مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1993 إلى أخر فبراير سنة 1994) - صـ 367

(33)
جلسة 11 من ديسمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: د. أحمد مدحت حسن، وأبو بكر محمد رضوان، محمد أبو الوفا عبد المتعال، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1923 لسنة 38 القضائية

مجلس الدولة - اختصاصه - معيار اختصاص المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا المادتان 7، 17 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
تختص المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بمحاكمة العاملين من مستوى الإدارة العليا ومن يعادلهم - العبرة بدرجة العامل وقت تقديمه للمحاكمة - إذا تعدد العاملون وكان أحدهم يشغل وظيفة من مستوى الإدارة العليا فإن المحكمة المختصة بمحاكمتهم جميعاً هي المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 30/ 5/ 1992 أودع الأستاذ/ ........... بصفته وكيلاً عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة، تقرير الطعن الماثل في حكم المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها الصادر في الدعوى رقم 10 لسنة 28 ق بجلسة 31/ 3/ 1992 والمتضمن مجازاة كل من الطاعنين بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه.
وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به تحديد جلسة للنظر في الطعن أما دائرة فحص الطعون لتقضي بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من معاقبة كل منهم بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه، وما يترتب على ذلك من آثار.
وأودع الطاعنون رفق تقرير الطعن حافظة مستندات.
وبتاريخ 6/ 6/ 1992 تم إعلان تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية في مقرها.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من اختصاص المحكمة مصدرته بمحاكمة الطاعنين ومجازاتهم، وبإحالة الدعوى بالنسبة للطاعنين إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا للاختصاص.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة وتقرر بجلسة 25/ 8/ 1993 إصدار الحكم بجلسة 25/ 9/ 1993 مع مذكرات خلال أسبوعين.
وخلال الأجل قدمت النيابة الإدارية مذكرة وردت بتاريخ 9/ 9/ 1993 طلبت فيها الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه.
وبجلسة 25/ 9/ 1993 قررت دائرة فحص الطعون بالمحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره بجلسة 6/ 11/ 1993.
وبالجلسة الأخيرة تم نظر الطعن أمام المحكمة وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل على أنه بتاريخ 27/ 2/ 1986 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 10 لسنة 28 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بإيداع أوراقها قلم كتاب تلك المحكمة مشتملة على تقرير اتهام ضد: (1)......... (2)............(3)........... (4)........ (5).......... (6)........... (الطاعن الأول) مدير إدارة الحسابات التابعة لوزارة الزراعة (درجة أولى) (7).......... (الطاعن الثاني) مراجع الحسابات بديوان عام وزارة الزراعة (درجة ثانية) (8)............ (الطاعن الثالث) محاسب بقطاع الشئون المالية بوزارة الزراعة (درجة ثانية) (9)............ (الطاعن الرابع) محاسب بقطاع الشئون المالية بوزارة الزراعة (درجة ثانية) (10)......... (11)............
لأنهم خلال المدة من 1/ 1/ 1979 حتى 25/ 2/ 1984 بمعهد بحوث الإنتاج التابع لمركز البحوث الزراعية لوزارة الزراعة لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأمانة ولم يحافظوا على أموال وممتلكات الجهة التي يعملون بها وخالفوا القواعد والأحكام المنصوص عليها في القوانين واللوائح مما أدى إلى ضياع حق من الحقوق المالية بأن:........... السادس والسابع والثامن والتاسع (الطاعنون) أهملوا مراجعة مستندات المشروع المصري الأمريكي لتحسين الدواجن قبل الصرف وبعده رغم اختصاصهم بذلك مما سهل للمخالف الأول اختلاس مبلغ 10794.322 جنيهاً من أموال المشروع.
وطلبت النيابة محاكمة المحالين عما نسب إليهم.
وبجلسة 31/ 3/ 1992 أصدرت المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها الحكم المطعون فيه متضمناً مجازاة الطاعنين بخصم خمسة عشر يوماً من راتب كل منهم مقيماً قضاءه بالنسبة لهم على أساس أن الثابت أن الجهاز المختص بمراجعة حسابات المشروع المشار إليه كان مشكلاً برئاسة المتهم السادس (الطاعن الأول) وعضوية المتهمين السابع والثامن والتاسع (الطاعنين الثاني والثالث والرابع) وقد ثبت من تقرير اللجنة أن العجز موضوع التحقيق مرجعه عدم تسوية السلف المؤقتة والمستديمة المنصرفة إلى المتهم الأول عن العامين 82/ 1983، 83/ 1984، وأن الجهاز المشار إليه لم يوجد أي مطالبات لتسوية هذه السلف إلا في 21/ 2/ 1984 بعد القبض على المتهم الأول ومن ثم يكون قد ثبت في حقهم التراخي في أداء العمل المنوط بهم بوصفهم أعضاء الجهاز المالي المكلف بمراجعة حسابات المشروع مما أدى إلى عدم اكتشاف العجز في أموال هذا المشروع في حينه الأمر الذي يشكل قبلهم مخالفة تأديبية تستوجب مساءلتهم.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون واخطأ في تأويله وذلك لما يلي:
1 - عدم اختصاص المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بنظر الدعوى باعتبار أن الطاعن الأول يشغل وظيفة مدير عام اعتباراً من 8/ 12/ 1985 بما يجعل الاختصاص منعقداً للمحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بنظر الدعوى بالنسبة لجميع المحالين باعتبار أن قواعد الاختصاص عن النظام العام.
2 - عدم مسئولية الطاعنين عن مراجعة المستندات حيث تنحصر مسئوليتهم في التأكد من وجود اعتماد المدير التنفيذي للمشروع على طلب السلف المستديمة أو المؤقتة وقيام وكيل الوزارة للشئون المالية بالتوقيع على الشيك.
3 - أوراق السلف المستديمة تحت تصرف مدير المشروع ولم ترد منها إليهم أية أوراق حتى يتسنى لهم مراجعتها.
4 - القول بأن الطاعنين لم يطالبوا المتهم بالسلف إلا بعد القبض عليه في 21/ 5/ 1984 أمر يخالف الواقع الثابت بالأوراق.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن المتعلق بالقول بعدم اختصاص المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم، فإن المستقر عليه أن قواعد توزيع الاختصاص بين المحاكم التأديبية هي من النظام العام، ومن ثم يجوز ابتداء الدفع بشأنه في أية حالة كانت عليها الدعوى، كما تقضي به المحكمة ولو من تلقاء ذاتها.
ومن حيث إن المادة (7) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: تتكون المحاكم التأديبية من:
1 - المحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا ومن يعادلهم.
2 - المحاكم التأديبية للعاملين من المستويات الأول والثاني والثالث ومن يعادلهم.........."
وتنص المادة (17) من ذات القانون على أن: "يتحدد اختصاص المحكمة التأديبية تبعاً للمستوى الوظيفي للعامل وقت إقامة الدعوى وإذا تعدد العاملون المقدمون للمحاكمة كانت المحكمة المختصة بمحاكمة أعلاهم في المستوى الوظيفي هي المختصة بمحاكمتهم جميعاً........."
ومن حيث إن المستفاد من النصين المتقدمين أن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا تختص بمحاكمة العاملين بمستوى الإدارة العليا وأن العبرة بدرجة العامل هي وقت تقديمه للمحاكمة، وإذا تعدد العاملون وكان أحدهم يشغل وظيفة من مستوى الإدارة العليا، فإن المحكمة المختصة بمحاكمتهم جميعاً تكون هي المحكمة التأديبية بمستوى الإدارة العليا، وبالتالي ينحسر الاختصاص عن المحكمة التأديبية للعاملين من المستويات الأدنى.
ومن حيث إن الثابت أن الطاعن الأول (..........) قد صدر له قرار وزير الزراعة والأمن الغذائي رقم 1126 لسنة 1985 بتاريخ 8/ 12/ 1985 بتعيينه مدير عاماً للمراجعة بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية.
(تراجع الصورة الرسمية للقرار المذكور المودعة بحافظة مستندات بطاعنين مستند 7).
ومن حيث إن وظيفة مدير عام تدخل ضمن وظائف مستوى الإدارة العليا، وإذا كان الثابت الدعوى التأديبية رقم 10 لسنة 28 ق الصادر فيها الحكم المطعون فيه قد أقيمت بتاريخ 17/ 2/ 1986 أي بعد صدور القرار رقم 1126 لسنة 1985 المشار إليه بتعيين الطاعن الأول مديراً عاماً، فمن ثم فإن المحكمة المختصة بمحاكمة الطاعن الأول وباقي الطاعنين تكون هي المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، وليست المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها، وإذ تولت المحكمة الأخيرة محاكمة الطاعنين بما يتضمن القضاء ضمناً باختصاصها فإن حكمها المطعون فيه قد صدر من محكمة غير مختصة، بما يصفه بعدم المشروعية ويكون لذلك مستوجباً الإلغاء، وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا المختصة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعنين، مع إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا المختصة لمحاكمة الطاعنين مجدداً عما نسب إليهم.