مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة - العدد الثاني (من أول فبراير سنة 1959 إلى آخر مايو سنة 1959) - صـ 1112

(98)
جلسة 4 من أبريل سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

القضية رقم 577 لسنة 4 القضائية

معاشات - حظر المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 على الحكومة وصاحب الشأن المنازعة في أي معاش إذا انقضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين به مقدار المعاش إلى صاحب الشأن - شمول هذا الحظر أي منازعة في أصل المعاش ومقداره - قصر الحظر على حالة الخطأ المادي في المعاش - غير صحيح - أساس ذلك.
إن نص المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 يجرى كالآتي: "لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين فيه مقدار المعاش إلى صاحب الشأن... ولا يجوز للحكومة ولا صاحب الشأن المنازعة في مقدار المكافأة التي دفعت إلا إذا قدمت المعارضة لوزارة المالية في الأشهر الستة التالية لتاريخ صرف المكافأة. وبناء على ذلك فكل دعوى يرد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت لا على الحكومة ولا على مصالحها لأي سبب كان وتحت أي حجة كانت، ولا يجوز أيضاً قبول هذه الدعوى من الحكومة أو من مصالحها". وهذا النص من الإطلاق والشمول بحيث يدخل فيه أي منازعة في المعاش أصلاً ومقداراً؛ وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء ومن ثم يكون قصر النص على حالة الخطأ المادي تخصيصاً بغير مخصص من النص ولا من الحكمة التي استهدفها الشارع في تنظيم المعاشات وترتيبها وثبات أوضاعها، هذا فضلاً عن أن المنازعة في أصل المعاش هي منازعة في مقداره، فالحكم واحد في الحالتين.


إجراءات الطعن

في 24 من مايو سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "أ") بجلسة 24 من مارس سنة 1958، والقاضي "بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى للمدعي باستحقاقها بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 517 لسنة 2 ق، وذلك لسابقة الفصل فيها في الدعوى المذكورة، وبعدم قبولها بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى باستحقاقها بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق، وألزمت المدعي بالمصروفات". وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى بها الحكم الصادر في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق، والقضاء قبول الدعوى بالنسبة لهذا الطلب، وتعديل المعاش المدعي على أساس احتساب علاوتي الدبلومين، مع صرف الفروق عن الماضي، وتأييد الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك، مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 25 من يونيه سنة 1958، وإلى المدعي في 6 من يوليه سنة 1958، وعين لنظر الدعوى جلسة 7 من مارس سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ملاحظات، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق -تتحصل في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بتعديل معاشه على أساس أن المرتب الشهري المستحق له مع العلاوات عند إحالته إلى معاش هو 32 ج وليس 28 ج، مع صرف الفروق من تاريخ إحالته إلى المعاش في 27/ 3/ 1946، وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً للدعوى إنه كان يعمل مأموراً للضرائب، وقد رقي منسياً إلى الدرجة الخامسة الفنية في سنة 1943، ومنح علاوة الترقية. ولما كان القرار الصادر بإنصاف المنسيين يقضي بأن كل من رقى منسياً وكان قد أمضى ثلاثين سنة في الدرجة التي رقى فيها والدرجة التي قبلها يمنح عند الترقية علاوة أخرى فوق علاوة الترقية؛ ومن ثم فإنه طالب المصلحة بهذه العلاوة، غير أنها لم تجبه إلى مطلبه حتى أحيل إلى المعاش؛ ومن ثم أقام الدعوى رقم 517 لسنة 5 ق أمام محكمة القضاء الإداري، فقضت باستحقاقه علاوة مقدارها جنيهان من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة في يوليه سنة 1943، ولكن المحكمة رفضت طلب احتساب هذه العلاوة في تقدير مقدار المعاش لانقضاء ستة أشهر على تسلمه السركي. واستطرد المدعي يقول إنه حاصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ودبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي قبل 1939؛ ولذلك فقد أقام الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق، وطلب الحكم باستحقاقه مبلغ جنيهين مقابل هذين الدبلومين اعتباراً من أول فبراير سنة 1939، فحكم لصالحه في تلك الدعوى. ثم ذكر المدعي أنه تقدم بالحكمين السابقين إلى المصلحة فصرفت له متجمد العلاوات وخصمت منه احتياطي المعاش، ولكنها رفضت أن تعدل المعاش على هذا الأساس. وقد حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى للمدعي باستحقاقها بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 517 لسنة 2 ق؛ وذلك لسابقة الفصل فيها في الدعوى المذكور، وبعدم قبولها بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى باستحقاقها بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 قضائية، وألزمت المدعي بالمصروفات. وقد أقامت المحكمة قضاءها هذا على أساس أن طلب المدعي تعديل معاشه على أساس منحه العلاوة التي قضت بها محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 517 لسنة 2 ق طلب فصلت فيه محكمة القضاء الإداري بحكم نهائي في القضية سالفة الذكر؛ ولاتحاد الموضوع والخصوم والسبب فإنه لا يجوز نظر هذا الطلب من جديد؛ احتراماً لحجية الشيء المقضي به. وقالت المحكمة - في خصوص تعديل معاش المدعي على أساس علاوة الدبلومين التي قضت بها محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 1024 لسنة 5 قضائية - إن هذا الطلب غير مقبول لتقديمه بعد ستة أشهر على تسلم السركي؛ وذلك بالتطبيق لحكم المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1929. وقد قام الطعن على أن هذه المادة نصت على أنه لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين به مقدار المعاش إلى صاحب الشأن؛ وبناء على ذلك فكل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت. ومفاد هذا النص أن عدم قبول الدعوى بعد انقضاء ستة أشهر من تسليم سركي المعاش يقوم إذا كان محل المنازعة مقدار المعاش؛ بأن يكون قد شابه خطأ مادي، فإذا كانت المنازعة تتصل بعنصر من عناصر تقدير المعاش فإنها تخرج من نطاق النص، على ما انتهى إليه قضاء المحكمة العليا. فإذا كان من الثابت أن المدعي تسلم سركي المعاش في 24/ 9/ 1946، وقد طلب منحه جنيهين مقابل الدبلومين اللذين حصل عليهما، فلم تجبه الإدارة إلى مطلبه، فأقام الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق، فقضت محكمة القضاء الإداري في 9/ 6/ 1954 باستحقاقه علاوة الدبلومين الممتازين بواقع جنيه لكل منهما اعتباراً من أول فبراير سنة 1939، مع إلزام الحكومة بأن تدفع له قيمة متجمد هذه العلاوة من تاريخ استحقاقها إلى تاريخ إحالته إلى المعاش في 27 من يوليه سنة 1946، فأقام المدعي هذه الدعوى في 18 من أكتوبر سنة 1955 طالباً تعديل معاشه على أساس هذا العنصر الذي كشف عنه الحكم في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق؛ فمن ثم يكون الدعوى في نطاق هذا الطلب مقبولة، كما يتعين الحكم بتعديل معاشه على أساس احتساب علاوتي الدبلومين، أي على أساس ثلاثين جنيهاً شهرياً، مع صرف الفروق عن الماضي، والحكم المطعون فيه - إذ أخذ بغير هذا النظر - قد خالف القانون. وانتهى الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة إلى طلب تعديل المعاش على أساس العلاوة التي قضى بها في الحكم الصادر في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 ق، والقضاء بقبول الدعوى بالنسبة لهذا الطلب، وتعديل معاش المدعي على أساس احتساب علاوتي الدبلومين، مع صرف الفروق عن الماضي، وتأييد الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك، مع إلزام الحكومة بالمصروفات".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن النقطة القانونية مثار المنازعة في هذا الطعن هي ما إذا كان نص المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 بعدم جواز المنازعة في المعاش بعد تسليم السركي بستة أشهر - هل هذا النص مقصور الأثر على المنازعة في مقدار المعاش؛ بأن يكون قد شابه خطأ مادي، كما تقول هيئة المفوضين في طعنها، وأنه يخرج من نطاق النص كل منازعة لا تتصل بعنصر من عناصر تقدير المعاش، أم أن الأمر ليس كذلك.
ومن حيث إن نص المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 يجرى كالآتي "لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين به مقدار المعاش إلى صاحب الشأن... ولا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في مقدار المكافأة التي دفعت إلا إذا قدمت المعارضة لوزارة المالية في الأشهر الستة التالية لتاريخ صرف المكافأة. وبناء على ذلك فكل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت، لا على الحكومة ولا على مصالحها لأي سبب كان وتحت أية حجة كانت، ولا يجوز أيضاً قبول هذه الدعوى من الحكومة أو من مصالحها".
ومن حيث إن هذا النص من الإطلاق والشمول بحيث يدخل فيه أي منازعة في المعاش أصلاً ومقداراً؛ وذلك حتى يستقر الوضع بالنسبة للموظف والحكومة على السواء؛ ومن ثم يكون قصر النص على حالة الخطأ المادي - حسبما ذهب إليه الطعن - تخصيصاً بغير مخصص من النص ولا من الحكمة التي استهدفها الشارع في تنظيم المعاشات وترتيبها وثبات أوضاعها، هذا فضلاً عن أن المنازعة في أصل المعاش هي منازعة في مقداره، فالحكم واحد في الحالتين.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن المدعي يطلب تعديل معاشه على أساس أن المرتب الذي كان يستحقه وقت إحالته إلى المعاش في 27 من يوليه سنة 1946 هو 32 ج وليس 28 ج، وأنه استلم السركي المبين به مقدار معاشه في 24 من سبتمبر سنة 1946، وأنه حصل على حكم من محكمة القضاء الإداري في القضية رقم 517 لسنة 2 ق باستحقاقه علاوة قدرها جنيهان شهرياً من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة في أول يوليه سنة 1943، مع إلزام الحكومة بأن تدفع له قيمة متجمد هذه العلاوة من تاريخ استحقاقها إلى تاريخ إحالته إلى المعاش، وقضت بعدم قبول دعواه بالنسبة إلى الطعن الخاص بتعديل المعاش على أساس منحه العلاوة المذكورة، كما حصل بعد ذلك على حكم آخر في القضية رقم 1024 لسنة 5 ق من محكمة القضاء الإداري باستحقاقه لعلاوة الدبلومين الممتازين بواقع جنيه لكل منهما اعتباراً من أول فبراير سنة 1939، وإلزام الحكومة بأن تدفع له هذه العلاوة من تاريخ استحقاقها إلى تاريخ إحالته إلى المعاش في 27 من يوليه سنة 1946. وأخيراً وفي 18 من أكتوبر سنة 1955 أقام الدعوى رقم 182 لسنة 10 ق المطعون في الحكم الصادر فيها، وطلب تعديل المعاش على أساس أن المرتب الشهري مع العلاوات عند إحالته إلى المعاش هو 32 ج وليس 28 ج، مع صرف الفروق من تاريخ إحالته إلى المعاش في 27 من يوليه سنة 1946.
ومن حيث إنه بالنسبة لتعديل المعاش على أساس علاوة الجنيهين من تاريخ ترقيته إلى الدرجة الخامسة في أول يوليه سنة 1943 فإن هذا الطلب الحكم من محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليه في الدعوى رقم 517 لسنة 2 ق؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إلى الطلب المذكور.
ومن حيث إنه بالنسبة لعلاوتي الدبلومين الممتازين الصادر بشأنهما الحكم في الدعوى رقم 1024 لسنة 5 القضائية، وطلب المدعي تعديل معاشه على أساسها، فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق أيضاً؛ إذ قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى هذا الطلب؛ لرفعها بعد الأجل الذي حددته المادة السادسة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.