مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1966 إلى منتصف فبراير سنة 1967) - صـ 556

(56)
جلسة 8 من يناير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر المستشارين.

القضية رقم 74 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف. "معادلات دراسية". تضمن جدول الشهادات الأزهرية المرافق لقانون المعادلات الدراسية النص على تقدير الشهادة العالمية للكليات الأزهرية الثلاث: اللغة العربية والشريعة وأصول الدين بمبلغ 10 جنيهات و500 مليم في الدرجة السادسة وبمبلغ 12 جنيهاً في الدرجة السادسة لمن عين في وظائف فنية أو عين في وظائف التدريس في وزارة المعارف - عدم ورود تقدير صريح لشهادة العالمية مع إجازة القضاء الشرعي - كون المدعي حاصلاً على هذه الشهادة ومعيناً في وظيفة كاتب - يبرر تسوية حالته على أساس التقريب والقياس على حالة حامل إحدى الشهادات الثلاث المشار إليها الذي لا يشغل وظيفة فنية أو يقوم بأعمال التدريس في وزارة المعارف.
(ب) موظف. "مدة خدمة سابقة". شرط اتحاد طبيعة العمل السابق مع العمل الجديد - المقصود بهذا الشرط - أن يتماثل العملان وإن لم يتطابقا تطابقاً تاماً بحيث يؤدى ذلك إلى إفادة الموظف في عمله الجديد من الخبرة التي اكتسبها من عمله السابق - عمل المدرس - يقوم على تربية النشئ وتثقيفه وتهذيبه وتزويده بالمعلومات في مختلف ضروب المعرفة وتقويم كل انحراف أو اعوجاج - يختلف عن عمل الكاتب بالمحاكم الشرعية - انتفاء شرط اتحاد طبيعة العمل في هذه الحالة.
1 - إن جدول الشهادات الأزهرية المرافق لقانون المعادلات الدراسية تضمن النص على تقدير الشهادات العالمية للكليات الأزهرية الثلاث - اللغة العربية والشريعة وأصول الدين - بمبلغ 10 جنيهات و500 مليم في الدرجة السادسة عند التعين في وظيفة غير فنية وبمبلغ 12 جنيهاً في الدرجة السادسة لمن عين في وظائف فنية أو عين في وظائف التدريس في وزارة المعارف، ولم يرد به تقدير صريح لشهادة العالمية مع إجازة القضاء الشرعي، ولما كان المدعي وهو حاصل على الشهادة معيناً في وظيفة كاتب وهي وظيفة غير فنية وليست من وظائف التدريس فإن التسوية التي أجرتها الوزارة لحالته على أساس التقريب والقياس مطابقة لأحكام القانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب في تطبيق القانون عندما قضى بتأكيد قرار اللجنة القضائية في شقه الخاص بتسوية حالة المدعي في الدرجة السادسة بمرتب شهري قدره 12 جنيهاً شهرياً.
2 - إن المدعي كان معيناً في وزارة التربية والتعليم في وظيفة مدرس، ثم عين بعد ذلك في وزارة العدل في وظيفة كاتب، وعمل المدرس يقوم على تربية النشئ وتثقيفه وتهذيبه وتزويده بالمعلومات في مختلف ضروب المعرفة، وتقويم كل انحراف أو اعوجاج من أي نوع فيه، وتوجيه الوجهة الصالحة مستعيناً على ذلك بالنظريات والقواعد التربوية بينما يقوم عمل الكاتب بالمحاكم الشرعية الذي شغله المدعي بعد تعيينه بوزارة العدل على مباشرة إجراءات التقاضي والتدريب على الأعمال القانونية والقضائية التي تؤهله لتولي منصب القضاء فيما بعد، وواضح من هذا أن العملين لا يتحدان في طبيعتهما بل يختلفان ويتباعدان.
إن المقصود بشرط اتحاد طبيعة العمل الجديد هو أن يتماثل العملان وإن لم يكن معنى ذلك، أن يتطابقا تماماً من جميع الوجوه إلا أنه يجب أن يكون العملان، على شيء من التوافق. بحيث يؤدى ذلك إلى إفادة الموظف، في عمله الجديد من الخبرة التي اكتسبها من العمل السابق وتلك هي الحكمة التي حدت بالمشرع إلى وضع هذا الشرط ضمن الشروط الخاصة بحساب مدد العمل السابقة في مدة الخدمة الجديدة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه وقد صدر بجلسة 23 من أكتوبر سنة 1961 فإن ميعاد الطعن فيه، ينتهي يوم 22 من ديسمبر سنة 1961، إلا أنه لما كان هذا اليوم قد وافق يوم جمعة وهو عطلة رسمية فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل يليها وفقاً لنص المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إن تقرير الطعن، أودع قلم كتاب هذه المحكمة في يوم السبت الموافق 23 من ديسمبر سنة 1961 فإن إيداعه يكون قد تم في الميعاد القانوني ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه، حصل على شهادة العالمية مع إجازة القضاء الشرعي في سنة 1944 وعين في 26 من يناير سنة 1945 بوزارة التربية والتعليم، على الدرجة السادسة الفنية، في وظيفة مدرس، وأثناء عمله بهذه الوزارة، طلب من وزارة العدل، تعيينه بها، وقدم لها - بناء على طلبها - إقراراً مؤرخاً في 30 من سبتمبر سنة 1949 بقبوله التعيين بها في الدرجة الثامنة، وضمن هذا الإقرار طلباً بحساب مدة خدمته بوزارة - التربية والتعليم وضمها إلى مدة خدمته بوزارة العدل. وفي 3 من فبراير سنة 1950 - عين بوزارة العدل، بوظيفة كاتب، على الدرجة الثامنة بمرتب قدره 10 جنيهات في الشهر وفي 4 من يوليو 1953، تقدم بتظلم إلى اللجنة القضائية لوزارة العدل، طالب فيه بتسوية حالته في الدرجة السادسة بمرتب شهري قدره 15 جنيهاً اعتباراً من 2 من فبراير سنة 1950، وبحساب مدة خدمته بوزارة التربية والتعليم ضمن مدة خدمته بوزارة العدل، وباستحقاقه الدرجة الخامسة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقد قررت اللجنة بجلسة 18 من أكتوبر سنة 1953 أحقية المتظلم في أن تسوى حالته، على أساس منحه الدرجة السادسة براتب شهري قدره 12 جنيهاً من بدء التعيين - في 2 من فبراير سنة 1950، وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371/ 1953 واحتساب مدة خدمته السابقة ضمن مدة خدمته الحالية وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، وما يترتب على ذلك من آثار. ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وقد أعلن هذا القرار إلى وزارة العدل، في 7 من نوفمبر سنة 1955، فأودعت إدارة قضايا الحكومة، نيابة عن السيد وزير العدل - بصفته - قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 26 من نوفمبر سنة 1955 عريضة طعن في هذا القرار، قيدت في جدولها برقم 444 لسنة 10 القضائية طالبة الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وذلك استناداً إلى أن المطعون عليه ليس من الموظفين الدائمين، الذين يفيدون من قانون المعادلات الدراسية وإلى أنه لا يفيد أيضاً من قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو 1947 في شأن حساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية، لتخلف شرطين من الشروط التي استوجب هذا القرار توفرها للإفادة منه، ذلك أن المطعون عليه، لم يقدم طلباً بضم مدة خدمته السابقة إلى مدة خدمته الحالية خلال الأجل المحدد لتقديم هذا الطلب من جهة فضلاً عن عدم اتحاد طبيعة العمل السابق والعمل اللاحق من جهة أخرى وبجلسة 23 من أكتوبر سنة 1961 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه "بقبول الطعن شكلاً" ورفضه موضوعاً وتأييد قرار اللجنة القضائية بشطبه وإلزام الحكومة بالمصروفات. وأقامت قضاءها، على أن الطاعن عليه حصل على مؤهله الدراسي والتحق بخدمة وزارة العدل، قبل العمل بقانون نظام موظفي الدولة ومن ثم يكون قد توفرت فيه شروط الإفادة من قانون المعادلات الدراسية وبالنسبة إلى حساب مدته السابقة في مدة خدمته اللاحقة، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الشروط المطلوبة في هذا الشأن متوفرة في المطعون عليه، لأن وإن كان قد عين بوزارة العدل على الدرجة الثامنة، إلا أنه استحق الدرجة السادسة من بدء تعيينه في وزارة العدل بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية وقد تحقق في مدتي خدمته شرط طبيعة اتحاد العمل إذ ليس المقصود بهذا الشرط، أن يتماثل العملان في الاختصاص، أو أن يتطابقا تطابقاً تاماً، وإنما يكفي أن يكون العمل السابق، على حسب الاستعداد فيه، والتأهيل له، متمثلاً في طبيعته مع العمل اللاحق، والحال أن العمل السابق للمطعون عليه كان عملاً فنياً فهو أشمل من عمله اللاحق - الذي هو عمل كتابي - كما توفر له أيضاً شرط تقديم طلب بحساب مدة خدمته في الميعاد، إذ أنه قدم طلباً بحسابها في 3 من سبتمبر 1949 فضلاً عن توفر سائر الشروط الأخرى المتطلبة لضم مدد الخدمة السابقة.
ومن حيث إن الطعن يقوم بالنسبة إلى الشق الخاص بتسوية حالته المطعون عليه بقانون المعادلات الدراسية، على أنه لم يرد في خصوص الشهادة الحاصل عليها المذكور - وهي شهادة العالمية مع إجازة القضاء الشرعي - نص صريح في الجدول الملحق بقانون المعادلات الدراسية، إذ وردت به الشهادة العالمية للكليات الثلاث - اللغة العربية - الشريعة - أصول الدين - مقدرة بمرتب قدره 10 جنيهات و500 مليم في الدرجة السادسة، عند التعيين في وظيفة غير فنية، كوظيفة المطعون عليه - وقدره 12 جنيهاً في الدرجة السادسة عند التعيين في وظيفة فنية، ويقوم الطعن فيما يتعلق بالشق الخاص بحساب مدة الخدمة السابقة، ضمن مدة الخدمة الجديدة، على أن المطعون عليه عين بوزارة العدل في 2 من فبراير سنة 1950، تعييناً جديداً، ولم يحرر الاستمارة رقم 103 ع. ح الخاصة ببيان مدد الخدمة السابقة والتي لا يغني عن تقديمها طلبه في 3 من سبتمبر سنة 1949، حساب مدة خدمته السابقة بوزارة التربية والتعليم، في مدة خدمته بوزارة العدل لأنه لم يكن وقتذاك معيناً بعد بوزارة العدل، هذا إلى أن عمله السابق لا يتفق في طبيعته مع عمله اللاحق.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة. ارتأت في تقريرها عن هذا الطعن "الحكم" بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه القضاء بأحقية المدعي، في ضم مدة خدمته السابقة، في وزارة التربية والتعليم، إلى مدة - خدمته بوزارة العدل، وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وإلزام الطرفين بالمصروفات وأسست رأيها على أن وزارة العدل قامت بتسوية حالة المطعون عليه في الدرجة السادسة بمرتب شهري 10 جنيهاً و599 مليم من تاريخ التحاقه بخدمتها وذلك وفق أحكام قانون المعادلات الدراسية عقب العمل بهذا القانون، وعلى توفر جميع الشروط التي يتطلبها قرار مجلس الوزراء - الصادر في 11 من مايو سنة 1947 لحساب مدة الخدمة السابقة في مدة خدمة المطعون عليه بوزارة العدل.
ومن حيث إنه يبين من ملف خدمة المدعي أن حالته سويت، تنفيذاً لقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 بقرار وزير العدل رقم 844 الصادر في 11 من مارس 1954، وأنه اعتبر بهذه التسوية معيناً على الدرجة السادسة بمرتب شهري قدره 10 جنيهات و500 مليم ابتداء من 2 من فبراير سنة 1950، ومنح العلاوات المقررة قانوناً تبعاً لذلك.
ومن حيث إن جدول الشهادات الأزهرية المرافق بقانون المعادلات الدراسية تضمن النص على تقدير الشهادة العالمية للكليات الأزهرية الثلاث - اللغة العربية والشريعة وأصول الدين، بمبلغ 10 جنيهات و500 مليم في الدرجة السادسة وبمبلغ 12 جنيهاً في الدرجة السادسة لمن عين في وظائف فنية أو عين في وظائف التدريس في وزارة المعارف، ولم يرد به تقدير صريح لشهادة العالمية مع إجازة القضاء الشرعي - ولما كان المدعي - وهو حاصل على هذه الشهادة الأخيرة معيناً في وظيفة كاتب، وهي وظيفة غير فنية وليست من وظائف التدريس فإن التسوية التي أجرتها الوزارة لحالته على أساس التقريب والقياس تكون مطابقة لأحكام القانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب في تطبيق القانون عندما قضى بتأييد قرار اللجنة القضائية في شقه الخاص بتسوية حالة المدعي في الدرجة السادسة بمرتب قدره 12 جنيهاً شهرياً.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو 1947 في شأن ضم مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية، وقد اشترط لحساب مدة الخدمة السابقة وجوب توفر شروط من بينها وجوب اتحاد طبيعة العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته.
ومن حيث إن المدعي كان معيناً في وزارة التربية والتعليم في وظيفة مدرس، ثم عين بعد ذلك في وزارة العدل في وظيفة كاتب، وعمل المدرس يقوم على تربية النشئ وتثقيفه وتهذيبه، وتزويده بالمعلومات في مختلف ضروب المعرفة، وتقويم كل انحراف أو اعوجاج، من أي نوع فيه، وتوجيهه الوجهة الصالحة مستعيناً على ذلك بالنظريات، والقواعد التربوية، بينما يقوم عمل الكاتب بالمحاكم الشرعية الذي شغله المدعي بعد تعيينه بوزارة العدل على مباشرة إجراءات التقاضي والتدريب على الأعمال القانونية والقضائية التي تؤهله لتولي منصب القضاء فيما بعد، وواضح من هذا أن العملين لا يتحدان في طبيعتهما، بل يختلفان ويتباعدان.
ومن حيث إن المقصود بشرط اتحاد طبيعة العمل السابق مع العمل الجديد هو أن يتماثل العملان وإن لم يكن معنى ذلك، أن يتطابقا تطابقاً تاماً من جميع الوجوه، إلا أنه يجب أن يكون العملان، على شيء من التوافق بحيث يؤدى ذلك إلى إفادة الموظف، في عمله الجديد من الخبرة التي اكتسبها من العمل السابق وتلك هي الحكمة التي حدت بالمشرع إلى وضع هذا الشرط ضمن الشروط الخاصة بحساب مدد العمل السابقة في مدد الخدمة الجديدة.
ومن حيث إنه مما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حين قضى بتأييد قرار اللجنة القضائية في شقه الخاص بحساب مدة خدمة المدعي السابقة ضمن مدة خدمته اللاحقة على الرغم من عدم اتحاد العملين في طبيعتهما. ومن حيث إنه لكل ما سلف إيراده يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى موضوع التظلم في كلا شقيها وإلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.