مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 609

(64)
جلسة 5 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: سعيد أحمد محمد حسين برغش وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2922 لسنة 44 قضائية عليا

أكاديمية الشرطة - قبول الطلاب الجدد - شرط اللياقة الصحية.
المادتان 10، 12 من القانون رقم 91 لسنة 1975 بشأن أكاديمية الشرطة، المادة الأولى من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة، المادتان 2، 8 من قرار وزير الصحة رقم 133 لسنة 1983 في شأن أحكام اللياقة الصحية.
أحال قانون أكاديمية الشرطة إلى اللائحة الداخلية للأكاديمية في شأن شروط وأوضاع وإجراءات قبول طلبة القسم العام بكلية الشرطة ونظام التثبت من صلاحيتهم - للجان الطبية سلطة تقدير مدى لياقة الطالب من الناحية الصحية في ضوء القواعد والأصول الطبية المتعارف عليها - يتطلب توافر درجة عالية من اللياقة الصحية تتناسب مع طبيعة الجهد واللياقة البدنية التي يكون عليها طالب كلية الشرطة سواء داخل الكلية أو بعد تخرجه منها - تقدير ذلك منوط باللجنة الطبية المختصة والتي يحتكم في قراراتها إلى اللجنة العليا التي تصدر قرارها الحاسم في هذا الشأن - تعتبر النتيجة التي ينتهي إليها القومسيون أو اللجان الطبية أمراً فنياً تترخص فيه، ولا تستطيع المحكمة أن تتدخل في تقديرها طالما أنه خلا من سوء استعمال السلطة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 23/ 2/ 1998 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2922 لسنة 44 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 957 لسنة 52 ق بجلسة 13/ 1/ 1998 القاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار الطعين وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وجرى إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب.
وتحددت جلسة 18/ 1/ 1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت إحالته إلى الدائرة الأولى/ موضوع لنظره بجلسة 6/ 6/ 1999، وقد نظرته هذه المحكمة وتداولته بالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 957 لسنة 52 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في 5/ 11/ 1997 طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار اللجنة الطبية العليا الصادر في 27/ 9/ 1997 فيما تضمنه من تقرير اللياقة الطبية لابنه........ المتقدم للالتحاق بكلية الشرطة وما يترتب على ذلك من آثار تمثلت في حرمانه من استكماله بقية المراحل ومنها كشف الهيئة، وفي الموضوع بإلغاء القرار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه بأن ابنه المذكور حصل على الثانوية العامة في العام الدراسي 1997 بمجموع 71% وتقدم للالتحاق بكلية الشرطة واجتاز بنجاح اختبار المقاس والقدرات والاختبارات النفسية والطبية فيما عدا كشف الجلدية حيث قررت اللجنة عدم لياقته بسبب وجود "آثار حب شباب بالوجه والصدر وأعلن ذلك بلوحة الإعلانات بالكلية. فتظلم إلى السيد وزير الداخلية الذي أحال تظلمه إلى رئيس اللجنة الطبية".
ونعى المدعي على القرار مخالفته لحقيقة الواقع ذلك لأنه قبل بدء الكشف الطبي قام بعمل اختبارات تمهيدية لنجله بمستشفى الشرطة وتم عرضه على استشاري الأمراض الجلدية الذي طلب منه الحضور لعيادته الخاصة وقام بإزالة خمس حبات بأشعة الليزر مقابل ألف جنيه ولما عرض ابنه في الكشف الطبي الأول والثاني قررت اللجنة أن به ندبات كأثر لعملية الليزر فقام بإجراء جراحة تجميل لإزالة تلك الآثار بمعرفة استشاري وأزيلت تلك الآثار تماماً قبل عرضه على اللجنة الطبية العليا التي قررت عدم لياقته طبياً بسبب تأثر الاستشاري عضو اللجنة الذي أجرى عملية الليزر وتضايقه من عمل جراحة التجميل دون أخذ رأيه فيها مما ترتب عليه صدور القرار على النحو المذكور.
وأضاف المدعي أنه توجد حالات صارخة مثل البهاق وهو مرض جلدي وحالات لغط القلب وضعف البصر وتقرر عدم لياقتها في المراحل الأولى ثم قبلت من اللجنة العليا مما يخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين ويمثل انحرافاً في استخدام السلطة.
وأنهى المدعي عريضة دعواه بطلباته المذكورة.
وبتاريخ 13/ 1/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض طلب وقف تنفيذ القرار وألزمت المدعي مصروفات هذا الطلب.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس ما استظهرته من الأوراق من أن عدم صلاحية ابن المدعي الطبية تعود كما ذكر بصحيفة دعواه إلى ما تبين للجان الطبية من وجود مرض جلدي "آثار حب شباب بالوجه والصدر" وقيامه بإجراء جراحة بالليزر لإزالة هذه الحبات ثم عملية تجميل لإزالة آثارها ومن ثم يكون قرار اللجنة الطبية العليا بعدم لياقته قام على سبب صحيح من الواقع متفقاً مع حكم القانون خاصة وأنه يصعب إجماع رأي لجان ثلاث على سبب واحد إلا إذا كان ذلك السبب صحيحاً، وبذلك يكون قرار اللجنة الصادر في هذا الشأن غير مرجح الإلغاء الأمر الذي يتخلف معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار ويتعين لذلك القضاء برفض الطلب دون أن ينال من هذه النتيجة الأسباب التي ساقها المدعي من انحراف وخروج على المصلحة العامة طالما لم يوجد دليل يقيني على انحراف الإدارة بسلطتها وكان قبول بعض الطلبة في المراحل الأولى نتيجة لقرار مغاير لها من اللجنة الطبية العليا.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها السابق.
ومن حيث إن هذا القضاء لم يلق قبولاً من الطاعن فقد أقام طعنه الماثل ناعياً على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك لأن قرار وزير الصحة رقم 133/ 1983 الصادر بشأن أحكام اللياقة الطبية للتعيين في الوظائف العامة قسم الوظائف طبقاً لمستويات اللياقة الطبية إلى مستوى أول وثان، وثالث وألحق طلبة كلية الشرطة بالمستوى الأول للياقة الصحية كما أن الجداول الملحقة بالقرار اشتملت على ثمانية مجموعات جاء في المجموعة السادسة منها الأمراض الجلدية التي تمنع من اللياقة الصحية في جميع المستويات الثلاث المذكورة وهي أ - الجزام. ب - مرض بمفيجاس "ذو الفقاعات" الصدفية المنتشرة في أكثر من نصف مساحة الجسم - الأمراض الجلدية التي تتعارض مع طبيعة عمل المرشح.
2 - أمراض تؤجل إدارياً: الأمراض الجلدية المعدية الحادة حتى تشفي.
ثم أتبع المجموعة الثامنة بمبادئ عامة (تاسعاً) اشتملت على 16 بنداً وجاء بالبند (9) منها أنه يراعي عند الكشف الطبي على المرشحين لوظائف الشرطة وما في حكمهم في مستهل بيان وظائف المستوى الأول أن جميع الأحوال الآتية تمنع من اللياقة الصحية:
.......... 7 - الأمراض الجلدية المزمنة المشوهة للمنظر أو غير القابلة للشفاء وشاملة لأجزاء عديدة من الجسم.
وخلص الطاعن من ذلك إلى أن الأمراض التي تمنع من الالتحاق بوظائف الشرطة وردت تحديداً في قرار وزير الصحة المشار إليه وليس من بينها "حب الشباب وآثاره" ومن ثم لا يكون صحيحاً ما ورد في الحكم الطعين بأن القواعد المنظمة لعمل اللجان الطبية بكلية الشرطة لم تضع قيداً على سلطة اللجنة الطبية في تقدير لياقة الطالب وتركت ذلك للأصول الطبية، وبذلك يكون الحكم وقد اعتبر هذا المرض مانعاً مخالفاً لأحكام القانون.
واختتم الطاعن عريضة طعنه بطلباته المشار إليها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفروع منها مردهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية، فوجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين الأول: قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها والثاني: يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً على أسباب جدية، وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه بالنسبة لركن الجدية فإن المادة (10) من القانون رقم 91/ 1975 بشأن أكاديمية الشرطة تنص على أنه "يشترط فيمن يقبل بكلية الشرطة وكلية الضباط المتخصصين.... .
5 - أن يكون مستوفياً لشروط اللياقة الصحية والبدنية والسن التي يحددها المجلس الأعلى للأكاديمية".
وتنص المادة (2) من قرار وزير الصحة رقم 133/ 1983 في شأن أحكام اللياقة الصحية على أنه "يشترط في المرشح أن يجتاز بنجاح مستويات اللياقة الصحية المقررة للوظيفة المرشح لها طبقاً للمستويات الوظيفية الملحقة بهذا القرار والجداول المرافقة وأن يكون خالياً من العاهات والأمراض التي تمنع أو تحد من قدرته على أداء عمله في الوظيفة المرشح لشغلها.
وتنص المادة (8) على أن "للمرشح للتعيين الحق في الكشف عليه ثلاث دفعات خلال سنة من تاريخ الكشف للدفعة الأولى، فإذا رسب فيها تقرر عدم لياقته.
كما ورد بالجدول (1) الملحق بالقرار المذكور تقسيم للأمراض المختلفة التي تمنع من اللياقة الصحية في جميع المستويات داخل ثمان مجموعات، وتضمنت المجموعة السادسة الأمراض الجلدية التي تمنع من اللياقة الصحية في جميع المستويات وهي: الجزام 2 - مرض بمفيجاس ذو الفقاعات - الصدفية المنتشرة في أكثر من نصف مساحة الجسم، والأمراض الجلدية التي تتعارض مع طبيعة عمل المرشح.
كما أشارت المبادئ العامة الواردة بالقرار بأنه "يراعى عند الكشف على المرشحين لوظائف الشرطة وما في حكمهم مراعاة الآتي:
تمنع من اللياقة الصحية: 1 - ........ 7 - الأمراض الجلدية المزمنة المشوهة للمنظر أو غير القابلة للشفاء وشاملة لأجزاء عديدة من الجسم.
وقضت المادة 12/ 2 من القانون رقم 91/ 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة على أن تنظم اللائحة الداخلية أوضاع وإجراءات قبول الطلاب ونظام التثبت من الصلاحية.
وتنص المادة الأولى من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة على أن يكون نظام قبول الطلبة الجدد وفقاً لما يأتي: ........ 2 - اللياقة الصحية، يجب أن تقرر الجهة الطبية المختصة استكمال الطالب لشروط اللياقة الصحية للخدمة.....
ومفاد هذه النصوص أن القانون رقم 91/ 1975 أحال إلى اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة تنظيم شروط وأوضاع وإجراءات قبول طلبة القسم العام بكلية الشرطة ونظام التثبت من صلاحيتهم، ومؤدى ذلك أن كافة الشروط والأوضاع والإجراءات الخاصة بقبول الطلاب تكفلت بتحديدها وبيانها اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة وما يقرره المجلس الأعلى للأكاديمية من شروط وأوضاع في هذا الشأن إلى جانب ما ناط به قرار وزير الصحة المشار إليه للجان الطبية من سلطة تقدير مدى لياقة الطالب من الناحية الصحية وفي ضوء القواعد والأصول الطبية المتعارف عليها في هذا المجال، وما تتطلبه من توافر درجة عالية من اللياقة الصحية تتناسب مع طبيعة الجهد واللياقة البدنية التي يكون عليها الطالب سواء داخل الكلية أو بعد تخرجه منها، وعلى ذلك فإذا كان النص واضحاً في المنع من الترشيح للإصابة بأحد الأمراض الجلدية المزمنة أو تلك التي تتعارض مع طبيعة عمل المرشح أو المشوهة للمنظر فإن أمر تقدير ذلك كله يكون مرجعه لعمل اللجان الطبية المختصة، وقد أتاح النظام للطالب الحق في إعادة الكشف الطبي لأكثر من مرة ثم يحتكم بعد ذلك إلى اللجنة العليا التي تصدر قرارها الحاسم في هذا الشأن. وتعتبر النتيجة التي ينتهي إليها القومسيون أو اللجان الطبية في هذا الشأن أمراً فنياً تترخص فيه ولا تستطيع المحكمة أن تتدخل في تقديره طالما أنه خلا من سوء استعمال السلطة.
ومن حيث إن البين من الأوراق، وفي ضوء ما ذكر في عريضتي الدعوى والطعن أنه أجريت جراحة للطالب لإزالة بعض الحبوب بأشعة الليزر ثم عملية تجميل لإزالة الآثار مما يؤكد بوجود حالة مرضية تختص اللجان المذكورة على مختلف مستوياتها بتقديرها وتحديد ما إذا كانت مشوهة للمنظر العام من عدمه، وقد توافقت وجهة نظر اللجان الثلاث على رأي واحد وهو إجماع يصعب تحقيقه إذا قام على سوء القصد، ولا يجدي في إثباته مجرد أقوال مرسلة لا ترقى لليقين وإقامة الدليل على وقوع اللجنة الطبية في مغبة الانحراف بالسلطة، ومن ثم يكون القرار الصادر بثبوت عدم لياقة الطالب صحياً بعد مروره بالمراحل المذكورة واتحاد الرأي على حالته صحيحاً غير مرجح الإلغاء وهو ما يتخلف معه ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذ القرار وذلك دون حاجة لبحث مدى توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بهذا النظر فإنه يكون أصاب وجه الحق وجاء متفقاً وصحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.