أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 1045

جلسة 22 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم السعيد الضهيري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد شهاوي عبد ربه، إلهام نجيب نوار، درويش مصطفى أغا، وأحمد هاشم عبد الله نواب رئيس المحكمة.

(199)
الطعن رقم 9436 لسنة 64 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن". "تشريعات إيجار الأماكن" "نطاق سريانها".
عقود الإيجار. الأصل. خضوعها للأحكام العامة في القانون المدني. ورود نصوص خاصة في التشريعات الاستثنائية تتعارض معها. وجوب تطبيقها دون التوسع في تفسيرها.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "القواعد العامة في الإيجار". أجرة "فروق الأجرة". حكم "تسبيبه: عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون".
(2) النص في المادة 22 ق 49 لسنة 1977. سريانه على فروق الأجرة التي تستحق نتيجة تقدير أجرة المكان بمعرفة لجان تحديد الأجرة طبقاً لأحكامه. عدم انطباقه على سداد فروق الأجرة الاتفاقية أو التي تستحق لسبب آخر. مؤداه. بطلان قرار لجنة تقدير الإيجارات أو اعتباره كأن لم يكن والرجوع إلى الأجرة التعاقدية أو الاتفاقية. خضوعه للقواعد العامة في القانون المدني. أثره. عدم جواز إجبار الدائن على قبول الوفاء الجزئي ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك. م 342 مدني.
(3) القضاء باعتبار قرار لجنة تقدير أجرة عين النزاع كأن لم يكن وسريان القيمة الإيجارية الواردة بالعقد. وجوب أداء المستأجر الفروق كاملة للمالك. عدم جواز إجبار المالك على قبولها على أقساط شهرية لمدة مساوية للمدة التي استحقت. مخالفة ذلك. خطأ.
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المشرع نظم الأحكام العامة لعقد الإيجار في القانون المدني وهي واجبة التطبيق في الأصل على ما يبرم في ظلها من عقود، ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص يتعارض وأحكامها فإنها تسري في نطاق الأغراض التي وضعت لها دون توسع في التفسير.
2 - النص في المادة 22 من القانون رقم 49 لسنة 1977 مفاده أن المشرع يقرر بهذا النص حكماً خاصاً لتنظيم طريقة سداد فرق الأجرة التي تستحق نتيجة تقدير أجرة المكان بمعرفة لجان تحديد الأجرة طبقاً لأحكامه تيسيراً على المدين بها ولا شأن له بطريقة سداد فرق الأجرة الاتفاقية أو التي تنشأ لسبب آخر، وإذ خلت نصوص التشريعات الخاصة سالفة البيان من إيراد نص يحكم طريقة سداد فرق الأجرة التي تستحق نتيجة بطلان قرار لجنة تقدير الإيجارات أو اعتباره كأن لم يكن والارتداد إلى الأجرة التعاقدية أو الاتفاقية بعد صيرورتها قانونية وملزمة، فإنه يتعين الرجوع إلى القواعد العامة باعتبارها هي التي تحكم واقعة النزاع ومنها ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 342 من القانون المدني على أنه "لا يجوز للمدين أن يجبر الدائن على أن يقبل وفاء جزئياً لحقه، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك".
3 - إذ كان الثابت بالأوراق أن الأجرة الواردة بعقد الإيجار المؤرخ 7/ 3/ 1983 قدرتها 45 جنيهاً شهرياً وقد قضى باعتبار قرار لجنة تقدير أجرة شقة التداعي كأن لم يكن وسريان القيمة الإيجارية الواردة بالعقد، فإنها تكون واجبة الأداء كاملة ولا يحق إجبار المالك بقبولها على أقساط شهرية لمدة مساوية للمدة التي استحقت عنها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه قياساً على حكم المادة 22 من القانون 49 لسنة 1977 سالفة البيان ورتب على ذلك بطلان التكليف بالوفاء لتضمنه فرق الأجرة كاملة وليست مقسطة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 2897 لسنة 1991 لدى محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإخلائه من العين المبينة بالصحيفة والتي استأجرها منه بموجب العقد المؤرخ 7/ 3/ 1983 نظير أجرة شهرية مقدارها 45 جنيهاً مع التسليم وذلك لتأخره في الوفاء بفروق الأجرة المستحقة من أول مايو سنة 1983 حتى نهاية سبتمبر سنة 1991 رغم إنذاره بسدادها والتي ترتبت في ذمته نتيجة القضاء النهائي ببطلان قرار لجنة تحديد الأجرة وسريان الأجرة الاتفاقية. أجابت المحكمة الطاعن لطلباته بقضاء استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 740 لسنة 48 ق الإسكندرية التي حكمت بتاريخ 15/ 3/ 1993 بتأييد الحكم المستأنف، طعن المطعون ضده في هذا الحكم لدى محكمة النقض بالطعن رقم 4043 لسنة 63 ق فقضت بتاريخ 16/ 2/ 1994 بنقض الحكم مع الإحالة وبعد أن عجل المطعون ضده الدعوى قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 10/ 8/ 1994 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وعُرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه على أساس بطلان التكليف بالوفاء لتضمنه المطالبة بإجمالي فروق الأجرة دفعة واحدة وليس على أقساط مساوية للمدة التي استحقت عنها عملاً بنص المادة 22 من القانون 49 لسنة 1977 في حين أن تلك المادة يقتصر نطاق تطبيقها على الأماكن التي تخضع لتقدير لجان الأجرة، وإذ كان الثابت من الأوراق أن العقار الواقع به عين النزاع مرخص بإنشائه في ظل القانون رقم 136 لسنة 1981 ويخضع لأحكامه من حيث تحديد الأجرة وأن المطعون ضده لم يلجأ إلى لجنة تقدير الأجرة وإنما تصدت هي من تلقاء نفسها وقدرت الأجرة وطعن على قرارها وقضى ببطلانه وسريان الأجرة التعاقدية ومن ثم لا مجال هنا لإعمال نص المادة 22 من قانون ق 49 لسنة 1977 سالفة البيان ويتعين إعمال حكم المادة 342 من القانون المدني التي لا تجيز للمدين إجبار الدائن على الوفاء الجزئي.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع نظم الأحكام العامة لعقد الإيجار في القانون المدني وهي واجبة التطبيق في الأصل على ما يبرم في ظلها من عقود، ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص يتعارض وأحكامها فإنها تسري في نطاق الأغراض التي وضعت لها دون توسع في التفسير، وكان النص في المادة 22 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "يلزم المستأجر في حالة تحديد الأجرة بالزيادة عما هو منصوص عليه في العقد بأداء الفرق مقسطاً على أقساط شهرية لمدة مساوية للمدة التي استحق عنها كاملاً أو بسداده كاملاً إذا أراد إخلاء العين المؤجرة قبل انقضاء المدة المذكورة، وعلى المؤجر أن يرد إلى المستأجر فرق الأجرة عند تحديدها بما يقل عما هو منصوص عليه في العقد بالطريقة المنصوص عليها في المادة السابقة". مفاده أن المشرع يقرر بهذا النص حكماً خاصاً لتنظيم طريقة سداد فرق الأجرة التي تستحق نتيجة تقدير أجرة المكان بمعرفة لجان تحديد الأجرة طبقاً لأحكامه تيسيراً على المدين بها ولا شأن له بطريقة سداد فرق الأجرة الاتفاقية أو التي تنشأ لسبب آخر، وإذ خلت نصوص التشريعات الخاصة سالفة البيان من إيراد نص يحكم طريقة سداد فرق الأجرة التي تستحق نتيجة بطلان قرار لجنة تقدير الإيجارات أو اعتباره كأن لم يكن والارتداد إلى الأجرة التعاقدية أو الاتفاقية بعد صيرورتها قانونية وملزمة، فإنه يتعين الرجوع إلى القواعد العامة باعتبارها هي التي تحكم واقعة النزاع ومنها ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 342 من القانون المدني على أنه "لا يجوز للمدين أن يجبر الدائن على أن يقبل وفاءً جزئياً لحقه، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك". لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الأجرة الواردة بعقد الإيجار المؤرخ 7/ 3/ 1983 قدرتها 45 جنيهاً شهرياً وقد قضى باعتبار قرار لجن تقدير أجرة شقة التداعي كأن لم يكن وسريان القيمة الإيجارية الواردة بالعقد، فإنها تكون واجبة الأداء كاملة ولا يحق إجبار المالك بقبولها على أقساط شهرية لمدة مساوية للمدة التي استحقت عنها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه قياساً على حكم المادة 22 من القانون 49 لسنة 1977 سالفة البيان ورتب على ذلك بطلان التكليف بالوفاء لتضمنه فروق الأجرة كاملة وليست مقسطة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الطعن للمرة الثانية وكان النقض لسبب مغاير للحكم في الطعن السابق مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة.