مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 275

(30)
جلسة 19 من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: سعيد أحمد محمد حسين برغش وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 579 لسنة 41 قضائية عليا

الأرض المملوكة للدولة ملكية خاصة - توزيع الاختصاص بالتصرف فيها.
الاختصاص بالتصرف في الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة أصبح موزعاً بين كل من وزارة الزراعة التي تتبعها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، ووزارة استصلاح الأراضي والمحافظات - تختص وزارة الزراعة والهيئة العامة للإصلاح الزراعي كأصل عام بالإشراف على الأراضي الزراعية داخل الزمام وخارجه لمسافة كيلو مترين، وعلى الأراضي البور الواقعة في هذا النطاق - تختص وزارة استصلاح الأراضي والهيئات التابعة لها بالإشراف على الأراضي الصحراوية الواقعة خارج هذا النطاق - يقتصر اختصاص المحافظات على الأراضي غير المزروعة الواقعة داخل الزمام أي الأراضي البور التي تقوم باستصلاحها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 24/ 12/ 1994 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 579 لسنة 41 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بقنا في الدعوى رقم 337 لسنة 2 ق بجلسة 26/ 10/ 1994 والقاضي أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم عدا الأول لرفعها على غير ذي صفة وأخرجتهم من الدعوى بلا مصروفات. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي مواجهة المدعى عليه الأول وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة واحتياطياً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1/ 2/ 1999، وبجلسة 7/ 6/ 1999 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلساتها على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 661 لسنة 1988 بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة أسوان الابتدائية بتاريخ 12/ 7/ 1988 طلبا في ختامها الحكم بأحقيتهما في الأطيان الزراعية موضوع النزاع ومساحتها (11 فداناً) والكائنة بحوض الحصابة رقم (7) بالطويسة بدائرة كوم امبو أملاك دولة خاصة مع كف منازعة المدعى عليهم بصفاتهم في الانتفاع بتلك المساحة، وإلزام من ترى المحكمة إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقالا شرحاً للدعوى أنهما بتاريخ 30/ 12/ 1985 تقدما إلى محافظ أسوان بطلب للموافقة على بيع مساحة أحد عشر فداناً قابلة للزراعة بحوض الحصابة رقم (7) بناحية الطويسة مركز كوم امبو داخل الزمام مساهمة منهم في زيادة رقعة الأرض الخضراء، وقد وافق المحافظ بتاريخ 22/ 1/ 1985 بتأشيرة موجهة إلى مدير عام الإصلاح الزراعي لعمل اللازم وأحيل الأمر إلى الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة (تفتيش أسوان) التي قامت بتاريخ 1/ 2/ 1986 بمعاينة الأرض على الطبيعة وتبين أن الأرض المطلوبة أملاك أميرية وخالية من الإشغالات، وبتاريخ 17/ 3/ 1986 أرسلت إدارة تحسين الأراضي بمديرية الزراعة بأسوان كتابها رقم 1732 إلى إدارة أملاك الدولة الخاصة بأسوان متضمناً أن هذه الأرض قابلة للزراعة ويحظر إقامة أية مبانٍ ومنشآت عليها طبقاً للقانون رقم 116 لسنة 1983، وبتاريخ 10/ 2/ 1986 تقدمت الوحدة المحلية لقرية الجعافرة إلى إدارة الأملاك بتخصيص مساحات لإقامة مشروعات (جبانة مسلمين - مدرسة ابتدائية - مركز شباب - ملاعب - جمعية تنمية المجتمع - مدرسة إعدادية) وقدمت الوحدة المحلية خرائط مساحية وتبين لإدارة الأملاك بأسوان أن الموقع المختار لإقامة هذه المشروعات يتعارض مع الخرائط المساحية موضوع الطلب المقدم منهما بل إنه يضر بباقي القطع ملك الحكومة، وبتاريخ 10/ 7/ 1986 أصدر محافظ أسوان قراراً بالموافقة على طلب الوحدة المحلية لقرية الجعافرة وعمل اللازم وذلك بالرغم من أنهما قطعاً شوطاً كبيراً من الإجراءات القانونية لتخصيص الأرض المذكورة وقاما بسداد مبلغ 240 جنيهاً للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بعد موافقة الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة وقيامها بإخطار إدارة الأملاك بأسوان بالموافقة على تسليم المدعيين القطعة المخصصة لهما.
وأضاف المدعيان أنه نمى إلى علمهما صدور قرار محافظ أسوان رقم 47/ 1988 بمنح الوحدة المحلية لقرية الجعافرة ثلاث قطع من الأرض المخصصة لهما، وذلك بالرغم من قيامهما بوضع اليد على المساحات سالفة الذكر واتخاذ إجراءات استصلاحها لإعدادها للزراعة، ولما كان هذا القرار قد صدر من جهة لا تملك إصداره فقط تقدما بالعديد من الشكاوى إلا أنهما لم يجدا رداً.
وبجلسة 26/ 12/ 1989 قضت محكمة أسوان الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط للاختصاص ثم إلى محكمة القضاء الإداري بقنا حيث قيدت بالرقم عاليه.
وبجلسة 26/ 10/ 1994 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المشرع وضع بمقتضى القانون رقم 100 لسنة 1964 تنظيماً عاماً للتصرف في الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، واختص الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالأرضي الزراعية المملوكة للدولة ملكية خاصة وخولها سلطة التصرف فيها طبقاً للأحكام والقواعد المنصوص عليها في هذا القانون، ثم صدر القانون رقم 43/ 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 فأجاز للمحافظين بموافقة المجالس الشعبية المحلية وضع قواعد التصرف في الأراضي غير المزروعة داخل الزمام وخارجه لمسافة كيلو مترين "أي الأراضي البور - وفقاً لتعريف القانون رقم 100/ 1964 التي تتولى المحافظات استصلاحها" وذلك بعد أخذ رأي وزارة استصلاح الأراضي، كما أجاز للمحافظين وضع قواعد التصرف بالمجان في هذه الأراضي لأغراض محددة، ومن ثم فإن الاختصاص بالتصرف في الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة أصبح موزعاً بين كل من وزارة الزراعة التي تتبعها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ووزارة استصلاح الأراضي والمحافظات فتختص وزارة الزراعة وهيئة الإصلاح الزراعي كأصل عام بالإشراف على الأراضي الزراعية داخل الزمام وخارجه لمسافة كيلومترين وعلى الأراضي البور الواقعة في هذا النطاق بينما تختص وزارة استصلاح الأراضي والجهات التابعة لها بالإشراف على الأراضي الصحراوية الواقعة خارج هذا النطاق، أما المحافظات فإن اختصاصها يقتصر على الأراضي غير المزروعة الواقعة داخل الزمام أي الأراضي البور التي تقوم باستصلاحها.
وأضافت المحكمة أنه لما كان الثابت من الأوراق أن الأراضي الصادر بتخصيصها القرار المطعون فيه من الأراضي البور التابعة للزراعة داخل الزمام ومن ثم فإن الاختصاص بالتصرف فيها يكون لوزارة الزراعة والهيئة العامة للإصلاح الزراعي، ولما كان قرار محافظ أسوان المطعون فيه قد خصص تلك الأرض والتابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي لإقامة المشروعات المشار إليها فإنه يكون قد صدر من جهة غير مختصة قانوناً بالتصرف في هذه الأراضي الأمر الذي يبطله.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة فالثابت من الأوراق ومما أقر به المطعون ضدهما في صحيفة دعواهما أنهما كانا قد تقدما بطلب للموافقة على بيع مساحة أحد عشر فداناً من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة بغرض استصلاحها، والثابت أيضاً أن الإجراءات الخاصة بالبيع قد توقفت عند حد موافقة المحافظ والتأشير منه لمديرية الإصلاح الزراعي باتخاذ الإجراءات والتي لم يتم فيها شيء حتى الآن، وعليه فإن البيع لم يتم بعد ويكون المطعون ضدهما غير مالكين لهذه الأرض بمقتضى عقود بيع أملاك أميرية مصدق عليها ممن يملك قانوناً ومن ثم فإن المطعون ضدهما لا تكون لهما مصلحة شخصية ومباشرة في اختصام القرار المطعون فيه الأمر الذي ينتفي معه حقهما في إقامة الدعوى الماثلة مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة.
ثانياً: إن القرار المطعون فيه صدر من محافظ أسوان متضمناً تخصيص مساحة من الأرض المملوكة للدولة وغير المزروعة والواقعة داخل الزمام لإنشاء مدرسة ابتدائية ومركز شباب عليها وأنه طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1964 المشار إليه فإن المحافظ يختص بالتصرف في هذه الأرض وليس وزارة الزراعة وذلك على نحو ما للوزير من سلطة في شأن تطبيق أحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 والذي ألغي وحل محله القانون رقم 143/ 1981 في شأن الأراضي الصحراوية ومن ثم فلا تثريب على المحافظ إن هو أصدر القرار المطعون فيه على فرض اختصاص الوزير بإصداره جدلاً، وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه قد صادف أحكام القانون وقام على سببه الصحيح في الواقع مما يجعله بمنأى عن الإلغاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهما تقدما بتاريخ 3/ 12/ 1985 إلى محافظ أسوان بطلب للموافقة لهما على شراء مساحة أحد عشر فداناً قابلة للزراعة بغرض استصلاحها وذلك بمنطقة الطويسة بحوض الحصايا رقم (7) داخل الزمام من أملاك الدولة الخاصة، وبتاريخ 22/ 1/ 1985 تأشر من المحافظ "لا مانع والسيد مدير عام الإصلاح الزراعي لاتخاذ اللازم وقد تمت معاينة الأرض محل الطلب فتبين أنها أرض أملاك أميرية بور خالية من الإشغالات، كما أفادت الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة "تفتيش أملاك أسوان" أن هذه الأرض قابلة للزراعة، بتاريخ 10/ 2/ 1986 تقدمت الوحدة المحلية لقرية الجعافرة بطلب لتخصيص جزء من قطعة الأرض محل النزاع لإقامة مشروعات عامة عليها، وقد صدق المجلس المحلي الشعبي لمركز كوم امبو بتاريخ 6/ 3/ 1986 على هذا التخصيص، واستناداً إلى ذلك صدر القرار المطعون فيه رقم 47 لسنة 1988 المعدل بالقرار رقم 144/ 1988 بتخصيص الأرض موضوع القرار لإقامة المشروعات المشار إليها فيه، وإذا كان المطعون ضدهما - كما ذهبا في صحيفة الدعوى - قد دفعا مبالغ مالية (240 جنيهاً) للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، وحتى لو كان هذا المبلغ من ثمن الأرض المشار إليها فإن الثابت بيقين من الأوراق ومن صحيفة الدعوى ذاتها أنه لم يتم توقيع عقد بيع الأرض المشار إليها للمطعون ضدهما وإذا كان ثمة إجراءات تمهيدية في هذا الشأن فإنها لم تتبلور إلى واقعة قانونية بالتصرف بالبيع في هذه الأرض على أنه بالنسبة للدفع المقدم من جهة الإدارة الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة فإنه لا يستقيم بالنظر إلى أن تقدم المطعون ضدهما بطلب لشراء هذه المساحة يسبغ عليهما مصلحة في مخاصمة القرار المطعون فيه ويتعين بالتالي رفض هذا الدفع.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاء سابقاً بأن الاختصاص بالتصرف في الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة أصبح موزعاً بين كل من وزارة الزراعة التي تتبعها الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ووزارة استصلاح الأراضي والمحافظات، فتختص وزارة الزراعة وهيئة الإصلاح الزراعي كأصل عام بالإشراف على الأراضي الزراعية داخل الزمام وخارجه لمسافة كيلو مترين وعلى الأراضي البور الواقعة في هذا النطاق بينما تختص وزارة استصلاح الأراضي والجهات التابعة لها بالإشراف على الأراضي الصحراوية الواقعة خارج هذا النطاق أما المحافظات فإن اختصاصها يقتصر على الأراضي غير الزراعية الواقعة داخل الزمام أي الأراضي البور التي تقوم باستصلاحها.
ومن حيث إنه بمقتضى ما تقدم يقوم أصل اختصاص لمحافظ أسوان بشأن الأرض موضوع النزاع وإذ لم يبرم محافظ أسوان عقد بيع تلك الأرض للمطعون ضدهما ثم ارتأى تخصيصها لإقامة مشروعات عامة عليها لصالح الوحدة المحلية لقرية الجعافرة، فإن القرار المطعون فيه الصادر بهذا التخصيص يقوم على أسباب تبرره من الواقع والقانون ومن ثم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يغدو مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدهما المصروفات.