مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 391

(42)
جلسة 22 من يناير سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي محمد خليل هارون - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال ومحمود سامي الجوادي وأسامة محمود عبد العزيز محرم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5262 لسنة 43 قضائية عليا

عاملون بالمحاكم والنيابات - مجلس تأديبهم - مدى جواز التعويض من القرارات الصادرة منه.
إن السلطة القضائية لا تسأل عما تقوم به من أعمال قضائية لا وجه للطالبة من تعويض عن قرار مجلس تأديب العاملين بفصل عامل من الخدمة رغم إلغاء هذا القرار بموجب حكم المحكمة الإدارية العليا باعتبار أن هذا القرار الصادر من مجلس التأديب لا يخضع لتصديق الجهة الإدارية ومن ثم فإنه يتساوى مع الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم التأديبية ويسري عليه ما يسري على هذه الأحكام - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 16/ 7/ 1997 أودع الأستاذ/ ......... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ........ بصفته وكيلاً عن السيد/ ....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 5262 لسنة 43 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضائية الإداري بطنطا (الدائرة الأولى) بجلسة 18/ 5/ 1997 في الدعوى رقم 538 لسنة 1 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف نصف أجره عن مدة الستة أشهر البادئة من 28/ 7/ 1991 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة بينهما.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً: بإلغاء الشق الثاني من الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقيته في صرف مرتبه كاملاً شاملاً الحوافز والبدلات في الفترة التالية للستة أشهر الأولى المشار إليها في الشق الأول من الحكم المطعون فيه حتى اليوم السابق - لعودته إلى عمله مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات، واحتياطياً بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بطنطا لنظرها أمام دائرة أخرى.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بأحقية الطاعن في صرف نصف أجره عن مدة الستة أشهر البادئة من 28/ 7/ 1991 حتى 28/ 1/ 1992، وبرفض طلبه التعويض عن المدة من 28/ 1/ 1992 حتى 23/ 1/ 1993 تاريخ صدور حكم المحكمة الإدارية العليا أو أية رواتب أو بدلات أو حوافز، وبأحقيته في صرف راتبه كاملاً شاملاً البدلات والحوافز في الفترة من 23/ 1/ 1993 حتى 8/ 5/ 1993 تاريخ تسلمه العمل فعلاً وما يترتب على ذلك؛ من آثار وإلزام الطاعن والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 23/ 8/ 1999 إحالته إلى دائرة الموضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 26/ 10/ 1999 وتدول بالجلسات على النحو المثبت بالمحاضر إلى أن قررت المحكمة النطق به بجلسة اليوم وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 25/ 8/ 1993 أقام المدعي (الطاعن) الدعوى رقم 8249 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) طالباً الحكم بأحقيته في صرف نصف مرتبه شاملاً المكافآت والحوافز عن مدة الستة أشهر التي تبدأ من 28/ 7/ 1991 ثم صرف مرتبه كاملاً شاملاً الحوافز والبدلات عن المدة التالية وحتى 7/ 5/ 1993 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال - شرحاً لدعواه أنه يعمل بمحكمة طنطا الابتدائية (مأمورية المحلة الكبرى)، وبتاريخ 28/ 7/ 1991 أصدر مجلس التأديب المنعقد بالمحكمة قراره بفصل المدعي من العمل مؤسساً قضاءه على أنه خرج على مقتضى الواجب الوظيفي بإهماله في عمله إهمالاً جسيما أدى إلى فقد ملف الدعوى رقم 2386 لسنة 1989 مدني كلي المحلة الكبرى كما أنه دون بيومية الجلسات قرين الدعوى المشار إليها بيانات مخالفة للحقيقة، وإذ طعن في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 4237 لسنة 37 ق. ع فقد أصدرت هذه المحكمة بجلسة 23/ 1/ 1993 حكمها بإلغاء قرار مجلس التأديب المشار إليه وبمجازاة المدعي بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر، وبناء على ذلك أصدر السيد الأستاذ المستشار المساعد/ وزير العدل لشئون الديوان العام القرار رقم 2562 لسنة 1993 بتاريخ 24/ 4/ 1993 بتنفيذ هذا الحكم، وتسلم عمله اعتباراً من 8/ 5/ 1993 إلا أنه لم يتم صرف نصف أجره عن مدة الستة أشهر التي تبدأ من 28/ 7/ 1991 كما لم يتم صرف أجره كاملاً عن المدة التالية وحتى 7/ 5/ 1993، فأقام دعواه للحكم له بطلباته.
ولدى إنشاء محكمة القضاء الإداري في طنطا تمت إحالة الدعوى إليها وقيدت برقم 538 لسنة 1 ق، وتداولت أمامها بالجلسات إلى أن أصدرت حكمها المطعون فيه بأحقية المدعي في صرف أجره عن مدة الستة أشهر البادئة من 28/ 7/ 1991، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وقد شيدت قضاءها في الشق الأخير، وهو الشق المطعون فيه، على أن حقيقة طلبات المدعي هي الحكم بتعويضه من الضرر الذي حاق به من جزاء قرار فصله من الخدمة والذي يقدر بقيمة ما كان سيتقاضاه من مرتب وحوافز وبدلات خلال فترة الفصل، وأنه لما كان هذا القرار قد صدر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة طنطا الابتدائية ولا يخضع لتصديق جهة إدارية أعلى ويطعن فيه مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا ويعتبر بمثابة حكم تأديبي، وأنه من المستقر عليه أنه لا تعويض عن الأحكام القضائية التي تصدر من محاكم أول درجة إذا ما ألغيت أمام المحاكم الأعلى إلا في حالة الخطأ الجسيم أو الانحراف في استعمال السلطة وهو ما لم يتوافر في الحالة الراهنة، ومن ثم فإن مطالبة المدعي بالتعويض عن الأضرار التي حاقت به من جراء قرار مجلس التأديب المشار إليه تكون غير قائمة على سند صحيح حرية بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بالقصور في التسبيب لأن الطاعن كان يستحق أجره كاملاً شاملاً البدلات والحوافز عن المدة التالية لمدة الستة أشهر المشار إليها في الشق الأول من الحكم المطعون فيه وحتى 7/ 5/ 1993 وهو اليوم السابق لتسلمه العمل، كما أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون إذ كيف طلبات الطاعن في الشق المطعون فيه على أنها طلب تعويض عن الضرر الذي حاق به من جزاء فصله من الخدمة في حين أن حقيقة التكييف القانوني لهذه الطلبات هي أحقية الطاعن في صرف مرتبه كاملاً شاملاً البدلات والحوافز عن المدة التالية لمدة الستة أشهر المشار إليها وذلك قياساً على ما أفتت به الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة من أن خدمة العامل تعتبر متصلة وتحسب مدتها ضمن المدة المقررة لاستحقاق العلاوة الدورية والترقية نفاذاً للحكم الصادر بإلغاء قرار إنهاء الخدمة وما أفتت به من أحقية العامل الذي سحب قرار إنهاء خدمته للعجز الكلي لعدم مشروعيته في اعتبار خدمته متصلة واستحقاقه لأجره كاملاً خلال فترة إنهاء الخدمة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد المستشار رئيس محكمة طنطا الابتدائية كان قد أصدر القرار رقم 133 لسنة 1991 بإحالة المدعي إلى المحاكمة التأديبية لخروجه على مقتضى الواجب الوظيفي بإهماله إهمالاً جسيماً في عمله أدى إلى فقد ملف الدعوى رقم 2386 لسنة 1989 مدني كلي المحلة الكبرى ودون بيومية الجلسات بيانات مخالفة للحقيقة، وبجلسة 28/ 7/ 1991 أصدر مجلس تأديب العاملين بمحكمة طنطا الابتدائية قراره بفصل المدعي من الخدمة، غير أن المدعي أقام الطعن رقم 4237 لسنة 37 ق. عليا أمام المحكمة الإدارية العليا طالباً الحكم بإلغاء القرار المشار إليه. وبجلسة 23/ 1/ 1993 أصدرت المحكمة حكمها بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وبمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر، وأصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 2062 لسنة 1993 بتاريخ 18/ 4/ 1993 بتنفيذ هذا الحكم وذلك بإعادة المدعي إلى عمله ومجازاته بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر، وبناء على ذلك عاد المدعي إلى عمله وتسلمه اعتباراً من 8/ 5/ 1993.
ومن حيث إن مطالبة المدعي بصرف أجره، وما يرتبط به من حوافز ومكافآت وبدلات عن الفترة من 28/ 1/ 1992 (تاريخ انتهاء مدة الوقف عن العمل لمدة ستة أشهر) حتى 7/ 5/ 1993 (تاريخ اليوم السابق لإعادته إلى العمل) هو من قبيل طلبات التعويض عن الأضرار التي أصابت المدعي من جراء قرار مجلس تأديب العاملين بمحكمة طنطا الابتدائية بجلسة 28/ 7/ 1991 بفصله عن العمل مما تسبب في حرمانه من أجره، وما يرتبط من حوافز ومكافآت وبدلات عن الفترة سالفة الذكر، ولا وجه لمسايرة الطعن فيما ذهب إليه من محاولة تكييف هذا الطلب على أنه من طلبات المرتبات ذلك أن المدعي لم يؤد عملاً خلال الفترة المذكورة ومن ثم فإنه لا يستحق أجراً باعتبار أن الأجر مقابل العمل.
ومن حيث إنه من المستقر عليه أن السلطة القضائية لا تسأل عما تقوم به من أعمال قضائية، وبناء على ذلك فإنه لا وجه لما يطالب به المدعي من تعويض عن قرار مجلس تأديب العاملين بمحكمة طنطا الابتدائية المشار إليه بفصله من الخدمة رغم إلغاء هذا القرار بموجب حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4237 لسنة 37 ق. ع باعتبار أن هذا القرار الصادر من مجلس التأديب لا يخضع لتصديق الجهة الإدارية ومن ثم فإنه يتساوى مع الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم التأديبية ويسري عليه ما يسري على هذه الأحكام، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الثابت من حافظة المستندات المقدمة من الجهة الإدارية أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا بجلسة 3/ 9/ 1994، أنها بادرت إلى تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه فور تقدم المدعي بصورته التنفيذية، وأصدرت بذلك قرارها رقم 2562 لسنة 1993 بتاريخ 28/ 4/ 1993، وعندما تقدم المدعي بطلب مؤرخ 5/ 5/ 1993 إلى رئيس محكمة طنطا الابتدائية لتسليمه العمل اعتباراً من 8/ 5/ 1993 تمت الموافقة على طلبه وتسلم العمل بالفعل في هذا التاريخ، ومن ثم فإنه لا وجه للقول بتقاعس الجهة الإدارية عن تنفيذ الحكم المشار إليه إذ إنها بادرت إلى تنفيذه على النحو سالف البيان، وبناء على ما تقدم فإن طلب التعويض يكون غير قائم على سند من صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء برفضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر، فإنه يكون متفقاً والتطبيق الصحيح لأحكام القانون ويكون الطعن عليه في غير محله جديراً بالرفض مع إلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.