أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 982

جلسة 13 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ أحمد الحديدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الشناوي، مصطفى عزب، منير الصاوي وعبد المنعم عُلما نواب رئيس المحكمة.

(187)
الطعن رقم 5459 لسنة 63 القضائية

(1، 2) تقادم "انقطاع التقادم".
(1) المطالبة القضائية التي ينقطع بها التقادم. ماهيتها.
(2) رفع الدعوى بأصل الحق ضد المدين. كفايته لقطع التقادم ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة أو صدر حكمها بعدم الاختصاص.
(3) تحكيم. تقادم "انقطاع التقادم".
المطالبة بالتحكيم. إعلان بخصومة. أثرها. قطع التقادم. إقامة المطعون ضدها تحكيماً ضد الطاعنة بذات طلبات موضوع النزاع بينهما قبل إقامة دعواها. أثره. قطع التحكيم للتقادم ولو قضى فيه بعدم الاختصاص الولائي.
(4) نقل. بحري. معاهدات "معاهدة بروكسل".
معاهدة بروكسل. نطاق تطبيقها. الرحلة البحرية التي تبدأ بشحن البضاعة في السفينة وتنتهي بتفريغها. المرحلة السابقة على الشحن أو اللاحقة على التفريغ. خضوعها لقانون التجارة البحري.
(5) مسئولية "المسئولية التقصيرية". محكمة الموضوع.
استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وثبوت الضرر أو نفيه. من مسائل الواقع. استقلال محكمة الموضوع به. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً.
(6) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
دفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع. سبب جديد لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير عمل الخبير". خبرة.
أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه. مؤداه. عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية أي الطلب المقدم فعلاً للمحكمة الجازم بالحق الذي يراد استرداده في التقادم المملك أو بالحق الذي يراد اقتضاؤه في التقادم المبرئ من الحق أو ما لحق به من توابع مما يجب لزوماً بوجوبه أو يسقط كذلك بسقوطه.
2 - إن رفع الدعوى بأصل الحق ضد المدين يكفي لقطع التقادم ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة ولائياً أو نوعياً أو قيمياً أو محلياً ويظل التقادم منقطعاً طوال نظر الدعوى حتى يصدر حكماً فيها ولو صدر الحكم بعدم الاختصاص.
3 - إذ كانت المطالبة بالتحكيم إعلان بخصومة يترتب عليها آثار المطالبة القضائية ومنها قطع التقادم، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها أقامت تحكيماً ضد الشركة الطاعنة بتاريخ 22/ 10/ 1987 بذات الطلبات موضوع النزاع الحالي وقضى في هذا التحكيم بتاريخ 28/ 5/ 1988 بعدم الاختصاص ولائياً بنظر النزاع، وإذ رفعت الدعوى الحالية بصحيفة مودعة قلم الكتاب بتاريخ 20/ 9/ 1998، ومن ثم فإن التحكيم المقام من المطعون ضدها بالمطالبة من شأنه قطع التقادم ولو قضى فيه بعدم الاختصاص ولائياً.
4 - يدل النص في المادة 1/ هـ من معاهدة بروكسل لسندات الشحن لسنة 1924 المعمول بها في مصر اعتبار من 29/ 5/ 1994 على أن تطبيق المعاهدة قاصر على الرحلة البحرية التي تبدأ بشحن البضائع في السفينة وتنتهي بتفريغها منها، أما المرحلة السابقة على الشحن أو المرحلة اللاحقة على التفريغ فيحكمها قانون التجارة البحري.
5 - المقرر أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وثبوت الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه.
6 - لما كان ما تنعاه الطاعنة بهذا الوجه يقوم على دفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فإنه يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
7 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسانيد التي أوضحها في تقريره لاقتناعها بصحتها فلا عليها إن هي لم ترد على الطعون الموجهة إلى ذلك التقرير إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 2981 لسنة 1988 الإسكندرية الابتدائية على الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ قدره 61477.36 جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية التي لحقت بها، وقالت بياناً لذلك إنه بتاريخ 19/ 1/ 1987 وصلت الباخرة "تايسون لايكس" إلى الإسكندرية تحمل شحنة صفيح لحساب المطعون ضدها، وعندما توجه مندوبها لاستلام الرسالة تعذر ذلك للخطأ في إدراج اسم المطعون ضدها في مانيفستو الباخرة حيث أدرج به اسم شركة النصر لتعبئة الزجاجات كوكاكولا، وباستعلام الطاعنة من ملاك الباخرة عن اسم صاحب الرسالة تم تصحيح الاسم وتم الإفراج عن الرسالة في 9/ 3/ 1987 وإذ ترتب على خطأ الطاعنة في تحرير بيانات المانيفستو سالف البيان تأخير استلام هذه الرسالة مما حمل الشركة المطعون ضدها أضرار تمثلت في مبلغ 56477.63 جنيه مصاريف تخزين وحراسة فضلاً عن أحقيتها لمبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً عن الضرر الذي ترتب على تأخير استخدام الرسالة في الغرض الذي تم استيرادها من أجله. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت في 29/ 10/ 1992 أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر، ثانياً: بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للشركة المطعون ضدها مبلغ 42894.276 جنيه، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 1188، 1194 لسنة 48 ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية، بتاريخ 12/ 5/ 1993 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه خلص إلى أن تقديم طلب التحكيم رقم 1890 لسنة 1987 من شأنه أن يقطع التقادم في حين أن طلب التحكيم كان ضد الشركة الطاعن بصفتها الشخصية وأن ذلك لا يؤدي إلى قطع التقادم، وأن تاريخ توجيه الطلبات إلى الشركة الطاعنة بصفتها وكيلة السفينة تم في 28/ 5/ 1988 أي بعد انقضاء مدة التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 3/ 6 من معاهدة سندات الشحن.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية أي الطلب المقدم فعلاً للمحكمة الجازم بالحق الذي يراد استرداده في التقادم المملك أو بالحق الذي يراد اقتضاؤه في التقادم المبرئ من الحق أو ما لحق به من توابع مما يجب لزوماً بوجوبه أو يسقط كذلك بسقوطه، ورفع الدعوى بأصل الحق ضد المدين يكفي لقطع التقادم ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة ولائياً أو نوعياً أو قيمياً أو محلياً، ويظل التقادم منقطعاً طوال نظر الدعوى حتى يصدر حكماً فيها ولو صدر الحكم بعدم الاختصاص، وإذ كان ذلك وكانت المطالبة بالتحكيم إعلان بخصومة يترتب عليها آثار المطالبة القضائية ومنها قطع التقادم، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها أقامت تحكيماً ضد الشركة الطاعنة بتاريخ 22/ 10/ 1987 بذات الطلبات موضوع النزاع الحالي وقضى في هذا التحكيم بتاريخ 28/ 5/ 1988 بعدم الاختصاص ولائياً بنظر النزاع، وإذ رفعت الدعوى الحالية بصحيفة مودعة قلم الكتاب بتاريخ 20/ 9/ 1998 ومن ثم فإن التحكيم المقام من المطعون ضدها بالمطالبة من شأنه قطع التقادم ولو قضى فيه بعدم الاختصاص ولائياً وإذ التزم الحكم المطعون فيه النظر المتقدم وأورد بمدوناته أن البين من دعوى التحكيم المرفوعة من الشركة المطعون ضدها ضد الشركة الطاعنة أن الطلبات فيها قد وجهت إلى الطاعنة بصفتها توكيل ملاحي فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الأول بأن النزاع يتعلق بطلب تعويض عن التأخير في تسليم الرسالة المشحونة وهذا الطلب يخضع للتقادم السنوي المنصوص عليه في المادة 3/ 6 من معاهدة بروكسل لسندات الشحن ومن ثم فإن مسئولية الناقل عن التعويض ترتفع إذ أن الشركة المطعون ضدها أودعت صحيفة دعواها بعد مرور أكثر من عام.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، وذلك أن النص في المادة 1/ هـ من معاهدة بروكسل لسندات الشحن لسنة 1924 المعمول بها في مصر اعتبار من 29/ 5/ 1994 على أن "نقل البضائع ينسحب إلى الوقت الذي ينقضي بين شحن البضائع في السفينة وبين تفريغها منها" يدل على أن تطبيق المعاهدة قاصر على المرحلة البحرية التي تبدأ بشحن البضائع في السفينة وتنتهي بتفريغها منها، أما المرحلة السابقة على الشحن أو المرحلة اللاحقة على التفريغ فيحكمها قانون التجارة البحري. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن البضاعة موضوع التداعي قد تم تفريغها. عن السفينة الناقلة بتاريخ 23/ 1/ 1987 وأنه تم سحبها من الجمارك بتاريخ 9/ 3/ 1987 ومن ثم فإن الضرر موضوع المطالبة وهو التأخير في استلام البضاعة لخطأ من الطاعنة في تحرير بيانات مانيفستو السفينة يكون قد حدث في تاريخ لاحق على تفريغ البضاعة من السفينة فلا تخضع دعوى التعويض متقدمة الإشارة للتقادم المنصوص عليه في المادة 3/ 6 من معاهدة بروكسل لسندات الشحن وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ومن ثم يكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع من ثلاثة أوجه، حاصل النعي بالوجه الأول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أحكام المسئولية التقصيرية في حين أن العلاقة بين الطاعنة والمطعون ضدها علاقة تعاقدية يحكمها سند الشحن وقد خلا هذا السند من أجل محدد يتم التسليم خلاله.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وثبوت الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص خطأ الطاعنة الموجب للتعويض وتمثل ذلك في عدم اليقظة والتبصر وبذل العناية لدى قيامها بتحرير البيان الخاص باسم المرسل إليه بمانيفستو الباخرة وفقاً لما هو مدون ببوليصة الشحن الخاصة بالرسالة مما ترتب على ذلك تأخير استلامها للرسالة وتحملها أضرار مادية تمثلت في مصاريف التخزين والحراسة وكان ذلك بسبب خطأ الطاعنة وخلص إلى توافر موجبات أعمال قواعد المسئولية التقصيرية وكان ذلك من الحكم استخلاص سائغ له أصله الثابت من الأوراق وكافياً لحمل قضائه، ومن ثم فإن النعي بما سلف لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة تنحسر عنه رقابة محكمة النقض مما يتعين عدم قبوله.
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الثاني أن الشركة المطعون ضدها لم تقدم الدليل على أنها قد تقدمت للناقل قبل 25/ 2/ 1987 بأصل سند الشحن لتتسلم لقاءه إذن التسليم الخاص برسالة النزاع.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن ما تنعاه الطاعنة بهذا الوجه يقوم على دفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فإنه يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الثالث من السبب الثاني أنه اعتنق تقرير الخبير بالرغم من اعتراض الطاعنة عليه لعدم التحقق من استحقاق الشركة المطعون ضدها لمصروفات التخزين ولعدم بيان الأساس القانوني لهذا الاستحقاق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسانيد التي أوضحها في تقريره لاقتناعها بصحتها فلا عليها إن هي لم ترد على الطعون الموجهة إلى ذلك التقرير إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم الدرجة الأولى وقد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالتعويض المطالب به على سند من اطمئنانه إلى ما انتهى إليه تقرير الخبير محمولاً على أسبابه، وكان ذلك من الحكم كافياً لحمل قضائه ومن ثم فإن النعي عليه بهذا السبب يضحى جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض، ومن ثم غير مقبول.
ولما كان ما تقدم يتعين رفض الطعن.