مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 53

(5)
جلسة 10 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات وسعيد أحمد محمد حسين برغش وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2028 لسنة 43 قضائية عليا

آثار - حمايتها - إزالة التعدي عليها بالطريق الإداري - منطقة جبانة طيبة بالأقصر.
المادتان 3، 20 من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983، قرار رئيس الجمهورية رقم 267 لسنة 1981 باعتبار مشروع تكملة جبانة طيبة الأثرية بالأقصر من أعمال المنفعة.
يعتبر أثراً الأراضي المملوكة للدولة والتي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بالقانون رقم 117 لسنة 1983 بحماية الآثار أو تلك التي يصدر باعتبارها أثراً قرار من رئيس مجلس الوزراء - يدخل في حكم هذه الأراضي تلك الأراضي الواقعة داخل خطوط تجميل الآثار أو الواقعة في المنافع العامة للآثار - أثر ذلك: بحظر على الآخرين إقامة منشآت أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة أو أخذ أتربة أو رفع أنقاض منها أو أي عمل يترتب عليه تغيير معالم هذه المواقع إلا بترخيص من الهيئة وتحت إشرافها - تعتبر جبانة طيبة من المناطق الأثرية طبقاً للقرار الجمهوري رقم 267 لسنة 1981 - يسري في شأن هذه الجبانة الحظر الوارد في القانون، فلا يجوز إقامة منشآت أو إحداث تغيير في معالم المنطقة - في حالة المخالفة يحق لرئيس مجلس إدارة الهيئة بناء على قرار من اللجنة الدائمة للآثار إزالة التعدي على الموقع الأثري بالطريق الإداري - يتطلب الأمر لحماية الجبانة توفير حرم لها منعاً لامتداد الزحف العمراني إليها وذلك لغناها الأثري واحتوائها على ألف مقبرة ومعبد تعد كنزاً من كنوز الحضارة المصرية - يشمل هذا الحرم المنطقة الواقعة بين الجبانة ونهر النيل والمشغولة بأراض زراعية وصحراوية ومبان قليلة مقامة عليها - يتعذر حصر ملاك الأراضي الخاصة المتداخلة في أملاك الدولة إلا بعد صدور قرار تقرير المنفعة العامة وهو ما وافق عليه مجلس إدارة هيئة الآثار واعتمده السيد وزير الثقافة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 24/ 2/ 1997 أودعت الأستاذة/ ....... المحامية بالنقض بصفتها وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2028 لسنة 43 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بقنا في الدعوى رقم 811 لسنة 1 ق بجلسة 26/ 12/ 1996 القاضي بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بعريضة الطعن وقف تنفيذ الحكم بصفة مستعجلة وفي الموضوع بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحددت جلسة 18/ 1/ 1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى/ موضوع" لنظره بجلسة 27/ 6/ 1999، وتداولت المحكمة نظره على النحو المبين بمحاضر جلساتها ثم حجزته ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده أقام دعواه التي صدر فيها الحكم الطعين طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1777 الصادر بتاريخ 22/ 8/ 1992 من رئيس مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار فيما تضمنه من إزالة التعدي الواقع منه على مساحة الأرض المبينة بالقرار على زعم أنها من أراضي الآثار، فبادر بالتظلم من القرار بموجب إنذار على يد محضر على أساس صدوره من غير مختص إذ أن الأرض المقام عليها المنزل ملك لمصلحة تفتيش أملاك قنا طبقاً لمحضر فصل الحد المؤرخ 11/ 11/ 1991 الذي قرر فيه معاون تفتيش آثار القرنة بأن القطعة 2 حوض السبيل 22 بناحية القرنة ليست ملكاً لهيئة الآثار، كما أن المبنى مقام منذ خمسة عشر عاماً ويقع داخل كتلة سكنية، ويقوم بدفع ريع مباني عنه لمصلحة أملاك قنا وأن في تنفيذ القرار المطعون فيه تشريد لأسرته وجعلهم بلا مأوى مما يصم القرار بعدم المشروعية، واختتم المدعي "المطعون ضده عريضة دعواه بطلباته السابقة".
وبتاريخ 26/ 12/ 1996 أصدرت محكمة القضاء الإداري بقنا حكمها بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس ما تضمنه محضر فصل الحد المؤرخ 11/ 11/ 1991 وما أقر به مندوب هيئة الآثار من أن القطعة رقم 2 حوض السبيل 22 ملك تفتيش أملاك قنا ولا تخص أملاك الآثار وغير واردة في الاستمارة (201) مساحة التي يدون فيها أملاك الآثار، وهو الأمر الذي تأيد أيضاً بمذكرة دفاع الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المختصمة في الدعوى والتي قررت بأن أرض النزاع من أملاك الدولة الخاصة وأنها هي المشرفة على تلك الأرض، ومن ثم يكون القرار الصادر بإزالة التعدي صدر من غير مختص، كما أنه قام على سبب غير صحيح بزعم الاعتداء على أرض للآثار عن طريق البناء عليها مما يتعين معه القضاء بإلغاء ذلك القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وخلص الحكم من ذلك إلى قضائه السابق.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون والخطأ في تطبيقه لأسباب تتحصل في أن القرار الجمهوري رقم 167/ 1981 جعل مشروع تكملة جبانة طيبة الأثرية من أعمال المنفعة العامة باعتبارها مكملة للجبانة الأثرية، ولا يجوز إقامة أو إضافة أية مباني أو منشآت عليها أو على ما هو قائم حالياً، وأنه إذا كانت أرض النزاع تعتبر من أملاك الدولة الخاصة إلا أنها بموجب النص الوارد في القرار الجمهوري المذكور تعد من المنافع العامة المحملة بقيود لحماية الآثار، ويكون بإقامة المطعون ضده لمنزل بالخرسانة على أرض هي حرم لجبانة طيبة الأثرية فيه مخالفة لقانون حماية الآثار وتعدياً واجب الإزالة يخول لرئيس مجلس إدارة الهيئة التصدي له وإزالته إدارياً دون حاجة للجوء إلى القضاء.
وأضاف أنه بالنسبة للمحضر الفاصل للحد والذي قام عليه الحكم واتخذه سنداً لقضائه وكذلك ما أقر به مندوب الهيئة الحاضر كل ذلك جاء مخالفاً للواقع والحقيقة وقد أجرى مع الموظف تحقيق بشأنه بمعرفة النيابة الإدارية، أدين فيه وجوزي عنه بالخصم خمسة أيام من مرتبه في القضية رقم 520/ 1994، هذا إلى جانب أن محضر معاينة التعدي وقرار الإزالة جاءا لاحقين للمحضر المشكوك في صحته.
واختتم الطاعن عريضة طعنه بطلباته السابقة.
ومن حيث إن المادة 3 من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 تنص على أنه "تعتبر أرضاً أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التي يصدر باعتبارها كذلك قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة إخراج أية أرض من عداد الأراضي الأثرية أو أراضي المنافع العامة للآثار إذا ثبت للهيئة خلوها من الآثار أو أصبحت خارج أراضي خط التجميل المعتمد للأثر".
وتنص المادة 20 على أنه "لا يجوز منح رخص للبناء في الموقع أو الأراضي الأثرية. ويحظر على الغير إقامة منشآت أو مدافن أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة فيها أو في المنافع العامة للآثار أو الأراضي الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمدة......... ويسري حكم الفقرة السابقة على الأراضي المتاخمة التي تقع خارج نطاق المواقع المشار إليها في الفقرة السابقة والتي تمتد حتى مسافة ثلاثة كيلو مترات في المناطق غير المأهولة أو لمسافة تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر في غيرها من المناطق.
ومن حيث إن المستفاد من هذه النصوص أن الأرض التي تعتبر أثراً هي تلك التي اعتبرت كذلك بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بالقانون المذكور أو التي يصدر باعتبارها أثراً قرار من رئيس مجلس الوزراء، ويدخل في حكم هذه الأرض الأراضي الواقعة داخل خطوط تجميل الآثار أو الواقعة في المنافع العامة للآثار حيث يحظر على الغير فيها جميعاً إقامة منشآت أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة أو أخذ أتربة أو رفع أنقاض أو أي عمل يترتب عليه تغيير في معالم هذه المواقع إلا بترخيص من الهيئة وتحت إشرافها.
ومن حيث إنه صدر قرار رئيس الجمهورية 267 لسنة 1981 ناصاً في مادته الأولى على أن يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع تكملة جبانة طيبة الأثرية بالأقصر على الأراضي المبينة بالخريطة المرفقة وهي المناطق أ، ب، جـ، د باعتبارها مكملة للجبانة الأثرية، ولا يجوز إقامة أو إضافة أية مبان أو منشآت عليها أو على ما هو قائم عليها حالياً.
وجاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع القرار المذكور أن هذه الجبانة تعتبر فريدة في نوعها ويتطلب الأمر لحمايتها توفير حرم لها منعاً من امتداد الزحف العمراني إليها وذلك لغناها الأثري واحتوائها على ألف مقبرة ومعبد تعد كنزاً من كنوز الحضارة المصرية. وأضافت المذكرة بأن هذا الحرم يشمل المنطقة الواقعة بين هذه الجبانة ونهر النيل والمشغولة بصفة أساسية بأراضٍ زراعية وأخرى صحراوية ومبانٍ قليلة مقامة عليها ويتعذر حصر ملاك الأراضي الخاصة المتداخلة في أملاك الدولة العامة إلا بعد صدور قرار تقرير المنفعة العامة وهو ما وافق عليه مجلس إدارة هيئة الآثار واعتمده السيد وزير الثقافة.
ومن حيث إن مقتضى ذلك هو أن الأرض التي حددها القرار الجمهوري 267 لسنة 1981 أصبحت من المنافع العامة لمنطقة أثرية هي جبانة طيبة، ومن ثم يسري بشأنها الحظر الوارد في المادة 20 من قانون حماية الآثار فلا يجوز إقامة منشآت أو إحداث تغيير في معالم المنطقة وفي حالة مخالفة ذلك يحق لرئيس مجلس إدارة الهيئة بناء على قرار من اللجنة الدائمة للآثار إزالة التعدي على الموقع الأثري بالطريق الإداري.
ولما كان من الثابت بالأوراق أن السيد كبير مفتشي آثار القرنه أرسل كتابه رقم 9/ 2/ 3 في 28/ 3/ 1992 للسيد رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار مرفقاً به محضر المعاينة المؤرخ 24/ 3/ 1992 بشأن تعدي المواطن/ ........ على أرض منافع الآثار بالمنطقة المذكورة وذلك بإقامة مبنى خرساني على جزء منها، وقد تم عرض المحضر على اللجنة الدائمة للآثار فوافقت بجلستها المنعقدة بتاريخ 21/ 5/ 1992 على إزالة التعدي وأصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة القرار رقم 1777 في 22/ 8/ 1992 بذلك، ومن ثم يكون هذا القرار صدر من مختص بإصداره وفي حدود الصلاحيات المقررة له قانوناً، ولا ينال من ذلك ما ساقه المطعون ضده من عدم ملكية المجلس الأعلى للآثار لأرض النزاع حيث إنه مع ثبوت الملكية لجهة حكومية أخرى هي الإصلاح الزراعي فإن هذه الأرض تعتبر حرماً لمنطقة أثرية صدر بشأنها قرار جمهوري اعتبرها من المنافع العامة للآثار ويسري عليها ما يسري على الأراضي الأثرية من قيود.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر، لذا يكون قد خالف صحيح حكم القانون مما يتعين إلغاءه والقضاء برفض الدعوى لعدم قيامها على سند صحيح.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.