مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 347

(37)
جلسة 28 من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: كمال زكي عبد الرحمن اللمعي وسالم عبد الهادي محروس جمعة ويحيى خضري نوبي محمد ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4427 لسنة 42 قضائية عليا

( أ ) مجلس الدولة - النظام القضائي - تحضير الدعوى بهيئة مفوضي الدولة وإيداع تقرير الرأي القانوني فيها - مدى لزومه في حالة الطلب الجديد المرتبط بالطلب الأصلي.
المادة 27 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
الأصل أنه لا يسوغ الحكم في الدعوى الإدارية إلا بعد أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتحضيرها وإبداء رأيها القانوني فيها - هذا الأصل لا يصدق في حالة الطلب الجديد المضاف الذي يرتبط بالطلب الأصلي ارتباطاً وثيقاً ارتباط النتيجة بالسبب، بحيث لا يمكن الفصل في الطلب المضاف إلا بناء على الفصل في الطلب الأصلي - إذا ما أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرها بالرأي القانوني في الطلب الأصلي، فإن هذا التقرير يغني عن إيداع تقرير بالرأي القانوني في الطلب الجديد - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 3/ 6/ 1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس حي جنوب الجيزة قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 7/ 4/ 1996 في الدعوى رقم 3228 لسنة 48 ق، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وبإلزام رئيس حي جنوب الجيزة بأن يؤدي للمدعي مبلغ عشرون ألف جنيه والمصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أصلياً: بإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل فيها بعد إيداع تقرير هيئة مفوضي الدولة في الشق الموضوعي من الدعوى الخاص بإضافة طلبات للمطعون ضده. واحتياطياً: برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن المطعون ضده بتقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري دائرة العقود والتعويضات - للفصل فيها مجدداً بتشكيل مغاير وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، حيث أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة مذكرة لم تخرج في فحواها عما ورد بتقرير الطعن، وبجلسة 3/ 6/ 1998 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 13/ 10/ 1998.
وعليه ورد الطعن إلى هذه المحكمة، وتدول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 24/ 8/ 1999 أودع الحاضر عن المطعون ضده مذكرة خلص فيها - للأسباب الواردة بها إلى طلب الحكم برفض الطعن، وبجلسة 19/ 10/ 1999 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 23/ 11/ 1999 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع، ولم تودع أية مذكرات خلال هذا الأجل، ثم رؤى مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً، ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 14/ 2/ 1994 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 3228 لسنة 48 ق ضد الطاعن وآخرين أمام محكمة القضاء الإداري دائرة العقود والتعويضات - للحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر باستبعاد عطائه من مناقصة عملية الصرف الصحي بحي جنوب الجيزة - جلسة فتح المظاريف 4/ 1/ 1994، وذلك تأسيساً على أنه علم بالمناقصة المشار إليها في ذات يوم جلسة فتح المظاريف، وتقدم بعطائه وسدد التأمين في تلك الجلسة ثم تقدم بسابقة الأعمال والبطاقة الضريبية في اليوم التالي وقبل اجتماع لجنة البت، وكان عطائه الأول في ترتيب العطاءات، ويقل عن العطاء الذي يليه بمبلغ ثلاثين ألف جنيه، وكافة أوراقه كانت تحت نظر لجنة البت، بيد أن هذه اللجنة استبعدت عطائه بحجة أن سابقة الأعمال لم تقدم بلجنة فتح المظاريف، وأن العطاء غير جدي.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت فيه الحكم: بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من الجهة الإدارية بتاريخ 25/ 1/ 1994 باعتماد توصية لجنة البت باستبعاد عطاء المدعي، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ولدى نظر الدعوى أمام المحكمة أودع المدعي صحيفة معلنة بإضافة طلب جديد، وهو إلزام المدعى عليهم بدفع مبلغ 100000 جنيهاً تعويضاً له عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء قرار استبعاد عطائه في العملية المذكورة.
وبجلسة 7/ 4/ 1996 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وبإلزام رئيس حي جنوب الجيزة بأن يؤدي للمدعي مبلغ عشرون ألف جنيه والمصروفات، وأقامت قضاءها على أن المدعي قدم عطاءه أثناء جلسة فتح المظاريف المنعقدة بتاريخ 4/ 1/ 1994، كما سدد التأمين الابتدائي بذات الجلسة ثم قدم باقي الأوراق المطلوبة في اليوم التالي وهي سابقة الأعمال وصورة من البطاقة الضريبة والسجل التجاري وصورة مجددة من مقاولة القطاع الخاص، وقد استبعدت لجنة البت هذا العطاء بجلستها المنعقدة بتاريخ 15/ 1/ 1994، وذلك لعدم تقديم المدعي سابقة الأعمال وباقي الأوراق المطلوبة في جلسة فتح المظاريف، إلا أنه لما كانت هذه الأوراق تحت نظر لجنة البت حال النظر في العطاءات المقدمة في المناقصة، ومن ثم يكون قرار استبعاد العطاء المشار إليه - وهو الأقل سعراً ومقبول فنياً - قد جاء بالمخالفة لأحكام القانون، وهو ما كان يستوجب القضاء بإلغائه. ونظراً لإسناد الأعمال محال المناقصة لمقاول آخر، والذي بدأ بدوره في التنفيذ، ومن ثم ينقلب حق المدعي إلى التعويض. وإذ ثبت ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية، وقد أصاب المدعي أضرار مادية من جرائه، تمثلت في فوات الكسب الذي كان يأمل الحصول عليه، وبذلك يعوض بمبلغ عشرون ألف جنيه.
لم يرتض الطاعن هذا الحكم فأقام الطعن الماثل والذي شيد على مخالفة الحكم المطعون فيه القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن المطعون ضده عدل طلباته بإضافة طلب جديد بإلزام الطاعن ومحافظ الجيزة بأن يدفعا له تعويضاً مائة ألف جنيه، ومن ثم كان يتعين على المحكمة إعادة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتودع رأيها في هذا الطلب، إلا أنها لم تقم بهذا الإجراء، وقضت في الطلب المشار إليه دون أن يودع تقرير فيه، وبذلك يكون هذا الحكم قد شابه البطلان ويتعين الحكم بإلغائه. كما أنه وفقاً للشروط الخاصة بالمناقصة، وكذا أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية، يتعين أن يكون العطاء أثناء تقديمه بجلسة فتح المظاريف مصحوباً بالتأمين الابتدائي وكافة الأوراق المطلوبة في المناقصة، وإذ لم يقدم المطعون ضده هذه الأوراق بتلك الجلسة وإنما في اليوم التالي، وبذلك يكون عطاؤه غير مستوف الشروط المطلوبة في المناقصة، وبالتالي لم تتحقق المسئولية الإدارية الموجبة للتعويض في جانب الإدارة، مما يتعين رفض طلب التعويض. هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المطعون ضده ساهم بعمله في إصدار قرار استبعاد عطائه حيث لم يقدم الأوراق المطلوبة لدى تقديمه، وبذلك يكون هذا الحكم قد بالغ في تقدير التعويض، والذي جاوز الضرر، مما يعد إثراء بلا سبب.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الأول من الطعن المبني على بطلان الحكم المطعون فيه لعدم إيداع هيئة مفوضي الدولة تقريراً في طلب التعويض المضاف، فإن المادة/ 27 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه (تتولى هيئة مفوضي الدولة تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة.. ويودع المفوض - بعد إتمام تهيئة الدعوى - تقريراً يحدد فيه الوقائع والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع ويبدي رأيه مسبباً، ويجوز لذوي الشأن أن يطلعوا على تقرير المفوض بقلم كتاب المحكمة، ولهم أن يطلبوا صورة منه على نفقتهم).
ومن حيث إنه ولئن كان الأصل - وفقاً لأحكام هذا النص، وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنه لا يسوغ الحكم في الدعوى الإدارية إلا بعد أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتحضيرها وإبداء رأيها القانوني فيها ويترتب على الإخلال بهذا الإجراء الجوهري بطلان الحكم الصادر في الدعوى، إلا أن هذا الأصل لا يصدق في حالة الطلب الجديد المضاف، الذي يرتبط بالطلب الأصلي ارتباطاً وثيقاً ارتباط النتيجة بالسبب، بحيث لا يمكن الفصل في الطلب المضاف إلا بناء على الفصل في الطلب الأصلي، فإذا ما أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرها بالرأي القانوني في الطلب الأصلي، فإن هذا التقرير يغني عن إيداع تقرير بالرأي القانوني في الطلب الجديد.
ومن حيث إنه بتطبيق ذلك على الطعن الماثل، وكان الثابت بالأوراق أن هيئة مفوضي الدولة أبدت رأيها القانوني في طلب الإلغاء المقامة به الدعوى رقم 3228 لسنة 48 ق، ولدى نظر تلك الدعوى أمام المحكمة قام المطعون ضده بإضافة طلب جديد (طلب تعويض)، وقد فصلت المحكمة في هذين الطلبين، دون أن تحيل الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإبداء رأيها القانوني في الطلب الجديد وإذ أن الفصل في هذا الطلب قد شيد على الفصل في الطلب الأصلي (طلب الإلغاء )، وللارتباط الوثيق بين هذين الطلبين، ومن ثم فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه، ولا وجه للنعي عليه بالبطلان.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من الطعن والمتعلق بطلب إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تعويض المطعون ضده بمبلغ عشرون ألف جنيه، فإن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية التي تصدرها هو قيام خطأ من جانبها، بأن يكون القرار الإداري غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وإن يحيق بصاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، بأن يترتب الضرر على القرار غير المشروع.
ومن حيث إن المادة/ 2 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 المشار إليه والذي يسري على المنازعة مثار هذا الطعن تنص على أنه "تخضع المناقصة العامة لمبادئ العلانية والمساواة وحرية المنافسة.." وتنص المادة/ 18 من هذا القانون على أنه (.. وإذا تم استبعاد عطاء أو أكثر من بين العطاءات المقدمة وجب أن يكون قرار الاستبعاد مسبباً).
وتنص المادة/ 20 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 على أنه (يقوم رئيس لجنة فتح المظاريف بفتح صندوق العطاءات في الساعة الثانية عشرة ظهراً في اليوم المعين لفتح المظاريف كآخر موعد لتقديم العطاءات... )، وتنص المادة/ 21 من ذات اللائحة على أنه (لا يلتفت إلى أي عطاء أو تعديل فيه يرد بعد الموعد المعين لفتح المظاريف..).
ومن حيث إن مؤدى هذه النصوص، أن المشرع لاعتبارات قدرها أهمها كفالة المساواة بين المتناقصين وضمان جديتهم، وحفاظاً على حقوق الإدارة إذا ما أخل المتناقص بالتزاماته، فقد أوجب على كل مقدم عطاء بأن يرفق بعطائه التأمين الابتدائي على أن يقدم العطاء في موعد غايته الساعة الثانية عشرة بجلسة فتح المظاريف، ولا يلتفت إلى أي عطاء أو تعديل فيه يرد بعد هذا الميعاد، وفي هذه الحالة يستبعد العطاء بقرار مسبب.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، وكان من الثابت بالأوراق أن حي جنوب الجيزة أعلن عن المناقصة رقم 2 لسنة 93/ 94 لتنفيذ مشروعات صرف صحي وصيانة وإحلال وتجديد بدائرة الحي والمحدد لها جلسة الثلاثاء 4/ 1/ 1994، وقد تضمن الإعلان أنه لن يلتفت إلى العطاءات الغير مصحوبة بتأمين ابتدائي بواقع 1% يزاد إلى 5% عند رسو العطاء ويشترط تقديم سابقة أعمال معتمدة وصور مجددة من البطاقة الضريبية والسجل التجاري ومكتب مقاولي القطاع الخاص وإيصال قيد بالإتحاد المصري للمقاولين، على أن يكون القانون رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية متمماً لشروط الإعلان وقد تقدم المطعون ضده بعطائه يوم جلسة فتح المظاريف (4/ 1/ 94)، كما قام بسداد التأمين الابتدائي أثناء الجلسة، بيد أنه لم يقدم باقي الأوراق المطلوبة، وهي سابقة الأعمال وصورة مجددة من البطاقة الضريبية والسجل التجاري إلا في اليوم التالي لجلسة فتح المظاريف ولدى فحص العطاءات أمام لجنة البت بجلسة 15/ 1/ 94 قررت اللجنة استبعاد عطاء المطعون ضده لعدم استيفائه الشروط المطلوبة في المناقصة لدى تقديمه العطاء بجلسة فتح المظاريف، حيث لم يقرن العطاء بالأوراق المشار إليها بالإعلان، وهو ما يستشف منه عدم جديته. وإذ صدر قرار تلك اللجنة للسبب المتقدم، ولما في ذلك من الإخلال بمبدأ المساواة بين المتناقصين، ومن ثم يضحى هذا القرار قد صادف حكم القانون في صحيحه، وبذلك ينتفي ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية، وبانتفاء هذا الركن تنتفي المسئولية الإدارية الموجبة للتعويض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه فيما قضى به قد ذهب إلى غير هذا المذهب، ومن ثم يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، مما يتعين القضاء بإلغاء هذا الحكم، وبرفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي عملاً بحكم المادة/ 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.