أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 903

جلسة 10 من يوليه سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سيد محمود يوسف، يوسف عبد الحليم الهته، خالد يحيى دراز نواب رئيس المحكمة وأحمد إبراهيم سليمان.

(171)
الطعنان رقما 1266، 1466 لسنة 69 القضائية

(1 - 4) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: التنازل والترك والتأجير من الباطن" "الإيواء والاستضافة" "إشراك المستأجر لآخر معه في النشاط التجاري". وصية. دفاع "دفاع جوهري". صورية. حكم "تسبيبه: عيوب التدليل: ما يعد قصوراً".
(1) الإخلاء للتأجير من الباطن أو التنازل أو الترك. م 18/ ج ق 136 لسنة 1981. شرطه. صدور تصرف من المستأجر نافذ ولازم له يكشف عن تخليه عن حقه في الانتفاع بالعين المؤجرة بتنازله عنه للغير من الباطن أو باتخاذه تصرفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في انصراف قصده إلى الاستغناء عنه نهائياً. مؤداه. الإيواء والاستضافة وإشراك الغير في النشاط أو توكيله في إدارة العمل. لا تعد كذلك.
(2) الوصية. تصرف غير لازم للموصي. عدم نفاذها إلا بعد وفاته مصراً عليها. مؤداه. للموصي الرجوع عنها صراحة أو دلالة قبل وفاته. أثره. عدم جواز اعتبار إيصاء المستأجر بنصيبه في الشركة إلى غيره تنازلاً عن الإيجار.
(3) التمسك بأن التخارج من الشركة يستر وصية. دفاع جوهري. وجوب تصدي محكمة الموضوع له وتحقيقه. علة ذلك.
(4) تمسك الطاعن بصورية تخارجه من الشركة لصالح ابنه لستره وصية عدل عنها. تدليله عن ذلك وطلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته. قضاء الحكم المطعون فيه بالإخلاء دون أن يواجه هذا الدفاع بما يقتضيه. قصور وإخلال بحق الدفاع.
1 - إن النص في المادة 18/ ج من قانون إيجار الأماكن 136 لسنة 81 - يدل على أن المشرع قد اشترط لتحقق سبب الإخلاء في هذه الحالة أن يصدر من المستأجر تصرف لازم له يكشف عن استغنائه عن حقه في الانتفاع المقرر بعقد الإيجار إما بتنازل عن هذا الحق بيعاً أو هبة أو تأجيراً لهذا الحق إلى الغير من باطنه أو أن يكون ذلك باتخاذ تصرف لا تدع الظروف مجالاً للشك في أنه استغنى عن هذا الحق بصفة نهائية أما عدا ذلك من التصرفات التي لا تعبر عن تخلي المستأجر عن الانتفاع بالعين المؤجرة على نحو نافذ ولازم مثل إشراك الغير في النشاط أو الإيواء أو الاستضافة أو إسناد الإدارة لوكيل أو عامل فكل ذلك لا يتحقق به هذا السبب من أسباب الإخلاء.
(2) الوصية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حسب الأصل - تصرف غير لازم للموصي ولا تنفذ إلا بعد وفاته - مصراً عليها - ولا يترتب عليها أي حق قبل الوفاة فيجوز للموصي أن يرجع عنها صراحة أو دلالة بأي عبارة أو تصرف يدل بوضوح أنه غير راغب في الإبقاء عليها وبالتالي فإن إيصاء المستأجر بنصيبه في الشركة إلى غيره لا يعد تنازلاً عن الإيجار لأنه تصرف غير لازم وغير نافذ.
(3) الدفع بأن التخارج من الشركة يستر وصية إنما طلب لتحديد طبيعة التصرف الذي قصده العاقدان وترتيب آثاره القانونية التي تتفق والنية الحقيقة لهما واعتبار التصرف الظاهر لا وجود له لعدم انصراف النية الحقيقية للعاقدين إلى تحقيق آثاره وهو دفاع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تمحصه وأن تضمن حكمها ما يفيد أنها حصلته ولا يسوغ لها الالتفات عن طلب تحقيقه.
(4) إذا كان الطاعن قد تمسك بصورية تخارجه من الشركة ودلل على ذلك بأنه ظلت له السيطرة على الحصة محل التنازل ولازال الملف الضريبي باسمه ولم يترك العين وإن تخارج ابنه لا يعدو أن يكون عدولاً عن الوصية وطلب إحالة الدعوى للتحقيق فرد الحكم المطعون فيه على كل ذلك "بأنه لم يثبت بالأوراق ومن تخارج الابن ثم الأب أن الأخير كان تخارجه ظاهرياً وليس فعلياً" فإنه يكون قد عاره القصور والإخلال بحق الدفاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الأربعة الأول أقاموا الدعوى 13248 لسنة 1997 إيجارات جنوب القاهرة على الطاعن وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بإخلائهم من المحل المبين بالأوراق ذلك أن الطاعن يستأجر المحل المذكور وكون فيه شركة مع آخرين وعدلت الشركة حتى استقرت بينه وبين المطعون ضدهم من السادس حتى الأخير، وبموجب عقد تعديل مؤرخ 10/ 2/ 1997 تخارج المستأجر الأصلي (الطاعن) من الشركة وحل محله ابنه المطعون ضده الخامس مما يعد تنازلاً عن عقد الإيجار. ومحكمة أول درجة حكمت بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 8280 لسنة 115 ق القاهرة وبتاريخ 21/ 4/ 1999 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين 1266، 1466 لسنة 69 ق، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن 1466 لسنة 69 على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها ضمت الطعن الآخر، والتزمت النيابة رأيها في الطعنين.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه تمسك في صحيفة الاستئناف أن تخارجه من الشركة لصالح ابنه المطعون ضده الخامس هو في حقيقته وصية لم تنفذ فقد ظلت له السيطرة على الحصة محل التنازل ولازال الملف الضريبي باسمه ولم يترك العين وأن تخارج ابنه لا يعدو أن يكون عدولاً عن الوصية، وقد طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع وأقام قضاءه على مجرد القول "... أنه لم يثبت بالأوراق ومن تخارج الابن ثم الأب أن الأخير كان تخارجه ظاهرياً وليس فعلياً..." وهو ما لا يصلح لمواجهة ذلك الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 18 من قانون إيجار الأماكن 136 لسنة 81 على أنه لا يجوز للمؤجر أن يطلب الإخلاء أ.....، ب..... ج إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلي أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائياً" يدل على أن المشرع قد اشترط لتحقق سبب الإخلاء في هذه الحالة أن يصدر من المستأجر تصرف لازم له يكشف عن استغنائه عن حقه في الانتفاع المقرر بعقد الإيجار إما بتنازل عن هذا الحق بيعاً أو هبة أو تأجيراً لهذا الحق إلى الغير من باطنه أو أن يكون ذلك باتخاذ تصرف لا تدع الظروف مجالاً للشك في أنه استغنى عن هذا الحق بصفة نهائية أما عدا ذلك من التصرفات التي لا تعبر عن تخلي المستأجر عن الانتفاع بالعين المؤجرة على نحو نافذ ولازم مثل إشراك الغير في النشاط أو الإيواء أو الاستضافة أو إسناد الإدارة لوكيل أو عامل فكل ذلك لا يتحقق به هذا السبب من أسباب الإخلاء، والوصية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بحسب الأصل - تصرف غير لازم للموصي ولا تنفذ إلا بعد وفاته - مصراً عليها - ولا يترتب عليها أي حق قبل الوفاة فيجوز للموصي أن يرجع عنها صراحة أو دلالة بأي عبارة أو تصرف يدل بوضوح أنه غير راغب في الإبقاء عليها وبالتالي فإن إيصاء المستأجر بنصيبه في الشركة إلى غيره لا يعد تنازلاً عن الإيجار لأنه تصرف غير لازم وغير نافذ. والدفع بأن التخارج من الشركة يستر وصية إنما طلب لتحديد طبيعة التصرف الذي قصده العاقدان وترتيب آثاره القانونية التي تتفق والنية الحقيقية لهما واعتبار التصرف الظاهر لا وجود له لعدم انصراف النية الحقيقية للعاقدين إلى تحقيق آثاره وهو دفاع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تمحصه وأن تضمن حكمها ما يفيد أنها حصلته ولا يسوغ لها الالتفات عن طلب تحقيقه. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك بصورية تخارجه من الشركة وساق على ذلك الدلائل المشار إليها بوجه النعي وطلب إحالة الدعوى للتحقيق فرد الحكم المطعون فيه على كل ذلك بالعبارة المنوه عنها بوجه النعي فإنه يكون قد عاره القصور والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعنين.