإثبات".
(1) دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن في التأمين الإجباري من حوادث السيارات. م 5 ق 652 لسنة 1955. خضوعها للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 مدني. بدء سريانه من وقت وقوع الفعل المسبب للضرر. المادتان 381/ 1، 752/ 1 مدني. الاستثناء. تمسك ذوي الشأن بعدم علمهم بوقوع الحادث أو بدخوله في ضمان المؤمن. تراخي بدء سريان التقادم عندئذ إلى وقت هذا العلم. م 752/ 2 (ب) مدني. عبء إثبات عدم العلم وقوعه على عاتق ذوي الشأن.
(2) تقادم دعوى المضرور المباشر قبل المؤمن. سريان القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم وانقطاعها في شأنه.
(3) دعوى المضرور قبل المؤمن إذا كان الفعل غير المشرع فيها جريمة رفعت عنها الدعوى الجنائية. أثره. وقف سريان تقادم دعوى المضرور طوال مدة بقاء الدعوى الجنائية قائمة. عودة سريانه بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها أو لسبب آخر.
(4) عدم تمسك المطعون ضدهم المضرورين بانتفاء علمهم بتاريخ وقوع الحادث. أثره. بدء سريان تقادم دعواهم المباشرة قبل المؤمن منذ هذا التاريخ. رفع دعوى جنائية قبل قائد السيارة المتسببة في الحادث وانقضاء الدعوى الجنائية فيها بوفاة المتهم. .بدء سريان تقادم دعوى المطعون ضدهم من اليوم التالي لهذا الانقضاء. رفعها بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على هذا التاريخ. أثره. سقوطها بالتقادم. إعمال الحكم المطعون فيه أحكام تقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع في حق شركة التأمين الطاعنة وقضاؤه برفض دفعها بالتقادم لعدم ثبوت علم المطعون ضدهم أمام المحكمة بحدوث الضرر والشخص المسئول عنه. خطأ.
(5) نقض "أثر نقض الحكم".
نقض الحكم بشأن قضائه برفض الدفع بسقوط دعوى المطعون ضدهم المباشرة بالتقادم الثلاثي. أثره. نقضه فيما تطرق إليه من قضاء في الموضوع بالتعويض. علة ذلك. م 271/ 1 مرافعات.
1 - إن المشرع أنشأ للمضرور في حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية الناشئة من حوادث السيارات وأخضعها للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني للدعاوى الناشئة عن عقد التأمين. وإذا كان حق المضرور قبل المؤمن ينشأ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من وقت وقوع الحادث الذي ترتبت عليه مسئولية المؤمن له لأن المضرور يستمد حقه المباشر بموجب النص القانوني من ذات العمل غير المشرع الذي أنشأ حقه قبل المؤمن له فإنه بذلك يستطيع المضرور أن يرفع دعواه المباشرة على المؤمن من وقت وقوع هذا الفعل الذي سبب له الضرر مما يترتب عليه أن مدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم هذه الدعوى تسري من هذا الوقت طبقاً للفقرة الأولى من المادة 752 المشار إليها باعتباره اليوم الذي أصبح فيه دين التعويض مستحق الأداء عملاً بالقاعدة العامة الواردة في المادة 381/ 1 من القانون المدني ما لم يتمسك ذوو الشأن بعدم علمهم بوقوع الحادث أو بدخوله في ضمان المؤمن والذي يقع عليهم عبء إثباته فيتراخى عندئذ بدء سريان هذا التقادم إلى وقت هذا العلم وذلك إعمالاً للبند (ب) من الفقرة الثانية من المادة 752 سالفة الذكر.
2 - إن تقادم دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن تسري في شأنه القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم وانقطاعها - وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 652 لسنة 1955.
3 - إذ كان الفعل غير المشروع الذي سبب الضرر ويستند إليه المضرور في دعواه قبل المؤمن هو جريمة ورفعت الدعوى الجنائية قبل مقارفها سواء كان هو نفسه المؤمن له أو أحد ممن يعتبر المؤمن له مسئولاً عن الحقوق المدنية عن فعلهم فإن سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور قبل المؤمن يقف طوال المدة التي تظل فيها الدعوى الجنائية قائمة ولا يعود التقادم إلى السريان إلا بانقضاء هذه الدعوى بصدور الحكم الجنائي النهائي أو بانقضائها لسبب آخر.
4 - إذ كان الثابت من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه أن العمل غير المشرع الذي سبب الضرر للمطعون ضدهم قد وقع في يوم 17/ 6/ 1992 كما ولم يتمسكوا بعدم علمهم بوقوعه في هذا التاريخ فإنه ومنذ هذا اليوم يكون لهم - كأصل - الحق في مباشرة دعواهم المباشرة قبل الطاعنة ويبدأ عنده سريان التقادم الثلاثي المنصوص عليه بالمادة 752 من القانون المدني إلا أنه لما كان لهذا العمل غير المشروع قد شكل جنحة قيدت ضد قائد السيارة المتسببة في الحادث انقضت فيها الدعوى الجنائية بتاريخ 17/ 6/ 1992 عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك بوفاة المتهم في هذا التاريخ فإنه ومن اليوم التالي له يبدأ سريان التقادم الثلاثي آنف الذكر لدعوى التعويض. وإذ كانت هذه الدعوى قد رفعت بتاريخ 14/ 11/ 1996 أي بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على انقضاء الدعوى الجنائية فإنها تكون قد رفعت بعد سقوط الحق في رفعها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمل في حق شركة التأمين الطاعنة أحكام تقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع المبينة في المادة 172 من القانون المدني والخاصة برجوع المضرور على المسئول عن الضرر وخلص إلى رفض دفعها بتقادم الدعوى لعدم ثبوت علم المطعون ضدهم أمام المحكمة بحدوث الضرر والشخص المسئول عنه قبل أكثر من ثلاث سنوات سابقة على رفع دعواهم وعدم مضي خمس عشرة سنة من تاريخ وقوع الحادث حتى يوم إقامتها فإنه يكون قد اخطأ في تطبيق القانون.
5 - إن نقض الحكم في خصوص قضائه برفض الدفع بسقوط دعوى المطعون ضدهم بالتقادم الثلاثي يترتب عليه نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من قضاء في الموضوع بالتعويض باعتباره لاحقاً له ومؤسساً على قضائه بعدم تقادم الدعوى وذلك وفقاً للمادة 271/ 1 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 5874 لسنة 1996 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزام شركة التأمين الطاعنة بأن تؤدي إليهم تعويضاً عما لحقهم ولحق مورثهم من ضرر بسبب قتله خطأ في حادث سيارة مؤمن من مخاطرها لديها مما ضبط عنه المحضر رقم 304 لسنة 1992 جنح عسكرية مطروح وفيها أمرت النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لوفاة المتهم. دفعت الطاعنة بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي. رفضت المحكمة هذا الدفع وقضت للمطعون ضدهم بما قدرته من تعويض عن الضرر الأدبي بحكم استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 2376 لسنة 53 ق "الإسكندرية" طالبة إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي وفيه حكمت محكمة الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وذلك حين أقام قضاءه استناداً إلى أن مدة التقادم الثلاثي لدعوى المطعون ضدهم المدنية قبلها لم تكتمل باعتبار أن ميعاده لا يبدأ إلا من تاريخ العلم اليقيني للمطعون ضدهم بحدوث الضرر وشخص المسئول عنه وهو ما لم يثبت في حقهم مطبقاً بذلك أحكام رجوع المضرور على المسئول الواردة في المادة 172 من القانون المدني في حين أن تقادم هذه الدعوى يحكمها نص المادة 752 من القانون المدني الخاصة بالدعاوى الناشئة عن عقد التأمين والذي ينشأ الحق فيها من وقت وقوع الحادث أو انتهاء المحاكمة الجنائية الناشئة عن الواقعة أو انقضاء الدعوى الجنائية لأي سبب من الأسباب وإذ انقضت الدعوى الجنائية بوفاة المتهم في 14/ 7/ 1992 وأقام المطعون ضدهم دعواهم بتاريخ 14/ 11/ 1996 أي بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات فإنها تكون قد رفعت بعد سقوط الحق في رفعها بما يعيب الحكم إذ انتهى إلى غير ذلك ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن المشرع أنشأ للمضرور في حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية الناشئة من حوادث السيارات وأخضعها للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني للدعاوى الناشئة عن عقد التأمين. وإذا كان حق المضرور قبل المؤمن ينشأ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من وقت وقوع الحادث الذي ترتبت عليه مسئولية المؤمن له لأن المضرور يستمد حقه المباشر بموجب النص القانوني من ذات العمل غير المشروع الذي أنشأ حقه قِبَل المؤمن له فإنه بذلك يستطيع المضرور أن يرفع دعواه المباشرة على المؤمن من وقت وقوع هذا الفعل الذي سبب له الضرر مما يترتب عليه أن مدة الثلاث سنوات المقررة، لتقادم هذه الدعوى تسري من هذا الوقت طبقاً للفقرة الأولى من المادة 752 المشار إليها باعتباره اليوم الذي أصبح فيه دين التعويض مستحق الأداء عملاً بالقاعدة العامة الواردة في المادة 381/ 1 من القانون المدني ما لم يتمسك ذوو الشأن بعدم علمهم بوقوع الحادث أو بدخوله في ضمان المؤمن والذي يقع عليه عبء إثباته فيتراخى عندئذ بدء سريان هذا التقادم إلى وقت هذا العلم وذلك إعمالاً للبند (ب) من الفقرة الثانية من المادة 752 سالفة الذكر. وإذ كان هذا التقادم تسري في شأنه القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم وانقطاعها - وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 652 لسنة 1955 - فإنه إذا كان الفعل غير المشروع الذي سبب الضرر ويستند إليه المضرور في دعواه قِبَل المؤمن هو جريمة ورفعت الدعوى الجنائية قبل مقارفها سواء كان هو نفسه المؤمن له أو أحد ممن يعتبر المؤمن له مسئولاً عن الحقوق المدنية عن فعلهم فإن سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور قِبَل المؤمن يقف طوال المدة التي تظل فيها الدعوى الجنائية قائمة ولا يعود التقادم إلى السريان إلا بانقضاء هذه الدعوى بصدور الحكم الجنائي النهائي أو بانقضائها لسبب آخر. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه أن العمل غير المشروع الذي سبب الضرر للمطعون ضدهم قد وقع في يوم 17/ 6/ 1992 كما ولم يتمسكوا بعدم علمهم بوقوعه في هذا التاريخ فإنه ومنذ هذا اليوم يكون لهم - كأصل - الحق في مباشرة دعواهم المباشرة قبل الطاعنة ويبدأ عنده سريان التقادم الثلاثي المنصوص عليه بالمادة 752 من القانون المدني إلا أنه لما كان هذا العمل غير المشروع قد شكل جنحة قيدت ضد قائد السيارة المتسببة في الحادث انقضت فيها الدعوى الجنائية بتاريخ 17/ 6/ 1992 عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك بوفاة المتهم في هذا التاريخ فإنه ومن اليوم التالي له يبدأ سريان التقادم الثلاِثي آنف الذكر لدعوى التعويض. وإذ كانت هذه الدعوى قد رفعت بتاريخ 14/ 11/ 1996 أي بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على انقضاء الدعوى الجنائية فإنها تكون قد رفعت بعد سقوط الحق في رفعها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمل في حق شركة التأمين الطاعنة أحكام تقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع المبينة في المادة 172 من القانون المدني والخاصة برجوع المضرور على المسئول عن الضرر وخلص إلى رفض دفعها بتقادم الدعوى لعدم ثبوت علم المطعون ضدهم أمام المحكمة بحدوث الضرر والشخص المسئول عنه قبل أكثر من ثلاث سنوات سابقة على رفع دعواهم وعدم مضي خمس عشرة سنة من تاريخ وقوع الحادث حتى يوم إقامتها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن نقض الحكم في خصوص قضائه برفض الدفع بسقوط دعوى المطعون ضدهم بالتقادم الثلاثي يترتب عليه نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من قضاء في الموضوع بالتعويض باعتباره لاحقاً له ومؤسساً على قضائه بعدم تقادم الدعوى وذلك وفقاً للمادة 271/ 1 من قانون المرافعات.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط الدعوى بالتقادم.