مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 161

(18)
جلسة 7 من نوفمبر سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد عبد الرحمن سلامة وسعيد أحمد محمد حسين برغش وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3486 لسنة 39 قضائية عليا

أجانب - منح حق الإقامة - سلطة إبعاد الأجانب - ضوابطها.
المواد 16 و17 و18 و19 و20 و25 و29 من القانون رقم 89 لسنة 1960 في شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي الجمهورية والخروج منها.
غاير المشرع في الحكم والشروط بين منح الأجانب حق الإقامة الخاصة أو الإقامة العادية أو الإقامة المؤقتة - يعتبر صاحب إقامة مؤقتة كل من لا تتوافر في شأنه الشروط المتطلبة لمنح الإقامة الخاصة أو العادية - منح المشرع وزير الداخلية سلطة تقديرية في إبعاد الأجانب - لم يقيد هذه السلطة إلا بالنسبة لأصحاب الإقامة الخاصة - حدد المشرع الأسباب التي يجب أن يقوم عليها قرار الإبعاد الذي لا يصدر إلا بعد العرض على اللجنة المشكلة طبقاً للمادة 29 من القانون المذكور - تتمتع جهة الإدارة في ممارسة الإبعاد بالنسبة لأصحاب الإقامة المؤقتة بسلطة تقديرية واسعة - لا يحد منها أو يقيدها إلا أن يصدر القرار مشوباً بالتعسف في استعمال السلطة أو الانحراف بها - لا يجوز إبعاد الأجنبي من ذوي الإقامة الخاصة إلا إذا كان في إقامته ما يهدد أمن الدولة أو سلامة اقتصادها أو ينطوي على إخلال بالنظام العام أو الآداب العامة والصحة والسكينة العامة وغير ذلك من الاعتبارات التي ترى معها الإدارة إبعاد الأجنبي صاحب الإقامة المؤقتة بشرط أن يكون الإبعاد بعد العرض على اللجنة المشار إليها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 3/ 7/ 1993 أودع الأستاذ/ ....... المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3486 لسنة 39 ق. ع، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 8065 لسنة 44 ق بجلسة 4/ 5/ 1993 القاضي بعدم قبول الدعوى وإلزام رافعها المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إبعاد الطاعن الأول عن البلاد وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وتم إعلان الطعن على النحو الثابت بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 2/ 3/ 1998 حيث تداولت نظره بجلساتها إلى أن قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى - موضوع" لنظره بجلسة 10/ 8/ 1998، وقد نظرته هذه المحكمة إلى أن قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إنه عن واقعات الطعن فإنها تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 8065 لسنة 44 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طلبا في ختام صحيفتها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بإبعاد المدعي الأول من أراضي جمهورية مصر العربية وفي الموضوع بإلغاء القرار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعيان شرحاً للدعوى بأن المدعي الأول فلسطيني الجنسية وأقام في مصر إلى أن أتم دراسته الجامعية ثم تزوج من المدعية الثانية وأنجب منها أربعة أولاد وأقام معها بالمنزل رقم 52 شارع الرياض بقسم إمبابة ويحمل وثيقة سفر "لاجئ فلسطيني" صادرة من الجمهورية السورية ولديه تصريح إقامة خاصة بجمهورية مصر العربية، ويعمل وكيلاً للشيخ/ ........
وذكر المدعيان أنه في شهر مايو 1992 استدعى المدعي الأول لقسم مباحث أمن الدولة بالجيزة ثم أحيل إلى النيابة العامة التي أخلت سبيله لعدم ارتكابه لأية جريمة إلا أن مباحث أمن الدولة عمدت إلى استصدار قرار باعتقاله، ولما تظلم من هذا القرار لمحكمة أمن الدولة أمرت بالإفراج عنه ولكن وزير الداخلية اعترض على هذا القرار وتم رفض الاعتراض، ومع ذلك قامت الجهة الإدارية بإبعاده وترحيله عن البلاد وتم نقله إلى سجن الترحيل ثم إلى مطار القاهرة حيث سلم له جواز سفره على الطائرة المتجهة إلى دمشق.
ونعى المدعيان على القرار بمخالفته لأحكام القانون واتسامه بالتعسف في استعمال السلطة والانحراف بها.
وبجلسة 4/ 5/ 1993 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وإلزام رافعها المصروفات مستندة في ذلك إلى أن مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية ردت على الدعوى بأنه بتاريخ 19/ 7/ 1992 تم ترحيل المدعي إلى دمشق بعد أن أقر بتنازله عن إقامته بالبلاد وعلى ذلك لم يصدر قرار بإبعاده عن البلاد، وأن الحاضر عن المدعيين لم يبد اعتراضاً على هذا التنازل أو يقدم ما يناقضه، ومن ثم تكون دعوى وقف التنفيذ والإلغاء مفتقدة لمحلها وهو القرار الإداري الصادر عن السلطة المختصة مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها لانتفاء وجود هذا القرار.
ومن حيث إن مبنى الطعن على هذا الحكم يقوم على أنه خالف القانون لأسباب حاصلها:
1 - انعدام السبب الذي قام عليه قرار الإبعاد حيث لم ينسب للمدعي ارتكاب جريمة معينة، يؤكد ذلك قرار الإفراج عنه من النيابة العامة، ثم قرار الإفراج الصادر عن محكمة أمن الدولة ورفض المحكمة للاعتراض الذي تقدم به وزير الداخلية في هذا الشأن.
2 - التعسف في استعمال السلطة بإصرار جهة الإدارة على الإبعاد بعد أن تأكدت من عدم وجود اتهام يمكن نسبته إليه.
3 - عدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون عند اتخاذ قرار بالإبعاد حيث يتعين صدور هذا القرار من وزير الداخلية بعد العرض على لجنة خاصة مشكلة طبقاً للقانون.
4 - بطلان التنازل الصادر منه بشأن الإقامة حيث إنه كان وليد إكراه من جانب مباحث أمن الدولة.
واختتمت عريضة الطعن بالطلبات المذكورة.
ومن حيث إن المادة 16 من القانون رقم 89 لسنة 1960 في شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي الجمهورية والخروج منها تنص على أنه "يجب على كل أجنبي أن يكون حاصلاً على ترخيص بالإقامة، وعليه أن يغادر الجمهورية عند انتهاء مدة إقامته.......
وتنص المادة 17 على أن يقسم الأجانب من حيث الإقامة إلى ثلاث فئات: 1- أجانب ذوي إقامة خاصة. 2- أجانب ذوي إقامة عادية. 3- أجانب ذوي إقامة مؤقتة.
وأوردت المادتان 18 و19 من القانون الأحكام والشروط التي يجب توافرها لمنح الإقامة الخاصة أو العادية ثم نصت المادة 20 على أن الأجانب ذوي الإقامة المؤقتة هم الذين لا تتوافر فيهم الشروط السابقة. ويجوز منح أفراد هذه الفئة ترخيصاً في الإقامة مدة أقصاها سنة يجوز تجديدها.
كما نصت المادة 25 على أن لوزير الداخلية بقرار منه إبعاد الأجانب، ونصت المادة 26 على أنه لا يجوز إبعاد الأجنبي من ذوي الإقامة الخاصة إلا إذا كان في وجوده ما يهدد أمن الدولة أو سلامتها في الداخل أو في الخارج أو اقتصادها القومي أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو السكينة العامة أو كان عالة على الدولة بعد عرض الأمر على اللجنة المنصوص عليها في المادة 29 وموافقتها.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم من نصوص وأحكام أن المشرع قد غاير في الحكم والشروط بين منح الأجانب حق الإقامة أو الإقامة العادية أو الإقامة المؤقتة بحيث يعتبر صاحب إقامة مؤقتة كل من لا تتوافر في شأنه الشروط المتطلبة لمنح الإقامة الخاصة أو العادية، كما منح وزير الداخلية سلطة تقديرية في إبعاد الأجانب بقرار منه ولم يقيدها إلا بالنسبة لأصحاب الإقامة الخاصة حيث أوضح المشرع الأسباب التي يتعين أن يقوم عليها قرار الإبعاد الذي لا يصدر إلا بعد العرض على اللجنة المشكلة طبقاً للمادة 29 من القانون وموافقتها على الإبعاد وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن جهة الإدارة تتمتع في ممارسة الإبعاد بالنسبة لأصحاب الإقامة المؤقتة بسلطة تقديرية واسعة لا يحد منها أو يقيدها إلا أن يصدر القرار مشوباً بالتعسف في استعمال السلطة أو الانحراف بها وهي في ذلك تخضع لرقابة القضاء الإداري شأنها شأن ما يصدر عنها من قرارات إدارية مبنية على سلطة تقديرية - أما بالنسبة للأجنبي من ذوي الإقامة الخاصة فإنه لا يجوز إبعاده إلا إذا كان في إقامته ما يهدد أمن الدولة أو سلامة اقتصادها أو ينطوي على إخلال بالنظام العام أو الآداب العامة والصحة والسكينة العامة وغير ذلك من الاعتبارات التي ترى معها الإدارة إبعاد الأجنبي صاحب الإقامة المؤقتة على أن يكون الإبعاد بعد العرض على اللجنة المنصوص عليها في المادة 29 من القانون.
ومن حيث إنه بالاطلاع على ملف إقامة الطاعن الأول فإنه يبين منه أنه من أصحاب الإقامة المؤقتة التي تجدد سنوياً، وأنه فلسطيني الجنسية ومن مواليد دمشق ويحمل وثيقة سفر سورية ومتزوج من مصرية، إلا أنه أجريت تحريات بشأنه وتم ضبطه في محاولة استخراج عدد من رخص قيادة السيارات لبعض الأفراد في الخارج من ذوي النشاط الضار وذلك بمقابل مادي، ولما تم عرض أمره على النيابة العامة أخلت سبيله، فصدر قرار باعتقاله، وأفرجت عنه محكمة أمن الدولة بعد نظر تظلمه في 14/ 7/ 1992 إلا أن مباحث أمن الدولة طلبت من مصلحة وثائق السفر ترحيله خارج البلاد استناداً إلى ما تحرر منه من إقرار بتنازله عن الإقامة ورغبته السفر للخارج وقد تم ترحيله فعلاً في 19/ 7/ 1992.
ومن حيث إن الثابت من ملف إقامة الطاعن/ ....... أنه وقع تنازلاً عن إقامته بجمهورية مصر العربية.
ولما كان البادي مما سبق أن جهة الإدارة لم تصدر قراراً بإبعاد الطاعن وأنه كان يحمل إقامة مؤقتة تجدد سنوياً تتمتع جهة الإدارة بشأنها بسلطة تقديرية واسعة في اتخاذ قرار الإبعاد، إلا أنها قامت بترحيله استناداً لتنازله عن الإقامة حيث لا يجوز بقاؤه في البلاد بعد انتهاء مدة الإقامة أو التنازل عنها قبل انتهائها مما لا يجعل الحالة هذه مما يمكن وصفه بالإبعاد الذي يفترض فيه الوجود القانوني استناداً إلى إقامة ثابتة وقائمة معينة ويتطلب الأمر فيها صدور قرار من وزير الداخلية وأن الأمر لا يعدو أن يكون إجراء مادياً في صورة ترحيل من البلاد لعدم وجود إقامة قانونية للشخص المرحل، ولا يصل في مفهومه إلى ما يمكن اعتباره قراراً إدارياً صدر بشأنه ويستوجب الأمر فيه مراعاة ما نص عليه القانون بشأن حالات الإبعاد.
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري فإن يكون أصاب وجه الحق وصحيح حكم القانون ولا ينال منه ما ساقه الطاعن من أن التنازل الصادر منه كان وليد إكراه حيث لم يوجد دليل بالأوراق على صحة هذا الادعاء الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الطعن.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.