مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 365

(39)
جلسة 15 من يناير سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي محمد خليل هارون - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال ومحمود سامي الجوادي وعطية عماد الدين نجم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4533 لسنة 39 قضائية عليا

دعوى - إجراءات في الدعوى - الإخطار بتاريخ الجلسة - أثر إغفال الإخطار أو التراخي في إرساله.
المادة 30 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
المشرع ألزم قلم الكتاب بإخطار ذوي الشأن بتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى بمراعاة أن ميعاد الحضور ثمانية أيام على الأقل يجوز تقصيره إلى ثلاثة أيام في حالة الضرورة وهو ما ينبني عليه بالضرورة أن يكون هذا الإخطار غير ذي أثر إن لم تتم مراعاة ميعاد الحضور - إذا ثبت أن الدعوى لم يتم حجزها للحكم في الجلسة التي وقع إغفال الإخطار أو التراخي في إرساله بالنسبة لها وجرى تأجيلها لجلسة لاحقة مع تكرار الإخطار فلا وجه لتعييب الحكم بمقولة وقوع عيب شكلي في الإجراءات أثر فيه ما دام الإخطار لم يرتد إذ على صاحب الشأن حال وصول الإخطار الأول متأخراً عن ميعاده أن يبادر بمتابعة دعواه والوقوف على ما تم حيالها في الجلسة التي فاته الحضور فيها، إما أن يتخذ من تأخير إرسال الإخطار ووصوله إليه بالتالي بعد ميعاد الجلسة ذريعة لتعييب الحكم وتكئة يركن إليها فهو أمر غير سائغ - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 14/ 9/ 1993 أودع الأستاذ/ .......... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4533 لسنة 39 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة الجزاءات بجلسة 19/ 7/ 1993 في الدعوى رقم 2916 لسنة 45 ق المرفوعة من/ ........ (الطاعن) ضد محافظ القاهرة ومدير إدارة الوايلي التعليمية بصفتهما، والذي قضى:
أولاً: برفض الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة، نوعياً بنظر طلب المدعي المتعلق بصرف كامل مكافأة امتحانات النقل لعام 1990 واختصاصها بنظره.
ثانياً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثاني لرفعها على غير ذي صفة.
ثالثاً: بعدم قبول طلب المدعي بإلغاء القرار رقم 204 لسنة 1990 لانتفاء شرط المصلحة وإلزامه مصروفاته.
رابعاً: بقبول طلب المدعي بإلغاء قرار قبول استقالته شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزامه المصروفات.
خامساً: بقبول طلب المدعي صرف كامل مكافأة امتحانات النقل العام 1990 شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وقبول الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبعد إعلان تقرير الطعن قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت في ختامه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات، ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 13/ 7/ 1998 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره أمامها جلسة 15/ 8/ 1998 وفيها نظرت به المحكمة وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها حتى قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم فصدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2916/ 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري - بتاريخ 2/ 2/ 1991 طالب الحكم: أولاً بإلغاء القرار الصادر بخصم خمسة عشر يوماً من مكافأة امتحانات النقل الخاصة به من عام 1990، ثانياً: بإلغاء القرار رقم 204 الصادر في 26/ 9/ 1990 فيما تضمنه من نقله من مدرسة إسماعيل القباني إلى مدرسة الحسينية، ثالثاً: بإلغاء القرار رقم 392 الصادر في 30/ 11/ 1990 بإنهاء خدمته للاستقالة مع ما يترتب على ذلك من آثار وقال شرحاً لدعواه أنه يعمل بوظيفة أخصائي أول تدريس من الدرجة الأولى وحاصل على درجة الدكتوراة ونظراً لوقوع خلاف بينه وبين جهة الإدارة لإصرارها على تحميل جهة العمل في امتحانات النقل العام 1990 لبعض المدرسين دون البعض الآخر فقد تقدم بشكوى في هذا الخصوص بتاريخ 16/ 5/ 1990 إلى الإدارة القانونية فانتقمت منه الجهة الإدارية بخصم خمسة عشر يوماً من مكافآته عن امتحانات 1990 دون أي تحقيق، فتقدم بتظلم في 17/ 8/ 1990 إلى وكيل الوزارة إلا أن الأخير أصدر القرار رقم 204 في 26/ 9/ 1990 بنقله من مدرسة إسماعيل القباني الثانوية إلى مدرسة الحسينية فتظلم من ذلك في 23/ 10/ 1990 رافضاً تنفيذ النقل غير أنه إزاء رغبة الإدارة في إجباره على التنفيذ تقدم في 25/ 10/ 1990 باستقالة مسببة رفضت جهة الإدارة التحقيق فيها فاضطر في 19/ 11/ 1990 إلى تقديم أخرى وصدر القرار رقم 292 في 30/ 12/ 1990 بقبولها وإنهاء خدمته اعتباراً من ذلك التاريخ، وأضاف المدعي يقول أن هذه الاستقالة باطلة إذ قدمت تحت إكراه ونتيجة لرهبة بثتها جهة الإدارة في نفسه وخلص إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 19/ 7/ 1993 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بالمنطوق المتقدم إيراده، وأقامت قضاءها في خصوص مكافأة الامتحانات على أن قرار حرمان المدعي من نصف المكافأة المقررة بقرار وزير التربية والتعليم رقم 92 لسنة 1990 قام على سببه المبرر له قانونا لثبوت تغيبه عن حضور بعض أيام امتحانات نصف العام الدراسي التي أجريت في يناير 1990 وعدم تعاونه مع إدارة المدرسة وهو ما أسفر عنه التحقيق الذي باشرته الشئون القانونية في هذا الشأن أما عن طلب إلغاء قرار النقل فما دام الثابت أن المدعي أنهيت خدمته بقرار لاحق فإن المصلحة في طلب الإلغاء تكون قد زالت مما يتعين معه الحكم بعدم قبول هذا الطلب لانتفاء المصلحة عملاً بحكم المادة 12 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وفيما يتعلق بقرار إنهاء الخدمة للاستقالة فقد أقامت المحكمة قضاءها برفض هذا الطلب على ما استبان لها من عدم توافر الإكراه بمدلوله المتعارف عليه فقها وقضاء بل أن المدعي تقدم بالاستقالة مرة إثر أخرى مما يؤكد انصراف نيته إلى هجر الوظيفة والعزوف عنها ومن ثم يكون القرار الصادر بقبولها سليماً قانوناً بمنأى عن الإلغاء.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه وقوع بطلان في الإجراءات لعدم إخطاره بتاريخ الجلسات التي نظرت فيها الدعوى مما ترتب عليه إهدار حقه في الدفاع ذلك أن قلم الكتاب قام بتوجيه إخطار مؤرخ في 3/ 5/ 1993 إلى محاميه إلا أن الإخطار لم يسجل بمكتب البريد إلا بتاريخ 16/ 5/ 1993 اليوم السابق مباشرة على الجلسة المحددة لها يوم 17/ 5/ 1993 ولم يصل هذا الإخطار إلى علم الطاعن أو وكيله وقد تأجل نظر الدعوى لجلسة 14/ 6/ 1993 وقام قلم الكتاب بإخطار محامي الطاعن بها بموجب الكتاب المؤرخ 27/ 5/ 1993 إلا أن هذا الكتاب لم يسجل بمكتب البريد إلا يوم 14/ 6/ 1993 وهو اليوم المحدد لنظر الدعوى ولم يصل هذا الإخطار إلى علم الطاعن أو وكيله وقد تم حجز الدعوى للحكم في الجلسة ذاتها لجلسة 5/ 7/ 1993 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 19/ 7/ 1993 حيث صدر مشوباً بعيب في الإجراءات يبطله تبعاً لإغفال قلم الكتاب الإخطار في الموعد المحدد قانوناً كذلك نعى الطاعن على الحكم عدم التحقق من صحة الوقائع التي تكون ركن السبب في القرار الصادر بخصم نصف مكافأة الامتحانات المقررة له عن عام 1990، كما أغفلت المحكمة الرد على ما أثاره الطاعن من أن النقل كان وسيلة إكراه سائراً لجزاء، وأفاض الطاعن في بيان ملابسات تقديمه الاستقالة وما واكبها من ظروف وصفها بالإرهاب الذي يصل إلى حد الإكراه المبطل للقرار الصادر بقبولها.
ومن حيث إنه ولئن كان مفاد نص المادة 30 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أن قلم الكتاب يلتزم بإخطار ذوي الشأن بتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى بمراعاة أن ميعاد الحضور ثمانية أيام على الأقل يجوز تقصيره إلى ثلاثة أيام في حالة الضرورة وهو ما ينبني عليه بالضرورة أن يكون هذا الإخطار غير ذي أثر إن لم تتم مراعاة ميعاد الحضور إلا أنه إذا ثبت أن الدعوى لم يتم حجزها للحكم في الجلسة التي وقع إغفال الإخطار أو التراخي في إرساله بالنسبة لها وجرى تأجيلها لجلسة لاحقة مع تكرار الإخطار فلا وجه لتعييب الحكم بمقولة وقوع عيب شكلي في الإجراءات أثر فيه ما دام الإخطار لم يرتد، إذ على صاحب الشأن حال وصول الإخطار الأول متأخراً عن ميعاده أن يبادر بمتابعة دعواه والوقوف على ما تم حيالها في الجلسة التي فاته الحضور فيها، أما أن يتخذ من تأخير إرسال الإخطار ووصوله إليه بالتالي بعد ميعاد الجلسة ذريعة لتعييب الحكم وتكئة يركن إليها فهو أمر غير شائع.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن قلم الكتاب قام بإخطار محامي المدعي بالجلسة المحددة لنظر الدعوى كما قام بالإخطار كذلك بالجلسة التي تأجلت إليها ولم يرتد أي من الإخطارين فإنه مع التسليم بالتأخير في الإرسال مما يستتبع التأخير في الوصول بالضرورة فقد كان لزاماً على المدعي على أثر وصول الإخطار إليه أن يبادر إلى الاستفسار عما تم في دعواه سواء إن كان جاداً في الخصومة حريصاً على إنزال صحيح حكم القانون فيها، فإذا تقاعس فلا يلومن إلا نفسه، إذ بثبوت وصول الإخطار ولو كان متأخراً تكون قد تحققت الغاية من الإجراء.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب إلغاء القرار الصادر بخصم خمسة عشر يوماً من مكافأة امتحانات النقل عن عام 1990 فقد جانب الحكم المطعون فيه صواب النظر إذ اعتبر هذا الطلب من قبيل منازعات الرواتب التي لا تتقيد بمواعيد دعوى الإلغاء، ذلك أن الثابت من مطالعة قرار وزير التربية والتعليم رقم 92 لسنة 1990 بقواعد صرف تلك المكافأة عن العام المذكور أنه قرر في مادته الأولى مقدار المكافأة وحددها بثلاثين يوماً للعاملين بمدارس مرحلة التعليم الثانوي نظير مشاركتهم في جميع أعمال امتحانات النقل المختلفة طوال العام الدراسي ثم نص في المادة الرابعة على أن "يحدد كل من رئيس القطاع وكذلك مدير أو ناظر المدرسة كل بالنسبة للعاملين التابعين له استحقاق العامل من عدمه لهذه المكافأة على ضوء الانتظام والتعاون والمشاركة الإيجابية في العمل على مدار العام الدراسي "والواضح من هذا النص أن الحق في مكافأة الامتحانات لا يجد مصدره في حكم القانون مباشرة بل يتقرر بموجب القرار الإداري الذي تصدره السلطة المختصة في ضوء تقديرها مدى توافر ضوابط ومعايير الاستحقاق وترتيباً على ذلك فإن الدعوى - في شقها المتعلق بطلب إلغاء قرار الخصم من المكافأة المشار إليها تغدو يقيناً من دعاوى الإلغاء.
ومن حيث إن المدعي تظلم من هذا القرار بتاريخ 17/ 8/ 1990 فقد كان لزاماً عليه أن يقيم دعواه بطلب إلغائه في غضون الستين يوماً التالية لمضي ستين يوماً على تظلمه دون أن يتلقى رداً عليه، أما وقد تراخى في ذلك حتى أقام دعواه في 2/ 2/ 1991 فإن طلبه هذا يكون غير مقبول لتقديمه بعد الميعاد وهو ما يتعين القضاء به وتعديل الحكم المطعون فيه على هذا الأساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ما قضى به الحكم في طلب إلغاء قرار النقل وفي طلب إلغاء القرار الصادر بقبول الاستقالة فقد انتهى الحكم إلى قضاء سديد وقام على أسباب سائغة تحمله وتقرها هذه المحكمة، فلا مراء في أن إلغاء قرار النقل بالنسبة إلى من أنهيت خدمته هو طلب غير ذي جدوى وينتفي وجه المصلحة فيه، وفيما يتعلق بقرار قبول الاستقالة في هذه النقطة أشارت المحكمة إلى إصرار المدعى عليها بتقديمها مرتين فصل بينهما فاصل زمني كاف لوزن الأمر بتدبر وروية، بل إن الطاعن ذاته أشار في تقرير طعنه إلى ما بذلته جهة الإدارة من محاولات لإثنائه عن عزمه الاستقالة إلا أنه أبى، ثم عاد يردد أن ما تم من ذلك هو من قبيل التهديد الذي أسبغ عليه - وفقاً لتصوره - وصف الإكراه.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم جميعه أن الحكم المطعون فيه صدر سليماً مطابقاً للقانون فيما خلا ما تعلق بطلب إلغاء قرار الخصم من مكافأة الامتحانات فمن ثم يتعين تعديله في هذا الشق منه على الوجه البادي إيضاحه وتأييده فيما عدا ذلك مع إلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به في البند خامساً منه ليكون بعدم قبول طلب إعادة القرار الصادر بخصم خمسة عشر يوماً من مكافأة الامتحانات المقررة للمدعي عن عام 1990 شكلاً لتقديمه في الميعاد، وتأييد الحكم فيما عدا ذلك وألزمت الطاعن المصروفات.