مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة - العدد الثاني (من أول فبراير سنة 1959 إلى آخر مايو سنة 1959) - صـ 935

(81)
جلسة 21 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومحيى الدين حسن وعلي إبراهيم البغدادي المستشارين.

القضية رقم 775 لسنة 3 القضائية

( أ ) مدة خدمة سابقة - القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة - سريان أحكامه على جميع الموظفين الموجودين في الخدمة وقف صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة - لا يخل بذلك النص في المادة الثامنة منه على العمل به من تاريخ تنفيذ القانونان رقم 383 لسنة 1956 - حجة ذلك.
(ب) مدة خدمة سابقة - النص في المادة الثالثة من القرار رقم 159 لسنة 1958 على سقوط حق الموظف في طلب ضم مدد العمل السابقة إذا لم يتقدم بطلب لضمان خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشره - رفع الموظف قبل صدور هذا القرار دعوى للمطالبة بضم مدد الخدمة السابقة وتصميمه على طلباته بعد صدور القرار المذكور بين أن توافرت فيه شروط تطبيقه - ذلك يغني عن تقديم طلب الضم.
1 - في 20 من فبراير سنة 1958 صدر القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، ناصاً في مادته الثانية (1) على أن "مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة تحسب كاملة سواء أكانت متصلة أم منفصلة متى كانت قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وفي نفس الكادر". وهذا القرار يفيد منه جميع الموظفين الموجودين في الخدمة وقت صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة، متى توافرت فيهم الشروط اللازمة لتطبيقه؛ ذلك أن هذه المحكمة سبق أن استقرت في أحكامها على أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، فمركز الموظف من هذه الناحية مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت، وليس له أن يتمسك بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظل أحكامه، فيسري عليه التنظيم الجديد بأثر حال من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت من قبل لصالح الموظف إلا بنص خاص في قانون، وليس في أداة أدنى منه. ومن جهة أخرى إذا تضمن التنظيم الجديد مزايا جديدة فإن الموظفين الموجودين في الخدمة وقت صدوره يفيدون منها، إلا إذا كان واضحاً منه إنه قصد عدم إفادتهم منها؛ وبهذه المثابة يسري القرار رقم 159 لسنة 1958 على الموظفين الذين كانوا في الخدمة وقت صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة. ولا يقدح في ذلك ما ورد في المادة الثامنة منه من أنه يعمل به من تاريخ تنفيذ القانون رقم 383 لسنة 1956؛ لأن الشبهة التي قد تثيرها هذه العبارة حول تحديد النطاق الزمني لسريان هذا القرار تنجلي بتقصي الأعمال التحضيرية له؛ ذلك أن نص المادة الثامنة كان في الأصل يجرى على النحو الآتي "على الوزراء كل فيما يخصه تنفيذ هذا القرار ويعمل به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية". ولكن السيد وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد للشئون المالية والإدارية طلب تعديل هذا النص بمذكرة جاء فيها "أن المادة السابعة نصت على إلغاء قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 الذي كان سارياً العمل به لغاية 2/ 11/ 1956، تاريخ صدور القانون رقم 383 لسنة 1956، ولما كان بعض الموظفن الذين عينوا في الخدمة اعتباراً من 2/ 11/ 1956 لهم مدد خدمة سابقة لم يتسن حسابها لحين صدور هذا القرار الجديد، فيقتضي الأمر أن ينص فيه على أن يقتصر تطبيقه على المعينين بعد 2/ 11/ 1956 مع عدم صرف فروق إلا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية"؛ فعدلت المادة الثامنة من القرار بالعبارة التي صدرت بها بناء على هذه المذكرة. ولكن هذا التعديل قد حصل بفهم أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 انتهى العمل به في 2 من نوفمبر سنة 1956، تاريخ صدور القانون رقم 383 لسنة 1956، وهو فهم خاطئ؛ لأن هذا القرار لم ينته العمل به في هذا التاريخ، وغاية الأمر أن هذا القانون إنما صدر بتعديل المادة 24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في خصوص معين فقط؛ بأن عدل عبارتها بحيث تشمل مدد الخدمة السابقة مدد العمل في الحكومة أو الهيئات أو في المؤسسات أو الأعمال الحرة، وكان النص الأصلي أضيق في الظاهر عن هذا النطاق، ولكن لم يمس القانون أحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه ولا مجاله الزمني في التطبيق؛ فتكون الشبهة التي ثارت من عبارة المادة الثامنة من القرار رقم 159 لسنة 1958 - في ضوء ما تقدم كله - هي شبهة داحضة أثارها ذلك الفهم الخاطئ من وكيل وزارة التربية والتعليم، فأقمحت تلك العبارة على أساس هذا الفهم، دون أن يكون القصد منها موضوعاً المساس بأحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه، أو بتحديد مجال زمني ينتهي فيه مفعوله، بل يتعين في هذا الشأن اتباع الأصول العامة في تطبيق القواعد التنظيمية العامة في علاقة الحكومة بموظفيها من حيث الزمان، وهي تؤدي إلى إفادة الموظفين الموجودين في الخدمة من مزايا القرار رقم 159 لسنة 1958 حسبما سلف إيضاحه، وحتى لا يكون الموظف القديم في وضع أدنى من موظف جديد، متى تماثلت المراكز القانونية تماماً، كما هو الحال في خصوصية النزاع.
2 - لئن كان القرار رقم 159 لسنة 1958 يشترط في مادته الثالثة أن يتقدم الموظف بطلب ضم مدد العمل السابقة مع تدعيم طلبة بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار، وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة، إلا أنه لما كانت طلبات المدعي في هذه الدعوى تنطبق تماماً على الحالة المنصوص عليها في المادة الثانية (1)، وكان تصميم المدعي على هذه الطلبات في دعواه بعد صدور القرار المذكور أبلغ في معنى طلب الضم المقدم في الميعاد المشار إليه، فهو يغني عنه، ويكون له الحق في الإفادة من أحكام القرار المذكور، بعد إذ توافرت سائر شروطه في حقه [(1)].


إجراءات الطعن

في 22 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة طعناً قيد بجدولها تحت رقم 775 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 25 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 2733 لسنة 9 القضائية المرفوعة من السيد/ عبد السلام محمد الشربيني ضد وزارة الشئون البلدية والقروية، والقاضي "برفض الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950، والقضاء بتطبيق هذا القرار عليه، مع إلزام الحكومة المصروفات". وأبلغ الطعن الحكومة في 4 من يونيه سنة 1957، والخصم المطعون لصالحه في أول يونيه سنة 1957، وعينت لنظرها جلسة 7 من فبراير سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة إيضاحات ذوي الشأن التي رأت سماعها على النحو المبين بمحضر الجلسة، وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - كما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه ابتداء أمام المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية، ثم أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري عملاً بأحكام القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة لاختصاصها بنظرها؛ لأن المدعي من موظفي الفئة العالية. وطلب في صحيفة دعواه الحكم بضم مدة خدمته السابقة بالمجالس البلدية واعتبار أقدميته في الدرجة السادسة من 11 من ديسمبر سنة 1945، تاريخ تعيينه بالمجلس، وليس من 19 من أبريل سنة 1948، تاريخ تسلمه العمل بمصلحة الرخص، وما ترتب على ذلك من آثار، وتشمل تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة. وقال شرحاً لدعواه إنه تخرج من مدرسة الهندسة التطبيقية العليا سنة 1945، وعين بالمجالس البلدية اعتباراً من 11 من ديسمبر سنة 1945 بوظيفة مهندس بمجلس بلدي جرجاً بالدرجة السادسة بالكادر الفني العالي، ونقل إلى مصلحة الرخص بعد موافقة كل من مصلحة الرخص وإدارة البلديات على هذا النقل، واستلم العمل في مصلحة الرخص في يوم 19 من أبريل سنة 1948، وكان قد أدى عمله في المجالس البلدية حتى 17 من أبريل سنة 1948، أي أن المدة متصلة والدرجة واحدة والعمل متحد، وقد فوجئ بأن قرار إلحاقه بمصلحة الرخص هو قرار تعيين وليس قرار نقل، على أساس أن النقل من المجالس البلدية إلى الوزارة يعتبر تعييناً جديداً، ورفضت الوزارة ضم مدة خدمته السابقة استناداً إلى قرار مجلس الوزراء في 11 من مايو سنة 1947 لعدم توافر شرط الثلاث السنوات في خدمة المجالس البلدية، وقد صدر قرار مجلس الوزراء في 23 من أغسطس سنة 1950 بضم المدد السابقة دون تحديد مدة، طالما أنها متصلة.
ومن حيث إن الوزارة ردت على الدعوى بأن المدعي حصل على دبلوم الهندسة التطبيقية العليا سنة 1945، والتحق بمجلس بلدي جرجا في الدرجة السادسة بماهية 500 م و10 ج من 11 من ديسمبر سنة 1945، ثم نقل إلى مجلس بلدي طنطا من 21 من ديسمبر سنة 1946، وقدم في 11 من فبراير سنة 1948 طلباً لوزارة الصحة للموافقة على تحويل أوراقه إليها، وفي 19 من أبريل سنة 1948 صدر أمر بفصله من بلدية طنطا لتعيينه بمصلحة الرخص التابعة لوزارة الصحة في ذلك الوقت، وأصدرت وزارة الصحة العمومية قراراً برقم 240 في 12 من فبراير سنة 1948 بتعيينه مهندساً تحت التمرين بمصلحة الرخص بعقد لمدة سنة بماهية 500 م و10 ج تصرف من ربط الدرجة السادسة، واستلم العمل فعلاً في 19 من فبراير سنة 1948، ورقي إلى الدرجة الخامسة في 27 من أغسطس سنة 1952. ونظراً لأن مدة خدمته بالمجالس تقل عن ثلاث سنوات فلم تتوافر شروط ضم المدة بقرار مجلس الوزراء في 11 من مايو سنة 1947، وبالتالي لا يجوز النظر في تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة؛ إذ أن ضم مدة الخدمة السابقة لا يؤثر على أقدميته في الدرجات التالية للدرجة المقررة لمؤهله الدراسي. وانتهت الوزارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") حكمت بجلسة 25 من مارس سنة 1957 برفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات. واستندت في قضائها هذا إلى أن المجالس البلدية - وإن كانت من أشخاص القانون العام - إلا أن لها شخصيات معنوية مستقلة عن شخصية الحكومة، ومؤدى هذا أن موظفيها، وإن كانوا يعتبرون موظفين عموميين، إلا أنهم لا يعتبرون موظفين بالحكومة، ولا تعتبر خدمتهم في الحكومة استمراراً لخدمتهم بالمجالس، وإنما هي مدة خدمة جديدة مستقلة عن مدة خدمتهم بالمجالس وليست استمراراً لها؛ وعلى مقتضى ذلك لا يفيد المدعي من قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بشأن ضم مدد الخدمة السابقة؛ لأن مدة خدمته بالمجالس تقل عن ثلاث سنوات، كما أنه طبقاً لهذا النظر لا يفيد المدعي من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950؛ لأن مناط ذلك أن تكون الخدمة السابقة بإحدى وظائف الحكومة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 في شأن حساب مدد الخدمة السابقة لم يفرق بين ما إذا كان الموظف قد قضى مدة خدمته بجهات حكومية أو جهات شبه حكومية، بل قضى بجواز حساب مدة الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية، سواء أكانت تلك المدد قضيت على اعتماد أو في درجة أو غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي، ولم يقيد هذا القرار المدد، أو أن تكون قد قضيت بجهات حكومية؛ إذ نص على ضم مدد الخدمة بجهات حكومية أو شبه حكومية، وقد أورد حكماً خاصاً بموظفي مجالس المديريات.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه بالاستناد إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بشأن ضم مدد الخدمة السابقة؛ لأن مدة خدمة المدعي بالمجالس تقل عن ثلاث سنوات، ولأنه لا يفيد من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950؛ لأن شرط الإفادة منهما أن تكون الخدمة السابقة في الحكومة، وذلك كما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - لئن كان الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه وقت صدوره في تطبيقه القرارات المتقدمة، إلا إنه قد صدر به ذلك في 20 من فبراير سنة 1958 القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، ناصاً في مادته الثانية (1) على أن "مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة تحسب كاملة، سواء أكانت متصلة أم منفصلة متى كانت قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها وفي نفس الكادر"، وهذا القرار الأخير يفيد منه جميع الموظفين الموجودين في الخدمة وقت صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة، متى توافرت فيهم الشروط اللازمة لتطبيقه؛ ذلك أن هذه المحكمة سبق أن استقرت في أحكامها على أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، فمركز الموظف من هذه الناحية مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت، وليس له أن يتمسك بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظل أحكامه، فيسري عليه التنظيم الجديد بأثر حال من تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت من قبل لصالح الموظف إلا بنص خاص في قانون، وليس في أداة أدنى منه. ومن جهة أخرى إذا تضمن التنظيم الجديد مزايا جديدة فإن الموظفين الموجودين في الخدمة وقت صدوره يفيدون منها، إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد عدم إفادتهم منها؛ وبهذه المثابة يسري القرار رقم 159 لسنة 1958 على الموظفين الذين كانوا في الخدمة وقت صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة. ولا يقدح في ذلك ما ورد في المادة الثامنة منه من أنه يعمل به من تاريخ تنفيذ القانون رقم 383 لسنة 1956؛ لأن الشبهة التي قد تثيرها هذه العبارة حول تحديد النطاق الزمني لسريان هذا القرار تنجلي بتقصي الأعمال التحضيرية له؛ ذلك أن نص المادة الثامنة كان في الأصل يجري على النحو الآتي "على الوزراء كل فيما يخصه تنفيذ هذا القرار، ويعمل به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية"، ولكن السيد وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد للشئون المالية والإدارية طلب تعديل هذا النص بمذكرة جاء فيها "أن المادة السابعة نصت على إلغاء قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 الذي كان سارياً العمل به لغاية 2/ 11/ 1956، تاريخ صدور القانون رقم 383 لسنة 1956، ولما كان بعض الموظفن الذين عينوا في الخدمة اعتباراً من 2/ 11/ 1956 لهم مدد خدمة سابقة لم يتسن حسابها لحين صدور هذا القرار الجديد، فيقتضي الأمر أن ينص فيه على أن يقتصر تطبيقه على المعينين بعد 2/ 11/ 1956، مع عدم صرف فروق إلا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية"؛ فعدلت المادة الثامنة من القرار بالعبارة التي صدرت بها بناء على هذه المذكرة. ولكن هذا التعديل قد حصل بفهم أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 انتهى العمل به في 2 من نوفمبر سنة 1956، تاريخ صدور القانون رقم 383 لسنة 1956، وهو فهم خاطئ؛ لأن هذا القرار لم ينته العمل به في هذا التاريخ، وغاية الأمر أن هذا القانون إنما صدر بتعديل المادة 24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في خصوص معين فقط؛ بأن عدل عبارتها بحيث تشمل مدد الخدمة السابقة مدد العمل في الحكومة أو الهيئات أو في المؤسسات أو الأعمال الحرة، وكان النص الأصلي أضيق في الظاهر عن هذا النطاق، ولكن لم يمس القانون أحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه ولا مجاله الزمني في التطبيق؛ فتكون الشبهة التي ثارت من عبارة المادة الثامنة من القرار رقم 159 لسنة 1958 - في ضوء ما تقدم كله - هي شبهة داحضة أثارها ذلك الفهم الخاطئ من وكيل وزارة التربية والتعليم؛ فأقمحت تلك العبارة على أساس هذا الفهم الخاطئ، دون أن يكون القصد منها موضوعاً المساس بأحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه أو بتحديد مجال زمني تنتهي فيه مفعوله، بل يتعين في هذا الشأن اتباع الأصول العامة في تطبيق القواعد التنظيمية العامة في علاقة الحكومة بموظفيها من حيث الزمان، وهي تؤدي إلى إفادة الموظفين الموجودين في الخدمة من مزايا القرار رقم 159 لسنة 1958، حسبما سلف إيضاحه، وحتى لا يكون الموظف القديم في وضع أدنى من موظف جديد، متى تماثلت المراكز القانونية تماماً، كما هو الحال في خصوصية النزاع، وهذا ما انتهى إليه رأي الجمعية العمومية للقسم الاستشاري في هذا الخصوص، وهو ما تقره هذه المحكمة.
ومن حيث إنه ولئن كان القرار المشار إليه يشترط في مادته الثالثة أن يتقدم الموظف بطلب ضم مدد العمل السابقة مع تدعيم طلبة بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة، إلا أنه لما كانت طلبات المدعي في هذه الدعوى تنطبق تماماً على الحالة المنصوص عليها في المادة الثانية (1)، وكان تصميم المدعي على هذه الطلبات في دعواه بعد صدور القرار المذكور أبلغ في معنى طلب الضم المقدم في الميعاد المشار إليه؛ فهو يغني عنه، ويكون للمدعي الحق في الإفادة من أحكام القرار المذكور، بعد إذ توافرت سائر شروطه في حقه، فيتعين إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بحساب المدة السابقة على النحو المبين في المنطوق، مع إلزام المدعي بمصروفات دعواه؛ إذ لم يكن على حق عند إقامتها، وإنما أسعفه فيها صدور القرار المشار إليه بعد ذلك.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي ضم مدة خدمته السابقة في مجلس بلدي جرجا وطنطا إلى مدة خدمته بالحكومة، وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958، وألزمت المدعي بالمصروفات".


[(1)] في هذا المعنى راجع أيضاً المبدأ المنشور في العدد الأول من السنة الرابعة من هذه المجموعة، بند 1، صفحة 3.