مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة - العدد الثاني (من أول فبراير سنة 1959 إلى آخر مايو سنة 1959) - صـ 1286

(111)
جلسة 16 من مايو سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي السيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

القضية رقم 236 لسنة 4 القضائية

تقادم - انقطاع مدة التقادم - اعتراف جهة الإدارة بالحق - من أسباب انقطاع مدة التقادم في المجال الإداري.
من المقرر في قواعد القانون الإداري أن التقادم في المجال الإداري - كما ينقطع بالمطالبة بالحق إدارياً - ينقطع أيضاً باعتراف الحكومة بهذا الحق.


إجراءات الطعن

في 26 من فبراير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية بجلسة 28 من ديسمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 300 لسنة 4 ق المرفوعة من فؤاد عبد المجيد سلام ضد مجلس بلدي القاهرة، القاضي "بأحقية المدعي في فروق الأجر المترتبة على تسوية حالته بالكشوف حرف (ب) من كادر العمال محسوبة على النحو المبين بأسباب هذا الحكم عن المدة من 14 من فبراير سنة 1951 إلى30 من يونيه سنة 1953، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام مجلس بلدي القاهرة بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه، والقضاء بأحقية المدعي في تسوية حالته بالكشوف حرف (ب) من كادر العمال، وصرف الفروق المترتبة على هذه التسوية، وبذلك بالنسبة لما لم ينقض عليه أكثر من خمس سنوات سابقة على 4 من فبراير سنة 1957". وقد أعلن هذا الطعن للبلدية في 25 من مارس سنة 1958، وللمدعي في 29 منه، وعين لنظره جلسة 21 من فبراير سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية في 23 من يونيه سنة 1957 أقام المدعي الدعوى رقم 300 لسنة 4 ق ضد مجلس بلدي القاهرة، قال فيها إنه التحق عاملاً باليومية وفقاً لقواعد وكشوف حرف ( أ ) الملحقة بكادر العمال، وفي 11 من يونيه سنة 1950 صدر قرار من مجلس الوزراء بتطبيق قواعد وكشوف حرف (ب) على العمال الذين عينوا بعد أول مايو سنة 1945؛ الأمر الذي دعا المدعي وأمثاله إلى تقديم عدة تظلمات إلى الجهة الإدارية انتهت بتسوية حالتهم على أساس قواعد وكشوف حرف (ب) ابتداء من أول يوليه سنة 1953. ومع أن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر قضى بتطبيق قواعد وكشوف حرف (ب) مع صرف الفروق اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951، إلا أن البلدية طبقت عليهم قرار مجلس الوزراء اعتباراً من أول يوليه سنة 1953 دون صرف فروق عن المدة الماضية؛ من أجل ذلك أقام المدعي هذه الدعوى طالباً الحكم بأحقيته في صرف الفروق المترتبة على تسوية حالته عن المدة من 14 من فبراير سنة 1951 إلى30 من يونيه سنة 1953، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام البلدية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد ردت البلدية على الدعوى بأن المدعي عين عاملاً مؤقتاً في 12 من يوليه سنة 1948 بأجر يومي قدره 120م، وعين عاملاً دائماً من 24 من نوفمبر سنة 1949، وقد طبق على المدعي كادر العمال من بدء تعيينه في 12 من يوليه سنة 1948 طبقاً للكشوف حرف ( أ )، فوصل أجره إلى 135 م في 30 من يونيه سنة 1953. وفي أول فبراير سنة 1954 أعيد تطبيق الكادر عليه منذ بدء تعيينه طبقاً للكشوف حرف (ب)، وسويت حالته فوصل أجره في 30 من يونيه سنة 1953 إلى 155 م. ثم قالت البلدية إنه ولئن كان كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 9/ 53 المؤرخ 26 من فبراير سنة 1951 يقضى بصرف الفروق المترتبة على تطبيق الكشوف حرف (ب) اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951 للمعينين بعد أول مايو سنة 1954، إلا أنه لم تعتمد مبالغ في الميزانية للصرف منها على هذه الفروق، ثم دفعت بعد ذلك بالتقادم الخمسي طبقاً للمادة 375 من القانون المدني، وخلصت من كل ذلك إلى طلب رفض الدعوى. وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1957 حكمت المحكمة "بأحقية المدعي في فروق الأجر المترتبة على تسوية حالته بالكشوف حرف (ب) من كادر العمال محسوبة على النحو المبين بأسباب هذا الحكم عن المدة من 14 من فبراير سنة 1951 إلى30 من يونيه سنة 1953، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت مجلس بلدي القاهرة بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت المحكمة قضاءها على أن "مجلس الوزراء قرر بجلستيه المنعقدين في 11 من يونيه و12 من نوفمبر سنة 1950 تطبيق الكشوف حرف (ب) الملحقة بكادر العمال على العمال الذين عينوا بعد أول مايو سنة 1945...
وقدر صدر القانون رقم 28 لسنة 1951 في 14 من فبراير سنة 1951 بفتح اعتماد إضافي قدره 350 ألف جنيه في ميزانية السنة المالية 1950/ 1951 لمواجهة الأعباء المترتبة على تنفيذ القرار المشار إليه؛ لذلك فإن العمال الذين توافرت لهم شروط تطبيق هذا القرار يكونون قد اكتسبوا مراكز قانونية ذاتية في الأجور المقررة لدرجاتهم بالكشوف حرف (ب) اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951، وهو تاريخ صدور للاعتماد الخاص بالمال اللازم للتنفيذ. وأن المدعي عين أولاً في مصلحة المجاري الرئيسية التي كانت تابعة وقتذاك لوزارة الأشغال، ثم نقلت إلى وزارة الشئون البلدية عند إنشائها في يناير سنة 1950، ثم نقلت إلى مجلس بلدي القاهرة اعتباراً من أول مارس سنة 1951؛ ومن ثم يكون قد "اكتسب إبان خدمته بمصلحة المجاري الرئيسية مركزه القانوني الذاتي في المعاملة بكشوف حرف (ب) على ما تقدم. ولما كان القانون رقم 534 لسنة 1953 الخاص بتسوية حالة الموظفين والمستخدمتين والعمال المنقولين من المصالح الحكومية التي أصبحت تابعة لمجلس بلدي مدينة القاهرة ينص في مادته الأولى على أن (موظفي الحكومة ومستخدميها وعمالها الذين يعينون في مجلس بلدي القاهرة ينتقلون إليه بالحالة التي عليها كل منهم في تاريخ تعيينه)، وتنص المادة الثانية منه على أن (ينقل إلى مجلس بلدي القاهرة جميع موظفي وعمال المصالح الحكومية التي أصبحت أو ستصبح تابعة لهذا المجلس اعتباراً من تاريخ شطب الاعتمادات الخاصة بهم في ميزانية الدولة، وإدراج اعتمادات عنها في ميزانية المجلس البلدي؛ وذلك بالحالة التي يكون عليها كل منهم في هذا التاريخ). ولما كانت مصلحة المجاري الرئيسية قد نقلت إلى مجلس بلدي القاهرة في أول مارس سنة 1951، وأدرج الاعتماد الخاص بها في ميزانية المجلس في أول يوليه سنة 1951، وهو التاريخ الذي نقل منه عمال المصلحة إلى ميزانية المجلس؛ لذلك يكون المدعي قد نقل في هذا التاريخ إلى المجلس بحالته، أي بما سبق أن اكتسب من مراكز قانونية ذاتية قبل نقله، ومنها حقه في المعاملة بالكشوف حرف (ب) اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1951...". وبالنسبة للدفع بالسقوط قالت المحكمة إنه "يبين من الاطلاع على ملف رقم 1/ 6/ 49 جـ 2 الخاص بشكاوى عمال مصلحة المجاري وتطبيق الكادر عليهم أن هؤلاء العمال لم يكفوا عن موالاة الشكاوى والتظلمات إلى المجلس البلدي في خصوص تطبيق كادر العمال عليهم تطبيقاً سليماً؛ الأمر الذي أدى تشكيل لجنة 15 من ديسمبر سنة 1952 لبحث هذه الشكاوى، وقد انتهى هذا البحث على تقرير منح هؤلاء العمال - ومن بينهم المدعي - الأجور المقررة ولكن اعتباراً من أول يوليه سنة 1953. ولما كانت المطالبة الإدارية تقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم في مجال العلاقات التنظيمية بين الحكومة وعمالها طبقاً لما استقر عليه القضاء الإداري؛ لذلك يتعين رفض هذا الدفع".
ومن حيث إن الطعن ينصب على ما قضى به الحكم المطعون فيه من رفض الدفع بسقوط حق المدعي في اقتضاء الفروق المالية المترتبة على تسوية حالته فيما زاد على خمس سنوات قبل رفع الدعوى الحالية؛ ذلك أنه ولئن كان الطلب أو التظلم الذي يقدمه الموظف إلى السلطة المختصة متمسكاً فيه بحقه طالباً أداءه يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم، إلا أن ذلك رهين بأن يكون الطلب أو التظلم صادراً من صاحب الحق أو من يمثله قانوناً؛ ومن ثم لا يفيد من الطلب أو التظلم إلا صاحبه؛ وعلى هذا فلا محل للاستناد إلى الشكاوى والتظلمات التي قدمها فريق من العمال لاقتضاء حق لهم يشاركهم فيه المدعي، لقطع مدة التقادم بالنسبة له الذي سكت عن المطالبة بأداء حقه إليه، ولا يغير من هذا النظر استجابة المجلس البلدي إلى هذه التظلمات وتشكيل لجنة لبحثها انتهت إلى تقرير أحقية هؤلاء العمال ومن على شاكلتهم في الأجور المقررة من تاريخ معين، واستفاد المدعي من هذا القرار؛ ذلك لأن إقرار المدين بالحق في ذاته لا يغني عن ضرورة تقديم الطلب أو التظلم من صاحب الحق لينتج أثره في قطع التقادم الخمسي. ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي لم يتقدم بطلب أو بتظلم للمطالبة بالفروق المستحقة له؛ فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى للمدعي بفروق الأجور المترتبة على تسوية حالته بالكشوف حرف (ب) عن المدة من 14 من فبراير 1951 إلى 30 من يونيه سنة 1953، قد خالف القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه للأسباب التي قام عليها، وتزيد عليها المحكمة أنه من المقرر في قواعد القانون الإداري أن التقادم في المجال الإداري كما ينقطع بالمطالبة بالحق إدارياً ينقطع أيضاً باعتراف الحكومة بهذا الحق. ولما كان الثابت أنه على إثر شكوى العمال من الخطأ في تطبيق أحكام كادر العمال عليهم، شكلت لجنة في 15 من ديسمبر سنة 1952 لبحث هذه الشكاوى، وانتهى البحث إلى الاستجابة إلى طلبات العمال ومنحهم جميعاً - ومن بينهم المدعي - الأجور المقررة لهم، على أن يكون ذلك اعتباراً من أول يوليه سنة 1953، أي أن الحكومة قد اعترفت يحق العمال في تسوية حالتهم على النحو الذي كانوا يطالبون به، أما تحديد اللجنة لتاريخ أول يوليه سنة 1953 لتنفيذ ذلك، فهذه مسألة قانونية فصلت فيها المحكمة بحكمها سالف الذكر.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون، ويتعين من أجل ذلك القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.