أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 51 - صـ 1143

جلسة 25 من ديسمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد الحديدي، محمد الشناوي، مصطفى عزب ومنير الصاوي نواب رئيس المحكمة.

(222)
الطعن رقم 8222 لسنة 63 القضائية

(1) عادات تجارية. محكمة الموضوع. نقض "أسباب الطعن: أسباب واقعية". عرف.
العادات التجارية والعرف. من مسائل الواقع التي يترك التثبيت من قيامهما وتفسيرهما لقاضي الموضوع. خضوعهما لرقابة محكمة النقض. مناطه. أن يحيد القاضي عن تطبيق عرف ثبت لديه وجوده. شرطه. التمسك به أمام محكمة الموضوع. علة ذلك.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في فهم الواقع وتقدير الأدلة ومنها المستندات المقدمة فيها وترجيح ما تطمئن إليه. شرطه.
(3) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
أسباب الطعن. النعي المتضمن دفاعاً جديداً يقوم على واقع لم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) نقل "نقل بحري". مسئولية. عرف.
إعفاء الحكم المطعون فيه الشركة المطعون ضدها من مسئولية التعويض عن عجز البضاعة في حدود 1% تأسيساً على أنها من الزيوت والشحوم التي تشحن صباً وتتعرض للنقص بسبب التصاق جزء منها بأنابيب الشحن والتنكات أثناء الشحن والتفريغ وأن العرف المدعم بالمستندات قد جرى بذلك. صحيح.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العادات التجارية تعتبر من مسائل الواقع التي يستقل قاضي الموضوع بأمر التثبيت من قيامها وتفسيرها، كما أن تحري العرف في ذاته والتثبيت من قيامه من أمور الموضوع أيضاً التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض إلا حيث يحيد قاضي الموضوع عن تطبيق عرف ثبت لديه وجوده وهذا يقتضي التمسك به أمام محكمة الموضوع حتى يمكنها التيقن من أمر قيامه.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها المستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وتراه متفقاً مع واقع الحال في الدعوى ما دامت قد أقامت قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله لها معينها من الأوراق.
3 - ما أبدته الشركة الطاعنة من أن المعاينة أثبتت نظافة صهاريج السفينة من الزيوت مما يرجح حدوث العجز بعد تمام الشحن وبعد عملية التفريغ بميناء الوصول، وليس بسبب الالتصاق، وذلك بإقرار الربان بتوقيعه على محضر المعاينة، وهو دفاع جديد يخالطه واقع، خلت الأوراق مما يثبت سبق تمسكها به أمام درجتي التقاضي، ومن ثم يكون ما تضمنه وجه النعي سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أعفى الشركة المطعون ضدها من المسئولية عن التعويض عن العجز الذي لحق بالبضاعة المشحونة أثناء الرحلة البحرية تأسيساً على أنها من الزيوت والشحوم التي تشحن صباً. وأن من شأنها أن تتعرض للنقص في وزنها بسبب التصاق جزء منها بأنابيب الشحن والتنكات خلال الرحلة البحرية، وعلى أن العرف قد جرى من قديم - كما تدل على ذلك الشهادة المقدمة من الشركة المطعون ضدها الصادرة من غرفة الإسكندرية للملاحة البحرية - على قبول العجز لهذا السبب في حدود نسبة مقدارها 1% من أوزان تلك السوائل، وأن المحكمة تطمئن إلى الأخذ بهذه الشهادة فإن الحكم - في حدود سلطته الموضوعية - إذا طبق العرف التجاري البحري وأعفى الشركة المطعون ضدها من المسئولية عن العجز في البضاعة المشحونة، واعتد بما قدم من مستندات مؤيدة لما انتهى إليه، لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 473 لسنة 1990 تجاري كلي الإسكندرية بطلب إلزام الشركة المطعون ضدها بالتعويض عن العجز الواقع في رسالة شحم حيواني كانت قد استوردتها وقامت المطعون ضدها بنقلها، ولما كانت سندات شحن الرسالة وردت خالية من التحفظات، فإن ما لحق بها من عجز يكون قد وقع أثناء النقل البحري بواسطة السفينة التابعة للشركة المطعون ضدها. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت في 31/ 12/ 1991 بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعنة مبلغ 48373.982 جنيه والفوائد القانونية. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 197 لسنة 48 ق بحري لدى محكمة استئناف الإسكندرية، كما استأنفته الطاعن بالاستئناف رقم 313 لسنة 48 ق بحري أمام ذات المحكمة، وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الاستئناف الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد حكمت بجلسة 11/ 8/ 1993 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الشركة الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، إذ أقام قضاءه على أن نسبة العجز في الرسالة موضوع التداعي تقل عن 1% من مقدار البضاعة وهو ما يسمح به العرف البحري باعتباره مناسباً لما يصيب مثل هذه البضاعة أثناء الرحلة البحرية، دون أن يفصح الحكم عن المصدر الذي استقى منه هذا العرف واكتفى تدليلاً على قيامه بصورة ضوئية لشهادة قديمة صادرة من غرفة الملاحة البحرية، ولذا فإن الشركة الطاعنة تجحده، ولا ترى موجباً للتعويل عليه بعد ما ثبت نظافة صهاريج السفينة من الزيوت مما مؤداه أن العجز القائم قد فقد أثناء الرحلة وليس بسبب الالتصاق بالصهاريج وهو ما يندرج في مسئولية الناقل وبذلك يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن العادات التجارية تعتبر من مسائل الواقع التي يستقل قاضي الموضوع بأمر التثبيت من قيامها وتفسيرها، كما أن تحري العرف في ذاته والتثبت من قيامه من أمور الموضوع أيضاً التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض إلا حيث يجيد قاضي الموضوع عن تطبيق عرف ثبت لديه وجوده وهذا يقتضي التمسك به أمام محكمة الموضوع حتى يمكنها التيقن من أمر قيامه، ومن - المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها المستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وتراه متفقاً مع واقع الحال في الدعوى ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله لها معينها من الأوراق، وأنه إذا كان سبب النعي قد تضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت إبداؤه أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أعفى الشركة المطعون ضدها من المسئولية عن التعويض عن العجز الذي لحق بالبضاعة المشحونة أثناء الرحلة البحرية تأسيساً على أنها من الزيوت والشحوم التي تشحن صباً، وأن من شأنها أن تتعرض للنقص في وزنها بسبب التصاق جزء منها بأنابيب الشحن والتنكات خلال الرحلة البحرية، وعلى أن العرف قد جرى من قديم - كما تدل على ذلك الشهادة المقدمة من الشركة المطعون ضدها الصادرة من غرفة الإسكندرية للملاحة البحرية - على قبول العجز لهذا السبب في حدود نسبة مقدارها (1%) من أوزان تلك السوائل، وأن المحكمة تطمئن إلى الأخذ بهذه الشهادة فإن الحكم - في حدود سلطته الموضوعية - إذ طبق العرف التجاري البحري وأعفى الشركة المطعون ضدها من المسئولية عن العجز في البضاعة المشحونة، واعتد بما قدم من مستندات مؤيدة لما انتهى إليه، لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. لما كان ذلك، وكان ما أبدته الشركة الطاعنة من أن المعاينة أثبتت نظافة صهاريج السفينة من الزيوت مما يرجح حدوث العجز بعد تمام عملية الشحن وبعد عملية التفريغ بميناء الوصول، وليس بسبب الالتصاق، وذلك بإقرار الربان بتوقيعه على محضر المعاينة، هو دفاع جديد يخالطه واقع، خلت الأوراق مما يثبت سبق تمسكها به أمام درجتي التقاضي، ومن ثم يكون ما تضمنه وجه النعي سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. وبذلك يضحى النعي على الحكم بسببي الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.