مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 87

(10)
جلسة 12 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 889 لسنة 7 القضائية

( أ ) تعليم حر. لجنة شئون التعليم الحر. اختصاص. القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة - اختصاص لجنة شئون التعليم الحر بالتنحية عن النظارة - مقصور على المدارس الحرة المجانية - أساس ذلك.
(ب) تعليم حر. تأديب. القانون رقم 583 لسنة 1955 - اختصاص مدير التربية والتعليم بالإشراف على المدارس الحرة لا يخوله تنحية نظار تلك المدارس أو مديريها بقرار منه.
(جـ) قرار إداري. "سببه". شرط حسن السمعة وطيب السيرة - تقدير توافر هذا الشرط - من الأمور التي تترخص فيها الإدارة - وجوب أن تكون النتيجة التي تصل إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من وقائع صحيحة منتجة في الدلالة على هذا المعنى.
1 - أن القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة الذي صدر في ظله القراران المطعون فيهما قد نص في المادة 29 منه على اختصاصات لجنة شئون التعليم الحر - ومن بين هذه الاختصاصات (تنحية نظار المدارس في الحالات المنصوص عليها في المادة 47). وقد وردت المادة 47 المشار إليها في الباب الثاني من القانون - وهو باب خاص بالمدارس الحرة المجانية - ونصت في الفقرة الثانية منها على أنه (يجوز بقرار يصدر من لجنة شئون التعليم الحر بناء على اقتراح مدير التربية والتعليم بالمنطقة تنحية صاحب المدرسة من النظارة إذا رأت من الأسباب ما يبرر ذلك) ووفقاً لأحكام هذين النصين يقتصر اختصاص اللجنة بالتنحية عن النظارة على المدارس الحرة المجانية - دون المدارس التي تتقاضى مصروفات التي خصص لها القانون الباب الثالث منه ولم يرد فيه حكم مماثل لنص الفقرة الثانية من المادة 47.
2 - أنه ولئن كان القانون رقم 583 لسنة 1950 المشار إليه قد خول مدير التربية والتعليم بالمنطقة من الاختصاصات ما يكفل له الإشراف التام على المدارس الحرة الداخلة في حدود اختصاصه وأحكام الرقابة عليها وعلى العاملين فيها إلا أنه قد خلا من أي نص يخوله تنحية نظار تلك المدارس أو مديريها عن عملهم بقرار منه وأجاز أن توقع هذه التنحية كجزاء تأديبي يصدر به قرار من مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة 34 منه.
3 - أنه ولئن كان الأصل أن تقدير توافر شرط حسن السيرة والسمعة أو عدم توافره فيمن يعهد إليهم بالقيام على شئون التربية والتعليم من الأمور التي تترخص للإدارة فيها إلا أنه يتعين أن تكون النتيجة التي تصل إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من وقائع صحيحة منتجة في الدلالة على هذا المعنى. وإلا كان قرارها فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 20 من مايو سنة 1957 أقام السيد/ منير رزق الدعوى رقم 891 لسنة 11 القضائية ضد السيد وزير التربية والتعليم طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر في 14 من مايو سنة 1957 فيما تضمنه من تنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة وبإلغاء القرار المذكور وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه أنه أنشأ في سنة 1944 مدرسة الملائكة بشبرا. ومنذ ذلك التاريخ يقوم بتأدية رسالتها العلمية تحت إدارته على خير وجه إلى أن قام خلاف شخصي بينه وبين مدير عام المنطقة الشمالية سابقاً فبدأ بحرمان إحدى مدارسه من الإعانة بغير مبرر فأقام الدعوى رقم 303 لسنة 3 القضائية التي قضت فيها محكمة القضاء الإداري باستحقاقه للإعانة التي حرم منها. ثم عاد المدير المذكور إلى الكيد له فقرر إقصاء ناظرة إحدى مدارسه رغم صلاحيتها ورغم أنها شريكته في ملكية المدرسة فلم يسعهما إلا الالتجاء إلى القضاء الذي حكم بإلغاء القرار في الدعوى رقم 793 لسنة 7 القضائية. وانتهز المدير فرصة وجود لجنة فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي في أوائل سنة 1953 ودس عليه تقارير سرية زعم فيها أن هناك تحقيقاً يجرى معه. ولما كان هذا الناظر ليس موظفاً ولا اختصاص للجنة في شأنه فضلاً عن أنه ليس هناك ما يشينه فقد قررت اللجنة حفظ الموضوع وقيل أنها أوصت بإبعاده عن إدارة جميع المدارس الحرة. وذكر المدعي أنه عندما نما ذلك إلى علمه أقام الدعوى رقم 863 لسنة 7 القضائية طالباً وقف تنفيذ وإلغاء ذلك القرار ولكن الوزارة أنكرت صدور قرار ضده من لجنة التطهير ومن ثم حكمت المحكمة بانتهاء الخصومة. وفي نوفمبر سنة 1955 أوقفت الوزارة إعانة ثلاثة مدارس يملكها بحجة وجود حضانات بمصروفات ملحقة بمدارس ابتدائية أو إعدادية مجانية. وبالرغم من أن هذه الحالة ليس فيها مخالفة للقانون. ورغم أنه تعهد بإلغاء الحضانات ونقلها إلى أماكن أخرى إلا أن لجنة شئون التعليم الحر قررت في 4 من سبتمبر سنة 1956 الاستيلاء على تلك المدارس فأقام دعوى طالباً إلغاء هذا القرار لا زالت منظورة. ثم أوقفت الوزارة صرف إعانة الإيجار والتعويض عن المدرسة الرابعة الباقية له وهي مدرسة الملائكة اعتباراً من نوفمبر سنة 1956 دون أي سبب - ومضى المدعي يقول أنه في 12 من نوفمبر سنة 1956 تلقى كتاباً من المنطقة الشمالية يتضمن تكليفه بالتنازل فوراً عن ملكية مدرسة الملائكة الابتدائية بناء على قرار لجنة التطهير في سنة 1953 بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة. فرد على هذا الكتاب متمسكاً بما يسبق أن قررته الوزارة أمام المحكمة من عدم صدور قرار أصلاً من لجنة التطهير ضده ومبيناً أنه بفرض صدور هذا القرار فإنه لا يبيح إقصاءه عن مدرسته وفي 14 من مايو سنة 1957 استصدرت الوزارة قراراً من لجنة شئون التعليم الحر أبلغ إليه في 16 مايو سنة 1957 بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة تنفيذاً لتوصية لجنة التطهير في 6 من فبراير سنة 1953 - وذكر المدعي أن هذا القرار مخالف للقانون ومشوب بسوء استعمال السلطة وأنه يطلب إلغاءه للأسباب الآتية:
1 - أن توصية لجنة التطهير التي بني عليها القرار توصية باطلة لأنه ليس موظفاً من موظفي الدولة ولا زال يتقاضى مرتبه من بند الإعانات.
2 - وفي إنكار الوزارة لصدور قرار اللجنة عندما أقام الدعوى رقم 863 لسنة 7 القضائية تسليم ببطلانه.
3 - وأنه بغرض صدور القرار واختصاص اللجنة بإصداره فإن الأجل المحدد بالقانون رقم 181 لسنة 1952 الخاص بالفصل بغير الطريق التأديبي قد انقضى منذ أكثر من أربع سنوات. وما كان يسوغ أعماله بعد تلك المدة الطويلة.
4 - وأن قرار اللجنة بني على أساس تقرير من مدير المنطقة الشمالية سابقاً تضمن وجود تحقيقات خطيرة ضد المدعي. ولم تفحص اللجنة تلك التحقيقات. وقد أسفرت عن براءته من ارتكاب أية مخالفة.
5 - أن ما اشترطه قانون التعليم الحر رقم 583 لسنة 1955 هو ألا يكون قد صدر ضد الناظر حكم تأديبي. ولا يعتبر قرار لجنة التطهير حكماً تأديبياً.
6 - أن المنطقة الشمالية سبق أن استشارت السيد مستشار الرأي وإدارة الشئون القانونية في سنة 1953 في كيفية تنفيذ توصية لجنة التطهير فكان ردهما ألا يصح تنفيذها إلا بناء على قرار من مجلس التأديب.
7 - أنه يدل على بطلان توصية لجنة التطهير سكوت الوزارة حتى سنة 1957 واعتمادها المدعي ناظراً واستمرارها في صرف مرتبه من بند الإعانات طوال تلك السنوات.
8 - كما يدل على بطلان القرار المطعون فيه ما تضمنته تقارير المفتشين والسيد المدير المساعد للمنطقة عن أعمال المدعي كناظر للمدرسة قبل وبعد صدور قرار لجنة التطهير.
وأجابت الوزارة على الدعوى فيما تقدمت به من مذكرات. وقد تضمنت إحداها الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها لأن المدعي ليس من موظفي الفئة العالية كما أنه ليس موظفاً عن الداخلين في الهيئة بل من الموظفين المدرجين على بند الإعانات تطبيقاً لنص المادة الرابعة من القانون رقم 583 لسنة 1955 - وقالت الوزارة أنه لما كان المدعي صاحب وناظر مدرسة الملائكة بشبرا - وثبت من التحقيقات ارتكابه لمخالفات جسيمة. فقد قدم إلى لجنة التطهير المكونة طبقاً للقانون رقم 181 لسنة 1952 التي أوصت بأن تبعده الوزارة عن إدارة أية مدرسة حرة تابعة لها. ولذلك اقترح مدير التربية والتعليم على لجنة شئون التعليم الحر تنحيته عن النظارة وذلك أعمالاً لسلطة هذه اللجنة وفقاً لأحكام المادتين 19، 47 من قانون التعليم الحر. وقد اجتمعت اللجنة في 23 من ديسمبر سنة 1956 ورأت تأجيل البت في الموضوع لتقدم منطقة القاهرة الشمالية بياناً عما إذا كان المدعي قد ارتكب مخالفات جديدة بعد صدور توصية لجنة التطهير فقامت المنطقة بتشكيل لجنة لفحص أعمال المدعي في المدارس التي كان يملكها وفي مدرسة الملائكة التي كان لا يزال يملكها ويعمل ناظراً لها وأظهر الفحص أنه ارتكب ثلاثاً وعشرين مخالفة تكفي كل واحدة منها لعزله عن النظارة وحرمانه من إدارة أية مدرسة. فرأت لجنة التعليم الحر بجلسة 14 من مايو سنة 1957 نتيجة لهذه الأخطاء والمخالفات الموافقة على ما رآه مدير المنطقة الشمالية من تنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة بشبرا - أما ما رأته اللجنة من مراعاة توصية لجنة التطهير بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة فليس إلا توصية جديدة منها. وليس تنفيذاً لقرار لجنة التطهير ذلك لأن المادة السابعة من القانون رقم 583 لسنة 1955 بإحالتها في فقرتها الأولى على الفقرة الثانية من المادة الرابعة تشترك فيمن يدير مدرسة حرة أن يكون محمود السيرة حسن السمعة. كما تنص المادة الخامسة على أنه إذا فقد صاحب المدرسة أو من يديرها أحد الشروط المبينة في المادة الرابعة وجب أن تنتقل ملكيتها إلى آخر. ولما لم يكن القانون قد حدد الجهة التي تقضي بتوافر أو عدم توافر شرط حسن السمعة. فإن لجنة التعليم الحر نتيجة دراسة ما توافر أمامها من تحقيقات ومخالفات ارتكبها المدعي - رأت أنه فاقد لشرط حسن السمعة مما يوجب منعه من إدارة أية مدرسة في المستقبل. فهذا الشطر من القرار ليس إلا تقريراً بأن المدعي فاقد لشرط حسن السمعة مما يوجب التوصية بمنعه من إدارة مدرسة. وقد أعاد الوضع القائم عند صدور قرار لجنة التطهير في سنة 1953. ولم يضف إليه جديداً يمكن أن يوجه إليه الطعن وهو كتوصية ليس له صفة نهائية ولا تنفيذية أما قرار اللجنة ذو الصفة التنفيذية فهو القرار الصادر بتنحية المدعي عن إدارة مدرسة الملائكة أما ما أثاره المدعي في صحيفة دعواه وفي مذكرته من غبار حول تصرفات المختصين من موظفي الوزارة فلا يقوم على أساس ولم يقم عليه دليل.
وعقب المدعي على دفاع الوزارة مردداً ما تضمنته صحيفة دعواه وأضاف أنه ليس للجنة شئون التعليم الحر قانوناً حرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة إذ الحرمان من اختصاص مجلس التأديب وحده. وذكر أن الشروط الخاصة بصاحب المدرسة وناظرها المنصوص عليها في المادتين 4، 7 من القانون 583 لسنة 1955 متوافرة فيه. وإن لجنة شئون التعليم الحر لا يمكنها أن تنحى نظار المدارس الخاصة. وأنه قد ثبت أن الأسباب التي استندت إليها في شأنه وهمية مختلقة كما هو ثابت في التحقيقات.
وبجلسة 22 من أكتوبر سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري في طلب وقف التنفيذ برفضه. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا طالباً الحكم بإلغائه وبوقف تنفيذ القرار الإداري الصادر في 14 من مايو سنة 1957 بالنسبة إلى شقه الخاص بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة - وبجلسة 5 من إبريل سنة 1958 قضت المحكمة الإدارية العليا بقبول هذا الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وبجلسة 27 من ديسمبر سنة 1960 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعد اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها، وفي الموضوع برفضها وألزمت المدعي بالمصروفات. وقامت قضاءها برفض الدفع على أن المدعي إذا كان يحصل على إعانة من الوزارة من بند الإعلانات فإنما يحصل على ما يستحقه بوصفه صاحب المدرسة وناظرها. وذلك لا يجعله موظفاً تابعاً للوزارة بل يظل من الأفراد ويحق له على هذا الأساس المطالبة بإلغاء القرارات الإدارية التي تصدر في شأنه أمام محكمة القضاء الإداري - وأقامت قضاءها برفض الدعوى على أن حاصل نصوص القانون رقم 583 لسنة 1955 وعلى هدى ما حرص المشرع على إيضاحه صراحة في مذكرته الإيضاحية أن المشرع قصد أن تقوم العلاقة بين الوزارة وبين أصحاب المدارس الحرة والقائمين عليها على أساس من الثقة والاطمئنان بوصفهم قائمين على تربية النشئ لذلك حرص المشرع على اشتراط أن يكون صاحب المدرسة الحرة ومديرها ومدرسوها وموظفوها محمودي السيرة حسني السمعة وتترخص الوزارة وجهاتها الإدارية في تقدير شرط حسن السمعة حسبما يقوم لديها من مبررات بلا معقب عليها طالما كان قرارها في ذلك قائماً على أسباب جدية لها أصول ثابتة في الأوراق من غير عسف ولا انحراف. وقد ارتكب المدعي عدة مخالفات مالية وإدارية في المدارس التي كان يملكها ويتولى إدارتها مما أدى بلجنة التطهير التي عرض عليها أمره في سنة 1953 إلى أن توصي بتنحيته عن إدارة أية مدرسة حرة تابعة للوزارة وقد استمر رغم ذلك في ارتكاب مخالفات في إدارته لمدارسه المختلفة بعد ذلك على الوجه المبين بأسباب الحكم. وقد اتخذت المنطقة التعليمية ضده إجراءات مختلفة تبعاً لجسامتها وخطورتها وصلت في بعضها إلى حد الاستيلاء على بعض مدارسه أو إغلاقها إدارياً حتى لم يبق منها إلا مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين. موضوع الدعوى كما اكتفت المنطقة في بعض المخالفات بإنذاره أو بتكليفه برد المبالغ التي استولى عليها بغير حق. ورأت في بعضها إرسال التحقيقات الخاصة بها إلى النيابة الإدارية لإجراء شئونها فيها. ولما كان بعض هذه المخالفات يتعلق بالمدرسة الوحيدة التي بقيت له فقد طلبت المنطقة من لجنة شئون التعليم الحر في 12 من نوفمبر سنة 1956 تنحيته عن نظارة هذه المدرسة وفي الوقت ذاته كتبت إليه طالبة منه التنازل عن ملكيتها إلى من يراه متوافرة فيه الشروط على اعتبار أنه قد فقد شرط حسن السمعة لما قام لديها من أسباب نتيجة لتلك المخالفات والتحقيقات فأعملت في شأنه حكم المادة الخامسة من القانون أما سقوط هذا الشرط عنه كناظر المدرسة فقد أحالت الأمر فيه إلى لجنة شئون التعليم الحر التي قررت - بعد أن وقفت على ما جد حصوله منه حتى سنة 1957 تنحيته عن نظارة هذه المدرسة على أساس ما ثبت لديها من التحقيقات والجزاءات التي صدرت ضده والتي اعتبرت معها أنه فقد شرط حسن السمعة كناظر مدرسة حرة وهو الشرط الذي استوجبته المادة السابعة من القانون - أما طعن المدعي على القرار بأنه صدر على أساس قرار لجنة التطهير الصادر في 6 من يناير سنة 1953 ففي غير محله. إذ الثابت أن لجنة شئون التعليم الحر قد رفضت أن تتخذ قراراً فيما طلبته المنطقة على أساس تقرير لجنة التطهير أما نعي المدعي على القرار بأنه إذ قضى بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة يكون قد أوقع جزاء أشد من الجزاءات التي تضمنتها المادة 32 من القانون 583 لسنة 1955 ومما لا يجوز توقيعها إلا بقرار من مجلس التأديب وبأن لجنة شئون التعليم الحر لا تملك إلا تنحية نظار المدارس في الحالات المنصوص عليها في المادة 47 من القانون التي وردت في الباب الخاص بالمدارس الحرة المجانية - وكذلك نعيه على القرار بأنه بني على غير أصول تنتجه فقد عقبت عليه المحكمة بقولها أن فقدان شرط حسن السمعة يترتب عليه سقوط أهلية صاحب المنصب في المنصب المسند إليه ما دام هذا الشرط قد شرط توفره ابتداء ذلك أنه شرط للصلاحية مطلوب بقوة القانون دون حاجة إلى محاكمة تأديبية. ولا إلى جزاء تأديبي لأن المجال هنا وهو يقوم على الثقة والاطمئنان لا علاقة له بالمحاكمات التأديبية فيكفي لتقرير جهة الإدارة ذلك أن يقوم لديها من الأسباب الجدية ما يكفي لاقتناعها بفقدان شرط حسن السمعة. وأن تكون هذه الأسباب مستمدة من أصول ثابتة في الأوراق تنتجها والثابت أن المدعي ارتكب 23 مخالفة إدارية ومالية في المدرسة موضوع القرار المطعون فيه وفي مدارسه الأخرى التي استولت الوزارة على بعضها وأغلقت البعض الآخر إدارياً وأنها حققت كل هذه المخالفات وثبت لديها صحتها واكتفت في بعضها بإنذاره أو رد ما استولى عليه بغير حق ورأت أحالة بعضها إلى النيابة الإدارية. ولا يجد ما يلزمها قانوناً بانتظار النتيجة التي انتهت إليها النيابة الإدارية لتصدر قراراً لفقدان المدعي شرط حسن السمعة فضلاً عن أنه تبين من الاطلاع على التحقيقات التي قال المدعي أنها كانت تحت تصرف النيابة الإدارية ثبوت مسئوليته فالمخالفات المنسوبة إليه قائمة فعلاً وثابتة لدى الجهة الإدارية بالقدر الكافي لجعل القرار قائماً على أسباب جدية مستخلصة من أصول ثابتة في الأوراق ولا اعتداد بما يثيره من أن لجنة شئون التعليم الحر لا تختص بتنحية أصحاب المدارس الحرة ذات المصروفات وأن اختصاصها في هذا الشأن محدد بالحالات المنصوص عليها في المادة 47 وهي واردة في الباب الثاني من القانون والخاص بالمدارس الحرة المجانية. أما المدارس الحرة ذات المصروفات فقد خصها القانون بالباب الثالث منه ولم يرد فيه حكم مماثل. لا اعتداد بذلك لأن الآثار المترتبة على انتفاء الصلاحية بفقدان شرط حسن السمعة تقع بقوة القانون بالإضافة إلى أن قانون تنظيم المدارس الحرة قد خصص الباب الأول للأحكام العامة التي تشمل المدارس الحرة على اختلاف أنواعها وفيها الشروط الواجب توافرها في صاحب المدرسة الحرة وناظرها ومديرها وموظفيها وورود الحكم الخاص بأن للجنة شئون التعليم الحر سلطة تنحية صاحب المدرسة عن النظارة إذا قام من الأسباب ما يبرر ذلك في الفقرة الثانية من المادة 47 لا يمنع من انطباقه على أصحاب المدارس الحرة عموماً فإذا كانت هذه اللجنة قد أصدرت قرارها المطعون فيه بناء على وقائع مستمدة من أصول ثابتة في الأوراق تؤدي لفقدان المدعي شرطاً من شروط الصلاحية للقيام بالتعليم الحر فإن قرارها يكون مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً - أن الحكم قد سرد الوقائع سرداً غير صحيح إذ ذكر أن المدعي لا يشغل أية وظيفة من وظائف التربية والتعليم مع أنه كان يشغل وظيفة ناظر مدرسة الملائكة المجانية المعانة ويتقاضى مرتبه من الوزارة فهو موظف حكومي على بند الإعانات واستمر ناظراً لها حتى صدر القرار المطعون فيه ثم نقل ناظراً احتياطياً في تفتيش القسم السادس عشر بالمنطقة الشمالية التعليمية بعد ذلك القرار. ثم نقل إلى وظيفة رئيس لجنة تغذية من اللجان الخمسة بمنطقة القاهرة الوسطى ورؤساء هذه اللجان جميعاً من نظار المدارس - كما جاء بالحكم أنه لم يبق للمدعي من مدارسه إلا مدرسة الملائكة الابتدائية الحرة ذات المصروفات. مع أنه يملك مدارس كثيرة منها القسم الليلي بمدرسة الصلاح والقسم الليلي بشارع قطه رقم 1 وهو ناظر لهاتين المدرستين أيضاً وهما بمصروفات. وله مدارس حرة أخرى معانة وغير معانة بمناطق المنصورة وشبين الكوم التعليمية. بل وصرحت له منطقة القاهرة الوسطى التعليمية بفتح مدرسة جديدة في سنة 1959 هي مدرسة الناصر النموذجية بحدائق شبرا.
ثانياً - أن المدعي له صفتان:
(1) فهو بوصفة ناظراً لمدرسة الملائكة الابتدائية المجانية الداخلة في نطاق الإعانة يعتبر من موظفي الدولة الذين تنظمهم الفئة (ب) المنصوص عليها في المادة الثامنة من القرار رقم 512 لسنة 1956 ويجوز تنحيته عن نظارة مدرسته طبقاً للمادة 47 من القانون 583 لسنة 1955 إذا رأت لجنة شئون التعليم الحر لأسباب جدية ما يبرر ذلك.
2 - وبوصفه ناظراً للمدرستين الليليتين اللتين تتقاضيان مصروفات يعتبر من موظفي التعليم الحر الذين تشملهم الفئة ج من المادة الثامنة من القرار الوزاري المشار إليه فيخضع لأحكام التأديب المنصوص عليها في المادتين 31، 32 من القانون 583 لسنة 1955 - ولما كان هو الوحيد القائم على إدارة هاتين المدرستين فيكون هو الناظر وهو المدير ويكون حرمانه من الإدارة هو حرماناً له من النظارة. وهذا الحرمان عقوبة تأديبية في حكم المادة 32 من القانون وتوقيعها من اختصاص مجلس التأديب وحده. وقد تعدت الوزارة اختصاصها في توقيع هذه العقوبة وأوغلت بأن جعلت الحرمان مطلقاً غير موقوت. مع أن مجلس التأديب لا يملك إلا توقيع عقوبة الحرمان من النظارة لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات إلا أن يرى المجلس فصل الموظف مع حرمانه نهائياً من شغل الوظائف بالمدارس ومنها النظارة وهذا لا يكون إلا لأمور ماسة بالأخلاق أو الشرف أو الأمانة فيكون قرار الوزارة مشوباً بعيب اغتصاب السلطة. ولا ينال من ذلك أن يكون القرار قد صدر تنفيذاً لقرار لجنة شئون التعليم الحر. إذ أن هذه اللجنة لا تملك إلا تنحية نظار المدارس الحرة المجانية وفقاً لأحكام المادتين 21، 47 من القانون أما ما جاء بالحكم من أن الوزارة وجهاتها الإدارية القوامة على شئون التعليم الحر ومدارسه تترخص في تقدير شرط حسن السمعة وجوداً وعدما فمردود بأن ذلك كله عند الترخيص لصاحب المدرسة بافتتاح مدرسته أو التصريح للموظفين من نظار ومستخدمين ببدء عملهم. وبعد ذلك لا يجوز حرمانهم من عملهم القائمين به إلا بقرار من مجلس التأديب طبقاً للمادة 32 من القانون أما ما جاء بالحكم من أن المدعي فقط شرط حسن السمعة فمردود بأنه قد وقع الاختيار عليه ليكون رئيساً للجنة التغذية ورؤساء هذه اللجان يختارون من الموظفين موضع التقدير والثقة والأمانة كما رخصت له الوزارة في سنة 1959 بافتتاح مدرسة الناصر النموذجية وذلك بالإضافة إلى أن جميع التقارير المقدمة عنه سواء قبل أو بعد القرار المطعون فيه تشيد به وبحسن سمعته.
ثالثاً: فسر الحكم القرار الصادر بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة بأنه حرمان من ملكية هذه المدارس ولا أدل على أن هذا التفسير قد جاء خاطئاً من أن الوزارة لم تمس ملكيته لمدرسة الملائكة المجانية المعانة حق الآن ولا ملكيته لمدارسه الأخرى. وتفسير محكمة القضاء الإداري للقرار على الوجه المذكور معناه أنها فرضت عليه عقوبة لم يشملها القرار المطعون فيه. وقد سبق أن طلبت منه المنطقة الشمالية نقل ملكية مدرسة الملائكة ثم عادت وسحبت هذا الطلب.
رابعاً: أن ما جاء بالحكم من أن لجنة التطهير أصدرت قراراتها بناء على تحقيقات في مخالفات نسبت إلى المدعي وأن حاله لم ينصلح رغم ما اتخذ ضده من إجراءات وتحقيقات وجزاءات بعد لجنة التطهير. مردود بأنه لم يوضع عليه أي جزاء ولم يثبت ضده أي اتهام. والعقوبة الوحيدة التي وقعت عليه بعد صدور القرار المطعون فيه بسنة تقريباً هي خصم خمسة أيام من مرتبه لاتهامه على غير أساس بأنه تسبب في ضياع 127 طابع دمغة.
خامساً: أما الاتهامات التي تقدمت بها المنطقة الشمالية التعليمية إلى لجنة شئون التعليم الحر ضد المدعي وهي ثلاثاً وعشرون تهمة فإن المدعي كان فيها ضحية للانتقام الشخصي من المنطقة الشمالية بسبب تقديمه شكوى ضد السيد/ عوض الله عثمان مساعد المفتش الذي قدم تقارير مخالفة للوائح عن مدرسة الملائكة - فكان رده على تلك الشكوى هو توجيه الاتهامات المذكورة. وذكر أنه قدم لمحكمة القضاء الإداري صورة من كتابه للمنطقة وإلى المسئولين بالوزارة برده على هذه التهم تهمة تهمة. ولكن الحكم المطعون أغفل هذه الدفاع وقال أن رده على تلك الاتهامات هو:
1 - عن التهمة الأولى: وهي أنه استولى على 26 جنيهاً و200 مليم من متحصلات النشاط بمدرسة المعهد الفرنسي المشترك في العام الدراسي 1955/ 1956 واحتفظ بها لنفسه. واكتشف مفتش القسم هذه المخالفة فرد المبلغ في 20 من فبراير سنة 1956 إلى صندوق توفير البريد - ذكر المدعي أن الثابت من تحقيق النيابة الإدارية أن هذه المدرسة كانت تسمى باسم روضة المعهد الفرنسي وتغير اسمها بأمر المنطقة إلى مدرسة المعهد الفرنسي المشترك وفي يوم 18 من فبراير سنة 1956 طلب منه السيد/ عوض الله عثمان مساعد المفتش تغيير اسم المدرسة في دفتر التوفير. فنفذ ذلك بتقديم الدفتر إلى مكتب البريد لتغيره واستلم عنه إيصالاً مؤرخاً في 20 من فبراير سنة 1956 تضمن أن رصيد الدفتر 26 جنيهاً 200 مليم وفي اليوم التالي طلب مساعد المفتش الدفتر. فرد عليه بكتاب أرسل معه إيصال مكتب البريد. وقد احتفظ مساعد المفتش بالإيصال. ولما طالبه المدعي برده ليسترد به دفتر التوفير أخذ يسوف حتى أطلعت وكيلة النيابة الإدارية عليه وعلى الكتاب المشار إليه مقدمين من المنطقة في دعوى الاستيلاء بمجلس الدولة.
2 - عن التهمة الثانية: وهي أنه استولى على نقود النشاط المدرسي بدأت المدرسة في مستهل العام الدراسي 1956 - 1957 ولم يقم بتوريدها إلا عقب الاستيلاء على هذه المدرسة فاضطر إلى دفعه إلى ناظرة المدرسة - عقب عليها المدعي بقوله أن الثابت في تحقيق النيابة الإدارية أنه لم يستطع استلام دفتر التوفير الخاص بالمدرسة والسابق الإشارة إليه. ومن ثم فقد اضطر إلى أن يصرف على النشاط المدرسي من ماله ولما بدأ العام الدراسي التالي دون أن يصل إليه الإيصال لاستلام الدفتر تقدم بشكوى للمنطقة - وفي هذا الوقت جمعت سكرتيرة المدرسة في أول العام الدراسي بعض نقود النشاط - حوالي ثلاثة جنيهات - وسلمته إليه كأمانة بمقتضى إيصال حرره على ظهر دفتر الإيصالات (123 معارف) إلى أن يسترد دفتر التوفير ويضع المبلغ فيه، فلما صدر قرار بالاستيلاء على المدرسة في 4 من سبتمبر سنة 1956 سلم المبلغ إلى الناظرة وشطب توقيعه على الإيصال المأخوذ عليه. وقد اعترفت السكرتيرة والناظرة في التحقيق بكل ذلك.
3 - عن التهمة الثالثة: وهي عدم استيفاء الدمغة على استمارات التحاق التلاميذ بمدرسة المعهد الفرنسي المشترك ومدرسة المعهد الفرنسي للبنات - عقب عليها المدعي بقوله أن سكرتيرة مدرسة المعهد الفرنسي المشترك سلمته ثمن 127 ورقة دمغة لشرائها في اليوم السابق للاستيلاء بعد الظهر واشتراها فعلاً ووضعها في مكتبة بالمدرسة ليسلمها لها في صباح اليوم التالي ولكنه فوجئ في ذلك اليوم بالاستيلاء على المدرسة ومنعه من دخولها وتم الاستيلاء في غيبته مما ترتب عليه فقدان أشياء كثيرة فتقدم بشكوى إلى النيابة الإدارية - أما دمغة مدرسة المعهد الفرنسي للبنات والاعتراف الذي تنسبه المنطقة لناظرة المدرسة فلاً يعلم عنه شيئاً.
4 - عن التهمة الرابعة: وهي أنه وقع على الدفتر 123 معارف الخاص بتحصيل نقود النشاط بالمدرسة الفرنسية المشتركة بما يفيد تسلمه المبالغ المتحصلة ثم لما اضطر لتسليم الدفتر بعد الاستيلاء شطب توقيعه - عقب عليها المدعي بقوله أن الدفتر المذكور دائماً في عهدة سكرتيرة المدرسة، ولما سلمته السكرتيرة المبالغ التي حصلتها كتب إيصالاً على ظهر هذا الدفتر. ولما رد المبلغ إلى النظارة بعد الاستيلاء على المدرسة شطب توقيعه.
5 - عن التهمة الخامسة: وهي أنه حصل مبلغ 250 مليماً من تلميذ بمدرسة الملائكة واستخرج به إيصالاً من دفتر القسائم واحتفظ به لنفسه ولم يورده - عقب عليها المدعي بأن الذي استخرج الإيصال هو سكرتير المدرسة المعين من الوزارة في مايو سنة 1956 ولم يستطع توريد المبلغ لأن خزينة البريد لا تسلم قسائم التوريد بالمدارس إذا كانت قيمتها أقل من مائة قرش. ثم ورد المبلغ بعد ذلك. ولم يحقق معه في هذه التهمة خلافاً لما تذكره المنطقة.
6 - عن التهمة السادسة: وهي أنه لم يقم بتوريد مبلغ 4 جنيهات و296 مليماً ثمن كتب لم تصرف للتلاميذ ولم ترد لتوريدات المنطقة التي طلبت خصم المبلغ من الإعانة - عقب عليها المدعي بأن سكرتير المدرسة الذي عينته الوزارة هو الذي يستلم الكتب. وقد رجع السكرتير بالمتبقي منها إلى التوريدات لتسليمه فرفضت أكثر من مرة - ورحمة بالسكرتير قبل هو أن يخصم ثمنها من الإعانة.
7 - عن التهمة السابعة: وهي أنه لم يسدد قيمة الرسوم الإضافية المستحقة على بعض تلاميذ السنة الثانية الإعدادية التي كانت ملحقة بمدرسة الملائكة - عقب عليها المدعي بأنها تهمة مختلفة ولم يجر بشأنها أي تحقيق.
8 - عن التهمة الثامنة: وهي أنه استولى على مبلغ 492 جنيهاً و400 مليم متحصلة من مدرسة المعهد المنير الإعدادية والمودعة بدفتر توفير باسم مدرسة الأميرة فتحية النائب عنها المدعي لغاية 28 من مارس سنة 1956 ولم يمكن المفتش الإداري من الاطلاع على دفتر التوفير ولا مستندات الصرف - عقب عليها المدعي بقوله بأن الثابت من تحقيق النيابة الإدارية أن لجنة التقييم قد أطلعت على هذه المستندات في مارس سنة 1957 ووقعت على كل منها وكتبت حساب مستندات الصرف حتى تاريخ زيارتها في استمارة التقييم وكتب أن الباقي حتى يوم زيارتها هو مبلغ 95 جنيهاً و153 مليماً مودع بدفتر التوفير المشار إليه. كما ذكر المدعي أن المبلغ الباقي وهو 95 جنيهاً و153 مليماً قد صرف على النشاط المدرسي بعد زيارة اللجنة وأضيف مستندات صرفها إلى باقي مستندات الصرف واعتمدتها اللجنة ولكن كل هذه المستندات المعتمدة وغير المعتمدة اختفت بعد الاستيلاء على المدرسة ومنع هو من الاشتراك في عملية الجرد.
9 - عن التهمة التاسعة: وهي تعمد إخفاء المستندات المذكورة رغم أن السيدة نعمت سعد ناظرة المدرسة قررت في التحقيق أن سكرتيرة المدرسة جميلة نصر الله ظلت بالمدرسة ثلاثة أيام بعد الاستيلاء عليها. وأنها كلفتها بتسليم عهدتها ولكنها لم تفعل - عقب المدعي على هذه التهمة بأن المنطقة هي التي طردت السكرتيرة عند الاستيلاء حتى يمكنها تلفيق الاتهام.
10 - عن التهمة العاشرة: وهي أن مدرساً بمدرسة الملائكة اتهمه بأنه أنشأ مجموعات لتلاميذ المدرسة الابتدائية المجانية. وحصل منهم مبالغ نظير ذلك مخالفاً تعليمات الوزارة - عقب عليها المدعي بقوله أن النيابة الإدارية قد حققت هذه التهمة وثبت كذبها وعوقب المدرس المبلغ وأنه طلب تقديم ملف التحقيق ولكنه لم يقدم.
11 - عن التهمة الحادية عشرة: وهي أنه كان يعطل بالمدرسة الابتدائية وهو ناظرها في الأسبوع (الجمعة والأحد) وهو يعلم أن في ذلك مخالفة صريحة - عقب عليها المدعي بقوله أنه أخذ تصريحاً بذلك من مفتشة القسم - ولما ألغي هذا التصريح جعل المدرسة تعمل يوم الجمعة.
12 - عن التهمة الثانية عشرة: وهي عدم استعماله دفاتر غياب وحضور وتأخر التلاميذ من أول العام الدراسي 1956 - 1957 حتى يوم 26 من ديسمبر سنة 1956 مهملاً بذلك التعليمات - عقب المدعى عليها بأن الذي اتهمه بذلك السيد عوض الله عثمان وأن هذه التهمة قد حققها المفتش الأول وثبت عدم صحتها.
13 - عن التهمة الثالثة عشرة: وهي أن تحقيق المفتش المساعد قد تضمن أن المدعي أدار مقصفاً لحسابه بمدرسة الملائكة تحت إشراف أحد الخدم دون مراقبة صحية متجاهلاً التعليمات - عقب عليها المدعي بأن هذا المفتش المساعد هو السيد عوض الله عثمان وبأن المفتش الإداري الأول أثبت عدم صحة هذا الاتهام وطلب في تقريره نقل مدارس المدعي من التفتيش الموجود به السيد عوض الله عثمان.
14 - عن التهمة الرابعة عشرة: وهي أنه أجر جزءاً من المدرسة المستولى عليها سكناً خاصاً عقب صدوره أمر الاستيلاء مباشرة متعمداً تعطيل تنفيذه - عقب عليها المدعي بقوله بأن الجزء الذي أجره هو مكان الحضانة التي تقرر إغلاقها وهو منفصل تمام الانفصال عن المدرسة.
15 - عن التهمة الخامسة عشرة: وهي أنه صرح في محضر البوليس عند الاستيلاء على مدارسه أنه يؤثر مصلحته المادية على كل مصلحة - عقب عليها المدعي بقوله أن فيها تحريفاً كبيراً لأنه لم يقل أكثر من أنه يجب أن يحافظ على أمواله حينما طلب اشتراكه في لجنة الجرد.
16 - عن التهمة السادسة عشرة: وهي أنه كان يستولى على جزء من مرتبات الموظفين الذين كانوا يعملون في مدارسه - عقب عليها بأنها اتهام غريب غير مستساغ منطقاً وعقلاً وأنه يتحدى المنطقة أن تثبت ذلك.
17 - عن التهمة السابعة عشرة: وهي أنه كان يحصل على مائة مليم ثمناً لاستمارة اللحاق بينما ثمنها المحدد هو خمسون مليماً محتفظاً بالفرق لنفسه - عقب عليها المدعي بقوله أنه لا صلة له بجمع ثمن الاستمارات - إذ أن كل سكرتير مختص بمدرسته. وأنه لم يجر تحقيق في ذلك.
18 - عن التهمة الثامنة عشرة: وهي أنه قام باقتطاع أجزاء عن المدارس المجانية التي تدفع له الوزارة عنها إيجاراً كاملاً. وأنشأ مدارس خاصة بمصروفات داخل المدارس المجانية - عقب عليها المدعي بقوله أن ما حدث هو أنه أنشأ حضانات مجاورة للمدارس ذات المصروفات وبني لها مرافق خاصة. ولم يتقاض عن هذه الحضانات مليماً من الوزارة كإيجار. وكانت هذه الحضانات معتمدة من المنطقة والوزارة.
19 - عن التهمة التاسعة عشرة: وهي أنه كان يلزم ناظرة المدرسة والمدرسات المعينات من قبل الوزارة بالإشراف والتدريس في هذه المدارس الخاصة - عقب عليها المدعي بقوله بأنه يحتكم في هذه التهمة إلى ملفات المدارس الخاصة إذ ثابت فيها أن لكل مدرسة ناظرتها ومدرساتها.
20 - عن التهمة العشرين: وهي أنه كان يأمر بقبول الأطفال دون السن القانونية في مدارسه المجانية - عقب عليها المدعي بقوله أنها تهمة لا ظل لها من الواقع. وأنه لا دخل له وهو صاحب المدرسة في مثل هذه الأمور التي هي من صميم عمل الناظر المعين من الحكومة.
21 - عن التهمة الحادية والعشرين: وهي أنه كتب للوزارة والمنطقة مراراً بأنه ألغى الحضانات وطلب صرف الإعانات التي أوقفتها الوزارة بسبب ما ارتكبه من مخالفات. ولما حققت المنطقة ادعاءه اتضح أنه لم يقم بتنفيذ ما قرره كما اعترف في محضر الشرطة بأن الحضانات لم تلغ إلا في يوم 4 من سبتمبر سنة 1956 وهو يوم الاستيلاء - وقد عقب المدعي على هذه التهمة بقوله بأنه يبين من التحقيق الإداري في هذا الشأن أن اللجنة المشكلة لهذا الغرض قالت عن فصول الحضانات التي قرر هو غلقها - أن هذه الفصول كانت مستعملة حضانة حتى آخر العام الماضي. ولم تقل أنها ما زالت تستعمل حتى الآن حضانات.
22 - عن التهمة الثانية والعشرين: وهي أنه نقل قسماً ليلياً يملكه بمدرسة الصلاح الابتدائية بشبرا إلى مكان آخر دون أن يخطر المنطقة وأنذر بسبب هذه المخالفة عقب عليها المدعي بقوله أنها تهمة غير صحيحة فلم ينقل هذا القسم من مكانه حتى الآن وأن الذي حدث أن الدراسة بهذا القسم أوقفت لحاجته إلى ترميم واضطر الطالب لنقله مدة الترميم إلى القسم الليلي بشارع قطة في فترة صباحية بعد أن أخطر المنطقة.
23 - عن المخالفة الثالثة والعشرين: وهي أنه خالف القانون لتشغيله فترة نهارية بمبنى القسم الليلي (جامعة شبرا الليلية) بشارع قطة/ 1 دون ترخيص - عقب عليها المدعي بأنها تكملة للاتهام السابق وأنه أخطر المنطقة بعد النقل مباشرة. ثم عاد بالقسم المذكور إلى مدرسة الصلاح بعد إتمام الترميمات.
وانتهى المدعي في تقرير طعنه إلى القول بأنه كان مجنياً عليه في معظم هذه الاتهامات وأن بعضها مختلق تماماً ولم تثر في أي تحقيق وأنه كان ضحية للانتقام الشخصي من المنطقة الشمالية.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات.
ومن حيث إن الوزارة قد عقبت على هذا الطعن وعلى تقرير هيئة المفوضين بمذكرتين قالت في أولاهما أن القرار المطعون فيه قد صدر من جهة تملك إصداره بحكم القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن المدارس الحرة إذ ناطت المادة 47 منه بلجنة التعليم الحر تنحية صاحب المدرسة الحرة المجانية عن النظارة إذا رأت من الأسباب ما يبرر ذلك فيكون القرار الصادر من هذه اللجنة بإبعاد المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة وهي من المدارس المجانية قد صدر من جهة تملك إصداره - ولئن كانت هذه اللجنة قد أوصت بإبعاد الطاعن عن إدارة جميع المدارس الحرة فإنه يحق للمنطقة التعليمية وهي السلطة القائمة على أمر تنفيذ القانون المشار إليه بالنسبة للمدارس التي تقع في دائرة اختصاصها أن تتبنى هذه التوصية فتستعمل سلطتها في التنفيذ المباشر فتبعد الناظر الذي يفتقد شرط الصلاحية لتولي هذه الوظيفة - وأضافت أن جهة الإدارة تترخص في تقدير توافر شروط الصلاحية ومنها شرط حسن السيرة والسمعة فيمن يعهد إليهم بإدارة المدارس الحرة بلا معقب عليها. وأن قرارها قد قام على أسباب جدية لها أصول ثابتة في الأوراق - وبعد أن تحدثت عما ارتكبه المدعي من مخالفات - انتهت في هذه المذكرة إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - أما المذكرة الثانية فقد انتهت فيها الوزارة إلى طلب الحكم أصلياً برفض الطعن واحتياطياً بعدم قبول الدعوى بشأن الطعن في قرار لجنة التعليم الحر في شقه الخاص بإبعاد المدعي عن أية مدرسة حرة وذكرت أن المدعي قصر طعنه على القرار الصادر من لجنة التعليم الحر في 14 من مايو سنة 1957 بشقيه الخاص أولهما بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية المجانية، وثانيهما بشأن أبعاده عن إدارة أية مدرسة حرة والشق الأول صادر من اللجنة المذكورة بالاستناد للسلطة المخولة لها بموجب المادة 47 من القانون رقم 583 لسنة 1955 والشق الثاني لا يعدو أن يكون توصية أو رأياً استشارياً - والطعن لا يوجه إلا إلى قرار إداري نهائي لا إلى توصية أو رأي استشاري. فالطعن في هذه التوصية لا ينصرف إلى قرار المنطقة الذي تبناها وأسبغ عليها ثوب القرار الإداري النهائي. وأنه لذلك فإن الوزارة تدفع بعدم قبول الدعوى بشأن الطعن في قرار لجنة شئون التعليم الحر لانعدام محل الطعن وهو القرار الإداري النهائي ولأنه من جهة أخرى فإن قرار المنطقة بأبعاد الطاعن عن إدارة المدارس قد أصبح حصيناً من الإلغاء بفوات مواعيد الطعن فيه. إذ أن منطقة القاهرة الشمالية قد أخطرته بقرارها المذكور في 16 من مايو سنة 1957 ولم يطعن فيه حتى الآن ثم تحدثت الوزارة عن سلطة لجنة شئون التعليم الحر التقديرية الواسعة وذكرت أنه يندرج في هذه السلطة التحقق من استمرار توافر شروط الصلاحية ومنها شرط حسن السمعة فيمن يعين ناظراً لمدرسة حرة. وتنحية من يفقد هذا الشرط. وأن معيار حسن السمعة يدق بصدد القائمين على تربية النشئ. وأنه يكفي لتحقق سوء السمعة قيام شبهات قوية تلقي ظلالاً من الشك - وقالت أنه يكشف عن فساد ذمة المدعي استيلاؤه على أموال خاصة بالنشاط المدرسي ورسوم الدمغة وحصوله على المال الحرام بكل الطرق التي كشف عنها تقرير المنطقة التعليمية الشمالية وهي الجهة التي ناط بها القانون الإشراف على مرفق التعليم وكشف المخالفات وتقويم الانحرافات - وأشارت إلى صدور قرار بمجازاة المدعي بخصم خمسة أيام من مرتبه مع إلزامه بدفع ثمن 127 ورقة دمغة خاصة بطلبات إلحاق المستجدين بمدرسة المعهد الفرنسي المشتركة. كما أشارت إلى غير ذلك من المخالفات التي نسبت إليه وانتهت إلى القول أن قرار لجنة التعليم الحر قد استمد من وقائع لها أصول ثابتة في الأوراق تنتجه. ومن ثم يكون مطابقاً للقانون لا عسف فيه ولا انحراف.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي كان يقوم بنشاط واسع في مجال التعليم الحر وأنه في 6 من يناير سنة 1953 عرض أمره على إحدى لجان التطهير المنشأة بمقتضى المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 فأوصت بأن تبعده الوزارة عن إدارة مدرسة حرة تابعة لها. ثم في 12 من نوفمبر سنة 1956 أرسل إليه مدير التربية والتعليم بمنطقة القاهرة الشمالية كتاباً جاء فيه أنه (بناء على قرار لجنة التطهير سنة 1953 - القاضي بحرمانكم من إدارة جميع المدارس الحرة - يقتضي التنازل فوراً عن ملكية مدرسة الملائكة الابتدائية إلى من ترون من ذوي الأهلية وتنطبق عليه الشروط الواردة بالقانون رقم 583 لسنة 1955 والقرار الوزاري رقم 512 لسنة 1956) - وفي ذات التاريخ طلب مدير التربية والتعليم من لجنة شئون التعليم الحر إصدار قرار بتنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية بناء على قرار لجنة التطهير بالتوصية بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة - وعرض الأمر على اللجنة بجلستها المنعقدة في 22 من ديسمبر سنة 1956 فقررت إحالته إلى أحد أعضائها لبحثه على أن تسأل منطقة القاهرة الشمالية لبيان ما إذا كان المذكور قد ارتكب مخالفات بعد قرار لجنة التطهير المشار إليه وما هي هذه المخالفات - وقدمت المنطقة إلى اللجنة مذكرة مؤرخة في 27 من إبريل سنة 1957 نسبت فيها إلى المدعي ثلاثاً وعشرين مخالفة - وبجلسة 14 من مايو سنة 1957 قررت اللجنة (موافقة المنطقة إلى ما طلبته من تنحية السيد منير رزق عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين بشبرا وذلك تطبيقاً لأحكام المادة 47 من القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة. مع مراعاة تنفيذ توصية لجنة التطهير سنة 1953 بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة) - وفي 16 من مايو سنة 1957 أرسل مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية بالقاهرة إلى المدعي كتاباً نصه: قررت الوزارة تنحيتكم عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين كما قررت حرمانكم من إدارة جميع المدارس الحرة تنفيذاً لتوصية لجنة التطهير الصادر في 6/ 1/ 1953) - وبصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 20 من مايو سنة 1957 أقام المدعي دعواه طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر في 14 من مايو سنة 1957 فيما تضمنه من تنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة.
ومن حيث إنه ولئن كان قرار لجنة شئون التعليم الحر الصادر في 14 من مايو سنة 1957 قد اقتصر على تنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية - مع الإشارة بتنفيذ توصية لجنة التطهير بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة - إلا أن المنطقة الشمالية في كتابها المرسل إليه في 16 من مايو سنة 1957 - قد أفصحت على أنها اتخذت قراراً بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة أي أنه في تاريخ إقامة المدعي لدعواه كان هناك فعلاً قراران بتنحيته عن العمل بالمدارس الحرة - أحدهما صادر من لجنة شئون التعليم الحر بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة والآخر من مدير التربية والتعليم بالمنطقة المذكورة بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة.
ومن حيث إن تحديد المدعي لطلباته في صحيفة الدعوى بوقف تنفيذ وإلغاء (القرار الصادر في 14 من مايو سنة 1957 فيما تضمنه من تنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة) - إنما كان حسبما هو مستفاد من الأوراق على أساس فهمه خطأ أن هذين القرارين (التنحية والحرمان) قد صدر بهما قرار واحد من لجنة شئون التعليم الحر - ذلك الفهم الذي استخلصه من كتاب المنطقة التعليمية المؤرخ في 16 من مايو سنة 1957 ومن علمه السابق بأن أمره كان معروضاً على تلك اللجنة - ولئن كان المدعي قد حدد طلباته على الوجه المذكور إلا أنه لا شك في أنه قد استهدف بها إلغاء أي قرار سابق على إقامة الدعوى محله حرمانه من نظارة أو إدارة المدارس المشار إليها جميعها - وإذ تبين بعد ذلك أن تنحيته وحرمانه قد صدر بهما قراران من جهتين مختلفين لا قرار واحد - فإنه لا مراء في أن دعواه المقامة بالطلبات المذكورة ضد الوزارة التي تتبعها هاتان الجهتان تنصرف إلى هذين القرارين معاً - لما كان طعنه بالنسبة إلى حرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة قد انصب - لا على توصية اللجنة بهذا الحرمان - بل على القرار الصادر به - كما أنه قد أقام الدعوى قبل انقضاء الميعاد المحدد لطلبات الإلغاء فإن دعواه تكون مقبولة ويكون الدفع بعدم قبولها بالنسبة إلى الطعن في حرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة غير قائم على أساس سليم مما يتعين معه رفضه.
ومن حيث إنه في 27 من مايو سنة 1957 أرسل إلى مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية كتاباً إلى المدعي في شأن تنحيته عن العمل بمدارسه طالباً منه بيان اسم من حل محله في إدارة مؤسساته الحرة الثلاث وهي مدرسة الملائكة - والقسم الليلي بشارع قطه - والقسم الليلي بمدرسة الصلاح. والمستفاد من هذا الكتاب أن قرار حرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة قد شمل المدرستين الليليتين المذكورتين وهما حسبما بان من الأوراق من المدارس الحرة التي تتقاضى مصروفات.
ومن حيث إن القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة الذي صدر في ظله القراران المطعون فيهما قد نص في المادة 29 منه على اختصاصات لجنة شئون التعليم الحر - ومن بين هذه الاختصاصات (تنحية نظار المدارس في الحالات المنصوص عليها في المادة 47). وقد وردت المادة 47 المشار إليها في الباب الثاني من القانون - وهو باب خاص بالمدارس الحرة المجانية - ونصت في الفقرة الثانية منها على أنه (يجوز بقرار يصدر عن لجنة شئون التعليم الحر بناء على اقتراح مدير التربية والتعليم بالمنطقة تنحية صاحب المدرسة عن النظارة إذا رأت من الأسباب ما يبرر ذلك). ووفقاً لأحكام هذين النصين يقتصر اختصاص اللجنة بالتنحية عن النظارة على المدارس الحرة المجانية - دون المدارس التي تتقاضي مصروفات التي خصص لها القانون الباب الثالث منه ولم يرد فيه حكم مماثل لنص الفقرة الثانية من المادة 47.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين مدرسة حرة مجانية - فإن تنحية صاحبها عن نظارتها متى قام السبب المبرر لذلك يكون من اختصاص اللجنة المشار إليها. وإذ اقتصر قرار اللجنة على تنحية المدعي عن نظارة تلك المدرسة بناء على الاقتراح المقدم لها من مدير التربية والتعليم المختص - فإنه لا يكون هناك وجه للنعي عليه بأنه مشوب بعيب عدم الاختصاص. أما ما أشارت به اللجنة من تلقاء نفسها - من مراعاة توصية لجنة التطهير بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة. بما في ذلك بطبيعة الحال المدارس التي تتقاضى مصروفات - فإنه لا ينطوي حسبما ذهبت إليه الوزارة يحق على قرار إداري - ولا يعدو في الواقع من الأمر أن يكون رأياً أو توجيها للجهة ذات الاختصاص لاتخاذ ما تراه من قرارات في هذا الشأن.
ومن حيث إنه ولئن كان القانون رقم 583 لسنة 1955 المشار إليه قد خول مدير التربية والتعليم بالمنطقة من الاختصاصات ما يكفل له الإشراف التام على المدارس الحرة الداخلة في حدود اختصاصه وأحكام الرقابة عليها وعلى العاملين فيها إلا أنه قد خلا من أي نص يخوله تنحية نظار تلك المدارس أو مديريها عن عملهم بقرار منه - وأجاز أن توقع هذه التنحية كجزاء تأديبي يصدر به قرار من مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة 34 منه إذ من بين الجزاءات التي يجوز لهذا المجلس توقيعها على موظفي المدارس الحرة غير المعينين على درجات وفقاً لأحكام المادة 32: (التنزيل عن وظيفة النظارة - الحرمان المؤقت من الاشتغال بالنظارة لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات - الحرمان من الاشتغال بوظائف التعليم لمدة لا تزيد على ثلاثة سنوات - الفصل - الفصل مع الحرمان النهائي من شغل الوظائف بالمدارس. ولا توقع العقوبة الأخيرة إلا لأمور ماسة بالأخلاق أو الشرف أو الأمانة.
ومن حيث إنه لذلك فإن مدير المنطقة التعليمية الشمالية إذ أصدر قرار بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة يكون قد خرج عن حدود اختصاصه المحدد في القانون ويكون هذا القرار مشوباً بعيب عدم الاختصاص.
ومن حيث إن السبب الذي قام عليه حرمان المدعي من نظارة إحدى مدارسه ومن إدارة باقيها هو حسبما تنطق به الأوراق وحسبما أفصحت عنه الوزارة في دفاعها فقده لأحد الشروط الواجب توافرها وفقاً لأحكام المادتين والرابعة والسابعة من القانون رقم 583 لسنة 1955 في صاحب المدرسة الحرة وفيمن يديرها وهو أن يكون محمود السيرة حسن السمعة - وقد استخلصت قيام هذا السبب من الوقائع التي تضمنتها مذكرة المنطقة الشمالية التعليمية المؤرخة في 27 من إبريل سنة 1954 والتي عرضت على لجنة شئون التعليم الحر بجلستها المنعقدة في 14 من مايو سنة 1957.
ومن حيث إن حسن السمعة وطيب السيرة عبارة عن مجموعة من الصفات يتحلى بها الشخص وتوحي بالثقة فيه وتدعو إلى الاطمئنان إليه وإلى تصرفاته وهو على هذا النحو صدى لتصرفات الشخص وأفعاله.
ومن حيث إنه ولئن كان الأصل أن تقدير توافر شرط حسن السيرة والسمعة أو عدم توافره فيمن يعهد إليهم بالقيام على شئون التربية والتعليم من الأمور التي تترخص الإدارة فيها إلا أنه يتعين أن تكون النتيجة التي تصل إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من وقائع صحيحة منتجة في الدلالة على هذا المعنى. وإلا كان قرارها فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن كلاً من لجنة شئون التعليم الحر والمنطقة التعليمية الشمالية قد بنت ما انتهت إليه في شأن فقدان المدعي للشرط المذكور على ما جاء بالمذكرة السابق الإشارة إليها من ارتكابه ثلاثاً وعشرين مخالفة. فإنه في مجال الحكم على مدى سلامة ما انتهت إليه يتعين بحث مدى صحة الوقائع التي قامت عليها هذه التهم وما إذا كانت قد صدرت عن المدعي تصرفات يمكن أن يستخلص منها استخلاصاً سائغاً أنه سيىء السمعة غير محمود السيرة. أو أنه ليس في هذه التصرفات ما من شأنه أن يؤدي إلى هذه النتيجة.
ومن حيث إنه من بين الاتهامات التي وجهت إليه ما تناوله تحقيق النيابة الإدارية وهي التهم الأربع الأولى والتهمتان الثامنة والتاسعة.
ومن حيث إن التهم الأولى والثانية والرابعة تتحصل في أن المدعي:
(1) استولى على مبلغ 26 جنيهاً و200 مليم من متحصلات النشاط بمدرسة المعهد الفرنسي المشترك في العام الدراسي 1955 - 1956 واحتفظ به لنفسه حتى كشفت المخالفة وكلف برد المبلغ فقام برده في 20 من فبراير سنة 1956.
(2) وأنه استولى على نقود النشاط بذات المدرسة في مستهل العام الدراسي 1956 - 1957 ولم يقم بتوريدها إلا بعد الاستيلاء على المدرسة.
(3) وأنه وقع على الدفتر رقم 123 معارف الخاص بتحصيل نقود النشاط بذات المدرسة بما يفيد استلامه المبالغ المتحصلة. ولما اضطر لتسليم الدفتر بعد الاستيلاء شطب توقيعه.
ومن حيث إن المستفاد من تحقيق النيابة الإدارية لهذه الوقائع.
أولاً: أنه بالنسبة إلى الواقعة الأولى تبين أن مبلغ الـ 26 جنيهاً و200 مليم كان مودعاً بدفتر توفير المدرسة الذي كان قد قدم إلى مكتب البريد في 27 من فبراير سنة 1957 لتغيير اسم صاحبه من (روضة المعهد الفرنسي) إلى الاسم الجديد للمدرسة وهو (المعهد الفرنسي المشترك). كما قرر المفتش الإداري عضو لجنة التقييم أنه راجع عملية النشاط المدرسي إيراداً ومنصرفاً أثناء عملية التقييم وراجع المستندات والدفاتر في العام الدراسي 1955 - 1956 فتبين له أن ما حصل هو حوالي مبلغ 26 جنيه وبضعة مليمات وأن المقيد بالدفاتر بموجب المستندات يزيد على ما حصل بحوالي ثلاثة جنيها تحملها المدعي.
ثانياً: أن مبلغ النشاط المدرسي الخاص بالعام الدراسي 1956 - 1957 وقدره 3 جنيهات و800 مليم كانت سكرتيرة المدرسة قد حصلته في المدة من 25 من أغسطس إلى 4 من سبتمبر سنة 1956 وسلمته إلى المدعي ليقوم بتوريده إلى صندوق التوفير. إلا أن ذلك تعذر عليه لأن دفتر التوفير كان لازال لدى مكتب البريد لتغيير اسم صاحبه - وبعد الاستيلاء على المدرسة رد المدعي هذا المبلغ إلى ناظرتها.
ثالثاً: أن سكرتيرة المدرسة لما سلمت المبلغ المذكور إلى المدعي وقع بما يفيد استلامه على ظهر الإيصالات بالدفتر رقم 123. فلما أعاد المبلغ إلى الناظرة شطب توقيعه - وقد انتهت النيابة الإدارية إلى أنها ترى حفظ الموضوع ووفق على اقتراحها (ملف النيابة الإدارية رقم 268/ 1 سنة 1957) وواضح مما انتهى إليه التحقيق أن التهم الثلاث المشار إليها لم تكن قائمة على أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمة السابعة ومحصلها وجود استمارات التحاق بالمعهد الفرنسي المشترك غير مستوفاة لرسم الدمغة - فإن المستفاد من تحقيق النيابة الإدارية أنه قبل استيلاء الوزارة على هذه المدرسة كان العمل يجري على أن يقوم المدعي باستحضار أوراق الدمغة ويسلمها إلى السكرتيرة بالقدر الذي تسلمه ثمنه. وأنه في بداية العام الدراسي 1956/ 1957 سلمته السكرتيرة ثمن أوراق الدمغة لاستحضارها كالمعتاد وقرر المدعي أنه أحضرها فعلاً وأودعها بمكتب الناظرة ثم حدث الاستيلاء على المدرسة. وثم استلامها بإجراءات غير سليمة دون أن يمكن من الاشتراك فيها. فلم يعثر على تلك الأوراق - وأنه ولئن كانت النيابة الإدارية قد انتهت إلى مسئولية المدعي عن عدم استيفاء بعض طلبات الالتحاق بالمدرسة لرسم الدمغة - ولئن كان قد جوزي عن هذه الواقعة بخصم خمسة أيام من مرتبه - إلا أنه ليس في الأوراق ما يمكن أن يستخلص منه أنه قصد الاستيلاء على ثمن أوراق الدمغة بل كل ما يمكن أن ينسب إليه هو أنه تأخر في استيفاء رسم الدمغة على بعض طلبات الالتحاق حتى فوجئ بالاستيلاء على المدرسة (ملف النيابة الإدارية رقم 267/ 1 سنة 1957).
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمتين الثامنة والتاسعة ومحصلهما أنه استولى على مبلغ 493 جنيهاً و400 مليم متحصل من مدرسة العهد المنير الإعدادية للبنات والمودعة بدفتر توفير باسم مدرسة الأميرة فتحية ولم يمكن المفتش الإداري المختص من الاطلاع على دفتر التوفير ولا مستندات الصرف وتعمد إخفاء المستندات المذكورة - فإن المستفاد من تحقيق النيابة الإدارية أنه ثابت بمحضر لجنة تقييم المدرسة في أغسطس سنة 1956 ومما أوضحه المفتش الإداري المختص أن مستندات صرف هذا المبلغ كانت موجودة وأطلع عليها المفتش عضو اللجنة ووقع عليها وعلى المستندات كما وجد أن حساب النشاط المدرسي مضبوط ووافقت المنطقة في 8 من أغسطس سنة 1957 على صرف المبلغ الذي ثبت صرفه وقدره 495 جنيهاً و597 مليم وبناء على ذلك انتهت النيابة الإدارية إلى اقتراح حفظ الموضوع ووفق على اقتراحها. كما أن المستفاد من التحقيق أيضاً أن المراقبة القضائية بديوان المحاسبة طلبت تحديد المسئولية في الإهمال الذي وقع من لجنة الاستيلاء عند استيلائها على المدرسة في 10 من سبتمبر سنة 1956 وذلك لأنها منعت السكرتيرة من الدخول ولم تطالبها بتسليم ما بعهدتها من مستندات وأوراق ودفاتر. كما أنها لم تستدع صاحب المدرسة لحضور عملية الاستلام مما ترتب عليه تعذر تحديد المسئولية بالنسبة لواقعة فقد المستندات الخاصة بنقود النشاط المدرسي عن العام الدراسي 1955/ 1956 وقد انتهت النيابة الإدارية في مذكرتها بنتيجة تحقيقها في هذا الشأن إلى اقتراح لفت نظر السيدة نعمت سعد لطف الله ناظرة مدرسة العهد المنير لأنها في المدة من 20 من أغسطس سنة 1956 إلى 11 من سبتمبر سنة 1956 قد خرجت على مقتضى الواجب بإهمالها في عملها الذي ترتب على عدم العثور على مستندات صرف النشاط بالمدرسة عام 1955/ 1956 عند الاستيلاء عليها وتعذر تحديد المسئولية في هذا الشأن (ملفاً النيابة الإدارية رقما 266/ 1 سنة 1957) وواضح مما انتهى إليه التحقيق أن هاتين التهمتين بدورهما لا تقومان على أساس سليم.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالتهم الأخرى فإن أحديهما وهي التهمة السابعة عشرة كانت محل تحقيق إداري في سنة 1952 - وبعضها كان محل مكاتبات تبودلت بين المدعي بين المنطقة التعليمية وهي التهم السادسة والثانية والعشرون والثالثة والعشرون ومنها ما أشار إليه تقرير أحد المفتشين الإداريين ومنها ما لم تقدم الوزارة ما يدل على وقوعه من المدعي.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمة السابعة عشرة ومحصلها أن المدعي كان يحصل على مائة مليم ثمناً لاستمارة الالتحاق بالمدرسة بينما الثمن المحدد لها خمسون مليماً فإن المدعي قد عقب عليها في أقواله في التحقيق الإداري الذي أجري في نوفمبر سنة 1952 مبيناً أن سكرتيرة المدرسة كانت تحصل بالإضافة إلى ثمن الاستمارة ثمن دوسيه ومظروف كبير لحفظ أوراق الطالب وكانت تخير ولي الأمر بين إحضار الدوسيه والمظروف وبين دفع ثمنهما. وليس في الأوراق ما يفيد أن هذا التحقيق قد انتهى إلى أدانته أو إدانة السكرتيرة (صفحة 147، 148 من ملف خدمة المدعي).
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمة السادسة وهي تتحصل في أنه لم يقم بتوريد مبلغ 4 جنيهات و296 مليم ثمن كتب لم تصرف للتلاميذ ولم ترد إلى المنطقة فإن الثابت من الأوراق أن المدعي أرسل كتاباً إلى المنطقة التعليمية في 2 من نوفمبر سنة 1955 بين فيه أن سكرتير المدرسة قد تردد على المنطقة طالباً رد تلك الكتب ولكن طلبه لم يقبل - واقترح في هذا الكتاب إما أن تسترد المنطقة الكتب وإما أن تخصم ثمنها من الإعانة المستحقة له - ومؤشر على هذا الكتاب في 10 من نوفمبر سنة 1955 بما يفيد موافقة المنطقة عليه (صفحة 27 من ملف مدرسة الملائكة) وبذلك تكون هذه التهمة على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين ومحصلهما أنه نقل قسماً ليلياً بشبرا إلى مكان آخر دون أن يخطر المنطقة وأنه خالف قانون التعليم الحر وأنذر لتشغيله فترة نهائية بمبنى القسم الليلي - فإن المستفاد من الأوراق أنه في 22 من يناير سنة 1957 أرسل المدعي كتاباً إلى مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية يخطره فيه أنه اضطر إلى نقل قسم البنات بمدرسة الصلاح للبنات مؤقتاً إلى فترة مسائية بمكان البنين بشارع قطة لأن مبنى مدرسة الصلاح في حاجة إلى ترميم. وأن الحال سيعود إلى ما كان عليه بمجرد الانتهاء من الإصلاحات (صفحة 131 من ملف مدرسة الملائكة) وقد قام مهندس المنطقة بمعاينة مدرسة الصلاح في 12 من مارس سنة 1957 ووقف على ما هي بحاجة إليه من إصلاح (صفحة 148 من ذات الملف) ولئن كانت المنطقة قد رأت في تصرف المدعي مخالفة للقانون إلا أنه ليس فيه ما يستخلص منه مساس بسمعته أو سيرته.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهم التي أشار إليها أحد المفتشين المساعدين بمنطقة القاهرة الشمالية في تقريره المؤرخ في 6 من يناير سنة 1957 وهي أنه كان يعطل المدرسة الابتدائية يومين في الأسبوع وظل فترة لا يستعمل دفاتر غياب وحضور التلاميذ وإدارته مقصفاً لحسابه (صفحة 290 من ملف مدرسة الملائكة) فبالإضافة إلى أن المدعي قد عقب عليها في تقرير طعنه بأنها قد حققت وثبت عدم صحتها - فإن هذه التهم متعلقة بإدارته لمدرسة الملائكة وقد أودع بملف الدعوى عدة تقارير عن التفتيش على هذه المدرسة منها اثنان أحدهما عن سنة 1955/ 1956 والآخر عن سنة 1957 وقد تضمن أولهما أن المدعي يشرف على جميع أعمال المدرسة الفنية والإدارية إشرافاً حازماً وان التقرير العام (جيد جداً) وجاء في ثانيهما وهو محرر في 7، 8، 9 من مايو سنة 1957 أن المدعي جاد في عمله مخلص لواجبه وأن صلته بالمدرسة والأهالي طيبة وأن التقدير العام (جيد) فليس من المستساغ اعتبار التهم المشار إليها المتعلقة بإدارته للمدرسة المذكورة والتي لم يكن لها صدى على حسن إدارته لها ماسة بسمعته وسيرته.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى باقي التهم الموجه إلى المدعي فإنه بالإضافة إلى أنه عقب عليها في تقرير طعنه نافياً لها. فإنه ليس فيما أودعته الوزارة من أوراق ما يساندها.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن تحقيقات النيابة الإدارية في أخطر التهم التي نسبتها المنطقة التعليمية إلى المدعي - وهي المتعلقة باستيلائه على أموال بعض المدارس وإخفاء مستنداتها قد أسفرت عن عدم قيام هذه التهم على أساس سليم كما أنه ليس فيما أسفرت عنه الاتهامات الأخرى ما يمكن أن يستخلص منه استخلاصاً سائغاً أن المدعي فاقد لشرط السمعة الحسنة والسيرة الحميدة.
ومن حيث إنه لذلك. وإذا استخلصت الجهة الإدارية فقدانه لهذا الشرط من الاتهامات المذكورة - فإن استخلاصها يكون غير سائغ من أصول لا تنتجه ويكون القراران الصادران بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة باقي المدارس الحرة تأسيساً على فقدانه الشرط المذكور - باطلين لعدم قيامهما على سبب صحيح يبررهما - وذلك بالإضافة إلى أن ثاني هذين القرارين وهو الصادر من مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية مشوب بعيب عدم الاختصاص حسبما سبق البيان.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم ويكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب قد خالف القانون ويتعين إلغاؤه والقضاء بإلغاء القرارين سالفي الذكر مع إلزام الحكومة المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر بتنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين والقرار الصادر بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة. وألزمت الحكومة بالمصروفات.

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 87

(10)
جلسة 12 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 889 لسنة 7 القضائية

( أ ) تعليم حر. لجنة شئون التعليم الحر. اختصاص. القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة - اختصاص لجنة شئون التعليم الحر بالتنحية عن النظارة - مقصور على المدارس الحرة المجانية - أساس ذلك.
(ب) تعليم حر. تأديب. القانون رقم 583 لسنة 1955 - اختصاص مدير التربية والتعليم بالإشراف على المدارس الحرة لا يخوله تنحية نظار تلك المدارس أو مديريها بقرار منه.
(جـ) قرار إداري. "سببه". شرط حسن السمعة وطيب السيرة - تقدير توافر هذا الشرط - من الأمور التي تترخص فيها الإدارة - وجوب أن تكون النتيجة التي تصل إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من وقائع صحيحة منتجة في الدلالة على هذا المعنى.
1 - أن القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة الذي صدر في ظله القراران المطعون فيهما قد نص في المادة 29 منه على اختصاصات لجنة شئون التعليم الحر - ومن بين هذه الاختصاصات (تنحية نظار المدارس في الحالات المنصوص عليها في المادة 47). وقد وردت المادة 47 المشار إليها في الباب الثاني من القانون - وهو باب خاص بالمدارس الحرة المجانية - ونصت في الفقرة الثانية منها على أنه (يجوز بقرار يصدر من لجنة شئون التعليم الحر بناء على اقتراح مدير التربية والتعليم بالمنطقة تنحية صاحب المدرسة من النظارة إذا رأت من الأسباب ما يبرر ذلك) ووفقاً لأحكام هذين النصين يقتصر اختصاص اللجنة بالتنحية عن النظارة على المدارس الحرة المجانية - دون المدارس التي تتقاضى مصروفات التي خصص لها القانون الباب الثالث منه ولم يرد فيه حكم مماثل لنص الفقرة الثانية من المادة 47.
2 - أنه ولئن كان القانون رقم 583 لسنة 1950 المشار إليه قد خول مدير التربية والتعليم بالمنطقة من الاختصاصات ما يكفل له الإشراف التام على المدارس الحرة الداخلة في حدود اختصاصه وأحكام الرقابة عليها وعلى العاملين فيها إلا أنه قد خلا من أي نص يخوله تنحية نظار تلك المدارس أو مديريها عن عملهم بقرار منه وأجاز أن توقع هذه التنحية كجزاء تأديبي يصدر به قرار من مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة 34 منه.
3 - أنه ولئن كان الأصل أن تقدير توافر شرط حسن السيرة والسمعة أو عدم توافره فيمن يعهد إليهم بالقيام على شئون التربية والتعليم من الأمور التي تترخص للإدارة فيها إلا أنه يتعين أن تكون النتيجة التي تصل إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من وقائع صحيحة منتجة في الدلالة على هذا المعنى. وإلا كان قرارها فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 20 من مايو سنة 1957 أقام السيد/ منير رزق الدعوى رقم 891 لسنة 11 القضائية ضد السيد وزير التربية والتعليم طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر في 14 من مايو سنة 1957 فيما تضمنه من تنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة وبإلغاء القرار المذكور وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه أنه أنشأ في سنة 1944 مدرسة الملائكة بشبرا. ومنذ ذلك التاريخ يقوم بتأدية رسالتها العلمية تحت إدارته على خير وجه إلى أن قام خلاف شخصي بينه وبين مدير عام المنطقة الشمالية سابقاً فبدأ بحرمان إحدى مدارسه من الإعانة بغير مبرر فأقام الدعوى رقم 303 لسنة 3 القضائية التي قضت فيها محكمة القضاء الإداري باستحقاقه للإعانة التي حرم منها. ثم عاد المدير المذكور إلى الكيد له فقرر إقصاء ناظرة إحدى مدارسه رغم صلاحيتها ورغم أنها شريكته في ملكية المدرسة فلم يسعهما إلا الالتجاء إلى القضاء الذي حكم بإلغاء القرار في الدعوى رقم 793 لسنة 7 القضائية. وانتهز المدير فرصة وجود لجنة فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي في أوائل سنة 1953 ودس عليه تقارير سرية زعم فيها أن هناك تحقيقاً يجرى معه. ولما كان هذا الناظر ليس موظفاً ولا اختصاص للجنة في شأنه فضلاً عن أنه ليس هناك ما يشينه فقد قررت اللجنة حفظ الموضوع وقيل أنها أوصت بإبعاده عن إدارة جميع المدارس الحرة. وذكر المدعي أنه عندما نما ذلك إلى علمه أقام الدعوى رقم 863 لسنة 7 القضائية طالباً وقف تنفيذ وإلغاء ذلك القرار ولكن الوزارة أنكرت صدور قرار ضده من لجنة التطهير ومن ثم حكمت المحكمة بانتهاء الخصومة. وفي نوفمبر سنة 1955 أوقفت الوزارة إعانة ثلاثة مدارس يملكها بحجة وجود حضانات بمصروفات ملحقة بمدارس ابتدائية أو إعدادية مجانية. وبالرغم من أن هذه الحالة ليس فيها مخالفة للقانون. ورغم أنه تعهد بإلغاء الحضانات ونقلها إلى أماكن أخرى إلا أن لجنة شئون التعليم الحر قررت في 4 من سبتمبر سنة 1956 الاستيلاء على تلك المدارس فأقام دعوى طالباً إلغاء هذا القرار لا زالت منظورة. ثم أوقفت الوزارة صرف إعانة الإيجار والتعويض عن المدرسة الرابعة الباقية له وهي مدرسة الملائكة اعتباراً من نوفمبر سنة 1956 دون أي سبب - ومضى المدعي يقول أنه في 12 من نوفمبر سنة 1956 تلقى كتاباً من المنطقة الشمالية يتضمن تكليفه بالتنازل فوراً عن ملكية مدرسة الملائكة الابتدائية بناء على قرار لجنة التطهير في سنة 1953 بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة. فرد على هذا الكتاب متمسكاً بما يسبق أن قررته الوزارة أمام المحكمة من عدم صدور قرار أصلاً من لجنة التطهير ضده ومبيناً أنه بفرض صدور هذا القرار فإنه لا يبيح إقصاءه عن مدرسته وفي 14 من مايو سنة 1957 استصدرت الوزارة قراراً من لجنة شئون التعليم الحر أبلغ إليه في 16 مايو سنة 1957 بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة تنفيذاً لتوصية لجنة التطهير في 6 من فبراير سنة 1953 - وذكر المدعي أن هذا القرار مخالف للقانون ومشوب بسوء استعمال السلطة وأنه يطلب إلغاءه للأسباب الآتية:
1 - أن توصية لجنة التطهير التي بني عليها القرار توصية باطلة لأنه ليس موظفاً من موظفي الدولة ولا زال يتقاضى مرتبه من بند الإعانات.
2 - وفي إنكار الوزارة لصدور قرار اللجنة عندما أقام الدعوى رقم 863 لسنة 7 القضائية تسليم ببطلانه.
3 - وأنه بغرض صدور القرار واختصاص اللجنة بإصداره فإن الأجل المحدد بالقانون رقم 181 لسنة 1952 الخاص بالفصل بغير الطريق التأديبي قد انقضى منذ أكثر من أربع سنوات. وما كان يسوغ أعماله بعد تلك المدة الطويلة.
4 - وأن قرار اللجنة بني على أساس تقرير من مدير المنطقة الشمالية سابقاً تضمن وجود تحقيقات خطيرة ضد المدعي. ولم تفحص اللجنة تلك التحقيقات. وقد أسفرت عن براءته من ارتكاب أية مخالفة.
5 - أن ما اشترطه قانون التعليم الحر رقم 583 لسنة 1955 هو ألا يكون قد صدر ضد الناظر حكم تأديبي. ولا يعتبر قرار لجنة التطهير حكماً تأديبياً.
6 - أن المنطقة الشمالية سبق أن استشارت السيد مستشار الرأي وإدارة الشئون القانونية في سنة 1953 في كيفية تنفيذ توصية لجنة التطهير فكان ردهما ألا يصح تنفيذها إلا بناء على قرار من مجلس التأديب.
7 - أنه يدل على بطلان توصية لجنة التطهير سكوت الوزارة حتى سنة 1957 واعتمادها المدعي ناظراً واستمرارها في صرف مرتبه من بند الإعانات طوال تلك السنوات.
8 - كما يدل على بطلان القرار المطعون فيه ما تضمنته تقارير المفتشين والسيد المدير المساعد للمنطقة عن أعمال المدعي كناظر للمدرسة قبل وبعد صدور قرار لجنة التطهير.
وأجابت الوزارة على الدعوى فيما تقدمت به من مذكرات. وقد تضمنت إحداها الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها لأن المدعي ليس من موظفي الفئة العالية كما أنه ليس موظفاً عن الداخلين في الهيئة بل من الموظفين المدرجين على بند الإعانات تطبيقاً لنص المادة الرابعة من القانون رقم 583 لسنة 1955 - وقالت الوزارة أنه لما كان المدعي صاحب وناظر مدرسة الملائكة بشبرا - وثبت من التحقيقات ارتكابه لمخالفات جسيمة. فقد قدم إلى لجنة التطهير المكونة طبقاً للقانون رقم 181 لسنة 1952 التي أوصت بأن تبعده الوزارة عن إدارة أية مدرسة حرة تابعة لها. ولذلك اقترح مدير التربية والتعليم على لجنة شئون التعليم الحر تنحيته عن النظارة وذلك أعمالاً لسلطة هذه اللجنة وفقاً لأحكام المادتين 19، 47 من قانون التعليم الحر. وقد اجتمعت اللجنة في 23 من ديسمبر سنة 1956 ورأت تأجيل البت في الموضوع لتقدم منطقة القاهرة الشمالية بياناً عما إذا كان المدعي قد ارتكب مخالفات جديدة بعد صدور توصية لجنة التطهير فقامت المنطقة بتشكيل لجنة لفحص أعمال المدعي في المدارس التي كان يملكها وفي مدرسة الملائكة التي كان لا يزال يملكها ويعمل ناظراً لها وأظهر الفحص أنه ارتكب ثلاثاً وعشرين مخالفة تكفي كل واحدة منها لعزله عن النظارة وحرمانه من إدارة أية مدرسة. فرأت لجنة التعليم الحر بجلسة 14 من مايو سنة 1957 نتيجة لهذه الأخطاء والمخالفات الموافقة على ما رآه مدير المنطقة الشمالية من تنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة بشبرا - أما ما رأته اللجنة من مراعاة توصية لجنة التطهير بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة فليس إلا توصية جديدة منها. وليس تنفيذاً لقرار لجنة التطهير ذلك لأن المادة السابعة من القانون رقم 583 لسنة 1955 بإحالتها في فقرتها الأولى على الفقرة الثانية من المادة الرابعة تشترك فيمن يدير مدرسة حرة أن يكون محمود السيرة حسن السمعة. كما تنص المادة الخامسة على أنه إذا فقد صاحب المدرسة أو من يديرها أحد الشروط المبينة في المادة الرابعة وجب أن تنتقل ملكيتها إلى آخر. ولما لم يكن القانون قد حدد الجهة التي تقضي بتوافر أو عدم توافر شرط حسن السمعة. فإن لجنة التعليم الحر نتيجة دراسة ما توافر أمامها من تحقيقات ومخالفات ارتكبها المدعي - رأت أنه فاقد لشرط حسن السمعة مما يوجب منعه من إدارة أية مدرسة في المستقبل. فهذا الشطر من القرار ليس إلا تقريراً بأن المدعي فاقد لشرط حسن السمعة مما يوجب التوصية بمنعه من إدارة مدرسة. وقد أعاد الوضع القائم عند صدور قرار لجنة التطهير في سنة 1953. ولم يضف إليه جديداً يمكن أن يوجه إليه الطعن وهو كتوصية ليس له صفة نهائية ولا تنفيذية أما قرار اللجنة ذو الصفة التنفيذية فهو القرار الصادر بتنحية المدعي عن إدارة مدرسة الملائكة أما ما أثاره المدعي في صحيفة دعواه وفي مذكرته من غبار حول تصرفات المختصين من موظفي الوزارة فلا يقوم على أساس ولم يقم عليه دليل.
وعقب المدعي على دفاع الوزارة مردداً ما تضمنته صحيفة دعواه وأضاف أنه ليس للجنة شئون التعليم الحر قانوناً حرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة إذ الحرمان من اختصاص مجلس التأديب وحده. وذكر أن الشروط الخاصة بصاحب المدرسة وناظرها المنصوص عليها في المادتين 4، 7 من القانون 583 لسنة 1955 متوافرة فيه. وإن لجنة شئون التعليم الحر لا يمكنها أن تنحى نظار المدارس الخاصة. وأنه قد ثبت أن الأسباب التي استندت إليها في شأنه وهمية مختلقة كما هو ثابت في التحقيقات.
وبجلسة 22 من أكتوبر سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري في طلب وقف التنفيذ برفضه. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا طالباً الحكم بإلغائه وبوقف تنفيذ القرار الإداري الصادر في 14 من مايو سنة 1957 بالنسبة إلى شقه الخاص بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة - وبجلسة 5 من إبريل سنة 1958 قضت المحكمة الإدارية العليا بقبول هذا الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وبجلسة 27 من ديسمبر سنة 1960 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعد اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها، وفي الموضوع برفضها وألزمت المدعي بالمصروفات. وقامت قضاءها برفض الدفع على أن المدعي إذا كان يحصل على إعانة من الوزارة من بند الإعلانات فإنما يحصل على ما يستحقه بوصفه صاحب المدرسة وناظرها. وذلك لا يجعله موظفاً تابعاً للوزارة بل يظل من الأفراد ويحق له على هذا الأساس المطالبة بإلغاء القرارات الإدارية التي تصدر في شأنه أمام محكمة القضاء الإداري - وأقامت قضاءها برفض الدعوى على أن حاصل نصوص القانون رقم 583 لسنة 1955 وعلى هدى ما حرص المشرع على إيضاحه صراحة في مذكرته الإيضاحية أن المشرع قصد أن تقوم العلاقة بين الوزارة وبين أصحاب المدارس الحرة والقائمين عليها على أساس من الثقة والاطمئنان بوصفهم قائمين على تربية النشئ لذلك حرص المشرع على اشتراط أن يكون صاحب المدرسة الحرة ومديرها ومدرسوها وموظفوها محمودي السيرة حسني السمعة وتترخص الوزارة وجهاتها الإدارية في تقدير شرط حسن السمعة حسبما يقوم لديها من مبررات بلا معقب عليها طالما كان قرارها في ذلك قائماً على أسباب جدية لها أصول ثابتة في الأوراق من غير عسف ولا انحراف. وقد ارتكب المدعي عدة مخالفات مالية وإدارية في المدارس التي كان يملكها ويتولى إدارتها مما أدى بلجنة التطهير التي عرض عليها أمره في سنة 1953 إلى أن توصي بتنحيته عن إدارة أية مدرسة حرة تابعة للوزارة وقد استمر رغم ذلك في ارتكاب مخالفات في إدارته لمدارسه المختلفة بعد ذلك على الوجه المبين بأسباب الحكم. وقد اتخذت المنطقة التعليمية ضده إجراءات مختلفة تبعاً لجسامتها وخطورتها وصلت في بعضها إلى حد الاستيلاء على بعض مدارسه أو إغلاقها إدارياً حتى لم يبق منها إلا مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين. موضوع الدعوى كما اكتفت المنطقة في بعض المخالفات بإنذاره أو بتكليفه برد المبالغ التي استولى عليها بغير حق. ورأت في بعضها إرسال التحقيقات الخاصة بها إلى النيابة الإدارية لإجراء شئونها فيها. ولما كان بعض هذه المخالفات يتعلق بالمدرسة الوحيدة التي بقيت له فقد طلبت المنطقة من لجنة شئون التعليم الحر في 12 من نوفمبر سنة 1956 تنحيته عن نظارة هذه المدرسة وفي الوقت ذاته كتبت إليه طالبة منه التنازل عن ملكيتها إلى من يراه متوافرة فيه الشروط على اعتبار أنه قد فقد شرط حسن السمعة لما قام لديها من أسباب نتيجة لتلك المخالفات والتحقيقات فأعملت في شأنه حكم المادة الخامسة من القانون أما سقوط هذا الشرط عنه كناظر المدرسة فقد أحالت الأمر فيه إلى لجنة شئون التعليم الحر التي قررت - بعد أن وقفت على ما جد حصوله منه حتى سنة 1957 تنحيته عن نظارة هذه المدرسة على أساس ما ثبت لديها من التحقيقات والجزاءات التي صدرت ضده والتي اعتبرت معها أنه فقد شرط حسن السمعة كناظر مدرسة حرة وهو الشرط الذي استوجبته المادة السابعة من القانون - أما طعن المدعي على القرار بأنه صدر على أساس قرار لجنة التطهير الصادر في 6 من يناير سنة 1953 ففي غير محله. إذ الثابت أن لجنة شئون التعليم الحر قد رفضت أن تتخذ قراراً فيما طلبته المنطقة على أساس تقرير لجنة التطهير أما نعي المدعي على القرار بأنه إذ قضى بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة يكون قد أوقع جزاء أشد من الجزاءات التي تضمنتها المادة 32 من القانون 583 لسنة 1955 ومما لا يجوز توقيعها إلا بقرار من مجلس التأديب وبأن لجنة شئون التعليم الحر لا تملك إلا تنحية نظار المدارس في الحالات المنصوص عليها في المادة 47 من القانون التي وردت في الباب الخاص بالمدارس الحرة المجانية - وكذلك نعيه على القرار بأنه بني على غير أصول تنتجه فقد عقبت عليه المحكمة بقولها أن فقدان شرط حسن السمعة يترتب عليه سقوط أهلية صاحب المنصب في المنصب المسند إليه ما دام هذا الشرط قد شرط توفره ابتداء ذلك أنه شرط للصلاحية مطلوب بقوة القانون دون حاجة إلى محاكمة تأديبية. ولا إلى جزاء تأديبي لأن المجال هنا وهو يقوم على الثقة والاطمئنان لا علاقة له بالمحاكمات التأديبية فيكفي لتقرير جهة الإدارة ذلك أن يقوم لديها من الأسباب الجدية ما يكفي لاقتناعها بفقدان شرط حسن السمعة. وأن تكون هذه الأسباب مستمدة من أصول ثابتة في الأوراق تنتجها والثابت أن المدعي ارتكب 23 مخالفة إدارية ومالية في المدرسة موضوع القرار المطعون فيه وفي مدارسه الأخرى التي استولت الوزارة على بعضها وأغلقت البعض الآخر إدارياً وأنها حققت كل هذه المخالفات وثبت لديها صحتها واكتفت في بعضها بإنذاره أو رد ما استولى عليه بغير حق ورأت أحالة بعضها إلى النيابة الإدارية. ولا يجد ما يلزمها قانوناً بانتظار النتيجة التي انتهت إليها النيابة الإدارية لتصدر قراراً لفقدان المدعي شرط حسن السمعة فضلاً عن أنه تبين من الاطلاع على التحقيقات التي قال المدعي أنها كانت تحت تصرف النيابة الإدارية ثبوت مسئوليته فالمخالفات المنسوبة إليه قائمة فعلاً وثابتة لدى الجهة الإدارية بالقدر الكافي لجعل القرار قائماً على أسباب جدية مستخلصة من أصول ثابتة في الأوراق ولا اعتداد بما يثيره من أن لجنة شئون التعليم الحر لا تختص بتنحية أصحاب المدارس الحرة ذات المصروفات وأن اختصاصها في هذا الشأن محدد بالحالات المنصوص عليها في المادة 47 وهي واردة في الباب الثاني من القانون والخاص بالمدارس الحرة المجانية. أما المدارس الحرة ذات المصروفات فقد خصها القانون بالباب الثالث منه ولم يرد فيه حكم مماثل. لا اعتداد بذلك لأن الآثار المترتبة على انتفاء الصلاحية بفقدان شرط حسن السمعة تقع بقوة القانون بالإضافة إلى أن قانون تنظيم المدارس الحرة قد خصص الباب الأول للأحكام العامة التي تشمل المدارس الحرة على اختلاف أنواعها وفيها الشروط الواجب توافرها في صاحب المدرسة الحرة وناظرها ومديرها وموظفيها وورود الحكم الخاص بأن للجنة شئون التعليم الحر سلطة تنحية صاحب المدرسة عن النظارة إذا قام من الأسباب ما يبرر ذلك في الفقرة الثانية من المادة 47 لا يمنع من انطباقه على أصحاب المدارس الحرة عموماً فإذا كانت هذه اللجنة قد أصدرت قرارها المطعون فيه بناء على وقائع مستمدة من أصول ثابتة في الأوراق تؤدي لفقدان المدعي شرطاً من شروط الصلاحية للقيام بالتعليم الحر فإن قرارها يكون مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً - أن الحكم قد سرد الوقائع سرداً غير صحيح إذ ذكر أن المدعي لا يشغل أية وظيفة من وظائف التربية والتعليم مع أنه كان يشغل وظيفة ناظر مدرسة الملائكة المجانية المعانة ويتقاضى مرتبه من الوزارة فهو موظف حكومي على بند الإعانات واستمر ناظراً لها حتى صدر القرار المطعون فيه ثم نقل ناظراً احتياطياً في تفتيش القسم السادس عشر بالمنطقة الشمالية التعليمية بعد ذلك القرار. ثم نقل إلى وظيفة رئيس لجنة تغذية من اللجان الخمسة بمنطقة القاهرة الوسطى ورؤساء هذه اللجان جميعاً من نظار المدارس - كما جاء بالحكم أنه لم يبق للمدعي من مدارسه إلا مدرسة الملائكة الابتدائية الحرة ذات المصروفات. مع أنه يملك مدارس كثيرة منها القسم الليلي بمدرسة الصلاح والقسم الليلي بشارع قطه رقم 1 وهو ناظر لهاتين المدرستين أيضاً وهما بمصروفات. وله مدارس حرة أخرى معانة وغير معانة بمناطق المنصورة وشبين الكوم التعليمية. بل وصرحت له منطقة القاهرة الوسطى التعليمية بفتح مدرسة جديدة في سنة 1959 هي مدرسة الناصر النموذجية بحدائق شبرا.
ثانياً - أن المدعي له صفتان:
(1) فهو بوصفة ناظراً لمدرسة الملائكة الابتدائية المجانية الداخلة في نطاق الإعانة يعتبر من موظفي الدولة الذين تنظمهم الفئة (ب) المنصوص عليها في المادة الثامنة من القرار رقم 512 لسنة 1956 ويجوز تنحيته عن نظارة مدرسته طبقاً للمادة 47 من القانون 583 لسنة 1955 إذا رأت لجنة شئون التعليم الحر لأسباب جدية ما يبرر ذلك.
2 - وبوصفه ناظراً للمدرستين الليليتين اللتين تتقاضيان مصروفات يعتبر من موظفي التعليم الحر الذين تشملهم الفئة ج من المادة الثامنة من القرار الوزاري المشار إليه فيخضع لأحكام التأديب المنصوص عليها في المادتين 31، 32 من القانون 583 لسنة 1955 - ولما كان هو الوحيد القائم على إدارة هاتين المدرستين فيكون هو الناظر وهو المدير ويكون حرمانه من الإدارة هو حرماناً له من النظارة. وهذا الحرمان عقوبة تأديبية في حكم المادة 32 من القانون وتوقيعها من اختصاص مجلس التأديب وحده. وقد تعدت الوزارة اختصاصها في توقيع هذه العقوبة وأوغلت بأن جعلت الحرمان مطلقاً غير موقوت. مع أن مجلس التأديب لا يملك إلا توقيع عقوبة الحرمان من النظارة لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات إلا أن يرى المجلس فصل الموظف مع حرمانه نهائياً من شغل الوظائف بالمدارس ومنها النظارة وهذا لا يكون إلا لأمور ماسة بالأخلاق أو الشرف أو الأمانة فيكون قرار الوزارة مشوباً بعيب اغتصاب السلطة. ولا ينال من ذلك أن يكون القرار قد صدر تنفيذاً لقرار لجنة شئون التعليم الحر. إذ أن هذه اللجنة لا تملك إلا تنحية نظار المدارس الحرة المجانية وفقاً لأحكام المادتين 21، 47 من القانون أما ما جاء بالحكم من أن الوزارة وجهاتها الإدارية القوامة على شئون التعليم الحر ومدارسه تترخص في تقدير شرط حسن السمعة وجوداً وعدما فمردود بأن ذلك كله عند الترخيص لصاحب المدرسة بافتتاح مدرسته أو التصريح للموظفين من نظار ومستخدمين ببدء عملهم. وبعد ذلك لا يجوز حرمانهم من عملهم القائمين به إلا بقرار من مجلس التأديب طبقاً للمادة 32 من القانون أما ما جاء بالحكم من أن المدعي فقط شرط حسن السمعة فمردود بأنه قد وقع الاختيار عليه ليكون رئيساً للجنة التغذية ورؤساء هذه اللجان يختارون من الموظفين موضع التقدير والثقة والأمانة كما رخصت له الوزارة في سنة 1959 بافتتاح مدرسة الناصر النموذجية وذلك بالإضافة إلى أن جميع التقارير المقدمة عنه سواء قبل أو بعد القرار المطعون فيه تشيد به وبحسن سمعته.
ثالثاً: فسر الحكم القرار الصادر بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة بأنه حرمان من ملكية هذه المدارس ولا أدل على أن هذا التفسير قد جاء خاطئاً من أن الوزارة لم تمس ملكيته لمدرسة الملائكة المجانية المعانة حق الآن ولا ملكيته لمدارسه الأخرى. وتفسير محكمة القضاء الإداري للقرار على الوجه المذكور معناه أنها فرضت عليه عقوبة لم يشملها القرار المطعون فيه. وقد سبق أن طلبت منه المنطقة الشمالية نقل ملكية مدرسة الملائكة ثم عادت وسحبت هذا الطلب.
رابعاً: أن ما جاء بالحكم من أن لجنة التطهير أصدرت قراراتها بناء على تحقيقات في مخالفات نسبت إلى المدعي وأن حاله لم ينصلح رغم ما اتخذ ضده من إجراءات وتحقيقات وجزاءات بعد لجنة التطهير. مردود بأنه لم يوضع عليه أي جزاء ولم يثبت ضده أي اتهام. والعقوبة الوحيدة التي وقعت عليه بعد صدور القرار المطعون فيه بسنة تقريباً هي خصم خمسة أيام من مرتبه لاتهامه على غير أساس بأنه تسبب في ضياع 127 طابع دمغة.
خامساً: أما الاتهامات التي تقدمت بها المنطقة الشمالية التعليمية إلى لجنة شئون التعليم الحر ضد المدعي وهي ثلاثاً وعشرون تهمة فإن المدعي كان فيها ضحية للانتقام الشخصي من المنطقة الشمالية بسبب تقديمه شكوى ضد السيد/ عوض الله عثمان مساعد المفتش الذي قدم تقارير مخالفة للوائح عن مدرسة الملائكة - فكان رده على تلك الشكوى هو توجيه الاتهامات المذكورة. وذكر أنه قدم لمحكمة القضاء الإداري صورة من كتابه للمنطقة وإلى المسئولين بالوزارة برده على هذه التهم تهمة تهمة. ولكن الحكم المطعون أغفل هذه الدفاع وقال أن رده على تلك الاتهامات هو:
1 - عن التهمة الأولى: وهي أنه استولى على 26 جنيهاً و200 مليم من متحصلات النشاط بمدرسة المعهد الفرنسي المشترك في العام الدراسي 1955/ 1956 واحتفظ بها لنفسه. واكتشف مفتش القسم هذه المخالفة فرد المبلغ في 20 من فبراير سنة 1956 إلى صندوق توفير البريد - ذكر المدعي أن الثابت من تحقيق النيابة الإدارية أن هذه المدرسة كانت تسمى باسم روضة المعهد الفرنسي وتغير اسمها بأمر المنطقة إلى مدرسة المعهد الفرنسي المشترك وفي يوم 18 من فبراير سنة 1956 طلب منه السيد/ عوض الله عثمان مساعد المفتش تغيير اسم المدرسة في دفتر التوفير. فنفذ ذلك بتقديم الدفتر إلى مكتب البريد لتغيره واستلم عنه إيصالاً مؤرخاً في 20 من فبراير سنة 1956 تضمن أن رصيد الدفتر 26 جنيهاً 200 مليم وفي اليوم التالي طلب مساعد المفتش الدفتر. فرد عليه بكتاب أرسل معه إيصال مكتب البريد. وقد احتفظ مساعد المفتش بالإيصال. ولما طالبه المدعي برده ليسترد به دفتر التوفير أخذ يسوف حتى أطلعت وكيلة النيابة الإدارية عليه وعلى الكتاب المشار إليه مقدمين من المنطقة في دعوى الاستيلاء بمجلس الدولة.
2 - عن التهمة الثانية: وهي أنه استولى على نقود النشاط المدرسي بدأت المدرسة في مستهل العام الدراسي 1956 - 1957 ولم يقم بتوريدها إلا عقب الاستيلاء على هذه المدرسة فاضطر إلى دفعه إلى ناظرة المدرسة - عقب عليها المدعي بقوله أن الثابت في تحقيق النيابة الإدارية أنه لم يستطع استلام دفتر التوفير الخاص بالمدرسة والسابق الإشارة إليه. ومن ثم فقد اضطر إلى أن يصرف على النشاط المدرسي من ماله ولما بدأ العام الدراسي التالي دون أن يصل إليه الإيصال لاستلام الدفتر تقدم بشكوى للمنطقة - وفي هذا الوقت جمعت سكرتيرة المدرسة في أول العام الدراسي بعض نقود النشاط - حوالي ثلاثة جنيهات - وسلمته إليه كأمانة بمقتضى إيصال حرره على ظهر دفتر الإيصالات (123 معارف) إلى أن يسترد دفتر التوفير ويضع المبلغ فيه، فلما صدر قرار بالاستيلاء على المدرسة في 4 من سبتمبر سنة 1956 سلم المبلغ إلى الناظرة وشطب توقيعه على الإيصال المأخوذ عليه. وقد اعترفت السكرتيرة والناظرة في التحقيق بكل ذلك.
3 - عن التهمة الثالثة: وهي عدم استيفاء الدمغة على استمارات التحاق التلاميذ بمدرسة المعهد الفرنسي المشترك ومدرسة المعهد الفرنسي للبنات - عقب عليها المدعي بقوله أن سكرتيرة مدرسة المعهد الفرنسي المشترك سلمته ثمن 127 ورقة دمغة لشرائها في اليوم السابق للاستيلاء بعد الظهر واشتراها فعلاً ووضعها في مكتبة بالمدرسة ليسلمها لها في صباح اليوم التالي ولكنه فوجئ في ذلك اليوم بالاستيلاء على المدرسة ومنعه من دخولها وتم الاستيلاء في غيبته مما ترتب عليه فقدان أشياء كثيرة فتقدم بشكوى إلى النيابة الإدارية - أما دمغة مدرسة المعهد الفرنسي للبنات والاعتراف الذي تنسبه المنطقة لناظرة المدرسة فلاً يعلم عنه شيئاً.
4 - عن التهمة الرابعة: وهي أنه وقع على الدفتر 123 معارف الخاص بتحصيل نقود النشاط بالمدرسة الفرنسية المشتركة بما يفيد تسلمه المبالغ المتحصلة ثم لما اضطر لتسليم الدفتر بعد الاستيلاء شطب توقيعه - عقب عليها المدعي بقوله أن الدفتر المذكور دائماً في عهدة سكرتيرة المدرسة، ولما سلمته السكرتيرة المبالغ التي حصلتها كتب إيصالاً على ظهر هذا الدفتر. ولما رد المبلغ إلى النظارة بعد الاستيلاء على المدرسة شطب توقيعه.
5 - عن التهمة الخامسة: وهي أنه حصل مبلغ 250 مليماً من تلميذ بمدرسة الملائكة واستخرج به إيصالاً من دفتر القسائم واحتفظ به لنفسه ولم يورده - عقب عليها المدعي بأن الذي استخرج الإيصال هو سكرتير المدرسة المعين من الوزارة في مايو سنة 1956 ولم يستطع توريد المبلغ لأن خزينة البريد لا تسلم قسائم التوريد بالمدارس إذا كانت قيمتها أقل من مائة قرش. ثم ورد المبلغ بعد ذلك. ولم يحقق معه في هذه التهمة خلافاً لما تذكره المنطقة.
6 - عن التهمة السادسة: وهي أنه لم يقم بتوريد مبلغ 4 جنيهات و296 مليماً ثمن كتب لم تصرف للتلاميذ ولم ترد لتوريدات المنطقة التي طلبت خصم المبلغ من الإعانة - عقب عليها المدعي بأن سكرتير المدرسة الذي عينته الوزارة هو الذي يستلم الكتب. وقد رجع السكرتير بالمتبقي منها إلى التوريدات لتسليمه فرفضت أكثر من مرة - ورحمة بالسكرتير قبل هو أن يخصم ثمنها من الإعانة.
7 - عن التهمة السابعة: وهي أنه لم يسدد قيمة الرسوم الإضافية المستحقة على بعض تلاميذ السنة الثانية الإعدادية التي كانت ملحقة بمدرسة الملائكة - عقب عليها المدعي بأنها تهمة مختلفة ولم يجر بشأنها أي تحقيق.
8 - عن التهمة الثامنة: وهي أنه استولى على مبلغ 492 جنيهاً و400 مليم متحصلة من مدرسة المعهد المنير الإعدادية والمودعة بدفتر توفير باسم مدرسة الأميرة فتحية النائب عنها المدعي لغاية 28 من مارس سنة 1956 ولم يمكن المفتش الإداري من الاطلاع على دفتر التوفير ولا مستندات الصرف - عقب عليها المدعي بقوله بأن الثابت من تحقيق النيابة الإدارية أن لجنة التقييم قد أطلعت على هذه المستندات في مارس سنة 1957 ووقعت على كل منها وكتبت حساب مستندات الصرف حتى تاريخ زيارتها في استمارة التقييم وكتب أن الباقي حتى يوم زيارتها هو مبلغ 95 جنيهاً و153 مليماً مودع بدفتر التوفير المشار إليه. كما ذكر المدعي أن المبلغ الباقي وهو 95 جنيهاً و153 مليماً قد صرف على النشاط المدرسي بعد زيارة اللجنة وأضيف مستندات صرفها إلى باقي مستندات الصرف واعتمدتها اللجنة ولكن كل هذه المستندات المعتمدة وغير المعتمدة اختفت بعد الاستيلاء على المدرسة ومنع هو من الاشتراك في عملية الجرد.
9 - عن التهمة التاسعة: وهي تعمد إخفاء المستندات المذكورة رغم أن السيدة نعمت سعد ناظرة المدرسة قررت في التحقيق أن سكرتيرة المدرسة جميلة نصر الله ظلت بالمدرسة ثلاثة أيام بعد الاستيلاء عليها. وأنها كلفتها بتسليم عهدتها ولكنها لم تفعل - عقب المدعي على هذه التهمة بأن المنطقة هي التي طردت السكرتيرة عند الاستيلاء حتى يمكنها تلفيق الاتهام.
10 - عن التهمة العاشرة: وهي أن مدرساً بمدرسة الملائكة اتهمه بأنه أنشأ مجموعات لتلاميذ المدرسة الابتدائية المجانية. وحصل منهم مبالغ نظير ذلك مخالفاً تعليمات الوزارة - عقب عليها المدعي بقوله أن النيابة الإدارية قد حققت هذه التهمة وثبت كذبها وعوقب المدرس المبلغ وأنه طلب تقديم ملف التحقيق ولكنه لم يقدم.
11 - عن التهمة الحادية عشرة: وهي أنه كان يعطل بالمدرسة الابتدائية وهو ناظرها في الأسبوع (الجمعة والأحد) وهو يعلم أن في ذلك مخالفة صريحة - عقب عليها المدعي بقوله أنه أخذ تصريحاً بذلك من مفتشة القسم - ولما ألغي هذا التصريح جعل المدرسة تعمل يوم الجمعة.
12 - عن التهمة الثانية عشرة: وهي عدم استعماله دفاتر غياب وحضور وتأخر التلاميذ من أول العام الدراسي 1956 - 1957 حتى يوم 26 من ديسمبر سنة 1956 مهملاً بذلك التعليمات - عقب المدعى عليها بأن الذي اتهمه بذلك السيد عوض الله عثمان وأن هذه التهمة قد حققها المفتش الأول وثبت عدم صحتها.
13 - عن التهمة الثالثة عشرة: وهي أن تحقيق المفتش المساعد قد تضمن أن المدعي أدار مقصفاً لحسابه بمدرسة الملائكة تحت إشراف أحد الخدم دون مراقبة صحية متجاهلاً التعليمات - عقب عليها المدعي بأن هذا المفتش المساعد هو السيد عوض الله عثمان وبأن المفتش الإداري الأول أثبت عدم صحة هذا الاتهام وطلب في تقريره نقل مدارس المدعي من التفتيش الموجود به السيد عوض الله عثمان.
14 - عن التهمة الرابعة عشرة: وهي أنه أجر جزءاً من المدرسة المستولى عليها سكناً خاصاً عقب صدوره أمر الاستيلاء مباشرة متعمداً تعطيل تنفيذه - عقب عليها المدعي بقوله بأن الجزء الذي أجره هو مكان الحضانة التي تقرر إغلاقها وهو منفصل تمام الانفصال عن المدرسة.
15 - عن التهمة الخامسة عشرة: وهي أنه صرح في محضر البوليس عند الاستيلاء على مدارسه أنه يؤثر مصلحته المادية على كل مصلحة - عقب عليها المدعي بقوله أن فيها تحريفاً كبيراً لأنه لم يقل أكثر من أنه يجب أن يحافظ على أمواله حينما طلب اشتراكه في لجنة الجرد.
16 - عن التهمة السادسة عشرة: وهي أنه كان يستولى على جزء من مرتبات الموظفين الذين كانوا يعملون في مدارسه - عقب عليها بأنها اتهام غريب غير مستساغ منطقاً وعقلاً وأنه يتحدى المنطقة أن تثبت ذلك.
17 - عن التهمة السابعة عشرة: وهي أنه كان يحصل على مائة مليم ثمناً لاستمارة اللحاق بينما ثمنها المحدد هو خمسون مليماً محتفظاً بالفرق لنفسه - عقب عليها المدعي بقوله أنه لا صلة له بجمع ثمن الاستمارات - إذ أن كل سكرتير مختص بمدرسته. وأنه لم يجر تحقيق في ذلك.
18 - عن التهمة الثامنة عشرة: وهي أنه قام باقتطاع أجزاء عن المدارس المجانية التي تدفع له الوزارة عنها إيجاراً كاملاً. وأنشأ مدارس خاصة بمصروفات داخل المدارس المجانية - عقب عليها المدعي بقوله أن ما حدث هو أنه أنشأ حضانات مجاورة للمدارس ذات المصروفات وبني لها مرافق خاصة. ولم يتقاض عن هذه الحضانات مليماً من الوزارة كإيجار. وكانت هذه الحضانات معتمدة من المنطقة والوزارة.
19 - عن التهمة التاسعة عشرة: وهي أنه كان يلزم ناظرة المدرسة والمدرسات المعينات من قبل الوزارة بالإشراف والتدريس في هذه المدارس الخاصة - عقب عليها المدعي بقوله بأنه يحتكم في هذه التهمة إلى ملفات المدارس الخاصة إذ ثابت فيها أن لكل مدرسة ناظرتها ومدرساتها.
20 - عن التهمة العشرين: وهي أنه كان يأمر بقبول الأطفال دون السن القانونية في مدارسه المجانية - عقب عليها المدعي بقوله أنها تهمة لا ظل لها من الواقع. وأنه لا دخل له وهو صاحب المدرسة في مثل هذه الأمور التي هي من صميم عمل الناظر المعين من الحكومة.
21 - عن التهمة الحادية والعشرين: وهي أنه كتب للوزارة والمنطقة مراراً بأنه ألغى الحضانات وطلب صرف الإعانات التي أوقفتها الوزارة بسبب ما ارتكبه من مخالفات. ولما حققت المنطقة ادعاءه اتضح أنه لم يقم بتنفيذ ما قرره كما اعترف في محضر الشرطة بأن الحضانات لم تلغ إلا في يوم 4 من سبتمبر سنة 1956 وهو يوم الاستيلاء - وقد عقب المدعي على هذه التهمة بقوله بأنه يبين من التحقيق الإداري في هذا الشأن أن اللجنة المشكلة لهذا الغرض قالت عن فصول الحضانات التي قرر هو غلقها - أن هذه الفصول كانت مستعملة حضانة حتى آخر العام الماضي. ولم تقل أنها ما زالت تستعمل حتى الآن حضانات.
22 - عن التهمة الثانية والعشرين: وهي أنه نقل قسماً ليلياً يملكه بمدرسة الصلاح الابتدائية بشبرا إلى مكان آخر دون أن يخطر المنطقة وأنذر بسبب هذه المخالفة عقب عليها المدعي بقوله أنها تهمة غير صحيحة فلم ينقل هذا القسم من مكانه حتى الآن وأن الذي حدث أن الدراسة بهذا القسم أوقفت لحاجته إلى ترميم واضطر الطالب لنقله مدة الترميم إلى القسم الليلي بشارع قطة في فترة صباحية بعد أن أخطر المنطقة.
23 - عن المخالفة الثالثة والعشرين: وهي أنه خالف القانون لتشغيله فترة نهارية بمبنى القسم الليلي (جامعة شبرا الليلية) بشارع قطة/ 1 دون ترخيص - عقب عليها المدعي بأنها تكملة للاتهام السابق وأنه أخطر المنطقة بعد النقل مباشرة. ثم عاد بالقسم المذكور إلى مدرسة الصلاح بعد إتمام الترميمات.
وانتهى المدعي في تقرير طعنه إلى القول بأنه كان مجنياً عليه في معظم هذه الاتهامات وأن بعضها مختلق تماماً ولم تثر في أي تحقيق وأنه كان ضحية للانتقام الشخصي من المنطقة الشمالية.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد أودعت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات.
ومن حيث إن الوزارة قد عقبت على هذا الطعن وعلى تقرير هيئة المفوضين بمذكرتين قالت في أولاهما أن القرار المطعون فيه قد صدر من جهة تملك إصداره بحكم القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن المدارس الحرة إذ ناطت المادة 47 منه بلجنة التعليم الحر تنحية صاحب المدرسة الحرة المجانية عن النظارة إذا رأت من الأسباب ما يبرر ذلك فيكون القرار الصادر من هذه اللجنة بإبعاد المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة وهي من المدارس المجانية قد صدر من جهة تملك إصداره - ولئن كانت هذه اللجنة قد أوصت بإبعاد الطاعن عن إدارة جميع المدارس الحرة فإنه يحق للمنطقة التعليمية وهي السلطة القائمة على أمر تنفيذ القانون المشار إليه بالنسبة للمدارس التي تقع في دائرة اختصاصها أن تتبنى هذه التوصية فتستعمل سلطتها في التنفيذ المباشر فتبعد الناظر الذي يفتقد شرط الصلاحية لتولي هذه الوظيفة - وأضافت أن جهة الإدارة تترخص في تقدير توافر شروط الصلاحية ومنها شرط حسن السيرة والسمعة فيمن يعهد إليهم بإدارة المدارس الحرة بلا معقب عليها. وأن قرارها قد قام على أسباب جدية لها أصول ثابتة في الأوراق - وبعد أن تحدثت عما ارتكبه المدعي من مخالفات - انتهت في هذه المذكرة إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - أما المذكرة الثانية فقد انتهت فيها الوزارة إلى طلب الحكم أصلياً برفض الطعن واحتياطياً بعدم قبول الدعوى بشأن الطعن في قرار لجنة التعليم الحر في شقه الخاص بإبعاد المدعي عن أية مدرسة حرة وذكرت أن المدعي قصر طعنه على القرار الصادر من لجنة التعليم الحر في 14 من مايو سنة 1957 بشقيه الخاص أولهما بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية المجانية، وثانيهما بشأن أبعاده عن إدارة أية مدرسة حرة والشق الأول صادر من اللجنة المذكورة بالاستناد للسلطة المخولة لها بموجب المادة 47 من القانون رقم 583 لسنة 1955 والشق الثاني لا يعدو أن يكون توصية أو رأياً استشارياً - والطعن لا يوجه إلا إلى قرار إداري نهائي لا إلى توصية أو رأي استشاري. فالطعن في هذه التوصية لا ينصرف إلى قرار المنطقة الذي تبناها وأسبغ عليها ثوب القرار الإداري النهائي. وأنه لذلك فإن الوزارة تدفع بعدم قبول الدعوى بشأن الطعن في قرار لجنة شئون التعليم الحر لانعدام محل الطعن وهو القرار الإداري النهائي ولأنه من جهة أخرى فإن قرار المنطقة بأبعاد الطاعن عن إدارة المدارس قد أصبح حصيناً من الإلغاء بفوات مواعيد الطعن فيه. إذ أن منطقة القاهرة الشمالية قد أخطرته بقرارها المذكور في 16 من مايو سنة 1957 ولم يطعن فيه حتى الآن ثم تحدثت الوزارة عن سلطة لجنة شئون التعليم الحر التقديرية الواسعة وذكرت أنه يندرج في هذه السلطة التحقق من استمرار توافر شروط الصلاحية ومنها شرط حسن السمعة فيمن يعين ناظراً لمدرسة حرة. وتنحية من يفقد هذا الشرط. وأن معيار حسن السمعة يدق بصدد القائمين على تربية النشئ. وأنه يكفي لتحقق سوء السمعة قيام شبهات قوية تلقي ظلالاً من الشك - وقالت أنه يكشف عن فساد ذمة المدعي استيلاؤه على أموال خاصة بالنشاط المدرسي ورسوم الدمغة وحصوله على المال الحرام بكل الطرق التي كشف عنها تقرير المنطقة التعليمية الشمالية وهي الجهة التي ناط بها القانون الإشراف على مرفق التعليم وكشف المخالفات وتقويم الانحرافات - وأشارت إلى صدور قرار بمجازاة المدعي بخصم خمسة أيام من مرتبه مع إلزامه بدفع ثمن 127 ورقة دمغة خاصة بطلبات إلحاق المستجدين بمدرسة المعهد الفرنسي المشتركة. كما أشارت إلى غير ذلك من المخالفات التي نسبت إليه وانتهت إلى القول أن قرار لجنة التعليم الحر قد استمد من وقائع لها أصول ثابتة في الأوراق تنتجه. ومن ثم يكون مطابقاً للقانون لا عسف فيه ولا انحراف.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي كان يقوم بنشاط واسع في مجال التعليم الحر وأنه في 6 من يناير سنة 1953 عرض أمره على إحدى لجان التطهير المنشأة بمقتضى المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 فأوصت بأن تبعده الوزارة عن إدارة مدرسة حرة تابعة لها. ثم في 12 من نوفمبر سنة 1956 أرسل إليه مدير التربية والتعليم بمنطقة القاهرة الشمالية كتاباً جاء فيه أنه (بناء على قرار لجنة التطهير سنة 1953 - القاضي بحرمانكم من إدارة جميع المدارس الحرة - يقتضي التنازل فوراً عن ملكية مدرسة الملائكة الابتدائية إلى من ترون من ذوي الأهلية وتنطبق عليه الشروط الواردة بالقانون رقم 583 لسنة 1955 والقرار الوزاري رقم 512 لسنة 1956) - وفي ذات التاريخ طلب مدير التربية والتعليم من لجنة شئون التعليم الحر إصدار قرار بتنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية بناء على قرار لجنة التطهير بالتوصية بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة - وعرض الأمر على اللجنة بجلستها المنعقدة في 22 من ديسمبر سنة 1956 فقررت إحالته إلى أحد أعضائها لبحثه على أن تسأل منطقة القاهرة الشمالية لبيان ما إذا كان المذكور قد ارتكب مخالفات بعد قرار لجنة التطهير المشار إليه وما هي هذه المخالفات - وقدمت المنطقة إلى اللجنة مذكرة مؤرخة في 27 من إبريل سنة 1957 نسبت فيها إلى المدعي ثلاثاً وعشرين مخالفة - وبجلسة 14 من مايو سنة 1957 قررت اللجنة (موافقة المنطقة إلى ما طلبته من تنحية السيد منير رزق عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين بشبرا وذلك تطبيقاً لأحكام المادة 47 من القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة. مع مراعاة تنفيذ توصية لجنة التطهير سنة 1953 بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة) - وفي 16 من مايو سنة 1957 أرسل مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية بالقاهرة إلى المدعي كتاباً نصه: قررت الوزارة تنحيتكم عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين كما قررت حرمانكم من إدارة جميع المدارس الحرة تنفيذاً لتوصية لجنة التطهير الصادر في 6/ 1/ 1953) - وبصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 20 من مايو سنة 1957 أقام المدعي دعواه طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر في 14 من مايو سنة 1957 فيما تضمنه من تنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة.
ومن حيث إنه ولئن كان قرار لجنة شئون التعليم الحر الصادر في 14 من مايو سنة 1957 قد اقتصر على تنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية - مع الإشارة بتنفيذ توصية لجنة التطهير بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة - إلا أن المنطقة الشمالية في كتابها المرسل إليه في 16 من مايو سنة 1957 - قد أفصحت على أنها اتخذت قراراً بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة أي أنه في تاريخ إقامة المدعي لدعواه كان هناك فعلاً قراران بتنحيته عن العمل بالمدارس الحرة - أحدهما صادر من لجنة شئون التعليم الحر بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة والآخر من مدير التربية والتعليم بالمنطقة المذكورة بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة.
ومن حيث إن تحديد المدعي لطلباته في صحيفة الدعوى بوقف تنفيذ وإلغاء (القرار الصادر في 14 من مايو سنة 1957 فيما تضمنه من تنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة) - إنما كان حسبما هو مستفاد من الأوراق على أساس فهمه خطأ أن هذين القرارين (التنحية والحرمان) قد صدر بهما قرار واحد من لجنة شئون التعليم الحر - ذلك الفهم الذي استخلصه من كتاب المنطقة التعليمية المؤرخ في 16 من مايو سنة 1957 ومن علمه السابق بأن أمره كان معروضاً على تلك اللجنة - ولئن كان المدعي قد حدد طلباته على الوجه المذكور إلا أنه لا شك في أنه قد استهدف بها إلغاء أي قرار سابق على إقامة الدعوى محله حرمانه من نظارة أو إدارة المدارس المشار إليها جميعها - وإذ تبين بعد ذلك أن تنحيته وحرمانه قد صدر بهما قراران من جهتين مختلفين لا قرار واحد - فإنه لا مراء في أن دعواه المقامة بالطلبات المذكورة ضد الوزارة التي تتبعها هاتان الجهتان تنصرف إلى هذين القرارين معاً - لما كان طعنه بالنسبة إلى حرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة قد انصب - لا على توصية اللجنة بهذا الحرمان - بل على القرار الصادر به - كما أنه قد أقام الدعوى قبل انقضاء الميعاد المحدد لطلبات الإلغاء فإن دعواه تكون مقبولة ويكون الدفع بعدم قبولها بالنسبة إلى الطعن في حرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة غير قائم على أساس سليم مما يتعين معه رفضه.
ومن حيث إنه في 27 من مايو سنة 1957 أرسل إلى مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية كتاباً إلى المدعي في شأن تنحيته عن العمل بمدارسه طالباً منه بيان اسم من حل محله في إدارة مؤسساته الحرة الثلاث وهي مدرسة الملائكة - والقسم الليلي بشارع قطه - والقسم الليلي بمدرسة الصلاح. والمستفاد من هذا الكتاب أن قرار حرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة قد شمل المدرستين الليليتين المذكورتين وهما حسبما بان من الأوراق من المدارس الحرة التي تتقاضى مصروفات.
ومن حيث إن القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة الذي صدر في ظله القراران المطعون فيهما قد نص في المادة 29 منه على اختصاصات لجنة شئون التعليم الحر - ومن بين هذه الاختصاصات (تنحية نظار المدارس في الحالات المنصوص عليها في المادة 47). وقد وردت المادة 47 المشار إليها في الباب الثاني من القانون - وهو باب خاص بالمدارس الحرة المجانية - ونصت في الفقرة الثانية منها على أنه (يجوز بقرار يصدر عن لجنة شئون التعليم الحر بناء على اقتراح مدير التربية والتعليم بالمنطقة تنحية صاحب المدرسة عن النظارة إذا رأت من الأسباب ما يبرر ذلك). ووفقاً لأحكام هذين النصين يقتصر اختصاص اللجنة بالتنحية عن النظارة على المدارس الحرة المجانية - دون المدارس التي تتقاضي مصروفات التي خصص لها القانون الباب الثالث منه ولم يرد فيه حكم مماثل لنص الفقرة الثانية من المادة 47.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين مدرسة حرة مجانية - فإن تنحية صاحبها عن نظارتها متى قام السبب المبرر لذلك يكون من اختصاص اللجنة المشار إليها. وإذ اقتصر قرار اللجنة على تنحية المدعي عن نظارة تلك المدرسة بناء على الاقتراح المقدم لها من مدير التربية والتعليم المختص - فإنه لا يكون هناك وجه للنعي عليه بأنه مشوب بعيب عدم الاختصاص. أما ما أشارت به اللجنة من تلقاء نفسها - من مراعاة توصية لجنة التطهير بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة. بما في ذلك بطبيعة الحال المدارس التي تتقاضى مصروفات - فإنه لا ينطوي حسبما ذهبت إليه الوزارة يحق على قرار إداري - ولا يعدو في الواقع من الأمر أن يكون رأياً أو توجيها للجهة ذات الاختصاص لاتخاذ ما تراه من قرارات في هذا الشأن.
ومن حيث إنه ولئن كان القانون رقم 583 لسنة 1955 المشار إليه قد خول مدير التربية والتعليم بالمنطقة من الاختصاصات ما يكفل له الإشراف التام على المدارس الحرة الداخلة في حدود اختصاصه وأحكام الرقابة عليها وعلى العاملين فيها إلا أنه قد خلا من أي نص يخوله تنحية نظار تلك المدارس أو مديريها عن عملهم بقرار منه - وأجاز أن توقع هذه التنحية كجزاء تأديبي يصدر به قرار من مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة 34 منه إذ من بين الجزاءات التي يجوز لهذا المجلس توقيعها على موظفي المدارس الحرة غير المعينين على درجات وفقاً لأحكام المادة 32: (التنزيل عن وظيفة النظارة - الحرمان المؤقت من الاشتغال بالنظارة لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات - الحرمان من الاشتغال بوظائف التعليم لمدة لا تزيد على ثلاثة سنوات - الفصل - الفصل مع الحرمان النهائي من شغل الوظائف بالمدارس. ولا توقع العقوبة الأخيرة إلا لأمور ماسة بالأخلاق أو الشرف أو الأمانة.
ومن حيث إنه لذلك فإن مدير المنطقة التعليمية الشمالية إذ أصدر قرار بحرمان المدعي من إدارة جميع المدارس الحرة يكون قد خرج عن حدود اختصاصه المحدد في القانون ويكون هذا القرار مشوباً بعيب عدم الاختصاص.
ومن حيث إن السبب الذي قام عليه حرمان المدعي من نظارة إحدى مدارسه ومن إدارة باقيها هو حسبما تنطق به الأوراق وحسبما أفصحت عنه الوزارة في دفاعها فقده لأحد الشروط الواجب توافرها وفقاً لأحكام المادتين والرابعة والسابعة من القانون رقم 583 لسنة 1955 في صاحب المدرسة الحرة وفيمن يديرها وهو أن يكون محمود السيرة حسن السمعة - وقد استخلصت قيام هذا السبب من الوقائع التي تضمنتها مذكرة المنطقة الشمالية التعليمية المؤرخة في 27 من إبريل سنة 1954 والتي عرضت على لجنة شئون التعليم الحر بجلستها المنعقدة في 14 من مايو سنة 1957.
ومن حيث إن حسن السمعة وطيب السيرة عبارة عن مجموعة من الصفات يتحلى بها الشخص وتوحي بالثقة فيه وتدعو إلى الاطمئنان إليه وإلى تصرفاته وهو على هذا النحو صدى لتصرفات الشخص وأفعاله.
ومن حيث إنه ولئن كان الأصل أن تقدير توافر شرط حسن السيرة والسمعة أو عدم توافره فيمن يعهد إليهم بالقيام على شئون التربية والتعليم من الأمور التي تترخص الإدارة فيها إلا أنه يتعين أن تكون النتيجة التي تصل إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من وقائع صحيحة منتجة في الدلالة على هذا المعنى. وإلا كان قرارها فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن كلاً من لجنة شئون التعليم الحر والمنطقة التعليمية الشمالية قد بنت ما انتهت إليه في شأن فقدان المدعي للشرط المذكور على ما جاء بالمذكرة السابق الإشارة إليها من ارتكابه ثلاثاً وعشرين مخالفة. فإنه في مجال الحكم على مدى سلامة ما انتهت إليه يتعين بحث مدى صحة الوقائع التي قامت عليها هذه التهم وما إذا كانت قد صدرت عن المدعي تصرفات يمكن أن يستخلص منها استخلاصاً سائغاً أنه سيىء السمعة غير محمود السيرة. أو أنه ليس في هذه التصرفات ما من شأنه أن يؤدي إلى هذه النتيجة.
ومن حيث إنه من بين الاتهامات التي وجهت إليه ما تناوله تحقيق النيابة الإدارية وهي التهم الأربع الأولى والتهمتان الثامنة والتاسعة.
ومن حيث إن التهم الأولى والثانية والرابعة تتحصل في أن المدعي:
(1) استولى على مبلغ 26 جنيهاً و200 مليم من متحصلات النشاط بمدرسة المعهد الفرنسي المشترك في العام الدراسي 1955 - 1956 واحتفظ به لنفسه حتى كشفت المخالفة وكلف برد المبلغ فقام برده في 20 من فبراير سنة 1956.
(2) وأنه استولى على نقود النشاط بذات المدرسة في مستهل العام الدراسي 1956 - 1957 ولم يقم بتوريدها إلا بعد الاستيلاء على المدرسة.
(3) وأنه وقع على الدفتر رقم 123 معارف الخاص بتحصيل نقود النشاط بذات المدرسة بما يفيد استلامه المبالغ المتحصلة. ولما اضطر لتسليم الدفتر بعد الاستيلاء شطب توقيعه.
ومن حيث إن المستفاد من تحقيق النيابة الإدارية لهذه الوقائع.
أولاً: أنه بالنسبة إلى الواقعة الأولى تبين أن مبلغ الـ 26 جنيهاً و200 مليم كان مودعاً بدفتر توفير المدرسة الذي كان قد قدم إلى مكتب البريد في 27 من فبراير سنة 1957 لتغيير اسم صاحبه من (روضة المعهد الفرنسي) إلى الاسم الجديد للمدرسة وهو (المعهد الفرنسي المشترك). كما قرر المفتش الإداري عضو لجنة التقييم أنه راجع عملية النشاط المدرسي إيراداً ومنصرفاً أثناء عملية التقييم وراجع المستندات والدفاتر في العام الدراسي 1955 - 1956 فتبين له أن ما حصل هو حوالي مبلغ 26 جنيه وبضعة مليمات وأن المقيد بالدفاتر بموجب المستندات يزيد على ما حصل بحوالي ثلاثة جنيها تحملها المدعي.
ثانياً: أن مبلغ النشاط المدرسي الخاص بالعام الدراسي 1956 - 1957 وقدره 3 جنيهات و800 مليم كانت سكرتيرة المدرسة قد حصلته في المدة من 25 من أغسطس إلى 4 من سبتمبر سنة 1956 وسلمته إلى المدعي ليقوم بتوريده إلى صندوق التوفير. إلا أن ذلك تعذر عليه لأن دفتر التوفير كان لازال لدى مكتب البريد لتغيير اسم صاحبه - وبعد الاستيلاء على المدرسة رد المدعي هذا المبلغ إلى ناظرتها.
ثالثاً: أن سكرتيرة المدرسة لما سلمت المبلغ المذكور إلى المدعي وقع بما يفيد استلامه على ظهر الإيصالات بالدفتر رقم 123. فلما أعاد المبلغ إلى الناظرة شطب توقيعه - وقد انتهت النيابة الإدارية إلى أنها ترى حفظ الموضوع ووفق على اقتراحها (ملف النيابة الإدارية رقم 268/ 1 سنة 1957) وواضح مما انتهى إليه التحقيق أن التهم الثلاث المشار إليها لم تكن قائمة على أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمة السابعة ومحصلها وجود استمارات التحاق بالمعهد الفرنسي المشترك غير مستوفاة لرسم الدمغة - فإن المستفاد من تحقيق النيابة الإدارية أنه قبل استيلاء الوزارة على هذه المدرسة كان العمل يجري على أن يقوم المدعي باستحضار أوراق الدمغة ويسلمها إلى السكرتيرة بالقدر الذي تسلمه ثمنه. وأنه في بداية العام الدراسي 1956/ 1957 سلمته السكرتيرة ثمن أوراق الدمغة لاستحضارها كالمعتاد وقرر المدعي أنه أحضرها فعلاً وأودعها بمكتب الناظرة ثم حدث الاستيلاء على المدرسة. وثم استلامها بإجراءات غير سليمة دون أن يمكن من الاشتراك فيها. فلم يعثر على تلك الأوراق - وأنه ولئن كانت النيابة الإدارية قد انتهت إلى مسئولية المدعي عن عدم استيفاء بعض طلبات الالتحاق بالمدرسة لرسم الدمغة - ولئن كان قد جوزي عن هذه الواقعة بخصم خمسة أيام من مرتبه - إلا أنه ليس في الأوراق ما يمكن أن يستخلص منه أنه قصد الاستيلاء على ثمن أوراق الدمغة بل كل ما يمكن أن ينسب إليه هو أنه تأخر في استيفاء رسم الدمغة على بعض طلبات الالتحاق حتى فوجئ بالاستيلاء على المدرسة (ملف النيابة الإدارية رقم 267/ 1 سنة 1957).
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمتين الثامنة والتاسعة ومحصلهما أنه استولى على مبلغ 493 جنيهاً و400 مليم متحصل من مدرسة العهد المنير الإعدادية للبنات والمودعة بدفتر توفير باسم مدرسة الأميرة فتحية ولم يمكن المفتش الإداري المختص من الاطلاع على دفتر التوفير ولا مستندات الصرف وتعمد إخفاء المستندات المذكورة - فإن المستفاد من تحقيق النيابة الإدارية أنه ثابت بمحضر لجنة تقييم المدرسة في أغسطس سنة 1956 ومما أوضحه المفتش الإداري المختص أن مستندات صرف هذا المبلغ كانت موجودة وأطلع عليها المفتش عضو اللجنة ووقع عليها وعلى المستندات كما وجد أن حساب النشاط المدرسي مضبوط ووافقت المنطقة في 8 من أغسطس سنة 1957 على صرف المبلغ الذي ثبت صرفه وقدره 495 جنيهاً و597 مليم وبناء على ذلك انتهت النيابة الإدارية إلى اقتراح حفظ الموضوع ووفق على اقتراحها. كما أن المستفاد من التحقيق أيضاً أن المراقبة القضائية بديوان المحاسبة طلبت تحديد المسئولية في الإهمال الذي وقع من لجنة الاستيلاء عند استيلائها على المدرسة في 10 من سبتمبر سنة 1956 وذلك لأنها منعت السكرتيرة من الدخول ولم تطالبها بتسليم ما بعهدتها من مستندات وأوراق ودفاتر. كما أنها لم تستدع صاحب المدرسة لحضور عملية الاستلام مما ترتب عليه تعذر تحديد المسئولية بالنسبة لواقعة فقد المستندات الخاصة بنقود النشاط المدرسي عن العام الدراسي 1955/ 1956 وقد انتهت النيابة الإدارية في مذكرتها بنتيجة تحقيقها في هذا الشأن إلى اقتراح لفت نظر السيدة نعمت سعد لطف الله ناظرة مدرسة العهد المنير لأنها في المدة من 20 من أغسطس سنة 1956 إلى 11 من سبتمبر سنة 1956 قد خرجت على مقتضى الواجب بإهمالها في عملها الذي ترتب على عدم العثور على مستندات صرف النشاط بالمدرسة عام 1955/ 1956 عند الاستيلاء عليها وتعذر تحديد المسئولية في هذا الشأن (ملفاً النيابة الإدارية رقما 266/ 1 سنة 1957) وواضح مما انتهى إليه التحقيق أن هاتين التهمتين بدورهما لا تقومان على أساس سليم.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالتهم الأخرى فإن أحديهما وهي التهمة السابعة عشرة كانت محل تحقيق إداري في سنة 1952 - وبعضها كان محل مكاتبات تبودلت بين المدعي بين المنطقة التعليمية وهي التهم السادسة والثانية والعشرون والثالثة والعشرون ومنها ما أشار إليه تقرير أحد المفتشين الإداريين ومنها ما لم تقدم الوزارة ما يدل على وقوعه من المدعي.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمة السابعة عشرة ومحصلها أن المدعي كان يحصل على مائة مليم ثمناً لاستمارة الالتحاق بالمدرسة بينما الثمن المحدد لها خمسون مليماً فإن المدعي قد عقب عليها في أقواله في التحقيق الإداري الذي أجري في نوفمبر سنة 1952 مبيناً أن سكرتيرة المدرسة كانت تحصل بالإضافة إلى ثمن الاستمارة ثمن دوسيه ومظروف كبير لحفظ أوراق الطالب وكانت تخير ولي الأمر بين إحضار الدوسيه والمظروف وبين دفع ثمنهما. وليس في الأوراق ما يفيد أن هذا التحقيق قد انتهى إلى أدانته أو إدانة السكرتيرة (صفحة 147، 148 من ملف خدمة المدعي).
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمة السادسة وهي تتحصل في أنه لم يقم بتوريد مبلغ 4 جنيهات و296 مليم ثمن كتب لم تصرف للتلاميذ ولم ترد إلى المنطقة فإن الثابت من الأوراق أن المدعي أرسل كتاباً إلى المنطقة التعليمية في 2 من نوفمبر سنة 1955 بين فيه أن سكرتير المدرسة قد تردد على المنطقة طالباً رد تلك الكتب ولكن طلبه لم يقبل - واقترح في هذا الكتاب إما أن تسترد المنطقة الكتب وإما أن تخصم ثمنها من الإعانة المستحقة له - ومؤشر على هذا الكتاب في 10 من نوفمبر سنة 1955 بما يفيد موافقة المنطقة عليه (صفحة 27 من ملف مدرسة الملائكة) وبذلك تكون هذه التهمة على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهمتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين ومحصلهما أنه نقل قسماً ليلياً بشبرا إلى مكان آخر دون أن يخطر المنطقة وأنه خالف قانون التعليم الحر وأنذر لتشغيله فترة نهائية بمبنى القسم الليلي - فإن المستفاد من الأوراق أنه في 22 من يناير سنة 1957 أرسل المدعي كتاباً إلى مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية يخطره فيه أنه اضطر إلى نقل قسم البنات بمدرسة الصلاح للبنات مؤقتاً إلى فترة مسائية بمكان البنين بشارع قطة لأن مبنى مدرسة الصلاح في حاجة إلى ترميم. وأن الحال سيعود إلى ما كان عليه بمجرد الانتهاء من الإصلاحات (صفحة 131 من ملف مدرسة الملائكة) وقد قام مهندس المنطقة بمعاينة مدرسة الصلاح في 12 من مارس سنة 1957 ووقف على ما هي بحاجة إليه من إصلاح (صفحة 148 من ذات الملف) ولئن كانت المنطقة قد رأت في تصرف المدعي مخالفة للقانون إلا أنه ليس فيه ما يستخلص منه مساس بسمعته أو سيرته.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى التهم التي أشار إليها أحد المفتشين المساعدين بمنطقة القاهرة الشمالية في تقريره المؤرخ في 6 من يناير سنة 1957 وهي أنه كان يعطل المدرسة الابتدائية يومين في الأسبوع وظل فترة لا يستعمل دفاتر غياب وحضور التلاميذ وإدارته مقصفاً لحسابه (صفحة 290 من ملف مدرسة الملائكة) فبالإضافة إلى أن المدعي قد عقب عليها في تقرير طعنه بأنها قد حققت وثبت عدم صحتها - فإن هذه التهم متعلقة بإدارته لمدرسة الملائكة وقد أودع بملف الدعوى عدة تقارير عن التفتيش على هذه المدرسة منها اثنان أحدهما عن سنة 1955/ 1956 والآخر عن سنة 1957 وقد تضمن أولهما أن المدعي يشرف على جميع أعمال المدرسة الفنية والإدارية إشرافاً حازماً وان التقرير العام (جيد جداً) وجاء في ثانيهما وهو محرر في 7، 8، 9 من مايو سنة 1957 أن المدعي جاد في عمله مخلص لواجبه وأن صلته بالمدرسة والأهالي طيبة وأن التقدير العام (جيد) فليس من المستساغ اعتبار التهم المشار إليها المتعلقة بإدارته للمدرسة المذكورة والتي لم يكن لها صدى على حسن إدارته لها ماسة بسمعته وسيرته.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى باقي التهم الموجه إلى المدعي فإنه بالإضافة إلى أنه عقب عليها في تقرير طعنه نافياً لها. فإنه ليس فيما أودعته الوزارة من أوراق ما يساندها.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن تحقيقات النيابة الإدارية في أخطر التهم التي نسبتها المنطقة التعليمية إلى المدعي - وهي المتعلقة باستيلائه على أموال بعض المدارس وإخفاء مستنداتها قد أسفرت عن عدم قيام هذه التهم على أساس سليم كما أنه ليس فيما أسفرت عنه الاتهامات الأخرى ما يمكن أن يستخلص منه استخلاصاً سائغاً أن المدعي فاقد لشرط السمعة الحسنة والسيرة الحميدة.
ومن حيث إنه لذلك. وإذا استخلصت الجهة الإدارية فقدانه لهذا الشرط من الاتهامات المذكورة - فإن استخلاصها يكون غير سائغ من أصول لا تنتجه ويكون القراران الصادران بتنحيته عن نظارة مدرسة الملائكة وحرمانه من إدارة باقي المدارس الحرة تأسيساً على فقدانه الشرط المذكور - باطلين لعدم قيامهما على سبب صحيح يبررهما - وذلك بالإضافة إلى أن ثاني هذين القرارين وهو الصادر من مدير التربية والتعليم بالمنطقة الشمالية مشوب بعيب عدم الاختصاص حسبما سبق البيان.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم ويكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب قد خالف القانون ويتعين إلغاؤه والقضاء بإلغاء القرارين سالفي الذكر مع إلزام الحكومة المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر بتنحية المدعي عن نظارة مدرسة الملائكة الابتدائية للبنين والقرار الصادر بحرمانه من إدارة جميع المدارس الحرة. وألزمت الحكومة بالمصروفات.