أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 30 - صـ - 746

جلسة 25 من يونيه سنة 1979

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي، محمود حسن حسين، دكتور سعيد عبد الماجد وعاصم المراغي.

(327)
الطعن رقم 440 لسنة 45 القضائية

(1، 2) التزام. "حوالة". عقد. حجز. تنفيذ. محكمة الموضوع.
(1) حوالة الدائن لحقه. الوفاء الحاصل من المدين المحيل قبل نفاذ الحوالة في حق المدين. أثره. براءة ذمة المدين. مسئولية المحيل قبل المحال له ولو كانا قد اتفقا على عدم الضمان. م 311 مدني.
(2) حق المتعاقد في الامتناع عن تنفيذ التزامه ما لم يقم المتعاقد الآخر بالتنفيذ. م 161 مدني. حقه أيضاً في توقيع الحجز التحفظي تحت يد نفسه على ما يكون مديناً به. تقدير توافر شروط الحجز من سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.
1 - النص في المادة 311 من القانون المدني على أن "يكون المحيل مسئولاً عن أفعاله الشخصية ولو كانت الحوالة بغير عوض أو اشتراط عدم الضمان" يدل على أن المحيل يضمن للمحال به جميع الأفعال التي تصدر منه بعد صدور الحوالة ويكون من شأنها الانتقاص من الحق المحال به أو توابعه أو زواله. ويستوي في ذلك أن تكون الحوالة بعوض أو بغير عوض ولو اشترط المحيل عدم الضمان، ذلك أن مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية تعتبر مسئولية تقصيرية لا يجوز الاتفاق على التحلل منها أو تعديلها، فإذا عمد المحيل بعد انعقاد الحوالة وقبل صيرورتها نافذة في حق المدين إلى مطالبة المدين بالحق المحال به فأوفاه أو استصدر به حكماً ضده فإن الوفاء للمحيل - إن كان قد حدث - يكون صحيحاً مبرئاً لذمة المدين ولكن المحيل بمطالبته المحال عليه بالدين المحال يكون مسئولاً قبل المحال له بالضمان ولو كانا قد اتفقا على عدم الضمان.
2 - للمتعاقد في العقود الملزمة للجانيين الحق في الامتناع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به إعمالاً لنص المادة 161 من القانون المدني، إلا أن هذا الحق لا يحرمه - إن كان دائناً للمتعاقد الآخر - من استصدار أمر من القاضي المختص بتوقيع الحجز التحفظي تحت يد نفسه على ما يكون مديناً به لمدينه إعمالاً لنص المادتين 316 و349 من قانون المرافعات، وتقدير مدى تحقق وجود هذا الدين وتوافر الخشية من فقد الدائن لضمان حقه أمر متروك لسلطة محكمة الموضوع التقديرية بعيداً عن رقابة محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنة الدعوى رقم 468 لسنة 1972 تجاري كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم - في مواجهة باقي المطعون ضدهم - بفسخ التعاقد المحرر بينه وبين الطاعنة بتاريخ 22/ 1/ 1970 مع إلزامها برد المبالغ المدفوعة لها منه بموجب السندات الإذنية التي تضمنها الاتفاق المذكور، تأسيساً على أنه بتاريخ 22/ 1/ 1970 تم الاتفاق بينه وبين الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثاني بصفته ضامناً متضامناً على أن يحل محل الطاعنة فيما لها من حق قبل مؤسسة النهضة الحديثة لتجارة الأقمشة والخردوات..... وهذا الحق عبارة مبلغ 23784 ج و480 م بمقتضى عدة شيكات واتفقا على أن يسدد المطعون ضده الأول للشركة الطاعنة هذا المبلغ بموجب سندات إذنية تستحق تباعاً كل ستة أشهر اعتباراً من 30/ 6/ 1970 حتى 31/ 12/ 1973 وقيمة كل منها 3000 ج عدا الأخير فقيمته 2784 ج و480 م وتعهدت الطاعنة بتسليمه سندات الدين المحال وبضائع ممتازة على عدة صفقات وقد قام بتنفيذ اتفاقه مع الطاعنة وسدد لها مبلغ 15000 ج قيمة السندات حتى 30/ 6/ 1972 غير أن الطاعنة لم تنفذ التزامها بتسليمه سندات الدين المحال والبضائع المتفق عليها بل أنها استصدرت ضد المؤسسة المدينة الأصلية حكماً بالدين في الدعوى رقم 10 لسنة 1971 تجاري كلي القاهرة على خلاف الاتفاق المبرم بينهما بتركها الخصومة في تلك الدعوى وتبين أيضاً أن الدين الصادر به هذا الحكم للطاعنة قدره 22153 ج و426 م وهو أقل من المبلغ المحال إليه وقد طعن ورثة المدين الأصلي في هذا الحكم بالاستئناف رقم 196 لسنة 88 ق ولم يفصل فيه بعد وأنه إزاء إخلال الشركة الطاعنة بشروط الاتفاق المبرم بين الطرفين فقد أقام المطعون ضده الأول الدعوى بطلباته السابقة. وبتاريخ 29/ 3/ 1973 استصدر المطعون ضده الأول الأمر رقم 35 لسنة 1973 تجاري كلي جنوب القاهرة ضد الشركة الطاعنة بتوقيع الحجز التحفظي تحت يده على مبلغ 8784 ج و480 م قيمة السندات الإذنية الثلاث المتبقية عليه دون سداد - وذلك في مواجهة باقي المطعون ضدهم. وبجلسة 3/ 4/ 1973 قررت الطاعنة في مواجهة المطعون ضده الأول بأنها تتظلم من أمر الحجز وتدفع ببطلانه. كما دفع المطعون ضده الأول بجلسة 8/ 5/ 1973 ببطلان التظلم. وبتاريخ 19/ 6/ 1973 قضت المحكمة برفض الدفع وبقبول التظلم شكلاً وحددت جلسة لنظر موضوعه وموضوع صحة إجراءات الحجز والدعوى الأصلية بطلب الفسخ وبجلسة 27/ 11/ 1973 طلب المطعون ضده الأول في مواجهة الطاعنة شطب بروتستو عدم الدفع المعلن إليه في 15/ 9/ 1973 عن السند الإذني البالغة قيمته 3000 جنيه. وبتاريخ 29/ 1/ 1973 قضت المحكمة بشطب بروتستو عدم الدفع وبفسخ عقد الحوالة المؤرخ 22/ 1/ 1970 وبإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 15000 جنيه وبصحة الحجز وبرفض التظلم من أمر الحجز وتأييده. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 106 لسنة 91 ق وبتاريخ 22/ 3/ 1975 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأنه نص في عقد الحوالة موضوع الدعوى - وهي حوالة بعوض - على أن المطعون ضده الأول قبل حوالة هذا الدين على ألا تلتزم الشركة الطاعنة بأي التزام ولا يجوز الرجوع عليها أو عدم الوفاء بدينها في حالة عدم قيام المدين الأصلي بالتزاماته قبله ومن المتفق عليه فقهاً وقضاء أنه إذا كانت الحوالة بعوض ولم يكن هناك اتفاق خاص على الضمان بين المحيل والمحال له فإن المحيل يضمن للمحال له بحكم القانون وجود الحق المحال به وقت الحوالة عملاً بنص المادة 308/ 1 من القانون المدني إلا أنه يجوز للطرفين الاتفاق على تخفيض الضمان أو تشديده بل قد يصل الاتفاق على تخفيف الضمان بحكم القانون إلى محوه أصلاً فيشترط المحيل ألا يضمن وجود الحق المحال به ذاته وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى وجوب أن تضمن الطاعنة وجود الحق المحال به وقت الحوالة رغم الإنفاق على إعفاء الطاعنة من الضمان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 311 من القانون المدني على أن "يكون المحيل مسئولاً عن أفعاله الشخصية ولو كانت الحوالة بغير عوض أو اشتراط عدم الضمان" يدل على أن المحيل يضمن للمحال له جميع الأفعال التي تصدر منه بعد صدور الحوالة ويكون من شأنها الانتقاص من الحق المحال به أو توابعه أو زواله. ويستوي في ذلك أن تكون الحوالة بعوض أو بغير عوض ولو اشترط المحيل عدم الضمان، ذلك أن مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية تعتبر مسئولية تقصيرية لا يجوز الاتفاق على التحلل منها أو تعديلها، فإذا عمد المحيل بعد انعقاد الحوالة وقبل صيرورتها نافذة في حق المدين إلى مطالبة المدين بالحق المحال به فأوفاه أو استصدر به حكماً ضده فإن الوفاء للمحيل - إن كان قد حدث - يكون صحيحاً مبرئاً لذمة المدين ولكن المحيل بمطالبته المحال عليه بالدين المحال يكون مسئولاً قبل المحال له بالضمان ولو كانا قد اتفقا على عدم الضمان. لما كان ذلك والحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله. ".... وكان الثابت من عقد الحوالة المشار إليه أن الشركة المستأنفة حولت للمستأنف عليها دينها البالغ قدره 13784 ج و480 م بمقتضى عشرين شيكاً في ذمة المرحوم...... وشركاه في حين أن الثابت بالحكم في الدعوى رقم 10 لسنة 1970 - تجاري كلي القاهرة التي رفعت من الشركة المستأنفة أنه قضى بإلزام ورثة المرحوم........ بمبلغ 22153 ج و426 م بمقتضى ثمانية عشر شيكاً، كما تبين أن الحكم المذكور صدر لصالح الشركة المستأنفة في أول مارس سنة 1970 أي - في تاريخ لاحق لعقد الحوالة رغم أن الثابت من الإقرار الملحق بهذا العقد أن الممثل القانوني للشركة المستأنفة قد تعهد فيه بصفته بترك المرافعة في الدعوى رقم 10 لسنة 1970 تجاري كلي القاهرة سالفة الذكر والمحدد لنظرها جلسة أول فبراير سنة 1970 غير أن الشركة لم تقم بتنفيذ تعهدها واستمرت في السير فيها حتى صدر الحكم لصالحها الأمر الذي يتعارض مع حق المستأنف عليه الأول عقد الحوالة المبرم بينه وبين الشركة المستأنفة باستصدارها حكماً لصالحها مما مفاده عدم وجود الحق بأكمله وقت الحوالة من ناحية وبانقضاء الحق بعد ذلك بصدور الحكم المشار إليه لصالح الشركة المستأنفة....." وكان مؤدى الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى مسئولية الطاعنة تأسيساً على أنها بفعلها الشخصي - المتمثل في استمرارها في مطالبة مدينها بالحق المحال وحصولها على حكم به لصالحها - قبل إعلان المدين بالحوالة - ورغم تعهدها بترك الخصومة قبله - قد حالت بذلك دون المطعون ضده الأول - والمطالبة بحقه المحال إليه من ورثة مدينها المحال عليه إذ بصدور الحكم لصالح الطاعنة التزم ورثة المدين الأصلي بعدم الوفاء إلا لها فحقت مساءلتها عن حقها الشخصي ولو اشترط عدم الضمان، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأنه رغم عدم التزامها بالضمان كلية فقد قامت بتسليم المطعون ضده الأول الحكم الصادر لصالحها بعد إبرام الحوالة في الدعوى رقم 10 لسنة 1970 والقاضي بإلزام ورثة المدين الأصلي بالدين وتنازلت الطاعنة عنه وسلمت المحال له - المطعون ضده الأول - صورته التنفيذية وكان ذلك منها تأكيداً للحوالة وضماناً للحق موضوع السندات إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع وأقام مساءلتها على عدم تسليمها سندات الدين للمطعون ضده الأول واستمرارها في مباشرة الدعوى السابق إقامتها على المدين الأصلي مع أنه بافتراض عدم تسليم السندات للمطعون ضده فإنه من المقرر أنه لا محل للضمان إلا إذا ترتب على امتناعها عن التسليم استحالة استيفاء المحال له لهذا الحق من المدين الأصلي ولم تبين محكمة الموضوع ما إذا كان ثمة استحالة بهذا المعنى قد توافرت في الدعوى مما يعيب حكمها بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الطاعنة لم تقدم لمحكمة الموضوع ما يدل على تنازلها للمطعون ضده الأول عن الحكم الذي استصدرته ضد ورثة مدينها الأصلي بالدين المحال به كما لم تقدم ما يدل على تسليمها صورة هذا الحكم التنفيذية فجاء دفاعها المتحصل في أن تسليم الحكم والتنازل عنه يقوم مقام تسليم سندات الدين المحال عارياً عن الدليل ولا يعيب الحكم المطعون فيه إطراحه لدفاع يفتقر إلى دليله ومردود في شقه الثاني بأن الحكم المطعون فيه وقد انتهى - كما سبق البيان عند الرد على السبب الأول - إلى القضاء بفسخ الحوالة تأسيساً على أن استصدار الطاعنة - بعد الحوالة - حكماً بإلزام ورثة المدين الأصلي المحال عليه بقيمة الدين المحال يلزم المحكوم عليهم بعدم الوفاء بهذا إلا للطاعنة وكان مؤدى ذلك استحالة رجوع المطعون ضده الأول بعد صدور ذلك الحكم على ورثة المدين بالحق المحال لانعدام - صفته في هذه المطالبة فمن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون بهذا السبب بشقيه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه استلزم ضمان الطاعنة للحق المحال به كاملاً وقت الحوالة وذلك عندما استند إلى وجود فارق حسابي بين قيمة الحوالة وقدرها 23784 ج و480 م وقيمة ما قضي به لصالحها من هذا الدين في الدعوى رقم 10 لسنة 1970 مع أن الطاعنة تمسكت بأن هذا الفارق الحسابي وقدره 1631 ج و054 م كان يمكن للمحكمة بصدده استعمال حقها المخول بالمادة 157/ 2 من القانون المدني فلا تقضي بالفسخ طالما أن ما لم يف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن مناط التمسك بحكم الفقرة الثانية من المادة 157 من القانون المدني التي تجيز للقاضي رفض طلب فسخ العقد أن يثبت المتعاقد أنه أوفى بغالبية التزامه وأن ما لم يوف به قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة لم تقم بتسليم المطعون ضده الأول سندات الدين المحال إليه بل نسبت بفعلها الشخصي واستصدارها حكماً - بعد الحوالة - بإلزام ورثة المدين الأصلي المحال عليه قيمة الدين المحال إن امتنع على المطعون ضده الأول المحال إليه الحصول على الدين المحال ولم تقدم الطاعنة ما يدل على تنازلها عن الحكم للمحال إليه أو تسليمها له صورته التنفيذية فإن تمسكها بالحكم المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 157 المشار إليها لا يصادف محلاً وحسب الحكم المطعون فيه رداً على هذا الدفاع ما سجله على الطاعنة من إخلالها في تنفيذ التزاماتها الناشئة عن عقد الحوالة ومن ثم يكون النعي بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنها ركنت في تظلمها من أمر الحجز التحفظي الذي أوقعه المطعون ضده الأول تحت يد نفسه إلى عدم توافر حالات الحجز التحفظي المنصوص عليها في المادة 316 من قانون المرافعات فلا هو حامل لكمبيالة أو سند تحت الإذن ولا هو دائن لها ويخشى على حقه من فقد الضمان وأنه في وسعه إذا طالبته الطاعنة بباقي المستحق لها من قيمة الحوالة أن يدفع بعدم التنفيذ إعمالاً للمادة 161 من القانون المدني إلا أن يكون الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع وقضى برفض التظلم وبصحة الحجز التحفظي استناداً إلى المادتين 161 من القانون المدني و316/ 2 من قانون المرافعات وأغفل الرد على دفاعها السابق فجاء الحكم معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان للمتعاقد في العقود الملزمة للجانبين الحق في الامتناع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به إعمالاً لنص المادة 161 من القانون المدني، إلا أن هذا الحق لا يحرمه إن كان دائناً للمتعاقد الآخر - من استصدار أمر من القاضي المختص بتوقيع الحجز التحفظي تحت يد نفسه على ما يكون مديناً به لمدينه إعمالاً لنص المادتين 316 و349 من قانون المرافعات وتقدير مدى تحقق وجود هذا الدين وتوافر الخشية من فقد الدائن لضمان حقه أمر متروك لسلطة محكمة الموضوع التقديرية بعيداً عن رقابة محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر الصحيح في القانون فلا عليه أن يتتبع الخصوم في مناحي دفاعهم والرد عليها استقلالاً ما دام أن ما بني عليه الحكم يتضمن الرد الضمني على هذا الدفاع ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن الحكم الابتدائي قد أخطأ بقضائه بشطب "بروتستو" عدم الدفع المعلن إلى المطعون ضده الأول في 15/ 9/ 1973 استناداً إلى المادتين 175 من قانون التجارة و25 من قانون المرافعات وذلك لخلو البروتستو من بيانات السند الإذني في حين أن ما قالت به لا يعدو أن يكون مجرد إعادة لإعلان "البروتستو" في التاريخ المذكور وكان مرفقاً به أصل "البروتستو" المحرر من بنك مصر في 1/ 7/ 1973 ومن ثم فإن ورقتي الإعلان وإعادة الإعلان تكمل كل منهما الأخرى فضلاً عن اشتمالها للبيان الجوهري وهو قيمة السند الإذني إلا أن الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع وساير قضاء محكمة أول درجة في خطئه بشطب البروتستو فجاء مشوباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم الابتدائي أنه أقام قضاؤه بشطب "البروتستو" المعلن للمطعون ضده الأول بتاريخ 15/ 9/ 1973 على قوله:..... أن القواعد المتعلقة بالكمبيالات فيما يختص بعمل البروتستو تتبع في السندات الإذنية متى كانت معتبرة عملاً تجارياً طبقاً لنص المادة 189 تجاري وقد نصت المادة 175 تجاري على أن من بين البيانات التي يجب أن يتضمنها البروتستو صورة الكمبيالة حرفياً ولما كان القانون لم ينص على جزاء ترك بيان من البيانات التي أوجب ذكرها في البروتستو فإنه يتعين الرجوع إلى القواعد العامة التي نص عليها قانون المرافعات في المادة 25 منه إذ أن البروتستو ورقة من أوراق المحضرين فيكون البروتستو باطلاً إذا شابه عيب لم تتحقق بشأن الغاية من الإجراء، ولما كان الغرض الرئيسي من البروتستو هو إثبات امتناع محرر السند الإذني عن الدفع فإنه يبطل إذا لم يتضمن البيانات الجوهرية في السند ومن ثم ولما كان الثابت من صورة البروتستو المعلنة في 15/ 9/ 1973 للمدعي أنها قد خلت من بيانات السند الإذني وكان من المستقر عليه أن أوراق المحضرين تحرر من أصل وعدد من الصور بعدد المعلن إليهم ويتعين أن يتطابق الأصل والصور بمعنى أن يتضمن كل منهم جميع البيانات المطلوبة في الورقة فيكون كل منها في ذاته صحيحاً...... وكانت هذه الأسباب صحيحة في القانون وتكفي لحمل الحكم في هذا الخصوص وكانت الطاعنة لم تقدم لمحكمة الاستئناف ما يدل على صحة ما تمسك به أمامها من أن أصل "بروتستو" عدم الدفع كان مرفقاً بورقة إعادة إعلانه الحاصل في 15/ 9/ 1973 وأن ورقتي الإعلان وإعادة الإعلان تكمل كل منهما الأخرى فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي الذي صادف صحيح القانون والتفت عن دفاع الطاعنة الذي جاء عارياً عن الدليل.
حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.