أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 889

جلسة 3 من يوليه سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ أحمد الحديدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد الشناوي، مصطفى عزب، منير الصاوي، عبد المنعم عُلما نواب رئيس المحكمة.

(168)
الطعن رقم 897 لسنة 69 القضائية

(1) حكم "تسبيب الحكم" "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". دفاع "الدفاع الجوهري".
إغفال الحكم بحث مستندات ودفاع جوهري أبداه الخصم مؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها. قصور في أسبابه الواقعية موجب لبطلانه.
(2) إفلاس "التوقف عن الدفع".
التوقف عن الدفع. هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يفقد معها التاجر ائتمانه مما يعرض حقوق الدائنين للخطر. مجرد امتناع التاجر عن دفع ديونه لا يعد توقفاً بالمعنى المذكور. علة ذلك.
(3، 4) حكم "عيوب التدليل: القصور". إفلاس. محكمة الموضوع.
(3) محكمة الإفلاس. وجوب أن تُفَصَّلَ في حكمها الصادر بالإفلاس الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع. علة ذلك.
(4) إعراض الحكم المطعون فيه عن بحث وتمحيص ما قدمه الطاعن من مستندات تفيد عرض مبلغ المديونية وقبول البنك المطعون ضده الأول هذا العرض وقبض المبلغ وتقرير وكيل الدائنين بوفاء الطاعن بمديونيته. اتخاذه من مجرد صدور حكم جنائي في جنحة الشيك دليلاً على توقف الطاعن عن سداد ديونه دون بيان ما إذا كان ينبئ عن اضطراب في حالته المالية يفقد معها ائتمانه. فساد في الاستدلال وقصور.
1 - المقرر أن إغفال الحكم بحث مستندات الخصم والرد على ما أبداه من دفاع يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قصوراً في أسباب الحكم الواقعية، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجد مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً.
2 - المقرر طبقاً لنص المادتين (195) من قانون التجارة الملغي و(550) من قانون التجارة الحالي أن التوقف عن الدفع الذي يترتب عليه شهر إفلاس التاجر هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يفقد معها ائتمانه وتتعرض بها حقوق دائنيه لخطر محقق أو كبير الاحتمال، ولئن كان امتناع التاجر المدين عن الدفع دون أن تكون لديه أسباب مشروعة لذلك يعتبر قرينة في غير مصلحته إلا أنه قد لا يعتبر توقفاً بالمعنى سالف البيان إذ قد يكون مرجعه عذراً طارئاً لا يمس اقتداره على الدفع أو قد يكون لمنازعة في الدين من حيث صحته أو مقداره أو استحقاقه أو انقضاؤه لأي سبب من أسباب الانقضاء.
3 - يتعين على محكمة الإفلاس أن تفصل في حكمها - الصادر بإشهار الإفلاس - الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تتمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على ما تضفيه من تكييف قانوني على هذه الوقائع.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن ".. بجلسة 4/ 10/ 1999 مثل وكيل الدائنين وقدم تقريراً ثابت به قيام المستأنف بسداد قيمة الدين موضوع الحكم المستأنف بموجب إنذار عرض ولم يتقدم دائنين آخرين، كما قدم وكيل المستأنف مذكرة طلب فيها القضاء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض دعوى إشهار الإفلاس وبوقف تنفيذ الحكم المستأنف...."، وإذ اقتصر الحكم المطعون فيه على هذا الذي أورده بمدونات قضائه دون أن يتناول ذلك الدفاع بالبحث والتمحيص مع ماله من أثر على قضائه فنأى بجانبه عما قدمه الطاعن من مستندات تفيد عرض مبلغ المديونية موضوع الشيك سند النزاع وقبول البنك المطعون ضده الأول هذا العرض وقبض المبلغ واتخذ من مجرد صدور الحكم الجنائي في الجنحة رقم 3382 لسنة 1999 جنح الشرق أن الطاعن أصدر للمطعون ضده الأول شيكاً بمبلغ 160.000 جنيه دون أن يكون لديه رصيد قابل للصرف لدى البنك المسحوب عليه واعتبر ذلك دليلاً على توقفه عن سداد ديونه دون بيان ما إذا كان هذا التوقف ينبئ عن اضطراب خطير في حالته المالية يفقد معها ائتمانه والأسباب التي يستند إليها في ذلك وهو ما يحول بين محكمة النقض وبين بسط رقابتها على تكييف الوقائع وإنزال حكم القانون عليها في هذا الخصوص، وإذ لم يبحث الحكم مدى الجد في دفاع الطاعن متقدم البيان وأثر تقرير أمين التفليسة (وكيل الدائنين) في شأن ما أثبته من أن الطاعن أوفى بمديونيته وأثر ذلك على قضائه فيكون الحكم المطعون فيه معيباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن الدعوى رقم 943 لسنة 1999 إفلاس أمام محكمة بور سعيد الابتدائية بطلب الحكم بإشهار إفلاسه وتحديد يوم 10/ 7/ 1999 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن الدفع تأسيساً على مديونيته للبنك المطعون ضده الأول بمبلغ 160000 جنيه قيمة شيك مسحوب على البنك المطعون ضده الرابع فرع بور سعيد مستحق السداد في 10/ 7/ 1999 وأفاد البنك المسحوب عليه بالرجوع على الساحب، وإذ كان الطاعن تاجراً فأقام ضده الدعوى بالطلب سالف البيان. وبتاريخ 22/ 9/ 1999 حكمت المحكمة بإشهار إفلاس الطاعن وحددت يوم 10/ 7/ 1999 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 462 لسنة 40 ق الإسماعيلية "مأمورية بور سعيد"، وبتاريخ 10/ 11/ 1999 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ذلك أنه استخلص من واقعة امتناع المدين عن الوفاء بالمبلغ المطلوب شهر الإفلاس من أجله أن الطاعن متوقف عن الدفع ومن ثم أصدرت حكمها بشهر الإفلاس في حين أن مجرد امتناع المدين عن الوفاء لا يدل على ذلك بل لابد أن ينبئ ذلك التوقف عن زعزعة ائتمان المدين التاجر فضلاً عن أو وكيل الدائنين قدم بجلسة 7/ 10/ 1999 لمحكمة الاستئناف تقريراً أثبت فيه قيام الطاعن بسداد قيمة الدين موضوع الحكم بشهر الإفلاس المستأنف وأنه لم يتقدم إلى التفليسة أي دائنين آخرين وقدم الطاعن للمحكمة إنذاراً موجهاً إلى البنك المطعون ضده الأول بعرض قيمة الشيك موضوع المديونية ولم يأبه الحكم المطعون فيه بكل ما تقدم ولم يتناوله بالبحث والتمحيص ولم يرد على المستندات سالفة البيان رغم جوهريتها الأمر الذي يشوب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن إغفال الحكم بحث مستندات الخصم والرد على ما أبداه من دفاع يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قصوراً في أسباب الحكم الواقعية ومؤدي ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجد مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً، وإذ كان المقرر طبقاً لنص المادتين (195) من قانون التجارة الملغي و(550) من قانون التجارة الحالي أن التوقف عن الدفع الذي يترتب عليه شهر إفلاس التاجر هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يفقد معها ائتمانه وتتعرض بها حقوق دائنيه لخطر محقق أو كبير الاحتمال، ولئن كان امتناع التاجر المدين عن الدفع دون أن تكون لديه أسباب مشروعة لذلك يعتبر قرينة في غير مصلحته إلا أنه قد لا يعتبر توقفاً بالمعنى سالف البيان إذ قد يكون مرجعه عذراً طارئاً لا يمس اقتداره على الدفع أو قد يكون لمنازعة في الدين من حيث صحته أو مقداره أو استحقاقه أو انقضاؤه لأي سبب من أسباب الانقضاء ومن ثم يتعين على محكمة الإفلاس أن تفصل في حكمها - الصادر بإشهار الإفلاس - الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تتمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على ما تضفيه من تكييف قانوني على هذه الوقائع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن "... بجلسة 4/ 10/ 1999 مثل وكيل الدائنين وقدم تقريراً ثابت به قيام المستأنف بسداد قيمة الدين موضوع الحكم المستأنف بموجب إنذار عرض ولم يتقدم دائنون آخرون، كما قدم وكيل المستأنف مذكرة طلب فيها القضاء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض دعوى إشهار الإفلاس وبوقف تنفيذ الحكم المستأنف..."، وإذ اقتصر الحكم المطعون فيه على هذا الذي أورده بمدونات قضائه دون أن يتناول ذلك الدفاع بالبحث والتمحيص مع ماله من أثر على قضائه فنأى بجانبه عما قدمه الطاعن من مستندات تفيد عرض مبلغ المديونية موضوع الشيك سند النزاع وقبول البنك المطعون ضده الأول هذا العرض وقبض المبلغ واتخذ من مجرد صدور الحكم الجنائي في الجنحة رقم 3382 لسنة 1999 جنح الشرق أن الطاعن أصدر للمطعون ضده الأول شيكاً بمبلغ 160000 جنيه دون أن يكون لديه رصيد قابل للصرف لدى البنك المسحوب عليه واعتبر ذلك دليلاً على توقفه عن سداد ديونه دون بيان ما إذا كان هذا التوقف ينبئ عن اضطراب خطير في حالته المالية يفقد معها ائتمانه والأسباب التي يستند إليها في ذلك وهو ما يحول بين محكمة النقض وبين بسط رقابتها على تكييف الوقائع وإنزال حكم القانون عليها في هذا الخصوص وإذ لم يبحث الحكم مدى الجد في دفاع الطاعن متقدم البيان وأثر تقرير أمين التفليسة (وكيل الدائنين) في شأن ما أثبته من أن الطاعن أوفى بمديونيته وأثر ذلك على قضائه فيكون الحكم المطعون فيه معيباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.