مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 505

(49)
جلسة 31 من ديسمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.

القضية رقم 649 لسنة 9 القضائية

( أ ) جنسية. نص المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 على أن المرأة الأجنبية التي تتزوج من مصري تعتبر مصرية - الحكم ببطلان الزواج - من شأنه أن يعتبر عقد الزواج كأن لم يكن من تاريخ انعقاده فلا تعتبر الزوجة داخلة في الجنسية المصرية.
(ب) اختصاص قضائي "أحوال شخصية لغير المسلمين" جنسية. الحكم الصادر ببطلان عقد الزواج من الهيئة الروحية الكنسية الاستئنافية للأقباط الكاثوليك في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون رقم 462 رقم 1955 - صادر من جهة ليست لها ولاية القضاء ولا حجية له - أثر ذلك - أن يعتبر الاستئناف المرفوع عن الحكم الابتدائي الصادر عن المحكمة الروحية الكنسية الابتدائية لا زال مطروحاً على القضاء - لصاحب المصلحة أن يطلب إلى المجلس الملي إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة للفصل فيها - إلى أن يصدر الحكم يظل عقد الزواج صحيحاً ومكسباً الجنسية للزوجة الأجنبية.
(جـ) سفر للخارج. أحوال شخصية لغير المسلمين. نص المادة 21 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959 على عدم جواز منح الزوجة جواز سفر إلا بموافقة كتابية من الزوج - سريان هذا الشرط على كل زوجة مصرية ما لم تكن خاضعة لنظام الزواج الكاثوليكي وحكم بالتفريق الجثماني بينها وبين الزوج.
1 - إن المطعون عليها كانت إيطالية الجنسية تزوجت بمصري بتاريخ 29 من مارس سنة 1948 - ظل المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية الذي تنص المادة 14 منه على ما يأتي "المرأة الأجنبية التي تتزوج من مصري تعتبر مصرية ولا تفقد الجنسية المصرية عند انتهاء الزوجية إلا إذا جعلت إقامتها العادية في الخارج واستردت جنسيتها الأصلية عملاً بالقانون الخاص بهذه الجنسية..." ومن ثم فهي تعتبر مصرية ولا تفقد هذه الجنسية ما لم يقم سبب من الأسباب التي أشارت إليها المادة سالفة الذكر أو يقضي ببطلان الزواج من الجهة القضائية المختصة إذ من شأن الحكم ببطلان عقد الزواج أن يعتبر العقد كأن لم يكن من تاريخ انعقاده فلا تعتبر الزوجة داخلة في الجنسية المصرية لأن هذا الأثر لا يترتب إلا على الزواج الصحيح دون الزواج الباطل.
2 - لما كان الحكم الاستئنافي الصادر من الهيئة الروحية الكنسية الاستئنافية للأقباط الكاثوليك سنة 1956 أي في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية وإحالة الدعاوى التي تكون منظورة أمامها إلى المحاكم الوطنية فمن ثم فإن الحكم الاستئنافي يكون قد صدر من جهة لا ولاية لها في القضاء، ولا حجية له، ويعتبر الاستئناف المرفوع عن الحكم الابتدائي الصادر من المحكمة الروحية الكنسية الابتدائية لا زال مطروحاً على القضاء، ويجب إحالة الدعوى إلى المحكمة الوطنية المختصة للفصل فيه عملاً بالمادتين الأولى والثانية من القانون المشار إليه وهما تنصان على ما يأتي، مادة 1 - تلغى المحاكم الشرعية والمحاكم الملية ابتداء من أول يناير سنة 1956 وتحال الدعاوى المنظورة أمامها لغاية 31 من ديسمبر سنة 1955 إلى المحاكم الوطنية لاستمرار النظر فيها وفقاً لأحكام قانون المرافعات وبدون رسوم جديدة مع مراعاة القواعد.
مادة 2 - تحال الدعاوى التي تكون منظورة أمام المحكمة العليا الشرعية أو أمام الدائرة الاستئنافية بالمجالس الملية إلى محكمة الاستئناف الوطنية التي تقع في دائرتها المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم المستأنف. وغني عن البيان أنه يجوز لصاحب المصلحة طرح ذلك الاستئناف على الجهة القضائية المختصة أو أن يطلب إلى المجلس الملي إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة للفصل فيها، وإلى أن يصدر الحكم في ذلك الاستئناف من الجهة القضائية المختصة يظل عقد الزواج صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية ومن ضمنها اعتبار المطعون عليها مصرية الجنسية.
وإن كانت المادة 21 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959 فيما قضت به من عدم جواز منح الزوجة جواز سفر إلا بموافقة كتابية من الزوج تسري كأصل عام في حق كل زوجة مصرية وأساس ذلك أن الزوجة المصرية تلتزم قانوناً بالدخول في طاعة زوجها وتتبعه من حيث الإقامة ولا تتحلل من هذه الالتزامات إلا بالطلاق، إلا أنه لا يجوز إعمال هذا الحكم في حق الزوجة الكاثوليكية الديانة التي بحكم بالتفريق الجثماني بينها وبين زوجها، وذلك لأن النظام القانوني الذي تخضع له الروابط الزوجية لطوائف الكاثوليك يحرم الطلاق وإن كان يجيز لكل من الزوجين أن يحصل من الجهة القضائية المختصة على حكم بالتفريق الجثماني بين الزوجين، ويترتب على صدور هذا الحكم توقف الحياة المشتركة للزوجين من حيث المساكنة والمعايشة كما توقف جميع الالتزامات المترتبة على ذلك فيسقط واجب الرعاية والمعونة الأدبية بينهما ويفقد الزوج ولايته على زوجته وتستطيع الزوجة أن تحدد مسكنها وموطنها حيثما تريد استقلالاً عن منزل الزوجية ولا تلتزم بالدخول في طاعة زوجها.
3 - وإن كانت المادة 21 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959 فيما قضت به من عدم جواز منح الزوجة جواز سفر إلا بموافقة كتابية من الزوج تسري كأصل عام في حق كل زوجة مصرية وأساس ذلك أن الزوجة المصرية تلتزم قانوناً بالدخول في طاعة زوجها وتتبعه من حيث الإقامة ولا تتحلل من هذه الالتزامات إلا بالطلاق، إلا أنه لا يجوز إعمال هذا الحكم في حق الزوجة الكاثوليكية الديانة التي يحكم بالتفريق الجسماني بينها وبين زوجها، ذلك لأن النظام القانوني الذي تخضع له الروابط الزوجية لطوائف الكاثوليك يحرم الطلاق وإن كان يجيز لكل من الزوجين أن يحصل من الجهة القضائية المختصة على حكم بالتفريق الجسماني بين الزوجين، ويترتب على صدور هذا الحكم توقف الحياة المشتركة للزوجين من حيث المساكنة والمعايشة كما توقف جميع الالتزامات المترتبة على ذلك فيسقط واجب الرعاية والمعونة الأدبية بينهما ويفقد الزوج ولايته على زوجته وتستطيع الزوجة أن تحدد مسكنها وموطنها حيثما تريد استقلالاً عن منزل الزوجية ولا تلتزم بالدخول في طاعة زوجها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 15 لسنة 16 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري "هيئة منازعات الأفراد والهيئات" بصحيفة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 5 من أكتوبر سنة 1961، طالبة الحكم بإلغاء قرار وزير الداخلية بالامتناع عن تسليمها جواز السفر الذي كانت تحمله مجدداً، وقالت شرحاً لدعواها إن مصلحة الجوازات والجنسية سحبت منها جواز السفر الخاص بها استناداً إلى أنها فقدت جنسيتها المصرية التي اكتسبتها بزواجها من السيد/ يوسف ميخائيل حنا، نتيجة لصدور حكم من المحكمة الروحية الكنسية للأقباط الكاثوليك ببطلان الزواج، وإذ كان حكم البطلان قد صدر من جهة لا ولاية لها بالفصل في القضايا بعد أن نقل القانون رقم 462 لسنة 1955 الاختصاص بقضايا الأحوال الشخصية لغير المسلمين إلى المحاكم الوطنية، وبالتالي فلا حجية له فقد تظلمت من القرار المطعون فيه إلا أن مصلحة الجوازات لم تجبها إلى طلبها فأقامت الدعوى لإلغاء ذلك القرار.
وقد دفعت إدارة قضايا الحكومة الدعوى بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد القانوني ذلك لأن المدعية علمت بالقرار منذ سحب جواز سفرها في 21 من ديسمبر سنة 1961 ولم تتظلم منه إلا بتاريخ 6 من إبريل سنة 1961 أي بعد الميعاد القانوني كما أنها لم ترفع الدعوى إلا في 5 من أكتوبر سنة 1961 أي بعد أكثر من أربعة أشهر منذ تاريخ التظلم، أما بالنسبة إلى الموضوع فقالت إدارة قضايا الحكومة أن المدعية دخلت الجنسية المصرية لزواجها من السيد/ يوسف ميخائيل حنا، وقد رفع المذكور دعوى أمام المحكمة الابتدائية للأقباط الكاثوليك بطلب الحكم ببطلان الزواج قضي فيه بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1955 بالبطلان ثم، استؤنف الحكم أمام المحكمة الروحية الكنسية للأقباط الكاثوليك فقضت هذه المحكمة بتاريخ 4 من يوليه سنة 1956 بتأييد الحكم المستأنف، وإذ كان من شأن حكم البطلان أن يعدم الزواج من تاريخ انعقاده فإنه يترتب على ذلك أن المدعية لم تدخل الجنسية المصرية في أي وقت من الأوقات، ولذلك فإنه عندما تقدمت المدعية إلى إدارة الجوازات طالبة تجديد جواز سفرها رفضت الإدارة ذلك وسحبت من المدعية جواز سفرها القديم، وأضافت إدارة قضايا الحكومة قائلة إنه إذا فرض وأن جنسية المدعية لم تتأثر بالحكم الصادر ببطلان الزواج فإنه لا يجوز تجديد جواز سفرها ما لم تحصل على موافقة زوجها طبقاً لنص المادة 21 من القرار الوزاري رقم 63 لسنة 1959 بتنفيذ بعض أحكام القانون 97 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر وإذ لم تحصل المدعية على موافقة زوجها فإن دعواها تكون على غير أساس حقيقة بالرفض. وبجلسة 12 من فبراير سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها في الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية برفض تسليم المدعية جواز سفرها المصري رقم 1968 سجل سنة 1949 وتجديده وألزمت الحكومة بالمصروفات وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها بالنسبة إلى الدفع على أنه وإن كانت الإدارة قد انتهت إلى رفض طلب المدعية بعد دراسة استطالت حتى 17 من يناير سنة 1961 إلا أنه لا يوجد بالأوراق ما يفيد علم المدعية بهذا القرار ولا بالأسباب التي قام عليها علماً يقينياً، كما أن المدعية تقدمت بتظلم في 6 من إبريل سنة 1961 بينت فيه فساد الأساس الذي بنت عليه جهة الإدارة اعتبارها أجنبية وبعد أن استطلعت جهة الإدارة رأي إدارة الفتوى المختصة رأت معاملة المدعية على أساس أنها مصرية الجنسية، وعلى هذا الأساس يتعين عليها أن تحصل على موافقة زوجها، لإمكان منحها جواز سفر أو الحصول على حكم يجيز لها ذلك دون موافقة زوجها، وقد تأشر على الأوراق باستدعاء المدعية وتأشر على الورقة 81 من الملف بأنها حضرت وأحيطت علماً بذلك ومن ثم فإن الإدارة تكون قد عدلت عن قرارها الأول بسحب جواز السفر من المدعية لسقوط جنسيتها. بسبب بطلان زواجها، وإذا كانت الإدارة قد امتنعت عن تسليم المدعية جواز سفرها إلا أنها استندت في ذلك إلى أساس جديد هو اشتراط موافقة زوجها وإذ لم يثبت إعلان هذا القرار الأخير إلى المدعية في تاريخ معين تحسب فيه مواعيد رفع الدعوى فإن الدفع يكون على غير أساس. أما بالنسبة إلى موضوع الدعوى فقد أقامت المحكمة قضاءها على أن المدعية اكتسبت الجنسية المصرية بزواجها من مصري في مارس سنة 1948 وإنها لا زالت محتفظة بهذه الجنسية، وعاملتها جهة الإدارة على هذا الأساس، ولما كانت المادة 13 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959 تنص على أنه يكون منح زوجة من يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة جواز سفر أو إضافة اسمها إلى جواز سفر زوجها إذا كانت متمتعة أصلاً بالجنسية قبل الزواج أو اكتسبت جنسية زوجها، فمن ثم يكون من حق المدعية الحصول على جواز سفر خاص بها، وإذ كانت قد حصلت على جواز السفر فعلاً منذ سنة 1949 فيكون من حقها حمله ويتعين على جهة الإدارة تجديده كلما طلبت ذلك ويكون امتناع جهة الإدارة عن ذلك مخالفاً للقانون، أما المادة 21 من القرار التي تشترط لمنح الزوجة جواز السفر موافقة زوجها فلاً تنطبق على واقعة الدعوى لأن المدعية حصلت على جواز السفر قبل إصدار ذلك القرار ولا محل للخلط بين حق المدعية في حمل جواز سفرها المصري وبين التصريح لها بالسفر لاختلاف مجال كلا الأمرين عن الآخر، والمدعية لا تطلب لها التصريح بالسفر ومن ثم فلا محل لإثارة ذلك في خصوصية المنازعة.
ومن حيث إن مبنى الطعن بالنسبة إلى ميعاد رفع الدعوى أن الحكم المطعون فيه قام على أنه لا يوجد بالأوراق ما يفيد علم المطعون عليها بقرار الرفض وإلى أن جهة الإدارة عدلت عن قرارها الأول بسحب جواز السفر من المدعية بسقوط جنسيتها واستندت في الامتناع عن منحها جواز السفر إلى أساس جديد هو اشتراط موافقة الزوج، مع أن الثابت من الأوراق أن جواز سفر المطعون عليها، سحب منها بتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1960 وقد اعترفت بذلك في صحيفة دعواها وأشر الموظف المختص بتاريخ 23 من يناير سنة 1961 بأنه أفهم المدعية أسباب القرار، كما أن هذا القرار ظل قائماً ولم تعدل عنه جهة الإدارة وإنما نشأ سبب جديد يؤيده، وقد استقر الفقه والقضاء على أنه إذا أمكن حمل القرار الإداري على وقائع جديدة غير تلك التي على أساسها صدر لكفى ذلك لصحته، وإذ صدر القرار المطعون فيه في 21 من ديسمبر سنة 1960 وأعلن إلى المطعون عليها في 23 من يناير سنة 1961 ولم تتظلم منه إلا في 6 من إبريل سنة 1961 وبعد أن فحصت جهة الإدارة التظلم وانتهت إلي رفض الطلب لأسباب جديدة أعلنت إلى المطعون عليها قبل يوم 19 من يوليه سنة 1961 على ما يتضح من مقارنة التواريخ المثبتة على الصفحة رقم 81 من الملف رقم 23/ 33/ 5083 المرافق لملف الطعن، ثم لم تقم الدعوى إلا في 5 من أكتوبر سنة 1961 فتكون الدعوى مرفوعة بعد الميعاد القانوني، أما بالنسبة إلى الموضوع فإنه بفرض أن الحكم الاستئنافي باطل لصدوره بعد إلغاء اختصاص المجالس المحلية إلا أن الحكم الابتدائي قرر بطلان الزواج وتظل لهذا الحكم حجيته الكاملة حتى تقضي الجهة القضائية المختصة بإلغائه، وبالإضافة إلى ذلك فإذا اعتبرت المطعون عليها مصرية الجنسية دون اعتداد بحكم بطلان الزواج. فإنه يجب عليها أن تتقدم بموافقة كتابية من زوجها طبقاً للمادة 21 من القرار الوزاري رقم 63 لسنة 1959 وإذ لم تتقدم بما يثبت ذلك فإن امتناع جهة الإدارة عن منحها الجواز يكون مستنداً إلى أسباب صحيحة ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الأول من الطعن المتعلق بميعاد رفع الدعوى فإنه يبين من الاطلاع على الأوراق المرفقة بملف الطعن أنه بعد أن رفضت جهة الإدارة تسليم المطعون عليها جواز السفر استناداً إلى القول بأنها لا تعتبر مصرية أخذاً بالأحكام المقدمة من زوج المطعون عليها والتي قضت ببطلان الزواج، أعلنت المطعون عليها بهذا القرار بتاريخ 23 من يناير سنة 1961 فتظلمت منه بتظلم رفعته إلى جهة الإدارة في 6 من إبريل سنة 1961 أي بعد فوات الميعاد القانوني، وبعد أن فحصت جهة الإدارة موضوع التظلم ورجعت في شأنه إلى رأي إدارة الفتوى المختصة واستبان لها مخالفة قرارها للقانون عدلت عنه ورأت معاملة المطعون عليها على أساس أنها مصرية الجنسية وتحررت بذلك مذكرة انتهى فيها مقدمها إلى هذا الرأي وإلى أنه يري تكليف المطعون عليها بتقديم ما يدل على موافقة زوجها على منحها جواز السفر أو الحصول على حكم يجيز لها السفر دون إذن زوجها بالتطبيق لنص المادة 21 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959، وقد ووفق على هذه المذكرة بتاريخ 4 من يوليه سنة 1961، بناء على ذلك تقرر استدعاء المطعون عليها لإعلانها بهذا القرار واستدعيت فعلاً بكتاب الإدارة المؤرخ 8 من يوليه سنة 1961 "رقم 80 ملف رقم 23/ 33/ 5083" وأشر الموظف المختص بأنه أفهمها بنتيجة فحص موضوعها ووقعت المطعون عليها على هذه الملاحظة، وإذا كانت هذه التأشيرة لا تحمل تاريخاً إلا أنه يبين من مراجعة التأشيرات الأخرى المثبتة على الصفحة رقم 81 ملف أن هذه التأشيرة قد أثبتت في تاريخ سابق على يوم 19 من يوليه سنة 1961 وهو تاريخ تأشيرة أخرى أشارت إلى بعض البيانات الواردة في الملاحظة التي وقعتها المطعون عليها.
ومن حيث إنه يتضح من ذلك أن ثمة قرارين صدرا في شأن الطلب المقدم من المطعون عليها أولهما أبلغ إليها بتاريخ 23 من يناير سنة 1961 وكان أساسه عدم جواز صرف جواز سفر إلى المطعون عليها لأنها لا تعتبر داخلة في جنسية الجمهورية العربية المتحدة بعد أن قضي ببطلان عقد زواجها والثاني صدر بتاريخ 5 يوليه سنة 1961 وكان مبناه أن المطعون عليها وإن كانت مصرية إلا أنه لا يجوز منحها جواز السفر الذي تقدمت بطلبه إلا بعد موافقة زوجها بالتطبيق لنص المادة 21 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1959 ولا تعتبر القرار الثاني تأكيداً للقرار الأول مما يستتبع القول بأن القرار الأول ظل قائماً ولم يلغ وإنما جدت أسباب جديدة تكفي للتمسك به، ذلك أن القرار الثاني منيت الصلة بالقرار الأول سواء من حيث الأساس القانوني أو الأسباب التي قام عليها كل منهما. ولما كان الطعن قد انصت على هذا القرار الأخير فلا تحسب مواعيد رفع الدعوى إلا بعد إعلان المطعون عليها بهذا القرار أو ثبوت علمها به علماً يقينياً نافياً للجهالة.
ومن حيث إنه وإن كان الموظف المختص قد أشر في أعلى الورقة 81 من الملف بأنه أفهم المطعون عليها بنتيجة فحص موضوعها وكان ذلك قبل يوم 19 من يوليه سنة 1961 على النحو السالف بيانه إلا أن المطعون عليها أنكرت في جلسة المرافعة أمام هذه المحكمة أن الموظف المذكور قد أعلنها بالقرار المطعون فيه في ذلك التاريخ وإنما أخطرها بأن موضوعها لا يزال قيد البحث وأنه سألها عن عنوان زوجها حتى يمكن إتمام بحث الموضوع واتخاذ قرار فيه. وإذ كان الثابت من الاطلاع على التأشيرة المشار إليها أن الموظف المذكور أثبت على الورقة 81 من الملف أنه أفهم صاحبة الشأن بنتيجة فحص موضوعها وأنه سألها عن عنوان زوجها فأفادته عنه ثم وقعت صاحبة الشأن على هذا البيان بغير اللغة العربية، ولما كان طلب عنوان الزوج يفيد بذاته بأن الموضوع لا زال قيد البحث ولم ينحسم بقرار نهائي مع أن مؤدى القرار المطعون فيه هو رفض منح جواز السفر ما لم تحصل المطعون عليها على موافقة زوجها أو على حكم يجيز لها السفر بدون موافقته فمن ثم فلا يعد توقيع المطعون عليها على ذلك البيان في الظروف المشار إليها دليلاً على علمها بالقرار الذي انتهت إليه جهة الإدارة في 5 من يوليه سنة 1961 وبمحتوياته علماً يقينياً نافياً للجهالة يمكن أن يحسب من تاريخه ميعاد رفع الدعوى، وعلى ذلك فإن الدفع بعدم قبول الدعوى يكون على غير أساس وإذ قضى الحكم المطعون فيه رفض الدفع فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الثاني من الطعن المتعلق بالموضوع فإنه يبين من الاطلاع على الملف رقم 32/ 33/ 5083 أن المطعون عليها كانت إيطالية الجنسية تزوجت بمصري بتاريخ 29 من مارس سنة 1948 في ظل المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية الذي تنص المادة 14 منه على ما يأتي "المرأة الأجنبية التي تتزوج من مصري تعتبر مصرية ولا تفقد الجنسية المصرية عند انتهاء الزوجية إلا إذا جعلت إقامتها العادية في الخارج واستردت جنسيتها الأصلية عملاً بالقانون الخاص بهذه الجنسية.." ومن ثم فهي تعتبر مصرية ولا تفقد هذه الجنسية ما لم يقم سبب من الأسباب التي أشارت إليها المادة سالفة الذكر أو يقضي ببطلان الزواج من الجهة القضائية المختصة إذ من شأن الحكم ببطلان عقد الزواج أن يعتبر العقد كأن لم يكن من تاريخ انعقاده فلا تعتبر الزوجية داخلة في الجنسية المصرية لأن هذا الأثر لا يترتب إلا على الزواج الصحيح دون الزواج الباطل.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على صور الأحكام المرفقة بملف الطعن أن المحكمة الروحية الكنسية الابتدائية للأقساط الكاثوليك قضت بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1955 بناء على طلب الزوج ببطلان عقد زواج المطعون عليها واعتباره كأن لم يكن، وبتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1955 طعن محامي السر بالكنيسة في هذا الحكم بالاستئناف ثم صدر حكم من الهيئة الروحية الكنسية لاستئنافية للأقباط الكاثوليك بتاريخ 23 من يونيه سنة 1956 بتأييد الحكم المستأنف.
ومن حيث إنه لما كان الحكم الاستئنافي المشار إليه قد صدر بتاريخ 23 من يونيه سنة 1956 أي في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية وإحالة الدعاوى التي تكون منظورة أمامها المحاكم الوطنية فمن ثم فإن الحكم الاستئنافي يكون قد صدر من جهة لا ولاية لها في القضاء، ولا حجية له، ويعتبر الاستئناف المرفوع عن الحكم الابتدائي الصادر من المحكمة الروحية الكنسية الابتدائية لا زال مطروحاً على القضاء، ويجب إحالة الدعوى إلى المحكمة الوطنية المختصة للفصل فيه عملاً بالمادتين الأولى والثانية من القانون المشار إليه وهما تنصان على ما يأتي، مادة 1 - تلغى المحاكم الشرعية والمحاكم الملية ابتداء من أول يناير سنة 1955 وتحال الدعاوى المنظورة أمامها لغاية 31 من ديسمبر سنة 1955 إلى المحاكم الوطنية لاستمرار النظر فيها وفقاً لأحكام قانون المرافعات وبدون رسوم جديدة مع مراعاة القواعد الآتية. مادة 2 - تحال الدعاوى التي تكون منظورة أمام المحكمة العليا الشرعية أو أمام الدائرة الاستئنافية بالمجالس الملية إلى محكمة الاستئناف الوطنية التي تقع في دائرتها المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم المستأنف. وغني عن البيان أنه يجوز لصاحب المصلحة طرح ذلك الاستئناف على الجهة القضائية المختصة أو أن يطلب إلى المجلس الملي إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة للفصل فيها، وإلى أن يصدر الحكم في ذلك الاستئناف من الجهة القضائية المختصة يظل عقد الزواج صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية ومن ضمنها اعتبار المطعون عليها مصرية الجنسية. وقد أعملت مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية هذا الرأي في شأن المطعون عليها فانتهت إلى معاملتها على أنها مصرية الجنسية إلى أن يصدر حكم من الجهة القضائية المختصة ببطلان عقد الزواج. ورفضت منحها جواز السفر الذي تطلبه ما لم تحصل على موافقة زوجها على هذا الطلب أو تستصدر حكماً يجيز لها السفر دون موافقته طبقاً للمادة 31 من قرار وزير الداخلية رقم 13 لسنة 1959 التي تنص على ما يأتي "لا يجوز منح الزوجة جواز سفر أو إضافتها إلى جواز سفر الزوج إلا بموافقة كتابية منه".
ومن حيث إنه وإن كانت المادة 21 سالفة الذكر تسري كأصل عام في حق كل زوجة مصرية وأساس ذلك أن الزوجة المصرية تلتزم قانوناً بالدخول في طاعة زوجها وتتبعه من حيث الإقامة ولا تتحلل من هذه الالتزامات إلا بالطلاق، إلا أنه لا يجوز إعمال هذا الحكم في حق الزوجة الكاثوليكية الديانة التي يحكم بالتفريق الجثماني بينها وبين زوجها، ذلك لأن النظام القانوني الذي تخضع له الروابط الزوجية لطوائف الكاثوليك يحرم الطلاق وإن كان يجيز لكل من الزوجين أن يحصل من الجهة القضائية المختصة على حكم بالتفريق الجثماني بين الزوجين، ويترتب على صدور هذا الحكم توقف الحياة المشتركة للزوجين من حيث المساكنة والمعايشة كما توقف جميع الالتزامات المترتبة على ذلك فيسقط واجب الرعاية والمعونة الأدبية بينهما ويفقد الزوج ولايته على زوجته وتستطيع الزوجة أن تحدد مسكنها وموطنها حيثما تريد استقلالاً عن منزل الزوجية ولا تلتزم بالدخول في طاعة زوجها.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على الملف رقم 23/ 33/ 5083 المشار إليه أنه صدر بتاريخ 14 من أغسطس سنة 1953 حكم بالتفريق الجثماني بين المطعون عليها وزوجها بناء على طلب الزوج، وقد أشير إلى هذا الحكم في دعوى البطلان التي أقامها زوج المطعون عليها كما يتضح من الأوراق الواردة من المجلس الملي "فمن ثم فإن امتناع جهة الإدارة عن إجابة المطعون عليها إلى طلبها وهو منحها جواز سفر إلا بموافقة كتابية من زوجها إعمالاً لظاهر نص المادة 21 من قرار وزير الداخلية المشار إليه وإغفالاً لحكمته ومناط تطبيقه يكون قراراً مخالفاً للقانون وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغائه فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه متعيناً الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً ألزمت الحكومة بالمصروفات.