أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 1073

جلسة 28 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، سيد الشيمي، مدحت سعد الدين نواب رئيس المحكمة وعز العرب عبد الصبور.

(206)
الطعن رقم 2741 لسنة 63 القضائية

(1، 2) ملكية "أسباب كسبها: الشفعة" "انتقال الملكية". شفعة. عقد. بيع. صورية. تسجيل. محكمة الموضوع. حكم "عيوب التدليل: القصور: الخطأ في فهم الواقع: الخطأ في تطبيق القانون".
(1) امتناع الأخذ بالشفعة في البيع الثاني. أثره. امتناع الأخذ بها في البيع الأول الذي يجيزها. علة ذلك. البيع الثاني ينسخ البيع الأول. شرطه. أن يكون جدياً. صوريته صورية مطلقة. أثره. عدم ترتب آثاره أو انتقال الملكية بمقتضاه إلى المشتري الثاني. علة ذلك. انعدامه قانوناً وعدم قيامه أصلاً في نية عاقديه. مؤداه. عدم جواز الأخذ بالشفعة لأي سبب في البيع الثاني الصوري صورية مطلقة لا يحول دون الأخذ بها في البيع الأول متى توافرت شروطها فيه ولو كان البيع الثاني مسجلاً. طعن الشفيع على الأخير بهذه الصورية. التزام المحكمة ابتداءً أن تتصدى لبحثه وأن تقول كلمتها فيه.
(2) طلب الطاعنة الأخذ بالشفعة في البيع الأول الذي يجيزها وطنعها بالصورية المطلقة في البيع الثاني. امتناع الأخذ بالشفعة في البيع الأخير لا يحول دون تحقيق هذه الصورية وتمكين الطاعنة من إثباتها توصلاً لإهدار أثره. انتهاء المحكمة إلى أنه حتى ولو كان الثمن غير حقيقي في البيع الثاني فإن الشفعة غير جائزة لوجود صلة مصاهرة من الدرجة الأولى بين طرفيه فهماً بأن الطعن بالصورية ينصب على هذا الثمن فقط في حين أنه طعن بالصورية المطلقة. خطأ في فهم الواقع وفي تطبيق القانون وقصور مبطل.
1 - إذ كان البيع الثاني من البيوع التي لا يجوز الأخذ فيها بالشفعة، فإنه يمتنع على الشفيع الأخذ بها حتى في البيع الأول الذي يجيزها، لأن البيع الثاني - إذا كان جدياً - فإنه ينسخ البيع الأول. أما إذ كان بيعاً صورياً صورية مطلقة، فإنه يكون منعدماً قانوناً، غير قائم أصلاً في نية عاقديه، فلا تترتب آثاره، ولا تنتقل بمقتضاه ملكية العقار إلى المشتري الثاني. وينبني على ذلك أنه إذا طلبت الشفعة في بيع يجوز الأخذ بالشفعة، وطعن الشفيع بالصورية المطلقة على بيع ثان، فإن عدم جواز الأخذ بالشفعة في هذا البيع الثاني لأي سبب من الأسباب، لا يجول دون الأخذ بها في البيع الأول متى توافرت شروط الشفعة فيه، ومن ثم يكوم لزاماً على المحكمة أن تتصدى ابتداءً لبحث الطعن بالصورية المطلقة، وتقول كلمتها فيه، فإذا ثبت صوريته كان منعدماً غير منتج لأي أثر قانوني، ولو كان مسجلاً.
2 - إذ كان الواقع في الدعوى - على نحو ما حصَّله الحكم المطعون فيه - أن الطاعنة شفعت في البيع الأول الحاصل بتاريخ...... - وهو بيع يجوز الأخذ فيه بالشفعة - وطعنت بالصورية المطلقة في عقد البيع الثاني المؤرخ......، فإن وجود مانع يمنع من الأخذ بالشفعة في هذا البيع الأخير لا يحول دون تحقيق هذه الصورية، وتمكين الطاعنة من إثباتها توصلاً إلى إهدار أثره. وإذ كان البين مما أورده الحكم في مدوناته أن محكمة الاستئناف فهمت خطأ أن الطعن بالصورية ينصب على الثمن فقط في البيع الثاني - في حين أنه طعن بصورية هذا العقد صورية مطلقة - وجرها هذا الخطأ في فهم الواقع إلى خطأ في تطبيق القانون حيث انتهت إلى أنه "حتى لو كان هذا الثمن دون الحقيقي..... فإن الشفعة غير جائزة لأن المشترية تنتمي بصلة مصاهرة من الدرجة الأولى للبائع "فإن الحكم يكون - فضلاً عن خطئه في فهم الواقع في الدعوى - قد أخطا في تطبيق القانون، وشابه قصور مبطل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الثالثة أقامت الدعوى رقم 1271 لسنة 1987 مدني أسيوط الابتدائية على المطعون ضدهما الأول والثانية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 5/ 4/ 1987، 22/ 4/ 1987. وقالت شرحاً لدعواها إن المطعون ضده الأول باعها حصة شائعة مقدارها 64.15 متراً في العقار المبين بصحيفة الدعوى مقابل ثمن مقداره خمسة آلاف وخمسمائة جنيه. وإذ آلت إليه ملكية هذه الحصة بطريق الشراء من المطعون ضدها الثانية بالعقد المؤرخ 5/ 4/ 1987 فإنها تطلب الحكم بصحة ونفاذ العقدين وبالتسليم. وأقامت الطاعنة الدعوى 1527 لسنة 1987 مدني أسيوط الابتدائية على المطعون ضدهما الأول والثانية بطلب الحكم بأحقيتها في أخذ الحصة المشار إليها بالشفعة مقابل الثمن المودع خزانة المحكمة مع ما يترتب على ذلك من نقل الملكية إليها، وشهر الحكم، والتأشير بما يفيد محو آثار البيع والتسليم وذلك على سند من أنها علمت أن المطعون ضدها الثانية باعت إلى المطعون ضده الأول مساحة 64.15 متراً شيوعاً في العقار المبين بصحيفة دعواها مقابل ثمن مقداره ثلاثة آلاف ومائتا جنيه، ولأنها شريكة على الشيوع في ملكيته فقد أنذرتهما برغبتها في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة، وأودعت الثمن والملحقات خزانة المحكمة. أدخلت الطاعنة المطعون ضدها الثالثة في الدعوى وطعنت بصورية عقد البيع الثاني المؤرخ 22/ 4/ 1987. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بضم الدعويين وبإحالتهما إلى التحقيق، ثم حكمت بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 5/ 4/ 1987، 22/ 4/ 1987 وبالتسليم. وبرفض دعوى الطاعنة. استأنفت الطاعنة الحكم بالاستئناف رقم 264 لسنة 67 ق أسيوط. وبتاريخ 25/ 1/ 1993 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى 1527 لسنة 1987 إلى عدم جواز أخذ الحصة المبيعة بالشفعة، وبتأييده فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالخطأ في فهم الواقع وفي تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها طلبت الأخذ بالشفعة في البيع الأول الحاصل بعقد البيع المؤرخ 5/ 4/ 1987 وتمسكت أمام محكمة الموضوع بصورية عقد البيع الثاني المؤرخ 22/ 4/ 1987، واستدلت على صوريته بعدة قرائن، هي أنه حرر دون فاصل زمني كبير بينه وبين العقد الأول، وأن الثمن المثبت به يفوق كثيراً الثمن الوارد بالبيع الأول، وصلة القرابة بين طرفيه، وطلبت إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات تلك الصورية، إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع رغم جوهريته، وقضى بعدم جواز أخذ العقار بالشفعة لصلة القرابة بين طرفي العقد مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه إذا كان البيع الثاني من البيوع التي لا يجوز الأخذ فيها بالشفعة، فإنه يمتنع على الشفيع الأخذ بها حتى في البيع الأول الذي يجيزها، لأن البيع الثاني - إذا كان جدياً - فإنه يفسخ البيع الأول. أما إذ كان بيعاً صورياً صورية مطلقة، فإنه يكون منعدماً قانوناً، غير قائم أصلاً في نية عاقديه، فلا تترتب آثاره، ولا تنقل بمقتضاه ملكية العقار إلى المشتري الثاني. وينبني على ذلك أنه إذا طلبت الشفعة في بيع يجوز الأخذ فيه بالشفعة، وطعن الشفيع بالصورية المطلقة على بيع ثان، فإن عدم جواز الأخذ بالشفعة في هذا البيع الثاني لأي سبب من الأسباب، لا يحول دون الأخذ بها في البيع الأول متى توافرت شروط الشفعة فيه، ومن ثم يكوم لزاماً على المحكمة أن تتصدى ابتداءً لبحث الطعن بالصورية المطلقة، وتقول كلمتها فيه، فإذا ثبتت صوريته كان منعدماً غير منتج لأي أثر قانوني، ولو كان مسجلاً. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى - على نحو ما حصله الحكم المطعون فيه - أن الطاعنة شفعت في البيع الأول الحاصل بتاريخ 5/ 4/ 1987 - وهو بيع يجوز الأخذ فيه بالشفعة - وطعنت بالصورية المطلقة في عقد البيع الثاني المؤرخ 22/ 4/ 1987، فإن وجود مانع يمنع من الأخذ بالشفعة في هذا البيع الأخير لا يحول دون تحقيق هذه الصورية، وتمكين الطاعنة من إثباتها توصلاً إلى إهدار أثره. وإذ كان البين مما أورده الحكم في مدوناته أن محكمة الاستئناف فهمت خطأ أن الطعن بالصورية ينصب على الثمن فقط في البيع الثاني - في حين أنه طعن بصورية هذا العقد صورية مطلقة - وجرها هذا الخطأ في فهم الواقع إلى خطأ في تطبيق القانون حيث انتهت إلى أنه "حتى لو كان هذا الثمن الحقيقي.... فإن الشفعة غير جائزة لأن المشترية تنتمي بصلة مصاهرة من الدرجة الأولى للبائع" فإن الحكم يكون - فضلاً عن خطئه في فهم الواقع في الدعوى - قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه قصور مبطل مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.