أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 1089

جلسة 4 من ديسمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ أحمد الحديدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الشناوي، مصطفى عزب، منير الصاوي وعبد المنعم عُلما نواب رئيس المحكمة.

(209)
الطعن رقم 1029 لسنة 64 القضائية

(1) استئناف "انعقاد الخصومة في الاستئناف". إعلان "بطلان الإعلان". دعوى "انعقاد الخصومة". حكم.
بدء الخصومة. تحققه بإيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب. انعقاد الخصومة. تحققه بإعلانها. إعلان المدعى عليه قانوناً بصحيفة الدعوى. أثره. علمه اليقيني بها سواء حضر الجلسة أو لم يحضر. حضوره دون إعلان أو بإعلان باطل الجلسة المحددة لنظر الدعوى وإبدائه دفاعاً في الموضوع. مؤداه. اعتباراً علماً يقينياً بموضوع الدعوى دون حاجة لإعلانه.
(2 - 4) قرار "القرارات الولائية والغير الولائية". حكم. رسوم "رسوم قضائية".
(2) تمييز القرارات الولائية أو غير الولائية عن الأحكام. مرجعه. حكم القانون.
(3) القرارات الولائية. عدم حيازتها حجية ولا يستنفد القاضي سلطته بإصدارها. اختلافها عن الأعمال القضائية التي تتولاها المحاكم.
(4) تقدير الرسوم القضائية. صدوره بأمر رئيس المحكمة أو القاضي في نطاق سلطته الولائية. عدم اعتباره حكماً قضائياً. خلو أمر التقدير من اسم مُصدره. لا بطلان.
1 - مؤدى نص المادة (63) من قانون المرافعات على أن: "ترفع الدعوى إلى المحكمة بناءً على طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك....."، وبالمادة (68/ 3) من ذات القانون المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أن: "ولا تعتبر الخصومة منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ما لم يحضر بالجلسة" يدل على أنه يلزم لإجراء المطالبة القضائية لدى المحاكم إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وهو ما يترتب عليه كأثر إجرائي بدء الخصومة فيها، أما إعلان الخصم بها فهو إجراء منفصل عن رفع الدعوى وتالياً له قصد به المشرع إعلامه بها وبطلبات المدعي فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته، فإن هو أعلن قانوناً بصحيفة الدعوى كان ذلك دليلاً كافياً على علمه بها ومن ثم تمام المواجهة بين الخصوم فيها سواء مثل المدعى عليه في الجلسات المحددة لنظرها بنفسه أو بمن ينوب عنه أو لم يمثل أصلاً. وإذا حضر - دون إعلان أو بإعلان باطل - الجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها وأبدى دفاعاً في الموضوع بما يبين معه علمه اليقيني بموضوع الدعوى وبطلبات المدعي فيها وبمركزه القانوني كان ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كافياً للمضي في نظر الدعوى دون حاجة لتكليف المدعي أو قلم المحضرين بإعلانه.
2 - المرجع في تمييز القرارات الولائية أو غير الولائية عن الأحكام القضائية هو حكم القانون.
3 - الأوامر التي يصدرها القاضي بما له من سلطة ولائية في غيبة الخصوم ودون تسبيب لا تحوز حجية ولا يستنفد القاضي سلطته بإصدارها، ومن ثم فهي تختلف عن الأعمال القضائية التي تتولاها المحاكم بالتشكيل المحدد لها قانوناً بحسبانها هيئة محكمة وما يصدر عنها لدى مباشرتها العمل القضائي هو حكم له خصائص معينة وأوجب القانون أن يتضمن بيانات محددة لم يستلزم توافرها في الأمر الصادر من القاضي عند قيامه بالعمل الولائي.
4 - مؤدى نص المادة (16) من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية في المواد المدنية المعدل على أن: "تُقدر الرسوم بأمر يصدر من رئيس المحكمة أو القاضي حسب الأحوال بناءً على طلب قلم الكتاب ويعلن هذا الأمر للمطلوب منه هذا الرسم" يدل على أن تقدير الرسوم القضائية يتم بأمر يصدر من رئيس المحكمة أو القاضي في نطاق سلطته الولائية التي يباشرها فلا يعد من ثم حكماً قضائياً، وكان الثابت بالأوراق أن أمر تقدير الرسوم القضائية موضوع النزاع قد صدر على النموذج المعد لذلك من السيد رئيس المحكمة بناءً على طلب قلم كتاب المحكمة المختصة، وإذ لم يستلزم المشرع في قانون الرسوم القضائية متقدم الإشارة ذكر اسم رئيس المحكمة أو القاضي مُصدر الأمر، فإن خلو أمر التقدير من اسم مُصدره لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك الطاعن أقام الدعوى رقم 1093 لسنة 1989 تجاري كلي جنوب القاهرة ضد المطعون ضده بصفته بطلب قبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع أصلياً: الحكم ببطلان أمر تقدير الرسوم القضائية الصادر في الدعوى رقم 938 لسنة 1984 تجاري كلي جنوب القاهرة واحتياطياً إلغاء هذا الأمر واعتباره كأن لم يكن، استناداً إلى أن أمر التقدير المار ذكره، صدر خالياً من اسم السيد رئيس المحكمة الذي أصدره ومن تاريخ إصداره ومن سائر البيانات المقررة، وإذ كان هذا الأمر بمثابة حكم بالدين، فإن عدم تضمينه البيانات المشار إليها يؤدي إلى بطلانه، فضلاً عن أن الحكم في الدعوى التي صدر بشأنها أمر تقدير الرسوم المذكور قضى بإلزام المدعى عليه فيها بالمصروفات دون البنك الطاعن. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 24/ 11/ 1992 ببطلان أمر تقدير الرسوم. استأنف المطعون ضده بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 3441 لسنة 109 ق لدى محكمة استئناف القاهرة. وبجلسة 7/ 12/ 1993 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض المعارضة. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وذلك من شقين وفي بيان أولهما يقول إنه دفع ببطلان صحيفة الاستئناف لأن صورتها المعلنة خلت من بيان تاريخ الجلسة وهو من البيانات الإلزامية التي يجب إثباتها في أصل وصورة الصحيفة، ولا يؤثر في دفعه أن يكون تقدم بمذكرة خلال فترة حجز الدعوى للحكم، لأن مبنى الحضور المصحح للبطلان أن يتم في الجلسة المحددة دون جلسة تالية. وإذ التفت الحكم عن بحث ما تقدم وعول على مجرد إعلان البنك الطاعن بأصل صحيفة الاستئناف لجلسة أخرى غير التي كانت محددة أصلاً، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص بالمادة (63) من قانون المرافعات على أن: "ترفع الدعوى إلى المحكمة بناءً على طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك..." وبالمادة (68/ 3) من ذات القانون المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أن: "ولا تعتبر الخصومة منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ما لم يحضر بالجلسة". يدل على أنه يلزم لإجراء المطالبة القضائية لدى المحاكم إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وهو ما يترتب عليه كأثر إجرائي بدء الخصومة فيها، أما إعلان الخصم بها فهو إجراء منفصل عن رفع الدعوى وتالياً له قصد به المشرع إعلانه بها وبطلبات المدعي فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته، فإن هو أعلن قانوناً بصحيفة الدعوى كان ذلك دليلاً كافياً على علمه بها ومن ثم تمام المواجهة بين الخصوم فيها سواء مثل المدعى عليه في الجلسات المحددة لنظرها بنفسه أو بمن ينوب عنه أو لم يمثل أصلاً، وإذا حضر - دون إعلان أو بإعلان باطل - الجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها وأبدى دفاعاً في الموضوع بما يبين معه علمه اليقيني بموضوع الدعوى وبطلبات المدعي فيها وبمركزه القانوني كان ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كافياً للمضي في نظر الدعوى دون حاجة لتكليف المدعي أو قلم المحضرين بإعلانه. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الحاضر عن البنك الطاعن مثل أمام محكمة الاستئناف بجلسة 8/ 4/ 1993 وقدم مذكرة بدفاعه دفع فيها ببطلان صحيفة الاستئناف لخلوها من بيان تاريخ الجلسة، ثمن عاود المثول أمام المحكمة بجلستي 3/ 7/ 1993، 10/ 11/ 1993 وقدم مذكرة أخرى بدفاعه، الأمر الذي يتجلى منه علم البنك الطاعن اليقيني بموضوع الاستئناف ومركزه القانوني فيه، وهو ما يغني عن إعلانه بصحيفته ويصح ما قد يكون قد شاب هذه الصحيفة من بطلان وتنعقد به الخصومة صحيحة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه يعدو على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه أنه لم يُجر القواعد المنظمة لبيانات الأحكام على أمري تقدير الرسوم القضائية محلا المنازعة، رغم أنهما من أعمال القضاء الصادرة من القاضي بمقتضى سلطته القضائية وتضمنا حكماً بالإلزام، مما يستلزم بيان اسم القاضي الذي أصدرهما باعتباره من البيانات الجوهرية ولا يحول دون ذلك مجرد توقيعه عليهما.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المراجع في تمييز القرارات الولائية أو غير الولائية عن الأحكام القضائية هو حكم القانون، وأن الأوامر التي يصدرها القاضي بما له من سلطة ولائية في غيبة الخصوم ودون تسبيب لا تحوز ولا يستنفد القاضي سلطته بإصدارها، ومن ثم فهي تختلف عن الأعمال القضائية التي تتولاها المحاكم بالتشكيل المحدد لها قانوناً بحسبانها هيئة محكمة وما يصدر عنها لدى مباشرتها العمل القضائي هو حكم له خصائص معينة وأوجب القانون أن يتضمن بيانات محددة لم يستلزم توافرها في الأمر الصادر من القاضي عند قيامه بالعمل الولائي. لما كان ذلك، وكان النص بالمادة (16) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية في المواد المدنية المعدل على أن: "تقدر الرسوم بأمر يصدر من رئيس المحكمة أو القاضي حسب الأحوال بناءً على طلب قلم الكتاب ويعلن هذا الأمر للمطلوب منه هذا الرسم" يدل على أن تقدير الرسوم القضائية يتم بأمر يصدر من رئيس المحكمة أو القاضي في نطاق سلطته الولائية التي يباشرها فلا يعد من ثم حكماً قضائياً، وكان الثابت بالأوراق أن أمر تقدير الرسوم القضائية موضوع النزاع قد صدر على النموذج المعد لذلك من السيد رئيس المحكمة بناءً على طلب قلم كتاب المحكمة المختصة، وإذ لم يستلزم المشرع في قانون الرسوم القضائية متقدم الإشارة ذكر اسم رئيس المحكمة أو القاضي مصدر الأمر، فإن خلو أمر التقدير من اسم مُصدره لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.