أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 30 - صـ 417

جلسة 23 من مايو سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، إبراهيم فراج، صبحي رزق داود ومحمد أحمد حمدي.

(261)
الطعن رقم 184 لسنة 46 القضائية

(1، 2) إيجار الأماكن. دعوى. تقادم. نظام عام.
(1) دعوى المستأجر بتخفيض أجرة الأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية. اتصالها بالنظام العام. لا يعد سكوت المستأجر عنها نزولاً عن الحق المطالب به صراحة أو ضمناً.
(2) دعوى استرداد ما دفع زائداً من الأجرة القانونية للأماكن المؤجرة. عدم تعلقها بالنظام العام. سقوط الحق فيها بالتقادم الثلاثي من تاريخ علم المستأجر بحقه في الاسترداد أو بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت دفع الأجرة.
(3) إيجار الأماكن. حكم. دفع غير المستحق. تقادم.
دعوى استرداد ما دفع زائداً عن الأجرة القانونية. غير معلقة على صدور حكم نهائي بتحديد الأجرة. القضاء ببدء سريان تقادمها من تاريخ الحكم النهائي بتحديد الأجرة. خطأ في القانون.
1 - الدعوى بطلب تخفيض الأجرة للأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية مبناها بطلان الاتفاق على أجرة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً، فتتصل بالنظام العام، ولا يعد سكوت المستأجر عنها نزولاً عن الحق المطالب به لا صراحة ولا ضمناً.
2 - الدعوى بطلب تخفيض الأجرة للأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية تختلف عن دعوى استرداد ما دفع زائداً عن الأجرة القانونية، والتي تنصب على مطالبة المستأجر بحق مالي يتمثل في فروق الأجرة التي دفعها زيادة عن الحد الأقصى للأجرة القانونية، فلا يتعلق بالنظام العام، وتسقط بكل عمل يستخلص منه نزوله عن هذا الحق، لما كان ذلك، وكان يتعين رد أي مبلغ يزيد عن الحد الأقصى للأجرة طبقاً للقواعد العامة في دفع غير المستحق، مما مقتضاه أن الحق في الاسترداد يسقط بالتقادم بانقضاء أقصر المدتين إما بمضي ثلاث سنوات تسري من اليوم الذي يعلم فيه المستأجر بحقه في الاسترداد، أو في جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشرة سنة من وقت دفع الأجرة وفق المادة 187 من التقنين المدني.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى بطلب استرداد ما دفع زائداً عن الأجرة القانونية كما يجوز رفعها مستقلة بدعوى مبتدأه، يجوز إقامتها مندمجة في دعوى تخفيض الأجرة، مما مفاده أن إقامتها ليست معلقة على صدور حكم نهائي بتحديد الأجرة ومن ثم فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار مدة التقادم الطويل لا تبدأ إلا من تاريخ الحكم النهائي الصادر بتحديد الأجرة يكون منطوياً على مخالفة القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 329 لسنة 1973 أمام محكمة بني سويف الابتدائية ضد هيئة الأوقاف المصرية الممثلة في الطاعن طالباً الحكم بإلزامه أن يدفع له مبلغ 1165 جنيه و595 مليم وقال بياناً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 11/ 1941 يستأجر من وزارة الأوقاف دكانين بشارع....... ببندر بني سويف بأجرة شهرية قدرها 4 جنيه و510 مليم، وإذ عمدت الوزارة إلى تقاضي أجرة أزيد مما أثبت بالعقد، وحصل على حكم نهائي في الدعوى رقم 217 لسنة 1969 بني سويف الابتدائية ضدها بتحديد الأجرة في السنوات المتعاقبة على نحو يستحق له في ذمة الوزارة المبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 26/ 3/ 1974 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لاحتساب الفروق المستحقة للمطعون عليه وفقاً لما قضي به نهائياً في الدعوى 217 لسنة 1969، وبعد أن قدم الخبير تقريره، عادت وحكمت بتاريخ 18/ 2/ 1975 بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 1156 جنيه و149 مليم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 41 لسنة 13 ق بني سويف طالباً إلغاؤه، ودفع بسقوط حق المطعون عليه في استرداد فروق الأجرة المطالب بها بالتقادم، وبتاريخ 4/ 1/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع المبدى منه بالتقادم على سند من أن قواعد الأجرة أصبحت متعلقة بالنظام العام والاتفاق على مخالفتها يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً، والمطالبة المبنية على هذا الاتفاق لا تسقط إلا بالتقادم الطويل من اليوم الذي يعلم فيه صاحب الحق بهذا البطلان المطلق، في حين أن الدعوى بطلب استرداد ما تحصل زائداً عن الأجرة القانونية لا تتعلق بالنظام العام باعتبارها منصبة على حق مالي محض للمستأجر أن ينزل عنه بإرادته الصريحة أو الضمنية، وينطبق عليها نص المادة 187 مدني وتسقط الدعوى بمقتضاها في جميع الأحوال بمضي خمسة عشرة سنة من يوم دفع الأجرة الزائدة عن الحد الأقصى، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كانت الدعوى بطلب تخفيض الأجرة للأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية مبناها بطلان الاتفاق على أجرة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً، فتتصل بالنظام العام، ولا يعد سكوت المستأجر عنها نزولاً عن الحق المطالب به لا صراحة ولا ضمناً، وكانت بهذه المثابة تختلف عن دعوى استرداد ما دفع زائداً عن الأجرة القانونية، التي تنصب على مطالبة المستأجر بحق مالي يتمثل في فروق الأجرة التي دفعها زيادة عن الحد الأقصى للأجرة القانونية، فلا يتعلق بالنظام العام، وتسقط بكل عمل يستخلص منه نزوله عن هذا الحق. لما كان ذلك، وكان يتعين رد أي مبلغ يزيد عن الحد الأقصى للأجرة طبقاً للقواعد العامة في دفع غير المستحق - مما مقتضاه أن الحق في الاسترداد يسقط بالتقادم بانقضاء أقصر المدتين إما بمضي ثلاث سنوات تسري من اليوم الذي يعلم فيه المستأجر بحقه في الاسترداد، أو في جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشرة سنة من وقت دفع الأجرة وفق المادة 187 من التقنين المدني. لما كان ما تقدم وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى بطلب استرداد ما دفع زائداً عن الأجرة القانونية كما يجز رفعها مستقلة مبتدأة يجوز إقامتها مندمجة في دعوى تخفيض الأجرة، مما مفاده أن إقامتها ليست معلقة على صدور حكم نهائي بتحديد الأجرة، فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار أن مدة التقادم الطويل لا تبدأ إلا من تاريخ الحكم النهائي الصادر بتحديد الأجرة ينطوي على مخالفة القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم، فإن الدفع بسقوط الحق في استرداد فروق الأجرة عما يجاوز الخمسة عشرة سنة السابقة على رفع الدعوى صحيح في القانون متعيناً أعمال مقتضاه. وإذ كانت الدعوى قد أقيمت في 17/ 5/ 1973 بطلب فروق الأجرة عن المدة من 1/ 11/ 1941 حتى 31/ 1/ 1973 وكان حكم تحديد الأجرة قد خفض الأجرة الشهرية اعتباراً من 1/ 4/ 1954 من 7 ج و779 م إلى 4 ج و485 م أي بواقع 3 ج و494 شهرياً، فتضحى فروق الأجرة التي لم يصبها السقوط جملتها 592 ج و920 م مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه جزئياً وتعديل المبلغ المحكوم فيه إلى مبلغ 592 ج و920.