مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 274

(26)
جلسة 26 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 1162 لسنة 9 القضائية

( أ ) موظف. "نهاية الخدمة. استقالة تيسيرية".
طلب ترك الخدمة وفق أحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 المقدم من الموظف المقيد على درجة شخصية - التزام جهة الإدارة وجوباً بالاستجابة متى توافرت فيه الشروط القانونية - لا يقدح في ذلك أن يكون القرار الصادر بترقية المدعي بصفة شخصية قد صدر بعد إحالته إلى المعاش لبلوغه السن القانونية ما دام أن هذه الترقية نافذة قبل طلبه الانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960.
(ب) موظف. "معاش. منازعة فيه".
إصرار المدعي على تسوية حالته طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 بعد أن تكشف وضعه عن أحقيته للترقية إلى الدرجة الرابعة بصفة شخصية قبل تاريخ إحالته إلى المعاش لبلوغ السن القانونية - منازعته في ذلك إنما تنصب أساساً على مقدار المعاش المستحق له - تقيدها بالميعاد المنصوص عليه في المادة 44 من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 بشأن المعاشات والتأمينات الاجتماعية.
1 - أن سلطة جهة الإدارة إزاء طلب ترك الخدمة المقدم من الموظف المقيد على درجة شخصية سلطة غير تقديرية وأن الإدارة تلتزم وجوباً الاستجابة لهذا الطلب متى توافرت فيه الشروط التي استلزمها القانون وأنه متى كان الثابت أن المدعي تنطبق عليه وقت تقديم طلبه الشروط الواردة في المادة الأولى من القرار بالقانون رقم 120 لسنة 1960 المعمول به اعتباراً من 3/ 4/ 1960 فإنه ينتفع لزاماً بالتيسيرات الواردة بهذا القرار بقانون ولا يقدح في ذلك أن قرار ترقيته إلى الدرجة الرابعة صدر بتاريخ 30/ 10/ 1960 أي بعد إحالته إلى المعاش إذ أن هذه الترقية التي تمت بصفة شخصية كانت نافذة اعتباراً من مارس 1960 أي قبل تقديم المدعي طلب الانتفاع بالقانون رقم 120 لسنة 1960.
2 - إن إصرار المدعي على تسوية حالته طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 لا يخرج في نطاق الملابسات التي أحاطت به عن كونه منازعة في المعاش المستحق له إذ هو يهدف بطلبه إلى تسوية معاشه بضم مدة سنتين إلى مدة خدمته المحسوبة فيه وإلى منحه علاوتين من علاوات درجته وما يترتب على ذلك من آثار وليس من شك في أن منازعته هذه إنما تنصب أساساً على مقدار المعاش المستحق له وتنطوي من جانبه على الرغبة الجادة السافرة في طلب تعديل وزيادة مقداره استناداً إلى استحقاقه للانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بعد إذ تكشف وضعه عن أحقيته للترقية إلى الدرجة الرابعة بصفة شخصية قبل تاريخ إحالته إلى المعاش. وأن قضاء هذه المحكمة جرى في تطبيق حكم المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 التي تعتبر المادة 44 من القانون رقم 394 لسنة 1956 ترديداً لها على أن كل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت ولأي سبب كان وتحت أية حجة كانت. وهذا النص من الإطلاق والشمول بحيث تندرج فيه منازعته في المعاش أصلاً ومقداراً مهما كان سببها ومناطها وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1296 لسنة 9 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة بتاريخ 9/ 7/ 1962 طالباً الحكم بأحقيته في تسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بمنحه علاوتين من علاوات درجته وضم سنتين إلى مدة خدمته في المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وقال شرحاً لدعواه أنه تقدم في 29/ 3/ 1960 بطلب لتسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 إلا أن الإدارة لم تفصل في هذا الطلب واستطرد قائلاً أنه يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون سالف الذكر أن المشرع قصد معالجة حالة الموظفين المنسيين المرقيين على درجات شخصية والتخلص من هذه الدرجات بإباحة لمن يبلغ سن الخامسة والخمسين ويشغل درجة شخصية طلب ترك الخدمة طبقاً لأحكامه دون أن يكون للإدارة سلطة تقديرية في شأن قبول هذا الطلب أو رفضه أما الموظفون الشاغلون للدرجات الفعلية فقد ترك للإدارة سلطة البت في طلباتهم الاستفادة من القانون في ضوء المصلحة العامة.
ومضى المدعي يقول أنه لا وجه للقول بأنه وقد كان الباقي من مدة خدمته أقل من سنة ولم يكن يستحق فيها علاوات دورية فما كان يجوز تطبيق أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 على حالته بقبول استقالته طبقاً لأحكامه ومنحه علاوتين وضم سنتين إلى مدة خدمته لأن في ذلك إضافة أعباء على الخزانة لم تكن لو استمر في الخدمة إلى أن يبلغ سن الستين لا وجه لهذا القول طالما أن هدف المشرع هو تعويض أمثاله من قدامى الموظفين. وأضاف المدعي أن طلبه اعتزال الخدمة يعتبر مقبولاً بقوة القانون ذلك أنه تقدم به في 29/ 3/ 1960 ولم ترد عليه الإدارة بالقبول أو الرفض وبذلك ينطبق عليه نص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1950 التي تقضي بأن يتعين الفصل في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة.
وقد دفعت الإدارة الدعوى قائلة أنه بتاريخ 29/ 3/ 1960 تقدم المدعي بطلب تطبيق القانون رقم 120 لسنة 1960 على حالته وقد أحيل المدعي إلى المعاش في 10/ 4/ 1960 أي قبل انتهاء الفترة التي يجوز خلالها للمدير العام قبول أو رفض الطلب وهي مدة شهر وأضافت أن قبول الطلب أو رفضه مما يدخل في سلطة الإدارة التقديرية التي لا يقيدها إلا لمصلحة العامة وقد رفضت الهيئة الطلب في 24/ 4/ 1960 أي في الميعاد المحدد قانوناً لذلك.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى الرأي بالحكم بصفة أصلية بعدم قبولها شكلاً باعتبارها من دعاوى الإلغاء ولأن المدعي لم يتظلم من قرار رفض طلبه واحتياطياً برفض الدعوى إذا ما كيفت على أنها من دعاوى التسوية مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة في كلتا الحالتين.
وبجلسة 4/ 6/ 1963 أصدرت المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات حكمها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الهيئة المدعى عليها المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وأقامت المحكمة قضاءها على ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 222 لسنة 8 القضائية عليا بجلسة 23/ 3/ 1963 من أن سلطة الجهة الإدارية بالنسبة لطلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين للإفادة من أحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 ليست سلطة تقديرية تترخص بمقتضاها في قبولها أو رفضها، وأن هذا القانون جعل اعتزال الخدمة وفقاً لأحكامه رخصة مباحة للموظف يستعملها بمشيئته متى تحققت فيه شروطها فإذا اختار وتقدم بطلبه التزمت الإدارة بإجابته إليه ومن ثم فإن المنازعة في شأنها تعتبر من دعاوى التسويات وبالتالي لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المقررة قانوناً بالنسبة لدعاوى الإلغاء وانتهت المحكمة من ذلك إلى الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى.
أما عن الموضوع فقد استندت المحكمة إلى ما ثبت لها من الأوراق من أن المدعي من مواليد 11/ 4/ 1900 وأنه التحق بالخدمة في 19/ 11/ 1919 وأحيل إلى المعاش في الدرجة الخامسة الأصلية اعتباراً من 1/ 4/ 1960 بالقرار رقم 44 الصادر في 18/ 1/ 1960، وأنه تقدم في 29/ 3/ 1960 إلى السيد رئيس أقسام حركة بحري طنطا لإحالته إلى المعاش بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 فرفع طلبه بتوصية من رؤسائه لإجابته إليه حيث لا يوجد مانع من ذلك وعرض الموضوع بتاريخ 16/ 4/ 1960 على المدير العام بمذكرة انتهت إلى أنه طالما لم يصدر قرار بانتفاع المدعي بهذا القانون قبل انتهاء خدمته في 10/ 4/ 1960 فإن المدعي لا يكون محقاً في طلبه فحفظ الطلب واستطردت المحكمة إلى القول بأنه يبين مما تقدم أن كافة الشروط المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 قد توافرت في حق المدعي وقت تقديم طلب اعتزال الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون المذكور ولا مقنع في القول بأن المدة الباقية لإحالته إلى المعاش كانت تقل عن عام أو أنه ما دام لم يصدر قرار من جهة الإدارة بقبول انتفاع المدعي بهذا القانون قبل انتهاء خدمته في 10/ 4/ 1960 فإنه لا يكون محقاً في طلبه وذلك لأن رفض الطلب على هذا الوجه لا يقوم على سند من القانون إذ لا يسوغ الأخذ بقاعدة تنظيمية أدنى من القاعدة التشريعية التي صدر بها القانون للحد من إطلاق حكم نص المادة الأولى منه فيما يتعلق بالمدة الباقية للموظف لبلوغه سن الإحالة إلى المعاش بإضافة قيد لم يورده المشرع ذاته وأن المدعي وقد توافرت بالنسبة له كافة الشروط المنصوص عليها في القانون وقت تقديم الطلب لذلك يكون محقاً في طلبه.
وبتاريخ 4/ 8/ 1963 أودعت إدارة قضاياً الحكومة نيابة عن الهيئة العامة للسكك الحديدية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن في هذا الحكم قيد بجدول طعون المحكمة الإدارية العليا برقم 1162 لسنة 9 القضائية طالبة للأسباب الواردة في التقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها مع إلزام المطعون ضده المصروفات في أية حال ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 2/ 9/ 1963
واستندت الإدارة في طعنها إلى مخالفة الحكم للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وبيان ذلك:
(1) فيما يتعلق بشكل الدعوى فقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أنها دعوى تسوية لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المحددة قانوناً لدعاوى الإلغاء والصحيح أن الدعوى دعوى إلغاء للقرار الصادر في 24/ 4/ 1960 برفض طلب المدعي ترك الخدمة المقدم في 9/ 3/ 1960 وخاصة أن المدعي من أصحاب الدرجات الأصلية التي تترخص الجهة الإدارية في قبول طلبهم أو رفضه وقد صدر هذا القرار خلال الثلاثين يوماً المقررة للبت فيه وفقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن لذلك كان يتعين على المدعي اتباع الإجراءات والتزام المواعيد المقررة قانوناً بالنسبة لدعاوى الإلغاء ولما كان المدعي لم يتظلم من قرار الرفض بل أقام دعواه مباشرة وبعد فوات المواعيد المقررة قانوناً لرفعها لذلك تكون دعواه غير مقبولة وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبولها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. يضاف إلى ذلك أن المطعون ضده أحيل إلى المعاش في 10/ 4/ 1960 وربط معاشه وتسلم سركي المعاش الخاص به قبل رفع الدعوى بأكثر من عام لذلك فإن المنازعة المماثلة بوصفها منازعة في المعاش المستحق للمطعون ضده إذا ما رفعت بعد مضي الأجل المنصوص عليه قانوناً وهو سنة تكون غير مقبولة.
(2) بالنسبة للموضوع فقد اعتد الحكم المطعون ضده بالطلب المقدم من المدعي في 29/ 3/ 1960 للإفادة من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 مع أن هذا الطلب قد قدم قبل العمل بهذا القانون ابتداء من تاريخ نشره في 13/ 4/ 1960 - وبالتالي فإن طلب المدعي يكون عديم الأثر قانوناً يضاف إلى ذلك أن المطعون ضده قدم الطلب في 29/ 3/ 1960 بينما كان قد صدر بتاريخ 18/ 1/ 1960 قرار بإنهاء خدمته لبلوغه السن القانونية في 10/ 4/ 1960 وبديهي أن هذا الطلب يخضع لتقدير الإدارة لأنه كان يشغل درجة أصلية. ولما كان المطعون ضده قد انتهت مدة خدمته في 10/ 4/ 1960 لبلوغه سن الإحالة إلى المعاش وكان انتهاء الخدمة قبل انتهاء الأجل الذي يجوز فيه للإدارة أن تقبل أو ترفض طلبه لذلك فإن هذا الطلب يكون غير ذي موضوع لا أثر له قانوناً إذ لا ينتج أثره في إنهاء الخدمة وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 إلا بصدور قرار صريح بقبوله خلال الثلاثين يوماً المقررة للبت فيه وإذ لم ترد الإدارة وانتهت خدمة المدعي بحكم قانون آخر (قانون الإحالة إلى المعاش لبلوغ السن القانونية) لذلك لا يكون محقاً في طلب الاستفادة من أحكام القانون رقم 120 لسنة 1960.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي من مواليد 11/ 4/ 1900 والتحق بالخدمة في 19/ 10/ 1919 وبتاريخ 30/ 10/ 1960 صدر القرار الوزارة رقم 76 بترقيته "بصفة شخصية" إلى الدرجة الرابعة (420/ 540 ج) لقضائه أكثر من إحدى وثلاثين سنة في أربع درجات متتالية وذلك اعتباراً من شهر مارس سنة 1960 مع منحه اعتباراً من اليوم الأول من شهر إبريل سنة 1960 العلاوة المترتبة على هذه الترقية.
ومن حيث إن المدعي كان قد تقدم قبل القرار الصادر بهذه الترقية بطلب تسلمته الإدارة بتاريخ 2/ 4/ 1960 وطلب فيه ترك الخدمة اعتباراً من 3/ 4/ 1960 وتسوية حالته بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 ولم تفصل الإدارة في هذا الطلب فرفع دعواه بتاريخ 9/ 10/ 1963 طالباً الحكم بأحقيته في هذه التسوية.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 والمذكرة الإيضاحية المرافقة له أن المشرع قد استهدف أساساً إباحة طلب ترك الخدمة بالشروط والأوضاع المنصوص عليها في المادة الأولى من القرار بقانون لمن بلغ من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية سن الخامسة والخمسين أو يبلغها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة جهة الإدارة إزاء طلب ترك الخدمة المقدم من الموظف المقيد على درجة شخصية سلطة غير تقديرية وأن الإدارة تلتزم وجوباً الاستجابة لهذا الطلب متى توافرت فيه الشروط التي استلزمها القانون وأنه متى كان الثابت أن المدعي تنطبق عليه وقت تقديم طلبه الشروط الواردة في المادة الأولى من القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 المعمول به اعتباراً من 3/ 4/ 1960 فإنه ينتفع لزاماً بالتيسيرات الواردة بهذا القرار بقانون ولا يقدح في ذلك أن قرار ترقيته إلى الدرجة الرابعة صدر بتاريخ 30/ 10/ 1960 أي بعد إحالته إلى المعاش إذ أن هذه الترقية التي تمت بصفة شخصية كانت نافذة اعتباراً من مارس سنة 1960 أي قبل تقديم المدعي طلب الانتفاع بالقانون رقم 120 لسنة 1960.
ومن حيث إنه إذا كان الأمر كذلك فإن هذه المحكمة تلاحظ أن إصرار المدعي على تسوية حالته طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 120 لسنة 1960 لا يخرج في نطاق الملابسات التي أحاطت به عن كونه منازعة في المعاش المستحق له إذ هو يهدف بطلبه إلى تسوية معاشه بضم مدة سنتين إلى مدة خدمته المحسوبة فيه وإلى منحه علاوتين من علاوات درجته وما يترتب على ذلك من آثار، وليس من شك في أن منازعته هذه إنما تنصب أساساً على مقدار المعاش المستحق له وتنطوي من جانبه على الرغبة الجادة السافرة في طلب تعديل وزيادة مقداره استناداً إلى استحقاقه الانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بعد إذ تكشف وضعه عن أحقيته للترقية إلى الدرجة الرابعة بصفة شخصية قبل تاريخ إحالته إلى المعاش.
ومن حيث إن المادة 44 من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 بشأن المعاشات والتأمينات الاجتماعية الذي يعامل به المدعي قد نصت على أنه "لا يجوز لمصلحة صناديق التأمين والمعاشات ولا لصاحب الشأن المنازعة في قيمة المعاش أو المكافأة بعد مضي سنة واحدة من تاريخ تسليم بطاقة المعاش أو صرف المكافأة".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى في تطبيق المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 التي تعتبر المادة 44 من القانون رقم 394 لسنة 1956 ترديداً لها على أن كل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت ولأي سبب كان وتحت أية حجة كانت. وهذا النص من الإطلاق والشمول بحيث تندرج فيه منازعته في المعاش أصلاً ومقداراً مهما كان سببها ومناطها وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي أحيل إلى المعاش اعتباراً من 10/ 4/ 1960 وذلك بمقتضى القرار رقم 144 الصادر بتاريخ 18/ 1/ 1960 وجاء في طلبه المحفوظ بملف خدمته والمقدم منه بتاريخ 8/ 10/ 1960 والذي كان يطلب فيه إعادة إلحاقه بعمل يمكنه من صرف الفرق بين مرتبه الذي كان يتقاضاه قبل إحالته إلى المعاش وبين المعاش الذي يصرف له ومقداره (عشرون جنيها شهرياً) مما يفيد أن معاشه كان قد ربط قبل ذلك وأنه تسلم السركي الخاص بالمعاش في تاريخ سابق على تقديم الطلب المشار إليه في 8 أكتوبر سنة 1960.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان المدعي قام أقام دعواه الحالية بتاريخ 9/ 7/ 1962 فإن الدعوى تكون مقامة بعد الميعاد المقرر بالمادة 44 من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 مما يتعين معه الحكم برفضها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.