مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1993 إلى أخر فبراير سنة 1994) - صـ 513

(48)
جلسة 26 من ديسمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: جودة فرحات، وعادل محمود فرغلي، والسيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1256 لسنة 33 القضائية

استيراد وتصدير - الطبيعة القانونية للموافقات الاستيرادية.
المادة الأولى من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير.
المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 1036 لسنة 1978 باللائحة التنفيذية الملغاة للقانون المذكور تعتبر الموافقات الاستيرادية أحد الإجراءات التي يتعين على المستورد أن يستوفيها قبل إبرام الاستيراد وفتح الاعتمادات المالية الخاصة بالسلع المستوردة - تسقط الموافقات إذا لم يتم سداد التأمين النقدي لدى البنك عن الرسالة المطلوب استيرادها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الموافقة - الموافقة لا ترتب بذاتها لصاحبها مركزاً قانونياً نهائياً ونافذاً في استيراد السلع الصادرة عنها - يجوز لوزير الاقتصاد إذا طرأ بعد صدور الموافقة وقبل فتح اعتماداتها تغيير في خطة الدولة للاستيراد أو في أوضاع الموازنة النقدية ما من شأنه تغيير أسس نظام الاستيراد وقواعده أن يتخذ ما يراه من قرارات في شأن الموافقات الاستيرادية السابقة في ضوء المتغيرات الجديدة دون أن يكون لأصحاب هذه الموافقات التحدي بفكرة الحق المكتسب أو المركز القانوني المستقر - يختلف الأمر بالنسبة للموافقات الاستيرادية التي تم تنفيذها بالتعاقد على السلع المستوردة وفتح الاعتمادات المستندة اللازمة - أساس ذلك: أنه في الحالة الأخيرة نشأ لصاحب الموافقة الاستيرادية مركز قانوني ذاتي لا يجوز إهداره - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ السبت 7/ 3/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1256 لسنة 33 ق عليا، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 22/ 1/ 1987 في الدعوى رقم 2751 لسنة 39 ق المرفوعة من المطعون ضده ضد الطاعنين فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه الصادر من مصلحة الجمارك بعدم الإفراج عن سيارة النقل المقدم عنها شهادة الإجراءات رقم 1889 (م. س) بتاريخ 14/ 8/ 1985 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن والحكم بقبول الطعن شكلاًً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 4/ 1/ 1993 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" وعين لنظره أمامها جلسة 14/ 2/ 1993 وتدوول نظره، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين لمحاضر الجلسات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 9/ 9/ 1985 أقام/ ........ الدعوى رقم 2751 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ضد: 1 - رئيس مصلحة الجمارك. 2 - وزير المالية. 3 - وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وطلب في ختام عريضتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء المنشور الاستيرادي رقم 162 الصادر في 23/ 4/ 1985 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وقال شرحاً للدعوى أنه بتاريخ 15/ 2/ 1984 حصل المدعي على موافقة باستيراد عشر سيارات نقل مستعملة طبقاً للقرار الوزاري رقم 15 لسنة 1980 وقام في ذات التاريخ بفتح الاعتماد المستندي رقم 1048 لدى البنك العربي المحدود بمبلغ أربعمائة ألف مارك ألماني وحول المبلغ للمورد بالخارج واستلمه فعلاً وأصبح من حق المدعي استخدام الاعتماد حتى نفاذ الكمية المفتوح بها، وكان قد فتح اعتمادين سابقين الأول برقم 108267 بتاريخ 17/ 3/ 1983 بمبلغ مائة ألف مارك ألماني لدى بنك الاعتماد والتجارة لاستيراد عشرين سيارة نقل استورد منها خمس عشرة سيارة والاعتماد الثاني بمبلغ مائتين وخمسين ألف مارك ألماني وبرقم 107750 لاستيراد خمس سيارات بقيت منها سيارة واحدة وذلك بعد أن حصل على الموافقات الاستيرادية اللازمة، وبتاريخ 13/ 8/ 1985 وصلت إحدى سيارات النقل المدفوع ثمنها في الخارج وهي سيارة مرسيدس مستعملة موديل عام 1981 وقدم عنها شهادة الإجراءات الجمركية رقم 1889 م. س، كما قدم طلباً إلى لجنة سيارات النقل بمصلحة الجمارك للموافقة على خصمها من قيمة الاعتماد المستندي رقم 1048 لسنة 1984 المشار إليه والصادر من البنك العربي المحدود بتاريخ 15/ 2/ 1984 فرفض المسئولون بالمصلحة الإفراج عن السيارة استناداً إلى ما جاء بمنشور وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 162 المبلغ إلى مصلحة الجمارك بتاريخ 23/ 4/ 1985 والذي يقضي بأن السيارات الواردة على قوة اعتمادات مستندية سبق فتحها قبل 15/ 12/ 1984 تعد سارية بشرط ألا تزيد مدة فتح الاعتماد لهذه السيارات حتى تاريخ وصولها إلى الموانئ المصرية على سنة، وأضاف المدعي بأنه لما كان هذا المنشور مؤثراً على حقوق الأفراد فقد أقام الدعوى الماثلة طعناً عليه بالإلغاء لمخالفته لقانون الاستيراد والتصدير ولائحته التنفيذية حيث خلا كل منهما من أي نص يقضي بتحديد مدة معينة لتنفيذ قرارات الإذن بالاستيراد أو الاعتمادات المستندية، كما أن القرار الوزاري رقم 15 لسنة 1980 والذي سمح للقطاع الخاص بالاستيراد من الخارج عن طريق فتح الاعتمادات المستندة لدى المصارف لم ينص على تحديد مدة معينة للاستيراد أو للاعتماد وفضلاً عن ذلك فإن هذا المنشور جاء مخالفاً لتعليمات رئيس الجمهورية المبلغة إلى رئيس مصلحة الجمارك برقم 1066 بتاريخ 27/ 3/ 1985 والمسلمة إلى الإدارة برقم 478/ أ/ 2 في 28/ 3/ 1985 وتقضي هذه التعليمات بأن البضائع التي تم التعاقد عليها قبل 5/ 1/ 1985 وهو تاريخ صدور القرار الوزاري رقم 6 لسنة 1985 لا يتم عرضها على الترشيد، أي يسمح باستيرادها كما كان الحال وقت التعاقد عليها دون عرضها على لجان الترشيد، وقد حدد منشور مصلحة الجمارك رقم 2545 الصادر في 7/ 4/ 1985 مفهوم التعاقد بأنه فتح الاعتماد المستندي عن الرسالة، والمقصود بالبضائع التي يتم الإفراج عنها هي تلك التي لم تكن تعرض على لجنة ترشيد الاستيراد قبل صدور القرارات الاقتصادية رقم 514 لسنة 1984 ورقم 6 لسنة 1985 وتشمل وسائل النقل بأنواعها، واستطرد المدعي قائلاً بأن القرار المطعون فيه خالف قاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية لسريانه على الاعتمادات المستندية التي سبق فتحها قبل 15/ 12/ 1984 وفي هذا مساس بالحقوق المكتسبة للأفراد في حين أن قرارات الإذن بالاستيراد صدرت صحيحة في ظل لائحة لم تشترط مدة معينة وكان الخصم على الاعتمادات المستندية المتصلة بها جائزاً بصرف النظر عن المدة، وبناء على ذلك فتحت الاعتمادات المستندية لدى البنوك وسددت قيمة السيارات من خلالها إلى البائعين في الخارج وقد نفذت تلك القرارات جزئياً باستيراد عدد من السيارات وبذلك يكون المنشور الوزاري الذي يحظر استيراد السيارات التي مضى على فتح اعتمادها أكثر من سنة قد تضمن سحباً جزئياً لقرارات الإذن بالاستيراد السابق صدورها والقاعدة إنه لا يجوز سحب القرارات الإدارية الفردية التي تولد حقوقاً مكتسبة إلا إذا كانت معيبة وأن يتم السحب خلال مدة الطعن القضائي والثابت أن الاعتمادات المستندية التي قام بفتحها لاستيراد السيارات لا تزال صحيحة وسارية المفعول ويمكن الخصم عليها طبقاً للقانون، وقد قام بدفع ثمنها بالكامل من خلال تلك الاعتمادات مقابل إيصالات من الموردين تنفيذاً للتعليمات المتفق عليها بين البنوك وفاتحي الاعتمادات ولا يلزم الموردون مقابل ذلك إلا بتوريد باقي السيارات محل التعاقد، اختتم المدعي عريضة الدعوى بالطلبات المشار إليها وقدم المدعي حافظتي مستندات، كما قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت في ختامه الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من لجنة سيارات النقل بعدم الموافقة على الإفراج عن باقي سيارات النقل بالخصم من قيمة الاعتمادات المستندية الصادرة للمدعي قبل 15/ 12/ 1984 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وبتاريخ 11/ 6/ 1986 قدم……. طلب تدخل انضمامي إلى المدعي في طلباته عرض على رئيس المحكمة فأشر عليه في ذات التاريخ بقيده وإرفاقه بملف الدعوى. وقدمت مصلحة الجمارك كتابها المؤرخ 10/ 1/ 1986 متضمناً ردها على الدعوى.
وبجلسة 22/ 1/ 1987 قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، أولاً: بعدم قبول تدخل..........، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من مصلحة الجمارك بعدم الإفراج عن سيارة النقل المقدم عنها شهادة الإجراءات الجمركية رقم 1889 م. س بتاريخ 14/ 8/ 1985 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن ما يستهدفه المدعي بحسب التكييف القانوني الصحيح هو الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مصلحة الجمارك بعدم الإفراج عن سيارات النقل المشار إليها استناداً إلى المنشور الاستيرادي الصادر من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية والمبلغ إلى مصلحة الجمارك بتاريخ 23/ 4/ 1985 وأن الدعوى إذ هي صالحة للفصل في موضوعها فلا وجه للفصل في طلب وقف التنفيذ وأضافت المحكمة بأن مثار النزاع ينحصر فيما إذا كان من الجائز قانوناً لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أن يحدد مدة معينة لصلاحية الاعتمادات المستندية التي تم فتحها استناداً إلى الموافقات الاستيرادية وذلك بالنظر إلى التفويض الصادر إليه من المشرع بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير بتحديد الإجراءات والقواعد التي تنظم عمليات الاستيراد وأضافت المحكمة أنه استناداً إلى هذا التفويض أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية القرار رقم 1036 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير وقد خلت من نص يحدد مدة معينة لصلاحية الاعتمادات المستندية التي تفتح بناء على الموافقات الاستيرادية سوى ما جاء بالفقرة (ب) من المادة الثامنة والتي يبين منها أنها تنظم كيفية فتح الاعتماد بناء على صدور الموافقة الاستيرادية وتحديد مدة صلاحية الموافقة الاستيرادية لفتح الاعتماد تنتهي بانتهاء السنة المالية المخصوم على حصتها المقررة بالموازنة النقدية وكذلك فترة صلاحية الموافقات الاستيرادية الصادرة من لجنة الترشيدات وفروعها لإمكان فتح الاعتماد وهي ستة أشهر من تاريخ صدورها دون أن يتضمن ذلك المساس بالاعتمادات التي تم فتحها فعلاً وفقاً لحكم هذا النص وهو الأمر الذي يخرج عن حدود المسائل التي فوض فيها وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، ذلك أن التصدي من جانبه بتحديد مدة صلاحية الاعتمادات التي سبق فتحها بناء على موافقات استيرادية إنما يكون في واقع الأمر فرضاً لقيد على عملية الاستيراد لا يجوز فرضه إلا بنص في قانون الاستيراد، ومن المبادئ المقررة أنه يشترط لصحة صدور اللوائح والقرارات التي تصدر منفذة للقانون ألا تكون مخالفة لقواعده أو أن تضيف إليه جديراً أو تعدل في أحكامه وإلا أصبحت معيبة، وخلصت المحكمة إلى أنه متى كان الثابت أن قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية المبلغ إلى مصلحة الجمارك بتاريخ 23/ 4/ 1985 قد حظر التخصيم على الاعتمادات المستندية التي مضى على فتحها أكثر من عام وقد صدر القرار المطعون فيه من مصلحة الجمارك بعدم الإفراج عن سيارة النقل المقدم عنها شهادة الإجراءات الجمركية رقم 1889 (م. س) بتاريخ 14/ 8/ 1985 استناداً إلى قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية المشار إليه فإن هذا القرار يكون مخالفاً للقانون لاستناده إلى قاعدة تنظيمية صدرت بالمخالفة لصحيح حكم القانون لتجاوز وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية حدود السلطة المخولة بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير وذلك بتحديد الإجراءات التي تنظم عملية الاستيراد.
من حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك لأن المادة الأولى من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير ناطت بوزير التجارة إصدار القرارات الخاصة بتحديد الإجراءات والقواعد التي تنظم عمليات الاستيراد، واستناداً إلى ذلك أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية القرار رقم 1036 لسنة 1978 والذي نصت المادة الثامنة منه على أن تكون الموافقة الاستيرادية المستند الأساسي لفتح الاعتماد ويلتزم البنك المركزي المصري والبنوك التجارية المعتمدة المختصة بعدم فتح اعتمادات تزيد على الحصة المبلغة لها فتكون الموافقة الاستيرادية الصادرة خصماً من حصة نقدية صالحة لفتح الاعتمادات اعتباراً من تاريخ صدورها وتنتهي صلاحيتها لفتح الاعتماد بانتهاء السنة المالية المخصومة من حصتها بالموازنة النقدية، مما مفاده أن صلاحية الاعتماد المستندي تنتهي بمضي سنة على فتحه وهو ما أكده وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وفقاً للصلاحية المخولة له بالقانون رقم 118 لسنة 1975 في المنشور رقم 162 والذي حدد مواعيد السيارات الواردة على قوة الاعتمادات المستندية السابق فتحها قبل 15/ 12/ 1984 إذ اعتبر تلك الاعتمادات سارية بشرط ألا تزيد مدة فتح الاعتماد لهذه السيارات في تاريخ وصولها إلى المواني المصرية على سنة وإذ كان ذلك وكان الاعتماد المستندي الذي فتحه المطعون ضده مؤرخ في 15/ 2/ 1984 فإن صلاحيته تنتهي في 15/ 2/ 1985 وإذ الثابت أن السيارة النقل محل المنازعة وردت إلى الميناء المصري في 13/ 8/ 1985 أي بعد انتهاء صلاحية الاعتماد المستندي ومن ثم يكون القرار الصادر من مصلحة الجمارك بعدم الإفراج عن السيارة سليماً متفق وصحيح حكم القانون ولا مطعن عليه ويكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب قد خالف القانون وأخطأ تطبيقه وتأويله.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير تنص على أن "يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص وذلك وفق أحكام الخطة العامة للدولة وفي حدود الموازنة النقدية السارية، وللأفراد حق استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصي أو الخاص من مواردهم الخاصة، وذلك مباشرة أو عن طريق الغير، ويصدر وزير الاقتصاد التجارة الخارجية قراراً بتحديد الإجراءات والقواعد التي تنظم عمليات الاستيراد. ولوزير الاقتصاد التجارة الخارجية أن يقصر الاستيراد من بلاد الاتفاقيات وكذا استيراد بعض السلع الأساسية على جهات القطاع العام" وأن المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 1036 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير (الملغاة) والتي صدر القرار الطعين في ظل العمل بها كانت تنص على أن "يكون استيراد احتياجات البلاد والأفراد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص.. بشرط الحصول على الموافقة الاستيرادية أو بدونها في الأحوال المقررة لذلك والممول عن طريق الموازنة النقدية بحصص محدودة أو من السوق الموازية أو من الموارد الخاصة - أي بدون تحويل عملة ووفقاً لأحكام الخطة العامة للدولة وطبقاً للأحكام والقواعد الواردة بهذه اللائحة.." ومفاد ذلك وفق ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الاستيراد والتصدير وهما من المقومات الرئيسية للتجارة الخارجية يهيمن على التنظيم القانوني لهما أحكام الخطة العامة للدولة ونظامها الاقتصادي وأوضاعه الموازنة النقدية السارية، ولذلك خول المشرع الوزير المختص (وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية) سلطة واسعة في تحديد الأنظمة والإجراءات والقواعد التي تنظم عمليات الاستيراد بما في ذلك جواز قصر الاستيراد من بلاد الاتفاقيات أو قصره على جهات القطاع العام أو حظر استيراد سلع معينة أو اشتراط الحصول على موافقات مسبقة من جهات أو لجان تحددها تلك القواعد، وهذه الموافقات الاستيرادية لا تعدو أن تكون إجراء من بين الإجراءات العديدة التي يتعين على المستورد أن يستوفيها قبل إبرام الاستيراد وفتح الاعتمادات المالية الخاصة بالسلع المستوردة آية ذلك أن الموافقات الاستيرادية التي تصدرها لجان الترشيد طبقاً لما تنص عليه قواعد الاستيراد تسقط إذا لم يتم سداد التأمين النقدي لدى البنك عن الرسالة المطلوب استيرادها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الموافقة الأمر الذي يفيد أن هذه الموافقة لا ترتب بذاتها لصاحبها مركزاً قانونياً نهائياً ونافذاً في استيراد السلع الصادرة عنها، وإنما يجوز لوزير الاقتصاد التجارة الخارجية باعتباره الجهة المختصة التي خولها المشرع تنظيم الاستيراد وتحديد قواعده إذا ما طرأ بعد صدور الموافقة وقبل فتح اعتماداتها تغيير في خطة الدولة للاستيراد أو في أوضاع الموازنة النقدية ما من شأنه تغيير في أسس نظام الاستيراد وقواعده يجوز له أن يتخذ ما يراه من قرارات في شأن الموافقات الاستيرادية السابقة في ضوء المتغيرات الجديدة دون أن يكون لأصحاب هذه الموافقات التحدي بفكرة الحق المكتسب أو المركز القانوني المستقر، إلا أن الأمر يختلف إذا ما تم تنفيذ الموافقات الاستيرادية بالتعاقد على السلع المستوردة وفتح الاعتمادات المستندية اللازمة إذ ينشأ بذلك لصاحب الموافقة الاستيرادية مركزاً قانونياً ذاتياً لا يجوز إهداره أو المساس به.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم فإن الثابت من الأوراق أن السيارة النقل موضوع النزاع الماثل والمقدم عنها شهادة الإجراءات الجمركية رقم 1889 (م. س) بتاريخ 13/ 8/ 1985 صدرت الموافقة الاستيرادية وتم فتح الاعتماد المستندي لها ضمن عشر سيارات نقل مستعملة برقم 1048 لدى البنك العربي المحدود بتاريخ 15/ 2/ 1984 وحول المبلغ إلى المورد الألماني في الخارج واستلمه على النحو المبين في معرض تحصيل الوقائع ولم تدحضه الجهة الإدارية، وإذ أصدرت مصلحة الجمارك قرارها المطعون فيه بحظر الإفراج عن السيارة استناداً إلى ما جاء بكتاب وزارة الاقتصاد المؤرخ في 23/ 4/ 1985 من أن السيارات الواردة على قوة اعتمادات مستندية سبق فتحها قبل 15/ 12/ 1984 تعد سارية بشرط ألا تزيد مدة فتح الاعتماد لهذه السيارات حتى تاريخ وصولها إلى المواني المصرية عن سنة فإن القرار المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون لاستناده إلى قاعدة تنظيمية صدرت بالمخالفة لصحيح حكم القانون لما تنطوي عليه من المساس بالحقوق المكتسبة والمراكز القانونية المستقرة الأمر الذي يتعين معه إلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ولا ينال من ذلك ما تنص عليه الفقرة (ب) من اللائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير الصادرة بالقرار الوزاري رقم 1036 لسنة 1978 من أن "تكون الموافقة الاستيرادية المستند الأساسي لفتح اعتماد وتكون الموافقة الاستيرادية الصادرة خصماً من حصة نقدية صالحة لفتح الاعتماد اعتباراً من تاريخ صدورها وتنتهي صلاحيتها لفتح الاعتماد بانتهاء السنة المالية المخصومة على حصتها المقررة بالموازنة النقدية...." لأن الأمر يتعلق بتحديد مدة صلاحية الموافقة لفتح الاعتمادات فتظل الصلاحية قائمة لحين انتهاء السنة المالية المخصومة على حصتها المقررة بالموازنة النقدية ولا يمتد ذلك إلى مدة صلاحية الاعتماد الذي يتم فتحه خلال المدة المقررة لصلاحية الموافقة الاستيرادية.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه، وقد انتهى في منطوقه إلى ذات النظر المتقدم فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعنين المصروفات.