مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1993 إلى أخر فبراير سنة 1994) - صـ 255

(22)
جلسة 27 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، ومحمد عبد الحميد مسعود، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2098 لسنة 32 القضائية

جامعات - أعضاء هيئة التدريس - الوقف عن العمل لتحديد الموقف من التجنيد - طبيعته.
المادة 58 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية - المادة الأولى من القانون رقم 127 لسنة 1980.
حظر المشرع على السلطة المختصة بالتعيين أن تعين العامل أو تبقى عليه في وظيفته ما لم يقدم الشهادة الدالة على معاملته العسكرية - إذا لم يحدد العامل موقفه من التجنيد فإنه يجب على جهة الإدارة أن تقصيه عن عمله أو لا تستخدمه بداءة - إقصاء العامل عن عمله في هذه الحالة قد يتخذ إحدى صورتين: الأولى: إنهاء خدمته لعدم توافر أحد الشروط اللازمة لاستمرار العلاقة الوظيفية - والثانية: إبعاده عن عمله وذلك بوقفه حتى يقدم الشهادة المطلوبة - الوقف عن العمل غير منصوص عليه صراحة إلا أنه مستفاد ضمناً من الحظر الوارد في نص المادة (58) سالفة الذكر - أساس ذلك: أنه طالما كان لجهة الإدارة الحق في إنهاء خدمة العامل تطبيقاً لهذا النص فمن باب أولى يكون لها الحق في وقفه عن العمل والحيلولة بين العامل وبين عمله بوقفه عنه وفقاً لهذا الحظر - وقف العامل في هذه الحالة لا يعتبر انقطاعاً عن العمل ولا يصلح سبباً لإنهاء الخدمة للاستقالة الاعتبارية - أساس ذلك: أن الحيلولة دون العمل لأي سبب لا تقوم معه قرينة الاستقالة الضمنية كمسلك فعلي يفيد عزوف العامل عن العمل بإرادته ويتضمن نية ترك العمل - العامل الموقوف عن عمله طبقاً للنص المشار إليه لا يستحق مرتبه عن فترة الوقف - أساس ذلك: أن المرتب لا يستحق إلا بقيام العلاقة الوظيفية وألا يكون العامل موقوفاً عن العمل وأن يؤدي العمل المسند إليه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 14 من مايو 1986 أودع السيد الأستاذ/ ............. المحامي بصفته وكيلاً عن السيد الدكتور/ ......... بالتوكيل الخاص رقم 1775/ ج لسنة 1986، توثيق المنصورة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2098 لسنة 32 قضائية ضد السيد الدكتور/ رئيس جامعة المنصورة في حكم دائرة محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 13/ 3/ 1986 في الدعوى رقم 420 لسنة 5 قضائية والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي المصروفات، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - ولما اشتمل عليه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء للطاعن بطلباته الواردة بصحيفة دعواه وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحددت جلسة 25/ 1/ 1993 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبها نظر وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت الدائرة بجلسة 12/ 4/ 1993 المسائية إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 22/ 5/ 1993 وبها نظر وبما تلاها من جلسات على النحو المبين بمحاضرها إلى أن قررت المحكمة بجلسة 23/ 10/ 1993 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ستون يوماً تبدأ من تاريخ صدور الحكم حسبما تقضي المادة (44) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فإن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للطاعن أن يضيف إلى ذلك الميعاد ميعاد مسافة بين موطنه الذي يجب عليه الانتقال منه وبين مقر المحكمة الإدارية العليا التي يجب عليه الانتقال إليها وذلك في الحدود المبينة في المادة (16) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 والعبرة في تحديد الموطن في هذا المقام هي بالموطن الذي اتخذه الطاعن لنفسه في مرحلة التقاضي السابقة على الطعن ولو كان له موطن آخر في مقر المحكمة المودع بها الطعن. ولما كان الثابت من صحيفة الدعوى أن الطاعن اتخذ من مكتب السيد الأستاذ/ ........ المحامي بالمنصورة موطناً مختاراً له في مرحلة التقاضي أمام محكمة القضاء الإداري، وكان هذا الموطن يبعد عن مقر المحكمة الإدارية العليا بمدينة الجيزة بأكثر من مائة كيلو متر فإنه يضاف إلى ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يومان على ما تقضي به المادة (16) من قانون المرافعات المشار إليه وبناء على ذلك وإذ صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 13/ 3/ 1986 فإن آخر يوم لميعاد الطعن على الحكم يكون يوم الأربعاء الموافق 14 من مايو 1986 وإذ أودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في هذا اليوم واستوفى أوضاعه الشكلية فإنه يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن أقام أمام دائرة محكمة القضاء الإداري بالمنصورة الدعوى رقم 420 لسنة 5 قضائية ضد المطعون ضده بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 5/ 2/ 1983 طلب في ختامها الحكم بأحقيته لوظيفة أستاذ مساعد بقسم النبات الزراعي بكلية الزراعة بجامعة المنصورة اعتباراً من 25/ 6/ 1982، مع صرف مرتبه كاملاً في الفترة من 1/ 9/ 1980 حتى 9/ 12/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال في بيان أسانيد دعواه، أنه عضو بهيئة التدريس بكلية الزراعة بجامعة المنصورة، وإبان الأجازة الصيفية فوجئ بأن الكلية تصدر بتاريخ 2/ 9/ 1980 قراراً تنفيذياً بوقفه عن العمل اعتباراً من 1/ 9/ 1980 لعدم تحديد موقفه من التجنيد، وبتاريخ 9/ 12/ 1980 عاد إلى عمله بعد تقديم الأنموذج "47 جند"
بشأن الإفادة بعد مطالبته بتقديم إحدى الشهادات أو النماذج المنصوص عليها في القانون وعند عرض ترقيته لوظيفة أستاذ مساعد بقسم النبات الزراعي بالكلية على مجلس الجامعة بجلسة 25/ 6/ 1982 قرر المجلس صرف النظر عن ترقيته لعدم استكمال المدعي المدة اللازمة للترقية، بحسبان إسقاط المدة من 1/ 9/ 1980 حتى 9/ 12/ 1980 ولما كان هذا القرار يخالف القانون، ذلك لأن قرار وقفه عن العمل لعدم تحديد موقفه من التجنيد لا يعدو أن يكون إجراء احتياطياً قصد به الضغط عليه لتحديد موقفه من التجنيد ولا يؤثر على علاقته الوظيفية ومن ثم فإنه ما كان يجوز استبعاد مدة وقفه من مدة خدمته، خاصة أنه كان يقوم بأعباء وظيفته كاملة طوال فترة الوقف بتكليف من إدارة الجامعة وهو أمر ثابت بالأوراق، لذلك فإنه يقيم دعواه بغية الحكم له بطلباته.
وبجلسة 13/ 3/ 1986 حكمت دائرة محكمة القضاء الإداري بالمنصورة "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع برفضها وألزمت المدعي المصروفات".
وشيدت المحكمة قضاءها بأن حددت طلبات المدعي بأنها الحكم بإلغاء القرار رقم 656 بتاريخ 19/ 10/ 1982 فيما تضمنه من ترقيته إلى وظيفة أستاذ مساعد اعتباراً من 11/ 10/ 1982 وإرجاع أقدميته في هذه الوظيفة إلى 25/ 6/ 1982 تاريخ استكماله المدة اللازمة لهذه الترقية، وبأحقيته في صرف مرتبه كاملاً عن الفترة من 1/ 9/ 1980 حتى 9/ 12/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار وقضت المحكمة برفض الدفع المبدى من الحاضر عن جامعة المنصورة بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم تظلم المدعي من القرار المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً، استناداً إلى أن الثابت أن المدعي تظلم من هذا القرار بتاريخ 16/ 11/ 1982 ولم يثبت من الأوراق أنه أخطر بنتيجة بحث التظلم ومن ثم وإذ أقام دعواه بتاريخ 5/ 2/ 1983 فإنه يكون قد أقامها خلال ميعاد الطعن بالإلغاء المنصوص عليه في المادة 34 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972. أما عن قضائها برفض طلبي المدعي فقد أقامته المحكمة على أساس أن صدور القرار رقم 154 بتاريخ 2/ 9/ 1980 بوقف المدعي عن العمل اعتباراً من 1/ 9/ 1980، لعدم تقديمه إحدى الشهادات المنصوص عليها في قانون الخدمة العسكرية والوطنية، مع وقف صرف مرتبه، وقد انقطع المدعي عن العمل بعد انقضاء مدة الوقف وقدرها ستون يوماً طبقاً للمادة (39) من القانون رقم 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية ولم يكن هذا الانقطاع بعذر قاهر وإنما كان بإرادته لأنه هو الذي تخلف عن التجنيد وقدم لذلك للمحاكمة الجنائية، وقضى بتغريمه بمبلغ 500 جنيه فمن ثم وطبقاً للمادة (117) من قانون الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، فإن مدة وقفه عن العمل وكذلك مدة انقطاعه بعدها وحتى 9/ 12/ 1980 لا تدخل ضمن المدة اللازمة لترقيته لوظيفة أستاذ مساعد المنصوص عليها في المادة (69/ أولاً) من قانون تنظيم الجامعات المشار إليه، ويكون القرار المطعون فيه قد صادف صحيح حكم القانون، ويغدو النص عليه بمخالفة القانون لا يقوم على سند من القانون حرياً بالرفض، وتبعاً لذلك فإن المدعي لا يستحق مرتبه عن الفترة من 1/ 9/ 1980 حتى 9/ 12/ 1980.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأنه اعتبر خلافاً للواقع أن المدعي (الطاعن) انقطع عن العمل دون عذر قهري بعد فوات ستين يوماً من تاريخ وفقه في 2/ 9/ 1980 طبقاً لقانون الخدمة العسكرية والوطنية في حين أن الثابت بالأوراق التي قدمها أمام محكمة القضاء الإداري أنه باشر عمله في هذه الفترة، كما أن هذا الانقطاع يعتبر قوة قاهرة، لأن قانون الخدمة العسكرية والوطنية يحول دون استمراره في عمله بمعنى أن هناك مانعاً قانونياً حال بينه وبين مباشرة عمله ولا وجه لما ذهب إليه الحكم الطعين من أن تخلفه عن أداء الخدمة العسكرية. وتقديمه للمحاكمة الجنائية كان بإرادته، لأن هذه الواقعة منبتة الصلة بواقعة الانقطاع.
ومن حيث إن الثابت أن السيد الأستاذ الدكتور/ عميد كلية الزراعة قرر بتاريخ 2/ 9/ 1980 وقف المدعي (الطاعن) عن العمل اعتباراً من 1/ 9/ 1980 لعدم تحديد موقفه من التجنيد وصدر تنفيذاً لذلك قرر أمين الكلية رقم 154 بتاريخ 2/ 9/ 1980 ثم قدم المدعي (نموذج 47 جند) بشأن الإفادة بأنه يمتنع تجنيده قانوناً وأنه حكم عليه بجلسة 7/ 12/ 1980 في القضية رقم 894 لسنة 1980 جنح عسكرية الزقازيق بغرامة مقدارها خمسمائة جنيه سددها بالكامل ولم يصدق بعد على الحكم وأنه لا مانع من عودته إلى العمل لمدة شهرين لحين التصديق على الحكم فتسلم العمل بتاريخ 9/ 12/ 1980 وبعرض حالة المدعي على السيد الأستاذ المستشار القانوني للجامعة انتهى إلى أنه يرى وجوب حساب مدة الوقف (من 1/ 9 حتى 8/ 12/ 1980) ضمن مدة خدمة المدعي وبالتالي فإن مدة الأربع سنوات اللازمة للترقية تكتمل في 25/ 6/ 1982 وقد وافقت لجنة العمداء على هذا الرأي على ألا تصرف له أية مبالغ عن مدة الوقف وقد أعدت مذكرة بشأن تعيين المدعي في وظيفة أستاذ مساعد للعرض على مجلس الجامعة إلا أن السيد الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة بالنيابة وافق بتاريخ 26/ 7/ 1982 على رأي السيد الأستاذ الدكتور نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب بأن مدة الوقف تسقط من مدة خدمة المدعي وبتاريخ 16/ 9/ 1982 أعدت مذكرة أخرى بشأن تعيين المدعي في وظيفة أستاذ مساعد بعد استبعاد مدة الوقف فوافق مجلس الجامعة بجلسته بتاريخ 11/ 10/ 1982 على تعيين المدعي بوظيفة أستاذ مساعد وصدر بذلك قرار السيد الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة رقم 656 بتاريخ 19/ 10/ 1982.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه طالما أن العلاقة الوظيفية قائمة فلا محيص من ترتيب آثارها وإعمال مقتضاها فلا تنتزع من مدد خدمة العامل مدداً أو يسقط الحق فيها إلا أن يقضي بذلك نص صريح في القانون وطالما أن المشرع لم يربط بين استحقاق الترقية وبين مباشرة العمل فعلاً فلا يجوز الاجتهاد في استحداث شرط أداء العمل فعلاً لاستحقاق الترقية عند استيفاء شروطها طالما خلت نصوص القانون من هذا الشرط بيد أن استيفاء العامل الشروط اللازمة للترقية لا يجعله مستحقاً للترقية بل مستوفياً لشرائطها فقط، إذ تترخص الإدارة بما لها من سلطة تقديرية في شغل الوظائف الخالية وأن إجراء أو عدم إجراء الترقية في وقت معين هو مسألة ملاءمة تستقل جهة الإدارة بتقديرها حسب ظروف الأحوال ومقتضيات الصالح العام وحاجة العمل باعتبار ذلك من مناسبات القرار الإداري.
ومن حيث إن المادة (69) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 والمعدلة بالقانون رقم 120 لسنة 1974 تنص على أن "مع مراعاة حكم المادة (66) يشترط فيمن يعين أستاذاً مساعداً ما يأتي:
1 - أن يكون قد شغل وظيفة مدرس مدة خمس سنوات على الأقل في إحدى الجامعات الخاضعة لهذا القانون أو في معهد علمي من طبقتها، أو أن يكون قد مضت على حصوله على المؤهل المنصوص عليه في المادة 66 من هذا القانون مدة خمس سنوات على الأقل بشرط أن يكون قد مضى ثلاث عشرة سنة على الأقل على حصوله على درجة البكالوريوس أو الليسانس أو ما يعادلها وذلك إذا تقرر الإعلان عن تلك الوظيفة في جامعة أخرى إقليمية..." وتنص المادة 117 من ذات القانون على أن "يعتبر عضو هيئة التدريس مستقيلاً إذا انقطع عن عمله أكثر من شهر بدون إذن ولو كان ذلك عقب انتهاء مدة ما رخص له فيه من إعارة أو مهمة علمية أو أجازة تفرغ علمي أو أجازة مرافقة الزوج أو أي أجازة أخرى وذلك ما لم يعد خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ الانقطاع وتعتبر خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل. فإذا عاد خلال الأشهر الستة المذكورة وقدم عذراً قاهراً وقبله مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية أو المعهد ومجلس القسم اعتبر غيابه أجازة خاصة بمرتب في الشهرين الأولين وبدون مرتب في الأربعة أشهر التالية. أما إذا عاد خلال الأشهر الستة المذكورة ولم يقدم عذراً أو قدم عذراً ولم يقبل فيعتبر غيابه انقطاعاً لا يدخل ضمن مدة الخدمة المحسوبة في المعاش ولا ضمن المدد المنصوص عليها في المادتين (69/ أولاً) و(70/ أولاً) وذلك دون إخلال بقواعد التأديب ولا يجوز الترخيص له من بعد في إعارة أو مهمة علمية أو أجازة تفرغ علمي أو أجازة مرافقة الزوج قبل انقضاء المدد المنصوص عليها في المواد (88/ 1) و(90)".
ومن حيث إن قرار عميد كلية الزراعة بتاريخ 2/ 9/ 1980 الصادر به قرار أمين الكلية التنفيذي رقم 154 بتاريخ 2/ 9/ 1980، بوقف المدعي (الطاعن) عن العمل لعدم تحديد موقفه من التجنيد صدر استناداً إلى نص المادة (58) من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية الذي ظل سارياً طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 127 لسنة 1980 بإصدار قانون الخدمة العسكرية والوطنية حتى 30/ 11/ 1980، فمن ثم فإن المركز القانوني للمدعي إبان وقفه عن عمله يتحدد طبقًا لحكم المادة (58) من القانون رقم 505 لسنة 1955 المشار إليه وليس طبقاً للمادة 39 من القانون رقم 127 لسنة 1980 سالف الذكر.
ومن حيث إن المادة (58) من القانون رقم 505 لسنة 1955 تقضي بأنه لا يجوز استخدام أي مواطن بعد بلوغه التاسعة عشرة من عمره أو إبقاؤه في وظيفته أو عمله أو منحه ترخيصاً في مزاولة أية مهنة حرة أو قيده في جدول المشتغلين بها ما لم يكن حاملاً بطاقة الخدمة العسكرية والوطنية كما لا يجوز ذلك أيضاً بالنسبة إلى أي منهم فيما بين الحادية والعشرين والثلاثين من عمره ما لم يقدم إحدى الشهادات المنصوص عليها في المادة 64 أو نموذج وضع المواطن تحت الطلب لأجل معين.
ومن حيث إن مؤدى هذا النص أن ثمة حظراً على السلطة المختصة بالتعيين بالجهة الإدارية بأن تعين العامل أو تبقي عليه في وظيفته ما لم يقدم الشهادة الدالة على معاملته العسكرية، فإذا لم يحدد موقفه من التجنيد فإنه يتعين على جهة الإدارة أن تقصيه عن عمله أولاً تستخدمه بداءة وإقصاء العامل عن عمله في هذه الحالة قد يتخذ إحدى صورتين، إما إنهاء خدمته لعدم توافر أحد الشروط اللازمة لاستمرار العلاقة الوظيفية وإما إبعاده عن عمله وذلك بوقفه حتى يقدم الشهادة المطلوبة. وهذا الوقف وإن كان غير منصوص عليه صراحة إلا أنه مستفاد ضمناً من الحظر الوارد في نص المادة (58) سالفة الذكر إذ طالما أن لجهة الإدارة الحق في إنهاء خدمة العامل تطبيقاً لهذا النص فمن باب أولى يكون لها الحق في وقفه عن العمل والحيلولة بين العامل وبين عمله بوقفه عنه وفقاً لهذا الحظر لا يعتبر انقطاعاً عن العمل ولا يصلح بالتالي كسبب لإنهاء الخدمة للاستقالة الاعتبارية بحسبان أن الحيلولة دون العمل لأي سبب من الأسباب لا تقوم معه قرينة الاستقالة الضمنية من حيث أنها مسلك فعلي يفيد عزوف العامل عن العمل بإرادته ويتضمن نية ترك العمل كما أن العامل الموقوف عن عمله تطبيقاً لهذا النص لا يستحق مرتبه عن فترة الوقف لأن المرتب بوصفه هذا لا يستحق إلا بقيام العلاقة الوظيفية وألا يكون العامل موقوف عن العمل، وأن يؤدي العمل المسند إليه.
ومن حيث إنه وبتطبيق ما تقدم فإنه ولئن كانت العلاقة الوظيفية بين المدعي (الطاعن) والجهة الإدارية إبان وقفه عن العمل المدة من 1/ 9/ 1980 حتى 9/ 12/ 1980 لعدم تحديد موقفه من التجنيد، وأن مدة الوقف لا تعد انقطاعاً عن العمل بغير إذن، في حكم المادة (117) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 وما يترتب على ذلك من آثار أخصها أن تدخل مدة الوقف ضمن مدة خدمة المدعي مما يكون معه الحكم المطعون فيه وإذ مضى بغير هذا قد خالف القانون في هذا الخصوص لئن كان ذلك ما تقدم إلا أنه بوقف المدعي عن العمل فإنه لا يستحق مرتباً طوال مدة الوقف كما أنه لا يترتب على استكماله لمدة الخدمة المنصوص عليها في قانون تنظيم الجامعات المشار إليه واللازمة كحد أدنى للترقية لوظيفة أستاذ مساعد لا يعني أحقيته في الترقية بقوة القانون في تاريخ استكمال هذه المدة، وبناء على ذلك فإن طلبي المدعي صرف مرتبه عن مدة وقفه وتعديل قرار ترقيته إلى وظيفة أستاذ مساعد ليكون اعتباراً من 25/ 6/ 1982 بدلاً من 11/ 10/ 1982 يكونان غير قائمين على سند من القانون جديرين بالرفض وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون في هذا الشأن.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإنه يتعين القضاء بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بأحقية المدعي في حساب المدة من 1/ 9/ 1980 حتى 9/ 12/ 1980 ضمن مدة خدمته، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام طرفي الخصومة المصروفات مناصفة بينهما.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه، والقضاء بأحقية الطاعن في حساب المدة من 1/ 9/ 1980 حتى 9/ 12/ 1980 ضمن مدة خدمته، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت طرفي الخصومة المصروفات مناصفة.