مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 357

(38)
جلسة 11 من يناير سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: كمال زكي عبد الرحمن اللمعي وسالم عبد الهادي محروس جمعة ومنير صدقي يوسف خليل ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 570 لسنة 39 قضائية عليا

عقد إداري - عقد توريد - فحص الأصناف المتعاقد عليها - توريد أصناف مخالفة - أثر استعمال المتعاقد للغش أو التلاعب.
المواد 85، 102، 105 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957.
لائحة المناقصات تضمنت تنظيماً كاملاً لفحص الأصناف المشتراة طبقاً لعقود التوريد من شأنه أن يمكن الجهة الإدارية من التحقق من مطابقة المبيع لشروط العقد ومواصفاته والوفاء بالغرض المقصود منه، ولها على ضوء ما تجريه من تجارب وفحص أن تقرر إما قبول الصنف أو رفضه بناء على تقرير لجنة الفحص والاعتماد، أو بناء على التحليل الذي تجريه على المواد الموردة من خلال معاملها أو من خلال الجهات المختصة بالتحليل - يجب على الجهات التي تقوم بالتحليل أو الفحص الفني أن تبين مدى مطابقة المواد الموردة للمواصفات المتعاقد عليها - فرقت اللائحة بين مجرد قيام المتعاقد بتوريد أصناف مخالفة للشروط والمواصفات المتعاقد عليها، وبين استعمال الغش أو التلاعب في معاملة الجهة الإدارية - فجزاء توريد أصناف مخالفة للمواصفات هو رفض الأصناف وتكليف المتعهد بتوريد غيرها، أو قبول الأصناف المخالفة مع تخفيض ثمنها، أو قيام جهة الإدارة بشراء أصناف مطابقة على حسابه، أو إنهاء التعاقد على هذه الأصناف ومصادرة التأمين بما يوازي 10% من قيمتها، ذلك كله مع توقيع غرامة التأخير والمصروفات الإدارية - أما جزاء استعمال الغش أو التلاعب فهو فسخ العقد ومصادرة التأمين وشطب اسم المتعهد من بين المتعهدين وعدم السماح له بالدخول في مناقصات حكومية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 24/ 12/ 1992 أودعت هيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعن بصفته تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا وطلبت في ختام التقرير للأسباب الواردة فيه الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقد تم إعلان التقرير على النحو الثابت بالأوراق وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام رافعه بصفته المصروفات.
وتدول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن قررت بجلسة 17/ 12/ 1999 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 4/ 5/ 1999 وتم نظر الطعن بالجلسة سالفة الذكر والجلسات التالية وبجلسة 23/ 11/ 1999 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم 11/ 1/ 2000 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية والإجرائية.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فقد سبق للمطعون ضدهم ومورثهم أن أقاموا الدعويين رقمي 3970 لسنة 39 ق، 2820 لسنة 39 ق ضد المطعون بصفته طالبين الحكم بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي لهم مبلغ مقداره 20533.152 جنيهاً قيمة عسل أسود قام مورثهم بتوريده إلى مصلحة السجون وهو عبارة عن 13141.152 جنيه ثمن العسل ومبلغ 7392 قيمة التأمين المسدد للجهة الإدارية من مورثهم مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وقد تداولت المحكمة نظر الدعويين على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 22/ 11/ 1992 حكمت المحكمة بقبول الدعويين شكلاً وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه الأول بصفته بأن يؤدي للمدعين مبلغ مقداره 20533.152 جنيه
(عشرون ألفاً وخمسمائة وثلاثة وثلاثون جنيهاً 152 مليم) والمصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن مورث المدعين قد ورد الكميات المتعاقد عليها من العسل الأسود على التفصيل الوارد بالحكم إلى السجون الموضحة أمام كل منها، ولم يثبت من الأوراق أن العسل المورد مخالف للمواصفات أو غير صالح للاستهلاك الآدمي ومن ثم يكون مورث المدعين لم يخالف شروط التعاقد وأوفى بالتزاماته التعاقدية دون إخلال أو تقصير. والثابت أنه لم يصرف بالفعل مقابل ما قام بتوريده إلى سجن أسيوط ولم يصرف مشمول فاتورة التوريد إلى سجن الزقازيق بتاريخ 17/ 5/ 1982 وكذلك ما قام بتوريده إلى سجن ليمان طره والقناطر الخيرية بتاريخ 6/ 6/ 1982 بالنسبة للأول وبتاريخ 27/ 5/ 1982 بالنسبة للثاني وأن ما صرفته له الجهة الإدارية عن توريدات سابقة لا يدخل فيه ما تم توريده بالفواتير أرقام 44 في 11/ 5/ 82، 47 في 17/ 5/ 82، ورقم 50 في 6/ 6/ 82، 48 في 27/ 5/ 1982 الأمر الذي يتعين معه إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي لورثة المدعين مبلغ 13141.152 جنيه قيمة ما تم توريده عن الفواتير سالفة الذكر واستطردت المحكمة إلى أن المتعاقد لم يخل بالتزاماته التعاقدية ويحق له صرف مبلغ التأمين الذي قام بأدائه للجهة الإدارية ومقداره 7392 جنيه.
وإذ لم يرتض الطاعن بصفته الحكم المشار إليه أقام طعنه الماثل ناعياً على الحكم مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ومخالفة الثابت في الأوراق وذلك لأن مورثهم ورد عسل غير مطابق للمواصفات وأعادته إليه الجهة الإدارية ورفضت قبوله ومن ثم لا يستحق مقابلاً عما تم توريده غير مطابق للمواصفات وأن صدور حكم ببراءته من تهمة توريد سلع غذائية مغشوشة في القضية رقم 6985/ 83 جنح مستأنف المعادي والقضية رقم 3525/ 80 بمحكمة بندر المنيا لا ينفي توريده كميات من العسل غير مطابق للمواصفات وغير صالحة للاستهلاك الآدمي تم إعادتها إليه لعدم مطابقتها للمواصفات وذلك على التفصيل الوارد بتقرير الطعن الذي انتهى بطلب الحكم بالطلبات المشار إليها.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل ينحصر في مدى أحقية المطعون ضده في صرف مستحقاته عن كميات العسل الأسود المورد إلى سجون طره والقناطر الخيرية والمنيا والتي ثبت مخالفتها للمواصفات وعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي - رغم صدور حكم البراءة في القضية 6985/ 83 جنح مستأنف المعادي والقضية رقم 3525 لسنة 82 محكمة بندر المنيا - المقامتين من الجهة الإدارية عن توريد تلك الكميات.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لائحة المناقصات قد تضمنت تنظيماً كاملاً لفحص الأصناف المشتراة طبقاً لعقود التوريد من شأنه أن يمكن تلك الجهة الإدارية من التحقق من مطابقة المبيع لشروط العقد ومواصفاته والوفاء بالغرض المقصود منه ولها على ضوء ما تجريه من تجارب وفحص أن تقرر إما قبول الصنف أو رفضه بناء على تقرير لجنة الفحص والاعتماد أو بناء على التحليل الذي تجريه على المواد الموردة من خلال معاملها أو من خلال الجهات المختصة بالتحليل ويجب على الجهات التي تقوم بالتحليل أو الفحص الفني أن تبين مدى مطابقة المواد الموردة للمواصفات المتعاقد عليها.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن الماثل أن مورث المدعين تعاقد مع مصلحة السجون بتاريخ 17/ 9/ 1981 على توريد عسل أسود إلى سائل السجون على مستوى الجمهورية وصدر له أمر التوريد رقم 25/ 84/ 17 بتاريخ 19/ 9/ 1981 لتوريد العسل المتعاقد عليه لسجون المصلحة خلال المدة من 19/ 9/ 1981 حتى 3/ 6/ 1982 وقام بتوريد الكميات الآتية:
1 - كمية 9 طن بسعر 100 مليم، 2494 جنيهاً إلى سجن أسيوط بتاريخ 11/ 5/ 1982 بموجب الفاتورة رقم 44 موقع عليها بما يفيد الاستلام.
2 - كمية 489 ك 8 طن بسعر 2342.882 جنيه لسجن الزقازيق بتاريخ 17/ 5/ 1982 بموجب الفاتورة رقم 47 والموقع عليها بما يفيد الاستلام.
3 - كمية 94 ك 15 طن بسعر 495 مليم، 8993 جنيهاً لسجن مزرعة ليمان طره بتاريخ 6/ 6/ 1982 فاتورة رقم 50 ومؤشر عليها بما يفيد الاستلام إلى حين ورود نتيجة التحليل.
4 - كمية 70 ك 15 طن بسعر 6755 مليم، 4147 جنيهاً لسجن القناطر للرجال بتاريخ 27/ 5/ 1982 فاتورة رقم 48.
والثابت من مذكرة الجهة الإدارية أن الكميات التي تم توريدها إلى كل من سجون طره والقناطر الخيرية والمنيا وردت مخالفة للمواصفات فتحفظت عليها الجهة الإدارية وتم سحب عينات منها بحضور المورد (مورث المطعون ضدهم) وأرسلت هذه العينات إلى المعامل المركزية بوزارة الصحة وانتهت نتيجة التحليل بتاريخ 21/ 6/ 82 (معمل 11711) إلى الآتي: (العينة غير محتفظة بخواصها الطبيعية وغير صالحة للاستهلاك لتغيرها الشديد) وبناء على هذه النتيجة تم التحفظ على الكميات غير المطابقة للمواصفات) وبالتالي قامت الجهة الإدارية بوقف صرف مستحقاته عنها وتم إقامة الدعوى الجنائية ضد مورث المطعون ضدهم نسب إليه فيها أنه ورد سلعة غذائية مغشوشة (عسل) لمنطقة سجون القناطر الخيرية ولم يثبت غشه لها أو علمه بفسادها وقضت محكمة القناطر الخيرية حضورياً في 20/ 6/ 1986 بتغريم المتهم خمسمائة جنيه واستأنف الحكم برقم 3247 لسنة 1986 وقضى فيه حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وطعن عليه بالرفض وقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وبتنفيذ الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة بنها الابتدائية لتحكم فيها من جديد بهيئة أخرى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الكميات التي تم توريدها غير مطابقة للمواصفات ورفضتها الجهة الإدارية هي مشمول الفواتير أرقام 44 في 11/ 5/ 1982، 47 في 17/ 5/ 82، رقم 50 في 6/ 6/ 1982، 48 في 27/ 5/ 1982 ومجموع المبالغ المستحقة عنها مبلغ 13141.152 جنيه وقد خلت الأوراق من قيام المورد (مورث المطعون ضدهم) لسحب هذه الأصناف غير المطابقة وتوريد بديلاً عنها كما خلت الأوراق من دليل على قبول الجهة الإدارية لها ومن ثم فإنه لا يستحق صرف مستحقاته عنها لكونها مرفوضة بعد أن أظهرت نتيجة التحليل عدم مطابقتها للمواصفات وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون.
ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه المطعون ضدهم في معرض دفاعهم وسايرهم فيه الحكم المطعون فيه من أن مورث المطعون ضدهم حكم ببراءته في القضية 6985 لسنة 1983 جنح مستأنف المعادي إذ الثابت من الأوراق أن حكم البراءة بني على عدم قيام المتهم بارتكاب غش في العسل محل الواقعة ولم يبرأ استناداً لمطابقة العسل للمواصفات وقد فرقت لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 التي تسري على النزاع الماثل، بين مجرد قيام المتعاقد بتوريد أصناف مخالفة للشروط والمواصفات المتعاقد عليها وبين استعمال الغش أو التلاعب في معاملته الجهة الإدارية فجزاء توريد أصناف مخالفة للمواصفات بالتطبيق لحكم المادتين 102، 105 من لائحة المناقصات والمزايدات هو رفض الأصناف وتكليف المتعهد بتوريد غيرها أو قبول الأصناف لمخالفة مع تخفيض ثمنها أو قيام جهة الإدارة بشراء أصناف مطابقة على حسابه أو إنهاء التعاقد عن هذه الأصناف ومصادرة التأمين بما يوازي 10% من قيمتها وذلك كله مع توقيع غرامة تأخير المصروفات الإدارية أما جزاء استعمال الغش أو التلاعب طبقاً لحكم المادة 85 من اللائحة المشار إليها فهو فسخ العقد ومصادرة التأمين وشطب اسم المتعهد من بين المتعهدين وعدم السماح له بالدخول في مناقصات حكومية - والثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية اكتفت برفض الأصناف غير المطابقة للمواصفات ومصادرة التأمين المدفوع منه وهو مبلغ 7392 ج ومن ثم تكون قد أعملت صحيح حكم القانون وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق حكم القانون مستوجباً للحكم بإلغائه والحكم برفض دعوى المطعون ضدهم وإلزامهم المصروفات.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضدهم وألزمتهم المصروفات.