مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1993 إلى أخر فبراير سنة 1994) - صـ 443

(41)
جلسة 21 من ديسمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، وعلي رضا عبد الرحمن رضا، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1480 لسنة 37 قضائية

مجلس الدولة - اختصاصه - ما يخرج عن اختصاص المحاكم التأديبية - إنهاء الخدمة لعدم الصلاحية أثناء فترة الاختبار.
المادة (15) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
المحاكم التأديبية هي صاحبة الولاية العامة في شئون التأديب - يشمل اختصاصها كل ما يتصل بالتأديب أو يتفرع عنه - مناط ذلك: أن يكون القرار المطعون فيه من الجزاءات التأديبية المنصوص عليها في القانون - قرار إنهاء خدمة أحد العاملين بالقطاع العام لعدم صلاحيته أثناء فترة الاختبار يخرج من نطاق اختصاص المحاكم التأديبية - أساس ذلك: أنه لا يتضمن جزاءً تأديبياً مما حدده القانون - أثر ذلك: اختصاص القضاء العادي (الدائرة العمالية) بالقرار المشار إليه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 21/ 3/ 1991 أودع الأستاذ/ .........
المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنة بموجب توكيل رسمي عام رقم 3315 سنة 1989 توثيق المطرية - سكرتارية المحكمة الإرادية العليا - تقرير طعن ضد الشركة المطعون ضدها في حكم المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان الصادر في الطعن رقم 77 لسنة 23 قضائية بجلسة 27/ 1/ 1991 والقاضي: "بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطعن وإحالته بحالته إلى المحكمة الابتدائية لشمال القاهرة (الدائرة العمالية) لنظره بالجلسة التي ستحددها تلك المحكمة وعلى قلم كتاب تلك المحكمة إخطار طرفي الطعن بها" وطلب في ختام التقرير - للأسباب التي أوردها به - الحكم: "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة الطاعنة لعدم الصلاحية وذلك لصدوره بعد انتهاء قترة الاختبار المقررة في القانون ولكونه يتضمن جزاء دون تحقيق ومن غير السلطة المقرر في القانون لتوقيعه دون اتباع الإجراءات المقررة ولأسباب غير مشروعة، وبما يترتب على الإلغاء من آثار بما في ذلك إعادة الطاعنة إلى العمل، مع إلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات والأتعاب.
وقد تم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده بتاريخ 1/ 4/ 1991 طبقاً للقانون.
أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني خلصت فيه للأسباب التي بني عليها، إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث أودعت الطاعنة بجلسة 5/ 5/ 1993 مذكرة بدفاعها أرفقت بها حافظة مستندات تضمنت بطاقة البيانات الوظيفية والشخصية لها والتي توضح أنها تعمل بوظيفة أخصائي تسويق اعتباراً من 12/ 11/ 1988 وهي نفس الوظيفة التي تم تثبيتها عليها بتاريخ 18/ 3/ 1979. وطبقاً لحكم المادة 72 من قانون العمل 137 لسنة 1981 فإن التعاقد يعتبر لمدة غير محددة وقد صممت على طلباتها تأسيساً على أن حقيقة قرار إنهاء خدمتها لعدم صلاحيتها هو في حقيقته قرار بفصلها تأديبياً تعسفت الشركة فيه وكان يتعين عليها عند إصدارها هذا القرار أن تراعى فيه القواعد المقررة لتأديب العاملين طبقاً للقانون رقم 48 لسنة 1978.
ولذلك فإن المحكمة التأديبية تختص بإلغائه طبقاً لقانون مجلس الدولة وهو ما لم يراعيه الحكم المطعون فيه. وبجلسة 6/ 6/ 1993 تقرر إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره بجلسة 27/ 7/ 1993، وبجلسة 26/ 10/ 1993 أودعت الطاعنة مذكرة تالية أرفقت بها حافظة مستندات اشتملت بيان أجرها بالاستقطاعات منه - رقم 4797 رقم العامل - اعتباراً من شهر يناير 1989 وحتى إبريل 1989 أي بعد 18/ 3/ 1989. وكذلك نسخة كربونية مؤرخة 20/ 6/ 1989 من قرار الشركة رقم 332 بتسليمها عهدة كيماويات الفرع مما يؤكد أن قرار إنهاء الخدمة هو في حقيقته قرار تأديبي. هذا كما أودعت الشركة المطعون ضدها حافظة مستندات طوت ملف خدمة الطاعنة. وبذات الجلسة حجز الطعن للحكم لجلسة 14/ 12/ 1993 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد أقيم في الميعاد المقرر قانوناً مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 22/ 7/ 1989 أقامت الطاعنة ضد الشركة المطعون ضدها الطعن رقم 77 لسنة 23 قضائية أمام المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان طلبت في ختامه قبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار فصلها الحاصل في 24/ 6/ 1989 واعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار بما في ذلك إعادتها إلى العمل مع إلزام المطعون ضده بصفته المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، مع حفظ كافة حقوقها الأخرى من أي نوع، وذلك تأسيساً على أنها التحقت بخدمة الشركة المطعون ضدها بوظيفة أخصائي ثالث بالدرجة الثالثة التخصصية بتاريخ 11/ 3/ 1989 واستمرت تقوم بنفس العمل باذلة فيه أقصى جهدها لذا صدر القرار رقم 332 لسنة 89 المؤرخ 20/ 6/ 1989 بتسليمها عهدة الفرع لأمانتها وكفاءتها إلا أنها فوجئت بتاريخ 24/ 6/ 1989 بفصلها من العمل اعتباراً من 21/ 6/ 1989 بحجة عدم الصلاحية أثناء فترة الاختبار. وإذ كان هذا القرار نزل من الواقع والقانون منزلاً غير صحيح ذلك لأن الشركة أقرت بصلاحيتها وأن مدتها بالشركة تعدت فترة الاختبار لذا فإنها تقيم دعواها الماثلة بالطلبات آنفة البيان. وبمذكرة مقدمة لذات المحكمة بجلسة 28/ 10/ 1990 أضافت إلى دفاعها بأنها عينت لأول مرة بالشركة بتاريخ 12/ 8/ 1988 بعقد محدد المدة ولمدة ستة أشهر تنتهي بتاريخ 11/ 5/ 1989 بوظيفة أخصائي تسويق وقبل نهاية مدة العقد أصدر رئيس مجلس الإدارة القرار رقم 166 لسنة 1989 بتعيينها بالشركة بصفة دائمة اعتباراً من 18/ 3/ 1989 إذ أثبتت لهم كفاءة وصلاحية وذلك لأداء نفس العمل وهو أخصائي تسويق ثالث وأن واقع ملف خدمتها حافل بالإنشاءات العديدة التي تؤكد أن السبب الحقيقي لفصل الطاعنة هو ترشيحها لكفاءتها لكي تكون مسئولة عن عهدة القسم من الأدوية والخلاصات الدوائية والكيمائية رغم أن مكان العهدة غير مؤمن ولا تتوافر فيه اشتراطات المخازن وأنها كأم تحصل على إذن ساعة يومياً لإرضاع طفلتها. فحقيقة القرار ليس عدم الصلاحية وإنما هو إجراء انتقامي تم ضدها دون تحقيق ومن ثم يكون مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء.
وقد دفعت الشركة بجلسة 21/ 1/ 1990 بموجب مذكرة مودعة منها بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطعن لأن الواقعة تتعلق بفسخ علاقة عمل أثناء فترة الاختبار لتحقق الشرط الفاسخ وهو عدم اجتياز فترة الاختبار بالصلاحية وبجلسة 27/ 1/ 1991 حكمت المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان بالحكم محل الطعن الماثل وذلك على سند من أن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 18/ 3/ 1989 صدر قرار رئيس الشركة المطعون ضدها رقم 166 لسنة 1989 بتعيين الطاعنة في وظيفة أخصائي تسويق ثالث بالدرجة الثالثة اعتباراً من 11/ 3/ 1989 ووضعها تحت الاختبار لمدة ستة شهور اعتباراً من تاريخ استلامها العمل اعتباراً من 1/ 4/ 1989، وبتاريخ 17/ 6/ 1989 قدم مدير عام تسويق الكيماويات إلى رئيس مجلس إدارة الشركة مذكرة بعدم صلاحيتها للعمل، ومن ثم صدر بتاريخ 24/ 6/ 1989 القرار رقم 348 متضمناً في مادته الأولى فسخ علاقة العمل بين الشركة والمدعية لعدم صلاحيتها للعمل وذلك اعتباراً من 21/ 6/ 1989 ورفع اسمها من سجلات العاملين بالشركة. وبذلك يكون القرار المطعون فيه هو قرار إنهاء خدمة الطاعنة لعدم صلاحيتها للعمل أثناء فترة الاختبار. وإذ كان القرار لا يتضمن جزاءً من بين الجزاءات المنصوص عليها صراحة في القانون رقم 48 لسنة 1978 ولا تعتبر المنازعة بشأنه متفرعة عن جزاء تأديبي ومرتبطة به ارتباط الفرع بالأصل بل هو مجرد إنهاء خدمة ومن ثم فإن المنازعة بشأنه تخرج عن نطاق الاختصاص الولائي لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ويختص بنظرها المحكمة الابتدائية المختصة ويتعين لذلك وعملاً بحكم المادة 110 من قانون المرافعات إحالة الطعن بحالته إلى المحكمة الابتدائية (إلى الدائرة العمالية) - لشمال القاهرة المختصة ولائياً بنظر الطعن.
من حيث إنه ولئن كانت المادة 15 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التي تقع من:
أولاً: العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة في وزارات الحكومة..... والعاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات بالشركات التي تضمن لها الحكومة حداً أدنى من الأرباح.
ثانياً:......... ثالثاً: .......... كما تختص هذه المحاكم بنظر الطعون المنصوص عليها في البندين تاسعاً وثالث عشر من المادة العاشرة.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن المحاكم التأديبية هي صاحبة الولاية العامة في شئون التأديب وأن اختصاصها يشمل كل ما يتصل بالتأديب أو يتفرع عنه وأن مناط ذلك هو أن يكون القرار المطعون فيه هو من الجزاءات التأديبية المنصوص عليها في القانون.
ومن حيث إن الثابت من ملف خدمة الطاعنة - وهي حاصلة على بكالوريوس علوم عام 1984 تخصص حيوان وكيمياء عينت بالشركة المطعون ضدها بتاريخ 12/ 11/ 1988 بموجب عقد مؤقت لمدة ستة أشهر تنتهي في 11/ 5/ 1989 - وقد دخلت أثناء مدة العقد اختباراً لتعيينها بوظيفة أخصائي تسويق حصلت فيه على مجموع 80%.
وبتاريخ 18/ 3/ 1989 صدر قرار رئيس مجلس إدارة الشركة رقم 166 لسنة 1989 بتعيينها في المجموعة التخصصية للوظائف التجارية بالدرجة الثالثة وذلك تحت الاختبار لمدة ستة أشهر اعتباراً من تاريخ استلامها العمل. وقد رشحت لدورة تدريبية اجتازتها. إلا أنه أريد تسليمها عهدة البيع الخاصة بالكيماويات بفرع بيع الأميرية حيث تعمل فما كان منها إلا أن تقدمت بطلب منحها أجازة بدون مرتب لرعاية طفلتها. وقد عرض الأمر على رئيس مجلس إدارة الشركة بناء على اعتذار منها عن تسلم هذه العهدة مؤرخ 15/ 6/ 1989. وبموجب مذكرة مؤرخة 17/ 6/ 1989 مرفوعة من مدير عام تسويق الكيماويات إلى السيد/ رئيس مجلس إدارة الشركة طلب فيها إنهاء خدمتها لعدم صلاحيتها للعمل حيث صدر بتاريخ 24/ 6/ 1989 قرار رئيس مجلس إدارة الشركة رقم 348 لسنة 1989 بفسخ علاقة العمل بين الشركة والطاعنة لعدم صلاحيتها أثناء فترة الاختبار ورفع اسمها اعتباراً من 21/ 6/ 1989.
ومن حيث إنه متى كان ذلك كذلك وكانت المادة 18 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 تنص على أنه "يوضع العامل المعين لأول مرة تحت الاختبار لمدة لا تزيد عن ستة أشهر من تاريخ تسليمه العمل وتقرر صلاحيته في خلال مدة الاختبار وفقاً للنظام الذي يقرره مجلس الإدارة ويستثنى من ذلك المعينون في الوظائف العليا، ولا يجوز وضع العامل تحت الاختبار أكثر من مرة واحدة". فمن ثم يكون القرار المطعون فيه، وبناءً على ما تقدم، هو قرار إنهاء الخدمة لعدم الصلاحية أثناء فترة الاختبار ولا يتضمن جزاءاً تأديبياً مما تختص به المحكمة التأديبية وينعقد اختصاص الطعن عليه للقضاء العادي للدائرة العمالية المختصة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خلص إلى التكييف القانوني للقرار على هذا النحو وبالتالي صدر على النحو آنف البيان، فإنه يكون قد جاء متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه غير قائم على سند من الواقع والقانون خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.