مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 653

(69)
جلسة 26 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات وسعيد أحمد محمد حسين برغش ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4234 لسنة 44 قضائية عليا

أحوال مدنية - قيد الميلاد - لجنة ساقطي القيد - حدود اختصاصها.
المواد 26، 29، 34، 35 من قرار وزير الداخلية رقم 120 لسنة 1965 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 260 لسنة 1960 بشأن الأحوال المدنية.
أوجب المشرع الإبلاغ عن واقعة الميلاد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ حدوث الواقعة - اعتبر المشرع المواليد الذين لم يبلغ عنهم من ساقطي القيد - لم يجز المشرع قيد المواليد الذين بلغ عن ميلادهم بعد سنة من تاريخ الميلاد إلا بناء على قرار يصدر من لجنة ساقطي القيد - اعتبر المشرع قرار اللجنة نهائياً بعدم الاعتراض عليه خلال سبعة أيام من تاريخ الإعلان - بمضي مدة الاعتراض تكون اللجنة قد استنفدت ولايتها ولا يجوز المنازعة أو مخالفة ما تضمنه قرارها إلا بالطعن عليه قضائياً - لا يجوز لهذه اللجنة أن تعاود النظر في قرارها أو تعيد إصدار هذا القرار على نحو مخالف لما سبق أن تضمنه قرارها السابق - القرار الجديد الصادر بناء على مخالفة القواعد السابقة يعتبر معدوماً لا يرتب أي أثر قانوني - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 13/ 4/ 1998 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 4234 لسنة 44 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 11/ 2/ 1998 في الدعوى رقم 568 لسنة 8 ق والقاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي مصروفات هذا الطلب، وانتهى تقرير الطعن - لما قام عليه من أسباب - إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ووقف تنفيذ القرار الطعين في ذاته مع تنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان وفي الموضوع بإلغاء القرار سالف الذكر مع ما يترتب عليه من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء القيد رقم 135 المؤرخ 5/ 4/ 1992 المثبت فيه أن تاريخ ميلاد الطاعن هو 21/ 2/ 1939 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا والتي قررت بجلسة 18/ 10/ 1999 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى - موضوع" لنظره بجلسة 12/ 12/ 1999 حيث نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - أن المدعي (الطاعن) أقام الدعوى رقم 568 لسنة 8 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بأسيوط بتاريخ 1/ 1/ 1997 طالباً في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار لجنة شئون الأحوال المدنية المنعقدة بتاريخ 11/ 12/ 1996 فيما تضمنه من إلغاء للقيد الثالث رقم 135 بتاريخ 15/ 4/ 1992 على أن يصدر الحكم بمسودته ودون إعلان وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه من مواليد قرية الزاره مركز المنشأة وقيده والده كساقط قيد بتاريخ ميلاد 21/ 12/ 1939 وبناء على هذا القيد سارت كل أمور حياته وأوراقه الرسمية وقد رشح نفسه لعمودية هذه القرية وبتاريخ 30/ 12/ 1996 فوجئ بأن اللجنة القضائية للأحوال المدنية قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 11/ 12/ 1996 إلغاء القيد الثاني رقم 2126 بتاريخ 10/ 4/ 1969 بسجل مواليد المنشأة وإلغاء القيد الثالث رقم 135 المنشأة بتاريخ 15/ 4/ 1992 وما يترتب عليه من قيود أو استخرجات أو مستندات ويتم تنفيذ إلغاء هذين القيدين بسجل المواليد، وأضاف المدعي أنه ينعى على هذا القرار صدوره مشوباً بالعيوب التي تعيب القرار الإداري حيث لا يوجد مبرر لهذا الإلغاء سيما أن القيد الثالث هو إعادة قيد وليس قيد أي أنه موجود من ذي قبل وصادر من ذات المصلحة أما القيدين الأول والثاني فإنه لا يعرف عنهما شيئاً حتى وإن حملا نفس الاسم.
وبجلسة 11/ 2/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وشيدت هذا الحكم على أن البادي من ظاهر الأوراق أن المدعي قام بإجراءات ساقط قيد ميلاد لشخصه ثلاث مرات الأولى بتاريخ 15/ 12/ 1960 قيد رقم 804 واعتبار تاريخ ميلاده 3/ 10/ 1952، والثانية بتاريخ 10/ 4/ 1969 قيد رقم 2126 واعتبار تاريخ ميلاده 1/ 12/ 1946، والثالثة بتاريخ 5/ 4/ 1992 قيد رقم 135 واعتبار تاريخ ميلاده 21/ 2/ 1939 وذلك بمكتب سجل مدني المنشأة محافظة سوهاج وأنه بعرض الأمر على اللجنة القضائية للأحوال المدنية قررت الإبقاء على القيد الأول وإلغاء القيدين الثاني والثالث حيث لا يجوز إجراء أكثر من قيد للفرد الواحد وبذا يضحى قرار تلك اللجنة قائماً على السبب المبرر له قانوناً.
ومن حيث إن المادة (15) من قانون الأحوال المدنية رقم 260 لسنة 1960 المعدل بالقوانين أرقام 11 لسنة 1965، 158 لسنة 1980 تنص على أن "يجب التبليغ عن المواليد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ حدوث الولادة..." وتنص المادة (36) على أنه "لا يجوز إجراء أي تغيير أو تصحيح في قيود الأحوال المدنية المدونة في سجلات الواقعات والسجل المدني إلا بناء على قرار يصدر من اللجنة المنصوص عليها في المادة 41...." وتنص المادة (40) على أن "تتبع في شأن من يبلغ عن ميلاده أو وفاته بعد الميعاد المحدد لذلك في القانون وقبل نهاية السنة الأولى من تاريخ الميلاد أو الوفاة الإجراءات التي تحدد لذلك في اللائحة التنفيذية ولا تقيد المواليد أو الوفيات التي بلغ عنها بعد نهاية سنة من تاريخ الميلاد أو الوفاة في السجلات المخصصة لذلك إلا بناء على قرار يصدر من اللجنة المنصوص عليها في المادة 41" وتنص المادة (41) على أن "تشكل في دائرة كل محافظة لجنة من........ وتختص هذه اللجنة بالفصل في طلبات تصحيح قيود الأحوال المدنية في سجلات الواقعات وفي السجل المدني وفي طلبات قيد المواليد والوفيات المنصوص عليها في المادة السابقة. وتحدد اللائحة التنفيذية الإجراءات الخاصة بتقديم هذه الطلبات والفصل فيها".
وقد صدر قرار وزير الداخلية رقم 120 لسنة 1965 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 260 لسنة 1960 ونص في المادة 26 على أن تقدم طلبات قيد ساقط قيد الميلاد التي لم يبلغ عنها في خلال المدة التي حددها القانون على النموذج المعد لذلك إلى الجهة الصحية التي حدثت الولادة بها وتقوم اللجنة الطبية المختصة بما يأتي:
1) مراجعة بيانات الطلب والتثبت من استيفائه..........
2) تقدر سن ساقط القيد بواسطة اللجان الآتية: ........
3) يسلم الطالب إيصالاً على النموذج المعد لذلك......." وتنص المادة 28 على أنه "يجب على أمين مكتب السجل المدني الذي لديه قيد أسرة ساقط القيد التثبت من عدم وجود بيانات عن الواقعة بصفحة الأسرة، وتنص المادة 29 على أن إذا كان سن ساقط القيد أقل من سنة..... أما إذا كانت سن ساقط القيد سنة فأكثر فترسل الأوراق إلى مفتش دائرة الأحوال المدنية لإحالتها إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 41 من القانون "وتنص المادة 34 على أن" تجتمع اللجنة المنصوص عليها في المادة 41 من القانون في المواعيد التي يحددها رئيسها للنظر في طلبات قيد الميلاد والوفاة التي مضى عليها سنة فأكثر وللجنة أن تستدعي صاحب الشأن أو مقدم الطلب........ كما يجوز لها أن تجري تحقيقاً تكميلياً........ "وتنص المادة 35 على أن" إذا قررت اللجنة قيد الواقعة تعد عنها بياناً يتضمن اسم ساقط القيد وتاريخ وجهة الميلاد أو الوفاة وتعلن جهة الإدارة هذا البيان بلصق صورة منه...... "وتنص المادة (36) على أن" إذا لم تقدم معارضة خلال سبعة أيام من تاريخ الإعلان عن الطلب يصبح القرار السابق إصداره نهائياً.....".
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن المشرع أوجب الإبلاغ عن واقعة الميلاد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ حدوث تلك الواقعة واعتبر المواليد الذين لم يبلغ عن ميلادهم خلال هذه المدة ساقطي قيد ولم يجز قيد المواليد الذين بلغ عن ميلادهم بعد سنة من تاريخ الميلاد في السجلات المخصصة لذلك إلا بناء على قرار يصدر من اللجنة المنصوص عليها في المادة 41 والمشكلة في دائرة المحافظة المختصة، وقد حددت اللائحة التنفيذية إجراءات قيد ساقطي القيد والتي تبدأ بطلب القيد الذي يقدم إلى الجهة الصحية التي حدثت الولادة بها والتي تنتهي بالعرض على اللجنة المنصوص عليها في المادة 41 وهي إجراءات تشارك فيها العديد من اللجان والجهات بهدف التأكد من صحة الواقعة والبيانات وعدم وجود قيد سابق بسجل الميلاد وأوجب المشرع على جهة الإدارة إعلان قرار اللجنة بقيد الواقعة بلصق صورة منه على ديوان مديرية الأمن أو المركز أو القسم ونقطة الشرطة ومقر العمدية التابع لها محل الميلاد واعتبر قرار اللجنة في حالة مرور سبعة أيام من تاريخ إعلان دون معارضة نهائياً.
ومن حيث إن المشرع قد اعتبر قرار اللجنة المنصوص عليها في المادة (41) من قانون الأحوال المدنية نهائياً وأوجب الاعتداد بما تتضمنه سجلات الأحوال المدنية من بيانات وصور رسمية مستخرجة منها باعتبارها صحيحة ما لم يثبت عكسها أو بطلانها أو تزويرها بحكم وإلزام كافة الجهات الحكومية أو غير حكومية بالاعتماد عليها في مسائل الأحوال المدنية رغبة في حماية مع من تعامل صاحب الشأن اعتماداً على البيانات الواردة في الشهادة المستخرجة من السجلات ومنها شهادات ساقطي القيد.
ومن حيث إن القانون وأن اعتبر المولود الذي لم يبلغ عن ميلاده خلال سنة من تاريخ حدوث واقعة الميلاد بمثابة ساقط قيد وحدد الإجراءات التي من خلالها قيده بهذه الصفة وأناط باللجنة المنصوص عليها في المادة 41 إصدار قرار بهذا القيد إلا أنه متى أصدرت هذه اللجنة قرارها بالقيد وأصبح هذا القرار نهائياً بعدم الاعتراض عليه خلال المدة المحددة فإن هذه اللجنة تكون قد استنفدت ولايتها ولا يجوز المنازعة أو مخالفة ما تضمنه قرارها إلا بالطعن عليه أمام الجهة القضائية المختصة إلا أنه لا يجوز لهذه اللجنة أن تعاود النظر في قرارها أو تعيد إصدار هذا القرار على نحو يخالف ما سبق أن تضمنه قرارها السابق وإلا عد قرارها الجديد معدوماً لا يرتب أي أثر قانوني.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن اتخذ بشأن الطاعن إجراءات ساقط قيد حيث قيد بتاريخ 15/ 12/ 1960 برقم 804 المنشأة على اعتبار أنه من مواليد 3/ 10/ 1952 ثم قيد مرة أخرى بتاريخ 10/ 4/ 1969 تحت رقم 2126 المنشأة على اعتبار أنه من مواليد 1/ 12/ 1946 ثم مرة ثالثة بتاريخ 5/ 4/ 1992 تحت رقم 135 على اعتبار أن ميلاده 21/ 2/ 1939 وعندما تم اكتشاف هذه القيودات عرض الأمر على اللجنة المنصوص عليها في المادة (41) من قانون الأحوال المدنية التي قررت بجلسة 11/ 12/ 1996 إلغاء القيدين الثاني والثالث وما ترتب عليهما من قيود أو مستخرجات أو مستندات، فإن قرار اللجنة المطعون فيه يكون قد صدر - حسب الظاهر من الأوراق - سليماً متفقاً مع صحيح أحكام قانون الأحوال المدنية ولائحته التنفيذية التي جعلت قرار اللجنة نهائياً لا يجوز لها معاودة النظر فيه لاستنفاد ولايتها، ويكون الحكم المطعون فيه وإذ ذهب هذا المذهب قد صادف صحيح حكم القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.