أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 1040

جلسة 21 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، سيد الشيمي، عبد المنعم محمود نواب رئيس المحكمة وعز العرب عبد الصبور.

(198)
الطعن رقم 509 لسنة 70 القضائية

(1 - 3) عقد. بيع. دعوى. حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
(1) عقد البيع النهائي بمثابة تقايل من البيع الابتدائي. نسخة العقد الابتدائي وحلوله محله فيما يتعلق بشروط البيع وأحكامه وصيرورته قانون الطرفين والمرجع في التعرف على إرادتيهما النهائية. إمكان تناوله مقدار المبيع أو الثمن أو شروط البيع بالتعديل.
(2) اشتمال عقد البيع الابتدائي على بيع أكثر من حصة مقابل ثمن إجمالي لها جميعاً. انعقاد إرادة الطرفين في العقد النهائي على صيرورة هذا الثمن مقابلاً لبعض تلك الحصص دون البعض الآخر. مؤداه. تقايلهما من بيع ما لم يشتمل عليه العقد النهائي من أجزاء المبيع وارتضاؤهما تعديل كل من المبيع والثمن. القول بغير ذلك. مؤداه. تعارضه مع كون الثمن ركناً أساسياً في عقد البيع.
(3) بيع الطاعنين للمطعون ضدهم ثلاث حصص عقارية بعقد بيع ابتدائي مقابل ثمن إجمالي. إبرامها عقدي بيع نهائيين مسجلين ببيع حصتين فقط منها مجموع ثمنيهما هذا الثمن. مؤداه. انصراف إرادتيهما إلى التقايل من بيع الحصة الثالثة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي فيما يتعلق بالحصة الأخيرة على سند من أن العقدين النهائيين لم ينسخا هذا العقد إلا في خصوص التصرف في الحصتين الأخريين وأن ثمن الحصة الثالثة دُفع ضمن الثمن الإجمالي المدفوع للحصص الثلاث. مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه.
(4) عقد. بيع. دعوى. نقض. حكم.
نقض الحكم فيما قضى به للمطعون ضدهم من صحة ونفاذ بيع الحصة موضوع النزاع. أثره. إلغاؤه فيما قضى به من إلزام الطاعنين بريع تلك الحصة تأسيساً على هذا القضاء عملاً بالمادة 271/ 1 مرافعات.
1 - عقد البيع النهائي الذي تستقر به العلاقة بين الطرفين ينسخ العقد الابتدائي ويحل محله فيما يتعلق بشروط البيع وأحكامه، ويصبح هو قانونهما والمرجع في التعرف على إرداتيهما النهائية، ومن ثم فإنه قد يتناول مقدار المبيع، أو الثمن، أو شروط البيع الابتدائي بالتعديل حيث يسوغ القول بأن العقد النهائي بمثابة تقايل من البيع الابتدائي.
2 - إذ اشتمل العقد..... (عقد البيع الابتدائي) على بيع أكثر من حصة مقابل ثمن إجمالي لها جميعاً، ثم انعقدت إرادة الطرفين في العقد النهائي على أن يصبح هذا الثمن مقابلاً لبعض تلك الحصص دون البعض الآخر، فإن مؤدى هذا أنهما تقايلا من بيع ما لم يشتمل عليه العقد النهائي من أجزاء المبيع، وارتضيا تعديل كل من المبيع والثمن. والقول بغير ذلك مؤداه التزام البائع بنقل ملكية الأعيان التي لم يشتمل عليها هذا العقد الأخير دون مقابل، وهو ما يتعارض مع كونه الثمن ركناً أساسياً في عقد البيع لا ينعقد دون تحديده أو على جعله قابلاً للتحديد ببيان الأسس التي يحدد بمقتضاها.
3 - إذ كان الواقع الثابت في الدعوى - وحصَّله الحكم المطعون فيه - أن الطاعنين..... باعوا للمطعون ضدهم ثلاث حصص عقارية بعقد بيع ابتدائي مؤرخ..... مقابل ثمن إجمالي مقداره خمسون ألف جنيه، ثم أبرما عقدي بيع نهائيين سجلا برقمي....، .... لسنة.... توثيق.... ببيع حصتين فقط من الحصص الثلاث، أولاهما بمبلغ عشرة آلاف جنيه والثانية بمبلغ أربعين ألف جنيه، فإن إرادتيهما في هذه الحالة تكون قد انصرفت إلى التقايل مع بيع الحصة الثالثة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المشار إليه - فيما يتعلق بالحصة الأخيرة - على سند من أن عقدي البيع النهائيين لم ينسخا هذا العقد إلا في خصوص التصرف في الحصتين الأخريين، وأن ثمن الحصة الثالثة دفع ضمن الثمن الإجمالي المدفوع للحصص الثلاث، فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه.
4 - إن نقض الحكم فيما قضى به من صحة ونفاذ بيع الحصة موضوع النزاع يستتبع إلغاءه فيما قضى به (للمطعون ضدهم) من إلزام الطاعنين..... بريع هذه الحصة إعمالاً لحكم المادة 271/ 1 من قانون المرافعات فيما نصت عليه من أن "يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام أياً كانت الجهة التي أصدرتها والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها".


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 8025 لسنة 1994 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعنين بطلب الحكم بصحة ونفاذ الجزء الأول من عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 7/ 1986 - وقالوا شرحاً لدعواهم إنهم اشتروا من الطاعنين الأول والثاني حصة مقدارها 18 س 11 ط مشاعاً في أرض وبناء العقار المبين في صحيفة دعواهم بالإضافة إلى حصتين أخريين لقاء ثمن مقداره خمسون ألف جنيه، وإذ تقاعس الطاعنون في تنفيذ التزامهم بنقل ملكية تلك الحصة فقد أقاموا الدعوى. ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 5954 لسنة 2 ق القاهرة. كذلك أقام المطعون ضدهم الدعوى 9501 لسنة 1994 مدني شمال القاهرة على الطاعنين بطلب الحكم بما يستحقونه من ريع العقار المشار إليه عن الفترة من 1/ 7/ 1986 حتى تمام التنفيذ. ومحكمة أول درجة حكمت بإلزام الطاعنين الأول والثاني - في مواجهة باقي الطاعنين - بأن يؤدوا إلى المطعون ضدهم مبلغ 78248.10 جنيهاً، استأنف المحكوم عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 4361 لسنة 2 ق القاهرة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافيين قضت بتاريخ 30/ 1/ 1999 بقبولهما شكلاً، وفي موضوع الاستئناف رقم 5954 لسنة 2 ق بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1/ 7/ 1986 وبالتسليم، وفي موضوع الاستئناف رقم 4361 لسنة 2 ق برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن إرادة المتعاقدين اتجهت إلى العدول عن بيع الحصة موضوع النزاع، إذ قاما بتحرير عقدين نهائيين سجلا برقمي 219، 2199 لسنة 1988 توثيق شمال القاهرة عن حصتين فقط من الحصص الثلاث المبيعة بالعقد الابتدائي المؤرخ 1/ 7/ 1986 استغرق ثمنهما كل الثمن المتفق عليه في العقد الأخير، وإذ أطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع واعتبر عقد البيع الابتدائي قائماً بالنسبة للحصة الثالثة التي تم التقايل عنها، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن عقد البيع النهائي الذي تستقر به العلاقة بين الطرفين ينسخ العقد الابتدائي ويحل محله فيما يتعلق بشروط البيع وأحكامه، ويصبح هو قانونهما والمرجع في التعرف على إرداتيهما النهائية، ومن ثم فإنه قد يتناول مقدار المبيع، أو الثمن، أو شروط البيع الابتدائي بالتعديل حيث يسوغ القول بأن العقد النهائي بمثابة تقايل من البيع الابتدائي. فإذا اشتمل العقد الأخير على بيع أكثر من حصة مقابل ثمن إجمالي لها جميعاً، ثم انعقدت إرادة الطرفين في العقد النهائي على أن يصبح هذا الثمن مقابلاً لبعض تلك الحصص دون البعض الآخر، فإن مؤدى هذا أنهما تقايلا من بيع ما لم يشتمل عليه العقد النهائي من أجزاء المبيع، وارتضيا تعديل كل من المبيع والثمن. والقول بغير ذلك مؤداه التزام البائع بنقل ملكية الأعيان التي لم يشتمل عليها هذا العقد الأخير دون مقابل، وهو ما يتعارض مع كون الثمن ركناً أساسياً في عقد البيع لا ينعقد دون تحديده أو على جعله قابلاً للتحديد ببيان الأسس التي يحدد بمقتضاها. لما كان ذلك وكان الواقع الثابت في الدعوى - وحصله الحكم المطعون فيه - أن الطاعنين الأول والثاني باعوا للمطعون ضدهم ثلاث حصص عقارية بعقد بيع ابتدائي مؤرخ 1/ 7/ 1986 مقابل ثمن إجمالي مقداره خمسون ألف جنيه، ثم أبرما عقدي بيع نهائيين سجلا برقمي 219، 2219 لسنة 1988 توثيق شمال القاهرة ببيع حصتين فقط من الحصص الثلاث، أولاهما بمبلغ عشرة آلاف جنيه والثانية بمبلغ أربعين ألف جنيه، فإن إرادتيهما في هذه الحالة تكون قد انصرفت إلى التقايل مع بيع الحصة الثالثة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المشار إليه - فيما يتعلق بالحصة الأخيرة - على سند من أن عقدي البيع النهائيين لم ينسخا هذا العق إلا في خصوص التصرف في الحصتين الأخريين، وأن ثمن الحصة الثالثة دفع ضمن الثمن الإجمالي المدفوع للحصص الثلاث. فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه.
وحيث إن نقض الحكم فيما قضى به من صحة ونفاذ بيع الحصة موضوع النزاع يستتبع إلغاءه فيما قضى به من إلزام الطاعنين الأول والثاني بريع هذه الحصة إعمالاً لحكم المادة 271/ 1 من قانون المرافعات فيما نصت عليه من أن "يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام أياً كانت الجهة التي أصدرتها والأعمال اللاحقة للحكم المنقرض متى كان ذلك الحكم أساساً لها".
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 4361 لسنة 2 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وفي موضوع الاستئناف رقم 5954 لسنة 2 ق القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف.