مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 409

(44)
جلسة 29 من يناير سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار دكتور/ عبد الرحمن عثمان عزوز - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين إسماعيل صديق راشد وفريد نزيه تناغو ومحمد عادل حسيب ود. محمد ماهر أبو العينين - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 6176 لسنة 42 قضائية عليا

( أ ) اختصاص - توزيع الاختصاص بين المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري في شأن منازعات العاملين بالدولة.
يتحدد نطاق الاختصاص للمحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري على أساس معيار متوسط الربط السنوي للوظيفة التي يشغلها العامل، حيث تختص المحاكم الإدارية بالدعوى إذا كان العامل يدخل مربوط وظيفته في حدود مربوط المستوى الأول من مستويات الوظيفة، أما إذا زاد مربوط وظيفته عن ذلك تدخل دعواه في اختصاص محكمة القضاء الإداري - تطبيق.
(ب) اختصاص - توزيع الاختصاص بين المحاكم التأديبية والمحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا.
المادتان 7، 17 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
في تحديد نطاق الاختصاص بين المحاكم التأديبية والمحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا فإن الأمر يتعلق بالوظيفة التي يشغلها العامل فعلاً وهل هي من وظائف مستوى الإدارة العليا أو لا - لا علاقة لمستوى الربط المالي بهذا التوزيع وإنما يتوقف الأمر على أهمية الوظيفة في السلم الإداري باعتبار أن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا مخصصة للطعون والدعاوى المتعلقة بشاغلي هذه الوظائف العليا والتي تبدأ من درجة مدير عام - العبرة هي بحقيقة الوظيفة وفقاً للنظام الإداري والمالي الذي يخضع له الموظف - يترتب على ذلك - إذا كان العامل يشغل وظيفة مدير عام أو أعلى كانت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا هي المختصة بطعنه، وإذا لم يكن شاغلاً لإحدى هذه الوظائف كانت المحاكم التأديبية هي المختصة بنظر طعنه، ويتحدد اختصاص إحداها وفقاً لمكان وقوع المخالفة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في 26/ 8/ 1996 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بالرقم عاليه في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسماعيلية في الطعن رقم 159 لسنة 1 ق بجلسة 26/ 6/ 1996 والذي انتهت إلى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة شهر اعتباراً من 7/ 7/ 1994 وفيما تضمنه من حرمانه من راتبه خلال مدة الوقف مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بالإسماعيلية نوعياً بنظر الطعن وإحالته إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا لنظره مجدداً مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف والأتعاب عن كافة درجات التقاضي.
وقد انتهت هيئة مفوضي الدولة في تقريرها إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا للاختصاص وتدول الطعن أمام دائرة فحص الطعون وأمام هذه المحكمة وعلى النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن واقعات هذا الطعن تخلص حسبما يظهر من أوراقها في أن المطعون ضده أقام الطعن رقم 159 لسنة 1 ق أمام المحكمة التأديبية ببور سعيد في 9/ 10/ 1994 ثم أحيل الطعن إلى المحكمة التأديبية بالإسماعيلية بعد إنشائها - طالباً الحكم بإلغاء الجزاء التأديبي الصادر في 6/ 7/ 1994 من رئيس الهيئة بمجازاته بالإيقاف عن العمل لمدة شهر بدون مرتب مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لطعنه أنه وقع عليه جزاء الإيقاف عن العمل لما نسب إليه من قيامه بعرقلة قرار الهيئة بإزالة التعديات الواقعة على أرض الهيئة من الكيلو 139.40 حتى الكيلو 141 شرق المصرف وعرقلة تنفيذ الحكم الصادر برقم 432 لسنة 1993 جنح الحبانية بعد أن صار نهائياً فأقام طعنه المذكور على هذا القرار.
وبجلسة 26/ 6/ 1996 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة شهر اعتباراً من 7/ 7/ 1994 وفيما تضمنه من حرمانه من مرتبه خلال مدة الوقف مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة حكمها على أن الطاعن لم يقم سوى بممارسة حقه في الدفاع القانوني عن نفسه من خلال قيامه بعمل استئناف للحكم الصادر ضد المرحوم والده وقام بعمل استشكال في الحكم وهي وسائل قانونية مشروعة لا يمكن أن تكون محلاً لمساءلته تأديبياً وانتهت من ثم إلى حكمها سالف البيان.
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن مربوط الوظيفة المعين عليها المطعون ضده يزيد على مربوط المستوى الأول من مستويات الفئات الوظيفية وفقاً للقانون رقم 58 لسنة 1971 ويكون مربوط وظيفته يدخل في نطاق وظائف الإدارة العليا وبالتالي تكون المحكمة المختصة بنظر الطعن المقام منه هي المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا وانتهت الهيئة الطاعنة إلى طلباتها سالفة البيان.
ومن حيث إن المادة 7 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أنه تتكون المحاكم التأديبية من (1) المحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا ومن يعادلهم (2) المحاكم التأديبية للعاملين من المستويات الأول والثاني والثالث ومن يعادلهم.
وتنص المادة 17 من ذات القانون على أن يتحدد اختصاص المحكمة التأديبية تبعاً للمستوى الوظيفي للعامل وقت إقامة الدعوى.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية العليا في مجال تحديد نطاق الاختصاص للمحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري تأخذ بمعيار متوسط الربط السنوي للوظيفة التي يشغلها العامل حيث تختص المحاكم الإدارية بالدعوى إذا كان العامل يدخل مربوط وظيفته في حدود مربوط المستوى الأول من مستويات الوظيفة طبقاً للقانون رقم 58 لسنة 1971 أما إذا زاد مربوط وظيفته عن ذلك تدخل دعواه في اختصاص محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إنه كذلك إلا أنه في نطاق توزيع الاختصاص بين المحاكم التأديبية والمحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا فإن الأمر يتعلق بالوظيفة التي يشغلها العامل فعلاً وهل هي من وظائف مستوى الإدارة العليا أم لا؟ ولا علاقة لمستوى الربط المالي بهذا التوزيع وإنما يتوقف الأمر على أهمية الوظيفة في السلم الإداري باعتبار أن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا مخصصة للطعون والدعاوى المتعلقة بشاغلي هذه الوظائف العليا والتي تبدأ من درجة مدير عام والعبرة هي بحقيقة الوظيفة وفقاً للنظام الإداري والمالي الذي يخضع له الموظف وعليه فإذا كان العامل يشغل وظيفة مدير عام أو أعلى وفقاً لجدول الوظائف الملحق بالقانون أو اللائحة المنظمة للشئون الوظيفية بالجهة التي يعمل بها كانت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا هي المختصة بنظر طعنه على القرارات التأديبية التي تصدر ضده وإذا لم يكن شاغلاً لإحدى هذه الوظائف كانت المحاكم التأديبية هي المختصة بنظر طعنه ويتحدد اختصاص إحداها وفقاً لمكان وقوع المخالفة.
ومن حيث إنه بتطبيق هذا الفهم على واقعات الدعوى فإنه يبين من أوراقها أن المطعون ضده كان يشغل وظيفة أخصائي أفراد أول بإدارة الترسانة بهيئة قناة السويس وهي إحدى وظائف الدرجة الأولى وليست من وظائف الإدارة العليا وفقاً لجدول الوظائف الخاص بالهيئة وعليه فإن المحكمة التأديبية بالإسماعيلية هي المختصة بنظر طعنه ويكون حكمها في هذا الخصوص حكماً صحيحاً.
ومن حيث إنه وعن موضوع الطعن فإن الهيئة الطاعنة لم تثر ثمة أسباب جديدة للتشكيك في صحة ما ذهبت إليه المحكمة التأديبية في حكمها المطعون فيه من أن الطاعن أمامها لم يتجاوز في استعمال حقه في الدفاع عن حيازته وأخيه لقطعة الأرض التي تدعي الهيئة ملكيتها فالثابت أن المطعون ضده قد استخدم حقه القانون في إقامة استئناف عن الحكم الصادر لصالح الهيئة عن قطعة الأرض التي كانت بحيازة والده وانتقلت حيازتها بعده إليه وأخيه بوصفهما وارثين له فإقامته لاستئناف لهذا الحكم ثم عمله لاستشكال في تنفيذه وهي وسائل قانونية أباحها الشارع للمتقاضين لا يمكن أن يكون سبباً لتوقيع جزاء على المطعون ضده حيث لم يثبت من الأوراق إساءته لاستخدام حقه هذا وعليه يكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى إلغاء الجزاء الموقع عليه يكون قد طبق صحيح حكم القانون في هذا الخصوص ويكون الطعن من ثم على هذا الحكم جديراً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.