أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 30 - صـ 539

جلسة 4 من يونيه سنة 1979

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمود حسن حسين، دكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي ويوسف أبو زيد.

(286)
الطعن رقم 825 لسنة 44 القضائية

(1) نقض "التوكيل في الطعن". محاماة. بطلان. وكالة.
المحامي الموقع على صحيفة الطعن بالنقض. عدم وجوب حصوله على توكيل سابق. عدم تقديم سند وكالته وقت إيداع الصحيفة أو بعده وحتى جلسة المرافعة. أثره. بطلان الطعن لرفعه من غير ذي صفة.
(2) محكمة الموضوع. تقادم "تقادم مكسب". حيازة.
وضع اليد المكسب للملكية بمضي المدة الطويلة. استقلال قاضي الموضوع باستخلاصه طالما كان سائغاً.
(3) خبرة. محكمة الموضوع.
مباشرة الخبير الزراعي للمأمورية. النعي بأنه لا دراية له بالمسائل الهندسية. لا محل له. علة ذلك.
(4، 5) إرث. تقادم. تركة.
(4) حق الإرث. سقوطه بالتقادم بمضي 33 سنة. عدم جواز اكتسابه بالتقادم.
(5) أعيان التركة. جواز تملك أحد الورثة نصيب غيره فيها بالتقادم المكسب بمضي 15 سنة متى توافرت شروطه القانونية.
(6) حراسة. تقادم "قطع التقادم".
الدعوى بطلب فرض الحراسة القضائية. إجراء تحفظي مؤقت. لا أثر له في قطع التقادم المكسب للملكية. رفض الدعوى. أثره. إلغاء ما ترتب عليها من آثار.
1 - إنه وإن كان لا يلزم وفقاً للمادة 253 من قانون المرافعات حصول المحامي الموقع على صحيفة الطعن على توكيل سابق، وكانت المادة 255 من قانون المرافعات توجب إيداع سند توكيل المحامي وقت تقديم الصحيفة إلا أن ذلك لا يمنع من تقديمه بعد ذلك وحتى جلسة المرافعة. لما كان ذلك وكان الثابت أن المحامي الذي وقع على صحيفة الطعن لم يقدم سند وكالته عن هؤلاء الطاعنين وقت تقديم صحيفة الطعن أو بعده وحتى جلسة المرافعة فإنه يتعين الحكم ببطلان الطعن بالنسبة لهم لرفعه من غير ذي صفة.
2 - لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن وضع اليد المكسب للملكية بمضي المدة الطويلة هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع فله أن يستخلصه من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة فيها أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين أمامه طالما كان استخلاصه سائغاً.
3 - للخبير أن يستعين عند القيام بمهمته بما يرى ضرورة له من المعلومات الفنية التي يستقيها من مصادرها والرأي الذي ينتهي إليه في تقريره نتيجة أبحاثه الشخصية محل مناقشة من الخصوم ومحل تقدير موضوعي من المحكمة مما لا وجه معه للنعي بأن الخبير الذي باشر المأمورية خبير زراعي لا دراية له بالمسائل الهندسية التي يتطلبها بحث موضوع النزاع.
4 - تنص المادة 970 من القانون المدني على أنه "في جميع الأحوال لا تكسب حقوق الإرث بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة" والمقصود بذلك أن حق الإرث يسقط بالتقادم المسقط ولا يجوز سماع الدعوى به بمضي ثلاث وثلاثين سنة، لأن التركة مجموع من المال لا يقبل الحيازة فلا يكسب حق الإرث بالتقادم وهو ما أفضحت عنه المذكرة الإيضاحية بقولها "أما دعوى الإرث فهي تسقط بثلاث وثلاثين سنة والتقادم هنا مسقط لا مكسب لذلك يجب حذف حقوق الإرث من المادة 1421 (970 مدني) وجعل الكلام عنها في التقادم المسقط".
5 - ليس في القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما يحرم على الوارث أن يتملك بالتقادم نصيب غيره من الورثة إذ هو في ذلك كأي شخص أجنبي عن التركة يتملك بالتقادم متى استوفى وضع يده الشرائط الواردة بالقانون. لما كان ذلك وكان النزاع في الدعوى يقوم لا على حق الإرث وإنما على ما تدعيه المطعون ضدها من أنها تملكت المنزل موضوع التداعي - والذي كان من بين تركة مورث الطرفين أصلاً - بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن مدة التقادم المكسب خمسة عشر عاماً يكون قد أصاب صحيح القانون.
6 - دعوى الحراسة القضائية هي إجراء تحفظي مؤقت لا يمس موضوع الحق فهي بذلك لا تعد من إجراءات التنفيذ ولا تقوم مقام التنبيه أو الحجز في قطع التقادم - المكسب للملكية - والقضاء برفض الدعوى يؤدي إلى إلغاء صحيفتها وما يكون قد ترتب عليها من آثار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 519 سنة 1966 مدني كلي شبين الكوم على المطعون ضدها بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى 340 متراً مربعاً شيوعاً في 350 متراً مربعاً في المنزل المخلف عن مورثهم والتسليم، تأسيساً على أن ذلك المنزل مملوك لمورث كل من الطاعنين والمطعون ضدها، وأن ما يخص الأخيرة في هذا المنزل بالميراث هو عشرة أمتار مربعة منه، غير أنها تنازعهم في ملكيتهم. وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وقدم تقريره قضت محكمة شبين الكوم الابتدائية بتاريخ 26/ 4/ 1974 برفض الدعوى. استأنف الطاعنون الحكم بالاستئناف رقم 131 سنة 7 ق، وبتاريخ 19/ 5/ 1976 قضت محكمة استئناف طنطا (مأمورية شبين الكوم) بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة لمن لم يقدم سند الوكالة عنه من الطاعنين وأبدت الرأي في موضوع الطعن برفضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة أن محامي الطاعنين الثامن والتاسع والثاني عشر والثامن عشر عن نفسه وبصفته والتاسعة عشر بصفتها لم يقدم سند وكالته عنهم حتى جلسة المرافعة ومن ثم يكون الطعن بالنسبة لهم غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أنه وإن كان لا يلزم وفقاً للمادة 253 من قانون المرافعات حصول المحامي الموقع على صحيفة الطعن على توكيل سابق، وكانت المادة 255 من قانون المرافعات توجب إيداع سند توكيل المحامي وقت تقديم الصحيفة إلا أن ذلك لا يمنع من تقديمه بعد ذلك وحتى جلسة المرافعة. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المحامي الذي وقع على صحيفة الطعن لم يقدم سند وكالته عن هؤلاء الطاعنين وقت تقديم صحيفة الطعن أو بعده وحتى جلسة المرافعة فإنه يتعين الحكم ببطلان الطعن بالنسبة لهم لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي الطاعنين استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، ينعى الطاعنون بالأسباب الثلاثة الأول والسبب الخامس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أن محكمة الدرجة الأولى ندبت خبيراً في الدعوى إلا أن الخبير الذي نيطت به المأمورية كان خبيراً زراعياً في حين أنها تستلزم خبيراً هندسياً، وقد اعترض الطاعنون على ذلك غير أن الحكم المطعون فيه لم يحفل بالرد على اعتراضهم، كما استند الحكم المطعون فيه إلى تقرير ذلك الخبير والتحقيق الذي أجراه لسماع الشهود دون حلف يمين، وأن أقوال الشهود انصبت على واقعة وضع اليد فقط دون باقي شروط التقادم المكسب، وأن المحكمة رفضت طلبهم إحالة الدعوى إلى التحقيق، والتفت الحكم عما أثاروه من أن وضع يد مورث المطعون ضدها على المنزل جميعه كان بطريق الإنابة والتسامح من باقي الورثة الطاعنين، وهو ما لا يصلح سبباً للتملك بالتقادم - فجاء الحكم المطعون فيه مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وضع اليد المكسب للملكية بمضي المدة الطويلة هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع فله أن يستخلصه من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة فيها أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين أمامه طالما كان استخلاصه سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير عمل الخبير والأخذ بتقريره محمولاً على أسبابه ولا تلتزم بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير كما أنها لا تكون ملزمة بإجابة الطاعنين إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق طالما أنها وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها - لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على قوله: "..... وكان الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة قد باشر مأموريته في الحدود المرسومة له وجاء تقريره مبنياً على أسس سليمة سائغة، فمن ثم فإن هذه المحكمة تعتمده وتعتمد النتيجة التي انتهى إليها وحيث إن الخبير انتهى في تقريره إلى أن المنزل محل التداعي كان جزء منه مملوك للمورث الأصلي المرحوم...... بموجب عقد مسجل سنة 1892 إلا أن هذا الأخير ترك الناحية وخلفه فيه مورث المستأنف عليها (المطعون ضدها) الذي أضاف لمسطح المنزل مساحة أخرى وأقام عليها مباني سنة 1910 وانفرد بوضع يده على المنزل جميعه المدة الطويلة المكسبة للملكية حتى سنة 1949 إذ باعه بعقد عرفي لابنته المستأنف عليها التي استمرت في وضع يدها عليه منذ ذلك التاريخ حتى رفع الدعوى إبان سنة 1966 أي مدة تزيد على خمسة عشر سنة وضع يد هادئ وظاهر ومستمر وبنية الملك المستفادة أيضاً من وضع يدها على المنزل تنفيذاً لعقد شرائها من والدها فمن ثم فإن المحكمة تطمئن بيقين إلى ملكيتها لهذا المنزل بالتقادم الطويل المكسب للملكية بعد أن كان والدها بدوره قد اكتسب ملكيته بالتقادم الطويل أيضاً..."، وكان الحكم الابتدائي - الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه قد أقام قضاءه على قوله: "ولما كان قد ثبت حيازة مورث المدعى عليها العين مدة تزيد على خمس عشرة سنة وقيامه بإضافة مساحات إليها وبناء مباني عليها بما يعبر عن وسائل استعمال حق الملكية دون أن يقوم المدعون ومورثهم من قبل بمجابهته فقد تكاملت للحيازة لشروطها القانونية واستقر حقيقة قضائية تملكه العين بالتقادم" - لما كان ذلك وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم، فإن ما يثيره الطاعنون بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير وكفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع تنحسر عنه رقابة محكمة النقض. ولا يغير من ذلك أن يكون الخبير الذي باشر المأمورية خبيراً زراعياً، ذلك أنه من المقرر أنه لما كان للخبير أن يستعين عند القيام بمهمته بما يرى ضرورة له من المعلومات الفنية التي يستقيها من مصادرها وكان الرأي الذي ينتهي إليه في تقريره نتيجة أبحاثه الشخصية محل مناقشة من الخصوم ومحل تقدير موضوعي من المحكمة مما لا وجه معه للنعي بأن الخبير الذي باشر المأمورية خبير زراعي لا دراية له بالمسائل الهندسية التي يتطلبها بحث موضوع النزاع، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إنه لما كانت المطعون ضدها تدعي أنها وضعت يدها على منزل النزاع بمقتضى عقد البيع العرفي المؤرخ 15/ 11/ 1948 الصادر إليها من مورثها وكان بعض الطاعنين قد أقاموا سنة 1956 دعوى بطلب فرض الحراسة على بعض الأعيان من بينها المنزل موضوع التداعي اختصمت فيها المطعون ضدها وقضي برفضها، وكانت دعوى الحراسة تعتبر منازعة قضائية تقطع مدة التقادم وإذ كانت الدعوى الراهنة قد رفعت في سنة 1966 فإن مدة التقادم المكسب لا تكون قد اكتملت للمطعون ضدها، فضلاً عن أن حقوق الإرث لا تكسب بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة وفقاً لأحكام المادة 970 من القانون المدني وإذ كان المنزل مملوكاً أصلاً لمورث الطرفين فإن مدة التقادم المشار إليها لا تكون قد اكتملت للمطعون ضدها وقد تمسك الطاعنون أمام محكمة الاستئناف بقطع التقادم وعدم اكتمال مدته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي برفض دعوى الطاعنين استناداً إلى تملك المطعون ضدها للمنزل موضوع التداعي بالتقادم المكسب، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كانت المادة 970 من القانون المدني تنص على أنه "في جميع الأحوال لا تكسب حقوق الإرث بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة" فإن المقصود بذلك أن حق الإرث يسقط بالتقادم المسقط ولا يجوز سماع الدعوى به بمضي ثلاث وثلاثين سنة، لأن التركة مجموع من المال لا يقبل الحيازة فلا تكسب حق الإرث بالتقادم وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية بقولها "أما دعوى الإرث فهي تسقط بثلاث وثلاثين سنة والتقادم هنا مسقط لا مكسب لذلك يجب حذف حقوق الإرث من المادة 1421 (970 مدني) وجعل الكلام عنها في التقادم المسقط" - أما بالنسبة لأعيان التركة فليس في القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما يحرم على الوارث أن يتملك بالتقادم نصيب غيره من الورثة إذ هو في ذلك وكأي شخص أجنبي عن التركة يتملك بالتقادم متى استوفى في وضع يده الشرائط الواردة بالقانون - لما كان ذلك وكان النزاع في الدعوى يقوم لا على حق الإرث وإنما على ما تدعيه المطعون ضدها من أنها تملكت المنزل موضوع التداعي - والذي كان من بين تركة مورث الطرفين أصلاً - بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن مدة التقادم المكسب خمسة عشر عاماً يكون قد أصاب صحيح القانون، ولما كانت دعوى الحراسة القضائية إنما هي إجراء تحفظي مؤقت لا يمس موضوع الحق فهي بذلك لا تعد من إجراءات التنفيذ ولا تقوم مقام التنبيه أو الحجز في قطع التقادم، فضلاً عن أن القضاء برفض الدعوى يؤدي إلى إلغاء صحيفتها وما يكون قد ترتب عليها من آثار، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.