مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1993 إلى أخر فبراير سنة 1994) - صـ 489

(46)
جلسة 26 من ديسمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد، والسيد محمد السيد الطحان، وادوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم- نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2091، 2116، 4038 لسنة 32، 33 القضائية

( أ ) محكمة الثورة - العقوبات الصادرة منها - العفو عنها - نطاقه - (أموال مصادرة) (مصادرة)
قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 بالعفو عن بعض العقوبات التي صدرت من محكمة الثورة ومحكمة الغدر.
نطاق قرار العفو المشار إليه ينصرف إلى ما بقى من العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة والتي لم يستكمل تنفيذها وإلي كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة على العقوبات المحكوم بها - هذه العقوبات لها سمات خاصة رغم تسميتها بالمسميات الواردة في قانون العقوبات - تختلف الآثار المترتبة على تلك العقوبات عن العقوبات التبعية - ينصرف ذلك إلى كافة ما ترتب على الحكم ولو لم يصدق عليه وصف العقوبة - أساس ذلك: أن قرار العفو حرص على النص على الآثار جنباً إلى جنب مع العقوبات التبعية - مؤدى ذلك: أن عقوبة المصادرة بوصفها إحدى العقوبات المحكوم بها على مورثة المطعون ضدهم قد ترتب عليها أيلولة الأموال المصادرة إلى الدولة وظلت هذه العقوبة منتجة لآثارها فيما يتعلق بالملكية إلى تاريخ صدور قرار العفو المشار إليه - متى انصب العفو على هذه الآثار فإن ذلك يستتبع رد الأموال إزالة لهذا الأثر ونزولاً على أحكام ذلك القرار - تطبيق.
(ب) أسباب كسب الملكية - حيازة - أركانها - حسن النية - ما ينفيه. (شركات قطاع عام) أموال شركات القطاع العام هي في حقيقتها أموال مملوكة للدولة - إدارة تلك الشركات للمال المملوك للدولة يكون لحساب الدولة - لا وجه للقول باكتساب ملكية باخرة على أساس الحيازة بحسن النية والسبب الصحيح - أساس ذلك: أن نقل الملكية تم بذات الإدارة التي سبق أن صدر بها القرار رقم 128 لسنة 1960 المشار إليه - عدم مراعاة الإجراءات القانونية لنقل ملكية البواخر النيلية وعدم النص على مقابل نقل الملكية - كل ذلك ينفي حسن النية - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 13 من مايو سنة 1986 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن شركة الفنادق المصرية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود والتعويضات - بجلسة 16/ 3/ 1986 في الدعوى رقم 1813 لسنة 34 ق والذي قضى أولاً: بإخراج الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المدعى عليها الأولى من الدعوى بلا مصاريف. ثانياً: رفض الادعاء الفرعي المقام من المدعى عليه الخامس مع تحميله بمصاريف هذا الادعاء. ثالثاً: بإلزام المدعى عليه الثاني (وزير السياحة) بأن يؤدي للمدعين مبلغ (31090) جنيهاً. رابعاً: بإلزام المدعى عليه الخامس (رئيس مجلس إدارة شركة الفنادق المصرية) الشركة الدامجة للشركة المصرية للفنادق والسياحة فورهوفيل) بأن يؤدي للمدعين مبلغ (36400) جنيهاً. خامساً: بإلزام المدعى عليه الرابع (رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق) بأن يؤدي للمدعين مبلغ 51245.166 جنيهاً. سادساً: إلزام المدعى عليهم الثاني والرابع والخامس بالمصروفات، وقد طلبت الشركة الطاعنة قبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمدعين مبلغ 36400 جنيهاً، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وفي يوم الخميس الموافق 15 من مايو سنة 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن وزير السياحة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود والتعويضات - بجلسة 16/ 3/ 1986 في الدعوى رقم 1813 لسنة 34 ق والمشار إليه سلفاً. وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وأصلياً الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعن لرفعها على غير ذي صفة واحتياطياً برفضها وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وفي يوم السبت الموافق 29 من أغسطس سنة 1978 أودع الأستاذ/ ....... المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق (ايجوث) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود والتعويضات - بجلسة 16/ 3/ 1986 في الدعوى رقم 1813 لسنة 34 ق والمشار إليه سلفاً، وطلبت الشركة الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع مبلغ 51245.166 جنيهاً، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد تم إعلان الطعون المشار إليها قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعنين رقمي 2091، 2116 لسنة 32 ق ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وإلزام كل طاعن بالمصروفات كما أودعت الهيئة تقريراً في الطعن رقم 4038 لسنة 33 ق ارتأت فيه الحكم أصلياً بعدم قبوله شكلاً واحتياطياً رفضه موضوعاً وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وقد عينت جلسة 5 من يناير سنة 1987 لنظر الطعن رقم 2116 لسنة 32 ق أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 16/ 6/ 1989 ضم الطعن رقم 2116 لسنة 32 ق والطعن رقم 4038 لسنة 33 ق إلى الطعن رقم 2091 لسنة 33 ق للارتباط وليصدر فيهم حكم واحد. وبجلسة 21 من مايو سنة 1990 قررت الدائرة إحالة الطعون إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 20/ 10/ 1990 وفي تلك الجلسة نظرت المحكمة الطعون المشار إليها، وتدوول نظرها بالجلسات التالية على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 24/ 10/ 1993 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 26/ 12/ 1993 ومذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع وفات ذلك الأجل ولم يقدم شيء.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه وذلك عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إنه - بادئ ذي بدء - فإن تقرير الطعن رقم 4038 لسنة 33 ق المقام من الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق "ايجوث" قد تم إيداعه سكرتارية المحكمة الإدارية العليا في 29 من أغسطس سنة 1987 أي بعد أن مضى على صدور الحكم المطعون فيه أكثر من تسعة عشر شهراً (16من مارس سنة 1986) مما يجعل الطعن قد أقيم بعد فوات المواعيد المقررة قانوناً للطعن - ولا عبرة بما أثارته الشركة الطاعنة من أن الطعن المقام من أحد أطراف الخصومة يجعل باب الطعن مفتوحاً أمام جميع أطرافها ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن رقم 4038 لسنة 33 ق شكلاً.
ومن حيث إن الطعنين رقمي 2091، 2116 لسنة 32 ق قد استوفيا أوضاعهما وإجراءاتهما المقررة قانوناً فهماً مقبولان شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 3850 في 28/ 6/ 1976 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طالبوا في ختامها الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بفرض الحراسة على الأطيان الموضحة بصحيفة الدعوى والمستولى عليها من الإصلاح الزراعي، وتعيين حارس لإدارتها وتحصيل ريعها وبعد إنفاق المصروفات الضرورية تسليم المدعين الباقي وإيداع كشوف حساب مؤيدة بالمستندات قلم كتاب المحكمة إلى أن ينتهي النزاع رضاء أو قضاء وثانياً: تسليم المدعين الباخرة سودان والأطيان المملوكة لمورثهم وتعيين خبير لتحديد الريع المستحق عن المدة السابقة لفرض الحراسة.
وقال المدعون شرحاً للدعوى أنه بتاريخ 7/ 3/ 1954 حكمت محكمة الثورة في الدعوى رقم 39 لسنة 1953 بمصادرة أموال المرحومة السيدة/ ......... ونفاذاً لهذا الحكم استولت جهات الإدارة - كل في نطاق اختصاصها - على تلك الأموال التي من بينها الباخرة "سودان" التي كانت راسية في المجرى الرئيسي للنيل على مقربة من منزل مالكتها بحي جاردن سيتي بالقاهرة، وظلت الأيدي تتناقل حيازة الباخرة إلى أن استقرت لدى المؤسسة العامة للسياحة والفنادق التي عهدت بإدارتها إلى شركة الفنادق المصرية الدامجة للشركة المصرية للفنادق والسياحة بموجب الحكم رقم 5769 لسنة 1975 مستعجل جزئي القاهرة الصادر في 23/ 6/ 1976 والذي أصبح نهائياً كما استولت جهات الإدارة على أطيان زراعية كائنة بناحية المرج تسلمتها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وما زالت تحت يدها وتبلغ مساحتها 14 س 16 ط 303 ف وما عليها من ملحقات وقد ثبت ذلك في محاضر الجرد والاستلام الموجودة لدى إدارة تصفية الأموال المستردة، وأن مورثتهم كانت قد تقدمت بإقرار طبقاً للقانون رقم 78 لسنة 1952؛ الذي يحدد ملكية الفرد بمائتي فدان خلاف الأطيان البور وقدمت اعتراضاً بالنسبة لمساحة 14 س 16 ط 103 ف الزائدة عن قدر الاحتفاظ، وفي 5/ 7/ 1960 صدر قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بقبول الاعتراض، إلا أن حكم المصادرة حال بين مورثتهم وبين التصرف في هذه الأرض.
وأضاف المدعون أنه في يوم 6/ 2/ 1960 أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 128 لسنة 1960 بالعفو عن بعض العقوبات التي صدرت من محكمة الثورة ومحكمة الغدر ضد أشخاص معينين وكان من بينهم مورثتهم التي كانت - وقتذاك - على قيد الحياة، إلا أن هذا القرار لم يعرف طريقه إلى العلانية الواجبة له دستوراً وقانوناً، وبعد أن أتيح للمدعين العلم بالقرار المشار إليه - عقب ثورة مايو 1971 تقدموا إلى السلطات المختصة لاستعادة أموالهم، إلا أن صعوبات كثيرة حالت دون ذلك، وكانوا قد أقاموا الدعوى رقم 5769 لسنة 1975 مستعجل جزئي جنوب القاهرة لفرض الحراسة القضائية على الباخرة سودان وقد استجابت المحكمة لطلبهم في حكمها الصادر بجلسة 23/ 3/ 1976 ولم ينكر أحد ملكيتهم لتلك الباخرة.
وعقبت شركة الفنادق المصرية على الدعوى بمذكرة أوضحت فيها أنه لا علاقة لها إطلاقاً بالباخرة سودان لأن الشركة لا تعتبر خلفاً للشركة المصرية للفنادق والسياحة وأن الحكم الصادر في الدعوى رقم 5769 لسنة 1975 صدر نتيجة فهم خاطئ للقرار رقم 287 لسنة 1976 الذي نص على أن تنقل إلى المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق صافي الأصول الثابتة للفنادق والعقارات والبواخر والمشروعات التابعة للشركة المصرية للفنادق والسياحة وأنه قد زالت صفة هذه الشركة نهائياً اعتباراً من 31/ 12/ 1975 عملاً بأحكام القرار رقم 287 لسنة 76 المشار إليه، وأضافت الشركة أنها أقامت دعوى فرعية عملاً بنص المادة (125) من قانون المرافعات بطلب الحكم بإلزام المدعين بدفع مبلغ 32000 جنيه قيمة الإصلاحات التي أنفقت على الباخرة "سودان".
وقدمت الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق (ايجوث) مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى على أساس أن القرار الجمهوري رقم 1608 لسنة 1969 نص على نقل ملكية الباخرة سودان إلى شركة الفنادق المصرية ومن ثم يكون ناسخاً لما جاء بالقرار الجمهوري رقم 128 لسنة 1960، وعليه فإن التصرف الصادر من الدولة بنقل ملكية الباخرة إلى الشركة المذكورة يسري في مواجهة الورثة ويرتب عدم أحقيتهم في استرداد الباخرة ويقصر حقهم على طلب التعويض فقط.
وبجلسة 24/ 4/ 1977 حكمت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية:
أولاً: برفض الدفع المبدى من المدعى عليه الأول بصفته بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى بالنسبة للأراضي الزراعية وملحقاتها وباختصاصها.
ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وأبقت الفصل في المصروفات، وتحديد جلسة 22/ 5/ 1977 لنظر الموضوع.
ثالثاً: بعدم اختصاص هذه المحكمة ولائياً بنظر طلب تسليم الباخرة سودان والدعوى الفرعية المقابلة لها وبإحالتها بحالتها إلى محكمة مجلس الدولة المختصة.
وقد وردت الدعوى فيما يتعلق بالشق الخاص بطلب تسليم الباخرة سودان إلى محكمة القضاء الإداري، وتداولت بجلسات تلك المحكمة، وبجلسة 26/ 10/ 1982 عدل المدعون طلباتهم إلى طلب الحكم بريع الباخرة من تاريخ الإفراج عنها حتى تاريخ استلامها.
وبجلسة 23/ 1/ 1983 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكماً تمهيدياً - قبل الفصل في الموضوع - بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بذلك الحكم والتي تنحصر في تحديد ريع الباخرة سودان اعتباراً من 6/ 2/ 1960 وهو تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 128 لسنة 1960 حتى تاريخ تسليمها إلى المدعين، بالإضافة إلى حساب قيمة الإصلاحات التي قامت بها المدعى عليها الخامسة على تلك الباخرة في ذات الفترة المشار إليها.
واستندت المحكمة في حكمها إلى أن الإدارة العامة للأموال المستردة بوزارة المالية قامت بتسليم الباخرة سودان إلى المدعين، نفاذاً لفتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع والتي انتهت أيضاً إلى أنه من حق المدعين الحصول على ريع الباخرة المشار إليها والذي ليس في مقدور المحكمة حسابه مما يتعين الاستعانة بأهل الخبرة.
وبجلسة 16/ 3/ 1986 أصدرت المحكمة حكمها - المطعون فيه - والذي قضى:
أولاً: بإخراج الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المدعى عليها الأولى من الدعوى بلا مصاريف.
ثانياً: رفض الادعاء الفرعي المقام من المدعى عليه الخامس مع تحميله بمصاريف هذا الادعاء.
ثالثاً: بإلزام المدعى عليه الثاني (وزير السياحة) بأن يؤدي للمدعين مبلغ 31090 جنيه.
رابعاً: بإلزام المدعى عليه الخامس (رئيس مجلس إدارة شركة الفنادق المصرية) بصفته رئيساً للشركة الدامجة للشركة المصرية للفنادق والسياحة (نورهوفيل) بأن يؤدي للمدعين مبلغاً وقدره 36400 جنيه.
خامساً: بإلزام المدعى عليه الرابع (رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للسياحة والفنادق) بصفته بأن يؤدي للمدعين مبلغ 16 ق و51245 جنيهاً.
سادساً: إلزام المدعى عليهم الثاني والرابع والخامس بالمصروفات بالتساوي بينهم وشيدت المحكمة قضاءها على أن الباخرة سودان كانت في حوزة وزارة السياحة في تاريخ صدور القرار رقم 128 لسنة 1960 في 6/ 2/ 1960 حتى 11/ 9/ 1969 تاريخ انتقال حيازتها للشركة المصرية للفنادق والسياحة (نورهوفيل) ومن ثم تلزم برد ريع هذه الفترة وفقاً للأسس التي أقرها تقرير الخبير، وأن حيازة الباخرة انتقلت في 11/ 9/ 1969 إلى الشركة المصرية للفنادق والسياحة (نورهوفيل) والتي أدمجت في شركة فنادق الوجه القبلي وعدل اسمها إلى شركة الفنادق المصرية - حتى 1/ 11/ 1974 ومن ثم تلتزم هذه الشركة الأخيرة بسداد الريع وأن الحيازة انتقلت بعد ذلك إلى الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق وظلت حتى 17/ 1/ 1979 تاريخ تسليم الباخرة إلى المدعين فإن المدعى عليها الرابعة تكون ملزمة بالريع.
وأضافت المحكمة بأنه بالنسبة للادعاء الفرعي المقام قبل المدعون بمطالبتهم بمبلغ 32000 جنيه قيمة إصلاح الباخرة فإنه لم يقدم أي دليل يثبت صحة هذا الادعاء.
ومن حيث إن الطعن المقام من شركة الفنادق المصرية (رقم 2091 لسنة 32 ق عليا) يقوم على أن الحكم المطعون فيه أغفل التعرض لقرار رئيس الجمهورية رقم 1068 لسنة 1969 رغم أنه هو الأساس الذي استندت عليه الشركة الطاعنة - ومن سبقها ومن تلاها في حيازتها للباخرة ومن ناحية أخرى فإن الحكم أخطأ إذ قضى بإلزام الشركة بأن تدفع للمطعون ضدهم مبلغ 36400 جنيه ريع الباخرة عن فترة تبعيتها للشركة الطاعنة، ذلك أن الباخرة المذكورة انتقلت ملكيتها للدولة بموجب حكم محكمة الثورة في 7/ 3/ 1954 بمصادرة أموال مورثه المطعون ضدهم وأنه بتاريخ 11/ 9/ 1969 - صدر قرار جمهوري برقم 1608 لسنة 1969 بنقل ملكية الباخرة إلى الشركة المصرية العامة للفنادق السياحية (نورهوفيل) التي لم تتمكن من استغلالها بسبب ما أصابها من عطل أدى إلى سحب ترخيصها ولم تتمكن الشركة من إصلاحها لظروف خارجة عن إرادتها - وظلت كذلك حتى تسلمتها الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق (ايجوث) في 1/ 11/ 1974 الأمر الذي يدلل على أن حيازة الشركة الطاعنة للباخرة كانت بسبب صحيح وبحسن نية مما يجعل الشروط المقررة في القانون المدني لكسب الثمار الناتجة من الباخرة - من تاريخ أيلولتها للشركة وحتى زوال يدها عليها - متحققة في جانبها وهو الأمر الذي فات على الحكم المطعون فيه.
وأضافت الطاعنة أنه بفرض التزام الشركة الطاعنة برد الثمار فإن حق المطعون ضدهم في الريع سقط بالتقادم بانقضاء ثلاث سنوات عملاً بحكم المادة 187 من القانون المدني - من اليوم الذي يعلم فيه المالك بحقه في الاسترداد، وأن المطعون ضدهم علموا بقرار العفو في عام 1971 - وفقاً لإقرارهم فقد كان يتعين عليهم أن يبادروا إلى رفع دعواهم في ميعاد أقصاه مايو عام 1974. كما أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ عول على ما جاء بتقرير الخبير فيما انتهى إليه من تقدير جزافي لريع الباخرة خاصة وأن الخبير لم يعلن الشركة بموعد انتقاله إلى مقرها، ومن ناحية أخرى فإن الحكم أغفل الرد على دفاع جوهري للشركة فحواه أن الباخرة كانت معطلة بسبب حاجتها للإصلاح وقد تعذر إصلاحها بسبب تعذر نقلها إلى الترسانة لانخفاض منسوب المياه في النيل.
وخلصت الشركة الطاعنة لما تقدم - ولكل ما ورد بتقرير الطعن - إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الشركة بأن تدفع للمطعون ضدهم مبلغ 36400 جنيه.
ومن حيث إن الطعن المقام من وزير السياحة (2116 لسنة 32 ق عليا) يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ ألزم وزير السياحة بدفع مبلغ 31090 جنيه نظير ريع الباخرة سودان التي كانت في حوزة وزارة السياحة في الفترة من 6/ 2/ 1960 حتى 11/ 9/ 1969 وقد تجاهل الحكم ما أبدته جهة الإدارة من دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير السياحة لأن الثابت أن وزارة السياحة لم تستغل الباخرة لكونها كانت في حيازة شركة الفنادق المصرية القائمة باستغلالها ولا شأن لوزارة السياحة بها. ومن ناحية أخرى فإن الخبير لم يقم بأداء الشق الثاني من المهمة الموكولة إليه، والمتعلق بتحديد ما أنفق على الباخرة من أعمال الصيانة والإصلاح ولم يكن يحق للخبير أن يعلل عدم قيامه بذلك بعدم موافاته بمستندات الإصلاح مما يجعل تقريره باطلاً، وأخيراً فإن صدور القرار الجمهوري رقم 129 لسنة 1960 بالعفو عن باقي العقوبات لا يمس الأموال التي تمت مصادرتها كعقوبة تبعية أو تكميلية.
وخلصت هيئة قضايا الدولة إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه وأصلياً الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لوزير السياحة واحتياطياً برفضها وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ومن حيث إنه لا وجه لما أثارته الجهة الإدارية في طعنها بشأن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير السياحة، ذلك أن الثابت من الأوراق ومن تقرير الخبير ومحضر أعماله في الشق الخاص بمن كانت له حيازة الباخرة سودان وحق استغلالها يبين أن وزارة الإرشاد القومي - التي حلت وزارة السياحة محلها - كانت لها الحيازة والاستغلال في الفترة من 6/ 2/ 1960 حتى 11/ 9/ 1969، وأن الحاضر عن الوزارة لم يعقب على ما جاء بالتقرير المشار إليه - في مذكرته التي قدمها أثناء فترة حجز الدعوى للحكم - بشأن حيازة واستغلال وزارة السياحة للباخرة في الفترة المشار إليها والواردة بالتقرير، لما كان ذلك وكان الثابت أيضاً أن الباخرة موضوع المنازعة تمت مصادرتها لصالح الشعب بمقتضى حكم محكمة الثورة في 10/ 3/ 1954 وكانت الوزارة المشار إليها هي التي تقوم باستغلال الباخرة المشار إليها بالتأجير حتى صدور القرار رقم 128 لسنة 1960 فظلت الباخرة في حوزة وزارة السياحة حتى 11/ 9/ 1969، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة لوزير السياحة يكون في غير محله، ويكون من المتعين الالتفات عن هذا الوجه من أوجه الطعن.
ومن حيث إن ما أثارته هيئة قضايا الدولة في طعنها من أن القرار الجمهوري رقم 128 لسنة 1960 تضمن العفو عن باقي العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة، وأن مقتضى ذلك أن العفو لا يرد إلا على ما لم ينفذ من عقوبات وبالتالي فإن تنفيذ القرار الجمهوري المشار إليه لا يمس ما تمت مصادرته من أموال، فذلك كله مردود عليه بأن نطاق قرار العفو رقم 128 لسنة 1960 وفقاً لصريح نصه ينصرف إلى ما بقى من العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة التي لم يستكمل تنفيذها وكذلك إلى كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة على العقوبات المحكوم بها وهي جميعاً عقوبات لها سماتها الخاصة وإن سميت بالمسميات الواردة في قانون العقوبات، وغنى عن البيان أن الآثار في هذا الصدد تختلف عن العقوبات التبعية وتنصرف إلى كافة ما يترتب على الحكم ولو لم يصدق عليه وصف العقوبة وإلا لما حرص قرار العفو على النص على الآثار جنباً إلى جنب مع العقوبات التبعية.
ومن حيث إن عقوبة المصادرة بوصفها إحدى العقوبات المحكوم بها على ورثة المطعون ضدهم قد ترتب عليها أيلولة الأموال المصادرة إلى الدولة، وقد ظلت هذه العقوبة منتجة لآثارها فيما يتعلق بالملكية إلى تاريخ صدور قرار العفو المشار إليه، ومن ثم فإن العفو وقد انصب على هذه الآثار يستتبع رد أمولهم إزالة لهذا الأثر نزولاً على أحكام ذلك القرار.
وتأسيساً على ذلك - وهو ذات ما كانت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع قد أفتت به - فإن مقتضى تنفيذ قرار العفو هو رد ما بقى من أموال المعفو عنهم - ومن بينهم مورثة المطعون ضدهم التي آلت إلى الدولة بمقتضى حكم المصادرة وكذلك ما استحق من ريع وثمار من تاريخ صدور قرر العفو وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون صحيحاً ومتفقاً مع القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما أثارته الشركة الطاعنة في طعنها رقم 2091 لسنة 32 ق من أن الحكم المطعون فيه أغفل الفصل في قرار رئيس الجمهورية رقم 1608 لسنة 1969 - وهو القرار الصادر بنقل الملكية الباخرة إلى وزارة السياحة التي قررت نقلها فيما بعد إلى الشركة الطاعنة - مما يجعل قضاء الحكم بالريع يكون على غير أساس، فذلك مردود عليه بأن المطعون ضدهم - وقد تسلموا الباخرة فعلاً - عدلوا طلباتهم إلى المطالبة برد ريع الباخرة في الفترة من تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 128 لسنة 1960 حتى تاريخ تسليم الباخرة إليهم ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد التزم بصحيح طلبات المطعون ضدهم المعدلة فإنه يكون صحيحاً.
ومن حيث إنه لا وجه لما تثيره الشركة الطاعنة من أن حيازتها للباخرة كانت بسبب صحيح وبحسن نية - ذلك أنه بصدور القرار رقم 128 لسنة 1960 فقد آلت الأموال المصادرة - ومن بينها الباخرة سودان محل النزاع إلى مالكتها الأصلية مورثة المطعون ضدهم ومن ثم فإنه لا يجوز بعدئذ نزع الملكية من مالكها إلا وفق القواعد القانونية المنظمة لنزع الملكية وبمراعاة الإجراءات المقررة في ذلك ومن ثم فإنه بصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 1608 لسنة 1969 يكون قد أعاد الاستيلاء على الباخرة المشار إليها ومصادرتها بالمخالفة لأحكام الدستور القائم وقت صدور هذا القرار والذي كانت المادة 16 منه تنص على أن "الملكية الخاصة مصونة وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة"، وبالمخالفة أيضاً لحكم المادة 805 من القانون المدني التي تنص على أنه "لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي رسمها، ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل" وبالتالي فإن قرار رئيس الجمهورية رقم 1608 لسنة 1969 لا يشكل في حقيقة الأمر سبباً صحيحاً يمكن أن تستند إليه في حيازتها للباخرة المشار إليها، ومن وجه آخر فإن أموال شركات القطاع العام هي في حقيقتها أموال مملوكة للدولة، وأن إدارة تلك الشركات للمال المملوك للدولة إنما تكون في النهاية لحساب الدولة، وبالتالي فإن صدور قرار بنقل ملكية الباخرة إلى إحدى شركات القطاع العام (الشركة الطاعنة) بذات الأداة التي سبق أن أصدرت القرار رقم 128 لسنة 1960 والذي كان من بين آثاره العفو عن باقي العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة والعقوبات التبعية المترتبة عليها، ما يدل دلالة واضحة على انتفاء حسن النية، كما أن ظروف نقل ملكية الباخرة سودان إلى الشركة الطاعنة، وعدم مراعاة الإجراءات القانونية لنقل ملكية البواخر النيلية، وعدم النص على مقابل نقل الملكية كل ذلك من شأنه أن ينفي حسن النية في جانب الشركة الطاعنة، الأمر الذي يخلص منه إلى أن حيازة الباخرة سودان لم تكن مستندة على سبب صحيح وبحسن نية ومن ثم فلا وجه لتمسك الشركة الطاعنة بحكم المادة 978 من القانون المدني، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون مراعياً للتطبيق القانوني الصحيح.
ومن حيث إنه فيما أثارته الشركة الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه خالف حكم المادة 178 من القانون المدني التي تنص على سقوط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد، وأن المطعون ضدهم علموا بالقرار رقم 802 لسنة 1960 في مايو سنة 1971 فإن آخر ميعاد لرفع الدعوى يكون مايو سنة 1974 وإذ أقام المطعون ضدهم دعواهم في 1/ 11/ 1974 فإنه كان يتعين الحكم بسقوطها، فالثابت من الأوراق أن مورثة المطعون ضدهم لا تسري في شأنها قواعد استرداد ما دفع بغير حق، التي تستلزم أن يكون المالك بنفسه هو الذي سلم الشيء إلى الحائز معتقداً أنه هو المالك، ذلك أن مورثة المطعون ضدهم لم تقم بتسليم الباخرة سودان إلى الدولة أو إلى الشركة الطاعنة، ومن ناحية أخرى فإن الأوراق تخلو من تاريخ معين بذاته - بعد قيام ثورة التصحيح في 15 مايو سنة 1971 - علم فيه المطعون ضدهم بأن قراراً كان قد صدر برقم 128 لسنة 1960 بالعفو عن باقي العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة والعقوبات التبعية وكافة الآثار المترتبة عليها حتى يمكن القول بأنه قد سقط حق المطعون ضدهم في إقامة الدعوى في مايو سنة 1974 فإذا كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم - بعد أن تحقق علمهم اليقيني بالقرار المشار إليه - أقاموا دعواهم رقم 5769 في 2/ 9/ 1975 أمام محكمة الأمور المستعجلة بطلب فرض الحراسة على الباخرة ثم أقاموا الدعوى المدنية رقم 3850 لسنة 1976 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب رد الباخرة وقبض ريعها وثمارها (وهي الدعوى التي أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري) فإن الحق في استرداد ريع الباخرة لا يكون قد لحقه السقوط، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد استقام على صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن ما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه من أنه اعتمد على ما جاء بتقرير الخبير رغم ما شاب هذا التقرير من أخطاء لعدم حسابه مصاريف الإصلاح التي أنفقتها الشركة على الباخرة قبل تعطلها فضلاً عن عدم انتقال الخبير إلى مقر الشركة الحقيقي واطلاعه على الدفاتر فالثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة - بعد أن ورد لها تقرير الخبير الأصلي وما تلاه من مذكرات تعقيباً على ما جاء به قررت المحكمة إعادة الدعوى مرة أخرى إلى مكتب خبراء وزارة العدل لإعادة بحث المأمورية على ضوء المستندات والأوراق المقدمة من طرفي النزاع بعد إعداد وإيداع التقرير الأصلي، وقد أودع مكتب الخبراء المشار إليه تقريراً تكميلياً على نحو ما هو ثابت بالأوراق والذي على ضوئه صدر الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يجعل نعي الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه فيما يتعلق باعتماده على تقرير الخبير، بذات الأسباب التي سبق أن أبدتها الشركة وأيضاً الجهة الإدارية أمام محكمة القضاء الإداري، يكون غير جدير بالالتفات إليه أو الوقوف عنده.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد استقام على صحيح حكم القانون ويغدو الطعن عليه فاقداً للأساس الصحيح.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن رقم 4038 لسنة 33 ق عليا شكلاً وألزمت الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق (إيجوث) الطاعنة المصروفات، وبقبول الطعنين رقمي 2091، 2116 لسنة 32 ق شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.


[(1)] راجع الحكم الصادر بجلسة 28/ 11/ 1993 في الطعن رقم 1890 لسنة 32 بشأن تكييف الامتناع عن تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960.