مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1993 إلى أخر فبراير سنة 1994) - صـ 769

(76)
جلسة 29 من يناير سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، وحسني سيد محمد، والسيد محمد العوضي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3945 لسنة 37 قضائية

( أ ) قرار إداري - أركانه - القرار التنفيذي - طبيعته - (دعوى إلغاء - شروط قبولها).
يتعين لقبول دعوى الإلغاء أن توجه في الأصل إلى قرار إداري - إذا انتفى وجود القرار انتفى مناط قبول الدعوى - يكون القرار الإداري صريحاً عندما تفصح جهة الإدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد أحداث أثر قانوني معين ابتغاء مصلحة عامة - القرار الإداري بالمفهوم المشار إليه والصادر تطبيقاً أو تنفيذاً للقانون يكون في هذه الحالة مصدراً لمركز قانوني فردي أو خاص متميز عن المركز القانوني العام المجرد المتولد عن القانون - مؤدى ذلك: أن العمل الإداري الذي يكون تطبيقاً لنص قانوني ينشئ أو يعدل مركزاً قانونياً يشكل قراراً إدارياً بالمعنى المتعارف عليه - تطبيق.
(ب) قرار إداري - تسبيب القرار - رقابة المحكمة لركن السبب - إثبات.
إذا أفصحت جهة الإدارة عن أسباب القرار فإن هذه الأسباب تخضع لرقابة القضاء الإداري حتى ولو لم تكن الإدارة غير ملزمة قانوناً بتسبيب قرارها - للمحكمة مراقبة مدى مشروعية تلك الأسباب طالما أنها طرحت عليها وأضحت بذلك عنصراً من عناصر الدعوى الثابتة في الأوراق وما إذا كانت هذه الأسباب تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها جهة الإدارة من عدمه - عبء الإثبات في هذه الحالة يقع على عاتق الجهة الإدارية التي تتمسك بهذه الأسباب - تطبيق.
(جـ) دعوى التزوير الفرعية - إجراءاتها.
المواد 49 وما بعدها من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية. يجب مراعاة الإجراءات التي قررها المشرع للادعاء بالتزوير - من هذه الإجراءات بيان شواهد التزوير وإجراءات التحقيق التي يمكن بها إثبات هذا التزوير - عدم اتباع هذه الإجراءات يؤدي إلى سقوط حق الطاعن في الادعاء بالتزوير - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 14/ 8/ 1991 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الدكتور/ ......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3945 لسنة 37 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 19/ 6/ 1991 في الدعوى رقم 712 لسنة 5 ق الذي قضى أولاً: بالنسبة لطلب إلغاء القرار المطعون فيه بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي مصاريفه. ثانياً: بالنسبة لطلب التعويض عن هذا القرار بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت المدعي مصاريفه. ثالثاً: بالنسبة لدعوى التزوير الفرعية بسقوط حق المدعي في الادعاء بالتزوير وتغريمه 25 جنيهاً (خمسة وعشرون جنيهاً). رابعاً: بالنسبة للطلب المعارض بعدم جواز نظره لسابقة الفصل فيه وألزمت المدعي مصاريفه.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة فيه الحكم بالآتي:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
ثانياً: قبول الادعاء بالتزوير شكلاً وفي الموضوع برد بطلان الجداول الدراسية وقرار مجلس القسم المطعون عليها بالتزوير.
ثالثاً: الحكم أصلياً بانعدام القرار الإداري المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن عديم الأثر قانوناً واحتياطياً بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
رابعاً: الحكم أصلياً بإلزام جامعة المنصورة بتعويض مادي قدره 60000 جنيه (ستون ألف جنيه) وبتعويض أدبي قدره 40000 جنيها (أربعون ألف جنيه)، واحتياطياً بضم المستندات وكشوف صرف المكافآت المالية لجميع الأساتذة بقسم كيمياء علوم المنصورة عن العامين الدراسيين 82/ 1983، 83/ 1984 والتي طلب الطاعن ممن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة إلزام جامعة المنصورة بتقديمها وبإلزامها بتقديم الأوراق والمستندات القاطعة في الدعوى الأصلية ودعوى التزوير الفرعية لتقدير نتيجة التعويض بنوعيه.
خامساً: قبول الطلب العارض في الدعوى الأصلية شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار التنفيذي رقم 99 الصادر في 19/ 2/ 1984 بإيقاف صرف مرتب الطاعن عن المدة من أول فبراير 1984 وحتى 7/ 5/ 1984 مع ما يترتب على ذلك من آثار وتعويض الطاعن مادياً بمبلغ 10.000 عشرة آلاف جنيه وأدبياً بمبلغ 4000 أربعة آلاف جنيه.
سادساً: إلزام جامعة المنصورة بدفع المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدعوى الأصلية ودعوى التزوير الفرعية والطلب العارض عن الدرجتين.
سابعاً: يحتفظ الطاعن بحقه المشروع والقانوني في زيادة قيمة التعويض الإجمالي (المادي والأدبي).
ثامناً: إبلاغ النيابة العامة المختصة لاتخاذ ما يلزم قانوناً بشأن دعوى التزوير الفرعية ضد السادة المستشارين الذين أصدروا الحكم المطعون فيه، وضد السيد المستشار/ ...... المستشار السابق بنفس المحكمة والمستشار القانوني لرئيس جامعة المنصورة لقيامه بالوساطة لدى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وكذلك ضد الدكتور/ ........ المدعى عليه بالتزوير.
تاسعاً: اتخاذ ما يلزم قانوناً لمساءلة المستشارين الذين أصدروا الحكم المطعون فيه على هذا النحو المبين تأديبياً إعمالاً بحكم المادة (112 حتى 131) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وتعديلاته حتى تكون للأحكام حجيتها واحترامها حفاظاً على سمعة وهيبة القضاء الإداري.
عاشراً: احتفاظ الطاعن بسائر حقوقه أياً كانت.
وقد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهما قانوناً.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه للأسباب الواردة في الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً: بتعديل الحكم المطعون فيه فيما تضمنه فقط من رفض طلب إلغاء قرار مجلس كلية العلوم جامعة المنصورة الصادر بتاريخ 14/ 2/ 1983 فيما تضمنه من خفض جدول الطاعن الدراسي المنوط به وتحديده بثمان ساعات عملية فقط في الأسبوع والحكم بعدم قبول هذا الطلب شكلاً لانتفاء صفة القرار الإداري واحتياطياً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن في الحالتين المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 23/ 11/ 1992 وتداولت نظره على النحو المبين بالمحاضر حيث قدم الطاعن حافظة مستندات ومذكرة بدفاعه وبجلسة 22/ 3/ 1993 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 24/ 4/ 1993 ونظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية وقدمت الجامعة المطعون ضدها مذكرتي دفاع رداً على ادعائه بالتزوير على بعض المستندات المقدمة أمام محكمة القضاء الإداري كما قدم الطاعن حافظتي مستندات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 27/ 11/ 1993 إصدار الحكم بجلسة 22/ 1/ 1994 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وذلك لإتمام المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق المودعة ملف الطعن في أنه بتاريخ 11/ 5/ 1983 أقام الطاعن الدعوى رقم 712 لسنة 5 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طالباً في ختام عريضة دعواه الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر بتخفيض جدوله الدراسي إلى ثماني ساعات عملية فقط في الأسبوع وبإلزام جهة الإدارة بأن تدفع له مبلغ قدره (20000) عشرون ألف جنيه كتعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة القرار المشار إليه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شارحاً دعواه أنه عين بعد حصوله على شهادة الدكتوراه - للتدريس بكلية العلوم جامعة المنصورة اعتباراً من 11/ 3/ 1976 وكان الأستاذ الدكتور/ ....... بقسم الكيمياء بعلوم المنصورة قد تقدم بطلب لمناقشة التصرفات الشخصية التي حدثت من المدعي التي أساءت إلى سمعة أعضاء هيئة التدريس بالقسم وبتاريخ 29/ 11/ 1982 اتخذ مجلس القسم قراراً بناء على التصرفات التي حدثت من المدعي وبعد المناقشات التي تمت في مجلس القسم بهذا الشأن بإعادة النظر في الجدول الدراسي الخاص به ليصبح ثماني ساعات فقط في الأسبوع وبتاريخ 14/ 2/ 1983 وافق مجلس الكلية على قرار مجلس القسم، وأضاف المدعي قائلاً بأن القرار المشار إليه وإن جاء بصفة مجملة غير محمول على أسباب مفصلة سائغة تؤدي إليه فإنه قد ترتب عليه حرمانه من إلقاء المحاضرات والدروس النظرية التي انتظم وواظب عليها منذ بداية العام الدراسي في 9/ 10/ 1982 وحتى 29/ 11/ 1982 وإلغاء أسئلة الامتحان التي قام بوضعها لطلبة البكالوريوس في جميع الشعب الدراسية وكذلك حرمانه من تصحيح أوراق الامتحانات وإلغاء ما قام به من تجميع مواد علمية ومقال للطالبة (.......) مما ألحق به إهانة أدبية وعلمية لا يتحملها من كان مركزه واستطرد المدعي قائلاً أن القرار المطعون فيه قد صدر من غير مختص بإصداره كما خالف صحيح حكم القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات لأن عقوبة الحرمان من الحقوق السالف بيانها ليست من العقوبات المنصوص عليها في المادة (110) من القانون المذكور وأنه لم يجر تحقيق معه فيما نسب إليه إعمالاً لحكم المادة (105) من ذات القانون فضلاً عن عدم التزام جهة الإدارة بالإجراءات الشكلية عند استصدارها القرار المطعون فيه وانحرافها بالسلطة إذا استغل رئيس القسم سلطاته التقديرية لتحقيق أغراض لا تتصل بالصالح العام وكان الهدف منها هو الانتقام من المدعي والإضرار به ورغم تظلمه من هذا القرار إلى عميد الكلية بتاريخ 7/ 3/ 1983 وإلى نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب ورئيس الجامعة بتاريخ 8/ 3/ 1983 إلا أنه لم يتلق رداً منهم مما دعاه إلى إقامة دعواه بالطلبات سالفة الذكر.
ورداً على الدعوى قدمت الجامعة المدعى عليها حافظة مستندات طويت على ملف خدمة المدعي وصور من الشكاوى المقدمة من بعض الأساتذة والطلاب بشأن تصرفات المدعي وصورة من محضر اجتماع مجلس الكلية رقم 160 بتاريخ 14/ 2/ 1983 ومذكرة عميد كلية العلوم بجامعة المنصورة جاء فيها أن مجلس قسم الكيمياء بالكلية بتاريخ 29/ 11/ 1982 وأثناء إعادة النظر في توزيع الجداول الدراسية بمناسبة بدء الدراسات العليا (ماجستير ودبلوم) قد اتخذ قراراً بأن يكون جدول المدعي الدراسي ثماني ساعات عملية فقط في الأسبوع إلا أن هذا القرار لم يعرض على مجلس الكلية وغير معمول به أصلاً وأنه لا يوجد تخفيض في الجدول الدراسي للمدعي فضلاً عن أن توزيع الدروس والمحاضرات والتمرينات العملية هي من اختصاص مجلس الكلية طبقاً لنص المادة 41 بند 20 من القانون رقم 49 لسنة 1972 وذلك بناء على اقتراح مجلس القسم المختص وأن قرارات مجلس الكلية في هذا الشأن نهائية ولا تعرض على مجلس القسم الجامعة وبجلسة 5/ 2/ 1984 قدم الحاضر عن الجامعة مذكرة دفاع طلب فيها الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصاريف مستنداً في ذلك إلى ذات ما جاء بمذكرة عميد كلية العلوم السابق الإشارة إليها.
وأثناء نظر الدعوى بالمرافعة وبتاريخ 25/ 3/ 1989 أودع المدعي قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن بالتزوير في دعوى تزوير فرعية وأوضح في التقرير المستندات المطعون فيها بالتزوير وأودع مظروفاً مغلقاً به هذه المستندات وبتاريخ 26/ 3/ 1989 قام بإعلان جهة الإدارة بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير وبجلسة 24/ 5/ 1989 طلب المدعي في مواجهة الحاضر عن الجامعة المدعى عليها إضافة طلب عارض هو طلب إلغاء القرار الإداري بإيقاف صرف مرتبه من 3/ 2/ 1984 حتى 7/ 5/ 1984 وبجلسة 19/ 6/ 1991 حكمت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة أولاً: بالنسبة لطلب إلغاء القرار المطعون فيه بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت المدعي مصاريفه. ثانياً: بالنسبة لطلب التعويض عن هذا القرار بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت المدعي مصاريفه. ثالثاً: بالنسبة لدعوى التزوير الفرعية بسقوط حق المدعي في الادعاء بالتزوير وتغريمه 25 جنيه خمسة وعشرون جنيهاً. رابعاً: بالنسبة لطلب العارض بعد جواز نظره لسابقة الفصل فيه وألزمت المدعي مصاريفه.
وشيدت المحكمة قضاءها سالف الذكر على أنه بالنسبة للطلب الأصلي فالثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه قد تضمن تحديد حصة المدعي من الدروس والتمرينات العملية والمحاضرات بثماني ساعات عملية فقط في الأسبوع للعام الجامعي 82/ 1983 وقد صدر هذا القرار من مجلس الكلية المختص بتحديد نصاب كل أستاذ أو مدرس بالكلية من الدروس والمحاضرات العملية على النحو الثابت بناء على اقتراح مجلس القسم المختص وطبقاً للأحكام الواردة بالمادتين 41، 55 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 باشر مجلس القسم ومجلس الكلية الاختصاصات المنوطة بهما في هذا الشأن وحدد نصاب المدعي من الدروس والمحاضرات والتمرينات العملية للعام الجامعي 82/ 1983 بثماني ساعات عملية في الأسبوع فقط فإن قرار مجلس الكلية في هذا الصدد يكون قد صدر من سلطة مختصة وطبقاً للإجراءات القانونية المقررة وبالتالي فإنه يكون مطابقاً للقانون ولا يجوز الطعن عليه إلا بالنعي عليه بعيب الانحراف بالسلطة وهو من العيوب القصدية وقد خلت الأوراق من دليل على وجود انحراف بالسلطة بقصد الإضرار بالمدعي في هذه الحالة المعروضة لذا يكون طلب المدعي إلغاء القرار المطعون فيه المتضمن خفض نصابه الدراسي آنف البيان في غير محله متعيناً القضاء برفضه.
وبالنسبة لطلب المدعي إلزام الجامعة المدعى عليها بأن تدفع له تعويضاً قدره 60000 جنيه ستون ألف جنيه فقد استندت المحكمة إلى عدم توافر ركن الخطأ في القرار المطعون فيه لصدوره مطابقاً للقانون ومن ثم تنهار باقي أركان المسئولية الإدارية وبالتالي يكون طلب التعويض غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض. وبالنسبة لدعوى التزوير الفرعية فالثابت من الأوراق ومذكرة شواهد التزوير أن المدعي لم يبين فيها إجراءات التحقيق التي يمكن بها إثبات هذا التزوير طبقاً للمادة 49 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 الأمر الذي يقتضي الحكم بسقوط حق المدعي في ادعائه بالتزوير، أما عن طلبه العارض الذي أضافه المدعي إلى طلباته الأصلية وهو طلب الحكم بإلغاء القرار الصادر بإيقاف صرف مرتبه عن الفترة من 1/ 2/ 1984 حتى 7/ 5/ 1984 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة بأن تدفع له تعويضاً قدره 5000 جنيه خمسة آلاف جنيه عما أصابه من أضرار نتيجة لذلك، فإن الثابت من الأوراق أن المدعي قد أقام عن هذا الطلب بشقيه دعوى قائمة بذاتها وهي الدعوى المقيدة بجدول محكمة القضاء الإداري بالمنصورة رقم 977 لسنة 7 ق والتي قضى فيها بجلسة 19/ 6/ 1981 بقبولها شكلاً ورفضها بشقيها موضوعاً لذلك يتعين القضاء بعدم جواز نظر هذا الطلب العارض بشقيه لسابقة الفصل فيه لوحدة الخصوم والموضوع والسبب في الحالتين إعمالاً للمادة 102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 مع إلزام المدعي مصاريف هذا الطلب العارض تطبيقاً لنص المادة 184 مرافعات.
وينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بطلانه للأسباب الآتية:
1 - وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم ويبطله لعدم إخطار النيابة العامة بدعوى التزوير الفرعية لإبداء رأيها فيها وفقاً لقضاء محكمة النقض.
2 - صدور الحكم المطعون فيه لصالح خصم الطاعن وإضراراً بمصالح الطاعن المشروعة والقانونية للأسباب المذكورة في المادة (120) عقوبات وهي الرجاء والتوصية والوساطة والطلب لدى أعضاء الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ومن المستشار........ لما تربطه من علاقة صداقة ومودة قوية متبادلة مع جامعة المنصورة المدعى عليها مما يستوجب مساءلة أعضاء الدائرة مصدرة الحكم المطعون فيه وأن هذا الحكم قد صدر مغيراً من الحقيقة الثابتة في الأوراق ونسخ وتحريف وتشوية للوقائع.
3 - مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وذلك بصدور الحكم في الدعوى الأصلية وفي دعوى التزوير الفرعية وإسقاط المحكمة عن قصد اسم المدعى عليه بالتزوير وهو الدكتور........ الأستاذ بكلية علوم المنصورة قسم الكيمياء وإقرار الحكم المطعون فيه لعقوبة بغير نص.
4 - الخطأ في تطبيق القانون وتأويله حيث أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق أحكام قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972.
5 - عدم تسبيب الحكم المطعون فيه.
6 - الإخلال بمبدأ المواجهة بين الخصومة حيث أن المدعى عليهما لم يبديا الدفع الشكلي الذي قضى به الحكم المطعون فيه بسقوط الادعاء بالتزوير ولم يطلبا رفض الادعاء بالتزوير.
7 - الإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في البيان والفساد في الاستدلال وقد أوضح الطاعن في ختام تقرير الطعن عناصر التعويض المادي والأدبي الذي يطالب به.
وقد أودع الطاعن خلال تداول الطعن بالجلسات حافظتي مستندات ومذكرة دفاع مؤيداً بها طعنه كما عقبت جهة الإدارة المطعون ضدها على الطعن بإيداع مذكرتي دفاع بجلستي 24/ 4/ 1993، 9/ 10/ 1993 طلبت فيهما رفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات عن درجتي التقاضي.
ومن حيث إن الثابت في الأوراق أن المدعي عين بعد حصوله على شهادة الدكتوراه سنة 1964 بوظيفة أستاذ مساعد كيمياء غير عضوية بقسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة المنصورة اعتباراً من 11/ 3/ 1976 بموجب القرار رقم 158 بتاريخ 26/ 5/ 1976 وكان جدوله الدراسي حتى 29/ 11/ 1983 عبارة عن 13 ساعة نظري، 16 ساعة عملي في الأسبوع وفي اجتماع لمجلس قسم الكيمياء الذي يعمل به الطاعن رقم 3 بتاريخ 29/ 11/ 1982 ورد في البند (21) من محضر الاجتماع أنه بخصوص الطلب المقدم من الأستاذ الدكتور/ ......... الأستاذ بالقسم لمناقشة التصرفات الشخصية للمدعي التي أساءت إلى سمعة أعضاء هيئة التدريس بالقسم فقد قرر مجلس القسم بناء على التصرفات التي حدثت من المدعي والمناقشات التي تمت في مجلس القسم في هذا الشأن بالاجتماع إعادة النظر في الجدول الدراسي الخاص بالأستاذ الدكتور/ ......... الطاعن ليصبح ثماني ساعات عملية فقط في الأسبوع.
وبتاريخ 14/ 2/ 1983 تم عرض الأمر على مجلس كلية العلوم في اجتماعه رقم 160 حيث ورد في البند (7) من محضر الاجتماع أنه بخصوص مذكرة شئون الطلاب بشأن توزيع المحاضرات والدروس العلمية والتمرينات للعام الجامعي 82/ 1983 فقد وافق مجلس الكلية على الجداول الدراسية المقدمة من الأقسام ومن بينها تحديد نصاب المدعي بثماني ساعات عملية فقط في الأسبوع حسبما أوصى بذلك مجلس القسم على النحو المشار إليه وهو القرار المطعون عليه بالإلغاء.
ومن حيث إنه ابتداء تجدر الإشارة إلى أن دعوى الإلغاء إنما يتعين لقبولها أن توجه في الأصل إلى قرار إداري فإذا انقضى وجود القرار انتفى مناط قبول الدعوى والقرار الإداري يكون صحيحاً عندما تفصح جهة الإدارة وفي الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين ابتغاء مصلحة عامة، والقرار الإداري بالمفهوم المشار إليه والصادر تطبيقاً أو تنفيذاً للقانون يكون في هذه الحالة مصدراً لمركز قانوني فردي أو خاص متميز عن المركز القانوني العام المجرد المتولد عن القانون ومن ثم فإن العمل الإداري الذي يكون تطبيقاً لنص قانوني ينشئ أو يعدل مركزاً قانونياً يشكل قراراً إدارياً بمعناه المتعارف عليه.
ومن حيث إن المادة 41 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن: "يختص مجلس الكلية أو المعهد بالنظر في المسائل الآتية: "أولاً:....... ثانياً: المسائل التنفيذية......... 20 - توزيع الدروس والمحاضرات والتمرينات العملية........"
وتنص المادة (5) من هذا القانون على أن "يختص مجلس القسم بالنظر في جميع الأعمال العلمية والدراسية والإدارية والمالية المتعلقة بالقسم وبالأخص المسائل الآتية: 1 - ......... 7 - اقتراح توزيع الدروس والمحاضرات والتمرينات العملية والانتداب من القسم وإليه.........."
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن توصية أو اقتراح مجلس القسم بتوزيع الدروس العلمية والمحاضرات والتمارين العملية على أعضاء هيئة التدريس واعتماد مجلس الكلية لها أو بتعديلها حسبما يراه محققاً للصالح العام يعتبر قراراً إدارياً لتأثير هذا التوزيع على المراكز القانونية لأعضاء هيئة التدريس تأثيراً حاسماً لما قد يؤدي تنفيذ هذا القرار الصادر بتحديد عدد المحاضرات والدروس العلمية والتمارين من حجب العمل ولو بصفة مؤقتة عن عضو هيئة التدريس وما يترتب على ذلك من آثار أدبية ومعنوية ومادية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن جهة الإدارة ولو لم تكن غير ملزمة قانوناً بتسبيب قرارها أو إبداء هذه الأسباب إلا أنها متى أفصحت عنها فإن الأسباب المذكورة تخضع حتماً لرقابة القضاء الإداري ويتعين على المحكمة إعمال وظيفتها القضائية في الرقابة على مدى مشروعية هذه الأسباب طالما أنها طرحت عليها وأضحت بذلك عنصراً من عناصر الدعوى الثابتة في الأوراق وما إذا كانت تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها الجهة الإدارية من عدمه وعبء الإثبات في هذه الحالة يقع على عاتق الجهة الإدارية التي تتمسك بهذه الأسباب.
ومن حيث إن الثابت في الأوراق أن القرار المطعون فيه الصادر من مجلس الكلية بتاريخ 14/ 2/ 1983 بتعديل الجدول الدراسي للطاعن وقصره على ثماني ساعات عملية فقط في الأسبوع قد أفصحت الجامعة المطعون ضدها عن أسباب صدوره محصلها التصرفات الشخصية للمدعي التي أساءت إلى سمعة أعضاء هيئة التدريس ولم يحدد القرار المطعون فيه ماهية هذه التصرفات التي تمس من وجهة نظر مصدر القرار سمعة وكرامة أعضاء هيئة التدريس بالقسم وكل ما ادعاه بأنه ثمة شكاوى من بعض الطلبة قدمت ضد الطاعن مما يعكس أثره على حسن سير العملية التعليمية والدراسية إلا أن الجامعة الطعون ضدها لم تقدم أصل الشكاوى المشار إليها ولم توضح تاريخ تقديمها أو أسماء مقدميها والجهات التي أحيطت علماً بمضمونها والقائم بشأنها من تحريات وليس من المتصور عقلاً وعدلاً أن يبت في مصائر العاملين على مجرد القول بتقديم شكاوى ضدهم ولو صح فرضاً ما قيل عن هذه الشكاوى ضد الطاعن لكان من الواجب حتماً إحالته إلى التحقيق طبقاً للمادة (105) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 وفي حالة ثبوت المخالفات المنسوبة إليه في حقه كان لرئيس الجامعة الأمر بإحالته إلى مجلس التأديب إذا رأى محلاً لذلك وهو ما خلت الأوراق من اتباع هذا الإجراء أو تقديم المستندات التي تؤيد القرار المطعون فيه ومن ثم فإن ما صاغته جهة الإدارة سبباً للقرار المطعون فيه لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً لم تدعمه بأي واقعة محددة أو قريبة تؤيده وبالتالي يكون هذا القرار قد وقع مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء لانتفاء ركن السبب ومتى كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه وإذا خالف هذا النظر فإن يكون قد أخطأ في تطبيقه القانوني وتأويله مما يتعين بالنسبة لهذا الشق الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض بإلزام الجامعة المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغاً مقداره 60000 ستون ألف جنيه كتعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة للقرار المطعون فيه فإن قضاء المحكمة الإدارية في هذا الشأن قد جرى على أن أساس مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو وجوب خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة وأن يحقق لصاحب الشأن ضرر وتقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر بالتطبيق لما تقدم ولما كان خطأ جهة الإدارة ثابت قبلها على ما سلف إيضاحه بإصدارها القرار المطعون فيه بالمخالفة لأحكام القانون وقد ترتب على هذا القرار حرمان الطاعن من إلقاء المحاضرات والدروس العلمية وحرمانه من وضع أسئلة الامتحانات وتصحيح أوراق الإجابة خلال العام الدراسي 82/ 1983 وإلغاء ما قام به من تجميع لمواد علمية مع طالبة البحث....... خلال العام الجامعي المشار إليه.
وقد قامت علاقة السببية بين هذا الخطأ والضرر الذي لحق بالطاعن فمن ثم ترى المحكمة تقدير التعويض المستحق له عن هذه الأضرار التي حاقت به من جزاء صدور القرار المطعون فيه تعويضاً إجمالياً مقداره خمسة آلاف جبراً للأضرار الأدبية والمادية التي لحقت به وهو ما يتناسب مع مدى الأضرار التي أصابته وملائماً مع عناصرها وبمراعاة أن الجامعة المطعون ضدها عدلت الجداول الدراسية للطاعن خلال العام الجامعي 83/ 1984، 84/ 1985 بحيث أصبح مساوياً بالجداول أقرانه الأساتذة بقسم الكيمياء الذي يعمل به.
ومن حيث إنه عن دعوى التزوير الفرعية التي أقامها الطاعن بتقرير أودعه قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة أثناء نظر الدعوى رقم 712 لسنة 5 ق بتاريخ 25/ 3/ 1989 فإن الثابت في الأوراق أن المدعي قام بإعلان الجامعة المدعى عليها في 26/ 3/ 1989 بمذكرة تضمنت شواهد التزوير وذلك دون أن يبين فيها إجراءات التحقيق التي يمكن بها إثبات هذا التزوير طبقاً للمادة 49 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 وترتيب القانون على عدم اتباع هذه الإجراءات سقوط الحق في الادعاء بالتزوير الأمر الذي يتعين معه الحكم بسقوط حق الطاعن في الادعاء بالتزوير وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه وبالتالي فإن النص عليه في هذا الشق في غير محله.
ومن حيث إنه بالنسبة لقبول الطلب العارض في الدعوى الأصلية الخاص بطلب إلغاء القرار رقم 19 الصادر في 19/ 2/ 1984 بوقف صرف مرتبه عن الفترة من 1/ 2/ 1984 حتى 7/ 5/ 1984 والتعويض عنه فإن هذا الطلب كان محل دعوى أصلية أقامها الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة برقم 977 لسنة 7 ق قضت المحكمة فيها بجلسة 19/ 6/ 1991 بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وقد تم الطعن في هذا الحكم بتقرير أودعه الطاعن قلم المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) قيد برقم 3947 لسنة 37 ق عليا وقضى فيه بجلسة 17/ 1/ 1994 أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى برفض الطعن بإجماع الآراء وألزمت الطاعن المصروفات.
ومن ثم يكون الطعن على قرار وقف صرف المرتب والتعويض عنه بالدعوى رقم 712 لسنة 5 ق في غير محله لسابقة الفصل فيه بالحكم المشار مما يكون الطعن على الحكم الصادر في هذا الشق من الدعوى رقم 712 لسنة 5 ق غير جائز قانوناً وبالتالي فإن النص عليه غير قائم على سند سليم من القانون متعيناً رفض الطعن بالنسبة لهذا الشق.
ومن حيث إنه بالنسبة لما يثيره الطاعن من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد أعضاء هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه للأسباب التي أوضحها فإن مجال هذه الادعاءات هو اتخاذ إجراءات رد هيئة المحكمة أو إقامة دعوى المخاصمة طبقاً للأحكام المنصوص عليها في قانون المرافعات وليس مجالها الطعن على الحكم لهذه الأسباب التي لا تصلح إلا في دعاوى الرد والمخاصمة ومن يتعين الالتفات عن هذا الطلب.
ومن حيث إنه عن باقي أوجه الطعن الأخرى فإنه ليس ثمة حاجة إلى بحثها لعدم جدواها في مجال الطعن الماثل بالنسبة للقرار المطعون فيه والتعويض المستحق للطاعن عن إلغاء هذا القرار على النحو الموضح بالأسباب.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإنه يتعين إلزام طرفي الخصومة بها مناصفة لإخفاق كل منهما في بعض طلباتهما عملاً بحكم المادة 86 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلغاء القرار الصادر من مجلس كلية العلوم جامعة المنصورة بتاريخ 14/ 2/ 1983 المطعون فيه وإلزام جامعة المنصورة المطعون ضدها بأن يؤدي إلى الطاعن تعويضاً إجمالياً مقداره 5000 جنيه (خمسة آلاف جنيه) وذلك عن الأضرار الأدبية والمادية التي أصابته من جراء صدور هذا القرار ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت طرفي الخصومة المصروفات مناصفة.