مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 325

(35)
جلسة 26 من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات ومحمد عبد الرحمن سلامة وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 841 لسنة 43 قضائية عليا

جبانات - إنشاء الجبانة وتوسيعها - الجهة المختصة بذلك.
المواد 1، 2 و5 من القانون رقم 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات.
المواد 3 و4 و5 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور.
يعتبر جبانة عامة كل مخصص لدفن الموتى قائم فعلاً قبل عند العمل بالقانون رقم 5 لسنة 1966 أي في 21/ 4/ 1966 - أضفى المشرع على أراضي الجبانات صفة المال العام - أناط المشرع بالمجالس المحلية إنشاء الجبانات وصيانتها في غير الجبانات العامة المستعملة - توسيع الجبانات واختيار مواقع الجبانات الجديدة يدخل في اختصاص لجنة تشكل بقرار من المحافظ المختص - تعتمد توصيات اللجنة من مجلس المحافظة - لا يجوز للأهالي إنشاء مقابر حديثة من تلقاء أنفسهم - إزالة التعدي يكون بقرار من المحافظ أو من يفوضه في هذا الشأن - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 28/ 11/ 1996 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 841/ 43 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 26/ 11/ 1996 في الدعوى رقم 599 لسنة 7 والقاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وانتهى تقرير الطعن لما بني عليه من أسباب - إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه رقم 599 لسنة 7 ق أسيوط والحكم بصفة مستعجلة بإيقاف قرار إزالة مقابر عائلة مقار بالمجايرة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي قررت بجلسة 15/ 3/ 1999 إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 9/ 5/ 1999 حيث نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي (الطاعن) أقام الدعوى رقم 599 لسنة 7 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بأسيوط بتاريخ 25/ 2/ 1996 طالباً في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة جرجا رقم 19 الصادر بتاريخ 4/ 2/ 1996 فيما تضمنه من إزالة التعدي الواقع بإقامة مقابر حديثة بالفناء الخلفي لكنيسة الأنبا شنودة بالمجايرة وذلك لوقوعها داخل الكتلة السكنية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه نما إلى علمه صدور قرار بإزالة مقبرة خاصة بعائلة مقار بالمجايرة مركز جرجا بناء على طلب أحد الأشخاص الذي اشترى قطعة أرض مجاورة للمقبرة وبني عليها منزلاً وحاول التوصل لهدم المقبرة المستقرة لعائلة مقار منذ مائة عام، وأن القرار الصادر بإزالة المقبرة هو قرار باطل لمخالفته لقواعد القانون والشريعة الإسلامية ويكفي لوصم القرار بالبطلان أن مقابر المدعين ثابتة بالخريطة المساحية منذ عام 1905 وحتى الآن فضلاً عن أن القرار قد استهدف صالح أحد الأفراد وبأسلوب يتنافى مع كل القيم في مصر.
وبجلسة 26/ 11/ 1996 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وشيدت هذا الحكم على أن الظاهر من الأوراق أن الأرض موضوع النزاع كانت مقبرة خاصة لشخص واحد منذ فترة طويلة وأبطل الدفن فيها وأزيلت نهائياً وأنها لم تتضح بالخرائط المساحية بالتصوير الجوي عام 1985 وأنه يوجد جبانة حديثة تم بناؤها وأنها ملاصقة للكتلة السكنية وأن اللجنة التي شكلها محافظ سوهاج لفحص شكوى أهالي الناحية قد انتهت إلى ضرورة إزالة المقبرة وبناء عليه صدر القرار المطعون فيه بالإزالة الذي يكون قد قام بحسب الظاهر من الأوراق على سند صحيح من القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن القرار المطعون فيه صدر من رئيس الوحدة المحلية لمدينة جرجا بالمخالفة للقانون رقم 5 لسنة 1965 الذي ينص على أن إنشاء الجبانات وإبطال الدفن فيها يكون بقرار من المحافظ، وأنه قد ثبت من التحقيقات والشكاوى والرسوم الهندسية وبحكم محكمة الجنح الصادر بجلسة 28/ 2/ 1996 براءة الطاعن وغيره من الزعم بإنشاء مقبرة حديثة وقد ذكرت محكمة الجنح بأسباب حكمها أنه لا توجد أي مخالفة للقانون رقم 5 لسنة 1965 وأنه ثبت للمحكمة أن الجبانة مقامة منذ سنة 1901 ومن المقرر أن الحكم الجنائي يقيد القضاء المدني بمعناه الواسع الذي يشتمل القضاء المدني والتجاري والإداري.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 5 لسنة 1965 في شأن الجبانات تنص على أن "يعتبر جبانة عامة كل مكان مخصص لدفن الموتى قائم فعلاً وقت العمل بهذا القانون، وكذلك كل مكان يخصص لهذا الغرض بقرار من السلطة المختصة وتعد أراضي الجبانات من الأموال العامة وتحتفظ بهذه الصفة بعد إبطال الدفن فيها وذلك لمدة عشر سنوات أو إلى أن يتم نقل الرفات منها على حسب الأحوال "وتنص المادة (2) على أن "تتولى المجالس المحلية في حدود اختصاصها إنشاء الجبانات وصيانتها وإلغاءها.... طبقاً للشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية".
وتنص المادة (5) على أن "لا يجوز إجراء الدفن في غير الجبانات العامة المستعملة....." وتنص المادة (3) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1966 والصادر بها قرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970 على أن "يكون إنشاء الجبانات وفقاً للشروط والأوضاع المبينة في هذه اللائحة ويراعى في ذلك ما يأتي: ....." وتنص المادة (4) على أن "تختص بالنظر في توسيع الجبانات القديمة واختيار مواقع الجبانات الجديدة لجنة تشكل بقرار من المحافظ المختص من: ....." وتنص المادة (5) على أن "تراعى اللجنة المنصوص عليها في المادة السابقة في اختيار مواقع الجبانات الجديدة أو امتداد الجبانات القائمة ضرورة توافر الشروط الآتية في الموقع: أ - أن يكون بقدر الإمكان في الجهة القبلية أو القبلية الشرقية من المدينة أو القرية بحيث لا تقع في مهب الرياح السائدة. ب - أن يكون على مسافة لا تقل عن 200 متر من الحيز العمراني للمدينة أو القرية أو من أي تجمعات سكنية مجاورة لها.......".
ومن حيث إن البين من هذه النصوص أن المشرع قد اعتبر جبانة عامة كل مكان مخصص لدفن الموتى قائم فعلاً وقت العمل بالقانون رقم 5 لسنة 1966 أي في 21/ 4/ 1966 وأضفى على أراضي الجبانات صفة المال العام وأناط بالمجالس المحلية إنشاء الجبانات وصيانتها في غير الجبانات العامة المستعملة وأناطت اللائحة التنفيذية بلجنة تشكل بقرار من المحافظ المختص وعلى النحو الذي أشارت إليه المادة (4) النظر في توسيع الجبانات القديمة واختيار مواقع الجبانات الجديدة على أن تعتمد توصيات اللجنة من مجلس المحافظة وأوجب المشرع على اللجنة المذكورة عدة أمور يجب مراعاتها في اختيار موقع الجبانات مراعاة لمقتضيات الصحة العامة والأمن العام.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن أهالي ناحية المجايرة التابعة لمركز جرجا تقدموا بشكوى إلى المحافظة يتضررون فيها من قيام بعض الأهالي بإنشاء مقابر حديثة بالفناء الخلفي لكنيسة الأنبا شنودة داخل الكتلة السكنية بالقرب من منزلهم بما يضر بالصحة العامة، وعلى أثر ذلك أصدر محافظ سوهاج القرار رقم 12 لسنة 1996 بتاريخ 3/ 1/ 1996 بتشكيل لجنة برئاسة مدير الإدارة الصحية بجرجا وتضم في عضويتها مدير إدارة أملاك الدولة الخاصة ومدير إدارة البلديات بمديرية الإسكان ومدير الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز جرجا وغيرهم لفحص الشكوى المشار إليها، وقد باشرت اللجنة عملها وقامت بإعداد تقرير بأعمالها انتهت فيه إلى أن الجبانة موضوع الشكوى تم إنشاؤها بالمخالفة لنصوص القانون رقم 5 لسنة 1966 الخاص بالجبانات ولائحته التنفيذية وأن الصناديق الموجودة بالجبانة فارغة وضعت للتمويه على أعضاء اللجنة وارتأت اللجنة إزالة هذه الجبانة وتكليف الوحدة المحلية بتنفيذ الإزالة، وقد عرضت مذكرة على السيد/ محافظ سوهاج بنتيجة أعمال اللجنة فتأشر منه عليها في 29/ 1/ 1996 للوحدة المحلية لمركز ومدينة جرجا لاتخاذ اللازم قانوناً نحو الإزالة بالتنسيق مع مديرية الأمن، وبناء على ذلك أصدر رئيس مركز جرجا القرار رقم 19 بتاريخ 4/ 2/ 1996 المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن على القرار رقم 19 لسنة 1996 بمخالفة قواعد الاختصاص المقررة قانوناً بصدور القرار من رئيس الوحدة المحلية لمدينة جرجا، في حين أن المختص قانوناً بإصدار مثل هذا القرار هو المحافظ المختص، فإن هذا الدفع لا سند له إذ أن البادي من الأوراق أنه قد أشر في 29/ 1/ 1996 بإزالة الجبانة محل النزاع كما أن البادي من ديباجة القرار رقم 19 لسنة 1996 أن رئيس مركز جرجا مفوض من محافظ سوهاج في منع وإزالة التعديات على أملاك الدولة. ومن ثم يكون هذا الوجه من أوجه الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن البادي من الاطلاع على تقرير اللجنة المشكلة بقرار محافظ سوهاج رقم 12 لسنة 1996 والرسم الكروكي المودع أنه ثمة مقبرة خاصة كانت منشأة من فترة طويلة بمسطح 4 م × 3 م لشخص واحد وأبطل الدفن فيها وأزيلت نهائياً إذ لم تتضح بالخرائط المساحية بالتصوير الجوي لسنة 1985 وأن ثمة جبانة حديثة تبلغ 4.7 متر × 15.60 متر هي محل الشكوى والقرار المطعون فيه وهي تجاور كتلة سكنية من الناحية الشرقية والقبلية وتخالف الشروط المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية وقد أثبتت اللجنة أن مباني الجبانة محل النزاع حديثة لم يتجاوز عمرها شهرين فقط مقامة بالطوب الأحمر ومونة الأسمنت والرمل.
ومن حيث إن قانون الجبانات قد اعتبر جبانة عامة كل مكان مخصص لدفن الموتى قائم فعلاً وقت العمل بهذا القانون في 21/ 4/ 1966 وأناط بالمجالس المحلية دون غيرها إنشاء الجبانات وإلغاءها، فإن إنشاء الجبانة محل القرار المطعون فيه يكون مخالفاً لحكم القانون ويكون قرار جهة الإدارة بإزالتها قد صدر سليماً مطابقاً لأحكام القانون رقم 5 لسنة 1966.
ولا وجه لما يذهب إليه الطاعن من أن الجبانة المذكورة مقامة منذ مدة كبيرة (1901) إذ إن وجود جبانة قديمة مخصصة لشخص واحد وأبطل الدفن فيها لم يكن محل منازعة من جهة الإدارة ولم يتناوله القرار المطعون فيه، بل تناول القرار المطعون فيه جبانة حديثة تختلف موقعاً ومساحة عن الجبانة الأولى وأنشئت بغير الطريق المقرر قانوناً، كما لا وجه للاحتجاج بحجية الحكم الجنائي الصادر ببراءة الطاعن وآخرين في المخالفة رقم 494 لسنة 1995 التي اتهموا فيها بإنشاء جبانة بغير ترخيص من الجهة المختصة ذلك أن البادي من أسباب الحكم المذكور أنه استند إلى أن هذه الجبانة مقامة منذ سنة 1901 وهي بذلك غير الجبانة التي أشار إليها تقرير اللجنة المعد في 10/ 1/ 1996 والذي تضمن أن مباني الجبانة التي قامت اللجنة بمعاينتها لا يتجاوز تاريخ إنشائها شهرين.
وترتيباً على ما تقدم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر سليماً مطابقاً للقانون ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح حكم القانون مما يتعين معه الحكم برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.