مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 199

(22)
جلسة 21 من نوفمبر سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودت عبد المقصود فرحات وسعيد أحمد محمد حسين برغش وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3550 لسنة 37 قضائية عليا

محال صناعية وتجارية - سلطة المحافظ في تعديل الجداول الخاصة بها - حذف بعض الأنشطة - أثره على الترخيص.
المادتان 2، 27 من قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979.
قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 بنقل بعض الاختصاصات إلى الحكم المحلي.
المواد 1، 2، 9، 12، 16 من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية.
تتولى وحدات الإدارة المحلية إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها - يتولى المحافظ جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزارة بمقتضى القوانين واللوائح - الاختصاصات التي كانت منوطة بوزير الشئون البلدية والقروية والذي حل محله وزير الإسكان فيما يتعلق بالمحال التجارية والصناعية والمحال العامة نقلت إلى وحدات الإدارة المحلية ويكون المحافظ هو السلطة المختصة في هذا الشأن - القرار الصادر من المحافظ بالإضافة أو الحذف أو النقل من جدول إلى آخر من الجداول المرفقة بقانون المحال التجارية والصناعية - سلطة المحافظ في هذا الشأن هي سلطة تقديرية واسعة لا يحدها سوى عيب الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها - لا وجه لإلزام جهة الإدارة بالإبقاء على محال معينة في الجدول متى ارتأت حذفها بما تجمع لديها من أدلة وأسباب سائغة تشير إلى ضرر استمرار هذه المحال في مباشرة نشاطها أو عدم حاجة المجتمع إليها أو ما تسببه من إخلال دائم بالنظام العام بعناصره الثلاثة وهي: الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة - حذف المحل من الجدول يجعل نشاطه بغير سند من القانون - مؤدى ذلك: يعتبر الترخيص ملغياً بقوة القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 22/ 7/ 1991 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن السيد/ محافظ بني سويف بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 3550 لسنة 37 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة الأفراد (ج) بجلسة 30/ 5/ 1991 في الدعوى رقم 1631 لسنة 43 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وانتهى تقرير الطعن - لما بني عليه من أسباب - إلى طلب وقف تنفيذ القرار رقم 275 لسنة 1988 وبقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة والتي قررت بجلسة 4/ 5/ 1998 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 14/ 6/ 1998 حيث نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن وآخرين أقاموا الدعوى رقم 660 لسنة 1988 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة بني سويف الابتدائية بتاريخ 12/ 9/ 1988 طالبوا في ختامها الحكم بعدم الاعتداد بالقرار رقم 2175 لسنة 1988 الصادر من محافظ بني سويف مع إلزام المدعى عليهم المصروفات والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، وقال المدعون شرحاً لدعواهم أن المدعى عليه الأول (محافظ بني سويف) أصدر بتاريخ 24/ 8/ 1988 القرار رقم 275 لسنة 1988 الذي قضى في مادته الأولى بحذف جميع المحال والمستودعات والمصانع الخاصة ببيع أو تصنيع المواد والمشروبات الكحولية والواردة بالقسم الأول والثاني من جداول المحال الصناعية والتجارية الواردة بالقانون رقم 453 لسنة 1954 وتضمن في المادة الثانية غلق جميع محلات ومصانع بيع المواد الكحولية الكائنة بدائرة المحافظة وإلغاء تراخيصها، وهو قرار مخالف لحجية الأحكام القضائية قد سبق صدور قرار محافظ بني سويف رقم 174 لسنة 1981 بغلق محلات المدعين لذات السبب وبذات مضمون القرار المطعون فيه فأقام الدعوى رقم 3999 لسنة 1981 مستعجل القاهرة بطلب الاعتداد بهذا القرار كما سبق أن أصدر المدعى عليه الأول القرار رقم 107 لسنة 1982 بغلق محلات ومستودعات المدعين فأقاموا الدعاوى أرقام 3726 لسنة 36، 4836 لسنة 36 ق، 5350 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري وصدر حكم بإلغاء القرار المطعون فيه وصار الحكم نهائياً، وأضاف المدعون أن القرار المطعون فيه خالف القانون رقم 453 لسنة 1954 الذي ناط بوزير الإسكان فقط سلطة تعديل الجدول الملحق به وبالتالي لا يجوز للمحافظ مباشرة هذا الاختصاص.
وبجلسة 28/ 11/ 1988 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة لنظرها، وبإحالة الدعوى إلى المحكمة الأخيرة قيدت برقم 1631 لسنة 43 ق وتدول نظرها بجلسات المحكمة وبجلسة 30/ 5/ 1991 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
وقد أسست المحكمة حكمها على أنه صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 في شأن نقل بعض الاختصاصات إلى الحكم الملحي ونص على أن تنقل إلى الوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها الاختصاصات التي تباشرها حالياً وزارة الإسكان وفقاً للقوانين المعمول بها في بعض المجالات ومنها المحال الصناعية والتجارية ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر من السلطة المختصة، وأضاف الحكم في استعراضه لمضار الخمور ونهي الشرائع السماوية عنها أن القرار قد صدر في حدود السلطة التقديرية وطبقاً لمقتضيات الصحة العامة والأمن العام وممن يملك إصداره دون شبهة انحراف.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون وانطوى على خطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
السبب الأول: بطلان القرار رقم 275 لسنة 1988 الصادر من محافظ بني سويف وانعدامه وهو ذات القرار رقم 107 لسنة 1982 السابق سواء من ناحية الشكل أو المضمون أو الهدف والذي قام المدعون بالطعن عليه بالدعوى 5350، 4836 لسنة 36 ق والذي قضت محكمة القضاء الإداري بإلغائه بتاريخ 26/ 5/ 1983 ولم يطعن في هذا الحكم وأصبح نهائياً.
السبب الثاني: صدور القرار من غير مختص بإصداره ذلك أن القانون رقم 453 لسنة 1954 أوكل إلى وزير الشئون البلدية والقروية الذي حل محله وزير الإسكان في أن يعدل بالإضافة أو الحذف أو النقل من أحد قسميه إلى القسم الآخر ولما كان هذا الاختصاص تشريعي صادر من السلطة التشريعية فلا يجوز للمحافظين ممارسته إلا بتشريع ولا يجوز الإنابة في ذلك إذ أن المشرع لم يجز هذه الإنابة.
السبب الثالث: مخالفة أحكام القانون 453 لسنة 1954 ذلك أن القانون قد نص على أن الرخص التي تصرف طبقاً لأحكامه دائمة ما لم ينص على توقيعها كما نص على حالات الغلق ولا يعد صدور حكم ألغته محكمة جنح مستأنف بني سويف في الدعوى 3979 لسنة 1988 سبباً في إهدار الأمن.
السبب الرابع: أن ما أوردته جهة الإدارة سبباً لقرارها وهو المحافظة على الأمن فإن أوراق الدعوى خالية بالنسبة إلى الطاعن من أن نشاطه المشروع قد تسبب في الإخلال بالأمن.
السبب الخامس: أن الحكم المطعون فيه قد استند إلى موقف الشريعة الإسلامية من تعاطي الخمور وقد استقر الرأي على أن القوانين التي تحمل شبهة مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية وتكون قد صدرت قبل الدستور الحالي يستمر العمل بها وأن الخطاب الوارد بالدستور بوجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية إنما هو خطاب موجه إلى المشرع دون غيره.
ومن حيث إن قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 ينص في مادته الثانية على أن "تتولى وحدات الإدارة المحلية في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها كما تتولى هذه الوحدات كل في نطاق اختصاصها جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها وذلك فيما عدا المرافق القومية...
وتباشر المحافظات جميع الاختصاصات المتعلقة بالمرافق العامة التي لا تختص بها الوحدات المحلية الأخرى، وتنص المادة (27) على أن "يتولى المحافظ بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التي تدخل في اختصاصات وحدات الإدارة المحلية وفقا لأحكام هذا القانون جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح...."
وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 في شأن نقل بعض الاختصاصات إلى الحكم المحلي ونص في المادة الأولى منه على أن "تنقل إلى الوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها الاختصاصات التي تباشرها حالياً وزارة الإسكان وفقاً للقوانين واللوائح والقرارات المعمول بها في المجالات الآتية:
- ......... - المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة....... - المحال العامة - .........".
ومن حيث إنه يبين من هذه النصوص أن المشرع قد قضى بأن تتولى وحدات الإدارة المحلية إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرة هذه الوحدات كما قضى بأيلولة جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح إلى هذه الوحدات وأيلولة الاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء إلى المحافظ المختص بالنسبة لجميع المرافق العامة التي تدخل في اختصاصات وحدات الإدارة المحلية وإعمالاً لنصوص قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 والذي نص على نقل اختصاصات وزارة الإسكان الواردة في بعض القوانين ومنها قانون المحال التجارية والصناعية وقانون المحال العامة إلى وحدات الإدارة المحلية. وعلى ذلك فإن الاختصاصات التي كانت منوطة بوزير الشئون البلدية والقروية والذي حل محله وزير الإسكان ومنها ما نص عليه في قانون المحال التجارية والصناعية وقانون المحال العامة تكون قد نقلت إلى وحدات الإدارة المحلية ويكون المحافظ المختص هو السلطة المختصة فيما أناطته تلك القوانين بوزير الشئون البلدية والقروية ومن بعده بوزير الإسكان وهو ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة (ينظر في ذلك الطعن رقم 1553 لسنة 44 ق عليا بجلسة 25/ 9/ 1999)، ومن ثم فإن القرار الصادر من المحافظ بالإضافة أو الحذف أو النقل من جدول إلى آخر من الجداول المرفقة بقانون المحال الصناعية والتجارية هو أمر يدخل في اختصاصه طبقاً للقانون كما يدخل أيضاً في اختصاصه حظر إقامة نوع من المحال في أحياء أو مناطق معينة.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 453 لسنة 1954 تنص على أن "تسري أحكام هذا القانون على المحال المنصوص عليها في الجدول الملحق بهذا القانون سواء أكانت منشأة من البناء أو الخشب أو الألواح المعدنية..... ولوزير الشئون البلدية والقروية بقرار يصدر منه أن يعدل في ذلك الجدول بالإضافة أو الحذف أو النقل من أحد قسميه إلى الآخر.
كما له بقرار يصدر منه أن يعين الأحياء أو المناطق التي يحظر فيها إقامة هذه المحال أو نوع منها".
وتنص المادة (2) على أن "لا يجوز إقامة أي محل تسري عليه أحكام هذا القانون أو إداراته إلا بترخيص بذلك.
وكل محل يقام أو يدار بدون ترخيص يغلق بالطريق الإداري أو يضبط إذا كان الإغلاق متعذراً وتنص المادة (9) على أن "الرخص التي تصرف طبقاً لأحكام هذا القانون دائمة ما لم ينص فيها على توقيتها..." وتنص المادة (12) على أنه "في حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام نتيجة لإدارة محل من المحال التي تسري عليها أحكام هذا القانون..... بناء على اقتراح فرع الإدارة الذي يقع في دائرته المحل إصدار قرار مسبب بإيقاف إدارة المحل كلياً أو جزئياً ويكون هذا القرار واجب النفاذ بالطريق الإداري وتنص المادة (16) على أن "تلغى رخصة المحل في الأحوال الآتية:
1- ....... 2- ....... 6- إذا أصبح المحل غير قابل للتشغيل أو أصبح في استمرار إدارته خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام يتعذر تداركه...".
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن المشرع قد حدد مدلول المحال الصناعية والتجارية التي يسري عليها أحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 والواردة في الجداول المرفقة به وأياً كان مواد إنشاء هذه المحال، وأجاز للوزير المختص (المحافظ) بقرار منه حق الإضافة لمحال لم يرد ذكرها في جداول المحال إلى قسم فيه، كما أجاز نقل فرع من المحال من قسم إلى آخر وأجاز له أيضاً حذف نشاط نوع معين من أنواع المحال من الجدول المرفق بالقانون بقسميه بحيث يغدو هذا النشاط غير جائز ممارسته وخارجاً عن نطاق تطبيق أحكام قانون المحال التجارية والصناعية، وأخيراً قرر المشرع حق المحافظ المختص أن يحدد أحياء أو مناطق يحظر فيها إقامة محال صناعية أو تجارية أو نوعاً أو أنواعاً معينة منها.
ومن حيث إن سلطة الوزير (المحافظ) المختص في إضافة نوع معين من أنواع المحال إلى أحد أقسام الجدول المرفق بالقانون أو نقل نوع من المحال إلى قسم آخر أو حذف محال معينة من الجدول المرفق بالقانون هي سلطة تقديرية واسعة لا يحدها قيد سوى عيب الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها إذ إن أمر تقدير حاجة المجتمع إلى الإقرار بنشاط اقتصادي معين وتنظيمه بإدراجه في الجدول المرفق بالقانون رقم 453 لسنة 1954 أو حذفه منه هو أمر موكول إلى جهة الإدارة بما يتجمع لها من عناصر تستخلص منها هذه الحاجة ومدى توافق هذا النشاط مع ظروف البيئة والمجتمع ومع التقاليد والقيم السائدة ولا معقب على قرار جهة الإدارة في هذا الشأن إلا إذا ثبت من الأوراق أن جهة الإدارة قد تغيت غاية لا تمت إلى المصلحة العامة بصلة ولا وجه لإلزام جهة الإدارة إلى الإقرار بنشاط وإدراجه في الجدول المرفق بالقانون ما دامت أنها ارتأت بصلاحياتها وسلطتها التقديرية عدم لزوم هذا الإدراج أو عدم ملائمة النشاط للبيئة أو تعارض النشاط مع قيم وتقاليد المجتمع كما لا وجه لإلزام جهة الإدارة بالإبقاء على محال معينة في الجدول المذكور متى ارتأت حذفه بما تجمع لها من أدلة وأسباب سائغة تشير إلى ضرر استمرار هذه المحال في مباشرة نشاطها أو عدم حاجة المجتمع إليها أو ما تسببه هذه المحال من إخلال دائم بالنظام العام أو مدلولاته الثلاثة الأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار الصادر من محافظ بني سويف برقم 275 لسنة 1988 قد نص في مادته الأولى على أن تحذف جميع المحال والمستودعات والمصانع والمعامل الخاصة ببيع أو تصنيع المواد والمشروبات الكحولية والواردة بالقسم الأول والثاني من جدول المحال الصناعية والتجارية، وقد صدر هذا القرار لما ثبت لمصدره من تفشي ظاهرة شرب الخمر وخروج السكارى وهم يترنحون في الشوارع متلفظين بألفاظ نابية وما ترتب على ذلك من إثارة مشاعر المواطنين وحدوث مصادمات ومشاجرات، وكان هذا القرار يتمشى مع توصية سابقة للمجلس الشعبي المحلي لمحافظة بني سويف ومع ما نص عليه الدستور من أن الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع ومع ما تقرر الشرائع السماوية من تحريم وكراهية للخمر لما تؤدي إليه من مفاسد وتغيب للعقل، فإن القرار في هذا الشق يكون قائماً على سبب مشروع ومصادفاً لصحيح حكم القانون وفي حدود السلطة التقديرية المخولة لمحافظ بني سويف ويكون النعي عليه بعدم المشروعية لا أساس ولا سند له من القانون.
ومن حيث إنه عن الشق الثاني من القرار المطعون فيه بغلق جميع المحال ومصانع بيع وتصنيع المواد الكحولية بدائرة المحافظة وإلغاء تراخيصها، فإن القرار في هذا الشق يعد في حقيقته أثراً مترتباً على الشق الأول منه والقاضي بحذف محال بيع وتصنيع الخمور من الجدول المرفق بالقانون رقم 453 لسنة 1954 إذ إنه بمجرد حذف محال بيع وتصنيع الخمور من الجدول المذكور فإن ممارسة النشاط يكون مفتقداً لأي سند قانوني ويكون الترخيص ملغياً بقوة القانون إذ لا يجوز الترخيص بمحال صناعية أو تجارية إلا إذا كانت من عداد المحال الواردة بالجدول المرفق بالقانون المذكور.
ولا وجه لإثارة ما نصت عليه المادتان 12، 16 من حالات للغلق أو سحب الترخيص وعدم قيام حالة الخطر الداهم المبرر للغلق أو سحب الترخيص في النزاع الماثل - ذلك أنه بصرف النظر عن قيام الخطر الداهم أو عدم قيامه - فإن النظر في إعمال أحكام هاتين المادتين ومدى توافر شروطهما في حالة معينة.
وكذا الاحتجاج بنص المادة (9) التي تقضي بأن الرخص التي تصرف طبقاً لأحكام القانون دائمة منوطة بأن يكون المحل هو من المحال الصناعية والتجارية المدرجة في الجدول الملحق بالقانون رقم 453 لسنة 1954 والجائز الترخيص بمثله من محال وهو أمر لا يتوافر في النزاع الماثل.
كما لا يجوز الاحتجاج بسبق صدور حكم من محكمة القضاء الإداري في الدعاوى أرقام 4836، 3726، 5350 لسنة 36 ق بإلغاء قرار محافظ بني سويف الصادر في 4/ 5/ 1992 والذي تضمن ذات الأحكام المنصوص عليها في القرار المطعون فيه وأن الطاعن في الطعن الماثل هو أحد المدعين في الدعاوي المشار إليها، ذلك أن الاحتجاج بحجة الحكم الصادر في الدعاوى المشار إليها لا يكون إلا في حالة ثبات وعدم تغير الظروف التي صدر في ظلها القرار المطعون فيه، والثابت من الأوراق أن شرب الخمر في الفترة من تاريخ صدور حكم القضاء الإداري حتى صدور القرار المطعون فيه في الطعن الماثل قد تفشت ونتج عنها مشاحنات ومشاجرات وأصبحت المطالبة بالتصدي لها مطلباً شعبياً يبرر لجهة الإدارة إصدار قرار جديد بحذف نشاط بيع وتصنيع الخمور دون الاحتجاج بحجية حكم سابق قضى بإلغاء قرار سابق لمحافظ بني سويف.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر صحيحاً غير مشوب بعيب من عيوب عدم المشروعية ويكون الحكم المطعون فيه وإذ قضى برفض الدعوى قد صادف صحيح حكم القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.