مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1993 إلى أخر فبراير سنة 1994) - صـ 705

(69)
جلسة 22 من يناير سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، وحسني سيد محمد، والسيد محمد العوضي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 305 لسنة 32 قضائية

دعوى الإلغاء - الحكم الصادر فيها - أثره في مجال الترقية وترتيب الأقدمية.
يتحدد مدى الإلغاء وأثره بما بينته المحكمة في أسباب حكمها - الحكم بإرجاع الأقدمية في درجة مدير عام إلى تاريخ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار لا يستتبع اعتبار المدعي مرقى بالحكم ذاته وإنما بالقرار الذي يصدر من الإدارة تنفيذاً له - هذا القرار هو الذي ينشئ المراكز القانونية على مقتضى ما حكمت به المحكمة - تنفيذ الحكم يقتضي إعادة ترتيب الأوضاع كأثر للإلغاء إلى الوضع القانوني الصحيح وترتيب الأقدميات بين المرقين أصلاً بالقرار المطعون فيه والمرقين حكماً بمقتضى قضاء الإلغاء - تحديد وضع الطاعن بين زملائه يعد من المسائل المتعلقة بتنفيذ الحكم وهي ناشئة بعده - ليس من شأن الحكم أن يتطرق إليها - مؤدى ذلك: أنه عند منازعة الطاعن في سلامة ما اتخذته الإدارة من إجراءات تنفيذاً للحكم يتعين إقامة دعوى جديدة في هذا الخصوص دون الطعن على الحكم الصادر لصالحه - أساس ذلك: استقلال الوضع الجديد عن سابقه في الدعوى واختلاف سبب الطلب الجديد عن السبب الأصلي للدعوى - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 26/ 12/ 1985 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 305 لسنة 32 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات والترقيات بجلسة 31/ 10/ 1985 في الدعوى رقم 1324 لسنة 36 ق الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في درجة مدير عام إلى تاريخ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه وللأسباب الواردة فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع الحكم بأسبقيته في الترتيب الوظيفي في درجة مدير عام الوارد أسماؤهم بصدر صحيفة الطعن وبالقرار رقم 474 لسنة 1981 مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن المطعون ضده قانوناً بتاريخ 31/ 12/ 1985.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت للأسباب الواردة فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعي - الطاعن - في إرجاع أقدميته في درجة مدير عام إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه رقم 474 لسنة 1981 على أن يكون سابقاً في ترتيب الأقدمية على زملائه الأحدث منه الذين تمت ترقيتهم بالقرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 10/ 6/ 1991 وتداولت نظره على النحو المبين بالمحاضر إلى أن قررت بجلسة 10/ 2/ 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 14/ 3/ 1992 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة وبالجلسات التالية على الوجه الثابت بالمحاضر وبجلسة 11/ 12/ 1993 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم المسائية وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 28/ 1/ 1982 أقام السيد/ ........ الدعوى رقم 1324 ق أمام محكمة القضاء الإداري دائرة الجزاءات والترقيات طلب في ختام عريضة دعواه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 474 لسنة 81 الصادر في 10/ 11/ 1981 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية لوظيفة مدير عام بمستوى الإدارة العليا بالفئة 1200/ 1800 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه بصفته بالمصروفات.
وقال المدعي شارحاً دعواه أنه صدر قرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رقم 474 لسنة 1981 تاريخ 10/ 11/ 1981 بترقية بعض موظفي الدرجة الأولى بمصلحة الضرائب إلى درجة مدير عام متخطياً المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة رغم سبقه في الأقدمية على المرقين حيث يشغل الدرجة الأولى من 31/ 12/ 1977 وكانت تقاريره السنوية الثابتة بملف خدمته بمرتبة ممتاز وبذلك تكون قد توافرت في المدعي كافة شروط الترقية لدرجة مدير عام من خبرة عملية وأمانة وظيفية وأقدمية وأثناء تداول الدعوى بالجلسات طلب الحاضر عن المدعي تعديل طلباته بإرجاع أقدميته في درجة مدير عام إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه بعد أن تمت ترقيته إلى هذه الدرجة بالقرار رقم 1082 لسنة 1983 الصادر في 17/ 11/ 1983.
وبجلسة 31/ 10/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل وشيدت قضاءها على أن درجة مدير عام من الوظائف العليا الخاضعة للفقرة الأولى من المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التي تقضي بأنه مع مراعاة حكم المادة 16 من هذا القانون تكون الترقية إلى الوظائف العليا بالاختيار ويستهدي في ذلك بما يبديه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف وبما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز ولما كانت كفاءة المدعي الفنية ليست محل طعن من الجهة الإدارية ولم تنسب هذه الأخيرة إلى المدعي - من واقع ملف خدمته ما ينال من قدراته أو يحد من صلاحيته للترقية إلى درجة مدير عام فإن زعمها بعد ذلك أن القدرات الشخصية التي تؤهله لشغل الوظائف القيادية غير متوافرة فيه ويغدو لا أساس له ولا دليل عليه ويناقضه قيام الجهة الإدارية بعد ذلك بترقية المدعي لهذه الدرجة بمقتضى القرار رقم 1082 لسنة 1983 بتاريخ 17/ 11/ 1983 وانتهى قضاء المحكمة إلى أن تخطى المدعي في الترقية إلى درجة مدير عام في القرار المطعون فيه رقم 474 لسنة 1981 يكون مخالفاً للقانون وتغدو أحقية المدعي في إرجاع أقدميته في هذه الدرجة إلى تاريخ القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 10/ 11/ 1981 أمراً ثابتاً يتعين الحكم به مع ما يترتب على ذلك من آثار وهو ما قضى به منطوق الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن قوام الطعن الماثل أنه وإن كان الحكم المطعون فيه جاء صائباً فيما قضى به بإرجاع أقدمية الطاعن في درجة مدير عام إلى تاريخ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار إلا أن الحكم المطعون فيه لم يحفظ للطاعن حقه في ترتيب وضعه الوظيفي في الأقدمية بالأسبقية عن زملائه الأحدث منه الذين تمت ترقيتهم بالقرار رقم 474 لسنة 1981 المطعون فيه وهو ما أغفلته المحكمة رغم تعديل طلباته بإرجاع أقدميته إلى تاريخ صدور هذا القرار في 10/ 11/ 1981 تاريخ نفاذ حركة الترقيات المطعون عليها فلم يقرر الحكم أسبقيته في ترتيب الأقدمية في درجة مدير عام قبل من هم أحدث منه ممن تم ترقيتهم قبله بالقرار المطعون فيه ولذلك يحق له الطعن على هذا الحكم لتقرير أحقيته في سبق زملائه الأحدث منه في ترتيب الأقدمية في درجة مدير عام والوارد أسماؤهم بالقرار رقم 474 لسنة 1981 المطعون فيه.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على صحيفة افتتاح الدعوى رقم 1324 لسنة 36 ق المقامة من الطاعن والصادر بها الحكم المطعون فيه وكذلك مذكرة تعديل طلباته ومذكرات دفاعه المقدمة في هذه الدعوى أنه لم يطلب من المحكمة صراحة أو ضمناً الحكم له بترتيب أقدميته بين زملائه المرقين قبله بالقرار المطعون فيه والذي أرجعت أقدميته في الترقية إلى درجة مدير عام إلى تاريخ صدوره في 10/ 11/ 1981 وواضح من منطوق الحكم المطعون فيه وأسبابه المرتبطة به أن الإلغاء المقضي به للقرار المطعون فيه هو كل الطلبات الموضوعية التي اشتملت عليها دعوى المدعي، وبه فصلت المحكمة فيها جميعها فلم يبق أمامها من الطلبات شيء معلق دون قضاء منها وإذ أن مدى الإلغاء وأثره يتحدد وبما بينته المحكمة من ذلك في أسباب الحكم وهو ما لا يستتبع على ما جرى به قضاء هذه المحكمة اعتبار المدعي مرقى بالحكم ذاته وإنما بالقرار الذي يصدر من الإدارة تنفيذاً له فهو الذي ينشئ المراكز القانونية في هذا الشأن على مقتضى ما حكمت به المحكمة ويجرى إعادة ترتيب الأوضاع كأثر للإلغاء إلى وضعها القانوني الصحيح ومن بينها ترتيب الأقدميات بين المرقين أصلاً بالقرار المطعون فيه والمرقين حكماً بمقتضى قضاء الإلغاء وتحديد وضع الطاعن بين كل هؤلاء هي من المسائل المتعلقة بتنفيذ الحكم وهي ناشئة بعده وليس من شأن الحكم أن يتطرق إليها وهو ما يقتضي عند منازعة الطاعن في سلامة ما اتخذته الإدارة تنفيذاً للحكم من قرارات وإجراءات أن يقيم دعوى جديدة في هذا الخصوص وليس أن يطعن على الحكم الصادر لصالحه وذلك لاستقلال الوضع الجديد عن سابقه في الدعوى واختلاف سبب الطلب الجديد عن السبب الأصلي للدعوى ولا عبرة بما يقول به الطاعن من أن الحكم المطعون فيه أخطأ عندما أغفل تحديد ترتيب أقدميته بين المرقين في القرار المطعون فيه وسبقه في هذا الترتيب للأحدث منه لأن هذا الطلب ليس مما يبني على طلباته المحددة في دعواه والمبينة على النحو المشار إليه إذ لا محل لهذا الطلب في النزاع الماثل لوضوح قضاء الحكم وفصله في كل المنازعة التي صدر فيها دون نقض.
ومن حيث إنه لكل ما سبق يكون ما استند عليه الطاعن في طعنه الماثل لا يقوم على سند سليم من القانون وليس له محل لاتفاق قضاء الحكم المطعون فيه مع طلبات الطاعن الختامية مما يتعين معه رفض طعنه وإلزامه المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.