مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة - العدد الثاني (من أول فبراير سنة 1959 إلى آخر مايو سنة 1959) - صـ 1136

(101)
جلسة 25 من أبريل سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 673 لسنة 3 القضائية

( أ ) جزاء تأديبي - توقيع عقوبتي الإنذار والخصم من الراتب في الحدود المقررة بالمادة 85 من قانون نظام موظفي الدولة - من اختصاص رئيس المصلحة - المقصود بالمصلحة في هذا الخصوص هو المصلحة ذات الكيان المستقل والميزانية الخاصة - ليس من رئيس مصلحة في مصلحة السكك الحديدية إلا مدير عام المصلحة.
(ب) جزاء تأديبي - عقوبتاً الإنذار والخصم من المرتب في الحدود المقررة لرؤساء المصالح في المادة 85 من قانون نظام موظفي الدولة - تفويض مديري العموم بالديوان العام لوزارة العام لوزارة المالية في توقيعهما - قرار وزير المالية في 18 من نوفمبر سنة 1954 الصادر في هذا الشأن - عدم انسحابه إلى مديري العموم الذين يعملون بمصالح أخرى كمدير الإيرادات والمصروفات بمصلحة السكك الحديدية.
1 - إن النص الأول للمادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951بشأن نظام موظفي الدولة عند أول صدوره كان يجرى كما يأتي "لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه توقيع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب عن مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً السنة الواحدة...". والمقصود بالمصلحة التي خول رئيسهاً سلطة توقيع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب بما لا يجاوز الخمسة عشر يوماً في السنة هي تلك التي يكون لها كيان مستقل وميزانية خاصة، فلا يعتبر عام الإيرادات والمصروفات بمصلحة السكك الحديدية ومدير مصلحة في حكم المادة 85 من قانون موظفي الدولة؛ إذ ليس من رئيس مصلحة في مصلحة السكك الحديدية (الهيئة العامة للسكك الحديدية حالياً) إلا مدير عام المصلحة، فهو وحده الذي له حق توقيع الجزاءات التأديبية المنصوص عليها في المادة 85 سالفة الذكر، ما لم يخول القوانين غيره سلطة توقيع تلك الجزاءات.
2 - إن القول بأن مدير عام الإيرادات والمصروفات بمصلحة السكك الحديدية يعتبر رئيساً للإدارة العامة للإيرادات والمصروفات ويستمد سلطة رأساً من وزارة المالية أسوة بباقي زملائه رؤساء المصالح بتلك الوزارة طبقاً للقرار الوزاري الصادر من السيد وزير المالية في 18 من نوفمبر سنة 1954 الذي خول رؤساء مصالح وزارة المالية سلطات شئون الموظفين الواردة بالقانون رقم 210 لسنة 1951، ومن ثم يكون له توقيع الجزاءات المقررة في المادة 85 منه باعتباره رئيس مصلحة - إن هذا القول غير صحيح؛ ذلك أن قرار وزير المالية آنف الذكر إنما صدر في شأن مديري العموم بديوان عام الوزارة؛ ومن ثم فلا ينسحب حكمه على غير هؤلاء من مديري العموم بالوزارة الذين - وإن كانوا يتبعون وزارة المالية - إلا أنهم يعملون في وزارة أو مصلحة أو إدارة أخرى غير ديوان عام وزارة المالية. وحكمة ذلك ظاهرة، وهى أن مديري العموم بوزارة المالية الذين يعملون في جهات أخرى غير ديوان عام الوزارة إنما يرأسون إدارات تابعة للوزارات أو المصالح التي يعلمون بها، فالسلطة الرياسية بالنسبة لموظفي هذه الإدارات هي لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة بحسب الأحوال.


إجراءات الطعن

في 13 من أبريل سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 12 من فبراير سنة 1957 في الدعوى رقم 87 لسنة 3 ق المرفوعة من وليم غبريال مينا ضد مصلحة السكة الحديد، القاضي "بعدم قبول الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بقبول الدعوى، وإعادتها إلى المحكمة الإدارية للفصل في الموضوع". وقد أعلن الطعن للحكومة في 5 من سبتمبر سنة 1957، وللمدعي في 15 منه، وعين لنظرها جلسة 18 من أكتوبر سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
( أ ) عن قبول الدعوى:
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 16 من نوفمبر سنة 1955 أقام المدعي الدعوى رقم 87 لسنة 3 ق ضد وزارة المواصلات ومصلحة السكة الحديد طلب فيها الحكم بإلغاء الجزاء الموقع عليه في 28 من ديسمبر سنة 1954 والمعلن إليه في 3 من يناير سنة 1955، ورد ما خصم من ماهيته تنفيذاً لهذا الجزاء، مع إلزام المعلن إليهما بالمصروفات. وقال في بيان ذلك إنه في ديسمبر سنة 1954 قدم مجهول شكوى ضد السيد وكيل مدير الإيرادات والمصروفات والسيد رئيس قلم حسابات المخازن - وهو القلم الذي يعمل به المدعي - يتهمهما فيها بأنهما من جامعة الإخوان المسلمين، فظن السيد وكيل الإيرادات أن موظفي قلم حسابات المخازن هم مقدمو هذه الشكوى، فأراد أن ينتقم منهم، فجمع في أول ديسمبر سنة 1954 بعض مفتشي الحسابات وأمرهم بالتفتيش في قلم حسابات المخازن عن الأعمال المتأخرة، وتلا ذلك تحقيق صوري بوساطة مفتشي الحسابات سالفي الذكر. وفي 28 من ديسمبر سنة 1954 وقع وكيل الإيرادات الجزاء على بعض موظفي القلم المذكور، وكان من نصيب الطالب خصم خمسة أيام من ماهيته. وقد أعلن بالقرار في 3 من يناير سنة 1955. ولما كان هذا القرار قد صدر من غير مختص بإصداره، كما لم تتبع فيه الإجراءات التي فرضها القانون، على ما فصله المدعي بعريضة الدعوى؛ فإنه لذلك وللأسباب الأخرى التي وردت بهذه العريضة أقام المدعي دعواه. وقد ردت المصلحة على الدعوى بأن الدفع بأن قرار مجازاة المدعي قد صدر ممن لا يملكه لا يستند إلى أساس سليم؛ ذلك أن مدير عام الإيرادات والمصروفات بدرجة مدير عام، ووكيله في الدرجة الأولى، وهما يتبعان رأساً وزارة المالية، ويزيد اختصاصهما عن اختصاصات السكرتيرين الماليين؛ لما لمصلحة السكة الحديد من طابع خاص لضخامة إيراداتها ومصروفاتها، وأن المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تنص على أن لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه حق توقيع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب عن مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً في السنة الواحدة بعد سماع أقوال الموظف وتحقيق دفاعه، ويكون قراره في ذلك مسبباً ونهائياً. وواضح من ذلك أن القانون أجاز هذه السلطة لوكيل الوزارة أو لمن دونه من رؤساء المصالح فقط، ولما كان رؤساء مصالح وزارة المالية - وجميعهم في درجة مدير عام - يزاولون السلطة التي خولتها المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951؛ فتكون مباشرة مدير عام الإيرادات والمصروفات بالسكك الحديدية لهذا الاختصاص متفقة مع القانون؛ لأنه يعتبر رئيساً للإدارة العامة للإيرادات والمصروفات، ويستمد سلطة رأساً من وزارة المالية، أسوة ببقية زملائه رؤساء المصالح بتلك الوزارة؛ طبقاً للقرار الوزاري الصادر من السيد وزير المالية في 18 من نوفمبر سنة 1954 الذي خول رؤساء مصالح وزارة المالية سلطات شئون الموظفين الواردة بالقانون رقم 210 لسنة 1951؛ ومن ثم يعتبر الجزاء الموقع على المدعي صادراً ممن يملكه. أما عن عدم قانونية الإجراءات فقد أجرى معه تحقيق بمعرفة أحد مفتشي المراقبة، وقد أدلى بأقواله رسمياً أمام المحقق ووقع عليها؛ ومن ثم فإن الإجراءات كانت جميعها صحيحة مطابقة القانون. أما عن إدعائه بأن تأخير أعماله كان نتيجة لكثرة الأعباء الملقاة على عاتقه، فإن هذا لا يخرج عن أنه تبرر لإهماله وتكاسله، وأما عن إدعائه أن التفتيش المفاجئ كان إجراء قصد به الانتقام منه، فإنه فضلاً عن أن التفتيش من سلطة الإدارة بما لا معقب عليها فيه، فإنه قد تم لصالح العمل بعد أن كثرت الشكاوى من تعطيل أعمال هذا القلم، وقد ثبت وجود أعمال متأخرة لسنوات سابقة لدى بعض موظفي القلم من بينهم المدعي. وخلصت المصلحة من كل ذلك إلى طلب رفض الدعوى. وبجلسة 12 من فبراير سنة 1957 حكمت المحكمة "بعدم قبول الدعوى، ألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها على "أن الثابت في ملف خدمة المدعي أن القرار المطعون فيه أعلن إلى المدعي في 3 من يناير سنة 1955، وتظلم منه، وتقرر حفظ التظلم في 15 من مارس سنة 1955 (المذكرة المؤرخة 14 من مارس سنة 1955 المودعة ملف المدعي)؛ وإذ لم يستدل في الأوراق على تاريخ تقديم التظلم ولا على ما يفيد إخطار المدعي برفضه، فعلى أحسن الفروض للمدعي وبفرض أنه قدم التظلم في التاريخ الذي رفض فيه، أي في 15 من مارس سنة 1955، وبفرض أنه لم يبت في التظلم أو لم يخطر بما يفيد رفضه، فإن هذا التظلم يعتبر في حكم المرفوض قانوناً بعد مضي أربعة أشهر على تاريخ تقديمه، أي في 15 من يوليه سنة 1955، ومن هذا التاريخ يبدأ ميعاد جديد لرفع دعوى الإلغاء هو ستون يوماً، فكان على المدعي - والحالة هذه - أن يقيم دعواه في أجل غايته 15 من سبتمبر سنة 1955، أما وأنه لم يرفع دعواه إلا في 16 من نوفمبر سنة 1955 فإن الدعوى تكون قد رفعت بعد الميعاد، ولا يلتفت إلى طلب المعافاة المقدم منه؛ لأنه بفرض أن طلب المعافاة يقطع بذاته ميعاد رفع دعوى الإلغاء قياساً على التظلم، إلا أن المستقر أن الأثر القاطع منوط بالتظلم الأول دون ما يليه من ظلامات أخرى أو طلب المعافاة؛ ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن للمحكمة العليا قضاء مستقراً في مثل الحالة المطعون فيها يخالف ما ذهب إليه الحكم محل الطعن.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه ولئن كان مفاد النصوص المدينة أن المطالبة التي تقطع التقادم هي المطالبة القضائية دون غيرها، إلا أن مقتضيات النظام الإداري قد مالت بالقضاء الإداري إلى تقرير قاعدة أكثر تيسيراً في علاقة الحكومة بموظفيها بمراعاة طبيعة هذه العلاقة والتدرج الرياسي الذي تقوم عليه، وأن المفروض في السلطة الرياسية إنصاف الموظف بتطبيق القانون في أمره تطبيقاً صحيحاً؛ حتى ينصرف إلى عمله هادئ البال، دون الالتجاء إلى القضاء، فقرروا أنه يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم الطلب أو التظلم الذي يوجهه الموظف إلى السلطة المختصة متمسكاً فيه بحقه طالباً أداؤه. وليس في شك في أن هذا يصدق من باب أولى على طلب المساعدة القضائية للدعوى التي يزمع صاحب الشأن رفعها على الإدارة؛ إذ هو أقوى في معنى الاستمساك بالحق والمطالبة بأدائه، وأمعن في طلب الانتصاف من مجرد الطلب أو التظلم الذي يقدمه الموظف إلى الجهة الإدارية، فلا أقل من أن يترتب على طلب المساعدة القضائية نفس الأثر المترتب على مجرد الطلب أو التظلم الإداري من حيث قطع التقادم أو قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء. وغنى عن البيان أن الأثر المترتب على طلب المساعدة القضائية من حيث قطع التقادم أو ميعاد دعوى الإلغاء يظل قائماً، ويقف سريان التقادم أو الميعاد لحين صدور القرار في الطلب، سواء بالقبول أو بالرفض، فإذا ما صدر القرار وجب رفع الدعوى خلال الميعاد القانوني محسوباً من تاريخ صدوره، فإن كانت دعوى إلغاء تعين أن يكون خلال الستين يوماً التالية.
ومن حيث إنه لا خلاف بين المدعي والمصلحة على أن قرار الجزاء المطعون فيه قد أبلغ للمدعي في 3 من يناير سنة 1955، وقد بان من الأوراق أن المدعي قد طلب المساعدة القضائية إلى المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في 23 من فبراير سنة 1955، فصدر قرار لجنة المساعدة القضائية في 4 من أكتوبر سنة 1955، ثم رفع المدعي دعواه أمام المحكمة المذكورة بإيداع صحيفتها سكرتيرية المحكمة في 16 من نوفمبر سنة 1955، أي خلال الستين يوماً؛ ومن ثم تكون الدعوى مقبولة لرفعها في الميعاد القانوني، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، متعيناً إلغاؤه.
(ب) عن الموضوع:
من حيث إن الدعوى صالحة للفصل فيها.
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة هو ما إذا كان مدير عام الإيرادات والمصروفات بمصلحة السكك الحديدية يعتبر - في حكم المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - رئيس مصلحة، مما يخول له سلطة توقيع جزاءات بالتطبيق للمادة المذكورة.
ومن حيث إن النص الأول للمادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 عند أول صدوره كان يجرى كما يأتي "لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه توقيع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب عن مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً في السنة الواحدة...".
ومن حيث إن المقصود بالمصلحة التي خول رئيسها سلطة توقيع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب بما لا يجاوز الخمسة عشر يوماً في السنة هي تلك التي يكون لها كيان مستقل وميزانية خاصة، فلا يعتبر عام الإيرادات والمصروفات بمصلحة السكك الحديد مدير مصلحة في حكم المادة 85 من قانون نظام موظفي الدولة؛ إذ ليس من رئيس مصلحة في مصلحة السكك الحديدية - الهيئة العامة للسكك الحديدية حالياً - إلا مدير عام المصلحة، فهو وحده الذي له حق توقيع الجزاءات التأديبية المنصوص عليها في المادة 85 سالفة الذكر، ما لم يخول القوانين غيره سلطة توقيع تلك الجزاءات.
ومن حيث إنه بالنسبة لما تدفع به المصلحة الدعوى من أن مدير عام الإيرادات والمصروفات بمصلحة السكة الحديد يعتبر رئيساً للإدارة المذكورة، ويستمد سلطة رأساً من وزارة المالية أسوة بباقي زملائه رؤساء المصالح بتلك الوزارة، طبقاً للقرار الوزاري الصادر من السيد وزير المالية في 18 من نوفمبر سنة 1954 الذي خول رؤساء مصالح وزارة المالية سلطات شئون الموظفين الواردة بالقانون رقم 210 لسنة 1951، فإنه يبين من الاطلاع على القرار الوزاري المشار إليه أنه صدر استناداً إلى المادة 14 من القانون رقم 137 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 542 لسنة 1953، وقد جرى نص ذلك القرار بما يأتي "... أولاً - يعهد إلى مديري العموم بديوان عام الوزارة كل في دائرة اختصاصه بمزاولة سلطات رؤساء المصالح المنصوص عنها بالقانون رقم 210 لسنة 1951 والقوانين المعدلة له. ثانياً - في مزاولة هذه السلطات يتعين إبلاغ القرار الذي يصدره المدير العام المختص إلى المراقبة العامة بمستخدمي المالية أو لقسم الإدارة فوراً، حسب الحالة، للتنفيذ عن طريقهما. ثالثاً - يوقع المدير العام للإدارة والتوريدات والخزانة القرارات المنفذة لما تقدم والتي تعدها المراقبة العام للمستخدمين، وكذلك القرارات المتعلقة بشئون المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال وعمال اليومية بديوان عام الوزارة وفروعه".
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 بنظام وكلاء الوزارات الدائمين أنه نص في المادة 14 منه على أن "يقوم مقام وكيل الوزارة الدائم عن غيابه أقدم وكلاء الوزارة أو أقدم مديري المصالح أو الإيرادات على حسب الأحوال، وللوكيل الدائم أن يعهد إلى من يجوز أن يقوم مقامه عند غيابه ببعض اختصاصاته". وبمقتضى القانون رقم 224 لسنة 1953 أضيفت إلى المرسوم بقانون سالف الذكر مادة جديدة برقم 14 مكرراً بالنص الآتي "في الوزارات التي ليس بها وكيل وزارة دائم، يجوز للوزير أن يعهد ببعض الاختصاصات المخولة بهذا القانون للوكيل الدائم إلى وكلاء الوزارة أو الوكلاء المساعدين أو رؤساء المصالح، ويجوز للوزير أن يعهد ببعض اختصاصات رؤساء المصالح إلى رؤساء الفروع". ثم بمقتضى القانون رقم 542 لسنة 1953 استبدل بنص الفقرة الثانية من المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 137 لسنة 1952 النص الآتي "وللوكيل الدائم أن يعهد ببعض اختصاصاته إلى وكلاء الوزارة أو وكلائها المساعدين أو رؤساء المصالح". وواضح من هذه النصوص أن قرار وزير المالية الصادرة في 18 من نوفمبر سنة 1954 قد صدر بالاستناد إلى الفقرة الثانية من المادة 14 مكرراً من القانون رقم 137 لسنة 1952 التي أضيفت بمقتضى القانون رقم 224 لسنة 1953.
ومن حيث إنه ظاهر من صريح نص قرار وزير المالية سالف الذكر أنه صدر في شأن مديري العموم بديوان عام الوزارة؛ ومن ثم فلا ينسحب حكمه على غير هؤلاء من مديري العموم بالوزارة الذين - وإن كانوا يتبعون وزارة المالية - إلا أنهم يعملون في وزارة أو مصلحة أو إدارة أخرى غير ديوان عام وزارة المالية؛ وحكمة ذلك ظاهرة، وهى أن مديري العموم بوزارة المالية الذين يعملون في جهات أخرى غير ديوان عام الوزارة إنما يرأسون إدارات تابعة للوزارات أو المصالح التي يعلمون بها، فالسلطة الرياسية بالنسبة لموظفي هذه الإدارات هي لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة بحسب الأحوال.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون القرار التأديبي المطعون فيه الذي أصدره مدير عام الإيرادات والمصروفات بمصلحة السكك الحديدية بخصم خمسة أيام من مرتب المدعي قد وقع باطلاً؛ لصدوره من غير مختص بإصداره، على أن هذا لا يمنع من إعادة عرض أوراق التحقيق الذي أجرى مع المدعي على مدير عام هيئة السكك الحديدية ليقرر ما يراه في شأنه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي وموضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى، وبإلغاء القرار الصادر في 28 من ديسمبر سنة 1954 بتوقيع الجزاء على المدعي، وألزمت الحكومة بالمصروفات.