أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 837

جلسة 22 من يونيه سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد القادر سمير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حماد الشافعي، إبراهيم الضهيري، أحمد علي خيري نواب رئيس المحكمة، وعاطف الأعصر.

(156)
الطعن رقم 987 لسنة 69 القضائية

(1 - 3) إثبات "مبدأ الثبوت بالكتابة. الإثبات بالبينة" نقض. محكمة الموضوع. حكم "عيوب التدليل: القصور في التسبيب، الخطأ في تطبيق القانون: ما يعد كذلك".
(1) مبدأ الثبوت بالكتابة. قوته في الإثبات تعادل الكتابة متى أكمله الخصم بشهادة الشهود والقرائن. شرطه. وجود ورقة مكتوبة وصادرة من الخصم وأن تجعل الواقعة المراد إثباتها قريبة الاحتمال.
(2) اعتبار الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة من جهة كونها ورقة مكتوبة أو صادرة من الخصم من مسائل القانون. خضوع محكمة الموضوع في ذلك لرقابة محكمة النقض. اعتبار الواقعة المراد إثباتها قريبة الاحتمال. من مسائل الواقع. استقلال محكمة الموضوع بها. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة لا تتعارض مع الثابت بالورقة.
(3) قضاء محكمة الموضوع برفض طلب الطاعنة إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات واقعة استقالة المطعون ضده المرسلة إليها منه عن طريق الفاكس تأسيساً على أنها صورة لورقة عرفية أنكرها المطعون ضده. خطأ وقصور. علة ذلك. اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بشهادة الشهود.
1 - لما كانت المادة 62 من قانون الإثبات تنص على أن "يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة، وكل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال، تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة" ومفاد ذلك أن المشرع وقد جعل لمبدأ الثبوت بالكتابة ما للكتابة من قوة في الإثبات متى أكمله الخصم بشهادة الشهود أو القرائن فقد اشترط لتوافر مبدأ الثبوت بالكتابة أن يكون هناك ورقة مكتوبة - أياً كان شكلها أو الغرض منها - ولم يتطلب المشرع بيانات معينة في الورقة لاعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة فيكفي أن تكون صادرة من الخصم ويحتج عليه بها وأن تجعل الواقعة المراد إثباتها مرجحة الحصول وقريبة الاحتمال.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من جهة كونها ورقة مكتوبة أو صادرة من الخصم من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض أما من جهة كونها تجعل الواقعة المراد إثباتها قانوناً مرجحة الحصول وقريبة الاحتمال فان ذلك يعتبر من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها في ذلك على أسباب سائغة ولم تتعارض مع الثابت بالورقة.
3 - لما كان الواقع في الدعوى أن الطاعنة تقدمت لمحكمة الموضوع بورقة مبيناً بها استقالة مسببة مرسلة إليها عن طريق الفاكس وقررت أنها بخط وتوقيع المطعون ضده فإن هذه الورقة التي يحتفظ المرسل بأصلها لديه كما هو متبع في حالة إرسال الرسائل عن طريق الفاكس تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بشهادة الشهود أو بالقرائن القضائية. وإذ رفض الحكم المطعون فيه طلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة الاستقالة بكافة طرق الإثبات تأسيساً على أن هذه الورقة المرسلة إلى الطاعنة بطريق الفاكس ما هي إلا صورة لورقة عرفية لا حجية لها في الإثبات طالما أن المطعون ضده قد أنكرها ولم تقدم هي أصلها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 387 لسنة 1994 عمال جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة - ......... - وطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليه تعويضاً مقداره مائة ألف جنيهاً وأجر سبتمبر سنة 1994 وأجر شهر مقابل مهلة الإنذار وقال بياناً لها إنه كان يعمل لدى الطاعنة منذ 1/ 8/ 1988 بموجب عقد عمل في وظيفة كبير مهندسين وتمت ترقيته إلى وظيفة مدير إقليمي ووصل أجره إلى مبلغ 2970 جنيهاً بخلاف الحوافز والبدلات والمكافآت والتي تعادل أجر 6 شهور سنوياً وخلال شهر أكتوبر سنة 1993 وأثناء إشرافه على بعض أعمال الشركة بشرم الشيخ تم منعه من أداء هذا العمل بزعم أنه تقدم باستقالته عن طريق الفاكس في حين أنه لم يتقدم بالاستقالة فأقام الدعوى رقم 667 لسنة 1994 عمال جزئي القاهرة بوقف تنفيذ قرار إنهاء خدمته وقضى برفضها فأقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 27/ 5/ 1997 بإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده تعويضاً مقداره 3000 جنيهاً عن الأضرار المادية ومبلغ 2000 جنيهاً عن الأضرار الأدبية ومبلغ 2950 جنيه مرتب شهر سبتمبر سنة 1993. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 644 لسنة 114 ق القاهرة كما استأنفه المطعون ضده بالاستئنافين 637 و649 لسنة 114 ق القاهرة وبتاريخ 20/ 5/ 1999 حكمت المحكمة برفض استئناف الطاعنة وفي موضوع الاستنئافين 637، 649 لسنة 114 ق القاهرة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده عشرة آلاف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً ومبلغ 2950 جنيهاً مقابل مهلة الإنذار وتأييده فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن نسخة الاستقالة المرسلة من المطعون ضده عن طريق الفاكس إلى الطاعنة تعتبر صورة عرفية منها لا حجية لها في الإثبات وذلك بعد أن جحدها المطعون ضده ولم تقدم الطاعنة أصلها في حين أن هذه النسخة لا تعتبر صورة عرفية من الاستقالة بل صورة مطابقة للأصل المرسل عن طريق الفاكس - والذي يظل تحت يد المرسل بما يستحيل معه تقديمه - ولها حجيتها في الإثبات لأنها محررة صلباً وتوقيعاً من المطعون ضده وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه بهذه الحجية أو يجيب الطاعنة إلى طلبها بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة الاستقالة المرسلة بالفاكس من المطعون ضده بكافة طرق الإثبات فإن ذلك ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 62 من قانون الإثبات تنص على أن "يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة، وكل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال، تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة" ومفاد ذلك أن المشرع وقد جعل لمبدأ الثبوت بالكتابة ما للكتابة من قوة في الإثبات متى أكمله الخصم بشهادة الشهود أو القرائن فقد اشترط لتوافر مبدأ الثبوت بالكتابة أن يكون هناك ورقة مكتوبة - أياً كان شكلها أو الغرض منها - ولم يتطلب المشرع بيانات معينة في الورقة لاعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة فيكفي أن تكون صادرة من الخصم ويحتج عليه بها وأن تجعل الواقعة المراد إثباتها مرجحة الحصول وقريبة الاحتمال وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من جهة كونها ورقة مكتوبة أو صادرة من الخصم من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض أما من جهة كونها تجعل الواقعة المراد إثباتها قانوناً مرجحة الحصول وقريبة الاحتمال فإن ذلك يعتبر من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها في ذلك على أسباب سائغة ولم تتعارض مع الثابت بالورقة. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الطاعنة تقدمت لمحكمة الموضوع بورقة مبيناً بها استقالة مسببة مرسلة إليها عن طريق الفاكس وقررت أنها بخط وتوقيع المطعون ضده فإن هذه الورقة التي يحتفظ المرسل بأصلها لديه كما هو متبع في حالة إرسال الرسائل عن طريق الفاكس تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بشهادة الشهود أو بالقرائن القضائية. وإذ رفض الحكم المطعون فيه طلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة الاستقالة بكافة طرق الإثبات تأسيساً على أن هذه الورقة المرسلة إلى الطاعنة بطريق الفاكس ما هي إلا صورة لورقة عرفية لا حجية لها في الإثبات طالما أن المطعون ضده قد أنكرها ولم تقدم هي أصلها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.