مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 432

(42)
جلسة 17 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار وعبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

القضية رقم 1159 لسنة 9 القضائية

( أ ) موظف. "تأديب. واجبات الوظيفة والجرائم التأديبية". موظف "انتهاء الخدمة. فصل". قرار إداري "رقابة القضاء عليه". الحظر الوارد في المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 على الجمع بين وظيفة عامة وبين عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عرضية بأي عمل فيها ولو كان على سبيل الاستشارة سواء أكان ذلك بأجر أم بغير أجر حتى ولو كان الموظف حاصلاً من الجهة الإدارية التابع لها على ترخيص يخوله العمل خارج وظيفته العامة - جزاء مخالفة هذا الحظر هو الفصل من الوظيفة العامة بقرار من الجهة التابع لها الموظف - لجهة الإدارة فصل الموظف بقرار منها أو إحالته إلى المحاكمة التأديبية أن رأت وجهاً لذلك - اختيار أحد السبيلين من صميم عمل الإدارة بلا معقب عليه من جهات القضاء.
(ب) موظف "تأديب. واجبات الوظيفة والجرائم التأديبية". شركة مساهمة.
الحظر الوارد في المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 - يستهدف منح قيام علاقة عمل بين الموظف العام وبين الشركات المساهمة ولو كانت تلك العلاقة عرضية أو مؤقتة - المحظور ليس فقط رابطة التعاقد بل قيام رابطة العمل - سريان هذا الحظر بالنسبة إلى فروع الشركات الأجنبية الكائنة بمصر.
1 - إن المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه تنص على ما يأتي - بند 1 - لا يجوز الجمع بين وظيفة من الوظائف العامة التي يتناول صاحبها مرتباً وبين إدارة أو عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عرضية بأي عمل فيها ولو على سبيل الاستشارة، سواء أكان ذلك بأجر أم بغير أجر حتى ولو كان حاصلاً من الجهة الإدارية التابع لها على ترخيص يخوله العمل خارج وظيفته العامة. ومع ذلك يجوز لمجلس الوزراء أن يرخص في الاشتغال بمثل هذه الأعمال بمقتضى إذن خاص يصدر في كل حالة بذاتها. بند 2 - ويفصل الموظف الذي يخالف هذا الحظر من وظيفته بقرار من الجهة التابع لها بمجرد تحققها من ذلك..." ومفاد هذا النص أن المشرع قد خول جهة الإدارة الحق في فصل الموظف بقرار منها متى تحققت من وقوع المخالفة إلا أنه مع ذلك لا يوجد ما يمنعها من إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية بدلاً من فصله بقرار منها إذا ما رأت وجهاً لذلك واختيارها أحد السبيلين هو عمل من صميم اختصاصها ولا معقب عليه من جهات القضاء ومن ثم فإن هذا الوجه من أوجه الطعن على غير أساس.
2 - إن الأصل أن للموظف المرخص له من جهة الإدارة المختصة في مباشرة مهنته خارج نطاق وظيفته وفي غير أوقات العمل الرسمية أن يقوم بمزاولة هذه المهنة دون قيد إلا بما ينص عليه صراحة في القانون من مراعاة الحكمة التي يستهدفها المشرع، وقد نصت المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 على النحو السالف بيانه على هذا الحظر بالنسبة لموظفي الحكومة مع التوسع في نطاقه بجعله مطلقاً يتناول العمل في الشركات ولو بصفة عرضية ثم جاء القانون رقم 155 لسنة 1955 معدلاً بالمادة سالفة الذكر فأكدت هذا الحظر ولو كان مرخصاً للموظف في العمل خارج نطاق وظيفته، وأوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون حكمة هذا الحظر ويستخلص منها أن هدف المشرع من تعديل المادة 95 وهو حظر قيام علاقة عمل بين الموظف العام وبين الشركات المساهمة يتحقق ولو كانت تلك العلاقة عرضية أو مؤقتة وأن المحظور ليس فقط رابطة التعاقد بل قيام رابطة العمل، بمعنى أن القانون حظر على الموظفين العموميين تأدية أي عمل للشركات المساهمة إلا بترخيص يصدر من مجلس الوزراء (رئيس الجمهورية حالياً) بدليل ما جاء بذلك القانون من حظر القيام بأي عمل للشركات ولو بصفة عريضة أو على سبيل الاستشارة، وعلى ذلك فليس هناك من شك في انطباق هذه الأحكام على الطبيب الحكومي المصرح له بمزاولة المهنة خارج نطاق الوظيفة وفي غير أوقات العمل الرسمية "الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 120 لسنة 9 القضائية جلسة 9 من نوفمبر سنة 1963" وكما يسري هذا الحظر بالنسبة إلى العمل في شركات المساهمة فإنه يسري أيضاً بالنسبة إلى العمل في فروع الشركات الأجنبية الكائنة في الجمهورية العربية المتحدة عملاً بنص المادة 90 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه التي تقضي بتطبيق أحكام المواد من 92 إلى 98 من القانون على ما يوجد في مصر من فروع أو بيوت صناعية أو مكاتب لشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة التي لا تتخذ في مصر مركز إدارتها أو مركز نشاطها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 496 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الصحة لدى محكمة القضاء الإداري "دائرة الفصل بغير الطريق التأديبي" بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 7 من مارس سنة 1961 طالباً الحكم بإلغاء قرار وزير الصحة رقم 592 الصادر في 29 من سبتمبر سنة 1960 بفصله من وظيفته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه - في عريضة الدعوى والمذكرات الشارحة إنه كان يعمل أخصائياً للأمراض الباطنية بمستشفى بولاق الأميري وكان مرخصاً له في مزاولة مهنته في غير أوقات العمل الرسمية، وقد أصدر وزير الصحة قرارا بفصله من الخدمة استناداً إلى أنه جمع بين وظيفته العامة التي يتناول عنها راتباً وبين العمل في شركتين مساهمتين هما شركة سيبا للأدوية وفندق هيلتون، نظير أجر، بالمخالفة لأحكام المادة 95 من القانون 26 لسنة 1954 بشأن بعض الأحكام الخاصة بشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، ولما كان المكتب الفني التابع لشركة سيبا للأدوية لا تسري عليه أحكام القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه كما أنه لا تربطه بفندق هيلتون علاقة عمل من أي نوع وفقاً لما انتهت إليه النيابة الإدارية بعد تحقيق الموضوع، بل أنه كان يعالج المرضى من موظفي الفندق ونزلائه مما يدخل في نطاق الترخيص له بمزاولة المهنة في غير أوقات العمل الرسمية، فقد تظلم من قرار الفصل بتظلم أرسله إلى وزير الصحة في أول ديسمبر سنة 1960 لسحب القرار المطعون فيه ولما لم يجب إلى طلبه أقام الدعوى يطلب إلغاء ذلك القرار.
وقد ردت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بأن المدعي أحيل إلى النيابة الإدارية للتحقيق معه في واقعة اشتغاله في كل من شركتي سيبا للأدوية وفندق هيلتون النيل دون حصوله على ترخيص بذلك من الجهة المختصة، وقد أثبت التحقيق أنه اشتغل بمرتب في شركة سيبا دون ترخيص من الوزارة التابع لها كما أنه عالج موظفي فندق هيلتون وبعض نزلائه وكان يتقاضى أتعابه في كل حالة على حدة بوصفه مستشاراً طبياً للفندق بناء على اتفاق شفوي تم بينه وبين إدارة الفندق، وقد عرضت الوزارة أمر الموظف المذكور على إدارة الفتوى والتشريع المختصة التي رأت أن ما أتاه الموظف المذكور يشكل مخالفة لنص المادة 95 من قانون الشركات رقم 26 لسنة 1954 معدلاً بالقانون رقم 155 لسنة 1955، وبناء على ذلك صدر قرار وزير الصحة بفصل المدعي من الخدمة. وإذ كان هذا القرار مبنياً على أسباب صحيحة فإنه يكون مطابقاً للقانون وتكون الدعوى على غير أساس حقيقة بالرفض.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة - بناء على طلب المحكمة - كتاباً صادراً من مصلحة الشركات بتاريخ 18 فبراير سنة 1962 جاء فيه أنه فيما يتعلق بشركة سيبا فقد تبين أنها عبارة عن مكتب علمي خاص بالبحوث العلمية ولا يخضع لأحكام المادة 95 من القانون 26 لسنة 1954 أو القوانين المعدلة له لأنه تابع تبعية كاملة لشركة سويسرية سواء من ناحية التمويل أو الإدارة ولا يأخذ الشكل القانوني للفرع أو الوكالة، وأما فيما يتعلق بشركة النيل هيلتون فإنها فرع لشركة أجنبية ينطبق عليها حكم المادة 90 من القانون 26 لسنة 1954 المشار إليه. وقال السيد محامي الحكومة بمحضر جلسة 27 من مارس سنة 1963 أنه لا يوافق على ما جاء في بيان مصلحة الشركات لأنه فيما يتعلق بشركة سيبا فإن المادة 95 من قانون الشركات تسري عليها باعتبارها فرعاً أو مكتباً تابعاً لشركة مساهمة أجنبية، وأما بالنسبة إلى شركة هيلتون فهي ليست فرعاً لشركة أجنبية وإنما هي شركة مساهمة مصرية بدليل ورودها ضمن الشركات التي نص قرار رئيس الجمهورية رقم 1899 لسنة 1961 بإنشاء المجلس الأعلى للمؤسسات على تبعيتها للمؤسسة المصرية العامة التي يشرف عليها وزير الدولة.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهت فيه إلى طلب الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 5 من يونيه سنة 1963 حكمت المحكمة برفض الدعوى وبإلزام المدعي بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن مصلحة الشركات بوصفها الجهة الإدارية المنوط بها تنفيذ القانون 26 لسنة 1954 المشار إليه هي مرجع الكافة في الإفادة عن وضع الشركات في مصر، وإذا كان تكييفها لوضع تلك الشركات مطابقاً للقانون فإنه يجب على الأفراد الالتزام بذلك، أما إذا كان غير متفق مع أحكام القانون والتزمه مع ذلك الأفراد، فإن التزامهم بذلك وإن أهدر إجراءات في القانون كان من الواجب عليهم مراعاتها إلا أنهم مع ذلك يعتبرون معذورين لقيام مانع حال بينهم وبين الوقوف على الوضع الصحيح لتلك الشركات وعلى هذا الأساس يتحدد الوضع القانوني للشركتين في مواجهة المدعي فلا يعتبر مكتب شركة سيبا إلا مكتباً علمياً تابعاً لشركة سويسرية لا يأخذ شكل الفرع أو الوكالة ولا ينطبق عليه حكم المادة 95 من قانون الشركات رقم 26 لسنة 1954 أمام شركة النيل هيلتون فإنها فرع لشركة أجنبية في الجمهورية العربية المتحدة، وإذ استند القرار المطعون فيه إلى سببين أولهما أنه جمع بين وظيفته بوزارة الصحة بين العمل في شركة سيبا مع أن مكتب هذه الشركة لا تنطبق عليه أحكام قانون الشركات فإن هذا السبب يكون منهاراً ويتعين إسقاطه، وأما فيما يتعلق بالسبب الثاني وهو أن المدعي جمع بين وظيفته وبين العمل في شركة هيلتون فإن التحقيقات قد أسفرت عن أن المدعي تربطه بذلك الفندق علاقة عمل واستشارة موظفي الفندق ونزلائه، ويوضحها كتاب مدير إدارة المستخدمين الموجه إلى رئيس النيابة الإدارية بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1959 فقد جاء فيه أن المدعي حصل على مبالغ مقدارها 1016 جنيهاً بصفة أتعاب عن الكشف على موظفي الفندق في الفترة من شهر فبراير سنة 1959 إلى ديسمبر من نفس السنة، وكذلك كتاب مدير إدارة مستخدمي الفندق الموجه إلى وكيل وزارة الصحة بتاريخ 18 من يونيه سنة 1960، الذي جاء فيه أن المدعي حصل على تلك المبالغ لأنه كان الطبيب الذي قام بالكشف الطبي على موظفي وعمال الفندق كجزء من اشتراطات القبول للعمل في الفندق. وإذ كانت علاقة المدعي بالفندق على الوجه المتقدم هي علاقة عمل دون أن يحصل على ترخيص بذلك من مجلس الوزراء، فإن هذا السبب يكون سليماً، ويكون القرار المطعون فيه مطابقاً للقانون رغم ثبوت بطلان أحد السببين الذي قام عليهما لأن أياً من السببين كاف وحده لحمل القرار، إذ جعل القانون عقوبة الفصل من الوظيفة جزاء ثبوت مخالفة حظر الجمع، ولا ضرورة لأن يصدر قرار الفصل من مجلس التأديب لأن المشرع خول جهة الإدارة سلطة إصدار قرار الفصل بمجرد تحققها من المخالفة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأوجه الآتية: أولاً - أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى بمشروعية قرار الفصل مع أنه لم يصدر من المحكمة التأديبية المختصة وإنما صدر من الوزير وقد خالف الحكم بذلك ما انتهى إليه حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 8/ 12/ 1954 مما يعيب الحكم ويبطله. ثانياً - إنه لا قيد على حرية الطبيب نصف الوقت في مزاولة مهنته في غير أوقات العمل الرسمية ولم يثبت من التحقيقات التي أجريت أن هناك علاقة عمل قامت بينه وبين شركة هيلتون وإنما انتهت النيابة الإدارية في المذكرة التي قدمتها إلى نفي وجود علاقة تبعية أو وظيفية وطلبت النيابة حفظ الأوراق فيما يتعلق بهذه التهمة لعدم المخالفة. ثالثاً - إن القرار المطعون فيه مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة لأن الوزارة لم تعامل بعض زملاء المدعي نفس المعاملة وإنما أحالتهم إلى المحكمة التأديبية المختصة ولم يصدر حكم بفصل أحد منهم، وليس من شك في أن هذه المعاملة المختلفة في شأن تطبيق قانون واحد يعتبر صورة من صور الانحراف بالسلطة وإذ قضى الحكم المطعون فيه بمشروعية قرار الفصل رغم أنه صدر مشوباً بمخالفة القانون وعيب إساءة استعمال السلطة فإنه يكون قد جانب الصواب ويتعين إلغاءه والحكم بإلغاء قرار الفصل من الخدمة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الأول من أوجه الطعن فإن المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه تنص على ما يأتي - بند 1 - لا يجوز الجمع بين وظيفة من الوظائف العامة التي يتناول صاحبها مرتباً وبين إدارة أو عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عريضة بأي عمل فيها ولو على سبيل الاستشارة، سواء أكان ذلك بأجر أم بغير أجر حتى ولو كان حاصلاً من الجهة الإدارية التابع لها على ترخيص يخوله العمل خارج وظيفته العامة. ومع ذلك يجوز لمجلس الوزراء أن يرخص في الاشتغال بمثل هذه الأعمال بمقتضى إذن خاص يصدر في كل حالة بذاتها. بند 2 - ويفصل الموظف الذي يخالف هذا الحظر من وظيفته بقرار من الجهة التابع لها بمجرد تحققها من ذلك. ومفاد هذا النص أن المشرع قد خول جهة الإدارة الحق في فصل الموظف بقرار منها متى تحققت من وقوع المخالفة إلا أنه مع ذلك لا يوجد ما يمنعها من إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية بدلاً من فصله بقرار منها إذا ما رأت وجهاً لذلك، واختيارها أحد السبيلين هو عمل من صميم اختصاصها ولا معقب عليها من جهات القضاء ومن ثم فإن هذا الوجه من أوجه الطعن على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الثاني للطعن فإن الأصل أن للموظف المرخص له من جهة الإدارة المختصة في مباشرة مهنته خارج نطاق وظيفته وفي غير أوقات العمل الرسمية أن يقوم بمزاولة هذه المهنة دون قيد إلا بما ينص عليه صراحة في القانون من مراعاة الحكمة التي يستهدفها المشرع، وقد نصت المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 على النحو السالف بيانه على هذا الحظر بالنسبة لموظفي الحكومة مع التوسع في نطاقه بجعله مطلقاً يتناول العمل في الشركات ولو بصفة عرضية ثم جاء القانون رقم 155 لسنة 1955 معدلاً بالمادة سالفة الذكر فأكدت هذا الحظر ولو كان مرخصاً للموظف في العمل خارج نطاق وظيفته، وأوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون حكمة هذا الحظر ويستخلص منها أن هدف المشرع من تعديل المادة 95 وهو حظر قيام علاقة عمل بين الموظف العام وبين الشركات المساهمة يتحقق ولو كانت تلك العلاقة عرضية أو مؤقتة وأن المحظور ليس فقط رابطة التعاقد بل قيام رابطة العمل، بمعنى أن القانون حظر على الموظفين العموميين تأدية أي عمل للشركات المساهمة إلا بترخيص يصدر من مجلس الوزراء (رئيس الجمهورية حالياً) بدليل ما جاء بذلك القانون من حظر القيام بأي عمل للشركات ولو بصفة عرضية أو على سبيل الاستشارة، وعلى ذلك فليس هناك من شك في انطباق هذه الأحكام على الطبيب الحكومي المصرح له بمزاولة المهنة خارج نطاق الوظيفة وفي غير أوقات العمل الرسمية الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 120 لسنة 9 القضائية جلسة 9 من نوفمبر سنة 1962، وكما يسري هذا الحظر بالنسبة إلى العمل في شركات المساهمة فإنه يسري أيضاً بالنسبة إلى العمل في فروع الشركات الأجنبية الكائنة في الجمهورية العربية المتحدة عملاً بنص المادة 90 من القانون 26 لسنة 1954 المشار إليه التي تقضي بتطبيق أحكام المواد من 92 إلى 98 من القانون على ما يوجد في مصر من فروع أو بيوت صناعية أو مكاتب لشركات المساهمة ولشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة التي لا تتخذ في مصر مركز إدارتها أو مركز نشاطها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان يعمل أخصائياً للأمراض الباطنية بمستشفى بولاق الأميري وكان مرخصاً له في مزاولة مهنته بعيادته الخاصة وقد اتفق شفوياً مع إدارة شركة فندق هيلتون على علاج موظفي الفندق ونزلائه في مقابل أتعاب خاصة يحصل عليها في كل حالة على حدة، وإلى جانب ذلك كان يقوم بالكشف الطبي على موظفي وعمال الفندق المرشحين للعمل به، وحصل نتيجة لهذا العمل على أتعاب مقدارها 1016 جنيهاً في المدة من شهر فبراير سنة 1959 حتى ديسمبر سنة 1959 وقد اعترف الطاعن بذلك في التحقيقات كما أشار إلى ذلك مدير المستخدمين بالفندق في كتابه المرسل إلى وكيل وزارة الصحة بتاريخ 18 من يونيه سنة 1960 إذ جاء فيه إلحاقاً بخطابنا بتاريخ 3 من ديسمبر سنة 1959 الخاص بالدكتور فكتور بولس فانوس نفيدكم علماً بأن المبالغ التي أخذها ومجموعها 1016 جنيهاً مصرياً كانت أتعاباً عن الكشف على الموظفين والعمال قبل تعيينهم بالفندق وهذا من فبراير سنة 1959 حتى ديسمبر سنة 1959 وقد أخذ الدكتور فانوس هذه المبالغ لأنه كان الطبيب الوحيد الذي قام بالكشف الطبي على موظفي وعمال الفندق كجزء من اشتراطات القبول للعمل بالفندق. وعلى ذلك فإن علاقة الطاعن بالفندق تتحدد في هذا النطاق وهي أنه كان يقوم بالكشف الطبي على المرشحين للعمل بالفندق بناء على تكليف منه مقابل أجر يحصل عليه من خزانة الفندق، فهو يؤدي عملاً له بأجر، وإذ كان ذلك الفندق يدار بواسطة فرع لشركة مساهمة أمريكية وتقيد في السجل التجاري تحت رقم 100363 تطبيقاً للمادة 91/ 1 من قانون الشركات، كما يبين من تقارير التفتيش المرفقة بالملف رقم 187 - 3/ 58 جـ 1 الخاص بمصلحة الشركات، فمن ثم تندرج علاقة الطاعن بإدارة الفندق تحت حكم المادة 95 من قانون الشركات ويحق لجهة الإدارة أن توقع بالطبيب المذكور عقوبة الفصل التي نص عليها القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثالث للطعن والمتعلق بإساءة استعمال السلطة فإن جهة الإدارة تترخص في توقيع جزاء الفصل الذي نص عليه القانون إما بقرار منها بمجرد تحققها من وقوع المخالفة وإما بإحالة المخالف إلى المحاكمة التأديبية على أساس ظروف كل حالة على حدة ووفقاً لما يتراءى لها محققاً للمصلحة العامة، وإذ لم يقدم الطاعن دليلاً على إساءة استعمال السلطة إلا ما ذهب إليه من أن جهة الإدارة رأت إحالة بعض الأطباء الآخرين إلى المحاكمة التأديبية بينما لم تتبع معه ذات الإجراء وإنما وقعت عليه جزاء الفصل من الخدمة، وهو ما لا يصلح دليلاً على الإساءة لأن اختيار السبيل الذي تتبعه جهة الإدارة بعد تحققها من المخالفة هو سلطة اختيارية لها على النحو السالف بيانه ومن ثم يكون هذا الوجه على غير أساس.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن قرار فصل الطاعن من الخدمة قد صدر من السلطة المختصة بذلك قانوناً، وبني على سببين أحدهما صحيح ومستخلص استخلاصاً سائغاً من وقائع منتجة ويكفي وحده لحمل القرار فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن على غير أساس من القانون متعيناً الحكم برفضه مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.


راجع في تأييد هذين المبدأين حكمي المحكمة الإدارية العليا الصادرين في القضية رقم 1656 لسنة 6 ق بجلسة 21/ 1/ 1961 المنشور بمجموعة السنة السادسة المبدأ رقم 81 ص 628 والقضية رقم 120 لسنة 9 ق بجلسة 9/ 11/ 1963 المنشور بمجموعة السنة التاسعة المبدأ رقم 3 ص 25.