أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 873

جلسة 28 من يونيه سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ أحمد زكي غرابه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري نائبي رئيس المحكمة، ومحسن فضلي وعبد العزيز فرحات.

(165)
الطعن رقم 2905 لسنة 68 القضائية

(1) بيع "ضمان البائع".
نشوء ضمان البائع استحقاق المبيع. شرطه. أن يكون الغير المتعرض للمشتري على حق في تعرضه. أثره. للبائع دفع رجوع المشتري عليه بموجب الضمان بإثبات أن المتعرض لم يكن على حق في دعواه وأن المشتري قد تسرع في الإقرار أو التصالح معه. م 441 مدني.
(2 - 4) حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً" "بطلان الحكم". بطلان "بطلان الأحكام". دعوى "الدفاع الجوهري". بيع. شيوع. قسمة.
(2) إغفال الحكم بحث دفاع جوهري. قصور في أسباب الحكم الواقعية. مقتضاه. بطلان الحكم.
(3) دعوى المطعون ضده الأول بطلب إلزام الطاعن بأن يرد إليه المبلغ الذي دفعه للمطعون ضدها الثانية أحد شركائه على الشيوع في الملكية لدفع تعرضها له بالدعوى التي أقامتها ضده مدعية فيها ملكيتها لجزء من القدر المباع له من الطاعن تمسك الأخير بحقه كمالك على الشيوع في بيع قدر مفرز من نصيبه وأن ما باعه للمطعون ضده الأول يقل عن نصيبه الشرعي الذي آل إليه في كامل تركة مورثه. دفاع جوهري. إغفال الحكم بحثه. قصور.
(4) بيع المالك على الشيوع ملكه محدداً مفرزاً. صحيح وإن كان معلقاً على نتيجة القسمة أو إجازة الشريك على الشيوع. أثره. ليس للمستحق سواء كان شريك على الشيوع أو متلقي ملكه من شريك على الشيوع - أن يدعي الاستحقاق في المبيع إلا بعد القسمة ووقوع المبيع في نصيبه هو لا في نصيب البائع للمشتري.
1 - النص في المادة 441 من القانون المدني على أنه "يثبت حق المشتري في الضمان ولو اعترف وهو حسن النية للأجنبي بحقه أو تصالح معه على هذا الحق، دون أن ينتظر في ذلك صدور حكم قضائي، متى كان قد أخطر البائع بالدعوى في الوقت الملائم ودعاه أن يحل محله فلم يفعل. كل ذلك ما لم يثبت البائع أن الأجنبي لم يكن على حق في دعواه" يدل على أن ضمان البائع استحقاق المبيع من تحت يد المشتري لا ينشأ إلا إذا كان المتعرض للمشتري وهو من الغير على حق في تعرضه وبالتالي يستطيع البائع أن يدفع رجوع المشتري عليه بالتعويضات الواجبة له بموجب ضمان الاستحقاق بأن يثبت أن المتعرض لم يكن على حق في دعواه وأن المشتري قد تسرع في الإقرار أو التصالح معه.
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك إنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً.
3 - إذ كان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الأول أقامها على الطاعن طالباً إلزامه بأن يرد إليه المبلغ الذي سبق له دفعه للمطعون ضدها الثانية - شقيقة الطاعن وأحد شركائه في الملكية - على أثر تصالحه معها لدفع تعرضها له بالدعوى رقم 555 لسنة 1993 مدني أخميم الابتدائية التي أقامتها ضدها وادعت فيها ملكيتها لمساحة 6 س 1 ط في القدر المباع له من الطاعن بموجب عقد البيع المؤرخ 5/ 10/ 1991. وكان البين من ذلك العقد أن الطاعن وآخرين باعوا إلى المطعون ضده الأول مساحة محددة ومفرزة قدرها 22 س 2 ط بحوض الجرف وقد ثبت من تقرير الخبير أن الطاعن يخصه منها 8 س 2 ط. وكان الأخير قد تمسك أمام الخبير المنتدب في الدعوى وفي دفاعه أمام محكمة الموضوع أن من حقه كمالك على الشيوع أن يبيع قدراً مفرزاً من نصيبه وأن ما باعه للمطعون ضده الأول يقل عن نصيبه الشرعي الذي آل إليه في كامل تركة مورثه التي تبلغ ثلاثة أفدنة، وكان من شأن هذا الدفاع - لو فطنت إليه المحكمة - تغيير وجه الرأي في الدعوى إذ أن مؤداه أنه لا يجوز للمطعون ضدها الثانية أن تدعي الاستحقاق في المبيع وبالتالي فإنها ليست على حق في تعرضها وأن الطاعن قد باع ما يملك بما ينفك عنه التزامه بضمان التعرض القانوني عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 441 من القانون المدني خصوصاً وأنها لم تدع حصول قسمة لأعيان التركة وأنها قد اختصت بموجبها بالمساحة موضوع التعرض الحاصل منها للمطعون ضده الأول.
4 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه ليس ثمة ما يمنع البائع وإن كان مالكاً على الشيوع أن يبيع ملكه محدداً مفرزاً وأن حالة التحديد هذه وإن ظلت موقوفة أو معلقة على نتيجة القسمة أو إجازة الشريك على الشيوع إلا أن هذا كله لا يبطل البيع وبالتالي فإنه ليس للمستحق - سواء أكان شريكاً على الشيوع أو متلقياً ملكه من شريك على الشيوع - أن يدعي الاستحقاق في المبيع إلا بعد القسمة ووقوع المبيع في نصيبه هو لا في نصيب البائع لذلك المشتري. وإذ التفتت محكمة الموضوع عن تناول هذا الدفاع الجوهري بما يقتضيه من البحث وذهبت في قضائها إلى تحقق موجب الرجوع على الطاعن بضمان التعرض لدخول المساحة التي ادعت المطعون ضدها الثانية ملكيتها لها ضمن القدر الذي باعه للمطعون ضده الأول أخذاً بالنتيجة التي خلص إليها الخبير والذي لم يعن بدوره ببحث دفاع الطاعن المتقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه قصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الثانية أقامت على الطاعن والمطعون ضده الأول الدعوى رقم 555 لسنة 1993 مدني أخميم الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 550 جنيهاً والتسليم، وقالت في بيان ذلك إنها تمتلك قطعة أرض مساحتها 6 س 1 ط شيوعاً في 14 س 3 ط المبينة بالصحيفة وقد وضع الطاعن والمطعون ضده الأول اليد عليها بطريق الغصب منذ عام 1990 وإذ تستحق ربع هذه المساحة فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان. كما أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 189 لسنة 1995 مدني أخميم الابتدائية على الطاعن طالباً الحكم بأن يؤدي له مبلغ ثمانية عشر ألف جنيه، وقال في بيانها إنه بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ في 5/ 10/ 1991 باع له الطاعن وآخرون قطعة أرض مساحتها 22 س 2 ط المبينة حدوداً بهذا العقد ثم تبين له أن ما يخص الطاعن في هذا البيع يدخل ضمنه نصيب شقيقته المخلف لها عن والدها المرحوم/ ....... والذي أقامت به الدعوى سالفة الذكر، مما اضطره إلى التصالح معها ودفع لها المبلغ المطالب به وإذ يحق له الرجوع بهذا المبلغ على الطاعن فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى الأولى وبعد أن قدم تقريره أمرت بضم الدعويين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد وقضت بتاريخ 21/ 11/ 1995 برفض الدعوى رقم 555 لسنة 1993 وفي الدعوى رقم 189 لسنة 1995 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ ثمانية عشر ألف جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط - مأمورية سوهاج - بالاستئناف رقم 1088 لسنة 70 ق، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 15/ 6/ 1998 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان من حق البائع أن يثبت أن الغير لم يكن على حق فيما يدعيه على خلاف ما اعتقده المشتري بما لا يحق معه للأخير الرجوع على البائع بالضمان فقد تمسك أمام الخبير المنتدب في الدعوى وفي دفاعه أمام محكمة الموضوع أن مورثه ومورث المطعون ضدها الثانية قد ترك ثلاثة أفدنة وأن من حقه أن يبيع في حدود نصيبه قدراً مفرزاً وأن ما باعه للمطعون ضده الأول في حدود نصيبه الشرعي بل أقل منه وقد مكنه من وضع يده عليه ورغم أن الخبير قد أشار في تقريره إلى هذا الدفاع إلا أنه قصر بحثه على ملكية المورث في الحوض الواقع به القدر المبيع ولم يبحث كامل التركة التي تقع في أحواض أخرى والتي يبين منها أنه باع ما يملك، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد على ما انتهى إليه الخبير في تقريره من أن المساحة التي ادعت المطعون ضدها الثانية ملكيتها لها في الدعوى رقم 555 لسنة 1993 تدخل ضمن القدر المبيع منه للمطعون ضده الأول ورتب على ذلك قضاءه بأحقية الأخير في الرجوع عليه بالمبلغ الذي دفعه للمطعون ضدها الثانية لدفع تعرضها له دون أن يعرض لدفاعه المتقدم مع أنه دفاع جوهري من شأن تحقيقه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 441 من القانون المدني على أنه "يثبت حق المشتري في الضمان ولو اعترف وهو حسن النية للأجنبي بحقه أو تصالح معه على هذا الحق، دون أن ينتظر في ذلك صدور حكم قضائي، متى كان قد أخطر البائع بالدعوى في الوقت الملائم ودعاه أن يحل محله فلم يفعل. كل ذلك ما لم يثبت البائع أن الأجنبي لم يكن على حق في دعواه" يدل على أن ضمان البائع استحقاق المبيع من تحت يد المشتري لا ينشأ إلا إذا كان المتعرض للمشتري وهو من الغير على حق في تعرضه وبالتالي يستطيع البائع أن يدفع رجوع المشتري عليه بالتعويضات الواجبة له بموجب ضمان الاستحقاق بأن يثبت أن المتعرض لم يكن على حق في دعواه وأن المشتري قد تسرع في الإقرار أو التصالح معه وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك إنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكهما قاصراً. ولما كان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الأول أقامها على الطاعن طالباً إلزامه بأن يرد إليه المبلغ الذي سبق له دفعه للمطعون ضدها الثانية - شقيقة الطاعن وأحد شركائه في الملكية - على إثر تصالحه معها لدفع تعرضها له بالدعوى رقم 555 لسنة 1993 مدني أخميم الابتدائية التي أقامتها ضدهما وادعت فيها ملكيتها لمساحة 6 س 1 ط في القدر المباع له من الطاعن بموجب عقد البيع المؤرخ 5/ 10/ 1991. وكان البين من ذلك العقد أن الطاعن وآخرين باعوا إلى المطعون ضده الأول مساحة محددة ومفرزة قدرها 22 س 2 ط بحوض الجرف وقد ثبت من تقرير الخبير أن الطاعن يخصه منها 8 س 2 ط. وكان الأخير قد تمسك أمام الخبير المنتدب في الدعوى دفاعه أمام محكمة الموضوع أن من حقه كمالك على الشيوع أن يبيع قدراً مفرزاً من نصيبه وأن ما باعه للمطعون ضده الأول يقل عن نصيبه الشرعي الذي آل إليه في كامل تركة مورثه التي تبلغ ثلاثة أفدنة. وكان من شأن هذا الدفاع - لو فطنت إليه المحكمة - تغيير وجه الرأي في الدعوى إذ أن مؤداه أنه لا يجوز للمطعون ضدها الثانية أن تدعي الاستحقاق في المبيع وبالتالي فإنها ليست على حق في تعرضها وأن الطاعن قد باع ما يملك بما ينفك عنه التزامه بضمان التعرض القانوني عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 441 من القانون المدني خصوصاً وأنها لم تدع حصول قسمة لأعيان التركة وأنها قد اختصت بموجبها بالمساحة موضوع التعرض الحاصل منها للمطعون ضده الأول لما هو مقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه ليس ثمة ما يمنع البائع وإن كان مالكاً على الشيوع أن يبيع ملكه محدداً مفرزاً وأن حالة التحديد هذه وإن ظلت موقوفة أو معلقة على نتيجة القسمة أو إجازة الشريك على الشيوع إلا أن هذا كله لا يبطل البيع وبالتالي فإنه ليس للمستحق - سواء أكان شريكاً على الشيوع أو متلقياً ملكه من شريك على الشيوع - أن يدعي الاستحقاق في المبيع إلا بعد القسمة ووقوع المبيع في نصيبه هو لا في نصيب البائع لذلك المشتري. وإذ التفتت محكمة الموضوع عن تناول هذا الدفاع الجوهري بما يقتضيه من البحث وذهبت في قضائها إلى تحقق موجب الرجوع على الطاعن بضمان التعرض لدخول المساحة التي ادعت المطعون ضدها الثانية ملكيتها لها ضمن القدر الذي باعه للمطعون ضده الأول أخذاً بالنتيجة التي خلص إليها الخبير والذي لم يعن بدوره ببحث دفاع الطاعن المتقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.