مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 501

(53)
جلسة 15 من فبراير سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: سالم عبد الهادي محروس جمعه ويحيى خضري نوبي محمد ومصطفى محمد عبد العاطي أبو عيشه ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2836 لسنة 43 قضائية عليا

عقد إداري - تنفيذ العقد - سداد التأمين الابتدائي والتأمين النهائي - إعفاء الجمعيات التعاونية - أثر تقاعس الجمعية وتنفيذ الإدارة على حسابها.
المادة 57 من القانون رقم 122 لسنة 1980 بشأن التعاون الزراعي.
المادتان 20، 21 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بشأن المناقصات والمزايدات، المادة 92 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983.
المشرع قرر ميزة للجمعيات التعاونية المشهرة وفقاً للقانون تتمثل في إعفائها من سداد التأمين الابتدائي والتأمين النهائي بالنسبة للعمليات المطروحة للتعاقد طبقاً لقانون المناقصات والمزايدات، وتتقدم فيها بعروضها الداخلة في نشاطها لحكمة تغياها - وهي تشجيع تلك الجمعيات على تحقيق أغراضها وتدعيماً لدورها في التنمية الاجتماعية وتقديراً لدور حركة التعاون في تنفيذ الخطة العامة للدولة - مناط هذا الإعفاء يدور وجوداً وعدماً مع توافر شرطين معاً - الأول: أن يكون موضوع التعاقد داخلاً في أغراض الجمعية - الثاني: أن يقوم عضو أو أعضاء الجمعية بتنفيذ الأعمال التي تعاقدت عليها الجمعية لحسابها، وأن يخضعوا في هذا التنفيذ لإشرافها وتوجيهها - إذا تخلف أحد هذين الشرطين لا يسري الإعفاء وتلتزم الجمعية بسداد قيمة التأمين النهائي لخروجها عن نطاق الإعفاء منه - إذا تقاعست الجمعية عن تنفيذ التزاماتها التعاقدية وقامت جهة الإدارة بالتنفيذ على حسابها، فلا محل لجزاء مصادرة التأمين النهائي لكونها معفاة من سداده - فضلاً عن أن العقد يظل قائماً وتقوم جهة الإدارة بدور الوكيل عن الجمعية المقصرة فتلتزم بشروط الممارسة، إلا أنها تقوم بالتنفيذ على مسئولية الجمعية، ولذا تلتزم الجمعية بقيمة الفروق في الأسعار فضلاً عن قيمة غرامة التأخير المستحقة والمصروفات الإدارية - في حين أن جزاء مصادرة التأمين النهائي لا يوقع إلا في حالة إنهاء التعاقد - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 30/ 3/ 1997 أودع الأستاذ/ ........ النائب بهيئة قضايا الدولة بصفته نائباً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طالباً في ختامه - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الجمعية المطعون ضدها بأن تؤدي إلى الطاعن بصفته مبلغاً وقدره 12578.920 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 5/ 4/ 1993 وحتى تمام السداد مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن إلى الجمعية المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلزام الجمعية المطعون ضدها بأن تؤدي للطالب بصفته الفوائد القانونية عن المبلغ المحكوم به بواقع 5% سنوياً اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد ورفض ما عدا ذلك من طلبات وبإلزام الجمعية المطعون ضدها المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 17/ 3/ 1999 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 25/ 5/ 1999 وبعد تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية والإجرائية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 4448 لسنة 47 ق - أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود والتعويضات - طالباً في ختامها الحكم بإلزام الجمعية المطعون ضدها بأن تؤدي له بصفته مبلغ 12578.920 جنيهاً وفوائده القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات وذلك على سند من القول أن تلك الجمعية أسندت إليها عملية توريد الألبان الحليب والجبن والزبادي لمستشفيات بندر بني سويف عن عام 91/ 1992 بالأسعار التي تم الاتفاق عليها بعد المفاوضة - وهي سعر كيلو اللبن الحليب 130 قرشاً - الجبن الأبيض كامل الدسم = 590 قرشاً الزبادي 150 جرام = 30 قرشاً إلا أنها لم تقم بالتوريد رغم إخطارها بقبول عطائها وإزاء ذلك تم الشراء على حساب الجمعية المطعون ضدها وفقاً لحكم المادة 24 من القانون رقم 9 لسنة 1982 وبالتالي فإنها تلتزم بسداد فروق الأسعار وغرامة التأخير والمصروفات الإدارية وبلغت جملة هذه المبالغ 12578.920 جنيهاً وتستحق عن هذا المبلغ الفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد.
وبجلسة 16/ 2/ 1997 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام الجمعية المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي بصفته مبلغ 8074.23 (ثمانية آلاف وأربعة وسبعون جنيهاً وثلاثة وعشرون قرشاً والمصروفات ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أنه قد ثبت تقاعس الجمعية المطعون ضدها في توريد الكميات المطلوبة مما يحق معه للجهة الإدارية - طبقاً لنص المادة 92 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بشأن المناقصات والمزايدات - شراء الأصناف من غيرها على حسابها على أن تتقاضى من المتعهد قيمة الزيادة في الثمن مضافاً إليها مصروفات إدارية بواقع 10% من قيمة الأصناف المشتراة على الحساب وما يستحق من غرامة عن مدة التأخير فتكون المبالغ المستحقة للجهة الإدارية لدى تلك الجمعية عبارة عن مبلغ 1520.44 جنيهاً فروق الأسعار ومبلغ 1998.84 جنيهاً غرامة تأخير بواقع 4% ومبلغ 4554.95 جنيهاً مصروفات إدارية بواقع 10% من قيمة الأصناف المشتراة وتكون جملة هذه المبالغ 8074.23 جنيهاً وهو ما يتعين معه إلزام الجمعية المدعى عليها بأدائه للطاعن بصفته - ولا تستحق عن هذا المبلغ الفوائد القانونية وفقاً لحكم المادة 226 من القانون المدني باعتبار أنه لم يكن محدد المقدار قبل هذا الحكم كما أنه لا يجوز لجهة الإدارة مطالبة الجمعية بمبلغ 4504.73 جنيهاً والذي يمثل قيمة التأمين النهائي لأنها معفاة من أداء التأمين النهائي.
وإذ لم يصادف هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن فمن ثم أقام هذا الطعن على أساس أن الحكم قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: أحقية جهة الإدارة في مصادرة قيمة التأمين النهائي ومقداره 4504.73 جنيه جزاء إخلال الجمعية المطعون ضدها عن تنفيذها التزامها بتوريد الأصناف المتعاقد عليها طبقاً لنص المادة 29 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات حيث يحق لجهة الإدارة مصادرة التأمين المدفوع أو مطالبة المتعهد به إن لم يكن قد سبق له أداء التأمين بما يوازي 10% من قيمة الأصناف التي لم يتم توريدها.
ثانياً: أحقية جهة الإدارة في المطالبة بالفوائد القانونية عن المبلغ المطالب به - ومن ضمنه قيمة التأمين النهائي - بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية والحاصلة في 5/ 4/ 1993 وحتى تمام السداد وفقاً لنص المادة 226 من القانون المدني لأن هذا المبلغ معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به وعين مقداره بمقتضى شروط العقد والذي أصبح معلوماً له ومستحقاً في ذمته وإن نازع في التزامه به.
ومن حيث إنه عن السبب الأول من سببي الطعن وحاصله أحقية الجهة الإدارية الطاعنة في إلزام الجمعية المطعون ضدها بأن تؤدي إليها قيمة التأمين النهائي فإن هذا النعي في غير محله ذلك أن الثابت من مطالعة الأوراق وأخصها المستندات التي حوتها حافظة مستندات الجهة الإدارية المودعة بجلسة 23/ 6/ 1994 أمام المحكمة المطعون في حكمها أن الجمعية المطعون ضدها من الجمعيات التعاونية الزراعية الخاضعة لأحكام القانون رقم 122 لسنة 1980 وتعديلاته وهذا القانون هو الذي يرتب ما لها من حقوق وما يفرض عليها من التزامات.
وحيث إنه بالنسبة لمدى إعفاء تلك الجمعية من التأمين المؤقت والتأمين النهائي عن العروض الداخلة في نشاط الجمعية فإن المشرع أفرد الباب السابع من القانون رقم 122 لسنة 1980 سالف الذكر لبيان الإعفاءات والمزايا التي تتمتع بها الجمعيات التعاونية الخاضعة لأحكامه حيث نصت المادة 57 منه على أنه
"تعفى الجمعيات التعاونية الخاضعة لأحكام هذا القانون من الضرائب والرسوم الآتية: (1) ........ (2) ........ (3) ........ (12) التأمين المؤقت الذي يشترط دفعه مقدماً للدخول في المناقصات والمزايدات التي تطرحها الحكومة والهيئات العامة وشركات القطاع العام والمجالس المحلية بشرط أن تكون العمليات المطلوبة داخلة في منطقة عملها وفي نطاق أغراضها.
ومن حيث إن المادة 20 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات - والذي تطبق أحكامه على العقد مثار النزاع الماثل - تنص على أنه "على صاحب العطاء المقبول أن يودع - في فترة لا تجاوز عشرة أيام تبدأ من تاريخ اليوم التالي لإخطاره بكتاب موصي بعلم الوصول بقبول عطائه - ما يكمل التأمين المؤقت إلى ما يساوي 5% من قيمة مقاولات الأعمال التي رست عليه، 10% من قيمة العقود الأخرى......".
وتنص المادة 21 من ذات القانون على أنه "تعفى من التأمين المؤقت والنهائي الهيئات العامة وشركات القطاع العام والجمعيات ذات النفع العام والجمعيات التعاونية المشهرة وفقاً للقانون وذلك عن العروض الداخلة في نشاطها وبشرط تنفيذها للعملية بنفسها...".
وتنص المادة 92 من قرار وزارة المالية رقم 157 لسنة 1983 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات على أنه "إذا تأخر المتعهد في توريد كل الكميات المطلوبة أو جزء منها في الميعاد المحدد بالعقد - فيجوز للسلطة المختصة بالاعتماد إذا اقتضت المصلحة العامة إعطاءه مهلة إضافية للتوريد على أن توقع عليه غرامة... وفي حالة عدم قيام المتعهد بالتوريد.... يكون لجهة الإدارة أن تتخذ أحد الإجراءين التاليين وفقاً لما تقتضيه مصلحة العمل ( أ ) شراء الأصناف التي لم يقم المتعهد بتوريدها من غيره على حسابه...
(ب) إنهاء التعاقد فيما يختص بهذه الأصناف ومصادرة التأمين بما يوازي 10% من قيمتها....".
ومن حيث إنه - يستفاد من جماع النصوص المتقدمة - أن المشرع قرر ميزة للجهات المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 21 من القانون رقم 9 لسنة 1983 سالفة الذكر - ومن بينها الجمعيات التعاونية المشهرة وفقاً للقانون تتمثل في إعفائها من سداد التأمين الابتدائي والتأمين النهائي بالنسبة للعمليات المطروحة للتعاقد طبقاً لأحكام القانون رقم 9 لسنة 1983 وتتقدم فيها بعروضها الداخلة في نشاطها لحكمة تغياها المشرع - تشجيعاً لتلك الجمعيات في تحقيق أغراضها وتدعيماً لدورها في التنمية الاجتماعية وتقديراً لدور حركة التعاون في تنفيذ الخطة العامة للدولة إلا إن هذا الإعفاء القانوني ليس مطلقاً من أي قيد أو شرط ومن ثم فإن مناط هذا الإعفاء - حسبما يستفاد من النص المتقدم - يدور وجوداً وعدماً مع توافر الشرطين التاليين معاً:
(1) أن يكون موضوع التعاقد داخل في أغراض الجمعية.
(2) أن يقوم عضو أو أعضاء الجمعية بتنفيذ الأعمال التي تعاقدت عليها الجمعية لحسابها، وأن يخضعوا في هذا التنفيذ لإشرافها وتوجيهها.
فإذا توافر هذان الشرطان معاً عند التعاقد تحقق السبب الموجب للإعفاء من التأمين المؤقت والنهائي أما إذا تخلف أحد هذين الشرطين كما إذا لم تقم الجمعية بتنفيذ العملية المتعاقد عليها بنفسها لأي سبب من الأسباب فهنا يتخلف الشرط ولا يسري الإعفاء وتلتزم الجمعية بسداد قيمة التأمين النهائي لخروجها عن نطاق الإعفاء منه.
ومن حيث إنه بإنزال ما تقدم على وقائع الطعن الماثل فإن الثابت من مطالعة مستندات جهة الإدارة المشار إليها أن مديرية الشئون الصحية بمحافظة بني سويف أعلنت عن ممارسة عامة لتوريد الأصناف الآتية: لبن حليب طازج + جبن أبيض كامل الدسم + زبادي حجم 150 جرام) لمستشفيات بني سويف عن عام 91/ 1992 - وأوصت لجنة الممارسة بجلستها المنعقدة في 17/ 11، 7/ 12/ 1991 بالترسية على العطاء المقدم من الجمعية المطعون ضدها - المعفاة من التأمين - بالأسعار التي تم الاتفاق عليها مع مندوبها واعتمدت هذه التوصية من السلطة المختصة وبتاريخ 17/ 12/ 1991 قامت الجهة الإدارية بإخطار رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية سالفة الذكر - برقياً لسرعة إرسال مندوبها المفوض للتوقيع على العقد وعلى الجمعية البدء في التوريد فوراً وإلا ستتخذ الإجراءات القانونية طبقاً لأحكام القانون رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية، ثم كررت إخطارها في 22/ 12، 29/ 12/ 1991 كما ردت على برقية الجمعية والمتضمنة عدم استلامها أوامر التوريد للأصناف بكتابها المؤرخ في 16/ 3/ 1992 متضمناً التنبيه عليها بضرورة حضور مندوبها على وجه السرعة والتوريد الفوري في خلال 48 ساعة من تاريخه وإلا سيتم التنفيذ على حسابها مع تحملها بكافة فروق الأسعار والتعويضات طبقاً للقانون رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية إلا أن الجمعية لم تستجب لذلك الأمر الذي اضطرت معه الجهة الإدارية إلى التنفيذ على حساب الجمعية المطعون ضدها.
ومن حيث إنه ولئن كانت الجمعية المطعون ضدها تقاعست عن تنفيذ التزاماتها التعاقدية ولم تقم بتوريد الكميات المطلوبة منها في الميعاد المحدد لها وقامت جهة الإدارة بتنفيذ هذه العملية على حسابها إلا أنه لا وجه - في خصوصية النزاع الماثل لمطالبة جهة الإدارة لتلك الجمعية بدفع مبلغ 4504.73 جنيهاً قيمة التأمين النهائي المقرر عن هذه العملية بواقع 1% من قيمة التعاقد طبقاً للسعر السابق الترسية به عليها جزاء إخلالها بالتزامها - لأنه لا محل لجزاء مصادرة التأمين النهائي لكونها معفاة من سداد هذا التأمين ولا يوجد تأمين مدفوع حتى يمكن مصادرته فضلاً عن إنه في حالة التنفيذ على الحساب يظل العقد قائماً وتقوم جهة الإدارة بدور الوكيل عن تلك الجمعية المقصرة فتلتزم بشروط الممارسة الأولى وبشراء الأصناف المتعاقد عليها إلا أنها تقوم بالتنفيذ على مسئولية الجمعية، ولذا تلتزم الجمعية بقيمة الفروق في الأسعار فضلاً عن قيمة غرامة التأخير المستحقة والمصروفات الإدارية طبقاً لأحكام المادة 92 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات في حين أن جزاء مصادرة التأمين النهائي لا يوقع إلا في حالة إنهاء التعاقد عملاً بأحكام المادة المذكورة.
ومن حيث إنه لما تقدم وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض طلب جهة الإدارة بإلزام الجمعية المطعون ضدها بدفع مبلغ 4504.73 جنيهاً قيمة التأمين النهائي فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه ويكون الطعن عليه في هذا الشق في غير محله متعين الرفض.
ومن حيث إن مبنى الوجه الآخر من الطعن أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون بقضائه بعدم استحقاق الفوائد القانونية عن المبلغ المطالب به وفقاً لحكم المادة 226 من القانون المدني باعتبار أنه لم يكن محدد المقدار قبل هذا الحكم فإن هذا النعي سديد ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن مناط استحقاق الفوائد التأخيرية وفقاً لأحكام المادتين 226، 228 من القانون المدني - وهي من الأصول العامة للالتزامات التي تطبق على الروابط العقدية الإدارية - أن يكون محل الالتزام مبلغ من النقود وكان معلوم المقدار عند الطلب وتأخر المدين في الوفاء به فإنه يكون ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض - عن التأخير فوائد قدرها 4% في المسائل المدنية و5% في المسائل التجارية - ولا يشترط لاستحقاقها إثبات الضرر - وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية ما لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها وذلك كله ما لم ينص القانون على غيره.
وإذ ثبت أنه ترتب على قيام الجهة الطاعنة بشراء الأصناف المتعاقد عليها - على حساب الجمعية المطعون ضدها - فروق أسعار مقدارها 1520.44 جنيه وغرامة تأخير بواقع 4% من قيمة الأصناف الموردة بلغت 1998.84 جنيهاً - مضافاً إليها مصروفات إدارية مقدارها 4554.95 جنيهاً وبلغت جملة المبالغ المستحقة للجهة الإدارية مبلغاً وقدره 8074.23 جنيهاً.
ومن حيث إن الجهة الطاعنة قد أرسلت كتابها رقم 988 بتاريخ 21/ 12/ 1992 إلى الجمعية المطعون ضدها تطالبها بدفع هذا المبلغ ومبينة أساس حسابه قبل رفع دعواها.
ومن حيث إنه متى ثبت أن محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت المطالبة القضائية وتأخرت الجمعية المطعون ضدها في الوفاء به وحيث إن توريد الأصناف المتعاقد عليها تعتبر من قبيل الأعمال التجارية.
ومن حيث إنه - بالبناء على ما سبق - يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى في شق منه برفض طلب هذه الفوائد التأخيرية قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويكون الطعن عليه في هذا الخصوص قائماً على أساس سليم من القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه في هذا الشق والقضاء بأحقية الجهة الطاعنة في فوائد تأخير قانونية بنسبة 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 5/ 4/ 1993 حتى تاريخ السداد عن المبلغ المستحق لها والضرر مفترض في هذه الحالة.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن المحكمة تلزم بها الجمعية المطعون ضدها عملاً بحكم المادتين 184، 186 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام الجمعية المطعون ضدها بأن تؤدي إلى الطاعن بصفته مبلغ 8074.23 جنيهاً (ثمانية آلاف أربعة وسبعون جنيهاً وثلاثة وعشرون قرشاً) - والفوائد القانونية بنسبة 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 5/ 4/ 1993 وحتى تاريخ السداد وألزمتها المصروفات.