مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 217

(20)
جلسة 19من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 948 لسنة 9 القضائية

( أ ) مرفق سكك حديد الدلتا "عماله". عقد العمل.
عمال مرفق سكك حديد الدلتا - يسري في شأنهم قانون عقد العمل الفردي - أساس ذلك من قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من يونيه سنة 1953.
(ب) مرفق سكك حديد الدلتا "عماله. تأديبهم".
رئيس اللجنة الإدارية الحكومية لإدارة مرفق سكك حديد الدلتا هو المختص دون غيره بتأديب عماله - لا يسوغ لوزير المواصلات تعديل الجزاء الموقع من رئيس اللجنة بالتشديد - أساس ذلك - عدم وجود نص تشريعي يسري على عمال المرفق يخول وزير المواصلات هذا الحق.
1 - إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عمال مرفق سكة حديد الدلتا في مركز مؤقت يطبق في حقهم قانون عقد العمل الفردي وذلك بناء على ما جاء بقرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من يونيه سنة 1953 من أن تكون إدارة هذا المرفق بالوضع الحالي لموظفي شركة الدلتا وطبقاً للوائحها وقواعدها ومن بين هذه القواعد قانون عقد العمل الفردي الذي كان مطبقاً على عمال المرفق المذكور قبل إدارته بمعرفة الهيئة العامة للسكك الحديدية التي تتولى إدارته بمقتضى قرار مجلس الوزراء سالف الذكر وبوضعه الحالي كما تقدم.
2 - صدر قرار مجلس الوزراء 5 من أكتوبر سنة 1955 بتخويل وزارة المواصلات وضع نظام لإدارة المرفق على أساس أن يدار كهيئة اعتبارية ملحقة بالسكك الحديدية بإدارة خاصة منفصلة.. وتنفيذاً لهذا القرار عهد بإدارة المرفق إلى لجنة أطلق عليها "اللجنة الإدارية الحكومية لإدارة مرفق سكك حديد الدلتا" وقد جرى العمل على أن تعرض أمور المرفق - ومن بينها المسائل الخاصة بتأديب عماله - على لجنة تضم إلى جانب أعضاء اللجنة الإدارية كبار موظفي المرفق من المديرين والمشرفين على أقسامه الثلاثة وترفع هذه اللجنة توصياتها إلى رئيس اللجنة الإدارية الحكومية - الذي يجئ على قمة الجهاز الإداري المكلف بإدارة المرفق المذكور - وذلك لإصدار قراراته في شأنها ومما لا شك فيه أن رئيس هذه اللجنة - وقد نيطت به إدارة هذا المرفق - يكون هو المختص دون غيره بتأديب عماله فهو ممثل رب العمل وهو اللجنة الإدارية ولا تقتصر سلطته على مجرد اقتراح الجزاءات كما ذهبت إلى ذلك الحكومة.
وإن ساغ القول بحق الوزير في التعقيب على القرارات الصادرة من السيد رئيس اللجنة الإدارية الحكومية لمرفق سكك حديد الدلتا فإنه لا يجوز له التشديد إلا استناداً إلى نص تشريعي يخوله هذا الحق وذلك على نحو ما فعل المشرع في المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 عندما خول السيد الوزير سلطة تحديد العقوبة التي يصدرها وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة - وفي المادة 48 من قرار رئيس الجمهورية رقم 2190 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة سكك حديد مصر التي خولت للوزير تشديد العقوبة التي يصدرها مدير تلك الهيئة. ومما لا شك فيه أنه لا هذا القرار الجمهوري ولا ذلك القانون يسري أيهما على موظفي مرفق سكك حديد الدلتا بل يسري عليهم قانون عقد العمل الفردي حسبما سلف البيان ولم يصدر أي نص تشريعي يجيز للسيد وزير المواصلات تشديد العقوبة الصادرة من السيد رئيس اللجنة الإدارية المختص قانوناً بتأديب عمال ذلك المرفق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة،
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن الطاعن السيد/ عزيز جرجس زيادة أقام الدعوى رقم 890 لسنة 8 قضائية ضد السيد/ وزير المواصلات والسيد/ المدير العام للهيئة العامة للسكك الحديدية والسيد المدير العام للهيئة العامة لسكك حديد الدلتا. طالباً الحكم بإلغاء قرار الفصل الصادر في 21 من مايو سنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة.. وقال - شرحاً لدعواه - أنه منذ أول عام 1945 وهو يعمل سائق لوري بالإدارة الحكومية بسكك حديد الدلتا.. وفي 23 من يونيه سنة 1959 اتهم مع آخر بسرقة مهمات مصلحية من مخازن طنطا وتقيد الحادث تحت رقم 2991 لسنة 1959 جنايات قسم أول طنطا ورقم 665 لسنة 1959 أمن الدولة. وتبعاً لذلك أوقف عن العمل في 11 من يوليه سنة 1959.. وقامت نيابة أمن الدولة بالتحقيق فتبين لها أن لا جريمة إطلاقاً فحفظت التحقيق اكتفاء بالجزاء الإداري.. وفي 16 من يناير سنة 1960 أعيد إلى عمله حيث توقع عليه جزاء إداري بخصم مرتب عشرين يوماً ونفذ هذا الجزاء بالفعل. وفي 5 من فبراير سنة 1960 نقل إلى مصلحة الطرق والكباري التابعة لوزارة المواصلات.. إلا أنه فوجئ في 21 من مايو سنة 1960 بقرار فصله بسبب الموضوع سالف الذكر والذي عوقب من أجله سلفاً.. ثم ذكر المدعي أن قرار فصله جاء مجحفاً به وعلى غير أساس إذ لا يجوز توقيع عقوبتين عن جرم واحد كما أن النيابة العامة وجدت أن ما ارتكبه لا يعد جريمة في نظر القانون وردت الإدارة الحكومية لمرفق سكك حديد الدلتا على الدعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد ثم قالت أن المدعي كان يعمل في خدمة سكك حديد الدلتا بوظيفة سائق سيارة وأن رجال مباحث السكك الحديد قد ضبطوه في 27 من يونيه سنة 1959 يقود السيارة رقم 7209 حكومة المملوكة للمرفق وبتفتيشها تبين أن بها مهمات متعلقة بالمرفق لم تثبت في أمر التشغيل فأحيل المدعي وأخر إلى النيابة العامة التي أفرجت عنهما بالضمان المالي كما قامت النيابة الإدارية بالتحقيق واتضح لها مسئولية المدعي.. واقترحت لجنة الجزاءات بالمرفق مجازاته بخصم عشرين يوماً من راتبه.. وبعرض الأمر على السيد/ وزير المواصلات بوصفه الرئيس الأعلى لسكك حديد الدلتا قرر سيادته في أول مارس سنة 1960 تعديل الجزاء المقترح إلى فصله من العمل ونظراً لأنه كان قد نقل إلى مصلحة الطرق والكباري فقد قامت هذه المصلحة الأخيرة بتنفيذ قرار الفصل.... ثم قدم المدعي مذكرة بالرد على الدفع بعدم قبول الدعوى طالباً الحكم برفضه لأن قرار الفصل أعلن له في 21 من مايو سنة 1960، وتظلم منه في 28 من يونيه سنة 1960 وقدمت الإدارة الحكومية للمرفق المذكورة مذكرة ثانية قالت فيها أن عمال وموظفي المرفق يخضعون لقانون عقد العمل الفردي.. ولما كان السيد/ وزير المواصلات بوصفه الرئيس الأعلى للمرفق قد أصدر قراره بفصل المدعي من الخدمة بما له من حق رب العمل في تعديل أي جزاء يقترحه أحد رؤساء العمل تطبيقاً لأحكام عقد العمل الفري ولذلك يكون قرار الفصل قد صدر سليماً وطلبت لذلك رفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الدعوى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة الحكومية لمرفق سكك حديد الدلتا بالمصروفات واستندت في ذلك إلى أن اللجنة المختصة بإدارة ذلك المرفق قد قررت في 16 من يناير سنة 1960 مجازات المدعي بالخصم من مرتبه وأنه بعرض الأمر على السيد وزير المواصلات قرر في أول مارس سنة 1960 رفع الجزاء إلى الفصل وأنه لما كانت الدعوى قد خلت مما يدل على استناد قرار الفصل إلى أسباب أخرى غير التي بني عليها قرار الجزاء الصادر من اللجنة أو على أن السيد الوزير سلطة التعقيب على القرارات التأديبية الصادرة من تلك اللجنة ومن ثم يكون قرار الفصل قد وقع مخالفاً للقانون.
عقبت الإدارة الحكومية للمرفق على تقرير هيئة المفوضين بأنه لم يصدر في حق المدعي سوى قرار واحد وهو قرار السيد الوزير أما قرار اللجنة فهو فقط توصية أو اقتراح يرفع للرئيس الأعلى للمرفق وهو الوزير - على أنه إذا اعتبر جزاء فإن للسيد الوزير تشديده - باعتباره رب العمل لأن عمال المرفق يسري عليهم عقد العمل حسبما أوضحت في مذكرتها السابقة.. ورد المدعي على هذا التعقيب بأن عمال المرفق كان يسري عليهم قانون عقد العمل إلى أن صدر قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من أكتوبر سنة 1955 فأصبحوا في عداد الموظفين العموميين.. وأن قرار اللجنة قد أصبح نهائياً فلا حق للوزير في سحبه فضلاً عن أن قراره خلو من الأسباب.
وبجلسة 23 من يناير سنة 1963 قضت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبقبولها وفي الموضوع برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.. وأقامت قضاءها برفض الدعوى على أن العلاقة بين مرفق سكك حديد الدلتا وبين عماله إنما تخضع لعقد العمل الفردي. وأنه لما كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من يونيه سنة 1953 قد أناط بمصلحة السكك الحديدية مهمة إدارة المرفق المذكور باعتبار أن أعمالها وثيقة الصلة به مع تخويل مجلس إدارة السكة الحديد سلطة البت في شئون هذا المرفق خلال فترة إدارية ومن ثم فلا جدال في أن قرار لجنة إدارة المرفق بمجازاة المدعي بخصم عشرين يوماً من راتبه لا يعدو أن يكون من قبيل الاقتراحات.. وأضافت المحكمة أنه لما كان المدعي قد نقل من ذلك المرفق إلى مصلحة الطرق والكباري التابعة لوزارة المواصلات اعتباراً من 26 فبراير سنة 1960 بصفة عامل مؤقت فإنه بذلك يكون قد أصبح من عداد عمال تلك المصلحة اعتباراً من التاريخ المذكور ومن ثم فلاً يجوز فصله إلا بالطريق التأديبي وما دام أنه قد ثبت إتيانه أمراً لا يتفق وأمانة الوظيفة وقد حقق معه بمعرفة النيابة الإدارية فضلاً عن النيابة العامة التي رأت الاكتفاء بمجازاته إدارياً كما صدر قرار فصله ممن يملكه - وهو السيد الوزير فمن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر على مقتضى القانون وتكون دعوى المدعي غير مستندة على أساس مما يتعين معه الحكم برفضها.. فطعن المدعي في هذا الحكم طالباً القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار فصله مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.. وبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب واستند في ذلك إلى نفس الأسباب التي أستند إليها في عريضة دعواه.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من السيد وزير المواصلات في أول مارس سنة 1960 بفصل الطاعن من الخدمة وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات واستندت في ذلك إلى أن عمال ذلك المرفق وإن اعتبروا موظفين عموميين إلا أن علاقتهم بالمرفق تحكمها قواعد قانون عقد العمل الفردي وأنه تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من أكتوبر سنة 1955 عهد بإدارة المرفق إلى لجنة أطلق عليها "اللجنة الإدارية الحكومية لإدارة مرفق سكك حديد الدلتا" وترفع هذه اللجنة توصياتها إلى رئيسها الذي يجئ على قمة الجهاز الإداري المكلف بإدارة المرفق وذلك لإصدار قراراتها في شأنها وأنه لا شك فيه أن هذا الرئيس - وقد نيطت به سلطة إدارة المرفق - يكون هو المختص بتأديب عماله فهو ممثل رب العمل - وأنه متى كان الثابت أن هذه اللجنة ارتأت في 16 من يناير سنة 1960 مجازاة الطاعن بخصم عشرين يوماً من راتبه لما ثبت في حقه من مخالفات تأديبية واعتمد رئيسها هذا القرار في 18 من ذات الشهر فمن ثم يكون القرار قد صدر ممن يختص بإصداره قانوناً ويكون لذلك القرار الصادر من السيد الوزير في أول مارس سنة 1960 - بفصل الطاعن - مستنداً إلى ثبوت نفس المخالفات - قد صدر من غير مختص بإصداره.
ثم قدم الطاعن مذكرة صمم فيها على طلباته الواردة بصحيفة الطعن استناداً إلى ما أوردته هيئة مفوضي الدولة في تقريرها المنوه عنه وأضاف إليه أن القرار المطعون فيه كان قد تضمن فصله وزميل له هو السيد/ طه محمد الدسوقي وقد صدر القرار رقم 425 في 26 من يونيه سنة 1966 بسحب قرار فصل ذلك الزميل ولم يعامل هو نفس هذه المعاملة مع أن مسئوليتهما واحدة من ناحية الموضوع ومن ثم فإنه لا يجوز في مجال التأديب معاملة لمتأثمين في مراكز الاتهام معاملة مغايرة لأن هذه المغايرة تعيب الجزاء التأديبي.
كما قدمت الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذلك للأسباب السابق أن استندت إليها في مذكراتها أمام المحكمة الإدارية وأضافت إليها أن السيد وزير المواصلات يملك أن يعقب على القرارات التأديبية الصادرة من السيد مدير مصلحة السكك الحديدية في حق موظفي هذه المصلحة وذلك بتشديد العقوبة أو خفضها أو إلغائها على نحو ما نصت عليه المادة 48 من القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 الخاص بنظام موظفي الهيئة فمن باب أولى يملك هذا الحق في خصوص موظفي مرفق سكك حديد الدلتا الذي يدار بهيئة متفرعة عن هذه المصلحة ثم قالت الحكومة في مذكرتها المنوه عنها أن المخالفة ثابتة في حق الطاعن على النحو الوارد بمذكرة النيابة العامة التي قدمت صورة منها - والثابت بها أن الواقعة المنسوبة إلى الطاعن تشكل جناية اختلاس وإن رأت الاكتفاء بالجزاء الإداري وأنه لا وجه للتحدي بمركز زميل الطاعن لاختلاف وصف الواقعة المنسوبة إلى كل منها فبينما أن الطاعن قد ارتكب جناية اختلاس فإن زميله لم يرتكب إلا جريمة إهمال تقوم على مخالفته للتعليمات ومن ثم فإنه لا وجه لمناقشة الجزاء إذ ليس أخطر من الاختلاس ذنباً شرعت من أجله عقوبة الفصل.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عمال مرفق سكة حديد الدلتا في مركز مؤقت يطبق في حقهم قانون عقد العمل الفردي وذلك بناء على ما جاء بقرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من يونيه سنة 1953 من أن تكون إدارة هذا المرفق بالوضع الحالي لموظفي شركة الدلتا وطبقاً للوائحها وقواعدها ومن بين هذه القواعد قانون عقد العمل الفردي الذي كان مطبقاً على عمال المرفق قبل إدارته بمعرفة الهيئة العامة للسكك الحديدية التي تتولى إدارته بمقتضى قرار مجلس الوزراء سالف الذكر وبوضعه الحالي كما تقدم.
ومن حيث إنه قد صدر قرار مجلس الوزراء في 5 من أكتوبر سنة 1955 بتخويل وزارة المواصلات وضع نظام لإدارة المرفق على أساس أن يدار كهيئة اعتبارية ملحقة بالسكك الحديدية بإدارة خاصة منفصلة. وتنفيذاً لهذا القرار عهد بإدارة المرفق إلى لجنة أطلق عليها "اللجنة الإدارية الحكومية لإدارة مرفق سكك حديد الدلتا" وقد جرى العمل على أن تعرض أمور المرفق - ومن بينها المسائل الخاصة بتأديب عماله - على لجنة تضم إلى جانب أعضاء اللجنة الإدارية كبار موظفي المرفق من المديرين والمشرفين على أقسامه الثلاثة وترفع هذه اللجنة توصياتها إلى رئيس اللجنة الإدارية الحكومية - الذي يجئ على قمة الجهاز الإداري المكلف بإدارة المرفق المذكور - وذلك لإصدار قراراته في شأنها ومما لا شك فيه أن رئيس هذه اللجنة - وقد نيطت به إدارة هذا المرفق - يكون هو المختص دون غيره بتأديب عماله فهو ممثل رب العمل وهو اللجنة الإدارية ولا تقتصر سلطته على مجرد اقتراح الجزاءات كما ذهبت إلى ذلك الحكومة.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن اللجنة المشكلة من أعضاء اللجنة الإدارية والمديرين والمشرفين على المرفق المذكور قد ارتأت في 16 من يناير سنة 1960 مجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من راتبه لخروجه بالسيارة يوم 27 من يونيه سنة 1959 دون أن يكون لديه خط سير معتمد وعشرة أيام أخرى لمحاولته اختلاس المهمات المضبوطة حسبما هو ثابت بمذكرة النيابة العامة في القنصلية رقم 2991 لسنة 1959 قسم أول طنطا والمقيدة برقم 665 لسنة 1959 حصر أمن الدولة واعتمد السيد رئيس اللجنة الإدارية هذه القرار في 18 من يناير سنة 1660 ومن ثم يكون قرار الجزاء المنوه عنه قد صدر ممن يختص بإصداره قانوناً.. وبالتالي يكون القرار الصادر من السيد وزير المواصلات في أول مارس سنة 1960 بفصل الطاعن من الخدمة - مستنداً إلى ثبوت المخالفات في حق الطاعن قد صدر من غير مختص بإصداره... ولا محل للقول بأن هذا القرار الأخير قد انطوى على سحب القرار الأول وتشديد العقوبة على الطاعن إلى حد الفصل من الخدمة استناداً إلى ما للوزير من حق التعقيب على القرارات التأديبية الصادرة من الجهات التابعة له - لا محل لهذا القول لأنه إن ساغ القول بحق الوزير في التعقيب على القرارات الصادرة من السيد رئيس اللجنة الإدارية الحكومية لمرفق سكك حديد الدلتا فإنه لا يجوز له التشديد إلا استناداً إلى نص تشريعي يخوله هذا الحق وذلك على نحو ما فعل المشرع في المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 عندما خول السيد الوزير سلطة تشديد العقوبة التي يصدرها وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة - وفي المادة 48 من قرار رئيس الجمهورية رقم 2190 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة سكك حديد مصر التي خولت للوزير تشديد العقوبة التي يصدرها مدير تلك الهيئة، ومما لا شك فيه أنه لا هذا القرار الجمهوري ولا ذاك القانون يسري أيهما على موظفي مرفق سكك حديد الدلتا بل يسري عليهم قانون عقد العمل الفردي حسبما سلف البيان ولم يصدر أي نص تشريعي يجيز للسيد وزير المواصلات تشديد العقوبة الصادرة من السيد رئيس اللجنة الإدارية المختص قانوناً بتأديب عمال ذلك المرفق.
ومن حيث إنه لذلك فإن الحكم المطعون فيه - وقد قضى برفض دعوى المدعي التي طلب فيها إلغاء القرار الصادر بفصله في أول مارس سنة 1960، استناداً إلى أنه قد صدر من السيد وزير المواصلات في حدود اختصاصه - يكون قد جانب الصواب ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبإلغاء قرار الفصل المطعون فيه وما ترتب عليه من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر من السيد وزير المواصلات في أول مارس سنة 1960 بفصل المدعي من الخدمة وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.