مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 383

(41)
جلسة 18 من يناير سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: كمال زكي عبد الرحمن اللمعي وسالم عبد الهادي محروس جمعة ومنير صدقي يوسف خليل ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4742 لسنة 41 قضائية عليا

إصلاح زراعي - التزامات المنتفع بالأراضي الزراعية - أثر إخلاله بالتزاماته.
المادتان 14، 19 من القانون 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي.
يتعين على المنتفع بالأراضي الزراعية الموزعة عليه من قبل الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أن يقوم بزراعتها بنفسه وأن ينزل في ذلك العناية الواجبة وأن يقوم بسداد مستحقات الجمعية التعاونية الزراعية للإصلاح الزراعي وفي حالة إخلاله بأي من ذلك يتم التحقيق معه بمعرفة اللجنة المختصة وللجنة بعد سماع أقوال المنتفع أن تصدر قراراً مسبباً بإلغاء القرار الصادر بتوزيع الأراضي عليه واستردادها منه واعتباره مستأجراً لها اعتباراً من تاريخ تسليمها إليه - لا يصبح هذا القرار نهائياً إلا بعد التصديق عليه من اللجنة العليا - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 15/ 8/ 1995 أودع الأستاذ/ ......... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة المنصورة - بجلسة 17/ 6/ 1995 في الدعوى رقم 87 لسنة 10 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعين المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم: بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء قرار سحب الأرض وإعادتها إليهم وتسجيلها باسمهم وبالتعويض المناسب عما أصابهم من أضرار جسيمة مادية وأدبية وتحميل المطعون ضدهما المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن المطعون ضدهما بهذا الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار رقم 974 لسنة 1975 بالتصديق على قرار لجنة مخالفات المنتفعين في الدعوى رقم 234 لسنة 1972، والدعوى رقم 324 لسنة 1972 بإلغاء انتفاع الطاعنين مع إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للطاعنين التعويض الذي تقدره المحكمة، وإلزام المطعون ضدهما بصفاتهما المصروفات.
ونظر الطعن بدائرة فحص الطعون حيث أودع الحاضر عن الطاعنين مذكرة خلص فيها - للأسباب الواردة بها - إلى طلب الحكم: أولاً: بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر بالتصديق على القرار الصادر من لجنة بحث مخالفات المنتفعين الذي ألغى انتفاع الطاعنين بالأرض محل الدعوى وبرد الأرض إليهم وتسجيلها باسمهم مع ما يترتب على ذلك من آثار. وثانياً: إلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بأداء تعويض قدره 64000 جنيهاً لكل من الطاعن الأول وباقي الطاعنين ليكون إجمالي مبلغ التعويض هو 128000 جنيهاً عما أصابهم من أضرار مادية وأدبية كما أودع الحاضر عن الجهة الإدارية حافظة مستندات طويت على المستندات المبينة بها ومذكرة خلص فيها - للأسباب الواردة بها - إلى طلب الحكم برفض الطعن، وبجلسة 17/ 3/ 1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 25/ 5/ 1999. وعليه ورد الطعن إلى هذه المحكمة، وتدول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 7/ 12/ 1999 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 9/ 10/ 1987 أقام الطاعنون الدعوى رقم 87 لسنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة المنصورة - ضد المطعون ضدهما للحكم بإلغاء قرار سحب الأرض منهم وإعادتها إليهم، وتسجيلها باسمهم وبالتعويض المناسب لجبر الأضرار الواقعة عليهم مع ما يترتب على ذلك من آثار تأسيساً على أن المدعي الأول ومورث الباقين انتفعا بمساحة أربعة أفدنة بالتمليك بواقع فدانين لكل منهما بزمام منطقة الإصلاح الزراعي بههيا (جمعية الإصلاح الزراعي بالمحمودية) وقد فوجئوا بسحب هذه الأرض منهما بموجب قرار من لجنة مخالفات المنتفعين في حين أن كلاً منهما لم يستدع أو يبلغ بأي قرار أو يسمع دفاعه، وقد قاما بالوفاء بالتزاماتهما وسددا أقساط التمليك وبالتالي لا يجوز سحب أو إلغاء قرار الانتفاع بالتمليك الصادر لهما.
وبجلسة 17/ 6/ 1995 قضت المحكمة: بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وأقامت قضاءها على أنه تبين لجهة الإدارة أن المدعيين قد أهملا في زراعة الأرض الموزعة على كل منهما، مما أدى إلى بوار الأرض محل الانتفاع فضلاً عن عدم سدادهما لمستحقات الجمعية الزراعية، وعدم تعاونهما معها ومن ثم فإن قرار تلك الجهة بإلغاء توزيع الأرض عليهما واستردادها منهما، واعتبارهما مستأجرين لها من تاريخ تسليمها إليهما، صدر وفقاً لأحكام القانون وبالتالي يكون ركن الخطأ منتفياً في جانب الجهة الإدارية مما يتعين رفض طلب التعويض.
ومن حيث إن الطعن الماثل قد شيد على مخالفة الحكم فيه للقانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والقضاء بغير الثابت بالأوراق ذلك أن الطاعنين لم يبلغا للمثول أمام لجنة بحث مخالفات المنتفعين لمواجهتهما بما نسب إليهما وتمكينهما من الدفاع عن نفسهما وبالتالي ضاعت عليهما فرصة التظلم من القرار المطعون فيه كما أن القرار الصادر بتوزيع الأرض عليهما أصبح نهائياً ومحصناً ضد السحب أو الإلغاء وأن المطعون ضدهما لم يقدما ما يفيد إهمالهما (الطاعنين) في زراعة الأرض الموزعة عليهما أو ما يفيد عدم سدادهما مستحقات الجمعية الزراعية فضلاً عن أنه قد ترتب على القرار المطعون فيه طردهما من هذه الأرض دون إبقائهما كمستأجرين لها، حيث تم تسكين غيرهما عليها وبالتالي حرما من استغلال الأرض المشار إليها رغم قيامهما بسداد أقساط التمليك.
ومن حيث إنه عن طلب إلغاء قرار سحب الأرض محل النزاع وإعادتها إلى الطاعنين فإن الثابت بالأوراق أن الطاعن الأول وزع عليه مساحة 21 س 3 ط 2 ف بزراعة المحمودية - منطقة الإصلاح الزراعي بههيا محافظة الشرقية كما أن مورث باقي الطاعنين وزع عليه مساحة 4 س 4 ط 2 ف بتلك الجهة، وقد صدر قرار اللجنة القضائية لمخالفات المنتفعين بتاريخ 26/ 2/ 1975 في الدعوى رقم 324 لسنة 72 بإلغاء قرار التوزيع الصادر لصالح الطاعن الأول واستردادها منه واعتباره مستأجراً لها من تاريخ تسليمها إليه وذلك لأنه مهمل في الزراعة وغير قادر عليها مما أدى إلى بوار الأرض وتزايد مديونيته حتى أصبحت 536 جنيهاً سنة 74، وأنه غير متعاون مع الجمعية التعاونية الزراعية للإصلاح الزراعي كما صدر قرار تلك اللجنة بتاريخ 25/ 2/ 1975 في الدعوى رقم 234 لسنة 72 بإلغاء قرار التوزيع الصادر لصالح مورث باقي الطاعنين واستردادها منه واعتباره مستأجراً لها من تاريخ تسليمها إليه، وذلك لأنه مهمل في الزراعة مما أدى إلى بوار الأرض محل انتفاعه، ومديونيته في تزايد مستمر، وأصبحت 677 جنيهاً في عام 73 - وأنه غير متعاون مع الجمعية المذكورة، وقد صدر قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي رقم 974 بتاريخ 1/ 12/ 1975 بالتصديق على قراري اللجنة القضائية سالفي الذكر.
ومن حيث إن المادة 14 من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي تنص على أنه (تسلم الأرض لمن آلت إليه من صغار الفلاحين... ويجب على صاحب الأرض أن يقوم على زراعتها بنفسه وأن يبذل في عمله العناية الواجبة. وإذا تخلف من تسلم الأرض عن الوفاء بأحد التزاماته المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو تسبب في تعطيل قيام الجمعية التعاونية بالأعمال المنصوص عليها في المادة 19 أو أخل بأي التزام جوهري آخر يقضي به العقد أو القانون حقق الموضوع بواسطة لجنة تشكل. ولها بعد سماع أقوال صاحب الشأن أن تصدر قراراً مسبباً بإلغاء القرار الصادر بتوزيع الأرض عليه واستردادها منه واعتباره مستأجراً لها من تاريخ تسلميها إليه.... ويبلغ القرار إليه بالطريق الإداري قبل عرضه على اللجنة العليا بخمسة عشر يوماً على الأقل ولا يصبح نهائياً إلا بعد تصديق اللجنة العليا عليه.... وتنفيذ قرارها بالطريق الإداري).
ومؤدى هذا النص أنه يتعين على المنتفع بالأرض الزراعية الموزعة عليه من قبل الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أن يقوم بزراعتها بنفسه وأن يبذل في ذلك العناية الواجبة وأن يقوم بسداد مستحقات الجمعية التعاونية الزراعية للإصلاح الزراعي وفي حالة إخلاله بأي من ذلك يتم التحقيق معه بمعرفة اللجنة المختصة وللجنة بعد سماع أقوال المنتفع أن تصدر قراراً مسبباً بإلغاء القرار الصادر بتوزيع الأرض عليه واستردادها منه واعتباره مستأجراً لها اعتباراً من تاريخ تسليمها إليه ولا يصبح هذا القرار نهائياً إلا بعد التصديق عليه من اللجنة العليا.
ومن حيث إن الثابت حسبما سلف البيان أن الطاعنين قد أخلوا بالتزاماتهم المقررة قانوناً حيث أهملوا زراعة الأرض الموزعة عليهم مما أدى ذلك إلى بوار هذه الأرض كما تقاعسوا عن سداد مستحقات الجمعية التعاونية الزراعية ولم يتعاونوا معها، مما نجم عن ذلك مديونيتهم للجمعية بالمبالغ المشار إليها سلفاً وإذ لم يقدم المذكورين ما يدحض ذلك أو ما يفيد سدادهم لمستحقات تلك الجمعية فضلاً عن تخلفهم عن الحضور أمام اللجنة القضائية لمخالفات المنتفعين رغم إعلانهم بذلك ومن ثم يضحى قرار سحب الأرض الموزعة عليهم (المطعون فيه) متفقاً وحكم القانون في صحيحه ولا وجه للنعي عليه.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض فإن مسئولية الإدارة عن القرارات التي تصدرها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر بأن يترتب الضرر على القرار غير المشروع.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم وكان الثابت أن قرار سحب الأرض الموزعة على الطاعنين (المطعون فيه) صحيحاً ومتفقاً وحكم القانون ومن ثم ينتفي ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية وبانتفاء هذا الركن تنتفي المسئولية الإدارية الموجبة للتعويض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى للأسباب المتقدمة، ومن ثم يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.