مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة - العدد الثاني (من أول فبراير سنة 1959 إلى آخر مايو سنة 1959) - صـ 972

(84)
جلسة 21 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم البغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 193 لسنة 4 القضائية

إجازة. الإجازات التي يجوز منحها للمستخدمين الخارجين عن الهيئة – جواز ضم مدد الإجازات الاعتيادية بعضها إلى بعض للانتفاع بهذا الضم في حالة المرض، بشرط أن تكون الإجازة مستحقة فعلاً - لا يشترط لهذا الضم أن يكون المستخدم قد مضى عليه في الخدمة ثلاث سنوات كاملة - للمستخدم الإفادة من وفر الإجازات الاعتيادية بما لا يجاوز تسعين يوماً كل ثلاث سنوات وأن يفيد بالنسبة لما هو دون ذلك بقدره ونسبته.
إن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نظم الأحكام الخاصة بالمستخدمين الخارجين عن الهيئة في الباب الثاني منه، وقسم هذا الباب إلى ستة فصول أورد في الفصل الرابع منها بيان أحكام الإجازات؛ فنص في المادة 126 على أن "تنقسم الإجازات التي يجوز منحها إلى المستخدمين الخارجين عن الهيئة إلى ثلاثة أنواع: (1) إجازة اعتيادية بمرتب كامل لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع في السنة الواحدة، ولا يجوز ضم مدة هذه الإجازة من سنة إلى أخرى. (2) إجازة مرضية بمرتب كامل لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع في السنة، ويجوز مدها لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع بنصف مرتب ثم لمدة أخرى لا تجاوز ثلاثة أسابيع بربع مرتب. ويجوز بقرار من وكيل الوزارة منح المستخدم إجازة بدون مرتب لمدة ستة أشهر أخرى إذا كان المستخدم مصاباً بمرض يحتاج البرء منه إلى علاج طويل. ويرجع في تحديد أنواع الأمراض التي من هذا النوع إلى القومسيون الطبي العام. (3) إجازة مرضية بمرتب كامل للإصابة بسبب العمل للمدة التي تقررها الهيئة الطبية المختصة بحيث لا تزيد على ستة أشهر. ولوكيل الوزارة المختص أن يرخص في مدها لمدة لا تجاوز ستة أشهر أخرى". كما تنص المادة 127 على أنه "استثناء من حكم الحالة (1) من المادة السابقة يجوز للمستخدم الخارج عن الهيئة الانتفاع في حالة المرض بما يكون له من وفر الإجازات الاعتيادية بحد أقصى قدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات". ومفاد ذلك أن للمستخدم الخارج عن الهيئة في حالة المرض ضم مدد الإجازات الاعتيادية بعضها إلى بعض، ويستنفد متجمد إجازاته الاعتيادية بجانب ما يستحقه من إجازة مرضية، بشرط ألا تزيد مدة الإجازة الاعتيادية على تسعين يوماً كل ثلاث سنوات. والضم لا يكون ولا يتأتى قبل أن تكون هذه الإجازة مستحقة فعلاً؛ يؤيد ذلك ما ورد في المادة 127 المشار إليها من عبارة "... بما يكون له من وفر"، والإجازة لا تكون متوفرة إلا إذا كان المستخدم قد استحقها فعلاً، ولا يمنحها إلا بعد ما يكون قد أمضى في الخدمة المدة التي تجيز له الحصول على الإجازة، فالضم غير جائز قبل توافر واستحقاق الإجازة الاعتيادية، ولا يكون إلا عن طريق الانتفاع بالرصيد المتوفر الكائن فعلاً من الإجازات الاعتيادية. ويخلص من ذلك أنه لإمكان ضم مدد الإجازات الاعتيادية بعضها إلى بعض للانتفاع بهذا الضم في حالة المرض يجب أن تكون الإجازة مستحقة فعلاً، ولا يشترط للانتفاع من هذا الضم أن يكون المستخدم قد مضى عليه في الخدمة ثلاث سنوات كاملة؛ إذ أن هذا تخصيص بغير مخصص، وقيد لم يتضمنه نص المادة 127 المشار إليها، فللمستخدم أن يفيد بما يكون له من وفر من الإجازات الاعتيادية بما لا يجاوز الحد الأقصى الذي أورده نص المادة 127 المشار إليه وقدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات، أما ما هو دون ذلك فله حق الإفادة منه بقدره ونسبته.


إجراءات الطعن

في يوم 15 من فبراير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لجميع المصالح بالإسكندرية بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 266 لسنة 3 ق المقامة من فاطمة محمد حسين ضد وزارة الصحة، والقاضي باستحقاق المدعية في تسوية إجازتها المرضية التي حصلت عليها عام 1955 والزائدة عن الحد المقرر قانوناً عن طريق الانتفاع بالرصيد المستحق لها من إجازاتها الاعتيادية من تاريخ دخولها الخدمة، وصرف ما يترتب على هذه التسوية، وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات المناسبة، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب التي استند إليها - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام رافعتها بالمصروفات. وقد أعلن الطعن إلى للحكومة في 20 من فبراير سنة 1958، وللمدعية في 12 من مارس سنة 1958، وتحدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 31 من يناير سنة 1959، وفي 17 من يناير سنة 1959 أبلغت الحكومة والمدعية بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة مودعة سكرتارية المحكمة الإدارية لجميع المصالح بالإسكندرية في 23 من يناير سنة 1956 أقامت المدعية هذه الدعوى بعد أن حصلت على قرار بالإعفاء من رسومها، وطلبت فيها الحكم لها بمبلغ 065 م و38 ج، مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت المدعية شرحاً لدعواها إنها عينت تمورجية بالمصح البحري بسان استفانو في شهر يونيه سنة 1953، وظلت تؤدي عملها بأمانة وإخلاص، إلى أن فصلها المصح في 17 من أكتوبر سنة 1955، وكانت تتقاضى مرتباً قدره 5.750 مجـ، بما في ذلك إعانة غلاء المعيشة، وذلك بعد إصابتها بمرض الروماتزم أثناء تأديتها للعمل وبسببه. وتذكر أنها تجاوزت الإجازة المرضية المستحقة لها بأجر كامل بقدر يوم. وبعد خصم هذا اليوم من الإجازة المستحقة لها يكون استحقاقها 28 يوماً بمعدل أجر يومي قدره 23 قرشاً، فيكون المبلغ المستحق لها عن الإجازة الاعتيادية 6.440 مجـ. كما تقول المدعية إنها كانت تؤدي عملها بصفة مستمرة بدون أن تحصل على الإجازة الأسبوعية في مدة السنتين اللتين عملت فيهما بالمصح؛ فيكون لها 48 يوماً إجازات أسبوعية و14 يوماً إجازات مقابل الأعياد القومية، أي أن لها 62 يوماً في السنة الواحدة، وتكون جملة الأيام التي تستحقها في السنتين 62×2=124 يوماً، ويكون المبلغ المستحق لها عن هذه الأيام هو 28.520 مجـ. كما أنها حصلت على 33 يوماً إجازة مرضية بدون مرتب في حين أنها تستحق إجازة مرضية بنصف مرتب عن ثلاثة الأسابيع الأولى منها، وجملتها 415 م و2 ج، بواقع ربع مرتب عن الإثنى عشر يوماً الباقية لها من الثلاثة والثلاثين يوماً الإجازة المرضية التي تمنح عنها مرتباً واستحقاقها عن هذه المدة 690 م، فيكون إجمالي ما تستحقه هو مبلغ 065 م و38 ج. وقد أجابت وزارة الصحة (مصح بحري إسكندرية بسان استفانو) أن المدعية عينت في 10 من يوليه سنة 1953 خادمة بالمصح بوظيفة خارج الهيئة في الدرجة الثانية بمرتب قدره 500 م و2 ج أصلي + 500 م بدل عدوى + 813 م و2 ج إعانة غلاء؛ فيكون المجموع = 813 م و5 ج، وصرف لها مرتبها حتى 31 من مارس سنة 1955، وكانت تمنح يوماً راحة بماهية كل أسبوع، كما كانت تحصل على جميع الإجازات الرسمية. ولانقطاعها عن العمل 15 يوماً من 6 من يونيه سنة 1955 بدون إذن تقرر فصلها، واعتبر تاريخ فصلها يوم 6 من يونيه سنة 1955. وأوضحت الجهة الإدارية ببيان الإجازات منذ تعييناها في 10 من يوليه سنة 1953 كالآتي: 1 - يوم واحد اعتيادي سنة 1953. 2 - اثنا عشر يوماً إجازة مرضية ومثلها اعتيادية سنة 1954. 3 - ستة وسبعون يوماً إجازة مرضية سنة 1955 على فترات متقطعة ابتداء من 12 من فبراير سنة 1955 إلى 3 من مايو سنة 1955. وبدلاً من عودتها للعمل، كما قرر القومسيون، حررت المدعية للمصح بتاريخ 4 من مايو سنة 1955 بأنها ما زالت مريضة، ولا يمكنها العودة لشدة مرضها، فحرر المصح للقومسيون الطبي، فأفاد بكتابه المحرر في 10 من مايو سنة 1955 بأن "الصحة طبيعية وتعود لعملها باكر 11 من مايو سنة 1955"، ومع ذلك لم تعد المدعية أيضاً، وحررت للمصح في 11 من مايو سنة 1955 بأنها ما زالت مريضة، فحر المصح للقومسيون مذكرة مستوفاة في 16 من مايو سنة 1955، وطلب رأيه باعتباره جهة الاختصاص عن مدى صلاحية المدعية للعمل، فقرر القومسيون الطبي بأنه كشف بتاريخ 6 من يونيه سنة 1955 على المدعية فوجدها لائقة للبقاء في الخدمة، ومع ذلك لم تعد، وانقطعت عن العمل 15 يوماً بعد هذا التاريخ بدون إذن، فتم فصلها اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1955. ويذكر المصح أن الفصل لم يتم كما ذكرت المدعية لأنه لم يتم شفاؤها، بل إن سبب الفصل انقطاعها عن العمل منذ 6 من يونيه سنة 1955 بدون إذن، ولم يصرف مرتبها منذ أول أبريل سنة 1955 لحين انتهاء الإجازة وعمل التسوية. وبجلسة 17 من ديسمبر سنة 1957 حكمت المحكمة باستحقاق المدعية في تسوية إجازتها المرضية التي حصلت عليها والزائدة عن الحد المقرر قانوناً عن طريق الانتفاع بالرصيد المستحق لها من إجازاتها الاعتيادية من تاريخ دخولها الخدمة، وصرف ما يترتب على هذه التسوية، وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات المناسبة، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه - بالنسبة إلى طلب المدعية أجر أيام الإجازات الاعتيادية - "لما كان المشرع، كالثابت من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951، لم يقوّم الإجازات الاعتيادية بأجر فإنها تسقط سنة فسنة، كالمستفاد من نص المادة 126 من هذا القانون؛ يؤيد ذلك أن ضمها غير جائز إلا بالانتفاع من المتجمد منها لثلاث سنين في حالة المرض طبقاً لنص المادة 127 من ذات القانون؛ ومن ثم يكون الطلب الأول للمدعية حقيقاً بالرفض. وبالنسبة لأيام الراحات والعطلات الرسمية فقد ذكرت الجهة الإدارية أنها كانت تمنح المدعية تلك الأيام والعطلات؛ وإذا عجزت المدعية عن إثبات هذا الطلب؛ فمن ثم فهو الآخر حقيق بالرفض. وبالنسبة إلى الطلب الثالث، وهو الخاص بأجر أيام الإجازات المرضية، فتقول المحكمة إن نص الفقرة الثانية من المادة 126 من القانون رقم 210 لسنة 1951 يقرر إجازة مرضية بمرتب كامل لمدة ثلاثة أسابيع في السنة، أي 21 يوماً، يجوز مدها لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع بنصف مرتب، ثم لمده لا تجاوز المدة السابقة بربع مرتب. وإذ صرفت الجهة الإدارية مرتب المدعية كاملاً حتى 31 من مارس سنة 1955 فإنه لبيان وجه الحق في استحقاق أجر أيام الإجازات المرضية ينبغي تحديد الإجازات السابقة على هذا التاريخ واللاحقة له. وإذ حصلت المدعية على إجازات مرضية: 7 أيام من 12 من فبراير سنة 1955، ثم 20 يوماً من 19 من فبراير، ثم 15 يوماً (7 أيام من 23 من مارس + 8 أيام فرق إجازة مرضية من 15 إلى 23 من مارس كقرار القومسيون الطبي) تنتهي في 29 من مارس سنة 1955، وتبلغ جملة تلك الإجازات 42 يوماً حتى 29 من مارس سنة 1955، يضاف إليها يوما 30 و31 من مارس سنة 1955 من الإجازات المقبلة، فتكون قد صرفت أجر 44 يوماً إجازة مرضية بمرتب كامل ضمن مرتباتها التي صرفت حتى 31 من مارس سنة 1955، في حين أنها لا تستحق إجازة مرضية بمرتب كامل غير 21 يوماً، فيكون رصيدها المدين من تلك الإجازات اعتباراً من أول أبريل هو 23 يوماً (44 – 21 يوماً)، يضاف إليه الإجازات المرضية التي حصلت عليها من أول أبريل سنة 1955، وهي بحسب إجابة الجهة الإدارية 32 يوماً، فتكون الجملة 55 يوماً. ولما كان للمدعية الحق في إجازة مرضية قدرها 21 يوماً بنصف مرتب، ومثلها بربع مرتب، أي 10.5 يوماً + 5 و1/4 يوماً بمرتب كامل = 15 و3/ 4 يوماً كاملاً، فيصبح الباقي المدين 39 و1/4 يوماً؛ ولما كانت المادة 127 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تقضي بأنه استثناء من حكم الحالة (1) من المادة 126 يجوز للمستخدم الخارج عن الهيئة الانتفاع في حالة المرض بما يكون له من وفر الإجازات الاعتيادية بحد أقصى قدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات؛ ولما كان هذا النص مقرراً لمصلحة المستخدم فهو ليس جوازياً متروكاً لجهة الإدارة، كما أنه لا يشترط في تطبيقه أن يكون المستخدم قد أمضى عليه ثلاث سنوات في الخدمة؛ لأن المشرع قصد بالفقرة الأخيرة ألا يفيد المستخدم بما يجاوز الحد الأقصى المقرر، أما ما دون ذلك فله حق الإفادة منه. ولما كان الثابت أن للمدعية رصيداً سابقاً من الإجازات الاعتيادية لم تحصل عليه؛ إذ منحت يوماً يوم واحداً في عام 1953، كما منحت 12 يوماً في عام 1954، ولم تمنح إجازة اعتيادية في عام 1955، فإنه ينبغي تسوية إجازاتها المرضية الزائدة عن الحد المقرر عن طريق الانتفاع بإجازاتها الاعتيادية المستحقة، وصرف ما يترتب على هذه التسوية. وقد انتهت المحكمة إلى أنه لما تقدم يتعين الحكم للمدعية باستحقاقها تسوية إجازاتها المرضية التي حصلت عليها في سنة 1955 والزائدة عن الحد المقرر قانوناً عن طريق الانتفاع بالرصيد المستحق لها من إجازاتها الاعتيادية من تاريخ دخولها الخدمة في 10 من يوليه سنة 1953 حتى تاريخ فصلها في 6 من يونيه سنة 1955، وصرف ما يترتب على هذه التسوية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه - طبقاً للمادة 127 من القانون رقم 210 لسنة 1951 واستثناء من حكم الحالة (1) من المادة 126 - يجوز للمستخدم الخارج عن الهيئة الانتفاع في حالة المرض بما يكون له من وفر في الإجازات الاعتيادية بحد أقصى قدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات؛ ولما كان الحكم المطعون فيه قد فسر هذه الحالة على أساس أنها لا تشترط أن يكون المستخدم قد أمضى ثلاث سنوات في الخدمة، بل إن المشرع قصد ألا يفيد المستخدم بما يجاوز الحد الأقصى المقرر، أما ما دون ذلك فله حق الإفادة منه؛ وإذا كان نص المادة 127 استثناء من القاعدة التي تضمنتها المادة 126 والتي جعلت مدة الإجازة الاعتيادية بمرتب كامل للمستخدم ثلاثة أسابيع في السنة الواحدة، لم تجز ضم مدة هذه الإجازة من سنة إلى أخرى، وكان هذا الاستثناء قاصراً على منح المستخدم الانتفاع بما يكون له من وفر من الإجازات الاعتيادية بحد أقصى قدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات؛ مما يؤكد أن الضم غير جائز قبل توافر هذه المدة؛ فإن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بغير ذلك - يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من استظهار الأوراق أن المدعية - وهي من فئة المستخدمات الخارجات عن الهيئة بالدرجة الثانية - عينت خادمة بالمصح البحري بمرتب قدره 500 م و2 ج ابتداء من 10 من يوليه سنة 1953، وفصلت اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1955، وصرف لها مرتبها حتى 31 من مارس سنة 1955. بيان الإجازات منذ تعيينها كالآتي: 1 - يوم واحد اعتيادي سنة 1953. 2 - اثنا عشر يوماً إجازة مرضية ومثلها اعتيادية عام 1954. 3 - 76 يوماً إجازة مرضية سنة 1955، ولم تكن الإجازة المرضية بسبب العمل.
ومن حيث إن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نظم الأحكام الخاصة بالمستخدمين الخارجين عن الهيئة في الباب الثاني منه، وقسم هذا الباب إلى ستة فصول أورد في الفصل الرابع منها بيان أحكام الإجازات؛ فنص في المادة 126 على أن "تنقسم الإجازات التي يجوز منحها إلى المستخدمين الخارجين عن الهيئة إلى ثلاثة أنواع: (1) إجازة اعتيادية بمرتب كامل لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع في السنة الواحدة، ولا يجوز ضم مدة هذه الإجازة من سنة إلى أخرى. (2) إجازة مرضية بمرتب كامل لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع في السنة، ويجوز مدها لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع بنصف مرتب، ثم لمدة أخرى لا تجاوز ثلاثة أسابيع بربع مرتب. ويجوز بقرار من وكيل الوزارة منح المستخدم إجازة بدون مرتب لمدة ستة أشهر أخرى إذا كان المستخدم مصاباً بمرض يحتاج البرء منه إلى علاج طويل. ويرجع في تحديد أنواع الأمراض التي من هذا النوع إلى القومسيون الطبي العام. (3) إجازة مرضية بمرتب كامل للإصابة بسبب العمل للمدة التي تقررها الهيئة الطبية المختصة بحيث لا تزيد على ستة أشهر. ولوكيل الوزارة المختص أن يرخص في مدها لمدة لا تجاوز ستة أشهر أخرى"، كما تنص المادة 127 على أنه "استثناء من حكم الحالة (1) من المادة السابقة يجوز للمستخدم الخارج عن الهيئة الانتفاع في حالة المرض بما يكون له من وفر من الإجازات الاعتيادية بحد أقصى قدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات".
ومن حيث إن مفاد ذلك أن للمستخدم الخارج عن الهيئة في حالة المرض ضم مدد الإجازات الاعتيادية بعضها إلى بعض، ويستنفد متجمد إجازاته الاعتيادية بجانب ما يستحقه من إجازة مرضية، بشرط ألا تزيد الإجازة الاعتيادية على تسعين يوماً كل ثلاث سنوات، والضم لا يكون ولا يتأتى قبل أن تكون هذه الإجازة مستحقة فعلاً؛ يؤيد ذلك ما ورد في المادة 127 المشار إليها من عبارة "... بما يكون له من وفر"، والإجازة لا تكون متوفرة إلا إذا كان المستخدم قد استحقها فعلاً، ولا يمنحها إلا بعد ما يكون قد أمضى في الخدمة المدة التي تجيز له الحصول على الإجازة، فالضم غير جائز قبل توافر واستحقاق الإجازة الاعتيادية؛ ولا يكون إلا عن طريق الانتفاع بالرصيد المتوفر الكائن فعلاً من الإجازات الاعتيادية.
ومن حيث إنه على هذا الأساس وعلى مقتضى هذا التفسير تستحق المدعية تسوية إجازاتها المرضية مما قد يكون لها من وفر من الإجازات الاعتيادية المستحقة لها عن المدة التي قضتها في الخدمة ابتداء من تاريخ تعيينها اعتباراً من 10 من يوليه سنة 1953 إلى تاريخ فصلها من الخدمة الحاصل في 6 من يونيه سنة 1955، على أساس أنها تستحق إجازة اعتيادية لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع في السنة الواحدة؛ عملاً بالبند (1) من المادة 126 السابق الإشارة إليها.
ومن حيث إنه يخلص من ذلك أنه لإمكان ضم مدد الإجازات الاعتيادية بعضها إلى بعض للانتفاع بهذا الضم في حالة المرض يجب أن تكون الإجازة مستحقة فعلاً، ولا يشترط للانتفاع من هذا الضم أن يكون المستخدم قد مضى عليه في الخدمة ثلاث سنوات كاملة؛ إذ أن هذا تخصيص بغير مخصص وقيد لم يتضمنه نص المادة 127 آنف الذكر؛ فللمستخدم أن يفيد بما يكون له من وفر من الإجازات الاعتيادية بما لا يجاوز الحد الأقصى الذي أورده نص المادة 127 المشار إليه وقدره تسعون يوماً كل ثلاث سنوات، أما ما هو دون ذلك فله حق الإفادة منه بقدره ونسبته.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الحكم المطعون فيه صحيح فيما انتهى إليه؛ فيكون الطعن - والحالة هذه - على غير أساس من القانون، ويتعين القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.