مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 595

(63)
جلسة 5 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات وسعيد أحمد محمد حسين برغش وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 3 و23 لسنة 37 قضائية عليا

تأميم - تحديد حد أقصى للتعويض - تقادم الحق في المطالبة بالزيادة - أثر حكم المحكمة الدستورية العليا. [(1)]
القوانين أرقام 117 و118 و119 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت وتحديد ملكية الأفراد فيها.
حدد القانون رقم 134 لسنة 1964 معدلاً بالقانون رقم 4 لسنة 1966 مقدار التعويض المستحق عما كان يمتلكه أي شخص من أسهم أو رءوس أموال في الشركات التي خضعت لقوانين يوليو الاشتراكية بحد أقصى مقداره (15) ألف جنيه وأن يؤدى التعويض في شكل سندات على الدولة - قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 بتعويض أصحاب أسهم رءوس أموال الشركات التي آلت ملكيتها للدولة تعويضاً إجمالياً - إذا كانت الحقوق التي يطالب بها ذوو الشأن ناشئة عن تطبيق القوانين 117 و118 و119 لسنة 1961 وهي قوانين سابقة على القانون رقم 134 لسنة 1964 الصادر في 24/ 3/ 1964 فلا يجوز المطالبة بها بعد مضي 15 سنة من صدور القانون رقم 134 لسنة 1964 لسقوط الحق بالتقادم الطويل - ليس من شأن الأثر الكاشف والرجعي لحكم المحكمة الدستورية العليا التأثير على الحقوق والمراكز القانونية التي استقرت بانقضاء مدة التقادم الطويل - لا وجه للاستناد إلى أحكام المحكمة الإدارية العليا في شأن التعويض عن قرارات الاعتقال - أساس ذلك: نص المادة 57 من الدستور - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 1/ 10/ 1990 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن السيد/ وزير المالية بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 3 لسنة 37 في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة العقود والتعويضات بجلسة 5/ 8/ 1990 في الدعوى رقم 516 لسنة 34 ق والقاضي بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بأن تؤدي للمدعين مبلغ 850 م، 23646 ج مضافاً إليها نسبة 4% فائدة على الوجه المبين بالأسباب توزع بين الورثة حسب الأنصبة الشرعية لكل منهم مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وانتهى تقرير الطعن إلى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وبتاريخ 4/ 10/ 1999 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ ........ عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها القصر........ و........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 23 لسنة 37 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 5/ 8/ 1990 في الدعوى رقم 516 لسنة 34 ق - السالف الإشارة إليه - وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أولاً: رد الأموال المصادرة والمقدرة بمبلغ 85 ق، 23646 ج وريع بواقع 4%. ثانياً: إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض باقي طلبات الطاعنة والقضاء بما يلي:
1 - تعويض قدره 200.000 جنيه (مئتا ألف من الجنيهات) مقابل حجب الأموال المصادرة وريعها..
2 - الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى السداد طبقاً لنص المادة 226 مدني.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بأن تؤدي مبلغ 23646.850 جنيهاً مضافاً إليها نسبة 4% فائدة كريع اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 134 وحتى 20/ 7/ 1976، وكذا فائدة تأخيرية عن المبلغ بنسبة 4% تحسب من 21/ 3/ 1985 ولحين تمام السداد توزع بين الورثة حسب الأنصبة الشرعية لكل منهم وإلزام الطاعنين طرفي الخصومة مصروفات الطعنين مناصفة فيما بينهما.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت الدائرة بجلسة 20/ 7/ 1998 ضم الطعن رقم 23 لسنة 37 ق عليا إلى الطعن رقم 3 لسنة 37 ق عليا ولتصحيح شكل الدعوى لوفاة المرحوم (المطعون ضده)..........، وبجلسة 15/ 9/ 1998 أودع الحاضر عن الطاعنين في الطعن رقم 23 لسنة 37 ق عليا صورة من إعلام الوراثة الخاص بـ (المطعون ضده)........، وبجلسة 1/ 3/ 1998 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 9/ 5/ 1999 حيث نظر الطعن بالجلسة المذكورة وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن مورث المدعيين أقام الدعوى رقم 516 لسنة 34 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 20/ 12/ 1979 طالباً فيها - وبعد تحديد طلباته أولاً: برد الأموال المصادرة من مورث المدعيين وقدرها 85 ق، 23646 ج. ثانياً: ريع الأموال المصادرة بواقع 4% فائدة مركبة اعتباراً من تاريخ صدور القانون رقم 134 لسنة 1964 في 24/ 3/ 1964 وحتى صدور الحكم. ثالثاً: تعويض قدره 200.000 جنيه عن حجب الأموال المصادرة وريعها. رابعاً: فائدة تأخيرية قدرها 4% سنوياً (فائدة مركبة) طبقاً لنص المادة 226 مدني عما يحكم به من تاريخ المطالبة القضائية في 20/ 12/ 1979 وحتى السداد، وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه نفاذاً لأحكام قوانين التأميم الصادرة سنة 1961 أمم للمدعي سندات بمبلغ 815 م، 35344 ج منها 815 م، 17129 ج سندات حكومية، 3117 جنيه سندات شركة المخازن الهندسية، 14989 جنيه سندات تأمين، 9 جنيه سندات تأمين، 100 جنيه سندات شركة القومية للأسمنت وهي سندات مودعة ببنك مصر بالحساب رقم 5075 وقامت وزارة المالية بتعويض المدعي بمبلغ 10000 جنيه فقط ولما كان الدستور وكافة قوانين التأميم تقضي بأن يعوض الشخص الذي أممت أمواله أو مصانعه تعويضاً عادلاً وكان التعويض العادل يتمثل على الأقل في قيمة الأوراق التي أممت وقت التأميم قياساً على ما تعوض به الدولة أي أموال أو عقارات تستولي عليها للمصلحة العامة وأن ما فعلته جهة الإدارة مع المدعي يتنافى مع أبسط المبادئ الدستورية والقانونية ومبادئ العدالة.
ورداً على الدعوى أودعت جهة الإدارة المدعى عليها مذكرة بدفاعها أشارت فيه أنه طبقاً للقوانين أرقام 117، 118، 119 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت فقد أممت تلك المنشآت والشركات ولم يجز المشرع لأي شخص طبيعي أو معنوي أن يتملك في أسهم الشركات ما يزيد عن عشرة آلاف جنيه على أن تئول إلى الدولة ملكية الأسهم الزائدة على أن تسدد الحكومة قيمة تلك الأسهم بموجب سندات إسمية على الدولة، ثم صدر القانون 134 لسنة 1964 الذي قضى بأن جميع رءوس أموال الشركات التي آلت ملكيتها للدولة يعوض صاحبها عن مجموع ما يمتلكه فيها بتعويض إجمالي قدره 15000 جنيه ما لم يكن مجموع ما يمتلكه فيها أقل من ذلك بسندات على الدولة، وأضافت مذكرة جهة الإدارة حصول المدعي على تعويض قدره 14998 جنيه بموجب سندات وهو تعويض يمثل الحد الأقصى الذي لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال.
وبجلسة 28/ 3/ 1982 قضت المحكمة بوقف الدعوى حتى يتم الفصل في دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 134 لسنة 1964 وأبقت الفصل في المصروفات.
وعقب صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 2/ 3/ 1985 في الطعن رقم 1 لسنة 1 ق دستورية قام المدعي بتعجيل الدعوى، وبجلسة 14/ 5/ 1989 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة وذلك لوفاة المدعي.
وقد تم تعجيل الدعوى بتاريخ 23/ 8/ 1989 بناء على طلب ورثة المدعي، وبجلسة 5/ 8/ 1990 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وشيدت هذا الحكم على أنه وإن كان المدعي حصل على تعويض طبقاً للقانون قدره 14998 جنيه بسندات على الدولة والذي يمثل الحد الأقصى للتعويض إلا أنه بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا المتضمن عدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 134 لسنة 1964 يتعين عدم الالتزام بالحد الأقصى الوارد بهذه المادة وقدرها 15 ألف جنيه ويتعين القضاء بصرف كافة المستحقات المتبقية والتي تزيد على هذا القدر مهما كانت قيمتها والتي تبلغ 23646.85 جنيه.
كما شيدت المحكمة حكمها بشأن طلب المدعي استحقاقه ريعاً قدره 4% بفائدة مركبة عن أمواله فإن القانون رقم 117 لسنة 1961 نص على أن تحول أسهم ورءوس أموال الشركات المبينة به إلى سندات اسمية لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنوياً وبالنسبة لطلب التعويض أسست المحكمة حكمها على القاعدة المقررة من عدم مسئولية الدولة عن أعمالها التشريعية وأضافت المحكمة أنه فيما يتعلق بطلب الفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد. فإن قضاء المحكمة قد استقر على استبعاد أحكام المادة 226 من القانون المدني في علاقات القانون العام.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 3 لسنة 37 ق عليا أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حين قضى للمطعون ضدهم بالمبلغ المحكوم به وفوائد 4% تحسب من تاريخ العمل بالقانون رقم 134 لسنة 1964 وذلك أن الحق في المطالبة بالتعويض تسقط بعض خمسة عشر سنة كما أن الفوائد تعتبر من الريع فيتقادم الحق في طلبها بمضي خمس سنوات من نشوئها، وقد خالف الحكم القانون وقضاء المحكمة الإدارية العليا حين اعتبر صدور القانون رقم 134 لسنة 1964 مانعاً من التقاضي حتى قضى بعدم دستورية ذلك القانون عام 1985 ذلك أن الرقابة على دستورية القوانين كانت مقررة قبل إنشاء المحكمة الدستورية وقبل إنشاء المحكمة العليا وكان على المدعي أن يقيم دعواه بطلباته دون أن يكون تشريع قائم مانعاً له.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 23 لسنة 37 ق عليا إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون لرفضه القضاء بالتعويض ذلك أن التشريع الذي لا تسأل الدولة عنه يتطلب أن يكون تشريعاً سليماً أما إذا كان هذا التشريع مخالفاً للدستور وصدر حكم بعدم دستوريته فإن الدولة تسأل عنه، كما أن الحكم قد أخطأ عندما رفض القضاء للطاعنة بالفوائد التأخيرية طبقاً لنص المادة 226 مدني فالنص المذكور ورد مطلقاً والقاعدة القانونية إن المطلق يأخذ على إطلاقه.
ومن حيث إنه صدرت في يوليو 1961 عدة قوانين منها القانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت والقانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت والقانون رقم 119 لسنة 1961 بتقرير بعض الأحكام الخاصة ببعض الشركات القائمة - ونصت المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1961 على تأميم جميع البنوك وشركات التأمين كما أممت الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرفق بالقانون الذي نص على أن تئول ملكية هذه الشركات والمنشآت إلى الدولة ونصت المادة الثانية على أن "تتحول أسهم الشركات ورءوس أموال المنشآت المشار إليها إلى سندات اسمية على الدولة لمدة خمسة عشر سنة بفائدة 4% سنوياً" ونصت المادة السابعة منه على أنه "إذا كانت الأسهم التي آلت إلى الحكومة وفقاً للمادة الثانية مودعة لدى بنك... بصفة تأمين فتحل محلها قانوناً السندات المصدرة مقابلها وفقاً للمادة الثانية"، كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 118 لسنة 1961 على وجوب أن تتخذ الشركات والمنشآت المبينة في الجدول المرفق به شكل شركة مساهمة تساهم فيها مؤسسة عامة بحصة لا تقل عن 50% من رأس المال، وقضت المادة الثانية على وجوب توفيق أوضاع الشركات طبقاً لأحكام القانون ولو اقتضى الأمر تخفيض حصة كل مساهم أو شريك بمقدار النصف وقضت المادة الرابعة بأن تؤدي الحكومة قيمة الحصة التي تساهم بها المؤسسات العامة في رأس مال الشركات والمنشآت المشار إليها بموجب سندات إسمية على الدولة بفائدة 4% لمدة خمس عشرة سنة، كما نص القانون رقم 119 لسنة 1961 في مادته الأولى على عدم جواز تملك أي شخص طبيعي أو اعتباري من أسهم الشركات المبينة في الجدول المرفق بالقانون المذكور على ما تزيد قيمته السوقية عن 10.000 جنيه ونصت المادة الثالثة على أن تسدد الحكومة قيمة الأسهم التي آلت ملكيتها لها بموجب سندات إسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنوياً، ثم صدرت عدة قوانين منها 42، 132 لسنة 1962، 38، 51، 72 لسنة 1963، 52 لسنة 1964 بإلحاق الشركات الواردة بهم أحد الجداول المرفقة بالقوانين أرقام 117، 118، 119، لسنة 1961.
ثم صدر القانون رقم 134 لسنة 1964 المعدل بالقانون رقم 4 لسنة 1966 والمعمول به اعتباراً من 24/ 3/ 1964 ونص في مادته الأولى على أن "جميع أسهم ورءوس أموال الشركات والمنشآت التي آلت ملكيتها إلى الدولة وفقاً لأحكام القوانين أرقام 117، 118، 119 لسنة 1961 المشار إليها وأحكام القوانين التالية لها يعوض صاحبها عن مجموع ما يمتلكه من أسهم ورءوس أموال في جميع هذه الشركات والمنشآت بتعويض إجمالي قدره 15 ألف جنيه ما لم يكن مجموع ما يمتلكه فيها أقل من تلك فيعوض عنه بمقدار هذا المجموع.........".
ونصت المادة الثانية على أن يتم التعويض المشار إليه في المادة السابعة بسندات على الدولة وفقاً لأحكام القوانين التي آلت بمقتضاها ملكية أسهم ورءوس أموال هذه الشركات إلى الدولة.
ومن حيث إنه بمقتضى القانون رقم 134 لسنة 1964 فإنه لا يجوز أن يبلغ مقدار التعويض المستحق عن تعويض ما يمتلكه أي شخص من أسهم أو رءوس أموال في شركات خضعت لقوانين التأميم عن 15 ألف جنيه باعتباره حد أقصى مهما بلغت قيمة هذه الأسهم أو رءوس الأموال ويؤدى التعويض في شكل سندات على الدولة.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 2/ 3/ 1985 في القضية رقم (1) لسنة 1 دستورية "بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 بتعويض أصحاب أسهم ورءوس أموال الشركات والمنشآت التي آلت ملكيتها إلى الدولة وفقاً لأحكام القوانين أرقام 117، 118، 119 لسنة 1961 والقوانين التالية لها تعويضاً إجمالياً "تأسيساً على أن ملكية السندات الإسمية التي تحولت إليها القيمة الكاملة لأسهم ورءوس أموال الشركات والمنشآت المؤممة قد استقرت لأصحابها بموجب قوانين التأميم بما تخوله لهم ملكية هذه السندات من حقوق فإن مقتضى وضع حد أقصى لتعويض استيلاء الدولة دون مقابل على السندات الاسمية المملوكة لهم والزائدة عن هذا الحد وتجريدهم بالتالي من ملكيتها الأمر الذي يشكل اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة للأموال بالمخالفة لحكم المادة 34 من الدستور.
ومن حيث إن المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادرة بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "أحكام المحكمة الدستورية العليا وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة والكافة. وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها. ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم......".
ومفاد هذا النص حسبما استقر على ذلك القضاء وأفصحت عن ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 48 لسنة 1979 أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري تكون لها حجية مطلقة ولا يقتصر أثرها على الخصوم في تلك الدعاوى التي صدرت فيها وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وجميع سلطات الدولة، كما أن مؤدى عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون - لا يقتصر على المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم ولم يستثن القانون أو القضاء من هذا الأثر الرجعي سوى الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم.
ومن حيث إن القانون رقم 134 لسنة 1964 والذي وضع حد أقصى للتعويض عن الأسهم ورءوس الأموال المؤممة والتي آلت ملكيتها إلى الدولة تطبيقاً للقوانين أرقام 117، 118، 119 لسنة 1961 والذي كشف حكم المحكمة الدستورية العليا على عدم دستوريته قد عمل به اعتباراً من 24/ 3/ 1964 وكانت الحقوق التي يطالب بها الطاعنون ناشئة عن تطبيق قوانين التأميم وهي قوانين سابقة على القانون رقم 134 لسنة 1964، وكان الثابت أيضاً أن مورث الطاعنين كان قد أقام دعواه بالمطالبة بالتعويض العادل الذي يزيد عن الحد الأقصى الذي قرره المشرع بتاريخ 20/ 12/ 1979 أي بعد خمسة عشر عاماً على تاريخ صدور القانون رقم 134 لسنة 1964 وعلى أيلولة الأسهم والحصص في الشركات والمنشآت التي كان يساهم فيها إلى الدولة فإن حقوق مورث المدعين التي يطالب بها تكون قد سقطت بالتقادم الطويل، ولا يكون لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم (1) لسنة 1 دستورية بتاريخ 2/ 3/ 1985 من أثر بالنسبة لورثة المدعي باعتبار أنه ليس من شأن الأثر الكاشف والرجعي لهذا الحكم التأثير على الحقوق والمراكز القانونية التي استقرت بانقضاء مدة التقادم.
ولا وجه للاستناد إلى الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا في شأن المطالبة بالتعويض عن قرارات الاعتقال غير المشروعة وما انتهت إليه المحكمة من عدم سقوط هذه الدعاوى بالتقادم ذلك أن الدستور الحالي نص في المادة (57) على أن كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين أو غيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى المدنية أو الجنائية عنها بالتقادم، ومن ثم فإن السند في عدم سقوط مثل هذه الدعاوى مرجعه نص الدستور ذاته وهو أمر لا يتوافر بشأن الحقوق الأخرى كالحقوق التي يطالب بها ورثة المدعي.
وترتيباً على ذلك فإن كافة ما يطالب به ورثة المدعي من حقوق شاملة رد الأموال التي تجاوز القدر الذي حدده القانون 134 لسنة 1964 وريعها والفوائد التأخيرية وكذا التعويض عن حجب الأموال وريعها يكون قد سقط بالتقادم، ويكون الحكم المطعون فيه وإذ ذهب غير هذا المذهب قد خالف صحيح حكم القانون ومن ثم واجب الإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت الطاعنين في الطعن رقم 23 لسنة 37 ق عليا والمطعون ضدهما في الطعن رقم 3 لسنة 37 ق عليا بالمصروفات.


[(1)] راجع حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 2/ 3/ 1985 في القضية رقم 1 لسنة 1 قضائية دستورية والذي يقضي بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 منشور بمجموعة أحكام المحكمة الدستورية العليا - الجزء الثالث - صفحة 162.
وبذات الجلسة حكمين مماثلين في الدعويين رقمي 25 لسنة 2، 32 لسنة 3 دستورية.