مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1993 إلى أخر فبراير سنة 1994) - صـ 593

(57)
جلسة 8 من يناير سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، والسيد محمد العوضي، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1021 لسنة 33 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - مدد خدمة سابقة - ممارسة المهن الحرة - محاماة.
المادتان 15 و18 من قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1975 اعتد المشرع في حساب المدد الكلية المحددة بالجداول المرفقة بالقانون المشار إليه بالمدد التي لم يسبق حسابها للعامل ومنها مدد ممارسة المهن الحرة لأعضاء النقابات المهنية - ممارسة المهن الحرة يكون وفقاً للقواعد التي تقررها القوانين واللوائح التي تنظم هذه المهن والتي تحظر ممارسة المهنة على غير المقيدين بالنقابة المهنية المختصة التي خولها القانون الإشراف والرقابة على المهنة وممارسيها - هذا الحظر يتعلق بالنظام العام - لا يجوز ترتيب آثار قانونية على ممارسة مهنة قبل القيد في النقابة المختصة - لا وجه للقول باحتساب مدة ممارسة المهنة السابقة على القيد بالنقابة - ليس من شأن القيد اعتبار عضو النقابة ممارساً للمهنة بأثر رجعي أو الارتداد بتاريخ القيد بالنقابة إلى تاريخ سابق على تاريخ صدور قرار اللجنة الموكول إليها قبول أو رفض طلب القيد - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 21/ 2/ 1987 أودع الأستاذ/ .......... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1021 لسنة 33 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات بجلسة 24/ 12/ 1986 في الدعوى رقم 261 لسنة 34 ق والقاضي بأحقية المدعية المطعون ضدها في حساب مدة الخدمة التي قضتها بشركة ماكينات الخياطة سنجر والدلتا للخدمات والتوزيع في الفترة من 1/ 6/ 1959 وحتى نهاية مارس 1973 ضمن المدد الكلية اللازمة للترقية وفقاً للجدول الأول المرفق للقانون رقم 11 لسنة 1975 وتسوية حالتها تبعاً لذلك بمنحها الفئة الرابعة (540/ 1440) اعتباراً من 1/ 7/ 1972 واستكمال التسوية بمراعاة أحكام القانون رقم 135 لسنة 1980 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية تصرف بمراعاة الضوابط المنصوص عليها في القانونين 11 لسنة 1975، 135 لسنة 1980 وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه للأسباب التي تضمنها لحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الهيئة الطاعنة بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 24/ 5/ 1993 وتداول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت الدائرة بجلسة 23/ 8/ 1993 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية - وحددت لنظره أمامها جلسة 9/ 10/ 1993 حيث نظر وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات قررت بجلسة 27/ 11/ 1993 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 14/ 1/ 1978 أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 58 لسنة 6 ق ضد الهيئة الطاعنة طالبة الحكم بأحقيتها في تسوية حالتها بضم مدة خدمتها السابقة إلى مدة خدمتها الحالية طبقاً للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 والقانون رقم 11 لسنة 1975 وأحقيتها للفئة 420/ 780 المعادلة للخامسة من 16/ 11/ 1972 والفئة 540/ 1440 المعادلة للدرجة الرابعة من 1/ 7/ 1972 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام المدعى عليه المصروفات.
وجاء في مذكرات المدعية شرحاً لدعواها إنها حصلت على ليسانس الحقوق دور يناير 1958 وعملت مستشارة قانونية لشركة ماكينات الخياطة سنجر في المدة من يونيه 1959 حتى 31/ 12/ 1969 حيث انتقلت ملكية هذه الشركة بكل مقوماتها والعاملين بها إلى شركة الدلتا للخدمات والتوزيع اعتباراً من 1/ 1/ 1970 واستمرت خدمة المدعية حتى صدر قرار تعيينها بالهيئة المدعى عليها في 1/ 4/ 1973 حيث أثبتت بالاستمارة 103 ع ح مدة خدمتها السابقة وفقاً للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958. وبجلسة 6/ 8/ 1979 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص.
وقد قيدت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري برقم 261 لسنة 34 ق ونظرت بجلسات المحكمة حيث أوعت الهيئة المدعى عليها ردها على الدعوى الذي تضمن أن المدعية لا تستفيد من أحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 الذي حدد في المادة الأولى الجهات والأعمال التي ينطبق عليها أحكامه إذ أن المدعية كانت تعمل خلال الفترة من يونيو 1959 حتى 31/ 12/ 1969 لدى شركة ماكينات الخياطة سنجر التي انتقلت إلى شركة الدلتا للخدمات والتوزيع وبالتالي لا ينطبق عليها البند (6) كما أنه لا ينطبق عليها البند (8) لأنها كانت تعمل لدى شركة مساهمة أمريكية، بالنسبة لتسوية حالة المدعية وفقاً للقانون رقم 11 لسنة 1975 فإن مدد الخدمة التي قضتها المدعية بشركة سنجر وشركة الدلتا للخدمات والتوزيع لا تدخل ضمن المدد الواردة بالبند (د) من المادة 18 من القانون 11 لسنة 1975 المضافة بالقانون 101 لسنة 1975.
وبجلسة 24/ 12/ 1986 حكمت المحكمة بأحقية المدعية في حساب مدة الخدمة التي قضتها بشركتي ماكينات الخياطة سنجر والدلتا للخدمات والتوزيع في الفترة من 1/ 6/ 1959 وحتى نهاية مارس 1973 ضمن المدد الكلية اللازمة للترقية وفقاً للجدول الأول المرفق للقانون رقم 11 لسنة 1975 وتسوية حالتها تبعاً لذلك بمنحها الفئة الرابعة 540/ 1440 اعتباراً من 1/ 7/ 1972 واستكمال التسوية بمراعاة أحكام القانون رقم 135 لسنة 1980 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية تصرف بمراعاة الضوابط المنصوص عليها في القانونين رقمي 11 لسنة 1975، 135 لسنة 1980 وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن المدعية التحقت بالعمل كمستشار قانوني لشركة ماكينات الخياطة سنجر اعتباراً من 1/ 6/ 1959 وحتى 31/ 12/ 1969 حيث نقلت ملكية الشركة بكافة مقوماتها إلى شركة الدلتا للخدمات والتوزيع اعتباراً من 1/ 1/ 1970 ومن ثم نقلت المدعية للعمل بهذه الشركة الأخيرة منذ هذا التاريخ وحتى صدور قرار تعيينها بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في 1/ 4/ 1973 وتم قيدها بنقابة المحامين وإدراج اسمها بالجدول العام للنقابة في 25/ 3/ 1974 مع القبول للمرافعة أمام محاكم الاستئناف بعد اعتبار العمل السابق منذ عام 1959 وحتى تاريخ القيد مدة عمل نظير ومع القبول للمرافعة أمام محكمة النقض بتاريخ 21/ 4/ 1979 فمن ثم تكون مدد الخدمة التي قضتها المدعية في الشركتين من قبيل مدد وممارسة لمهنة حرة (المحاماة) لعضو نقابة مهنية يتعين حسابها كاملة ضمن المدد الكلية اللازمة للترقية وفقاً للجداول المرافقة للقانون رقم 11 لسنة 1975 متى توافرت في شأنها الشروط الأخرى المقررة قانوناً، وأضافت المحكمة أنه لا حجاج فيما ذهبت إليه الجهة المدعى عليها من عدم جواز حساب المدة المشار إليها باعتبارها مدة سابقة على القيد بنقابة المحامين ذلك أن نص الفقرة (د) من المادة (18) من القانون المشار إليه قد جاء عاماً مطلقاً فأوجب حساب مدد ممارسة المهنة الحرة لعضو النقابة المهنية ومن ثم يكفي في هذا الصدد أن يكون العامل مقيداً بنقابة مهنية وأن يثبت أن ثمة مدداً قضاها في ممارسة المهنة سواء كانت هذه المدد سابقة على القيد أو لاحقة عليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المادة 18 من القانون رقم 11 لسنة 1975 وإذ نصت على أن يدخل في حساب المدد الكلية المدد التي لم يسبق حسابها في الأقدمية من مدد ممارسة المهن الحرة لأعضاء النقابات المهنية فإن دلالتها واضحة في أن المقصود ضم المدة لعضو النقابة بعد أن يصبح عضواً والنص لا يحتمل سوى تفسيراً واحداً مقبولاً وهو أنه يشترط لضم المدة التي مارس فيها العضو النقابي العمل الحر خلالها أن يسبق هذه الممارسة قيده بالنقابة.
ومن حيث إن المادة (15) من قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1975 تنص على أنه يعتبر من أمضى أو يمضي من العاملين الموجودين بالخدمة إحدى المدد الكلية المحددة بالجداول ومرقى في نفس مجموعته الوظيفية وذلك اعتباراً من أول الشهر التالي لاستكمال هذه المدة.
فإذا كان العامل قد رقى فعلاً في تاريخ لاحق على التاريخ المذكور ترجع أقدميته في الفئة المرقى إليها إلى هذا التاريخ.
وتنص المادة (18) من القانون المشار إليه على أنه "يدخل في حساب المدد الكلية المنصوص عليها في المادة السابقة وفي الجداول المرفقة المدد التي يسبق حسابها في الأقدمية من المدد الآتية:
( أ ) مدة الخدمة التي قضاها العامل في المجالس المحلية أو في المرافق العامة أو الشركات أو المشروعات أو المنشآت أو إدارات الأوقاف الخيرية التي آلت أو تؤول ملكيتها إلى الدولة أو في المدارس الخاصة الخاضعة لإشراف الدولة.
(ب)........ (جـ)........... (د) مدد ممارسة المهن الحرة لأعضاء النقابات المهنية تحتسب كاملة.
ومفاد هذين النصين أن المشرع قد اعتبر من أمضى أو يمضي من العاملين الذين يسري في شأنهم القانون رقم 11 لسنة 1975 إحدى المدد الكلية المحددة بالجداول المرفقة به مرقى في نفس مجموعته الوظيفية اعتباراً من أول الشهر التالي لاستكمال هذه المدة فإذا كان العامل قد رقى فعلاً في تاريخ لاحق على التاريخ المذكور أرجعت أقدمية العامل إلى هذا التاريخ، واعتد المشرع في حساب المدد الكلية المحددة بالجداول المرفقة به المدد التي لم يسبق حسابها للعامل التي حددها ومنها مدد ممارسة المهن الحرة لأعضاء النقابات المهنية.
ومن حيث إن ممارسة المهن الحرة إنما يكون وفقاً للقواعد التي تقررها القوانين واللوائح والتي تنظم هذه المهن والتي تحظر ممارسة المهنة على غير المقيدين بالنقابة المهنية المختصة التي خولها القانون الإشراف والرقابة على المهنة وممارسيها وهو حظر يتعلق بالنظام العام ومن ثم لا يجوز ترتيب آثار قانونية على ممارسة مهنية قبل القيد في النقابة المختصة واحتساب المدة التي قضيت في ممارسة المهنة والسابقة على هذا القيد واكتساب عضوية النقابة ضمن المدد الكلية اللازمة للترقية طبقاً للجداول المرفقة بالقانون رقم 11 لسنة 1975، ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه يكفي طبقاً لنص الفقرة (د) من المادة (18) من القانون المشار إليه أن يكون العامل مقيداً بنقابة مهنية وأن يثبت أن ثمة مدداً قضاها في ممارسة المهنة سواء كانت هذه المدد سابقة على القيد أو لاحقة له طالما ثبت ما لا يدع مجالاً للشك في أنه كان يمارس المهنة خلالها وبمراعاة أن مدد ممارسة المهنة السابقة قد أخذت في الاعتبار عند القيد بالنقابة لا وجه لذلك إذ أن الاعتداد بأعمال معينه كأعمال نظيرة عند القيد ببعض النقابات كنقابة المحامين إنما يكون بمقتضى نصوص قانونية تبيح ذلك وتحدد آثار هذا الاعتداد إلا أنه ليس من شأن ذلك اعتبار عضو النقابة ممارساً للمهنة بأثر رجعي أو الارتداد بتاريخ القيد بالنقابة إلى تاريخ سابق على تاريخ صدور قرار اللجنة الموكول إليها قبول أو رفض طلب القيد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر وقضى بأحقية المدعية في احتساب مدة الخدمة التي قضتها في شركتي ماكينات الخياطة سنجر والدلتا للخدمات والتوزيع ضمن المدد الكلية اللازمة للترقية طبقاً للجدول الأول المرفق بالقانون رقم 11 لسنة 1975 على اعتبار أنها مدة ممارسة مهنة حرة لعضو نقابة مهنية طبقاً للفقرة (د) من المادة 18 من القانون المشار إليه فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم برفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات.